|
الرخاء للجميع (سارڤودايا)٭
في إنجيل الرخاء للجميع إن كان علينا خدمته أو التماهي معه، فإن عملنا يجب أن يكون دؤوبًا كعمله. من الممكن أن تستريح قطرة الماء حين تكون بعيدة عن المحيط، لكن بمجرد أن تصبح جزءًا من المحيط فإنها لن تعرف الاستراحة. الأمر نفسه فيما يتعلق بنا؛ فبمحرد أن نتماهى مع شكل المحيط الإلهي لن نعرف معنى الاستراحة، ولن نحتاج إليها بالأحرى. لأنَّ حتى نومنا سيكون فعلاً بحد ذاته، حيث سننام وأفكار الله في قلوبنا. هذا التململ هو الراحة الحقيقية لأن هذا الحراك المستمر يحمل في قلبه سلامًا لا يوصف، وهذه الحالة من الاستسلام الكامل أصعب من أن توصف، لكنها ليست خارج حدود التجربة الإنسانية؛ فقد قاربتها العديد من النفوس المكرَّسة، وبوسعنا نحن أيضًا مقاربتها. (من يرافدا مندير، توجه الأشرام، ص47) *** يجب أن يتمحور كل نشاطنا حول الحقيقة لأنَّ الحقيقة يجب أن تكون متنفسنا الوحيد، وعندما يبلغ الحاجُّ هذه المرحلة من تطوره تصبح باقي قواعد الحياة الصحيحة كلها يسيرة، ويصبح اتَّباعها غريزيًا، إذ ليس بوسعنا، من دون الحقيقة، اتِّباع أيِّ مبدأ من مبادىء الحياة. *** لا يمكن للباحث عن الحقيقة، الذي يتَّبع طريق المحبة، أن يضمر شيئًا ضد الغد، لأن الإله لا يؤمِّن لنا الغد البتة؛ فهو لا يخلق أبدًا أكثر مما نحتاجه تحديدًا ليومنا. وإن كنا نؤمن فعلاً بعنايته، فإن علينا أن نستريح متأكدين من أنه سيزوِّدنا كل يوم بخبز يومنا، وبالقدر الذي نحتاجه. (الهند الفتاة، 4-9-1930، ص1) *** الهدف الأسمى للإنسان هو تحقيق الألوهة، لذلك فإن كل نشاطاته، الاجتماعية والسياسية والدينية، يجب أن توجهها هذه الغاية العظيمة للرؤية الإلهية. وهذا يجعل الخدمة المباشرة لجميع البشر جزءًا ضروريًا من المسعى لمجرَّد أنه جزء من طريقة إيجاد الله من خلال خليقته، والتماهي معهم. وهذا يتم فقط عن طريق خدمة الجميع لأني جزء وقطعة من كل، ولأنْ ليس بوسعي أن أجده بمعزل عن باقي الإنسانية. أبناء بلدي هم أقرب جيراني. وقد أصبحوا بلا أمل ولا مورد وخامدين ما يدفعني لأن أكرِّس كل جهدي لخدمتهم. لو كان بوسعي إقناع نفسي بأني أستطيع إيجاده في كهف في الهيملايا، فإني سأتوجه إلى هناك مباشرة، لكني أعرف أن ليس بوسعي أن أجده بمعزل عن الإنسانية. (هاريجان، 29-8-1936، ص226) *** من يبحث عن الفقير، ويدعو سواه للتصرف بطريقة مماثلة، يخدم الله أكثر مما يخدمه أي شخص آخر. لأنه كما قالت الباغاڤادغيتا: "قطعة فاكهة صغيرة أو وردة أو حتى ورقة نبتة لروح بهاختي" وأقام حيث يعيش المتواضع والأحقر والضائع "هو خادمي". هذا ما يجعل العمل على المغزل يكافىء أكبر صلاة، وأكبر فضيلة، وأكبر تضحية. (الهند الفتاة، 24-9-1925، ص ص 331-332) *** لا يمكن التماهي مع كل شيء حي ما لم نطهر أنفسنا. ما لم نطهر أنفسنا يبقى اتِّباع تعاليم الآهيمسا كالحلم الفارغ؛ فالألوهة لا يمكن أن تتحقق داخل من لم يكن طاهر القلب. لذا فإن تطهير الذات يشمل كل مجالات الحياة. ولما كانت الطهارة معدية، فإن تطهير النفس سرعان ما ينتشر في محيط صاحبه. لكن درب الطهارة صعب وقاس، حيث للوصول إلى طهارة كاملة يتوجب على المرء أن يصبح متحررًا من الانفعال في الفكر والكلام والفعل، وأن يترفع عن التيارات المتصارعة للحب والكراهية، والتعلق والرفض. وأعرف أني لم أحقق بعد في نفسي مثل هذه الطهارة المثلثة رغم سعيي الدؤوب، والذي لا يتوقف، في سبيلها. لهذا ليس بوسع إطراء العالم أن يزحزحني، وإن كان أحيانًا يلسعني. السيطرة على العواطف الخبيثة تبدو لي أصعب من فتح العالم بقوة السلاح. ... لقد