قصص "نعمة" 1

 

عصام حسن

 

كان يجلس على طرف الرصيف بهيئته الغريبة ممسكًا عصاه الغليظة بيمناه وبالأخرى جريدته اليومية مع حبل كتاني قصير يجرُّه خلفه إذا مشى منتهيًا بلا شيء! ثيابه الشتائية التي لا يتخلَّى عنها في كل الفصول وشعره المسترسل الملبَّد الذي يوحي أنه لم يستحم منذ شهور وكل التفاصيل الأخرى التي ترسم شخصية المتشرِّد بامتياز كانت تشدني بقوة إليه. قررتُ أكثر من مرة محادثته لكنني كنت أتراجع بمجرد تحديقه بي فأرمي السلام وأتابع طريقي دون أن أسمع منه أي رد. بقيتُ لفترة طويلة أظنُّه مجنونًا حتى أكَّد لي بعض الجيران أنه متوازنٌ تمامًا إلا أنَّ حادثة قديمة غيَّرتْ مجرى حياته وجعلته ينزوي ويعيش هكذا بعيدًا عن الناس.

مذ سكنتُ هذا الحي – قبل أقل من سنة – سمعتُ عنه الكثير من القصص. "نعمة" جاري الستيني خفيف الظل، صاحب المقهى القريب، روى لي إحدى حكاياه وعرفتُ منه أيضًا أن اسم الرجل أو لقبه "المهلهل" جاء من تشبيهه لنفسه بأبي زيد الهلالي؛ هكذا كان يقول كلَّما سُئل عن سر اسمه وهكذا صار يُعرف به أينما حل. تقول الحكاية، كما رواها "نعمة"، أن "المهلهل" كان قبل عشرين عامًا رجلاً عاديًا مثله مثل باقي الرجال، وكان يعمل عتَّالاً في مرفأ المدينة ويجتهد في عمله لتحصيل لقمة عيشه إلى أن وجدَ ذات يوم امرأةً مختبئة في أحد مستودعات المرفأ بين أكياس القمح والطحين. كانت امرأة جميلة وليس عليها من الثياب إلا ما قلَّ ودل! لم يصدق عينيه عندما رآها أمامه حورية خالصة البهاء زاد من سحرها شعاع نور تسرَّبَ من سقف المخزن غلَّفها بهالةٍ عظيمةٍ من الضوء موشاة بغبار القمح فبدت لوحة فنية تُجسِّدُ حوارًا بين الضوء والظل كاد المسكين يمد يده ليتلمَّسها لولا الجمود الذي وجد نفسه فيه؛ فبقي واقفًا كتمثال حي. أمَّا هي – كما روى "المهلهل" لاحقًا – فقد استبد بها الرعب عندما فاجأها ملتحفة بوشاحها نبيذي اللون الذي انزلق عن جسدها حين انتصبتْ واقفة كقصبة تهزها الرياح وعلى وجهها علامات من استعد لأي شيء. توقف "نعمة" لبرهة يراقب ردة فعلي ليجدني مأخوذًا بقصته... فتابع:

ما إن استوعب "المهلهل" الأمر واستعاد رشده حتى سمع صوت بكاء ضعيف ورآها تستدير بلهفة لتجثو على ركبتيها ثم تنهض بسرعة وعلى حضنها طفل صغير قدَّرَ أنه لم يُتمّ بعد الشهر من العمر. وقفا لثوانٍ كلٌّ منهما ينظر إلى الآخر بريبة. هي متشبثةً بصغيرها يغلفها الضوء المغبر وهو غارقٌ بجموده مأخوذٌ بما يراه، سألها أخيرًا متلعثمًا: ماذا تفعلين هنا؟! جرى حوار قصير بينهما واستطاعت أن تقنعه أن يتركها وشأنها مع صغيرها الذي بدأ يتثاءب ويتمطمط بشكل يقطع نياط القلب. لم يكن "المهلهل" متزوجًا ولم يفكر حتى تلك اللحظة بالأمر لكن تثاؤب هذا الطفل جعل الأمواج تضرب جدران قلبه وتحرِّك عنفات رئتيه! هذا إن تغاضينا عن رؤيته لجسد المرأة الفاتن الذي جعله لأيام مؤرَّقًا لا ينام.

