|
جامعة دمشق: إلى أين؟
عندما فكرتُ مجرَّدَ تفكيرٍ في كتابة هذا النص، انتابني، لأول وهْلَةٍ، إحساسٌ غريب، إحساسُ إنسانٍ بارٍّ بوالديه يريد أنْ يتكلَّمَ عن أُمِّه بموضوعية. إنْ صدقَ مشكلة وإنْ لم يكنْ صادقًا فالمشكلة أكبر. إذْ إنه كلما موَّهَ المشكلةَ وغطَّاها أصبحَ حلُّها أصعبَ. الأمُّ التي أريد الكلامَ عليها، حبًا وغيرةً، ليست التي ولدَتْ جسدي، بل التي ساهمتْ في بنائي الفكري. إنها جامعة دمشق. وإنني لمَدينٌ لها ما حييتُ. جامعة دمشق، التي يرجع تأسيسُ نواتها (المَدْرسة الطبية العثمانية) إلى عام 1903، هي كبرى الجامعات السورية وأمُّها وأولُ جامعة حكومية في الوطن العربي[1] ورائدة التعريب. وقد صدرَ في دمشقَ القرارُ رقم 132 تاريخ 15 حزيران 1923 عن صبحي بركات الخالدي، رئيس اتحاد الدول السورية[2] والذي يقضي بإنشاء الجامعة السورية (نص القرار مرفق في الملحق). ومنذ عام 1903 وحتى اليوم، تُراكِمُ جامعةُ دمشقَ خبرةً لا بأس بها في مجال التعليم والتعريب والبحث وتُخرِّجُ شخصياتٍ كبيرةً؛ ولكنها بالمقابل، وكأية مؤسسة، تُراكِمُ أخطاءً ليست بالصغيرة. إنَّ مَحبَّتَنا لأُمِّنا الجامعة التي أرضعَتْنا وغذَّتْنا وربَّتْنا (ألما ماتر [الأم المرضعة] alma mater) لن تَحُوْل بيننا وبين الجرأة في تحليل ما علِقَ بها على مر قرن من الزمن. ينبغي ألاَّ ننسى، بادئَ ذي بَدْءٍ، أنَّ جامعة دمشق غير معزولة عن محيطها، فهي تؤثِّر فيه وتتأثَّر به. إنها ابنة المجتمع السوري؛ وبهذا فهي تعكس مزاياه وعيوبَه. وينبغي على أي مشروع طَموح لتطوير هذه الجامعة ألاَّ يتجاهل تلك الحقيقةَ. فأيُّ تطوير في المجتمع السوري سيؤدِّي بصورة غير مباشرة إلى تطويرٍ في الجامعة. وأيُّ مشروع يهدف إلى تطوير الجامعة بمعزل عن المجتمع يبوء بالفشل. لذلك، تقع مسؤوليةُ التطوير هذه على المجتمع السوري بكافة شرائحه، وليس فقط على صُنَّاع السياسة التعليمية والتربوية في سوريا؛ لأنهم ليسوا وحدَهم المسؤولين عن أخطاء الجامعة ومشاكلها، بل نحن، السوريين، جميعًا، بصورةٍ غيرِ مباشرة، نحن بقوانيننا وأيديولوجياتنا ومعتقداتنا الاتِّكالية "التطنيشية" التمييزية الدكتاتورية الشمولية. وينبغي أنْ يتمَّ التطويرُ على جميع الصُّعُد وفي جميع المجالات في آنٍ معًا؛ إذْ لا يكفي أنْ نطوِّرَ التربيةَ فقط مِنْ دونِ تطويرِ باقي القطاعات الأخرى في المجتمع؛ هذا التطويرُ الشاملُ سينعكس إيجابًا على جامعة دمشق التي هي إحدى صور المجتمع السوري. وبهذا، لا ينجح أيُّ تطويرٍ، مهما كان كبيرًا وفعالاً، إذا جرى فقط على جامعة دمشقَ وحدها بمعزل عن محيطها. جامعةُ دمشقَ اليوم تنوء بأخطاء مرعبة، وترزح تحت روتينٍ يجعلها "تمشي" متثاقلةَ الخُطى أبطأَ من سُلَحْفاةٍ في عالَم متسارعٍ أسرع من أرنب. وإذا افترضنا جدلاً أنها "تسير"، فإنها "تسير"، شأنُها شأنُ المجتمع السوري، بسرعة ألف عقدة نفسية في الساعة، بحسب تعبير الشاعر محمد الماغوط[3]. لماذا؟ إنَّ جهودَ المحلِّلين والباحثين والدارسين لتحديد المشكلة (أو المشاكل) في جامعة دمشق أشْبَهُ بجهود الفيزيائيين الكوانتيين لتحديد مكان النترون في الذرَّة، إذْ كلَّما حدَّدوا له مكانًا وجدوه في مكان آخر. وإنَّ المرتجي حلاً جذريًا في ظِلِّ هذه الظروف "لكالمرتجي ظِلَّ الغمامةِ كلما تبوَّأَ منها للمقيل اضمحلَّتِ"[4]. عندما نَعرِف أنَّ عدد طلاب جامعة دمشق قد قفز إلى أكثر من 120 ألف طالب وأنَّ عدد موظفيها جميعاً مع الأساتذة والإداريين يبلغ 8000، من بينهم 1748 من أعضاء الهيئة التدريسية، نقف عند مشكلة مرعبة. كيف يمكن لكادر إداري مهما كان تأهيله أنْ يقود جامعةً بهذا الحجم الهائل؟! وكيف يمكن لرئيس جامعة واحد مهما عيَّنَ حوله من نواب ومستشارين أنْ يديرَ مثل هذه المؤسسة؟! إنَّ مشكلةَ التضخم العددي للجامعة وضبابيةَ بعض القوانين والتشريعات من جهةٍ وجهْلَ بعضِ المسؤولين والمديرين والموظفين بالقوانين من جهةٍ أخرى يَنتُج عن كلِّ ذلك روتينٌ وبيروقراطيةٌ وبطءٌ في تنفيذ المعاملات، بل وضياعها. "يريد" القائمون على إدارة جامعة دمشق وكذلك "صانعو" (أو بالأصح "مُصَنِّعو") التعليمِ في سوريا أنْ يطوِّروا الجامعةَ ويحسِّنوا من أدائها ويبنوا صرحها العلمي بما يتوافقُ والمعاييرَ الدولية للجودة، ولكنْ دون أنْ ينفقوا شيئًا أو أنْ ينفقوا النزْرَ القليل. إنَّ إحدى الأفكار التي تُدَمِّر الجامعةَ هي إرادة بنائها فقط. فإذا كانوا "يريدون" التطويرَ ولا ينفقون حتى الشيءَ اليسيرَ فهذا يعني أنهم لا يريدون سوى التغطية الإعلامية وتمويهِ الأخطاء وتخدير الضمير. والأنكى من ذلك أن المؤْمنين بتطوير الجامعة (ويُعَدُّون على أصابع اليدَين) يعتقدون أن التطوير يتم في الأدوات والمعدات أو في أحسن الأحوال في الدورات التدريبية وما إلى هنالك. وينسون العاملَ الأساسيَّ في كل تغيير وتطوير، ألا وهو الإنسان؛ فكلُّ إدارةٍ لا تأخذ الإنسانَ بالحسبان لا يُكتَب لها النجاح مهما كان. هناك نخْرٌ وتحطُّمٌ ولامبالاةٌ وخواءٌ وإحساسٌ بالظلم في نفسية العامل أو الموظَّف. لذلك فهو يعمل في الظاهر لصالحها وفي الباطن ضدَّها. يُقَبِّل أيديَ مسؤوليها وربما يدعو على بعضها بالكسر. فيعيش حالةَ فُصام نفسي؛ فهو مع الجامعة وضدها؛ هو معها لأنه ليس أمامه من خيار غيرها ولأنَّ القدَرَ وضعَه مرغمًا فيها ولم يقدِّمْ له فرصةً أخرى ليختار؛ وهو ضدَّها لأنها بخَسَتْه حقَّه. وليست هذه حال موظف جامعة دمشق فحسب، بل حال أغلب موظَّفي الدوائر الحكومية في سوريا؛ وليست المشكلة في المسؤولين فقط، بل في المواطنين السوريين ككل، في أيديولوجياتهم وقناعاتهم. ويتوهَّم بعضُ المديرين أنَّ الموظَّفَ ما عليه إلاَّ أنْ ينفِّذَ مهما كان الأجر قليلاً متذرِّعين بالحجة الواهية بأنَّ العقد شريعة المتعاقدين! فيقتصر