كانت لي تجارب مع تلك العواطف الدفينة في داخلي، وقد أشعرني التعرف إليها بالخجل، رغم أنها لم تهزمني. كما أن التجارب والامتحانات التي مررت بها قوَّتني ما أشعرني بسعادة كبيرة، رغم معرفتي بأنَّ أمامي طريق طويل لأقطعه في هذا السياق، حيث علي أن أحوِّل نفسي إلى لا شيء. لأنَّ الإنسان ما لم يجعل من نفسه، وبإرادته الذاتية، الأخير بين المخلوقات، فلن يحقق الخلاص. والآهيمسا هي أبعد حدود التواضع. (سيرة ذاتية – أو قصة تجربتي مع الحقيقة، ص371) *** يقولون إنَّ "الوسائل هي في نهاية المطاف مجرد وسائل". وأنا أقول بالأحرى: "إنّ الوسائل هي في نهاية المطاف كل شيء". والغايات أيضًا كالوسائل.... حيث لا يوجد جدار يفصل بين الوسيلة والغاية. وفعلاً، أعطانا الخالق إمكانية التحكم بالوسائل (وإن كانت هذه أيضًا محدودة جدًا)، لكنه لم يعطنا أية إمكانية للتحكم بالغايات. ما أقوله هو اقتراح لا يقبل أي استثناء. (الهند الفتاة، 17-7-1924، ص ص236–237) *** الواجب هو الينبوع الحقيقي للحقوق؛ فإن قمنا جميعنا بواجباتنا، لن تكون الحقوق بعيدة المنال. أما حين ندع واجباتنا جانبًا ونسعى وراء حقوقنا، فإنها ستهرب منَّا كورقة في مهب الريح. وكلَّما لاحقناه أكثر كلَّما هربت منا أكثر. وهذا يتطابق مع التعليم الخالد لكريشنا في هذه الكلمات الخالدة: "الفعل بحد ذاته واجب، أما الثمرة فهي حق". (الهند الفتاة، 8-1-1925، ص ص15-16) *** فلسفة الياجنا (التضحية) الياجنا هي الفعل الذي غايته رفاهية الآخرين، ذلك الذي نفعله دون مقابل، مادي أو معنوي. و"الفعل" هنا يجب أن يؤخذ بمعناه الأوسع، وهو يشمل الأفكار والأقوال، وكذلك الأفعال. كما أن هناك أفعال لا تشمل الإنسانية فقط، إنما أيضًا الحياة ككل. وأيضًا، يجب أن تكون التضحية الأولية عملاً يقود إلى تحقيق أقصى الرفاه لأكبر عدد من الناس، في أوسع مساحة ممكنة، والذي يمكن أن يقوم به أكبر عدد من الرجال والنساء بأقلِّ الأضرار. ما يعني، أنها ليست تضحية (ياجنا)، وبالأحرى تضحية كبرى (ماهاياجنا)، أن تتمنى الأذية، أو أن تلحقها بأي شخص آخر، حتى ولو كان ذلك في سبيل مصلحة أعلى. وتعلِّمنا (الغيتا)، كما تؤكد التجارب، أنَّ كل الأفعال، التي لا يمكن أن تُصنَّف على أنها ياجنا، تُعزِّز الاستعباد. من هذا المنظور ليس بوسع العالم أن يستمر، ولو للحظة واحدة، من دون تضحية، وبالتالي فإن الغيتا التي تعاطت مع االحكمة الحقيقية، في الفصل الثاني، تعاطت، في الفصل الثالث، مع طرائق الوصول إليها مؤكِّدةً، من خلال كلمات كثيرة، أنَّ التضحية (الياجنا) كانت موجودة منذ بداية الكون. فهذا الجسد أعطي لنا لكي نخدم به الخليقة. وبالتالي، كما تقول الغيتا، فإنَّ كلَّ من يأكل من دون تضحية إنما يأكل طعامًا مسروقًا، وإنَّ كل عمل يهدف إلى تحقيق حياة طاهرة يجب أن يتَّسم بالتضحية (بالياجنا). ولما كانت التضحية قد جاءتنا مع ولادتنا، فإننا مَدينون لها طيلة حياتنا، وملزمون بخدمة هذا العالم. فكما يكون العبد الذي يتلقى الطعام واللباس من سيده ملزم بأن يخدمه، علينا بكل امتنان أن نقبل هذه الهبات المقدمة لنا من قبل سيد الكون؛ فما نتلقاه يجب أن نتعامل معه كهبة، وهذا يعني أننا، كمَدينين، ملزمين بأن لا نهمل التزاماتنا. ما يعني وجوب عدم لوم السيد إن لم فشلنا في تحقيقها؛ فأجسادنا، التي هي ملك له، يجب أن يُعتنى أو يضحَّى بها إذا كانت هذه هي مشيئته. وهذا لا يستدعي التذمر ولا الشفقة بل، بالعكس، هي حالة ممتعة ومرجوة أن نتمكن من تحقيق مكانتنا في قلب المخطط الإلهي. ونحن نحتاج إلى إيمان قوي بحقٍّ إن كنَّا نرغب في أن نجرِّب