|
حول نفسي*
لست قديسًا ولا غارقًا في الخطيئة. أبقى متفائلاً، ليس لأنَّه بوسعي تقديم أي دليل على أن الحقَّ سيزدهر، إنما بسبب إيماني الذي لا يتزعزع بأن الحقَّ سينتصر في نهاية المطاف... لأن أساس وحينا هو فقط الإيمان بأن الحق سينتصر حتمًا. (هاريجان، 9-8-1942، ص262) *** لم أدَّعي يومًا بأني زاهد[1]؛ فالزهد مرده صرامة الأشياء. أنظر إلى نفسي كصاحب بيت يعيش حياة خدمة متواضعة، كغيري من العاملين الذين يعيشون على صدقات الأصدقاء... والحياة التي أعيشها سهلة ومريحة بمجملها، هذا إن فهمنا الراحة بأنها مجرد حالة ذهنية. ومن هذا المنظور، لديَّ كل ما أحتاج إليه ولا أتعب نفسي باكتناز أي شيء خاص. (الهند الفتاة، 1-10-1925، ص338) *** أعرف أنْ ما زال أمامي اجتياز درب طويل، لذلك يجب أن أجعل من نفسي صفرًا، لأنَّ الإنسان، ما لم يتغيَّر بملء رضاه، ليصبح الأخير بين إخوته من البشر، فلن يحقق الخلاص. من هذا المنطلق تعتبر الأهيمسا أقصى حالات التواضع. (سيرة ذاتية أو قصة تجاربي مع الحقيقة، ص371) *** كنت أعيش حينئذٍ في جنوب إفريقيا. حين قرأت هذا الكتاب حتى النهاية خلال رحلة بالقطار إلى دوربان، عام 1934، كان عمري حينئذٍ 35 عامًا، وهذه القراءة هي التي جعلتني أقرر تغيير كل مظاهر حياتي. ليست لدي كلمات أخرى لأصف ذلك، سوى القول إنَّ كلمات روسكين أسرتني. قرأت الكتاب دفعة واحدة ثم استلقيت، ولكن راودني النوم طوال الليل، عندئذ قررت تغيير كل ما خططت له. أما تولستوي فقد قرأته في مرحلة سابقة، وقد أثر على كياني الداخلي. (India's case for Swaraj ، ص371) *** تعودت خلال حياتي على مواجهة التحريف؛ فهذه ضريبة كل من يعمل في الحقل العام، حيث سيجد صعوبة في إيجاد ملاذٍ يختبئ فيه. والحياة ستكون مرهقة إن كان علينا الردُّ على كل تحريف، أو توضيحه. لهذا كانت هناك قاعدة اتبعتها في حياتي تقضي أن لا أشرح التحريفات إلا حين يكون هناك مبرر يقتضي التصويب. وهي قاعدة أنقذت الكثير من وقتي، وجنبتني القلق. (الهند الفتاة، 27-5-1927، ص193) *** إذا أثبتتْ أي من الأفعال، التي ندَّعي أنها روحانية، بأنها ليست عملية ينبغي الإقرار بفشلها، لأني أعتقد أنَّ أكثر الأفعال روحانية هي الأكثرها عملية في الحقيقة. (هاريجان، 1-7-1937، ص181) *** أعلن أني مجرد إنسان بسيط معرَّض للخطأ كسواي من الفانين. وأقرُّ، رغم هذا، بأن لدي ما يكفي من التواضع لأعترف بأخطائي وأصحِّح خطئي. أقرُّ بأن عندي إيمان لا يتزعزع بالله وطيبته وشغفه اللامتناهي للحب والحقيقة، ولكن: ألا يحمل كل إنسان هذا في نفسه؟. (الهند الفتاة، 6-5-1925، ص164) *** أنا واع جدًا لنواقص الأجناس التي أنتمي إليها إلى حدٍّ لا يمكنني فيه الغضب من أي فرد. وحلي للمشكلة هو في التعامل مع