قصيدتان

ناديا تويني

 

محفوظات عاطفية من أجل حرب في لبنان*

VII

الليل، أقصى الليل يخترقنا

متعجرفًا مثل الصيف.

حينئذٍ يمضغنا الزمان.

شمس، أيتها الشمس

المنطفئة بماء الذكرى،

حين ينقطع سكون الأيام.

من خطِّ الطول إلى الأفق

السماءُ دمعة في اليد

لكن العصافير جميعًا تعبق بعطر الخوف

وترحل.

ولد يفكِّك درب التبانة

وسرعان ما يسود سلام الدم في الحدائق.

أشخاص يملكون عيونًا ينبوعية

الأشجار تنكَّرت لأغصانها

مثل شتاء.

 

في فَمِ المدن الأسود

يدقُّ جرس الورود.

مات الوطن من جمالٍ

مقتول بانفجار ضحكة.

قذيفة في الأرض ثقبت ابتسامة.

VIII

تَقاتَلنا

من أجل لذة تعلُّم

غرور الموت

 

فُتات هواء،

وهدوء الأصباح الضئيل

بين قطعتي المدينة

"معارك ضارية"

"وساطات جديدة"

"أوطان معنية"

يُعاقِب إسفلت الطرقات سنواتنا العشرين

التي تمضي من الأمل إلى العنف،

تمامًا كما في الماضي

مراهقاتُنا.

الفريق الآخر (هل نستطيع اختيار جنوننا؟)

ينزف بألف زهرة.

نطلق الرصاص على فكرة ونقتل رجلاً.

دائمًا قرمزية اللون هي قوة الكلمات،

وأقوى على القتل من الحركة.

الذين يعيشون في شمس الكلمة،

وعلى حصان محمَّل بالشعارات،

هؤلاء،

يكسرون زجاج العالم.

 

سوء تفاهم**

الفجر ساعة سوء التفاهم

الحياة تقع من النافذة

والصمت يتَّخذ شكل جسدك.

ثمة أثر لجمالية فوق الضوء.

لم أعد ألتقي أحدًا

حتى الموت، وحدها ساعة الحائط،

هل هو مكان حائر بين الظلِّ والنار؟

ثم كان لديَّ على لساني بلدٌ عقلاني

من ألف شيء يُقال ويُردَّد:

لماذا نعطي جوابًا إلى الورود؟

في سهل الصين حصان طويل

تجعله الريح يتكاثر بالضجيج والألوان

مثل رجل يبحث

ويجد النوم في مقبرة الموتى الجماعية.

أيتها القيامة الحنون أحيانًا مثل الصباح أو الخوف.

لن نعيد ترتيب الأرض التي نستهلك

اللذة أولاً والباقي وسط

أفواه قرنية وأولاد مسنَّنون

يجففون أجسادهم في الشمس.

ضاعَفوا الجوع، روَّضوا الجدران

ولينظر إلينا الربُّ حين نمرُّ من فوق شجرة.

بين الموت وبيني لم يعد هناك من شتاء

في المطر الأول ذابت العصافير.

لديَّ ما يشبه ذاكرة تلك الحروب الضائعة

والمتَّسعة للسرِّ والبرد.

 

بين الموت وبيني لم يعد هناك من غياب

وسأسمع طويلاً

ضجيج الدم الهادئ ما بعد الخيبة.

لم أعد ألتقي أحدًا

ذراع فتاة فوق غصن تتحرك أيضًا بفعل الهواء المقابل.

جدول المياه وكلبه ينامان في الكلمة.

إلى الذي لم يعد يملك إلاَّ العين الضالَّة في الحديقة

نقول ربيع الحنان.

أنْدَهُ الأشجار والنساء

أنا سنة الورود السابعة

التي تتبع المحيط في صراعه الأخويِّ ضد البحر

لأنه لم يعد من مساحة بين الفصول.

ساعدوني كي أتخطَّى العيون

أنتم الذين كسرتم خبز المستقبل

ومثل القارات تنحرف الذكرى

وتصرُّ المرايا حيث نضع أفواهنا

على أن تجد دليلاً على حركيَّتها.

متى إذًا سيستيقظ ضباب الروائح

وكلُّ الأجساد الفسيفسائية المخلصة لتعظِّمها؟

 

أيتها القيامة الحنون

أقسى قطرات الندى تقصم ظهورنا

وتهدم جسدًا بمرورها.

ألف وألف صخرة تسرق منَّا المشهد:

واحد من أحمر وعَرَق كان ليكفي

مثل سفينة قديمة.

سأغتصب الرمل حتى في لونه

ليكون طفلاً شبيهًا.

إنه العالم من الجانب الآخر الذي يختمر

وأيضًا الشمس العتيقة.

أيتها الأرض، أرض الحنين والأحزان،

هناك القمر يستمر

إنه وقت للتاريخ للكتابة

وقت الآخرين وقت الذباب الغاضب

مع قنديل منحرف

وعارٍ في ضوئه.

 

أنْدَهُ إلى القتال تحت القمر

(إنه القمر عينه المذكور من قبل)

إنه الاعتدال الأبيض في الظهيرة الأقصر.

الصمت جديد كلَّ يوم

والعلبة التي تنفتح عالم فارغ.

هناك ألغاز من الريش تطير

هناك صباح ينكسر كلَّ يوم [...].

*** *** ***


* من مجموعة محفوظات عاطفية من أجل حرب في لبنان، بترجمة ك.م.

** مقطع من قصيدة "سوء تفاهم" من كتاب قصائد من أجل تاريخ، بترجمة أنسي الحاج وهنري فريد صعب.

 

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

Editorial

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال يوسف وديمة عبّود