|
هشَـاشَـة
هل يمكن للحبِّ أن يخبو هكذا، فيصير كضوء باهت لا حياة فيه ولا روح – وقد كان بريقًا يلوِّن الكون بألف معنى ومعنى؟! هل يمكن للوجيب في الصدر أن يخفت، فيصير تواترًا بطيئًا، يجعل الإنسان في حالة متأرجحة بين الحياة والموت، – وقد كان يقرع كالطبل في قلب يمور بأنغام الحياة، – حتى ليخيَّل إليك أن صاحبه يضيق بالمكان والزمان، ويود لو ينطلق إلى أبعد نقطة في هذا الكون اللامتناهي؟! هل يمكن لعزف الروح التائقة إلى ولوج أبديتها أن يصمت؟! أهكذا – في لمحة بصر! – تغيم الأشكال، والصور، والرؤى – وقد كانت جليَّة، واضحة كالشمس؟! أم أن كلَّ ما تفيض به أحاسيسُنا في ومضة صفاء هو مجرد وهم خادع ما يلبث أن يتلاشى في غياهب كهوفنا المظلمة؟ أو أن التحليق الطويل في الأعالي يُبعِد الطيور عن مواطن أعشاشها، فتنسى أن على الأرض شجرة، وغصنًا، وعشًّا صغيرًا يحمل في حناياه دفء العالم كلِّه؟! أسئلة كثيرة طرحتُها على نفسي، وأنا أجالس زيادًا الذي كان يحكي لي أخبار رحلته الخائبة إلى بلد قريب بحثًا عن فرصة عمل. استمعت إليه من غير اهتمام، وأنا أحس بمئات الأميال تفصلني عن مكان جلوسه. جاءته أسئلتي باردةً كمشاعره: - لماذا لا تلتزم بعمل واحد في بلدك وتفكر جديًّا في الاستقرار؟ ألم يتعبك الترحال؟! ألم تتعب بعدُ، يا صديقي، من التحليق؟! متى ستنشدُّ قدماك إلى أرض الواقع، فتفكر جديًّا في إنشاء أسرة؟ تابعت، وأنا أتعمَّد استفزازه، دون أن أترك له مجالاً للرد: - ما أخبار مها هذه الأيام؟ ضحك كأنني أدغدغه. - أصبحت أحاديثنا على الهاتف مهاترات فقط! - مهاترات، يا صديقي؟! سألته، وعلامات أسى عميق تخيِّم على ملامحي. تابعت: - والحب يا زياد؟! – حبكما الذي كان يملأ حياتكما ألقًا – هل تبخِّر كحلم؟! أجاب، وهو يحاول أن يصبغ لهجته بلون جدٍّ مفتعل، مفاجئ: - هو البعد، يا عزيزتي، البعد... هل يمكن لك أن تتصوري الحالة؟ - لكنها قادمة، كما أخبرتَني سابقًا. ألا تستطيع تحمُّل عدة شهور أخرى لا تشكل شيئًا في عمر الزمن؟! قلت في ردة فعل سريعة. أجاب، وهو يبتعد بنظراته عن عينيَّ اللائمتين: - الحقيقة أن الأمر لم يعد يهمني كثيرًا. أنا ملتفت الآن إلى إصدار ديوان جديد، هيأت له أشعارًا في غاية الروعة. كما أنني أمضي أوقاتٍ كثيرة في المطالعة. أنا أطالع هذه الأيام بنهم، وأحس بمتعة ترفعني أحيانًا إلى السماء! ابتسمت في سرِّي: "عن أية أشعار تتحدث، يا صديقي؟! – وقد فقدتَ الموضوع والدافع. لا شك أن أشعارك خاوية كنفسك، ضائعة كروحك، متعثرة كقدميك. كفاك، يا صديقي! فمن يكذب على نفسه يكون قد خسرها للأبد. وأنت، يا زياد، وصلت إلى هذا الدرك!" شرد ذهني بعيدًا عن مجلسه. غاب صوتُه عن مسمعي تمامًا. لم أعد