نعمته اللامتناهية. "لا تقلق على نفسك، ودع الأمر لله" – هذه على ما يبدو، وصية كافة الأديان. ولا ينبغي لهذا أن يخيف أحدًا، لأن من يكرِّس نفسه للخدمة سيتفهم، يومًا بعد يوم، ضرورتها (التضحية) في مجالات أوسع، وسيزداد إيمانه. ودرب الخدمة لا يمكن أن يطأه من لم يتخلى عن مصالحه الذاتية، ويتعرف إلى اشتراطات ولادته. وكلٌّ منَّا، سواء بشكل واع أو من دون وعي، يُقدِّم بعض الخدمات، لكننا إذا ما عوَّدنا أنفسنا على تقديم الخدمة بشكل طوعي، فإن رغبتنا في الخدمة ستصبح أقوى، وهذا لا يحقق سعادتنا فحسب، وإنما أيضًا سعادة العالم برمَّته. (من ياراهما مندير، توجه الأشرام، ص ص53-56) *** لن يفكر من يخدم طوعًا، لن يفكِّر بسلواه التي يدعها لمشيئة ربه الذي في الأعالي، ما يعني أنه لن يشغل نفسه بما قد يعترض طريقه بل سيأخذ فقط ما يحتاج إليه ويدع الباقي. وسيكون هادئًا سلسًا، لا يعرف الغضب حين يفكر حتى وإن صدف أن وجد نفسه متضايقًا، لأن خدمته، كفعاليته، هي مكافأته الوحيدة، وسيكون سعيدًا بها. وكذلك، يجب أن لا يتجرأ أحد على أن يهمل واجبه أو يتخلف عنه. فمن يعتقد أن عليه أن يهتم بعمله الخاص فقط، تاركًا القيام بالعمل العام لوقت لآخر، ليقوم به بالطريقة التي يختارها، ما زال عليه أن يتعلم بدائيات فعل التضحية. لأنَّ خدمة الآخرين بصورةٍ طوعية تتطلب منَّا أن نعطي أفضل ما عندنا، لا بل يجب أن تسبق خدمتنا لأنفسنا. ما يعني أن المتطوع الحقيقي يكرِّس نفسه لخدمة الإنسانية، دون أي تحفظ. (المرجع نفسه، ص ص57-60) *** هذه الحضارة الشيطانية أريد النمو وأريد الحكم الذاتي والحرية. لكني أريد هذه الأمور كلها من أجل الروح لأني أشك في أن العصر الحديدي يُعدُّ تقدمًا على عصر الصوان. هذا لا يهمني، إذ أعتقد بأن العقل يجب أن يكرَّس، قبل كل شيء، لتطوير الروح. (الهند الفتاة، 13-10-1921، ص325) *** أودُّ لو يعلِّمنا قادتنا كيف يمكن أن نتفوق أخلاقيًا في هذا العالم، خاصةً وأن أرضنا هذه كانت، ذات يومٍ، مسكنًا للآلهة، وخاصةً، أيضًا، أننا لا نستطيع أن نتخيل كيف يمكن للآلهة أن تسكن أرضًا شوهها دخان المصانع وضوضاء المصانع، وتخترق طرقها آليات مزمجرة تجرُّ العديد من العربات المزدحمة بأناس لا يعرفون، في نهاية المطاف، عَمَّ يبحثون، أناسٌ هم على الأغلب شاردوا الفكر، ومزاجهم العَكِر غير قابل للتحسن، ومحشورون في علبٍ كالسردين، حيث يجدون أنفسهم وسط غرباء كان بودِّهم طردهم لو استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، أو أن يُطرَدوا هم من قبلهم. أذكر هذه الأشياء لأنها تعتبر رمز الحضارة المادية، لكنها لم تضف مثقال ذرة إلى سعادتنا. (خطب ومقالات للمهاتما غاندي، ص ص354–355) *** أكره، من كلِّ قلبي، هذه الرغبة المجنونة في تحطيم المسافات والزمن، وفي زيادة شهواتنا الحيوانية والذهاب إلى أصقاع الأرض بحثًا عن تلبيتها. إذا كانت هذه هي الحضارة الحديثة، أو إن كنت قد فهمتها على هذا النحو، فإني أدعوها حضارة شيطانية... (الهند الفتاة، 17-3-1927، ص85) *** سيأتي وقت، بالنسبة لأولئك الذين، عبر اندفاعهم الجنوني من أجل مضاعفة حاجياتهم، اعتقدوا بأنهم قد أضافوا شيئًا إلى جوهرهم الحقيقي، وزادوا من معرفتهم الحقيقية لهذا العالم، يعاودون فيه السير على خطاهم، ويتساءلون: ما الذي فعلناه يا ترى؟ الحضارات تأتي وتذهب، ورغم كل تقدُّمنا المزعوم، يراودني أيضًا وأيضًا تساؤل يقول: "من اجل ماذا؟"