|
ليت الكلامَ المضجرَ يتوقَّف!
الحق أن الكلام – كثيرَه أو قليلَه – يُبعِد عن الحقيقة. ونحن في لبنان لا نسكت! أرهقْنا وسائلَ الإعلام كلَّها، وما عدنا نعرف مَن الصادق فينا. والغريب أن قليلاً من الشعر "الإعلامي" هبط على ورقتي من الضباب؛ ولما قرأت، طويت الورقة – فما نزل كان كافيًا! ما بـاله الإعلامُ صـارَ مهزلةْ ودخـانُه أضحى دخـانَ مزبلةْ ألا ليتنا نصمت! فالزمن زمن خراب خطير في القارات "المتمدنة" كلِّها، – مثل أمريكا الشمالية وأوروبا، وتحديدًا بريطانيا، كما قال المستر بلير، – أو في تركيا، في أماكنها السياحية "المتمدنة" أيضًا (وأرجو أن يكون هذا رأي المستر بلير والمستر بوش!)، أو في ديارنا الواسعة، من العراق، إلى فلسطين، إلى لبنان. وليت المسترين الغيورين علينا يحددان درجة تمدننا ورضاهما عنا بعدما بلَّلا أيديهما فينا للمرة الألف، مع بعض حلفائهما العرب والأجانب – وكالعادة، سلَّمنا أمرنا لهم جميعًا! يا قوم، – بالإذن من السيد بهاء الحريري! – و"القوم" هنا أهل الإعلام والصحافة – كفاكم ضجة وضحكًا علينا! ورجاء من القلب: لا تأتوا بعد اليوم على ذكرى 14 آذار، لا سلبًا ولا إيجابًا. فهذا التاريخ – تحديدًا – جزء لا يتجزأ من مسرحية "التغيير" الخيالية التي يتسلَّى بها الغرب والشرق والشمال والجنوب. فلو كنتم حقًّا أهل فكر صادق، لعرفتم أنكم أكثرتم من التكرار والمبالغة والتهويل – كي لا أقول الكذب! لكَم تشبهون أهل السياسة – في ما تقولون وتكتبون وتحلِّلون وتستنكرون، وعلى ما تحزنون عليه وله تفرحون. صوتكم واحد – كأنكم من "وكر" واحد! كفى! فمَن يجوع من المزارعين والصنَّاع يجوع بلا أقلامكم وشفقتكم واعتراضاتكم، ومَن يفجَّر في شوارع الوطن يرحل عن الوطن بلا اتهاماتكم وتحليلاتكم المضجرة. وتعرفون أنكم لا تقدِّمون ولا تؤخرون في لعبة الخراب، بل تسعِّرون الجنون، وتعرفون أنكم لستم بين ضفتي المنطق الصادق السليم. وإنْ كنتم لا تعرفون، فنحن القراء نعرف: بتنا نعرف لون "ساحة الحرية" التي تبحرون فيها، ولونَ مقالاتكم حتى قبل أن تصدر كلَّ صباح! رجاءً، لا تساهموا في خراب المنطقة، مهما اشتدت الإغراءات المادية. فلا تسونامي وكاترينا سيغفلان عنكم، ولا قلب أمِّنا الأرض سيغفر. أما لبنان، – الأرض التي لوَّثها أبناؤها، والينابيع التي زرعوا فيها السموم النووية، والبحر المكب الكبير، – ففي صمت مطبَق: لا تهزه الاغتيالات، ولا جهل أبنائه، ولا تفجيرات مفرقعاتهم في الحزن وفي أعياد القديسين وغير القديسين! – لبنان، الذي ينام كلَّ ليلة على تفجير المفرقعات ويصحو على تفجير الناس، يقف صامتًا. فأبناؤه جميعًا يمسحون أيديهم الملوثة بردائه الناصع، ويتكلمون عن غيرتهم على "حريته" و"استقلاله" كلامًا فيه إرضاء لإمبراطور العالم الجديد، ولا يهمهم من أمره – سياسيون وغير سياسيين – إلا ما يسحبون من قلبه لجيوبهم وقصورهم وصفحات جرائدهم... كفى! فلن تغشُّوا الحق، ولن تخدعوا الوطن الجميل الذي قرف منكم، فصمت وانفصل – فلا هو منكم ولا أنتم منه! *** *** *** |
|
|