|
الاسـتـيـقـاظُ
مـن الـنَّـوم الصَّرخة
والرد قلْ لي: لِمَ لا نرفعُ الآن
أصواتنا، ونصرخ ضد الذي يجري؟ هل
تنبَّهت إلى الخطط التي أُعِدَّتْ
للعراق وأن قبعة الثلج تذوب؟ أحدِّث نفسي: "هيا، اصرخْ.
ما نفع أن تكون راشدًا ولا صوت لك؟
اصرخْ عاليًا! وانظرْ مَن سيجيب! فهذه
صرخةٌ وجوابها!" يجب أن نصرخ عاليًا كي نبلغ ملائكتَنا، الثقيلي السمع،
المختبئين في سجون الصمت التي ازدحمت
في أثناء حروبنا. هل سلَّمنا بحروب كثيرة حتى
بتنا عاجزين عن الفكاك من الصمت؟ إذا لم
نرفع صوتَنا، سنسمح للآخرين (الذين ليسوا سوى
أنفسنا) أن ينهبوا البيت. كيف استمعنا إلى تلك
الصرخات العظيمة – نيرودا، أخماتوفا، ثورو، فريدريك
دوغلاس – والآن نحن صامتون كعصافير في
الآجام القليلة؟! بعض السَّادة يقولون إن
حياتنا ستتواصل لسبعة أيَّام. في أيِّ أيام الأسبوع نحن؟
ألم يأتِ الخميس بعد؟ هيا عجِّلْ بالصراخ الآن!
عمَّا قليل سيأتي ليلُ الأحد. *
* * قصيدةٌ
ضدَّ الأغنياء كل يومٍ أحيا، كل يوم يصعد
بحرُ الضياء، أبدو كمن يرى الدمعةَ في الحجر، كما لو أن عينيَّ تحدقان تحت
الأرض. الغني في قبعته الحمراء لا يستطيع سماع البكاء في قرى السوسن، أو الدمع المعتم في أكواخ
الحنطة. كل يومٍ يصعد بحرُ الضياء، أسمع الحفيف الحزين للجيوش
المعتمة، حيث كلُّ واحد يبكي،
والصلوات الحزينة للحجارة، الحجارة التي تنحني كلما
عبرتْ الجيوشُ الحزينة. *
* * الاستيقاظُ
من النَّوم داخل الأوردة ثمة أساطيل
تشرع في الرحيل، انفجاراتٌ بالغة الصِّغَر
على حواف المياه، ونوارس تترنح في رياح الدم
المالح. إنه الصباح. لقد نامت بلادي
الشتاءَ كلَّه. كانت حواف النافذة مغطاةً
بفرو جلود، والحديقة بكلاب متيبسة، وأيادٍ،
ببلاهة، حملت كتبًا ثقيلة. الآن نستيقظ، ننهض من
السرير، ونتناول الإفطار! – صرخاتٌ تصعد من ميناء الدم، سديمٌ، أدقالٌ صاعدة، خبْط
البكارة الخشبية في ضوء الشمس. الآن نغنِّي، ونؤدي رقصاتٍ
قليلة على أرض المطبخ. كل جسدنا كميناءٍ عند
الفجر؛ نعرف أن سيِّدنا قد تركنا
لهذا النهار. *
* * النَّظَرُ
إلى بركة المدِّ إنها بركة مدٍّ، ضحلة، يأتي
الماءُ إليها، صافية، وفي القاع أناسٌ صغيرون
بأصداف بيضاء، لا يسألون شيئًا، ولا حتى عن
الاتجاهات! على السطح، مستلقية كأيادٍ،
الطحالب ذات العجيرات التي، ببطء، تتراجع، ثم
تعود. أيادٍ فوق أجساد محمومة، تتحرك جيئةً
وذهابًا، كلما غنَّى المبرئ بحماسة عارمة،
صارخًا على المسيح وأمِّه الميتة. ***
*** *** ترجمة:
تحسين الخطيب [1]
شاعر ومفكر أمريكي (1926- ) متأثر بالحكمة
الشرقية والتراث الروحي العالمي، وما انفك
منذ أكثر من 50 سنة، كشاعر (أكثر من 30 ديوانًا)
وناقد ومترجم وناشر، عنصرًا مؤثرًا على
الأدب الأمريكي. من أشهر كتبه جون الحديدي
(1990)، الذي استكشف فيه الأسطورة والفلكلور
في علاقتهما بحركة البشر، وحب امرأة في
عالمين (1987)، وماذا فقدت أصلاً بموتي؟
(القصائد النثرية الكاملة، 1992). ومن أجمل
مترجَماته إلى الإنكليزية قصائد للشاعرة
الصوفية الهندية ميرابين (1984). من
المندِّدين بحرب فييتنام في حينها، ومن
المعارضين اليوم للحرب على العراق، كما
يشهد على ذلك كتابُه الأخير جنون
الإمبراطورية: كتاب قصائد ضد الحرب على
العراق. (المحرِّر)
|
|
|