|
فكر في هذه الأمور 1 من 27
أتساءل فيما إذا سألنا أنفسنا يومًا عن معنى التربية. لماذا نذهب إلى المدرسة، لماذا نتعلم مواد متنوعة، لماذا نجتاز امتحانات ونتنافس فيما بيننا على درجات أفضل؟ ماذا تعني هذه التربية المزعومة، وما هو أساسها؟ هذه حقًّا مسألة هامة للغاية، ليس للطلاب وحسب، بل وللأهل والمدرسين أيضًا، ولكل مَن يحب هذه الأرض. لماذا نحتمل كل هذه المشقة في سبيل التعليم؟ هل نفعل لمجرد النجاح في بعض الامتحانات والحصول على وظيفة؟ أم أن دور التربية هو تأهيلنا، مادمنا في ريعان الصبا، لفهم سيرورة الحياة بأسرها؟ إن الحصول على وظيفة وكسب العيش أمر ضروري – ولكن هل ذلك كل شيء؟ هل نتربى من أجل ذلك فقط؟ الحياة ليست قطعًا مجرد وظيفة أو صنعة؛ الحياة شيء خارق الاتساع والعمق؛ إنها سرٌّ عظيم، مجال شاسع، نؤدي فيه دورنا كبشر. فإذا كنا نستعد لمجرد كسب العيش، سيفوتنا معنى الحياة ككل؛ وفهم الحياة أهم بكثير جدًّا من مجرد الاستعداد للامتحانات لنصير بارعين جدًّا في الرياضيات أو الفيزياء أو ما شئتم. إذن، سواء كنا مدرسين أم طلابًا، أليس من المهم أن نسأل أنفسنا لماذا نربي الآخرين أو نتربى؟ وماذا تعني الحياة؟ أليست الحياة شيئًا خارقًا؟ الطيور، الأزهار، الأشجار المزدهرة، السماوات، النجوم، الأنهار وما تحويه من أسماك – هذه الأشياء كلها هي الحياة. والحياة هي الفقراء والأغنياء؛ الحياة هي المعارك المستمرة بين الجماعات والأجناس والأمم؛ الحياة هي التأمل؛ الحياة هي ما نسميه الدين، كما أنها تشمل أيضًا تلك الأشياء الدقيقة الخفية للذهن – الحسد، الطموح، الأهواء، المخاوف، الإنجازات، القلق. هذه كلها وأكثر منها بكثير هي الحياة. لكننا عمومًا نستعد لفهم زاوية واحدة صغيرة منها فقط. نجتاز بعض الامتحانات، فنجد وظيفة، ثم نتزوج، وننجب أطفالاً، ومن ثَمَّ نصير أكثر فأكثر أشبه بالآلات. نظل خائفين، قلقين، مرعوبين من الحياة. إذن، هل دور التربية أن تساعدنا على فهم سيرورة الحياة بأسرها، أم مجرد تأهيلنا على مهنة، على أفضل وظيفة يمكن لنا أن نحصل عليها؟ ماذا سيحدث لنا جميعًا عندما ننمو لنصير رجالاً ونساء؟ هل سألتم أنفسكم يومًا ماذا ستفعلون عندما تكبرون؟ على الأرجح ستتزوجون، وقبل أن تعرفوا أين أنتم، ستجدون أنفسكم آباءً وأمهات؛ وعندئذ ستتقيدون بوظيفة ما، أو بالمطبخ، حيث ستذوون تدريجيًّا. أهذا ما ستكون عليه حياتكم أنتم؟ هل سألتم أنفسكم يومًا هذا السؤال؟ ألا يجب عليكم أن تسألوه؟ إذا كانت أسرتك ثرية فقد تضمن لنفسك سلفًا منصبًا جيدًا نوعًا ما، أو قد يدبِّر لك أبوك وظيفة مريحة، أو قد تصاهر أسرة غنية؛ لكنك هناك أيضًا ستتعفن وتفسد. أتدركون ذلك؟ بالتأكيد، لا معنى للتربية بتاتًا ما لم تساعدكم على فهم مدى الحياة الشاسع، بكل دقائقها، بجمالها الخارق، بأحزانها وأفراحها. قد تنالون شهادات، وقد يكون اسمكم مسبوقًا بسلسلة من الألقاب، فتتصيدون وظيفة مرموقة – لكن ماذا بعد؟ ما فائدة هذا كله إذا صار ذهنكم من جراء ذلك بليدًا، خاملاً، غبيًّا؟ وإذن، ألا يجدر بكم، مادمتم في ريعان الصبا، أن تبحثوا لتكتشفوا ما هو جوهر الحياة؟ ثم أليس دور التربية الحقيقي أن ينمي فيكم الذكاء الذي سيحاول أن يجد الإجابة عن هذه المسائل كلها؟ هل تعلمون ما هو الذكاء؟ إنه قطعًا القدرة على التفكير الحر، من غير خوف، من غير صيغة جاهزة، بحيث تبدأ بالاكتشاف بنفسك ما هو حقيقي، ما هو صحيح؛ لكنك إذا كنت خائفًا فلن تكون ذكيًّا أبدًا. إن أي شكل من أشكال الطموح، روحانيًّا كان أم دنيويًّا، يولد القلق والخوف؛ لذا فإن الطموح لا يساعد على إيجاد ذهن واضح، بسيط، مباشر، ومن ثَمَّ ذكي. حقًّا إنه من المهم للغاية، كما تعلمون، أن تحيوا، مادمتم في ريعان الصبا، في بيئة لا خوف فيها. فأغلبنا، كلما تقدم بنا العمر، نصير خائفين: نخاف من العيش، من فقدان الوظيفة، نخاف من التقاليد، نخاف مما قد يقوله الجيران أو الزوجة أو الزوج، نخاف من الموت. أغلبنا لديه خوف بشكل ما أو بآخر؛ وحيثما يوجد الخوف لا يوجد ذكاء. أفليس من الممكن لنا جميعًا، مادمنا في ريعان الصبا، أن نكون في بيئة لا خوف فيها، بل بالأحرى في جوٍّ من الحرية – الحرية، لا مجرد حرية أن نفعل ما يحلو لنا، بل حرية فهم سيرورة الحياة بأسرها؟ الحياة حقًّا جميلة جدًّا، وهي ليست هذا الشيء القبيح الذي صنعناه نحن بها؛ ولا يمكن لك أن تقدِّر غناها، عمقها، فتنتها الخارقة، إلا عندما تثور على كل شيء – على الدين المنظم، على التقاليد، على المجتمع الحالي العفن – بحيث تكتشف بنفسك أنت، كإنسان، ما هو حقيقي. لا أن تُقلِّد، بل أن تكتشف – تلك هي التربية، أليست كذلك؟ من السهل جدًّا أن تمتثل لما يأمرك به مجتمعك أو والداك ومدرسوك. هذه طريقة آمنة وسهلة للعيش؛ لكن هذه ليست الحياة، لأن فيها خوف، تحلُّل، موت. الحياة هي أن تكتشف بنفسك ما هو حقيقي، وتراك لا تستطيع أن تفعل هذا إلا عندما توجد حرية، عندما توجد ثورة داخلية مستمرة، في داخلك. لكنكم لا تشجَّعون على فعل هذا؛ لا أحد يقول لكم أن تتساءلوا، أن تكتشفوا بأنفسكم ما هو الله، لأنكم إذا اتفق لكم أن تتمردوا صرتم خطرًا على كل ما هو زائف. أهلكم والمجتمع يريدونكم أن تعيشوا عيشة آمنة، وأنتم أيضًا تريدون عيشة آمنة. والعيشة الآمنة تعني عمومًا أن تعيشوا مقلِّدين، ومن ثَمَّ في خوف. دور التربية قطعًا هو مساعدة كلٍّ منا أن يعيش في حرية ومن غير خوف، أليس هذا دورها؟ وإيجاد جوٍّ لا خوف فيه يتطلب قدرًا كبيرًا من التفكر من جانبكم، كما ومن جانب المعلم أو المربي. أتعرفون ماذا يعني هذا – أي شيء خارق هو إيجاد جوٍّ لا خوف فيه؟ ويجب علينا أن نوجِد مثل هذا الجو، لأننا نرى أن العالم مشتبك في حروب لا تنتهي؛ إنه عالم يقوده رجال سياسة يسعون دومًا إلى النفوذ؛ إنه عالم من المحامين ورجال الشرطة والجنود، عالم من الرجال والنساء الطموحين، كلهم يطلب المنصب ويتقاتل للحصول عليه. ثم هناك القديسون المزعومون، الـگورو (المعلمون) الدينيون مع أتباعهم؛ وهم أيضًا يطلبون النفوذ والمنصب، سواء في هذه الدنيا أو في الآخرة. إنه عالم مجنون، مشوش تمامًا، يحارب فيه الشيوعيُّ الرأسمالي، ويقاوم الاشتراكيُّ كليهما، وكل واحد يعادي أحدًا آخر، كادحًا للوصول إلى مكان آمن أو منصب نافذ أو رخاء. العالم تمزِّقه معتقدات متنازعة، تمييزات طائفية وطبقية، انقسامات قومية، وسائر أشكال الحماقة والقسوة – وهذا هو العالم الذي تُربَون على التكيف معه. إنكم تشجَّعون على التكيف ضمن إطار هذا المجتمع الكارثي؛ أهلكم يريدونكم أن تفعلوا ذلك، وأنتم أيضًا تريدون التكيف معه. والآن، هل دور التربية هو مجرد مساعدتكم على الامتثال لقالب هذا النظام الاجتماعي العفن، أم هو منحكم الحرية – الحرية المطلقة لتنموا وتخلقوا مجتمعًا مختلفًا، عالمًا جديدًا؟ نحن نريد نيل هذه الحرية، ليس في المستقبل، بل الآن – وإلا فقد ندمَّر جميعًا. لا بدَّ لنا فورًا من إيجاد جوٍّ من الحرية، بحيث يمكن لكم أن تحيوا وتكتشفوا بأنفسكم ما هو حقيقي، بحيث تصبحون أذكياء، بحيث تستطيعون مواجهة العالم وفهمه، وليس مجرد الامتثال له، بحيث تكونون داخليًّا، عمقيًّا، نفسيًّا، في ثورة دائمة؛ لأن أولئك الثائرين دومًا وحدهم يكتشفون ما هو حقيقي، وليس المرء الذي يمتثل أو يتبع تقليدًا ما. فقط حين تكون دائم الاستفسار، دائم الرصد، دائم التعلم، تراك تجد الحقيقة أو الله أو المحبة؛ لكنك لا تستطيع الاستفسار والرصد والتعلم، لا تستطيع أن تكون واعيًا وعيًا عميقًا، إذا كنت خائفًا. لذا فإن دور التربية، قطعًا، هو استئصال الخوف – داخليًّا وخارجيًّا على حدٍّ سواء –، هذا الخوف الذي يدمِّر الفكر الإنساني والعلاقة الإنسانية والمحبة. * * * سؤال: إذا ثار جميع الأفراد، ألا ترى أن ذلك قد يؤدي إلى تفشي الفوضى في العالم؟ كريشنامورتي: أصغوا إلى السؤال أولاً، لأن من المهم جدًّا فهم السؤال، لا مجرد انتظار إجابة. السؤال هو: إذا ثار جميع الأفراد، ألا يؤدى ذلك إلى حدوث فوضى في العالم؟ ولكن هل نظام المجتمع الحالي كامل أصلاً بحيث تنجم الفوضى إذا ثار جميع الناس عليه؟ أليست هناك فوضى الآن؟ هل كل شيء جميل، غير فاسد؟ هل يعيش الجميع حياة سعيدة، ممتلئة، غنية؟ أليس الإنسان معاديًا للإنسان؟ أليس هناك طموح وتنافُس لا يرحم؟ إذن فالعالم أصلاً في فوضى – ذلك أول شيء لا بدَّ من إدراكه. لا تأخذوا قضية أن هذا المجتمع مجتمع منظَّم كقضية مسلَّم بها؛ لا تنبهروا بالكلمات. فسواء هنا أو في أوروبا، في أمريكا أو في روسيا، العالم داخل في طور انحطاط. فإذا كنتم ترون هذا الانحطاط فأمامكم تحدٍّ: والتحدي أمامكم هو أن تجدوا طريقة لحلِّ هذه المشكلة العاجلة. وكيفية استجابتكم لهذا التحدي هامة، أليست كذلك؟ إذا استجبتَ للتحدي كهندوسي أو كبوذي، كمسيحي أو كشيوعي، تكون استجابتك عندئذ محدودة للغاية – وهى مثل عدمها. تستطيع الاستجابة استجابة تامة وملائمة فقط عندما لا يكون فيك خوف، فقط عندما لا تفكر كهندوسي، كشيوعي أو رأسمالي، بل كإنسان كلِّي يحاول أن يحل هذه المشكلة؛ وأنت لا تستطيع حلها ما لم تكن أنت نفسك في ثورة على الوضع كله، على الجشع الطَّموح الذي يقوم عليه هذا المجتمع. عندما تكون أنت نفسك غير طموح، غير جشع، وغير متمسك بأمانك الشخصي، عندئذ فقط تستطيع أن تستجيب للتحدي وتخلق عالمًا جديدًا. سؤال: الثورة، التعلم، المحبة – هل هذه ثلاث سيرورات منفصلة أم أنها تتم في آنٍ واحد؟ كريشنامورتي: بالطبع ليست ثلاث سيرورات منفصلة؛ إنها سيرورة متكاملة. من المهم، كما ترون، اكتشاف ما يعنيه السؤال. هذا السؤال قائم على التنظير، لا على الخبرة؛ إنه مجرد سؤال لفظي، عقلي، ومن ثَمَّ فلا يصلح. إنسان لا يعرف الخوف، ثائر حقًّا، مجاهد لاكتشاف ما يعنيه التعلم والمحبة – إنسان كهذا لا يسأل إنْ كانت سيرورة واحدة أو ثلاث سيرورات. إننا حاذقون جدًّا في استعمال الكلمات، ونظن أننا بمجرد تقديم تفسيرات نكون قد حللنا المشكلة. هل تعرفون ما يعنيه التعلم؟ عندما تتعلمون حقًّا، فأنتم تتعلمون طوال حياتكم، ولا يوجد أستاذ خاص بعينه تتعلمون منه. إذ ذاك تتعلمون من كل شيء – من ورقة شجر ميتة، من طائر يحلق، من رائحة، من دمعة، من الأغنياء والفقراء، من الباكين، من ابتسامة امرأة، من غطرسة رجل. إنكم تتعلمون من كل شيء، ومن ثَمَّ ليس هناك مرشد، ولا فيلسوف، ولا گورو (معلم روحي). الحياة نفسها تغدو معلِّمكم، وأنتم في حال تعلُّم دائم. سؤال: صحيح أن المجتمع الحالي قائم على الجشع والطموح؛ ولكن إذا لم يكن عندنا طموح ألن نضمحل؟ كريشنامورتي: هذا سؤال هام للغاية حقًّا، وهو يحتاج إلى انتباه كبير. هل تعرفون ما هو الانتباه؟ فلنكتشف معًا. في غرفة الصف، حين تحدق خارج النافذة أو تشد شعر أحدهم، يأمرك المدرس أن تنتبه. ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أنك لست مهتمًّا بما تدرس، فيرغمك المدرس على الانتباه – وهذا ليس انتباهًا بتاتًا. الانتباه يأتي عندما تكون مهتمًّا بشيء ما اهتمامًا عميقًا، لأنك عندئذ تحب اكتشاف كل شيء عنه؛ عندئذ يكون ذهنك كله، كيانك كله، حاضرًا. بالمثل، فإنك لحظة تدرك أن هذا السؤال – إذا انعدم طموحنا ألن نضمحل؟ – سؤال هام للغاية حقًّا، تراك تهتم وتريد اكتشاف حقيقة الأمر. والآن، أليس الإنسان الطَّموح مدمرًا نفسه؟ ذلك أول شيء لا بدَّ من اكتشافه، وليس السؤال عما إذا كان الطموح صوابًا أم خطأ. أنظر حواليك، لاحظ جميع الناس الطموحين. ماذا يحدث عندما تكون طَموحًا؟ تفكِّر في نفسك فقط، أليس كذلك؟ تكون عديم الرأفة، تنحِّي غيرك من الناس لأنك تسعى في تحقيق طموحك، تسعى في أن تصير شخصًا مهمًّا، فتوجِد بذلك في المجتمع النزاع بين الناجحين وبين المتخلِّفين عن الركب، فتنشب معركة دائمة بينك وبين الآخرين الساعين هم أيضًا في الحصول على ما تريد. فهل هذا النزاع منتج لحياة مبدعة؟ هل تفهم، أم أن هذا أصعب من أن تفهمه؟ هل تكون طَموحًا حين تحب أن تفعل شيئًا من أجل ذاته؟ حين تفعل شيئًا بكيانك كله، لا لأنك تبتغي الوصول إلى منصب ما، ولا لتحقق مزيدًا من الربح، أو نتائج أعظم، بل ببساطة لأنك تحب أن تفعله – في ذلك، لا وجود للطموح، أليس كذلك؟ في ذلك، لا وجود للتنافس: فأنت لا تصارع أحدًا على المركز الأول. ألا ينبغي للتربية أن تساعدك على اكتشاف ما تحب حقًّا أن تفعله، بحيث إنك، من بداية حياتك إلى نهايتها، تعمل على شيء تشعر أنه يستحق العناء وله بنظرك مغزى عميق؟ – وإلا فستكون بائسًا بقية عمرك. فما لم تكن تعرف ما تريد فعله حقًّا، يسقط ذهنك في رتابة بحتة ليس فيها إلا الضجر والاضمحلال والموت. لذلك فمن المهم للغاية أن تكتشفوا، مادمتم في ريعان صباكم، ما هو الشيء الذي تحبون حقًّا أن تفعلوه؛ وهذا هو السبيل الأوحد إلى خلق مجتمع جديد. سؤال: في الهند، كما في معظم البلدان الأخرى، تخضع التربية لرقابة الحكومة. فهل من الممكن، في ظل ظروف كهذه، تنفيذ تجربة من النوع الذي تصفه؟ كريشنامورتي: إذا لم تكن هناك مساعدة من الحكومة، ترى هل من الممكن لمدرسة من هذا النوع أن تنجو؟ ذاك ما يسأله هذا السيد. إنه يرى أن كل شيء في العالم بأسره يصير أكثر فأكثر خضوعًا لرقابة الحكومات، رجال السياسة، أو الناس من ذوي النفوذ الذين يريدون تشكيل أذهاننا وقلوبنا، يريدوننا أن نفكر بطريقة معينة. الميل السائد، سواء في روسيا أو في أي بلد آخر، هو نحو الرقابة الحكومية على التربية؛ وهذا السيد يسأل عما إذا كان ممكنًا لمدرسة من النوع الذي أتكلم عليه أن تنشأ من دون دعم حكومي. الآن، ماذا تقول أنت؟ أتدري، إذا اعتقدتَ أن شيئًا ما مهم، أنه يستحق العناء حقًّا، فإنك ستنذر له قلبك، بصرف النظر عن الحكومات وأحكام المجتمع – وعندئذ سوف ينجح. لكن أغلبنا لا ينذرون قلوبهم لأي شيء، ولهذا نطرح هذا النوع من الأسئلة. إذا كنا – أنت وأنا – نشعر شعورًا حيويًّا أن عالمًا جديدًا يمكن له أن يوجد، عندما يكون كل واحد منا في حالة ثورة تامة، داخليًّا ونفسيًّا وروحيًّا، – إذ ذاك سننذر قلوبنا وأذهاننا وأجسامنا في سبيل إنشاء مدرسة ليس فيها شيء يسمَّى الخوف، بكل منطوياته. سيدي، إن أي شيء ثوري حقًّا يخلقه قلة يرون ما هو حقيقي وينذرون أنفسهم للحياة وفقًا لتلك الحقيقة. لكن اكتشاف ما هو حقيقي يتطلب التحرر من التقليد، ما يعني التحرر من المخاوف كلها. ترجمة: ديمتري أڤييرينوس *** *** *** عن موقع سماوات ٭ J. Krishnamurti, This Matter of Culture, Victor Gollancz Ltd, London, 1974, pp. 9-15.
|
|
|