الخطأ أينما أصادفه، دون أن ألحق الأذى بفاعل الخطأ، تمامًا كما لا أرغب رؤية نفسي معاقبًا على الأخطاء التي أرتكبها باستمرار. (الهند الجديدة، 12-3-1930، ص89 و90) *** لا ينبغي لاختلاف الآراء أن يكون سببًا للعداوة، لأنه لو كانت هذه هي الحال، لكان يجب أن نكون – زوجتي وأنا – ألدَّ عدوين. لا أعرف شخصين في هذا العالم لا يختلفان في الرأي، وكأحد أتباع الغيتا، فقد حاولت دائمًا النظر إلى من يختلف معي بنفس الودِّ الذي أكنُّه لأعز وأقرب الأشخاص إلي. (الهند الفتاة، 17-3-1927، ص82) *** ويصفونني بالمهاتما (المعلم) ... وأنا لا أشعر أني كذلك، لأني أعرف أني من أكثر خلق الله تواضعًا. (الهند الفتاة، 27-10-1931، ص342) *** في معظم الحالات، تتضمن الأقوال الموجهة إلي أهدافًا ليس بوسعي تحملها. واستعمالها ليس إيجابيًا لمن يكتبها ولا لي شخصيًا. إنها تخزيني وبلا أية ضرورة، لأن علي أن أعترف بأني لا أستحقها. ولأنها حين تكون مستحقة فهي لا معنى لها. وليس من الممكن أن تدعم الصفات التي أحملها. لأنه بوسعها، إن لم أكن يقظًا، أن تدير رأسي بسهولة. لأن الخير الذي يفعله الإنسان هو غالبًا أكثر من ذاك الذي يعبر عنه. كما أن التقليد هو أصدق أشكال التملق. (الهند الفتاة، 21-5-1925، ص176) *** لتكن هذه الأسطر تحذيرًا لمن يريد تكريمي من خلال إقامة التماثيل وتعليق الصور. إنني أكره هذه المظاهر من كلِّ قلبي، وسيشرِّفني إن قام أولئك الذين يؤمنون بي، بكل طيبة خاطر، بدعم الأفعال التي أقوم بها. (هاريجان، 11-12-1939، ص1) *** أقول إني إنسان متوسط ذو إمكانات أقل من الوسط. كما أنني لا أنسب لنفسي أي فضل في ما وصلتُ إليه بعد جهدٍ جهيد في مجال اللاعنف وضبط النفس. لأنني لا يتملكني أدنى شك، أن بوسع أي رجل أو امرأة تحقيق ذلك إن بذل الجهد نفسه، وحمل الأمل نفسه والإيمان نفسه. (هاريجان، 3-10-1936، ص269) *** سأبقى منتقدًا للخطأ في كل مرة يخطىء فيها الناس. والطاغية الوحيد الذي بوسعي القبول به هو ذلك "الصوت الذي ما زال خافتًا في داخلي". وحتى إن كان علي مواجهة احتمال أن أشكِّل أقلية أكون فيها الشخص الوحيد، فإني أعترف بكل تواضع بأني أملك ما يكفي من الشجاعة للانتماء إلى هذه الأقلية التي لا أمل لها. (الهند الفتاة، 2-3-1922، ص135) *** [...] تحاول أن تحميني، لأن ذاك الذي في الأعالي يحمينا جميعًا، وبوسعكم أن تكونوا متأكدين من أنَّ الساعة، حين تأتي، لن يكون حتى بوسع أشهر الناس في هذا العالم الحيلولة بيني وبينها. (الهند الفتاة، 2-4-1931، ص ص64 و65) *** ليس بوسعي القول إني لا أغضب، لكنني لا أعطي متنفسًا للغضب، بل أحاول تنمية ميزة الصبر لتخفيف الغضب، وبشكل عام، أنجح في ذلك. لكني أتحكم بغضبي حين يأتي فحسب. "كيف وجدت أنَّ في الإمكان التحكم بالغضب؟" – هذا سؤال لا معنى له، لأنها مجرد عادة يتوجب على كلٍّ منا تنميتها في ذاته، وأن ينجح في التخلُّق بها من خلال المِران الدائم. (هاريجان، 11-5-1935، ص98) *** لأني أعرف الطريق... أنا أعرف الطريق؛ فهو مستقيم وقريب، ويشبه حدَّ السيف. أنا أبكي حين أنام من جرَّاء كلام الله: "إن من يسعى لا يفنى أبدًا"، ولديَّ إيمان عميق بهذا الوعد. ورغم أني بالنتيجة – لضعفي – فشلت آلاف المرات، إلا أني لم أفقد الإيمان، بل لدي أمل بأني سأرى النور حين أتمكن من إخضاع الجسد كليًّا، الأمر الذي لا بدَّ أن يتحقق يومًا ما. (الهند الفتية، 17-6-1926، الصفحة 215) *** لستُ سوى باحثٍ عن الحقيقة. وأدَّعي أني وجدت طريقًا إليها. وأدَّعي أني ثابرتُ كي أجدها، لكني أقرُّ بأني لم أجدها حتى الآن. إذ لكي نجد الحقيقة بشكل كامل يجب أن نحقِّق ذواتنا ونحقق مصيرنا بمعنى أن نصبح كاملين. وأنا واعٍ – بألم – لنواقصي، لكن قوتي كلها تكمن في هذا الوعي لأنه من النادر أن يعي الإنسان محدويته. (المرجع نفسه، الصفحة نفسها) *** أيًّا كانت الأشياء التي قمت بها في هذه الحياة، فإني لم أقم بها بدافع من العقل، وإنما بدافع من الفطرة، إن لم أقل بدافع من الله. (هاريجان، 11-12-1924، ص406) *** ما من سُبُلٍ خفية لدي. ولا أعرف ديبلوماسيةً أسلم من الحقيقة، ولا سلاحًا سوى سلاح اللاعنف. وقد أضل الطريق عن غير وعي لفترة، لكن ليس طوال الوقت. (الهند الفتاة، 11-12-1924، ص406) *** أرفض الادِّعاء بأني صاحب رؤيا، ولا أقبل الادِّعاء بالقداسة. أنا من الأرض، أرضي... ومعرَّض للكثير من الضعف مثلكم جميعًا، لكني رأيت العالم، وعشت فيه بعينين مفتوحتين، ومررت بأقسى المحن التي أسقطت الكثير من الرجال. واختبرت النظام. (خطب وكتابات، ص 531) *** أطلب من أبناء بلدي – الهند – بألا يتبعوا إنجيلاً سوى ذاك الذي يدعو إلى التضحية بالذات، تلك التي تسبق كل معركة. وسواء كنتم تنتمون إلى مدرسة العنف أم مدرسة اللاعنف، ما زال عليكم عبور نار التضحية وتجاوز النظام. (المرجع نفسه، ص532) *** صحيح أنه تم التخلي عني مرات عديدة، وأنَّ الكثيرين خيبوا أملي، وأنَّ الكثيرين ينتظرون فعل ذلك، لكني لست نادمًا على تعاملي معهم، لأني أعرف كيفية التعامل، كما أعرف كيفية عدم التعامل. إن أكثر الطرق عملية، وأجدى الطرق للمضي قدمًا في عالمنا هذا، هو أن نعامل الناس حسبما يدَّعون، طالما لا سبب يدعونا للتصرُّف عكس ذلك. (الهند الفتاة، 26-12-1924، ص430) *** أمَّا فيما يتعلق بقيادتي – إن كنت أتمتَّع بها – فإنها لم تأتي من أي طلب، بل كانت نتاج الخدمة المخلِصة. إذ ليس بوسع المرء التهرُّب من قيادة كهذه مثلما ليس بوسعه التهرب من لون جلده. وبما أني أصبحت جزءًا لا