توقف "نعمة" عن الكلام وذهب ليلبي نداء الزبون الوحيد في المقهى. قمتُ عن الكرسي ونظرتُ إلى زاوية الشارع حيث يجلس "المهلهل" عادةً فوجدته على حاله وشعرت بشيء جديد يجذبني إليه. عدتُ إلى مكاني مع عودة صاحبي الذي جلس وكأنه نسي ما كنَّا فيه. انتظرتُ لحظاتٍ وأنا أتحرَّق شوقًا لسماع بقية القصة لكنه بقي صامتًا يحدِّق في الأفق بشكل مغيظ كأني غير موجود. تنحنحتُ منبِّهًا لوجودي وذكَّرته بالحديث الذي كان يرويه. نظر إليَّ مليًا وهو يمثِّل "بخنزرة" أنه اكتشف وجودي للتو ثم ضحك وهو يسألني: بربك قل لي ماذا تريد من سماع هذه القصة؟ قلت: مجرد فضول، فمنظر هذا "المهلهل" يثيرني منذ مدة طويلة وأنت الوحيد الذي سألته وعرف عنه هذا النوع والكم من المعلومات. ضحك هذه المرة بصوتٍ عالٍ واستغرق بالضحك حتى كاد يقع عن كرسيِّه وهو يقول: تبًا لكم أيها المثقفون! تصدقون أي شيء يقال لكم، ثم أضاف وسط ذهولي: بمجرد ذكر اسم امرأة تشرئب أعناقكم وتجف حناجركم وتظهرون كالديكة على المزابل. ثم عاد ليضحك من جديد وهو يقول: لو رأيتَ مظهركَ وأنا أصفُ تلك المرأة لكنت ضحكتَ على نفسك مثلي وربما أكثر. ضحكتُ ضحكة صفراء وأضفتُ بخيبة أمل: إذًا هذا كله من مخيِّلتك؟! أجابَ: ما رأيك؟ بشرفك ألا أصلح لكتابة القصص والروايات؟ ضحكتُ هذه المرَّة من قلبي قائلاً: والله تصلح! لقد خطفتَ أنفاسي. من أين لك هذا يا رجل؟! ردَّ وهو ينظر إليَّ باعتداد: هل تريد حقًا أن تعرف؟ قلت: على أن تكون قصة حقيقية هذه المرة. نكزني في خاصرتي قائلاً: حقيقية، حقيقية وفيها امرأة حقيقية أيضًا. في هذه الأثناء غادر الزبون اليتيم المقهى بعد أن دفع حسابه وترك بقشيشًا بسيطًا وضعه "نعمة" في جيبه غير راضٍ ثم أشعل لنفسه سيجارة ولي واحدة مثلها وعدَّل جلسته بحيث يصبح مواجهًا لي وبدأ حديثه.

يا سيدي هذا الرجل الجالس أمامك رجل متعلِّم وحائزٌ على شهادة جامعية، وكنتُ فيما مضى أحبُّ المطالعة وقراءة كل أنواع الكتب مثلك وأكثر. كما كنت أتابع الحركة الثقافية فأحرص على حضور المهرجانات المسرحية والمعارض الفنية وكل ما أستطيع من ندوات ومحاضرات، كذلك كانت لي تجارب في الرسم حتى إنني شاركت في بعض المعارض الفنية وحدث ذات مرَّة أن بيعتْ إحدى لوحاتي بسعر حسدني عليه باقي الفنانين المشاركين بالمعرض. توقفَ عن الكلام عندما رأى علامات عدم التصديق ترتسم على وجهي فأقسم لي بأولاده أن ما يقوله حقيقي أكثر من الحقيقة نفسها وإذا أحببتُ يمكنني مرافقته إلى بيته لأتأكد بنفسي من صدقه. عندما قلت له: صدَّقتك. تابع بسعادة:

بعد هذا المعرض بدأتُ أهتم أكثر بالأجواء الثقافية والعلاقات العامة وخاصة أن من اشترى لوحتي كانت صبية فائقة الجمال من عائلة مقتدرة. قالت لي أثناء حوارنا عندما قرَّرَتْ شراء اللوحة أنها أحبَّتْ عملي لأنه جعلها تخرج من ذاتها وتتَّحد مع العالم الذي عبَّرتُ عنه في لوحتي. المهم يا سيدي أن الصبية نفسها أصبحتْ صديقتي فيما بعد وأحبتني بشغف كما أحببتها أنا أيضًا بشكل أنستني معه كل النساء اللواتي مررنَ في حياتي قبلها وببساطة تزوجنا بعد عام. ولا بد أن طريقة طلبي الزواج منها ستعجبك! شدتني جملته الأخيرة وأعربتُ عن تلهفي لسماع القصة. فتابع وهو يبتسم بثقة:

في يوم من الأيام كنَّا سويًا في مكان خاص وبعد أن فعلنا ما فعلناه استلقينا ندخن وننفث دخان سجائرنا في فضاء الغرفة، وكنت في ذلك الوقت أجيد صنع الحلقات الدخانية، فطلبتْ مني أن أعلِّمها ذلك ففعلتُ، وعندما نجحتْ في نفث أول دائرة سارعتُ بدوري ونفثتُ واحدة مثلها فتعانقتا فوقنا في فضاء الغرفة مما جعلها تصفق وتضحك ضحكة شقية أجبرتني على ضمِّها وتقبيلها عشرات القبل فوق جبينها وعلى خديها وشفتيها وفي غير مكان. نظر إليَّ بخبث عندما رآني أبتسم وتابع قائلاً: تستطيع أن تقول أننا خضنا معركة في القبل ولا أعلم لماذا أثَّر بي هذا المشهد وهذا الفرح الطفولي الرائع، وأحسستُ فجأةً أن إعجابي بها تحوَّل إلى شيء آخر غير الذي كان وشعرتُ أنني حجر يطفو على سطح الماء. لسبب لا أعرفه سيطرتْ عليَّ فكرة الزواج و قررتُ أن أطلب يدها في تلك اللحظة بالذات، وبما أنني أعرف أنها لا تحب السلوك الكلاسيكي في الحياة عمومًا وفي مثل هذه الأمور تحديدًا؛ طلبتُ منها أن تستدير وتكشف لي عن ظهرها. فعلتْ ذلك مستغربة، فأخذتُ قلمي "الفلوماستر" الأسود وكتبتُ أسفل ظهرها بالمقلوب وبخط واضح: تزوجيني وادفني الندم؟ ثم رسمتُ قلبين متعانقين كتبتُ تحتهما اليوم والتاريخ. شعرتْ بالدغدغة وضحكتْ كثيرًا وطلبتْ مني قراءة ما كتبتُ فلم أفعل وقلت: عندما تصلين بيتكِ تعرِّي قبل أن تنظري في المرآة وستعرفين! مددتُ يدي مداعبًا خصرها فقالت بغنج وهي تبتعد عن متناول يدي: سيبدو الكلام مقلوبًا ولن أفهمه في كل الأحوال. أجبتُها: حسبتُ حساب ذلك؛ أنتِ تعرِّي واتركي الباقي علي! قالت ضاحكةً: ما قصتك والتعري اليوم؟! قلت: أحب أن أتخيلك هكذا وأنت تقرئين ما كتبت؛ هذا كل ما في الأمر. ثم افترقنا بعد أن هدَّدتني بأنها ستعاقبني عقابًا شديدًا لو اتضح أن ما كتبته لا يستحق كل هذه المسرحية وكل هذا الانتظار.

كنت أتابع الحكاية مشدودًا عندما توقف عن الكلام وأطلق ضحكة عظيمة ارتدَّ صداها عن جدران المقهى وأخذ يسعل حتى كاد يختنق. أطرقتُ بالأرض وأنا ألعن نفسي كيف انجررتُ معه وصدَّقته. أخذ يربِّتُ على كتفي ويضحك بجنون قائلاً: أرأيت! أرأيت، كيف تفعل بكم النساء أنتم معشر المثقفين. ثم عاد إلى الضحك والتربيت على كتفي فضحكتُ معه مرغمًا، فلو لم أفعل لانفجرت.

أخيرًا انتهت نوبة الضحك وسألته: لماذا تفعل ذلك؟ سألني بدوره: أفعل ماذا؟! قلت: تخترع قصصًا وحكايات. ابتسم ثم قال بجدية: اسمع يا صديقي أنا لا أفعل ذلك لسوءٍ بل إنني أستمتع وأمتِّع جليسي، ثم أنا لا أفعل ذلك مع كل الناس. هناك من يهتم لحكاياتي وهناك من لا ينصتُ إلى حرف منها. وأضاف ممازحًا: لذا تراني أنتقي ضحاياي بعناية؛ فبعد هذا العمر أستطيع بسهولة تمييز المستمع الجيد من المستمع الرديء. خذ مثلاً جارنا أستاذ التاريخ. قاطعته هذه المرة مهددًا ومازحًا بدوري: اصمت، ولا حرف! لن تستطيع خداعي هذه المرة. لقد اكتشفتُ ألاعيبك كلَّها.

