يعود
الفضل في تقديم أجمل تأويل لإشكال العلاقة بين الحلم والتضحية في
الإسلام إلى المتصوِّف الأندلسيِّ ابن عربي (القرن الثّاني عشر). فقد
أدرج هذا الإشكال في إطار نظريَّته عن حضرة الخيال.
انطلق ابن عربي من جواب الابن: "يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ"
ليُخضع مسألة التضحية بأكملها إلى رهان تأويل الحلم، فهو يقول:
والولد عين أبيه. فما رأى [الوالد] يذبح سوى نفسه. "وفداه بذبح عظيم"
فظهر بصورة كبش من ظهر بصورة إنسان. وظهر بصورة ولد، بل بحكم ولد من هو
عين الوالد.
وهكذا، فإنَّ موضوع الحرمان الذي يخضع إليه الأب من حيث ماهيَّته، وعن
طريق الابن، هو الطفل. ولا شكَّ أنَّ هذا التأويل الذي قدَّمه ابن
عربيّ يندرج في إطار تقليد عريق في التصوُّف يقوم على اعتبار "التضحية
الكبرى" تضحية بالنفس. والنفس هي
la
psyché،
وهي الجزء الحيواني الفاني من الروح، وهي التي تظهر في صورة الحمل
الوديع المقدَّم قربانًا، وعلى هذا النحو يسلم الغنوصي نفسه إلى الفناء
في الإلهي.
منحولات العهد الجديد
تشير دراسة منحولات العهد القديم، التي رأينا أن جزءًا كبيرًا منها يجد
أصوله في المدرسة الأسينية، إلى أن حركة أدبية كانت قد شكلت أرضًا خصبة
خلال قرنين من الزمن تقريبًا لولادة اتجاهات فكرية ودينية جديدة في
المنطقة. لكن أحدًا لم يكن يعرف إلى أي مدى سيمكن لهذه الأفكار أن
ترتحل، وما هي الاتجاهات الجديدة التي سوف تتلاقح معها أو تؤثر فيها.
لكن لا شك أننا بتنا نلمح من خلالها إرهاصات لتيارين فكريين سادا
المرحلة الجديدة، خلال القرون التالية للميلاد، وهما التيار الفكري
المتشدد المرتكز على الشريعة بالدرجة الأولى، متمثلاً بما يعرف
بالنصرانية، والتيار الفكري الملقح بالعرفان السراني، والمنفتح على
البحث عن خلاص إنساني يعيد الصلة مع الإله على أسس جديدة. وفي هذا
الإطار استمرت كتابة النصوص التي حملت اتجاهات الفكر الجديد، مستمدة في
جزء منها الدفق الأساسي للأدب الرؤيوي والأسيني. ومع ما قبلت به
الكنيسة من هذه النصوص وما رفضته، بدأ فصل جديد من الأدب المنحول، عرف
بمنحولات العهد الجديد.
كُتِبت في ذكرى تلميذتي نات تشي ماي، التي ضحَّت بنفسها من أجل السلام
في 16 أيار 1967.
في
غابة ممتدة في المرتفعات، انتصبت
شجرة معمِّرة. ما من أحد كان يعرف كم ألف سنةٍ عاشت. كان جذعها كبيرًا
جدًا بحيث لا يمكن لأذرع ثمانية عشر شخصًا أن تطوقها؛ جذورها الضخمة
شقَّت طريقها عبر الأرض وانتشرت في نصف قطر يبلغ خمسين مترًا. كانت
الأرض تحت ظل الشجرة باردة عادة. وكان لحاؤها بصلابة الصخر؛ إذا ضغطت
بظفرك عليه، سرى الألم عبر إصبعك. كانت أغصانها تحمل عشرات الآلاف من
الأعشاش، وتحمي مئات الآلاف من الطيور، الصغيرة منها والكبيرة.