، وهو نفس ما قاله والاس، أحد معاصري داروين. بعد خمسين عامًا من الاختراعات والاكتشافات المُبهرة، قال إنها لم تضف مثقال ذرة للسمو الأخلاقي للإنسانية. كذلك قال أيضًا حالم وصاحب رؤية إن شئتم – تولستوي. كذلك قال أيضًا يسوع وبوذا ومحمد، الذين يتمُّ تشويه دياناتهم اليوم في الهند بلدي. *** أنا متواضع إلى حد يكفي لأعترف بأنَّ هنالك الكثير الذي بوسعنا أن نتعلمه لصالحنا من الغرب. فالحكمة ليست حكرًا على قارة معينة، ولا على عرق محدد. لكن مقاومتي للحضارة الغربية هي في الحقيقة مقاومة لتقليدها بشكل أعمى وبلا تفكير من منطلق أننا كأسيويين ليس بوسعنا أن نفعل سوى تقليد كل ما يأتينا من الغرب. لأني أعتقد أن الهند تملك ما يكفي من الصبر لتتجاوز نار كل المحن، وتقاوم أي زحف غير نزيه على حضارتها. وأنَّ بوسعها، رغم كل ما يقال، وكما فعلت حتى الآن، الوقوف في وجه أضرار الزمن، فتساهم في صنع السلام والتطور في هذا العالم. (الهند الفتاة، 11-8-1927، ص253) *** الإنسان والآلة أنا مقتنع، بشكل كامل، بأنَّه حين تزول كل منجزات عصر التقنية ستبقى الأعمال اليدوية، وحين يزول الاستغلال ستبقى الخدمة المخلصة والعمل المخلص. وبسبب إيماني هذا، أستمر في عملي... لقد كان الإيمان الذي لا يقهر لكلٍّ من ستيفنسون وكولومبوس هو سندهم في عملهم. والإيمان بعملي هو سندي الرئيسي. (هاريجان، 30-11-1935، ص329) *** لو كانت الأمور مثالية لكنت استغنيت عن كل الآلات، كما كنت استغنيت عن هذا الجسد الذي لا يساعدني في خلاصي، ولسعيت إلى تحرر الروح تحررًا كليًّا. من هذا المنظور، أرفض كل الآلات، لكن الآلات ستبقى لأنه لا يمكن تجنبها. والجسد بحد ذاته... آلة مثالية؛ لكنه حين يصبح عائقًا أمام تحليق الروح يغدو الاستغناء عنه أمرًا ضروريًا. (الهند الفتاة، 20-11-1924، ص386) *** ما أعترض عليه هو جنون الآلة، وليس الآلة بحد ذاتها. هذا الجنون الذي سببه ما يدعونه توفير العمل والمال؛ فالناس يستمرون في "توفير العمل" بحيث يصبح الآلاف بلا عمل، فيرمون بهم في الشارع حيث يموتون جوعًا. وأنا أيضًا أريد الاقتصاد بالوقت والعمل، لكن ليس من أجل حفنة من الناس، وإنما من أجل الإنسانية ككل. يجب أن تكون الغاية توفير عمل الفرد، لا أن يكون الجشع الإنساني هو الدافع. لهذا، مثلاً، تراني أرحِّب، في أي وقت، بآلة لتجليس المغازل الملتوية. ليس من أجل أن يصبح الحدادين بلا عمل فلا يعودون يصنعون المغازل؛ حيث سيستمرون في صنع المغازل، لكن عندما تتعطل هذه المغازل سيكون لكل مغزل آلة لتصليحه. لذا؛ فلنستبدل المحبة بالجشع وسيكون كل شيء على ما يرام. (الهند الفتاة، 13-11-1924، ص378) *** المكننة أمرٌ جيد حين تكون اليد العاملة غير كافية للقيام بالعمل المطلوب، لكنها تصبح شرًا حين تكون اليد العاملة الضرورية للقيام بالعمل أكثر من اللازم، كما هو الحال في الهند. فالمشكلة، بالنسبة لنا، ليست في تأمين أوقات راحة للملايين من سكان قرانا، إنما في الاستفادة من ساعات فراغهم التي تعادل، من حيث أيام العمل، ستة أشهر في السنة. (هاريجان، 16-11-1934، ص316) *** لا يهتم الإنتاج الشامل بالمتطلبات الحقيقية للمستهلك، لأنه لو كان الإنتاج الشامل جيدًا بحد ذاته لكان بوسعه التنوع إلى ما لا نهاية، لكن ما نلاحظه هو أنَّ لهذا الإنتاج محدودياته الخاصة. كما أنَّه لو تبنت كل الدول هذا النوع من الإنتاج لما كانت هناك أسواق كافية لمنتجاتها، وهذا يعني أن الإنتاج الشامل سوف يتوقف عندئذٍ. (هاريجان، 2-11-1934، ص301) *** لا أريد للثروة أن تتركَّز بين أيدي قلَّة من الناس، بل أن تكون في متناول الجميع. تساعد الآلة اليوم قلَّة من الناس على الركوب على ظهر الملايين. والدافع لهذا ليس الإحسان بهدف توفير العمل إنما الجشع. وأنا أناضل بكل قوتي ضد هذه الأوضاع. (الهند الفتاة، 13-11-1924، ص378) *** عندما يتمركز الإنتاج والاستهلاك سيزول إغراء تسريع الإنتاج بشكل مستمر وبأي ثمن، وستنتهي أيضًا كل صعوبات ومشاكل نظامنا الاقتصادي الحالي...