ضحكَ من قلبه وضحكتُ معه، ثم سألني بجدية: أتريد الاستماع أم ماذا؟ قلت: أريد ولكن تذكَّر إنني لا أصدِّقُ حرفًا مما تقول. تابع ضاحكًا: كما تريد يا سيدي، كما تريد، وتابع: أستاذ التاريخ الذي يسكن فوقنا في الطابق الثالث؛ تعرفه بالتأكيد؟ بحثتُ في ذاكرتي إلى أن اهتديتُ لصورة شخص أراه عائدًا إلى بيته كلَّ مساءٍ متأبطًا كتابًا محشوًا ببعض الأوراق وفي يده حقيبة جلدية صغيرة، قدَّرتُ أنه الشخص المطلوب، ذكرتُ له هذه الصورة فضحك قائلاً هذا هو بعينه وقد دعوته مرة ليشرب معي فنجان قهوة. عندما رشف أول رشفة امتعض من طعمها المر، فطلبتُ له علبة السكَّر وذهلتُ عندما وجدته يضع في فنجانه ملعقة مترعة ويحركها بإصرار شديد؛ حتى خشيتُ أن يذوب الفنجان بعد قليل. لم يكتفِ بذلك بل تذكَّر أنه يفضل القهوة مع الحليب فأتيته كذلك بالحليب. المهم، ما أن بدأتُ أحدثه عن أحد صيادي الأسماك الذين يترددون إلى المقهى حتى استوقفني وسألني عن اسم الصياد، فاخترعتُ له اسمًا وتابعتُ الحكاية فاستوقفني مجددًا ليسألني عن كنيته، فذكرتُ له كنية لا على التعيين وما إن تفوهتُ بعدة جمل حتى عاد ليسألني عن مكان "الواقعة"، هكذا سمَّاها تصور!. ذكرتُ له أول مكان خطر على بالي إلا أنه استبعد ذلك قائلاً إنه يعرف هذا المكان ويعرف كلَّ من يسكن فيه ولا يوجد أي عائلة هناك بهذا الاسم، وإمعانًا منه بمناكدتي قرر مراهنتي بألف ليرة على هذه المعلومات. عندها بدأ ضغطي يرتفع وبدأتْ خيوط الحكاية تتسرب من بين أصابعي، فقررتُ الاستسلام قبل أن أقوم بضربه وطرده شرَّ طردة. توقف "نعمة" عن الكلام وأضاف بكهن: على فكرة أستاذ التاريخ هذا عنده ابنة جميلة جدًا لكن معها سلس بولي لذا لم تتزوج حتى اليوم علمًا أن عمرها قد تجاوز الثلاثين والعريس الوحيد الذي تقدم لخطبتها بشكلٍ جدي كان رجلاً يعاني من نفس المرض. توقف هنا "نعمة" وخالطتْ ضحكاته حديثه وهو يصور لي كيف سيكون شهر العسل لو تم فعلاً هذا العرس! لم أرَ "نعمة" يضحك بهذا الشكل من قبل فشعرت بمدى غيظه من أستاذ التاريخ الذي عرفتُ منه فيما بعد أنه لم يعد يروي له أي قصص بل يكتفي بالجلوس معه صامتًا. حتى يسأله الأستاذ عن أي شيء فيجيب بإيجاز ويعود إلى صمته. كنت أشارك "نعمة" الضحك عندما سألني من بين دموعه: والآن ما رأيك! هل حكايتي مع الأستاذ حقيقية أم إنها أيضًا من نسج الخيال؟ فاجأني سؤالهِ وأخرجني من حالة الضحك، فقلت: حقيقية بالتأكيد. لماذا؟ سألني مجدداً كأني طالب وهو الأستاذ. قلت: لأن الغضب الذي استبدّ بك وأنت تنهي الحكاية، والحديث دون مبرر عن المشاكل الصحية لابنة الرجل كأنك تريد الانتقام منه لا يتركان مجالاً للشك. أظنها قصَّة حقيقية. قال مبتسماً: صدقت. صدقت.

ساد بيننا صمتٌ رقيق شغله صوت تنفس "نعمة" وصوت باعة الخضار في السوق القريب وبعض الأصوات المبهمة الضعيفة كأنها طنين الذباب. "نعمة" – كما ذكرتْ لي جارتي"أم عمران" – رجل طيب القلب لكنه حسب رأيها مليء بالأسرار ويُحكى أنَّه وَجَدَ ذات ليلة شتائية حقيبة مليئة بالدولارات مرمية على شاطئ البحر وهذا ما يفسر تغيُّر أحواله المفاجئ وشرائه لهذا المقهى. ثم تلفتت حولها قبل أن تضيف أنه كذلك يخاوي الجن ولم تنس أن تتفّ في عبِّها قائلة: لا تأخذ مني غير الكذب، مدَّعية أن هذه الحكاية وصلتها منذ زمن طويل ويعرفها كل الجيران. كذلك ذكرتْ لي أن لا أحد في الحي يعرف عن "نعمة" إلا ما يرويه هو عن نفسه. تذكَّرتُ هذه القصة وقرَّرتُ أن أسأله عنها. ترددتُ في البداية ثم استجمعت شجاعتي وقلت: سيد "نعمة" الله يزيدك من عنده أكثر وأكثر ولكني سمعتُ عنك قصَّة وأريد أن أعرف الحقيقة منك. ابتسم قائلاً: هناك قصص كثيرة عني، أي منها تقصد؟ قلت: شيء ما يتعلق بالبحر والحقائب... أجاب بثقة: لا بدَّ أنها قصة الدولارات. أومأتُ برأسي موافقًا. فتابع: يا سيدي، لا يوجد حقيبة ولا دولارات. وهذه القصة أنا من اخترعها لأشبع فضول بعض الحسَّاد من الجيران، انتظرني قليلاً وسأرويها لك. نهض عن كرسيه واختفى في المطبخ للحظات ثم عاد حاملاً النرجيلة وهو يضحك قائلاً: الآن يحلو الكلام! جلس وأخذ يداعب الجمرات فوق رأس النرجيلة ويشرح لي أصول النرجلة منتقدًا الأنواع الجديدة من الدخان التي يسمونها المعسَّل رافضًا رفضًا قاطعًا وضعه في نرجيلته لأنه كما قال "للنسوان" ثم أضاف: يا أخي مثل التنباك البلدي لم يخلق الله! وأخذ نفسًا عميقًا جعل صوت قرقرة النرجيلة يصدح عاليًا كأنها تثني عليه! كان يعرف إنني لا أتعاطى النرجيلة لذا لحق به بعد قليل صبي المقهى حاملاً صينية فضية فوقها فنجان قهوة مع كأس ماء. أخذت رشفة من فنجاني وجلست أنتظر القصَّة. فعلاً تنحنح الرجل وجلَّس قعدته ثم قال: اسمع يا سيدي طالما أنَّك سألتني عن قصة الدولارات:

الحقيقة أنني نشأتُ أحبُّ العمل والاعتماد على الذات لذا كنتَ تجدني دائمًا أعمل هنا وهناك حيثما يصح لي، وقد عملتُ عتَّالاً ودهَّانًا ونجَّارًا وأعمالاً أخرى لا تخطر على بالك؛ حتى أنني جرَّبتُ في مرحلة من شبابي التمثيل وشاركتُ في أحد الأفلام القصيرة كـ "كومبارس" وكنتُ إلى جانب كل ذلك أمارس هواية غريبة ومفيدة في الوقت نفسه؛ هي الخروج إلى شاطئ البحر في ليالي الشتاء عندما تكون العواصف على أشدها حيث من المفترض أن يجلس المرء في بيته ويتقي شرَّها. كنت أمشِّط الشاطئ الرملي لمسافة عدة كيلومترات ذهابًا وإيابًا قرب معمل "العرجوم" هناك، وأشار بيده إلى أقصى اليسار باتجاه البحر. كنت أجمع كلَّ ما تقذفه الأمواج إلى الشاطئ. صناديق خشبية، ألواح "بوندي"، قطع بلاستيك... الخ، وحصل ذات مرة أن رأيتُ على طول الشاطئ علب بلاستيكية صغيرة محكمة الإغلاق تتلألأ تحت ضوء القمر كأنها زينة في عيد الميلاد، عندما اقتربتُ منها وتفحصتُ إحداها تبين لي أنها ساعات يد رقمية، قمتُ بجمعها في كيس كبير من الخيش كنت أحمله فملأتْهُ وزادتْ عنه. في اليوم التالي بعتها لأحد التجَّار وربحتُ منها مبلغًا محترمًا بحسابات تلك الأيام وصرتُ كل فترة أجمع أمثال هذه اللُقى وأبيعها، وهكذا يا سيدي فـ "دولاراتي" هي تعبي وشقاء عمري الذي بذلته في سبيل بناء حياتي يومًا بيوم بعد طردي من الجامعة وأنا في سنتي الأخيرة وبالتالي القضاء على مستقبلي العلمي، ولهذا قصة أخرى سأرويها لك يومًا ما. إذًا، أخيرًا استطعتُ يا سيدي وبعد جهدٍ كبير جمع القسط الأول من المبلغ اللازم لشراء هذا المقهى من "العم بلال" بدولارات شقائي وعرق جبيني. ودون أن تسألني سأروي لك الآن قصة هذا الرجل الغريب "العم بلال" الذي توفي بعد أن سامحني بالقسط الأخير من ثمن المقهى على أن أهتم بعد وفاته بجنازته ومصاريف الدفن. شجعته من فوري على إكمال القصة بإشارة من يدي وعيني.

