الانتباه والنمط
ذاتَ يوم، تتكوَّن الشخصية، ويُصبِحُ الانتِباهُ منغمِسًا في قلقٍ
يميِّزُ نمطًا عن غيرِه من الأنماط. ونفقدُ إذَّاكَ الطاقَة الجوهرية،
تلك التي تمتَّعَ بها الطفل الذي كنَّا إيَّاه، ونفقدُ أيضًا التفاعل
مع العالَم على ما هو عليه، ونصيرُ حسَّاسين، ونصبِحُ انتقائيين
للمعلومة فقط التي تغذِّي رؤيةَ العالَمِ وُفقَ نمطِنا. فنرى ما نحتاج
لرؤيتِه لكي نبقى على قيد الحياة، وننسى الباقي.
على سبيل المثال، إذا دخلتُ معك إلى قاعةٍ ملأى بالغُرَبَاء، وربما
تكمُنُ عادتُكَ في سَعيِكَ لكي تكونَ مقبولاً، في حين أن عادتي تكمن في
الخوف، وبالتالي سوف تجدُني أبحثُ عن تبريراتٍ لكي أذهبَ مُدبِرًا. أما
أنتَ فالمُهِمُّ بالنسبة إليك للشعورِ بالأمان هو أن يُشيروا إليك، أما
أنا سوف أُشغِلُ نفسي بأمرٍ آخَر. ولكن حقيقةَ الأمر أن أحدًا منا نحن
الاثنان لن يكون في جوهرِه. وسوف نكون كإعصارَيْن دوَّارَيْن من
الأفكار الثقيلَة، ومن الانفعالات المميِّزَة لنَمَطيْنا، ولن نكونَ
خارِجَ أنفسِنا في تلكَ الحالَة، أي أنه لن يكونَ بمقدورِنا استيعابَ
ما توصَّلْنا إليه أثناء تجارُب الأوجِ في حياتِنا. ولن نشاهِدَ
تطوُّرَ الأحداث في تلك القاعة على نحوٍ موضوعي، لأن ما يحصَل في
الحقيقة هو تضيُّقُ انتباهِ كلينا لكي يجمعَ المعلومةَ النوعية
لمنظورَيْنا الخاصَّيْن.