يتجزأ من هذه الأمة، فإنها ستحتفظ بي مع كل أخطائي وعيوبي التي أعي بعضها تمامًا، كما لم يقصِّر في تنبيهي إلى بعضها الآخر العديد من النقَّاد المخلصين. (الهند الفتية، 13-2-1930، ص52) *** حول رسالتي هناك أكثر من مثال في حياتي العامة، وكذلك إمكانية للرد، لكني تجنبت القيام بذلك، ونصحت أصدقائي بأن يقوموا بالمثل، لأني كرَّستُ حياتي لنشر تلك العقيدة التي قرأتها في تعاليم أكبر معلمي العالم كزاردشت وماهافير ودانيال ويسوع ومحمد وناناك وكثيرين غيرهم. (الهند الفتاة، 9-2-1922، ص85) *** حين سأغدو عاجزًا عن فعل الشر، وحين تكفُّ أفكاري، وعالمي، عن الانشغال – ولو مؤقتًا – بأي عملٍ قاس أو سيء، عندئذٍ، وليس قبل ذلك، سينتقل لاعنفي إلى قلوب العالم أجمع. ولستُ أضع بيني وبين القارىء أية استحالة لتحقق أي مبدأ أو لتجاوز أية محنة: إنها طبيعة الإنسان واستحقاقه منذ الولادة فحسب. (المرجع نفسه، الصفحة نفسها) *** لم أتوهم يومًا بأن رسالتي ستكون كرسالة فارس جوال يبحث في كل مكان عن كيفية تخليص الناس من عُسرهم. فشاغلي المتواضع هو أن أبيِّن للناس كيف يحلون مشكلاتهم. (هاريجان، 26-6-1942، ص201) *** لا يوجد شيء اسمه الغاندية، ولا أرغب في أن أترك من بعدي أية طائفة، كما أني لا أدَّعي خلق أي مبدأ جديد، أو أية عقيدة. لقد جربت، وحسب، طريقتي الخاصة لتطبيق الحقائق الأزلية في حياتنا ومشكلاتنا اليومية. (الهند الفتاة، 2-12-1926، ص419) *** فلتتحطم الغاندية إن أخطأت. لا يمكن تحطيم الحقيقة والأهيمسا، فإذا أصبحت الغاندية اسمًا آخرَ للطائفية، فإنها تستحق أن تغدو جديرةً بالتدمير. لأنني إذا أتيح لي – بعد مماتي – أن أعرف أنَّ ما ناضلت من أجله قد سقط في الطائفية فإني سأغتمُّ كثيرًا... (هاريجان، 15-7-1939، ص197) *** اللاعنف يعني، من منطلق مشروطيته الديناميكية، التألم الواعي. إنه لا يعني الخضوع لإرادة فاعل الشرِّ، بل يعني وضع الروح الكلية للمرء مواجه إرادة الطاغية. لأننا حين نعمل من منطلق هذا القانون فسيغدو المرء قادرًا على تحدِّي جبروت كل إمبرطورية غير عادلة، وأن ينقذ شرفه ودينه وروحه، وأن يؤسس لسقوط هذه الإمبرطورية، أو ولادتها من جديد. (المصدر نفسه، الصفحة نفسها) *** أريد للهند أن تعي بأنَّ لها روحًا غير قابلة للفناء، وأن بوسعها الازدهار متجاوزةً كل ضعف مادي، فتتحدى التعامل المادي للعالم بأسره. (الهند الفتاة، 11-8-1920، ص ص3 و4) *** [...] ليس هذا فحسب، بل إنَّ عقيدتي ووطنيتي نابعتان من واقع أن ديني يشمل الحياة كلها. لذلك تراني لا أريد تحقيق الأخوة أو التماثل، بشكل أساسي، بين تلك الكائنات المدعوة البشرية فحسب، وإنما أريد تحقيق التماثل مع الحياة ككل، حتى مع الزواحف الأرضية... لأننا جميعًا ندَّعي بأن