فتابع قائلاً: يا سيدي الكريم بقي "العم بلال" وحيدًا بعد وفاة زوجته التي لم يُرزق منها بأولاد، ولعلمك فـ "العم بلال" ليس سوريًا ولا أقارب له في هذه البلاد بل هو بحَّارٌ مصريٌ سكن هذه المدينة منذ زمن بعيد عندما تعرضت سفينته لحادث غريب جعلها تحترق وتغرق قبالة شواطئنا فسبح الرجل لساعات وصارع الأمواج العاتية وتغلَّب على الرضوض والجراح التي جذبت إليه بعض أنواع السمك التي حاولت الحصول على حصتها هي الأخرى، إلا أنه نجا من الموت بأُعجوبة على عكس الكثير من رفاقه اللذين ظلَّت بقايا جثثهم تتقاذفها الأمواج لأيام وتحوَّلت إلى وجبات يومية لنوارس البحر وأسراب الأسماك. أمَّا "العم بلال" فقد وجده في الليلة ذاتها أحد الصيادين عالقًا بشباكه وسحبه بفرح ظانًّا أنه سمكة كبيرة ليفاجأ بأنه رجل يئنُ في الرمق الأخير من الحياة. وفي المشفى كاد يموت ثانية بفضل إهمال بعض الأطباء ومنهم الدكتور "حامد" الذي كان مناوبًا في تلك الليلة. توقف وسألني: هل تعرف الدكتور"حامد"؟ أومأتُ برأسي نافيًا. فقال بحذر وهو يتلفتْ يمنة ويسرة: إنه والد المحامي الشهير "رأفت" الذي ترك المحاماة لسبب غير معروف ثم تفرَّغ لتربية الإوز! ونجح نجاحًا يدعو للريبة ثم أنشأ مزرعة كبيرة وصار يصدِّر لحوم الإوز بالأطنان إلى خارج البلاد كل عام. كذلك فعل أولاده من بعده وطوروا أعمالهم حتى شملت الدجاج والأغنام والأبقار ثم احتكروا هذه التجارة نهائيًا وأصابوا ثروة كبيرة جعلتهم من أثرى الأثرياء، ومنهم من خاض في الشأن السياسي وحقق مراتب لا بأس بها ساعدتهم كثيرًا في الهيمنة على هذه التجارة والاستفراد بها، ولا بد أنك تعرف الأستاذ "مراد" فهو الابن البكر للسيد "رأفت". وما أن ذكر اسم الأستاذ "مراد" حتى شعرت بالعرق يتصبب في أسفل ظهري، فقصص الأستاذ "مراد" المروعة يعرفها كل من في البلد وخاصة في الفترة الأخيرة حيث ضجَّت المدينة بقصَّته مع آنسة الموسيقا الجميلة "مجدولين" التي أرسل بعض رجاله لاختطافها لأنها كما يقال رفضتْ الخروج معه بعد أن دعاها عدة مرَّات، في البداية عن طريق الترغيب ثم الترهيب ثم عندما لم تتجاوب قام باختطافها واحتجازها في مكان خفي لعدة أيام. وبقي والدها وأخوتها وأقاربها جميعًا يبحثون عنها مثل المجانين ليجدوها بعد أن أصابهم اليأس صبيحة أحد الأيام أمام باب المنزل شبه ميتة وغير راغبة بالحياة. لم ينفع معها كل الاهتمام الذي قدِّم لها في المشفى من قبل طاقم الأطباء حيث يعمل والدها ممرضًا وله الكثير من المحبين والأصدقاء؛ لكن رغم ذلك ماتت بعد ساعات متأثرة بجراحها وبالنزيف الحاد الذي تعرضت له نتيجة اغتصابها بشكل همجي من قبل أكثر من وحش بعد أن قام الأستاذ "مراد" شخصيًا بالواجب قبلهم وسلَّمها لرجاله من بعده ليستمتعوا بها بدورهم، ويحكى أنه قال بعد أن انتهى منها: هذا جزاء كل قحبة ترفضني! والمهين أكثر أن الحادثة سُجلت ضد مجهول علمًا أن كل من في المدينة كان يعرف الفاعل ولكن لا أحد تجرأ بالإشارة إليه! ولا بد أن هذا كان سببًا إضافيًا لتعرض والدها بعد أيام قليلة لأزمة قلبية – أعتقده اشتهاها – فخلَّصته من الشعور بالذل وقضت عليه.

كذلك "نعمة" مرَّ مرور الكرام على هذه القصة ولم يذكرها علمًا أنه سمع بها مثلي بالتأكيد وبالتأكيد أيضًا عنده الكثير من المعلومات التي لم تصلني بل تابع حكايته قائلاً: المهم يا سيدي أن "العم بلال" وبعد خروجه من المشفى حاول العودة إلى وطنه إلا أن الصدف ساقته ليتعرف بـ"أمل" الصبية الجميلة التي أحبَّها من النظرة الأولى والتي سلبت عقله وجعلته يسهر الليالي مستمعًا لأغنية "دارت الأيام" لأم كلثوم، وقد سمعت من الكثيرين أنَّه كان ينتظر إلى أن تصل الأغنية إلى المقطع الذي تقول فيه: "... وصفولي الصبر لأيته خيال وكلام في الحب يا دوب يتأال... أهرب من ألبي أروح على فين... ليالينا الحلوة في كل مكان، ما لينا غير حب إحنا الاتنين وملينا الدنيا "أمل"...." هنا كان يرفع الصوت إلى أقصى حد ويأخذ بالدوران مقلدًا رقصة الدراويش رافعًا يده فوق رأسه وفيها كأسه العرق التي يبدأ محتواها بالتناثر حوله وعلى رؤوس الحضور من عشَّاق أم كلثوم المنتشين مثله والغارقين بالعواطف والأحلام والسلام حتى أنوفهم كأنهم ملائكة في حضرة الرب!! أمَّا "العم بلال" فكان يبقى محلِّقًا وسطهم يدور ويدور فاردًا ذراعية تارة؛ معانقًا نفسه تارة أخرى. ضاحكًا، باسمًا، صادحًا بصوته مع اللحن مرافقًا الأغنية كأجمل ما يكون. هكذا ببساطة كان يوزع حبه وفرحه على الجميع كغيمة ماطرة دون انتباه ودون سؤال. ويبقى كذلك حتى ينتهي المقطع فيجلس مكانه على الأرض أو حيثما يجد مكانًا يلاءم حالته ويبدأ بشتم الحضور فردًا فردًا وسط ضحكاتهم الماجنة ومبادلته الشتائم الرفاقية التي لو قيلتْ في مناسبة أخرى لجعلت الدماء تسيل على الأرض. الجميل أن "العم بلال" بقي على هذه العادة حتى بعد زواجه من "أمل" ولكن باحتفائية أقل. أمَّا المحزن في الأمر فهو مداومته على الاستماع لهذا المقطع من الأغنية والتأثر به بعد وفاتها ولكن بصمت وهدوء وأحيانًا مع نشيج يبكي الحجر يعالجه بعدة "كرعات" من العرق ليبتسم بحزن بعد انتهاء المقطع ويجامل من يكون معه قائلاً جملته التي أشتهر بها: كس أخت الحياة بلا أمل.

