لا يمكن أن يكون ثمَّ إدراك، بنتيجة تجربة، يثبت مباشرة أو عن طريق
وساطة ما (أيًّا كان التحايل المنطقي الذي يمكن أن نقوم به) غيابًا
كاملاً لأي واقع في الظاهرة؛ أي أننا لا نستطيع أبدًا أن نستخلص من
التجربة البرهان على وجود مكان فارغ أو على وجود زمن فارغ.
إ. كانط، نقد العقل الخالص
لما
كان الفصل السابق قد قادنا إلى إعادة النظر بشكل جدي بالنظام الأساسي
للتمثيل التأليفي الذي يحفظه المذهب الذري في الخطاب الحامل للفيزياء
المعاصرة، فإنه من المهم تقييم تمثيلات أخرى وأنطولوجيات أخرى. تمثيلات
وأنطولوجيات هي، حتى اللحظة، متشابكة على نحو لا ينفصم مع أنماط تعبير
ذرية، إنما قابلة لأن تشاد كبدائل حقيقية. وأحد هذه التمثيلات يجذب
انتباهنا بشكل خاص في هذه الأيام: ألا وهو تمثيل لخلفية وحيدة من
الكمونات، خزان من التموجات الطاقية والمادية يسمى "الفراغ الكمومي".
إن مفهوم "الفراغ الكمومي" هذا سيشكل بالتالي الموضوع الرئيسي لهذا
الفصل. مع ذلك، لا غنى عن تمهيد يشتمل على تحليل لمفهومي الـ
"الاستعداد
disposition"
والـ "الانبثاق
propension"
اللذين يعطيانه أساسًا فلسفيًا، من خلال معارضتهما له مع مفهوم
"التحديدية القاطعة".