|
قطعة
شمس قصائد
منتقاة
فاروق
مردم بك
مزامير
جزائرية الجذور
أحسستُ
أن ساعدي معولُ غاصَ في الأرضِ على الجذورْ يأكلُ من لحمِها ما يأكلُ أحسستُ أني أحملُ ألفًا من السنين فوقَ كاهلي وأن لعنةَ الزمانِ تستحيلُ شجرًا يظلِّلُ القبورْ الحبُّ في عينيَّ جدولُ والكونُ جنحُ طائرٍ وسنبلُ أحسستُ أن في دمي آلهةً لا تقتلُ وأن لي في كلَّ الرياحِ
الساقياتِ هيكلُ أحسستُ أنِّي بذرةُ النسورْ والغارُ حولي يُجدَلُ أميلُ أسألُ الجذورَ الحمرَ ما لا يُسألُ * قصيدة
الدم الدمُ... يتسلسلُ في الوادي الأبيضْ كقطارِ الأحزانْ شفتاهُ برعمُ زنبقةٍ آهٍ من موعدِ نيسانْ الدمُ... يتسلسلُ في الوادي الأبيضْ بيديهِ طفلٌ تُفتحُ أعينُه الشُّهلُ وتغصُّ فوق سريرٍ عانْ ويكادُ يلمُّ الأحلامَ وينهضْ الدمُ... *** الأرض
والبشر 1962-1963 حوار
شدَّ
حبالَه وقالْ لن تطيرْ ما أنتَ إلا جنحُ عصفورٍ كسيرْ رفرفَ على كفِّي واحذرْ يا صغيرْ حَبَسَني في قمقمٍ وقالْ سوف تسعدُ في بيتكَ الجميلْ باسمَ المنى ممجدُ... الكونُ أسودُ وماذا فليظلَّ أسود أسكَنَني في قفصٍ منمنمٍ من خزفِ وقال لي لعل تطفئُ اللَّظى بالترفِ معلَّقًا على الجدارِ دميةً في متحفِ نفضتُ كفَّهُ وقلتُ دعني أمدُّ في عصفِ الرياحِ لحني للظلمةِ العطشى مغنٍّ ولأبراد الضُّحى مغني أسكتَني فثُرْتُ شامخَ الجبينْ واخترتُ دربَ الحبِّ والغربةِ والحنينْ عندي ما أقولُهُ لأني حزينْ * سذاجة
أنا
لستُ أعرفُ كيف تندرسُ المنائرُ وتنتفُ البحرَ السباعُ أو كيف يختنقُ الشراعُ وبحارُه الهوجاءُ فنجانٌ صغيرْ الكونُ غادرْ الحظُّ عاثرْ أنا لست أعرفُ كيف يُخترَعُ
الضياعُ ويُصادُ من تحت الأظافرْ أو كيف تنحدرُ النجومُ إلى
المقابرْ ربداءَ صاخبةَ الهديرْ أنا شاعرٌ "طفلٌ" بسيطْ أهوى وأعرفُ أني أهوى وأن الشمسَ إن هرمتْ وصارت قاتمةْ وقعتْ وراءَ الأفقِ يبلعُها
المحيطْ وتنفستْ في الجوِّ شمسٌ باسمةْ * الصبي
الشقي قبعتي في لونِ التربِ وحذائي مزرعةُ العشبِ وقميصي من ورقِ الشجرةْ ها أنذا أعتصرُ ضرعَ البقرةْ أكتبُ بالنارِ اسمي أبصقُ وأسبُّ وأنتهرُ وإذا طلعَ القمرُ قبَّلتُ ابنةَ عمِّي ها أنذا كالريحِ مشاكسْ لا أخضعُ لا أركعُ لا ترضيني امرأةٌ عانسْ لا يستهويني الأعورُ والأقرعُ أنا أعشقُ بُحَّةَ نايْ تروي ما يشغلُها أعشقُ أكوابَ الشايْ والبنتُ الحلوةُ تحملُها أعشقُ شمسًا أمنحُها أشعاري وأدلِّلها أعشقُ قبَّرةً حسناءْ ومساكبَ أزهارٍ وغديرْ يصدحُ بالأنغامِ صباحَ مساءْ يجدلُ الماءْ ويسيرُ ويعرفُ أين يسيرْ ها أنذا ألمسُ في صدري جرحًا أحرثُ أسقي أحصدُ قمحًا أخبزُ في التنورِ رغيفَ الخبزِ وهناك يتمتمُ شيخٌ في حسرةْ ويروحُ إلى حفرةْ ليفتشَ فيها عن كنزٍ ناطورُ البستانِ عجوزٌ أحمقْ يحيا في بيتٍ من طينِ يضربني يرميني يحبسني في جبٍّ مغلقْ لكني أهزأ بالحبسِ وأعودُ لألعبَ في الشمسِ ها أنذا أتسلقُ أشواكَ
السُّورِ أقفزُ كالقطةِ أو أكثرْ وعلى حائطِ بيت الناطورِ أكتبُ شعري بالطبشورِ الأخضرْ * بكاء
أنا
لم أبكِ لأحزانِ أميرٍ هجرتْه العاشقةْ كان يستجدي الدموعا يشعلُ الدنيا شموعا لتعودَ العاشقةْ أنا لم أبكِ لنواحِ الشوارعْ إذ تراموا في المقاهي حجرًا قرب حجرْ وجهُهُمْ في زحمةِ الألوانِ ضائعْ جيبُهم ملآنُ ضيقًا وضياعًا
وضجرْ إنه جيلُ القدرْ إنما جاءَ إلى الشبَّاكِ طائرْ راعفُ الجنحين حائرْ فمسحتُ الدمَ عنه وابتعدتُ ثم أرخيتُ الستائرْ وبكيتُ *** أوراق
من المفكرة 1. إلى طاغية قصرُكَ العالي إذا عددتُ
أهليهِ لم أجدْ خلفَ الستارِ
المتبرِّجْ غير حاوٍ يُخرِجُ الشفراتِ من
فيهِ ومهرِّجْ 2. الصوت الصوتْ يروي الأذنا يطوي الزمنا يكسرُ حاصدةَ الموتْ 3. إنسان الكونُ يتمتمُ في حنانْ أزرعُ في الأجواءِ حدائقْ أن الإنسانْ أعظم خالقْ 4.
ذكريات أعوامي الضائعاتُ في الزمنِ تلمعُ مثل الأصدافِ تحت الماءْ وذكرياتي صبيةٌ حسناءْ تمرُّ من جانبي وتغمزني 5. الضوء الضوءُ يصنعُ النهارْ إن نَثَرَ الدفءَ وأشعلَ الجوى والضوءُ يقتلُ النهارْ إن أسبلَ الجفنين وانطوى 6. أقوال قال بومٌ لأخيهْ والمدى عطرُ خزامْ أقبلَ الفجرُ السفيهْ فلماذا لا ننامْ؟ 7. فلُّ
الليل حين لبسَتِ الدنيا ثوبًا أسودْ وأُقيمتْ للمتعةِ زفَّةْ صارَ الكلبُ إلهًا يُعبَدْ والدبُّ مثالاً للخفةْ *** قطعة
شمس الشمسُ
تدورُ على مَهَلْ الشمسُ تعبِّئ في القُلَلِ أقراصًا من عسلْ العالمُ لم يهرمْ بعدُ فلنهزأ باليأسْ وغدًا سوف نقومُ ونعدو حتى نصبحَ قطعةَ شمسْ *** الآخرون
تسيرون
مثل قطيع الخراف -
إلى أين؟ -
لم ندرِ يومًا
ولكن نسيرْ لرائحةِ الحشدِ نتنٌ كثيرْ وفي مقلتيهِ أمانٍ عجافْ حذاءٌ لبنتٍ رداءٌ لأختٍ ورطلٌ من العنبَ الحلو صنعُ إلهٍ قديرْ وخبزٌ كفافْ تقولون لي نحن قومٌ غلاظٌ كريهونْ تقولون لي لو أُطْفِئَتْ في الوجوهِ العيونْ تقولون لي نحن لا نستحقُ سوى البغض منك فابغضْ ولكنْ على الحشدِ أبصرتُ برقًا أطلَّ ومضى يمدُّ يديه إليكمْ نظيفَ العباءةِ أبيضَ أحبَّكم في حنانٍ على الرغمِ منكمْ *** طفولة
-
ما زلتَ
طفلاً يا بنيَّ لا
تعرفُ البشرَ -
لا بأس يا جدي سأقضي
العمرَ في طفولةٍ لا
تعرفُ البشرَ *** القطار
على
الطريقِ يزحفُ القطارْ دخانُه الأسودُ موجةٌ بلا قرارْ على الطريقِ يزحفُ القطارْ شبَّاكُه مفتحُ العينين الغاباتُ والوديانُ والسهولُ القمرُ العاشقُ شرفة وحسناءٌ خجول على الطريقِ يزحفُ القطارْ يسرعُ أو يبطئُ أو يزعقُ في
جنونْ كما يريدُ الراكبونْ على الطريقِ يزحفُ القطارْ صُلبًا على سكَّتِه ولا يحيدُ يضحكُ للأنفاقِ والجسورْ من بعيد على الطريق يزحف الـ... -
ماذا
على الرصيف قرب
ذلك الجدار؟ -
محطة
يا سيدي أجل أجل هذه محطةُ القطارْ أوَّاهِ للقطارْ لا بدَّ من محطةٍ للقطارْ *** حين نبلغ
العشرين 1962-1964 عرض
لأحداث صباح غير عادي أفقتُ
والشمسُ تدقُّ البابْ وفاحَ في الغرفةِ عطرٌ حزينْ وأقبلَ الأحبابْ واشتعلُ الحنينُ في صوتي وقمتُ أحدو عرباتِ السنينْ ولُذْتُ بالطبيعةِ الحلوةْ ثم دعوتُها إلى بيتي لنحتسي شيئًا من القهوةْ * في
الظهيرة أصدقائي الأرضُ بنتٌ صغيرةْ لها وجهٌ وادعٌ وضفيرةْ ورداءٌ مرفوفٌ في الهواءْ أصدقائي الشمسُ ديكٌ مذهَّبْ ينقرُ الأرضَ في حنانٍ ويلعبْ ثم تحدوهُ رغبةٌ في الغناءْ فيغني أوَّاهِ يا أصدقائي أشتهي أن أكونَ شمسًا صغيرةْ * النار
الخضراء في
الليلِ أعلِّقُ في قلبي نارًا خضراءْ وأجمعُ
أعوامي العشرين على شفتَيَّ في الليلِ يهلُّ الحبُّ عليَّ وأرى الدنيا امرأةً شقراءْ فأقبِّلُها وأبادلُها النجوى مثل العشاقِ وأطعمُها بيديَّ قطعَ الحلوى *** حين
نبلغ العشرين يختبئُ
الشِّعرُ من اليأسِ في غرفة باردةْ يردِّدُ الحماقةَ الخالدةْ وتصمتُ الأشياءْ لكنها تُفصِحُ عمَّا تريدْ مثل مغنٍّ شريدْ يلهو مع الشمسِ حين نجوزُ الريحَ والضوضاءْ ونبلغ العشرينْ لن تدفنوا قصائدي في الطينْ يا شعراءَ القلقْ يا أوجهًا مصنوعةً بالورقِ الأصفرِ والصمغِ شعري قطارٌ مُقبلٌ من بعيدْ مدخِّنًا في نزقْ لفائفَ التبغِ *** أربع
قصائد 1. مثل صيَّادٍ جسورْ يرشفُ الشايَ
بجانبِ المدفأةْ وعلى الحائطِ
آلافُ الطيورْ جلستْ ذاتَ
مساءْ امرأةٌ كان قلبي
ضائعًا بين الدماءْ 2. ونساءُ مدينتِا بحرٌ أسمرُ يتموَّجُ في
الصيفِ الدافئِ والعصفورُ
الأغبرُ يسرقُ أوكارُ
النحلِّ وأظلُّ على
الشاطئِ أدفنُ قلبيَ
في الرملِ 3. وخَطَرْنَ قربي وعَجِبْنَ من
صمتيَ المريرِ وهَزِئْنَ من
حزني وحبِّي وجَلَبْنَ
إسكافًا مجرِّبْ وصَنَعْنَ من
قلبي الصغيرِ خُفًّا
مقصَّبْ 4. يترامى في الفضاء مئزرُ الحبِّ
الموشَّى بالحليِّ والنساءْ شرفةٌ قانيةْ آه يا نارًا من
العشبِ الطريِّ والقلوبِ
القاسيةْ *** بين
الصدى والطيوف وحين
أموتُ ويُلقى عليَّ الترابْ سأنهضُ بين الصَّدى والطيوفْ وأصبحُ صفصافةً باسقةْ يكلِّلُ رأسِيَ السَّحابْ ويأكلُ من قدمي خروفْ وسوف أطلُّ على هضبةٍ شاهقةْ وأنشرُ ظلاً في الأفقِ رحبا لتأتيَني امرأةٌ عاشقةْ فترسمُ فوقَ جبيني قلبا وتكتبُ بعض حروفْ. *** عالم
تسبحُ
ترقصُ تلطمُ تيارَ الماءْ تبكي تتبسَّمُ صاخبةَ الحركةْ تعكسُ كالمرآةِ اللآلئَ وتقطعُ خيطانَ الشبكةْ. تطربُ للشمسِ وتهتزُّ وتسكرْ تغنجُ في مخدعِها مثل الملكةْ وتقبِّل في القعرِ العشبَ
الأخضرْ. في البحرِ المائجِ والنهرِ
وآنيةِ الماءْ هذا العالمُ سمكةٌ بيضاءْ. *** *** *** |
|
|