كنت استمع إلى القصة والتأثر بادٍ عليّ. فتوقف "نعمة" عن الكلام عندما رآني على هذه الحال وسألني: هل كنت تعرف "العم بلال"..؟! قلت: لا، لكن قصته أحزنتني. ثم سألته: هل يعقل أنه لم يعد إلى بلده أبدًا. قال: هكذا كان شرط "أمل"، صار يقوم بسفرات قصيرة إلى الإسكندرية لزيارة والديه إلى أن توفيا فخفَّتْ زياراته تدريجيًا حتى انقطعت كليًا في السنوات الأخيرة. ويقال يا سيدي أنه من شدة حزنه على "أمل" وعلى حياته من بعدها أصيب بمرض السكري واضطر الأطباء قبل وفاته بفترة قصيرة إلى بتر أصابع قدمه اليمنى وقسمًا كبيرًا من المشط ويحكى أنه أصرَّ على استلام الأجزاء المبتورة ورفض أن تُرمى بين نفايات المشفى فوضعها الطبيب في وعاء زجاجي محفوظة بالكحول حتى خروجه من المشفى ويقال إنَّه حملها بعد حوالي الشهر إلى شاطئ البحر ورمى بها إلى الأمواج قائلاً: من الماء وإلى الماء!! وبعد عدة أشهر اضطر الأطباء لبتر أصابع القدم الأخرى ويقال إنه فعل فيها الشيء نفسه. أمَّا الغريب في وفاته فإنه دعاني إلى منزله مساء أحد الأيام وقال لي بعد أن شرب نصف ليتر من العرق: اسمع يا "نعمة" غدًا سأموت لذا عليك أن تقوم بما اتفقنا عليه وإلا سأغضب عليك! استغربت كلامه وطيبت خاطره ثم وعدته بسكرة معتبره في نهاية الأسبوع ووعدته بأن أرقص نيابة عنه على المقطع الذي يحبه من أغنية "دارت الأيام". فضحك بوهنٍ ثم أضاف بحزن: في نهاية الأسبوع سألحق بقدمي، اشتقت للرقص وكما ترى لا مجال لذلك في هذه الحياة، ربما في الآخرة إذا رآني الرب أرقص يعجب برقصي فيغفر لي ذنوبي ونعود أصدقاء من جديد، أليس هو الغفَّار الرحيم؟ لسببٍ ما توقف "نعمة" عن الكلام فعدتُ بذهني إلى جملته "سألحق بقدمي" أعجبتني هذه الجملة وقلت في نفسي: والله يا "نعمة" الخبيث لا أصل لهذه الحكاية أو على الأقل نصفها مختلق من عقلك الجميل! من أين لك هذا يا "نعمة"؟ وكم مرَّة عليَّ أن أسألك هذا السؤال؟ أعادني صوته من شرودي عندما تابع الحديث قائلاً: في اليوم التالي وبينما كنتُ أجلس مع بعض أصدقائي نلعب الطرنيب جاء أحد الجيران ليخبرنا أن "العم بلال" توفي منذ قليل ونقله أحد الجيران إلى المشفى الوطني، لوهلة لم أصدق لكن تبين أن الخبر كان صحيحًا: لقد فعلها "العم بلال"! ذهبتُ إلى المشفى وعرفتُ أنه تناول كمية كبيرة من مسحوق سام كافية لقتل حوت فكيف بسمكة تتلوى على رمال شاطئ مهجور! وفيت بكل وعودي "للعم بلال" وأرحتُ ضميري. ولن تصدق إذا قلتُ لكَ إنني في اليوم الأخير من العزاء أتيت سكرانًا فأوقفتُ آلة التسجيل عن قراءة القرآن ووضعتُ كاسيت "دارت الأيام" الذي جهزته سابقًا على المقطع المفضل "للعم بلال" ثم بدأتُ الرقص حاملاً بيدي كما كان يفعل كأسًا من العرق وسط ذهول المعزين اللذين تركوا المكان على الفور فمنهم من خرج مبتسمًا ومنهم من بدأ يكيل لي الشتائم ناعتًا إياي بالزندقة والكفر.

