طوبوغرافیا
آرام
اللیل یحتفي بشبقِ
الضوء على ورم الأغاني.
الأرصفةُ تحتفي بزبدِ الخطواتِ تحت الخطوات
العاقرة.
الأمكنةُ تحتفي
بعريها،
وأنا تحتفي بيَ اللَّقطاتُ مشهدًا إضافیًا
یسخرُ على قارعةِ النبضِ الدائريِّ.
بي دائمًا مساحاتٌ لم يمسسها وقعُكَ المنمَّق،
كأنَّكَ ولدتَ كي لا تراها،
وكأنَّني جئتُ كي أرمِّمَ انتباهك.
وبي دائمًا منكَ
مداراتٌ، جهات محاصرةٌ بفكرتها
أسقفٌ متشابهةٌ،
وجهاتُ نظرٍ، حكمةٌ خالصةٌ،
آلهةٌ تتبرَّج.
الوحل یُبدأ فیكَ وحشًا جداريًا
ویكتمل بكَ جسدًا یأكل نفسَه.
الأرضُ صلیبٌ،
مربعٌ، مثلثٌ،
وكلٌّ منَّا مسیحٌ على طریقته
وكلمَّا اتّسعَ كهنوت الكلام، ضاقَ على نفسه
المعنى.
سأكونُ جمیلاً بمفردي،
هكذا قلتَ، وهكذا تمسكُ الذَّاتُ مبضعها
وتشرِّحُ المدى.
لك ضفافٌ لا يحدها حدٌّ،
ولي حدودٌ انتحرت على درجِ الأفق.
يشبهنا التِّیه جمیعًا
أَمسكَ،
بئرٌ مرمیةٌ في اهتمام الدّلو،
برُّك،
بحرٌ لا یكفُ عن التَّأوهِ شهوة...
وقتًا... لهاثًا... نبوءةً...
طوفانًا.
عشبة معرفة... كتابًا أبیضَ یُقرأُ على عجلٍ من
نهم الخطیئة،
وأنت الحاصل اُلكاملُ،
وأنا من معاشرةِ الأزمنةِ،
أولدُ ، كلاً أخرسَ... أوبئةً تتعاطى اللغات.
نحن المأخوذون بالهدير دومًا
وأنتَ أیها الطحلبيُّ التفاصیل، كینونةُ الرُّطوبة
والغبار.
الجبل لا یستطیع أن یرى قدمیه
هكذا غریزة الارتفاع.
لا تشهق، إذا ضاقَ علیكَ البحر، هیِّئ له
رئتین.
ما یعلوكَ یرتفعُ تحتي، وما ینخفضُ فوقك
ینسابُ بالقربِ من اعوجاجِ السطح،
لیس لك إلا...
لكَ سریرٌ واحدٌ
أرضُه الحصار.
لیس لكَ ما تملك... بل یملككَ ما لیس لك.
اخرج إلى البحرِ قزحًا، شعشاعًا
كي أجدك لوتسًا ورعًا، ینقعُ ذاكرته بكحولِ
الهمس،
ویعاقبُ النسیانَ بالتذكُّر
والتذكُّرَ بالنسیان.
اخرج إلى الخروجِ فأسًا لمَّاحًا
ینهل مُن كل هدیلٍ شرشفًا
یغطِّي به الكواكب، یعرِّي به اللحظات،
یرسمُ ولا یكتفي
بحنجرته
یطلبُ عون النَّبات.
اخرج إلى ذاتك علنًا
واحضن العالَم من الخلف، إنه علنكُ، إنه
سركَ الأكثرُ أنانیةً.
من ذاكرةِ الغبار
یطلع زحفٌ لا شخصيٌّ،
یسكنُ هنا،
یسكن هناك،
یلبسُ قبّعةَ المعنى،
یلوِّحُ بالجوهرِ الصَّلب، یدهنُ وجهه بزیتِ
الحكمة،
والأیدي الأرامل على رعشةٍ دائمةٍ للذَّهاب إلیه.
أستأصلكَ أیَّها العالمُ من قیحِ الحلمِ المستطیل،
ثمَّةَ جثَّةٌ تؤسِّس رائحتَك، وثمَّةَ معنىً یؤسِّس
اكتفائي بذاتي.
یترهل اُلبصرُ على جسدِ المكان
صوتٌ أعرجٌ ینخرُ الشَّكل المماثل،
فهرسُ الكوالیس، أقالیم تنمو.
أشحنُ العناوینَ إلى كل حفرةٍ،
وأفاجئُ الوصول بَأن أسبقه إلى هذیانه
یرتدي وباءَه، ویرتفع حجرًا حجرًا
هكذا أؤوِّل المعنى المریض
وأجرُّ الأشیاءَ إلیه بعكسه.
*** *** ***