عملُ الموظَّفين على تنفيذ ما يطلبه المديرُ منهم تنفيذًا آليًا. والمثاليُّ فيهم هو من يربط "الأرنبَ" في المكان الذي يريده المديرُ. فسياسةُ أغلب المديرين هي: على الموظَّف أو العامل أنْ ينفِّذ ولا يحق له أنْ "يرتئيَ"، في حين أنَّهم لا يمتلكون لا رؤيةً ولا استراتيجيةً ولا يفعلون شيئًا سوى أنهم ينفخون في قِرْبة أنانيتهم. ليس الموظَّفون سوى أحجارِ شطرنجٍ أو بالأصحِّ ليسوا سوى أزرارٍ في جهازِ تحكُّم يَضغط عليهم المديرُ أنَّى يشاء فيستجيبون استجابةً شِبْهِ منعكسة. ما يحصل أحيانًا هو أنه من شدة الضغط على بعض الأزرار تقلُّ استجابتُها. فليفهمْ مستخدمو جهاز التحكم أنه لا يعمل بدون طاقة وأنه ينبغي الضغط على أزراره برفق. إنَّ أكبر مؤشر على وجود خطأ مرعب في التطبيق الإداري هو أنَّ الموظَّفين يتنفَّسون الصُّعَداءَ عندما يغيب المديرُ كمجموعة من الفئران تلعب في غياب القِطّ. وهذا يؤدِّي إلى عدم إمكانية تطبيق مبدأ العمل كفريق، ذلك المبدأ المهم جدًا لتطوير جامعة دمشق. إنَّ بين العامل في القطاع الحكومي في سوريا بشكل عام وبين مؤسسته شَعرةَ معاوية. وجامعةُ دمشقَ ليست مستثناةً من ذلك، إذْ تعاني من مشكلة انعدام الثقة بينها وبين الموظَّف وضعف انتمائه لها. فكيف يثق بمؤسسة لا تكافئه في أغلب الأحيان على العمل الإضافي وتحاسبه على التأخير في وصوله إلى عمله؟! فمسؤولو الجامعة لا تهمُّهم، على ما يبدو، نوعيةُ العمل ولا جودتُه بقدْر ما يهمُّهم إطاعةُ أوامرهم والالتزامُ بالدوام "الرسمي". وربما يكون مرَدُّ ذلك إلى أنَّ الثقافة في سوريا والشرق بصورة أعم تركِّز على القشور أكثر من تركيزها على الجوهر. فالثقافةُ السوريةُ على الخصوص والإسلاميةُ على العموم تقوم على الاكتفاء بالنظر إلى الشكل الظاهر. إذْ فهموا فهمًا خاطئًا الفكرةَ التي تقولُ: "لنا الظاهرُ واللهُ يتولَّى السرائرَ" والمستوحاةَ من حديث النبي: "إنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوب النَّاسِ ولا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ" (البخاري ومسلم) وكأنَّ النبيَّ آنئذٍ ولأسبابٍ سياسيةٍ بحتةٍ كان يريد ولاءَ العرب له ولو باللسان فقط بهدف تأسيس الدولة: "إنِّي أُرِيدُ مِنْهُمْ [العرب] كَلِمَةً واحِدَةً تَدِينُ لَهُمْ بِها العَرَبُ وتُؤَدِّي إلَيْهِم العَجَمُ الجِزْيَةَ" [...] قُولُوا: لا إلَهَ إلا اللهُ." (أخرجه الترمذي وابنُ حِبَّان وأحمد) مما أدَّى، كنتيجةٍ حتمية، إلى تفَشِّي مرضٍ كان نبيُّ العرب نفسُه يخشاه على أمَّته:، ألا وهو "النفاق": "إنَّ أخْوَفَ ما أخافُ عليكم بعدي منافقٌ عليم اللسان." وأُفرِدَتْ سورةٌ كاملةٌ للمنافقين. كما أنَّ غياب مبدأ العدالة ومبدأ "التعزيز" قبل "التعزير" يفاقمان المشكلةَ. فشعور العامل بالظلم والغُبْن يُفَرَّغ على الأغلب بطريقتين: إمَّا بالبحث عن فرصةٍ أخرى وإمَّا