مادمتُ شابًّا..
د.
مازن أكثم سليمان
مادمتُ شابًّا
بطَبعةٍ مُتهوِّرة
وقِرانٍ مَعقود على الحَرارة
وقتي شاسعٌ لأبدِّدَ أسئلتي مَراحِبَ على الأشجار
طُموحاتي وديعةُ الضّوء في عينيَّ الغائرتيْن كجُبٍّ مَردوم
ولَعِي بالتَّفاصيل ساقا طفلٍ ازرقَّتا من كدمات اللَّعِب
وعُمري مَنقوشٌ على حبَّة أرزّ في مهبِّ الرِّيح.
يدي تشيخُ وهيَ في
يدي
رُوحي تبحَثُ عن مَعالمِها تحتَ كومة قشٍّ تُخفي آلةَ الحُبِّ الحادَّة
كوكبٌ ينخفِضُ ليُقوِّيَ النَّارَ تحتَ طبخةِ الألغاز
وعُصفورٌ يصطدمُ بعمود البثِّ المُتوهَّم في أوهامي.
مادمتُ بهيَّ
الطَّلعةِ المُوسيقيَّة
مُثابِرًا على تجميل المطر بالمواعيد
سأُنصِّفُ المسافةَ بينَ اللِّقاء والوداع
بكارثةٍ مُذهلة
كفراشةٍ تخرجُ من شرنقة
سأُخطِّطُ لأشياءَ لنْ أفهَمَها أبدًا
لأفخاخٍ قد تَفِي بالفُنونِ المُقطَّرة من شعبٍ خُرافيٍّ
وأيَّامٍ يُمكِنُ أنْ تؤجِّلَ سفَرَها إلى طائرة الأُسبوع القادم.
... سأبذلُ قُصارى
حُزني كي أرقص
ولنْ أعترِفَ أنَّني لستُ طويلاً بما يكفي لأعتمِرَ الغيمةَ قُبَّعة
ولا سريعًا بما يكفي لأعقِلَ المدينةَ شاةً
لكنَّ صدري يحتفِظُ كالعاشقِ بالملابس الدَّاخليَّة للنَّجمة
وفي صوتي المُجاورِ للسَّاحات مَخاطِرُ لمقهىً جديد
لارتداءِ المساءِ الدَّافيء قُفّازيْن في شتاء العالَم
وتذويق نهايات أرديتي بالبَحر
ليسَ لندائي حدٌّ
سوى نداءٍ آخر يُتابِعُ جَرْيَهُ بحياتي كالشُّعلةِ الأولمبيَّة
وحالَما تتقافَزُ السَّناجبُ من ياقة قميصي
سيعلَمُ الجميعُ أنَّني سرقتُ غابةً لأجلِكِ.
مادمتُ شابًّا
تُغريهِ التفافاتُ الأزقّة
وتتحدَّى اقتراحاتُ الجُسورِ خَيالَهُ
سأصنعُ منَ المَصاطبِ مَهبطًا آمنًا للفجر
ومنَ النوافذِ حقلاً لباكورةِ الغناء
سأعبرُ المجهولَ حِصانًا لا يربَحُ الرِّهانَ مُطلقًا
وأستسلِمُ نشوانَ للّيلِ يجبي السَّهرَ كالمُتصرِّفِ من تحتِ أجفاني
قاطِعًا أنفاقَ الجَمالِ بينَ القصائدِ والحدائقِ باتّجاهيْن
أجمَعُ ما أشاءُ منَ الأنهارِ والأطايبِ والأسرار
من دونِ أنْ أُخَلِّفَ أثَرًا
/مَوجودًا أنَّى يحلو لأنا القرُنفلِ
أنْ يجيشَ هوىً في قُدورِ البدائيِّينَ/.
... مادمتُ عجوزًا..
بعينٍ على النَّهدِ
وعينٍ على الفَناءِ
أعيشُ الحياةَ بحجمِ خَزْعةٍ منْ قوسِ قُزَح
لديَّ مايرفَعُ الحبرَ
إلى مَرتبةِ السَّفينة المُمعِنة في الغِياب
حيثُ يُدرِكُ مارِدُ العَجزِ فأْلَهُ
فتطمئنُّ الرُّؤى إلى مَفاتنها الفِطريَّة:
(لا فرقَ بينَ مَشاعرِ الأُنثى
ومَشاعرِ الوَردة
بينَ ذاكرةِ العازف
وذاكرةِ القيثارة
بينَ الغرَق في دمعةِ التّمنِّي
والغرَق في مُحيطِ النَّدم).
مادمتُ شابًّا..
أو مادمتُ عَجوزًا شابًّا؛
تُغادرُني المَصالِحُ العقاريَّة منْ بابِ المَجازِ الوراثيِّ
تغرسُني الرِّياحُ مِسمارًا في لحمٍ مُقدَّد حوافِزَ
مَوفورَ المُكعَّباتِ الثَّلجيَّة
مُحتجًّا بالكُحولِ
نصفُ خُطواتي تتآمَرُ على نصفِها الآخَر
أُمسِّدُ النَّعشَ بلسَمًا فوقَ سواعدِ المُشيِّعين
وأستبيحُ المَعنى
فأصِفُ نفْسي بما تتطلَّبُهُ دوراتُ الحَنين الدَّؤوب:
(أنا الفئةُ العُمريَّةُ التي ينتمي إليها جَمالُ كُلِّ مرَّة)
...
...
لنْ تُسرِجَ وسادةٌ رأسي
/... مَقطوعًا ومُتدحرجًا في طيَّاتِ الهواء
وعندما يقنصُهُ التَّعبُ ويسقط
ففي وادٍ يفتَحُ ذراعيْهِ للمُستحيل
حيثُ الهَواجِسُ والألوانُ والرَّوائحُ
ظِباءٌ كامِنة للحُبِّ/.
...
...
لنْ تُروِّضَني اليوميَّاتُ
وإنْ كنتُ نديمَها المُغامِر
قدَري نافِرٌ غدرًا
هوَ قَصاصُ الرَّغباتِ منْ حِيادِ الفُصول
وقسَمِي ألّا يسأمَ الكونُ صُحبَتي.
...
...
لا يجلسُ الحُلْمُ
على
كُرسيٍّ
واحدٍ
في
قلبي
بلْ على كامِلِ طَقمِ الكراسي.
*** *** ***