، ولن يكون هناك تراكم غير طبيعي للثروة في جيوب قلة، وعوز يعاني منه الأكثرية بسبب الأقلية... في النظام الذي أنادي به سيكون العمل عملة التبادل وليس المعدن. عملة تكون هي الثروة، ويملكها كل من في وسعه استغدام قوة عمله، حيث يحول قوته إلى ملابس وإلى حبوب. وإذا احتاج إلى زيت البارافين، الذي ليس بوسعه إنتاجه، يستطيع مبادلته بما لديه من فائض الحبوب. إنه تبادلٌ للعمل وفق شروط حرة وعادلة ومتساوية – من منطلق أنها ليست لصوصية. قد تعترضون قائلين بأنَّ ما أطرحه مجرَّد نسخ لنظام المقايضة القديم. ولكن، أليست كل التجارة الدولية قائمة على نظام المقايضة؟ (هاريجان، 2-11-1984، ص302) *** ما هو سبب هذه الفوضى الحالية؟ إنه الاستغلال. لا أقصد هنا استغلال الأمم القوية لتلك الأضعف منها، إنما الأمم الشقيقة لبعضها بعضًا. واعتراضي الرئيسي على المكننة مردُّه أنَّ هذه المكننة هي التي مكَّنت الأمم من استغلال بعضها بعضًا. لأنها في النهاية مثل الأشياء الخشبية التي من الممكن أن يحسن أو يُساء استعمالها، لكنها، بسهولة وكما نعلم، يساء استعمالها. (الهند الفتاة، 22-10-1931، ص318) *** أُقيِّم عاليًا كل اكتشاف يتمُّ من أجل الصالح العام، لكن هناك فرق بين اختراع واختراع؛ فلستُ أقيِّم عاليًا مثلاً تلك الغازات الخانقة التي بوسعها قتل أعداد كبيرة من البشر خلال فترة قصيرة. حيث تستخدم الآلات الثقيلة من أجل الأعمال التي لا يستطيع البشر القيام بها، شريطة أن تكون ملكيتها للدولة وأن تستخدم للصالح العام. (هاريجان، 22-6-1935، ص146) *** لعنة التصنيع من الجيد أن نؤمن بالطبيعة الإنسانية، وأنا أحيا لأن عندي إيمان كهذا. لكن هذا الإيمان لا يُعمي بصيرتي عن واقع تاريخي يقول، ورغم أن كل شيء يبقى جيدًا في النهاية، إن أشخاصًا ومجموعات سبقتنا، ونسميها أممًا، قد بادت. فروما واليونان وبابل ومصر وغيرها الكثير هي شهادات حية تؤكِّد واقع أن أممًا قد بادت في السابق بسبب آثامها. ما نأمله في هذا السياق هو أن أوروبا، من منطلق ثقافتها العلمية الجيدة، ستتبين ما هو واضح وتعاود السير على خطاها، فتجد المخرج الضروري لهذه التقانة المخيبة للآمال. وليس ضروريًا أن يحدث هذا من خلال العودة إلى البساطة القديمة المطلقة بالكامل، إنما يجب أن يكون هذا الطريق من خلال حياة يسودها الشكل الريفي، وتخضع القوة المادية الغاشمة فيها للقوة الروحية. (الهند الفتاة، 6-8-1925، ص273) *** مستقبل التصنيع قاتم؛ فلإنكلترة الآن منافسون ناجحون يتمثلون في أمريكا واليابان وفرنسا وألمانيا، كما تنافسها أيضًا حفنة من المطاحن في الهند. فقد كان هناك يقظة في الهند، كما ستكون يقظة في جنوب أفريقيا الأغنى منها بكثير من حيث الموارد الطبيعية والمعدنية والبشرية. حيث يبدو الإنكليز بجبروتهم كالأقزام مقارنة بالعرق الأفريقي الجبار. وقد تقولون معترضين، إنَّ هؤلاء مجرَّد متوحشين نبلاء. إنهم نبلاء حتماً، لكنهم ليسوا بالمتوحشين؛ وخلال سنوات ربما لن تجد الأمم الأوروبية في أفريقيا مجرَّد أرض تُغرق أسواقها ببضائعها. لذلك، إذا كان مستقبل التصنيع قاتمًا بالنسبة للغرب، فكيف سيكون بالأحرى بالنسبة للهند؟ (الهند الفتاة، 12-11-1941، ص335) *** كلَّما أمعنت النظر في روسيا، حيث بلغ تأليه التصنيع ذروته، أجد أن الحياة هناك لا تغويني. ومستخدمًا لغة الكتاب المقدس حيث جاء: "ماذا يفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟"، بتعابير حديثة، أقول إنَّ من المهين للإنسان أن يفقد شخصيته ليصبح مجرد قطعة ثانوية في قلب آلة، لأني أريد لكل فردٍ أن يصبح عضوًا كامل الحضور والتطور في المجتمع. (هاريجان، 28-1-1939، ص438) *** عندما ستباشر الهند في استغلال باقي الأمم – كما يفترض حين ستصبح الهند دولة صناعية – فإنها ستكون لعنة بالنسبة لباقي الأمم، وتهديدًا للعالم أجمع. أما، لماذا أربط تصنيع الهند باستغلال باقي الأمم؟ فأقول: ألا ترون مأسوية الوضع المتمثل بأن نجد عملاً لـ300 مليون عاطل عن العمل، في الوقت الذي لم تستطع فيه إنكلترة إيجاد عملٍ لثلاثة ملايين عاطل لديها، وتواجه مشاكلَ حيَّرت أكبر عقولها. (الهند الفتاة، 21-11-1931، ص335) *** لا أعتقد بأن التصنيع ضروري في جميع الأحوال ولكل البلدان، فما بالكم بالهند. وبالفعل، أعتقد أنَّ بوسع الهند أن تُسدِّد قسطًا من مديونيتها لعالمٍ يتلوَّى لمجرَّد اعتمادها طريقة حياة بسيطة ونبيلة من خلال تطوير آلاف الأكواخ التي لديها، والعيش بسلام مع العالم المحيط. فسموُّ التفكير يتعارض مع حياة مادية معقدة تستند إلى وتيرة عالية فرضتها علينا عبادة الشيطان، لأنَّ كل ما هو جميل في هذه الحياة يغدو ممكنًا حين نتعلم فنَّ العيش بشكل نبيل... لكن، هل مثل هذه الحياة البسيطة ممكنٌ بالنسبة لأمة منعزلة، أيًا كان اتِّساعها وعدد سكانها، في وجه عالم مسلح حتى أسنانه، ويعيش ترفًا في ظروف معينة. هذه المسألة موضوع نقاش بالنسبة للمتشككين، أما أنا فجوابي البسيط يقول: إذا كانت الحياة البسيطة تستحق بأن تعاش، فإنها في هذه الحال تستحق حتى بأن يقوم فرد واحد، أو مجموعة أفراد، بالسعي إليها. *** أعتقد، في الوقت نفسه، أنَّ من الضروري خلق بعض الصناعات الأساسية. أنا لا أؤمن، لا برئيس الجهاز ولا بالاشتراكية المسلحة، بل أؤمن بالفعل وفقًا لقناعتي، دون انتظار أن يتبعني الجميع. ما يعني أنه، ومن دون تعداد الصناعات الرئيسة، سيكون لدي ملكية دولة، حيث يعمل عدد غفير من البشر جنبًا إلى جنب. أما ملكية ما ينتجون، وسواء كان متقنًا أو غير متقن، فيعود إليهم من خلال الدولة. وهذه الدولة، كما أتخيلها، لا يمكن لها أن تكون إلاَّ لاعنفية، لأني لن أجرِّد المتمولين مما يملكون بالقوة، إنما سأدعوهم إلى التعاون في عملية التحوُّل إلى ملكية الدولة. إذ لا وجود للمنبوذين في المجتمع، وسواء كان هؤلاء من أصحاب الملايين أو من المعدمين، فكلاهما قروح سببها المرض نفسه، وجميعهم من أجل هذا مجرد بشر. (هاريجان، 1-9-1946، ص285) *** إن إحياء القرية ممكن فقط حين لا يكون هناك استغلال. التصنيع الواسع سيقود إلى استغلال سلبي أو إيجابي للقرويين بحكم مشاكل السوق التنافسية، لذا علينا أن نركز بحيث تبقى القرية مكتفية ذاتيًا، وأن يكون التصنيع فيها فقط للاستعمال المباشر. بالإبقاء على هذا الطابع لصناعة القرية لن يكون هناك أي مانع يحول دون استخدم القرويين للمعدات والآلات الحديثة التي بوسعهم صناعتها أو التمكن من الوصول إليها، شريطة أن لا تستخدم كوسائل لاستغلال الآخرين. (هاريجان، 28-1-1946، ص226) *** أساند من كل قلبي ذلك الاقتراح القائل بأن أية خطة لاستثمار المواد الخام لبلد معين، لا تأخذ بعين الاعتبار القوى البشرية الكامنة، خطة غير متوازنة، وليس بوسعها تأمين العدالة الإنسانية... لأن التخطيط الحقيقي يجب أن يراعي الاستخدام الأمثل للقوة العاملة في الهند، وتوزيع منتجاتها الخام على قراها المتعددة عوضًا عن تصديرها، وإعادة شراء المواد المصنَّعة بأسعار خيالية. (هاريجان، 23-3-1947، ص79) *** الاشتراكية الاشتراكية الحقة لقنها لنا أجدادنا الذين علمونا: "أنَّ كل الأرض ملك للغوبال، لكن أين الخط الفاصل؟ الإنسان هو الذي صنع هذا الخط وبوسعه تعديله". وكلمة غوبال تعني الراعي؛ وتعني أيضًا الله. وهي وفق اللغة المعاصرة تعني الدولة، أي الشعب. وواقع أن الأرض ليست ملكًا للناس اليوم صحيح جدًا، لكن الخطأ ليس في المنقول بل فينا نحن الذين قبلنا بذلك. ولا شكَّ عندي بأنَّ بوسعنا مقاربة الأمر كأية أمة، بما في ذلك روسيا، لكن بلاعنف. (هاريجان، 2-1-1937، ص375) *** لم تلد الاشتراكية حين تم اكتشاف سوء استخدام رأس المال من قبل الرأسماليين لأنَّ الاشتراكية، بل حتى الشيوعية – كما سبق لي القول – واضحة في الفقرة الأولى من الإيشوبانيشاد. وما هو صحيح هو أن بعض الإصلاحيين قد فقدوا الإيمان بطريقة التغيير، الأمر الذي ولَّد الاشتراكية العلمية. وأنا ملتزم بحل المشكلة نفسها التي واجهت الاشتراكيين العلميين. لكن الصحيح أيضًا أن مقاربتي كانت دائمًا وفقط من خلال لاعنف كامل. قد أفشل ولكن، إن فشلت، فسيكون سبب فشلي هو جهلي بتقنيات اللاعنف، فربما أكون معبِّرًا رديئًا عن عقيدة يزداد إيماني بها يومًا بعد يوم. (هاريجان، 20-2-1937، ص12) *** الوقت الذي أكنُّ فيه أكبر تقدير لنكران الذات ولروح التضحية لدى أصدقائنا الاشتراكيين، فإني لم أنسَ يومًا الفارق الكبير بين طريقتهم وطريقتي، لأنهم، بكلِّ صراحة، يؤمنون بالعنف وبكل ما يتضمنه. وأنا أؤمن أكثر فأكثر باللاعنف...، وباشتراكيتي التي هي "حتى بمعزل عن هذا الأخير". فأنا لا أريد الصعود على أشلاء المكفوفين والصم والبكم. لأنه وفق اشتراكيتهم (الهندية مثلاً) لا مكان لهؤلاء، وغايتهم الوحيدة هي الرفاه المادي. مثلاً، الهدف في أمريكا هو سيارة لكل مواطن، وليس هذا ما أبتغيه. فما أريده هو إمكانية التعبير عن شخصيتي بحرية كاملة. يجب أن أكون حرًا حتى في بناء درج لسيروس إن رغبت ذلك، ما لا يعني أني أريد فعل هذا. ولكن في ظل الاشتراكية الأخرى، لا توجد حرية فردية، فأنت لا تملك شيئًا، ولا حتى جسدك. (هاريجان، 4-8-1946، ص246) *** الاشتراكية كلمة جميلة، وهي كما أفهمها تعني المساواة بين جميع أفراد المجتمع – لا أحد في الأعلى ولا أحد في الأسفل. ففي جسم الفرد الرأس ليس أعلى من سواه لمجرد كونه في أعلى الجسم، ولا أخمص القدمين أخفض من سواه لأنه يلامس الأرض. فكما أن كل أعضاء الجسم متساوية، كذلك هي أعضاء المجتمع: هذه هي الاشتراكية. في الاشتراكية هناك الأمير والفقير، صاحب العمل والعامل، جميعهم على نفس المستوى. أما من منطلق ديني، فلا ثنائية في الاشتراكية إنما وحدة كاملة. لأننا حين ننظر إلى مجتمعات العالم الذي من حولنا، لا نجد سوى الثنائية والتعدد، أما الوحدة فغيابها ملفت للنظر. فهذا الإنسان في الأعلى، وذاك في الأسفل، وهذا هندي وذاك مسلم والثالث مسيحي والرابع فارسي والخامس من السيخ والسادس يهودي. وحتى بين هؤلاء، هناك تقسيمات ثانوية. أما وفق الوحدة كما أتصورها، فهناك وحدة تامة رغم تعددية الأشكال. ومن أجل بلوغ هذه الحالة لا يجب النطر إلى الأشياء فلسفيًا والقول بأنه لا يجب أن نتحرك قبل أن يقتنع الجميع بالاشتراكية. لأنه إن لم نغير حياتنا، فإنه بوسعنا الاستمرار في رفع الشعارات وتشكيل الأحزاب والإمساك باللعبة كالنسور حين تسنح لنا الفرصة. لكن هذه ليست اشتراكية، لأنه بمقدار ما نتعامل معها كلعبة بوسعنا الإمساك بها، بمقدار ما تبتعد عنا. *** يقول الاشتراكيون والشيوعيون بأنْ ليس بوسعهم اليوم فعل شيء