بـ"التطنيش" أو اللامبالاة. وهذا ينعكس سلبًا على أداء الجامعة الذي لا يهمُّ إلاَّ القليلَ القليلَ من صُنَّاع القرار. كما أن غياب الحوار بين المسؤول وبين العامل يزيد البِلَّةَ طينًا. إنَّ وضع العامل في القطاع الحكومي في سوريا يشبه إلى حد ما وضْعَ الشباب الألمان في سنوات الثلاثينات، حيث تقول سيمون ﭭـايل Simone Weil في تحليلها لمشاكل الشباب في ألمانيا: إنَّ حياة الفراغ والبؤس هذه، والتي تَحرِم العمالَ من كرامتهم كمنتجِين، تنزع من العمال المؤهَّلين مهارتَهم وتنزع من الآخرين كلَّ فرصة في أنْ يبرعوا في أي شيء كان؛ فهذه الحياةُ التي ينتج عنها بعد سنتين أو ثلاث أو أربع سنوات اعتيادٌ مؤلم لا تقوم بإعداد المرء لتجشُّـمِ جميع مسؤوليات اقتصاد جديد[5]. فالعمل في جامعة دمشق يؤدي على الأغلب إلى قتلِ خبرةِ مَن لديهم خبرةٌ وإلى حرمان الآخرين مِن اكتساب خبرة؛ إذْ إنَّ طبيعة العمل هي بطالة مقَنَّعة واعتياد مؤلم على الملل والكسل. ومن المشاكل الكبيرة التي تعترض التطوير في جامعة دمشق مشكلةُ ضبابية القوانين وحتى جهل المسؤولين بها؛ وإنْ عرفوها فإنهم يطبقونها حسب أهوائهم لكونها مطَّاطةً. فتعطي القوانينُ الإيجابيةُ نتائجَ سلبيةً، لأنَّ المشكلة ليست في القوانين، بل في الأشخاص الذين يطبِّـقون هذه القوانينَ، كما يقول مثلٌ بوذي: "المنهج الجيد الذي يطبقه شخصٌ سيِّء يعطي نتائجَ سيئة". يقول رجُـلُ الأعمال السوري الدكتور عثمان عائدي في معرِض تحليله للعقبات التي تعترض المستثمرين في العالَـم العربي عمومًا وفي سوريا خصوصًا: سواء في سورية أو العالم العربي ككل، أعتقد أن أبرز عائق يعترض رجال الأعمال والمستثمرين هو عدم وضوح القوانين والأنظمة بحيث تتيح العبارات المبهمة غالبًا للموظفين العاديين غير المسؤولين الاجتهاد المتعسف في تطبيق القانون والأنظمة، مما يؤدي إلى التضييق والتقييد وعدم المرونة في تنفيذها ظنًا منهم أنهم يدافعون عن مصالح الدولة، وأحيانًا لعدم رغبتهم في تحمل المسؤولية. وغالبًا ما تؤدي تصرفاتهم إلى عكس ما يريده المشرِّع ، فينزلق الجهاز المختص إلى الاعاقة والتجميد في البيروقراطية[6]. لقد أصابَ الدكتور العائدي كبِدَ الحقيقة؛ وما يقوله ينبطق أيضًا على جامعة دمشق. إنَّ الإدارة في جامعة دمشق مَحْرقة (التعبير لمدير سابق في العلاقات الدولية والثقافية في الجامعة) يحرق فيها المديرُ كفاءاتِه في تسيير معامَلاتٍ وتنفيذِ أوامرِ مَنْ هُمْ أعلى منه مِنْ صنَّاعِ السياسة التعليمية السورية الذين لا يعرفون جيدًا الواقعَ التعليميَّ في سورية. لا ضَيْرَ في أنْ ينفِّذَ العاملون أوامرَ المدير ولا في أنْ ينفِّذَ المديرُ أوامرَ وقراراتِ صُنَّاع القرار؛ ولكنَّ المشكلةَ في الأوامر والقرارات نفسِها وفي الاستعداد النفسي للمنفِّذين لها وفي عقلية الذين يُصْدِرونها. عندما يزيد النخرُ والضعف في داخل الإنسان