أرى إلا حركة شفتيه اللتين كانتا تغيبان عن نظري مرة، وتعودان إليه مرة أخرى. تتالت المشاهد الماضية على شاشة ذاكرتي حيَّة، نابضة. مشاهد ملكت عليَّ مشاعري، وفصلتْني عن جوٍّ لم يكن صحيًّا لإنسانيتي وأحلامي وأشواقي التي لا حدود لها. *** قال زياد، وهو يقدِّم صديقته إليَّ، في أثناء دعوة على الغداء: - مها، صديقتي التي حدثتُك عنها مطولاً. كانت عيناه تشعَّان منذ بداية الجلسة، وقد انعكس بريقهما على كلِّ شيء أمامنا على الطاولة: الصحون، الكؤوس، المزهرية الصغيرة التي تحتضن زهرتَي قرنفل حمراوين ولا أجمل! راح زياد يتحدث في مواضيع مختلفة. آراء النقاد في ديوانهما الأول المشترك، سر عنوان الديوان، المتعة التي أحسَّا بها وهما يتعاونان على صياغة كلِّ مقطوعة فيه، فرحتهما الكبرى بإخراجه إلى الوجود – كالولادة تمامًا. كان حديث زياد طليًّا. فهو واحد من الذين يجيدون هذا الفن تمامًا. ولقد شدتني طلاوته، ونقلتْني جُمَلُه ومفرداته الغريبة إلى عوالم من السحر والبخور، فظننت نفسي، لوهلة، أسير وسط غابات الهند البدائية، وعبقُ أشجارها السماويُّ العبير يتغلغل في خلايا دماغي فيسكرني، لأصل مترنحة إلى معابدها المترامية الأطراف، ثم أغرق عِبْر أروقتها السرية الموصلة إلى منحوتاتها القابعة أبدًا كصلة وَصْلٍ بين السماء والأرض، فأقف أمامها في زيٍّ شعبي وقدمين حافيتين، وأتمايل على أنغام الفرح النابع من أعماقي، ثم أجثو أمامها، فيغيب الزمن، وأغيب معه في لحظات انعتاق، لا يعرفها إلا مَن خاض التجربة. استمعت في تلك الجلسة ما طاب لي الاستماع. وعندما كان زياد يصمت، كانت مها تبادر إلى إكمال جملته، وكأنها تعرف ما يمكن له أن يقول. وحين تهرب منه عبارةٌ ما، كانت، كمارد فانوس علاء الدين السحري، تُحضِرها إليه من أعماق بحر الكلام الزاخر. رأيتهما أمامي طائرين متناغمين في شَدْوِهما الساحر. كان مرور الوقت ونحن معًا بعيدًا جدًّا عن إحساسنا به. قبل أن نفترق، أخبرتْني مها بعزمها على السفر إلى الخارج، حيث أسرتها المهاجرة، وأخبرني هو بعزمه على اللحاق بها بعد مدة قصيرة للبحث عن إمكان العمل هناك. قال وهو يطوق كتفيها بذراعه وينظر إلى وجهها في هيام: - أصبح وطني حيث تكون هذه الحبيبة! زارني زياد في مقرِّ عملي بعد يومين من سفر مها. كانت سحابةُ حزن كثيفة مخيمة فوق مساحة عينيه. راح يقرأ لي أشعارًا متفرقة لشعراء عانوا من ألم الفراق ولواعجه. صبَّرته بجُمَل مرحة في محاولة لطرد شبح الحزن من نفسه: - على رسلك، يا صديقي! سوف تحظى بلقائها ثانية بعد مدة قصيرة. فلِمَ هذا الأسى كله؟! اختبر الآن قدرتك على التحمُّل. أنت أهل لهذا من غير شك! راح يتحدث في حرارة شاعر متوقد: - نحن معًا منذ أربع سنين. لقد اعتدت على وجودها في حياتي. أصبحت مها في نظري كالهواء الذي أستنشقه، كالحلم الذي يمنحني المقدرة على العيش. لا أتصور نفسي من غيرها! هل تعرفين؟ إنني أحس بوجودها إلى جانبي أينما كنت، وأمد يدي أبحث في الفراغ عن يدها الغائبة. وفي الليل، يهجرني النوم وأنا في سريري الفارغ، ويلوح خيالها يملأ عليَّ أرجاء البيت، فأسمع وقع خطواتها وهي مقبلة صوب غرفتي، ثم أرى ضوء ابتسامتها ينير الظلام من حولي. هل تصدِّقين؟ طوال اليومين الفائتين وأنا أصغي إلى كلماتها تشير عليَّ بفعل كذا، وتنهاني عن فعل ذاك، وتجيب عن أسئلتي الكثيرة. أسأل نفسي: أين الكبريت؟ فيرن في أذني جوابها. أذهب، لأجد الكبريت حيث قالت. وعندما أجلس إلى الطاولة لأتناول طعامي، تذكِّرني بصوتها العذب أني نسيت صحن الخضار، أو الخبز، أو علبة الملح! لا يمكن لك، يا عزيزتي، أن تتخيَّلي هذه المواحدة الكلِّية بيننا! إننا في الحقيقة روح تسكن جسدين – ولا يمكن لنا أن نكون إلا هكذا! كنت، بطبيعتي الرومانسية، أطرب للقصص التي يرويها زياد، فينفتح صدري، وتدمع عيناي أحيانًا، ويفيض في داخلي شعورٌ بالغبطة وأنا أردِّد: "مادام هناك أناس يحبون إلى هذه الدرجة فالعالم مازال بخير!" بقي زياد شهرًا بعد رحيل مها وهو على هذه الحال. ولقد اتفق لي أن أراه عدة مرات. وفي كلِّ مرة كنت أحس به متأججًا، ملتاعًا، كما عهدته في أثناء جلستنا في المطعم. كان، كما قال لي مرة، "يعد الأيام والليالي" في انتظار اللحظة التي سيترك فيها كلَّ شيء ويطير إلى بلد المحبوبة. وطار زياد أخيرًا. ترك عمله، وبيته، وأصدقاءه، وأهله المقيمين في مدينة أخرى، ورحل. لم أسمع عنه شيئًا طوال ثلاثة أشهر. ذات يوم، كانت السماء فيه تفيض بما عندها من خير على الأرض المتعطشة دومًا إلى العطاء الكوني، أطلَّ وجه زياد في سماء غرفة عملي كشمس منسرقة من بين الغيوم الرمادية، وقد تركتْ غيمةٌ صغيرةٌ على جبهتها عُصابةً ضبابية حزينة. هتفتُ مستغربةً من وقع المفاجأة: - أهلاً زياد! ماذا تفعل هنا يا رجل؟ أين مها؟! ولذت بالصمت برهة، وأنا أنظر إليه، مستطلعةً حاله في قلق شديد. بدا مهمومًا وهو يجلس أمامي، وينظر إليَّ بعينين منطفئتين. وراح صوته يخرج من حنجرته واجفًا، مترددًا: - لم أستطع البقاء هناك... أحسست أني مقتلَع من جذوري... ثم ماذا سأعمل هناك؟ عامل بار! منظِّف صحون! صبيًّا في محطة وقود! ماذا سأعمل في بلاد تعبد الدولار؟! كيف سأسرق وقتًا لكتابة الشعر؟ أنا شاعر، يا صديقتي... شاعر لا يتنفس إلا بين السطور! قاطعته في لهفة: - ومها؟! تكاثفت سحبُ الأحزان في عمق عينيه الشهلاوين، وشرد بفكره بعيدًا: - لا أدري! لم أدرِ إلا وقدماي تسوقانني إلى طريق العودة. قال هذا، وصمت يفكر. جهدت لكي أنتشله من بحر أحزانه وخيبته، فقلت في لهجة واثقة: - لا شك أنكما اتفقتما على قرار ما... لا بدَّ أن هذا قد حصل، أليس كذلك؟ استقرتْ نظراتُه القلقة على وجهي، وحاول أن يودِع في لهجته شعاعَ أمل كي يريحني: - ستأتي قريبًا... بعد أربعة أشهر، على الأكثر... لن تغادر مرة أخرى، وسنتزوج هنا. على أمل عودة مها، عاش زياد يكتب الشعر والرسائل الجياشة بعاطفة من غير حدود. قال لي مرة: - هل تعرفين بماذا أحس عندما أرى أطفالاً أمامي؟ أحس بأني لا يمكن أن أنجب إلا من مها. وحدها مها قادرة على أن تهبني كلَّ جميل في هذا الكون! هي أهلي، وبيتي، وموطني. هي مَن تستطيع أن تكون أنا، ومَن تستطيع أن تجعلني هي. وحدها مها المشارِكة والخالقة في آن معًا. في تلك اللحظات كنت أحس بصدق عواطفه يفعل في نفسي فعل الخمر المعتَّقة في الحواس، فأصغي إليه بقلبي المفتوح على الكون بأسره. عندما التقيت زيادًا بعد مدة في أحد شوارع المدينة، كانت برفقته فتاة جميلة، قدمها إليَّ، وعلى وجهه علاماتُ ارتباك جَهِدَ في إخفائها: - صديقتي رشا. بعد ابتسامة الترحيب، نسيت وجود الفتاة أمامي، ورحت أسأل زيادًا عن أحواله، وعن أخبار مها. أخبرني أنه ترك عمله إلى عمل آخر يظنه الأفضل. وعندما لحظ علامات الدهشة على وجهي، استغرق في شرحٍ لم أنتبه إلى معظم كلماته. فما وصلني منه لم يكن كافيًا لإقناعي أو لمحو دهشتي. - المكان الضيق... الحصر... الالتزام... المسؤولية... فكري، في الحقيقة، كان يسرح وراء الكلمات المسموعة إلى المعاني التي تستوقف النفس والعقل معًا، لتطرح عليهما سؤالاً واحدًا، وإنْ في صيغ متعددة: "حتَّام سيظل هذا الكائن الماثل أمامي محلقًا في الفراغ؟ متى سترسو قدماه على أرض صلبة تقيه فقدان التوازن؟" - ومها، يا زياد، ألا تقلقها حالُك هذه؟ سألته، وعيناي تسترقان النظر، عن قصد، إلى صديقته الواقفة بجانبه. أمسك بيدي، ودفعني بلطف بعيدًا عن المكان. همس في بحة صوت حبيس: - أنا بَشَر... كائن حي... أشتاق إلى الشعور بالحياة، الحياة الفعلية. أحن إلى رائحة جسد... أنفاس جسد... القحط يأكل كياني... البُعد يقتل خلاياي الحية، فأحس بنفسي جثة ميتة تزحف صوب المقابر! أشحت بوجهي، كأنني لم أكن أرى أو أسمع أحدًا، ولزمت صمتًا طفحتْ عيناي بعكسه. فجأة رأيتُني أبتعد، كأنني أهرب من مشهد أثار فيَّ الذعر. بعد أسبوع، كان زياد يزورني في مقرِّ عملي، وقد احمرَّت عيناه احمرارًا واضحًا. بادرني بالقول: - مها وحدها الآن. إنها تعاني آلامًا شديدة. يجب أن أكون إلى جانبها! وانكسر بصره حتى لامس أرض الغرفة. أردف في حزن: - توفي أبوها منذ يومين! فتحتُ عينيَّ على اتساعهما، وهببت واقفة، ثم جلست: - ما العمل؟ قلت بصوت خافت. - لا أدري! سأحاول أن أكون إلى جانبها. سأحاول أن أسافر مرة أخرى. لن أتركها تعاني الآلام وحدها... لن يحصل هذا أبدًا! وخرج مسرعًا كأنه سمع فجأة مَن ينادي عليه في الخارج، وتركني في ذهول! عندما اتصل بي هاتفيًّا، بعد مدة، علمت منه أنه لم يحصل على سِمَة الخروج. ثم قال، فجأة، بلهجة حانقة وعاتبة، من غير أن أطرح عليه أيَّ سؤال: - أتظنين أن إحداهن – أعني الصديقات اللواتي أخرج معهن لتجزية الوقت – تستطيع أن تحلَّ، ولو للحظة، محلَّ مها؟! يا عزيزتي، مها من طينة أخرى، من نوع آخر... لا يوجد له مثيل في هذا الزمن. سألته في فتور: - وإذن فما الذي ستفعله الآن، يا زياد؟! صمت قليلاً، ثم قال في لهجة راحت تميل إلى الهدوء والحياد: - سأنتظر، يا عزيزتي، سأنتظر... موت والدها، ولا شك، سيمنعها من الحضور في الوقت الذي حددناه سابقًا. هي الآن لا تستطيع ترك أمها وحدها. ربما يتأخر قدومها حتى العام المقبل. وعاد إلى الصمت مرة أخرى، ثم قال في لهجة تنم عن لامبالاة واضحة: - أنا، على كلِّ حال، لم أعد أفكر في هذا الأمر كثيرًا. لقد تعبت... تعبت. أذهلني، كعادته في كلِّ مرة. حدثني أحد أصدقائه مرة – وكان في بيته مع آخرين – عن يوم جاءه فيه صوتُ مها عبر أسلاك الهاتف تعاتبه على قلة الاتصال. قال الصديق: "تذرَّع زياد بألف حجة غير مقنعة، ثم راح وجهه يعبق بحمرة خفيفة، ثم – في ثوانٍ – كان اللون ينسرق منه فيميل إلى الشحوب. فجأة راح يقول: "أحبك... أحبك... أحبك..." ووصلنا صوت مها على الخط الآخر هادرًا: "قُلْها أمام الجميع بصوت عال!" فراح يدور وهو يصيح: "أحبك... أحبك... أحبك..." ظل يردِّد الكلمة أمام عيوننا المليئة بالدهشة، حتى سقط على الأرض في شبه إغماءة. أعاد أحدنا السماعة إلى مكانها، ورحنا نرفعه إلى الأريكة، ونرشه بالماء، حتى استعاد تمام وعيه. وفي لمحة، وضع يديه على وجهه، وراح يبكي كطفل!" *** لم ألتقِ زيادًا بعد ذلك إلا يوم عاد من رحلته الخائبة إلى ذلك البلد المجاور، ذلك اليوم الذي جلس فيه أمامي دون أن أراه، وتحدث إليَّ دون أن أسمعه. كنت منشغلة بما يحدث جَوَّاي، وبما استطعت أن ألملمه من ذكريات لي مع ذلك الطائر المحلق. أذكر أني، بعد أن غادرني، وقد أحس بفتور اللقاء، رحت أتخيلني – كي لا أصاب بالإحباط الكلِّي – أمسك بيدي، في وضح النهار، مصباح ذلك الفيلسوف اليوناني القديم، وأبحث في عيون المارِّين أمامي عن جواب لسؤال بات صعبًا وإشكاليًّا في زمننا هذا: - هل يستطيع أحد أن يجعل من حبِّه منارة لحياته كلِّها، فلا يتيه في غياهب العدم وفقدان التوازن؟ وفي الحقيقة، مازلت، حتى هذه اللحظة، أمسك المصباح وأبحث عن جواب! 16/ 5/ 2005 *** *** *** تنضيد: نسرين أحمد |
|
|