من أجل تحيق العدالة. لذلك نراهم يستمرون في دعايتهم من أجلها، ولهذه الغاية هم يؤمنون بضرورة توليد الحقد وزيادته. ويقولون إنهم حين يستولون على السلطة، سيدعمون العدالة. وأنا أدَّعي بأني شيوعي بعض الشيء رغم أني أستعمل السيارات والتسهيلات الأخرى التي يضعها الأغنياء تحت تصرفي، لكنهم لا يسيطرون علي وبوسعي إبعادهم في لحظة إن تطلبت مصلحة الجماهير ذلك. (هاريجان، 31-3-1046، ص64) *** علينا أن نفهم أن ليس بوسعنا التعجيل في الإصلاح. وإن كنا نريد تحقيقه بوسائل لاعنفية، فإن ذلك ممكن فقط عن طريق تثقيف كلا الطرفين (أي) "من يملك" و"من لا يملك". فالأولون يجب أن يتأكدوا من أن القوة لن تستخدم ضدهم البتة. كما يجب أن يتعلم أولئك الذين "لا يملكون" أن ليس بوسع أحد إجبارهم على فعل ما لا يرغبون، وأن بوسعهم تحقيق حريتهم عن طريق تعلم فن اللاعنف بمعنى التضحية بالذات. وإذا كان لا بد من تحقيق هذه الرؤيا، فإن التعليم الذي ذكرته يجب أن يباشَر به من الآن. من خلال خلق جو من الاحترام المتبادل والثقة كخطوة أولى. بعدئذٍ، يمكن أن يكون هناك صراع لاعنفي بين الطبقات وبين الجماهير. (هاريجان، 20-4-1940، ص97) *** أنا أؤمن بالعمل الحر، وأؤمن أيضًا بالإنتاج المخطط. لأنه إن كان لدينا فقط إنتاج دولة فإن هذا سيفقر الناس فكريًا، حيث سينسون مسؤلياتهم. لهذا سأسمح للرأسمالي ومالك الأرض (زاميندار) بأن يحتفظوا بمعاملهم وأراضيهم، ولكن كمؤتمنين على هذه الملكيات. (هاريجان، 20-7-1947، ص12) *** النموذج الاشتراكي والعقيدة الشيوعية أنا لا أشارك القناعة الاشتراكية القائلة بأن مركزة ما هو ضروري للحياة سيقودنا إلى الرفاه العام، الذي سيحصل حين تصبح الصناعات المركزية ممتلكة ومدارة من قبل الدولة. وقد ولدت النظرة الاشتراكية في الغرب في بيئة مشبعة بالعنف. الغاية الكامنة وراء النموذج الغربي والنموذج الشرقي (للاشتراكية) واحد – رفاه أكبر للمجتمع ككل، وإلغاء اللاعدالة القميئة الناجمة عن وجود الملايين ممن "لا يملكون" من جهة وحفنة من "الملاك" من جهة أخرى. وأنا أعتقد بأن هذا ممكن التحقيق حين يقبل أفضل عقول العالم باللاعنف كقاعدة لنظام اجتماعي عادل. لذلك أعتقد بأن وصول البروليتاريا إلى السلطة عن طريق العنف سيفشل في النهاية لأن ما أخذ بالقوة ستنتزعه قوة أكبر. (هاريجان، 27-1-1940، ص428) *** أعترف بأني لم أفهم بعد ما تعنيه البلشفية تمامًا. كل ما أعرفه هو أنها تبغي إلغاء منظومة الملكية الفردية. وهذا مجرد تطبيق اقتصادي للمبدأ الأخلاقي الداعي إلى عدم التملك والذي، إن تبناه الناس وتمكنوا من تطبيقه بوسائل سلمية وبالإقناع، سيكون نظامًا لا يضاهى. لكن ما أعرفه عن البلشفية هو أنها لا تمنع استعمال القوة، بل تحللها من أجل نزع الملكية الفردية والحفاظ على ملكية الدولة. وإن كانت هذه هي الحال، فإني لن أتردد في أن أقول بأن النظام البلشفي، كما هو سائد حاليًا، لن يدوم طويلاً. لأني مقتنع تمامًا بأنه ليس بالإمكان بناء أي شيء دائم بالقوة. لكن هذا الواقع لا ينفي أن المبدأ البلشفي، الذي هو نتيجة أطهر التضحيات التي قدمها في سبيله أعداد لا تحصى من النساء والرجال، والتي كرستها تضحيات أرواح معلمين كبار كلينين، لا يمكن أن يذهب سدىً. ما يعني أيضًا أن المثل النبيل لتضحياتهم سيكرَّس إلى الأبد الأمر الذي سيسرِّع في تطبيق المبدأ ويطهرِّه على مر الأيام. (الهند الفتاة، 15-11-1928، ص381) ترجمة: أكرم أنطاكي *** *** *** ٭ الفصل التاسع من كتاب: كتابات وأقوال للمهاتما م. ك. غاندي، ترجمة أكرم أنطاكي، معابر للنشر، دمشق، 2009. |
|
|