تتولَّد لديه رغبةٌ وربما حاجةٌ إلى تغطية ضعفه بالإيهام، عن غير قصد منه أو عن قصد، بأنه قوي. وكلما ازداد النخرُ كبُرَ التسويقُ الإعلاميُّ الذي لا يفيد في حل المشكلة، بل على العكس يُفاقِمها من خلال تغطيتها. فنرى في جامعة دمشق سياسةَ النعامة ونسمع جعجعةً ولا نرى طحنًا. بالإضافة إلى مشكلة التضخم العددي أو السُّمنة المَرَضية للجامعة وبالإضافة إلى مشكلة العلاقة الواهية كخيط العنكبوت أو كشعرة معاوية بين الإدارة والعامل ومشكلة التلميع الإعلامي، هناك مشكلة مالية مرعبة. إنَّ تماديَ المحاسب في أية إدارة يُعزَى إلى ضعف رئيسه أو تواطئه. والمشكلة المالية ناتجة عن مشكلة أعمق تتعلق بمشكلة في النظام التعليمي والإداري والقانوني والمالي للجامعة، وهذه المشكلة ناتجة بدورها عن مشكلة أعمق تتعلق بالعقلية أو الذهنية التي يتمتع بها القائمون على صنع السياسة التعليمية، بل تتعلق بالعقلية العربية والشرقية بصورة أعم. ناهيكم عن الفساد الأخلاقي والعلمي لبعض الأساتذة، يكاد لا يوجد بحث علمي، مع أنَّ هناك ميزانيةً تُرصَد، ويسري إلى الأسماع أنَّه ليس هناك بند في القانون لصرفها!!! إنْ كان ذلك صحيحًا، فشرُّ البلية ما يضحك! فأين البحثُ العلمي وأين ميزانيتُه في جامعة ضخمة مثل جامعة دمشق؟ وأين من عينِيْ حبيبٌ ساحرٌ فيه عزٌّ وجلالٌ وبهاء؟ واثقُ الخطوة "يمشي" ملَكًا... لكنَّ البحثَ العلمي لا "يمشي" في جامعة دمشق إلاَّ مُتَوَكِّئاً على بعض الأساتذة مشْيَ عجوزٍ شمطاء إحدى رِجْلَيها في القبر. علمًا أنَّ قوة أية جامعة تتأتَّى من قوَّتها في البحث العلمي. وغيابُ البحث العلمي يُحوِّل الجامعة إلى مَدْرسة ثانوية من مدارس دمشق. ولهذا نرى جامعةَ دمشق، شأنها شأن جامعات العالم العربي، تغيب مثلاً عن تصنيف "كيو إس تايمز" QS Times لأفضل مئتَي جامعة في العالم. أمَّـا بالنسبة للتعليم في جامعة دمشق فإنه مازال تعليمًا تلقينيًا في مجمله، وبذلك فهو لا يشجِّع على البحث والإبداع. التعليم في جامعة دمشقَ تقليدي؛ والتقليد، بحسب جِدُّو كريشنامورتي Jiddu Krishnamurti (1895 – 1986)، يقتلُ الإبداعَ ويفكِّكُ المجتمعَ. وكلُّنا يَعْلَمُ أنَّ جوهرَ رسالة القرآن هي الحثُّ على التفكير وعلى عدم الاتِّباع الأعمى وقد انتقدَ القرآنُ انتقادًا شديدًا من يقولون: "بل نتَّبع ما وجدْنا عليه آباءنا". يرى المفكِّرُ صادق جلال العظم الذي كان يعمل أستاذًا في جامعة دمشق ورئيسًا لقسم الفلسفة فيها بأن الإيديولوجيا المتَّبعة في قسم الفلسفة، على سبيل المثال، في جامعة دمشق هي إيديولوجيا عفوية تلقينية، وإنَّ لديه تحفُّظاتٍ كثيرةً على طريقة تدريس الفلسفة في الجامعة. يقول: من تجربتي في التدريس في جامعة دمشق وفي قسم الفلسفة أجد أنه كانت هنالك أيديولوجيتان أعاقتا ما أعتبرُه الغرضَ من دراسة الفلسفة على مستوى الجامعة. أولاً، الأيديولوجية العفوية السائدة