يؤكد العلماء الذين انشغلوا بدراسة الكون وجودَ
العقل في مستويات ثلاثة:
1.
المستوى الأول: هو مستوى السيرورات المادية الأولية في الميكانيكا الكوانتية –
وهذا لأن المادة، وفق ما هي عليه في الميكانيكا الكوانتية، ليست جوهرًا غير
فعال أو عاطل، بل عامل أو قوة فعالة تفعل دائمًا في عملية اتخاذ القرار
وسط احتمالات التعاقب أو التناوب بحسب القوانين الاحتمالية. والحق أن كلَّ
تجربة كوانتية تُلزم الطبيعة على القيام بـعملية اختيار. وهكذا يبدو أن
العقل، كما يتجلَّى على نحو طاقة قادرة على اتخاذ القرار، يكون، إلى حدٍّ ما،
متأصلاً في كلِّ إلكترون.
2.
المستوى الثاني: هو المستوى الذي يكون فيه العقل على نحو ما ندعوه بـ"مستوى
التجربة الإنسانية المباشرة". فوفق هذا المستوى، تظهر عقولنا وكأنها أجهزة تعمل
لتوسيع المكوِّن الأساسي للعقل الفاعل في الخيارات الكوانتية التي تضعها
الإلكترونات أو الذرات داخل رؤوسنا. وهذا يشير إلى أن الكون، في كلِّيته، ملائم
لنموِّ العقل.
3.
المستوى الثالث: هو المستوى الذي نشاهد فيه المكوِّن العقلي الأساسي للكون.
يقول فريمان دايْسون: "إننا، إذ نعترف بوجود هذا المكوِّن العقلي للكون، نعترف،
في الوقت ذاته، بأننا أجزاء صغيرة من الجهاز الكوني الذي يشير إلى حقيقة الوعي
الكوني."