|
هـو الملك!
طوى درجات السلَّم الكبير المفضي إلى باب القصر طيًّا. كاد أن يتعثر أكثر من مرة وهو يصعد ثلاث درجات في الخطوة الواحدة. في آخر السلَّم استقبله الحراس الواقفون عند الباب. تبادل معهم نظرة واحدة فأفسحوا له الطريق. كانوا يعرفونه جيدًا: إنه رسول الملك العائد من المملكة حاملاً للملك آخر الأخبار. نظرةٌ واحدةٌ إلى وجهه كانت كافيةً ليفهموا... ويرتجفوا... إنها أخبار سيئة! بالكيفية نفسها انفتحتْ له الأبوابُ كلها داخل القصر. فمَن يجرؤ أن يقف في طريقه؟! * * * هرع الرسول إلى القاعة الملكية حيث كان الملك في انتظاره. وقف أمامه وقال لاهثًا: - تأكدنا من الأنباء، يا مولاي... خانك صديقك واستولى على الحكم في غيابك! تجهَّم وجهُ الملك. - "ولكن كيف يرضى شعبي أن يحكمه الأراجوز؟!" سأل رسولَه. أجاب الرسول في حسرة: - "إنه يُسمِعُهم ما يريدون أن يسمعوا، يا مولاي... ولهذا يحبونه..." قال الملك: - "سيدفعهم إلى الرقص على حافة الهاوية ولن يروا في عصره إلا الموت!" وتابع الرسول: - يَعِدُهم بجنات وفراديس... وعالم من العربدة والمسرَّات! - "ويصدقونه؟!" سأل الملك غاضبًا. أجاب الرسول وهو لا يزال يلهث: - "قوَّته في لسانه... أقنعهم بحسن البيان ومعسول الكلام أنه... مُرسَل من الله... وأنه يحكم بحكمه ووفق شريعته!" فقال الملك: - ليس للأراجوز من إله إلا المال... بريء هو الله من أكاذيبه! ثم انتصب قائمًا من جلسته وقال لرئيس الحراس: - "أسرجوا لي الفرس البيضاء وأعِدوا الموكب... أنا عائد إلى مملكتي." ثم التفت إلى رسوله وقال: - "مَن كان يظن أن في استطاعة الأراجوز أن يمكر ويحيك المؤامرات والمكائد؟!" فقال الرسول: - آن الأوان أن تنبت للقط مخالب! * * * وقف الملك ممتطيًا فرسه البيضاء أمام بوابة المدينة المغلقة. أقبل عليه رئيس الحرس وهو يصيح: - "الدخول إلى المدينة ممنوع بأمر من الملك!" قال الملك في حزم: - أنا هو الملك!.. كنت غائبًا، والآن أعود إلى مملكتي... آمرك أن تفتح البوابة! وقف رئيس الحرس مشدوهًا لبرهة. كان الفارس يتكلم بالفعل كمن له سلطان، كان يتكلم كملك! اقترب رئيس الحرس من الفارس ليتبين ملامح وجهه وسأله: - "مَن أنت؟" أجابه الملك قائلاً: - أنا العقل. *** *** ***
|
|
|