التي تأتي من الخلفية الدينية والتي تَعتبِر أنَّ التعليمَ والتدريس هو تلقينٌ للحقيقة وليس بحثًا عنها أو هو تصديق لمجموعة من الحقائق المعطاة مسبقًا. إنَّ مثل هذه الطريقة تشبه التدريسَ في كلية الشريعة والتعليم الديني عمومًا. في قسم الفلسفة تغيَّرَ المحتوى لكن الأسلوبَ بقيَ أسلوبًا تلقينيًا لا يعمل جديًا على تربية عقل الطالب على السؤال والتساؤل والتنقيب والبحث [...] ثانيًا، أيديولوجيا غير عفوية مبنية حول الماركسية والفكرة الشيوعية ومنهما تمَّ تحضيرها وتعليبها في أماكن أخرى [...] وتم استخدامها لتلقين الطلاب الفكر الفلسفي والماركسي تحديدًا بدلاً من المنهج السقراطي العقلاني الحر [...] كانت لي تحفُّظاتٌ كثيرةٌ على طريقة تدريس الفلسفة في جامعة دمشق[7]. كما تعاني جامعة دمشق من عدم وجود ذاكرة قوية لها، والمقصود بالذاكرة هو بنك معلومات متطور. فإذا احتاج المرءُ إلى معلومة عن الجامعة لا يعرف أين يجدها، هذا إذا كانت موجودة أصلاً. فمنذ سنوات كنا نبحث عن قرار إنشاء الجامعة السورية المشار إليه آنفًا فلم نجدْ له أثرًا في الجامعة. المعضلةُ الكبرى في الجامعة وأمُّ المشاكل هي ضبابية الرؤية. فنحن في الجامعة "نُسَكِّجُ" الأمورَ كيفما اتَّفق. ونؤجِّلُ المستعجَلَ. وهذا مرَدُّه ربما إلى أنَّ العقليةَ العربيةَ عقليةٌ "تسكيجية"، ترقيعية، تأجيلية. فلتطوير الجامعة، لا بد من أنْ نبدأَ من هذه النقطة، من تطوير العقلية من خلال التربية، أيْ أنْ نبدأَ من الأُسْرَة ومن المَدْرسة ومن الحضانة، أيْ أنْ نبدأَ من خارج الجامعة، ويا له من طريق طويل لا يتحمَّلُه جَزَعُ المسؤولين. إذا توغَّلْنا أكثر في المشكلة، نجد أن جذورها تعود إلى قصور الوعي المدني لدى الفرد السوري، وهو المأخذ الذي أخذَه الباحثُ ديمتري أﭭييرينوس على السوريين، إذْ يقول: سورية بلد ينطوي على كمون روحي وثقافي مذهل، مازال يَنتظِر مَن ينقِّـب فيه ويُخرِج مكنوناتِه إلى طور الفاعلية المبدعة، بعيدًا عن التغنِّي الببغائي بالتراث الماضي. الشعب السوري، مهما يقال، شعب طيِّـب في صميمه. [...] الحضارات تمر في صيرورتها بأطوار من المدِّ والجزْر - وهذا أمر طبيعي في منطق التاريخ. ما أعيبه على السوريين - وأسمح لنفسي بالنقد كـ"سوري" - هو ما يُعاب على حَمَلةِ أية حضارة أو ثقافة في طور من أطوار جَزْرها: هناك، عمومًا، تقاعُس عن الانفتاح على الحضارة الإنسانية الشاملة وارتكاس إلى التراث في قشوره، لا في جوهره. [...] مأخذي الثاني على السوريين هو قصور وعيهم المدني. الإنسان السوري ذكي وناجح جدًّا في مبادراته الفردية، لكنه، عمومًا، فاشل على صعيد العمل الجماعي المدني. وهذا ناجم أساسًا عن عدم تبلور شعوره بالمواطَنة التي لا تكتفي، بالتعريف، بالخير الفردي، بل تسعى إلى تعميمه على المجتمع. فالمدنية من المجتمع كالفضيلة من الفلسفة. خارج ردود الفعل الانفعالية