الخالق ذاته خلقنا، ولأننا على هذا النحو، فيجب أن تكون كافة أشكال الحياة، مهما تنوعت، متميزة. (الهند الفتاة، 4-4-1929، ص107) *** تطلعي محدود، فالله لم يعطني المقدرة على قيادة العالم في طريق اللاعنف. لكني تخيلت أنه اختارني أداةً له من أجل تقديم اللاعنف للهند كطريق تعالج بوساطتها مع أمراضها الكثيرة. وما حققناه في هذا المجال من تقدم شيء كبير، لكن لا يزال أمامنا تحقيق الكثير. (هاريجان، 23-7-1938، ص193) *** إني خائف، بشكل أو بآخر، من زيارة أوروبا وأمريكا. وهذا ليس لأني لم أعد أثق بشعوب هذه القارات كما لم أعد أثق بشعبي، لكن السبب هو أني لا أثق بنفسي. فأنا لا أريد الذهاب إلى الغرب بحثًا عن الصحة أو للتمتع بالمناظر. كما أني لا أرغب في إلقاء الخطب العامة. وأكره أن أصوَّر كأسد. وأتساءل إن كنت مازلت أمتلك الصحة لأواجه التوتر الناجم عن إلقاء خطبة أمام الجمهور أو المشاركة في مظاهرة عامة. (هاريجان، 11-2-1939) *** الصوت الذي في داخلي هناك لحظات في حياتك تجعل الفعل واجبًا، لكن حتى في هذه الحال لن يكون بوسعك جلب صديقك معك. يجب أن يكون ذلك "الصوت الخافت" الذي في داخلك هو الحَكَم دائمًا عندما تواجه صراعًا يتعلَّق بالواجب. (الهند الفتاة، 4-8-1920، ص3) *** لا تثق إلاَّ بنفسك. عليك محاولة الاستماع إلى الصوت الداخلي، وإن لم تكن تعرف عبارة "صوت داخلي"، فبوسعك استخدام عبارة "أوامر العقل" التي يجب الامتثال لها. لأنك إن كنت لن تدعو لله، فأنا واثق أنك ستدعو لشيْ آخر سيثبت في النهاية أنه الله، لأنه، ولحسن حظنا، لا يوجد أحد، ولا يوجد شيء، في هذا الكون سوى الله. (بومباي كرونيكال، 18-11-1932) *** قبل أن يتمكن المرء من الاستماع إلى ذلك الصوت، عليه اجتياز درس مِران طويل وملائم من الخدمة. لا يمكن استغفال الناس لوقت طويل، لذلك لا يوجد أي خطر من انتشار الفوضى إن لم يستبعد رجل متواضع مثلي، (رجل) كانت له جرأة الدعوة لسلطة الصوت الداخلي، وصدَّق ما سمع عنه. (هاريجان، 18-3-1933، ص8) *** يعتقد بعضهم أن الله ذاته من اختراع مخيلتنا. إن كان هذا المنظور صائبًا فعندئذٍ ما من شيء حقيقي، وكل الأشياء محض خيال. الصوت بالنسبة لي حقيقي أكثر من وجودي نفسه؛ فهو لم يخذلني قط، وبهذا الخصوص، لم يخذل أحدًا. وبوسع أيٍّ كان الاستماع إليه لو أراد، لأنه موجود في كل منا. لكنه، كأي شيء آخر، يحتاج إلى القليلٍ من الاستعداد. (هاريجان، 8-7-1933، ص4) *** صيامي... ديني يعلمني أنه حين تحلُّ مصيبة يستحيل تجنبها، فإن كل ما بوسع المرء فعله هو الصوم والصلاة. (الهند الفتاة، 25-9-1924، ص319) *** لا أتحمل مسؤولية هذا الصوم، ولست أصوم لأتسلى، ولن أعذب جسدي طلبًا للشهرة. إذ حين أشير إلى أني أتحمل – بغبطة – آلام الجوع وغيرها من المنغصات التي يسببها الصوم، فلا تعتقدوا أني لا أتعذب. لكن يمكنني تحمُّل هذا الصوم فقط لأنه مفروض علي من سلطة عليا تمنحني القدرة على تحمله. (هاريجان، 24-8-1924، ص223) *** الصوم الحقيقي يُطهِّر الجسد والعقل والنفس. إنه يقوِّي الجسد إلى حدٍّ يجعل النفس حرة. أما الصلاة الصادقة فبوسعها فعل المعجزات، لأنها تعبِّر عن توق النفس المُلِّح إلى مزيدٍ من الطهارة. وعندما تستخدم هذه الطهارة المكتسبة لأجل غاية نبيلة تتحول إلى صلاة. (الهند الفتاة، 24-3-1920، ص1) *** قناعتي الخاصة والراسخة هي أن قوة الروح قادرة على قهر الجسد. (الهند الفتاة، 23-10-1924، ص354) *** هناك شيء له علاقة بالامتناع عن إشباع رغبات الجسد. إذ تستحيل رؤية وجه الإله ما لم نصلب هذا الجسد، لأن تلبية احتياجات الجسد كهيكل للألوهة شيء، ورفضه كجسد بحد ذاته شيء آخر. (هاريجان، 10-12-1938، ص373) *** لقد قاومت هذا بنجاح في أعمال الصوم[2] التي قمت، أو هددت، بها. وإذا كان الخيط الذي يفصل بين الغايات الأنانية وغير الأنانية موضوع جدلٍ ورقيقٍ جدًا، فإني أؤكد أن الشخص الذي يتطلع إلى نهاية الصيام هو شخص أناني وإلا يجب أن تتغير القاعدة بحيث تصبح رفض الاستسلام حتى وإن أدى هذا إلى موت الصائم. لأن الناس إذا ما اعتادوا تجاهل الصوم الذي بات يستخدم، من وجهة نظرهم، لغايات غير جديرة، فإن الصوم سوف يفقد صفة الإكراه الفعال، ويفقد تأثيره الذي أضحى بلا مبرر. (الهند الفتاة، 1-5-1924، ص145) *** ككل المؤسسات الإنسانية، يمكن استخدام الصوم لغايات مشروعة، أو لغايات غير مشروعة. لكن، كسلاح كبير في مخزون أسلحة الساتياغراها[3]، لا يمكن التخلي عنه بسبب أضراره الممكنة. (هاريجان، 9-9-1933، ص5) *** تناقضاتي أرفض أن أكون عبدًا للماضي، أو أن أمارس شيئًا ليس بوسعي تفهمه أو الدفاع عنه استنادًا إلى قاعدة أخلاقية. (الهند الفتاة، 21-7-1921، ص228) *** يؤكد الأصدقاء الذين يعرفونني أني متطرف بقدر اعتدالي، ومحافظ بقدر راديكاليتي. رغم أني، وربما لحسن طالعي، لدي أصدقاء متطرفون من كل الأنماط. ويعود هذا الخلط، حسبما أعتقد، إلى فهمي الخاص للأهيمسا[4]. (الهند الفتاة، 13-2-1930، ص52) *** لم يكن التناغم وثنًا بالنسبة لي يومًا، لأني مريد حق وعلي أن أعبِّر عما أشعر وأفكر به في لحظة معينة حول مسألة ما، دون أن آخذ بعين الاعتبار ما سبق لي أن قلته... فمع جلاء رؤيتي تتوضَّح نظرتي من خلال الممارسة العملية. وحين أبدِّل رأيي سيبدو التغيير واضحًا، لكن النظرة العميقة وحدها تستطيع أن تميز تطورًا تدريجيًا قد لا يبدو ملحوظًا للوهلة الأولى. (الهند الفتاة، 28-9-1934، ص260) *** لا يهمني إن كنت قد فعلت شيئًا واحدًا في حياتي من منطلق نفعي، لأني اعتبرت أن أقصى درجات الأخلاقية هي – دائمًا – أقصى درجات النفعية. (هاريجان، 8-12-1933، ص8) *** غالبًا ما اتُّهمت بأني عنيد الطباع، وأُخبرت بأني لا أنصاع لقرارات الأغلبية. واتُّهمت بأني متسلط... لكني لم أستطع البتة قبول تهمة العناد، ولا تهمة التسلط. بل بالعكس، أنا أفاخر بطبعي المرن في كل القضايا غير الحيوية. كما أني أكره التسلط. إذ إني أُقدِّر حريتي واستقلالي بقدر ما أقدِّس هذه الأمور لدى الآخرين، لأني لا أرغب في أن تتبعني نفسٌ واحدة إن لم يكن بوسعي مخاطبة عقلها. (هاريجان، 5-9-1936، ص237) *** حياة الإنسان عبارة عن سلسلات من التسويات، ما يعني أنْ ليس من السهل أن ننجز على أرض الواقع ما كنا نعتقد أنه صحيح من الناحية النظرية. (هاريجان، 5-9-1936، ص237) *** حول كتاباتي لقد أصبح تلعثمي في الكلام، والتي كانت ذات يوم مصدر إزعاج بالنسبة لي، مصدرًا للمتعة. وفائدتها الرئيسة هي أنها علمتني الاقتصاد في الكلمات. كما تكونت لدي عادة كبح أفكاري، بحيث بات بوسعي الآن أن أشهد أنه نادرًا ما خرجت من فمي، أو قلمي، أية كلمة باستهتار. ولا أتذكر البتة أني ندمت على أي شيء قلته في خُطبي أو كتاباتي، الأمر الذي جنبني الكثير من الحوادث المؤسفة، ومن ضياع الوقت. (سيرة ذاتية، أوقصة تجاربي مع الحقيقة، ص45) *** لا مكان لغير الحقيقة فيما أكتب، لأن عقيدتي التي لا تتزعزع هو أن لا دين سوى الحقيقة، ولأني قادر على رفض أي شيء حصلت عليه على حساب الحقيقة. (المصدر السابق) *** قد لا يتخيل القارىء مقدار الكبح الذي أمارسه من أسبوع لأسبوع حين أختار مواضيعي وكلماتي، لكنه تدريب بالنسبة لي. تدريب يسمح لي أن أُغنِّي في داخلي، وأن أكتشف نقاط ضعفي. لأن غروري غالبًا ما يملي علي عبارةً ذكية، أو يملي علي غضبي سلوكًا قاسيًا. لكن اقتلاع هذه الأعشاب الضارة محنة قاسية، وتدريبًا حسنًا في الوقت نفسه. (الهند الفتاة، 2-7-1925، ص232) *** أكتب كيفما تقودني الروح لأن أكتب. ولا أدعي البتة بأني أعرف بالمطلق ما إن كانت كل الأفكار الواعية، والأفعال التي قمت بها، كانت بدافع من الروح. لكنه حينما أتمعن في الخطوات الكبيرة التي اتخذتها في حياتي، وحتى تلك التي يمكن اعتبارها بالصغيرة، أتفكر بأنه ليس من الخطأ أن أقول إنها كانت بوحي من الروح. (سيرة ذاتية أوقصة تجاربي مع الحقيقة، ص206) ترجمة: أكرم أنطاكي *** *** *** * الفصل الثامن من كتاب: كتابات وأقوال للمهاتما م. ك. غاندي، ترجمة أكرم أنطاكي، معابر للنشر، دمشق، 2009. [1] التعبير الهندي المستعمل هو سانياسي التي أصلها سانياس أي الزهد. [2] هنا تأتي كلمت صوم بمعنى الإضراب عن الطعام. (المترجم) [3] كلمة سنسيكريتية تعني اللجوء إلى قوة الحقيقة أو قوة الروح. [4] اللاعنف أو اللاأذية. |
|
|