أما أصدقاء "العم بلال" المقربين فقد طفرتْ الدموع من عيونهم وقام بعضهم ليشاركني الرقص حتى نهاية المقطع ثم تابعنا سهرتنا حتى الصباح ولم يستطع بعضنا الذهاب إلى بيته فنمنا على الأرض وفوق الكراسي والطاولات. وعندما استيقظتُ ظهرًا كان يبدو المكان أقرب إلى ساحة معركة منه إلى صالة عزاء! فجأةً أنهى "نعمة" حديثة قائلاً: رحمة الله عليك يا "عم بلال" وصمتَ بشكل بدا معه بشكل واضح أنَّ لا تتمةَ للكلام. ترحمتُ بدوري على "العم بلال" وصمتُّ وأنا أفكر بمشهد الرقص في العزاء، أضحكني هذا المشهد رغم مأساويته. ثم عدتُ إلى نفسي وتساءلتُ: ماذا لو كنتُ مكانه؟! هل كنتُ سأتخلَّى عن وطني من أجل من أحب؟ هل كنتُ سأنهي حياتي عندما أفقد القدرة على فعل الأشياء القليلة التي أحبها وأنا في أرذل العمر؟ أحببتُ "العم بلال" لذا وجدتُ نفسي أبحث عن تبريرات تبيح له ذلك فدارت برأسي عشرات السيناريوهات منها: أن الحب فوق كل شيء ومن يجد حبيبًا حقيقيًا كأنه وجد وطنًا!! كما أن الرجل أبقى على اتصاله بوطنه ولو بالتقسيط..! فهو لم يتخلَّ كليًا عنه بالإضافة إلى أن مصر أخت سوريا ولا ضير من البقاء هنا قرب الحبيب. ثم ما قيمة الحياة عندما يفقد المرء كل ما يحب؟! أراحني هذا التبرير ووجدته يشفع قليلاً لسلوك "العم بلال" في حياته وكذلك لخياره في الانتحار. ابتسمت في سري واسترخيت وأنا أتخيل "العم بلال" الذي لا أعرفه يرمقني بحب ويربِّتُ على رأسي معجبًا بما وتوصَّلتُ إليه.

عدت إلى المعلم "نعمة" وسألته بشجاعة هذه المرَّة عن موضوع مخاواته للجن فقهقه قائلاً: لا يوجد جن إلا في عقل "أم عمران" الهبلة! استغربت كيف عرف أن "أم عمران" هي من روى لي حكايته لكنني لم أقل أي شيء كذلك لم أتجرأ على سؤاله إن كانت قصة "العم بلال" حقيقية، فضَّلت السكوت خوفًا من نفوره مني واعتباري مستمع سيئ كأستاذ التاريخ الذي حدثني عنه، كما أنني كنت أريدها حقيقية، كنت أريد أن أسمع عن أحد أحبَّ من قلبه وضحى من أجل الحب فهذه قيمة كبيرة نفتقدها في حياتنا وإذا حصلتْ فعلاً ترانا نخفيها ونخجل منها بل أغلبنا يرفضها ويعتبرها حالة شاذة غير منسجمة مع مجتمعنا الذي تطفو القساوة على سطحه جنبًا إلى جنب مع الكثير من العادات والتقاليد التي تحارب ولو بشكلٍ غير مباشر الفرح والحب، وها هو "نعمة" يأتيني بهذه الفضيلة على طبق من ذهب فهل أكذِّبه؟!! بالتأكيد لن أفعل، بل زادني الأمر شوقًا لمعرفة كيف تعرف "العم بلال" على "أمل" التي غيرت مجرى حياته وجعلته يتخلى عن وطنه وهل كان جمالها السبب أم أن هناك أشياء آخرى أهم؟! لا بدَّ أنَّ "نعمة" يعرف لا يمكن أن يفوته هكذا تفصيل.

"نعمة" العجيب لم يترك لي مجالاً للسؤال حيث بادرني قائلاً وكأنه يقرأ أفكاري: هل تحب أن تعرف كيف التقى "العم بلال" بـ "أمل"؟ أجبته وأنا أخفي سروري: بالتأكيد. فقال بعد أن نظر إلى ساعته: ولكن ليس الآن؛ ربما غدًا. يجب أن أذهب الآن إلى البيت. وأضاف: تفضل معي. شكرته واستأذنت بالانصراف على أمل اللقاء غدًا ومعرفة قصة "أمل" و"العم بلال".

يتبع.....

*** *** ***

عن صفحة الكاتب على الفيسبوك

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود