أزقةُ المشيبِ
عبدالمطلب عبدالله
عبدالمطلب عبدالله شاعر صاعد، بالإضافة الى الشعر يكتب دراسات نقدية
معاصرة، له دواوين شعرية عديدة، يميل إلى كتابة الشعر بأسلوب فيه نوع
من السهولة الفنية، يحاول أن يوظف في قصائده صور المطر والماء في حالة
من الحركة، كالأرض في زلزلتها والبحر في تموجاته والسماء في بروقها.
إنه يخلق نوعًا من المعادل الموضوعي في التوازن بين حقائق الماء والمطر
ووجدانه، ليضيف جمالاً شعريًا و طقسًا تأمليًا. وبما أنه يكتب بأبيات
قصيرة نجد في قصائده تكثيفًا كبيرًا للمعاني. وأخيرا إنه يكتب أشياء
جميلة تستحق التأمل. (كريم ده شتى)
***
مشيبُ البحرِ
فتحَ المطرُ شَعرَهُ
قُبالةَ مَشيبِ البحرِ
إنهُ حينَ يأخُذُ القلبَ دلالاً
ويُسكِرُ العينْ
يُمسِكُ بأَيدي الأسماكِ
زُقاقًا زُقاقًا
إنهنَّ يَنظِمْنَ تحتَ صخرةٍ سطحاءَ
القُبلةَ بالقُبلةِ
الحياةَ بالحياةْ
يُقحِمْنَ الأرضَ في رقصةٍ زرقاءَ
يُقحِمْنَ السماءَ في رقصةٍ زرقاءَ
زُقاقًا زُقاقًا
وأنتَ راقبِ الأسماكَ
وقايضِ الدنيا بالريحِ.
*
مشيبُ الريحِ
قُبالةَ مِرآةِ مشيبِ الريحِ
قبلَ أَنْ تُخْرِجَ الدنيا منْ ذاتِكَ
قبلَ أَنْ تُصافِحَ الليلَ
سِرْ في فَجرِ الخيال
أَطلِقْ بَسمَةً بطَعْمِ السفرِ
واحضُنْ زهورَ الماءِ
زُقاقًا زُقاقًا
راقبِ المطرَ
واستَذْكِرْ
سُوَيعاتٍ
حينَ هُجِرَتِ الريحُ... الريحُ
سُوَيعاتٍ
كانَ البَردُ يَمضي بكَ موجةً موجةْ
سُوَيعاتٍ
كُنتَ تُثيرُ حَفيظَةَ الشعاعِ
بقميصٍ أَبيضَ
كأنكَ تُقيمَ قلبَكَ منْ قطرةِ ماءٍ
زُقاقًا زُقاقًا
راقِبِ الريحَ
وقُلِ: الحياةُ سباقٌ يَنسِجُهُ الزمنُ
أَو قُلْ جازمًا:
إنْ لَمْ يَكُنِ الخيالُ
يَتساقطُ الإنسانُ
أُرنُ في مرايا الحياةِ
عُزلةُ قطرةِ ماءٍ
حينَ تَنثُرُ وَعدَ الأرضِ على الريحِ
تُدلي بشوقِ السقوطِ منَ السماءِ
وأنتْ
ضارِعْها
بحديقةٍ مَلآى بالفَجْرِ
بقلبٍ مَليءٍ بالحُلُمِ
زُقاقًا زُقاقًا
أَقِمْ عُزلةَ قطرةِ ماءٍ
مِنْ حَزَنِ الثلجْ.
*
مشيبُ الثلجِ
قُبالةَ مِرآةِ مشيبِ الثلجِ
كُنتُ أُفكرُ أَبيضَ أَبيضْ
كأنَّ عُمْرِيَ كانَ مَديدَ الفَجرِ
كأنَّ الثلجَ في سِرِّهِ
كانَ يُقَلِّدُ وحدَتي
أَطلقتُ قهقهةً
قُلتُ في نَفْسِي اليومَ نُمتُ كثيرًا
لا يَعلَمُ الليلُ بهذا
قُلتُ في نَفْسِي
كأنِّيَ الثلجُ أَقومُ منَ الليلِ
زُقاقًا زُقاقًا
أَنثُرُ ذاتيَ على الريحِ
أُعَلِّقُ نَفْسِيَ على الحياةِ
أَعودُ الى واجهةِ مرايا البحرِ
وأُمَدِّدُ المطرَ منَ الماءِ
لغايةِ الاستغراقِ في الضَحِكِ.
أربيل تشرين الأول 2009
ترجمة: المهندس محمد حسين رسول
*** *** ***