الناتجة عن استفزاز أو عدوان خارجي أو عن أولوية الانتماء إلى الأسرة أو الطائفة/المذهب، مازال السوري ضعيف الانتماء إلى وطنه ككل، قليل الحرص على تطوره وازدهاره[8]. والمشكلة المرعبة الأخرى التي تخنق كلَّ نية في التطوير عند أصحاب النيَّات الحسنة هي المركزية وعدم الاستقلالية، وكأنَّ الجامعة تُدار من جهة غير أكاديمية لا تعرِف الوضعَ التعليمي في سوريا ولا حاجاتِ الجامعة. عندما سئل الأستاذ الدكتور أسعد علي[9] عن رأيه في جامعة دمشق، قال: "بحاجة إلى تطهير." فالتطهير طريقُنا إلى التطوير. لا بد من تطهير القوانين والعقليات والنفوس، وعندئذٍ يحصل التغيير. ربما تكون الخطوةُ الأولى نحو التطهير والتطوير والتغيير هي، بالإضافة إلى زيادة الأجور، أجورِ جميع العاملين وخاصةً الإداريين منهم زيادةً مجزية، إعادة النظر في سياسة الاستيعاب الجامعي وأخذ حاجات المجتمع بعين الاعتبار. ينبغي أنْ تلبِّيَ معاييرُ القبول الجامعي حاجاتِ المجتمع وليست عشوائية. كما أنه من المهم دراسة قرار جريء يقضي بتقسيم جامعة دمشق إلى عدة جامعات اختصاصية فيكون هناك، على سبيل المثال، جامعة دمشق الأولى (طب وصيدلة) والثانية (آداب) والثالثة (هندسات) وهكذا دواليك، على غرار جامعات باريس؛ على الرَّغم من أنَّ عقليتنا الوحدوية تخشى من التقسيم. علمًا أنَّ اندماجاتٍ كثيرةً حصلَتْ بين جامعات ومؤسسات تعليمية عالمية في الآونة الأخيرة بهدف تقليص النفقات الإدارية وتقوية الجامعات بتوسيع طيف اختصاصاتها الدراسية، كاندماج جامعة مانشستر ﭭكتوريا VUM وجامعة مانشستر للعلوم والتقانة UMIST.[10] لا يعني ذلك أنَّ الحل السحري هو تقسيم الجامعة. فقد يكونُ لتقسيمِ الجامعة نتائجُ سلبيةٌ فيما إذا بقيَتْ عقليتُنا وقوانينُنا وتشريعاتُنا على ما هي عليه، وحدويةً ومركزية. فلو أخذْنا نموذجَ أنجحِ جامعة بحسب تصنيف "تايمز" Times لعام 2009 وهي جامعة هارﭭـارد الأمريكية HARVARD University وطبقناه حرفيًا على جامعتنا بطريقة "الكالك" calque (المحاكاة والتقليد) فلن نحصل على النتائج المرجوة، لأن ظروفنا تختلف. الهدف من اقتراح تقسيم الجامعة هو التخفيف من المركزية والبيروقراطية. فقد يُغْني إعطاءُ الكلياتِ صلاحياتٍ ماليةً وإدارية وميزانيةً خاصة عن تقسيم الجامعة. إنَّ اندماج بعض الجامعات العالمية مع بعضها هو طريقة لتوحيد نقاط القوة لديها أو لتجميع مصالحها مع بعضها لتتمكَّنَ من المنافسة على الصعيد العالمي في عصر العولمة المادي الذي لا يرحم. ولكن جامعة دمشق، مع أنها موحَّدة ومتعددة الاختصاصات، لم تستطع أن تنافسَ الجامعاتِ العالميةَ الكبرى. كذلك فإن تقسيم الجامعة إلى جامعات تخصصية لا يمنع من تشكيل شبكات بحثية أو أقطاب على غرار أقطاب البحث والدراسات العليا الفرنسية PRES. ولكنْ يجدر الاعتراف بالخطوة الإيجابية التي قامت بها إدارةُ الجامعة بجهود بعض الأساتذة المهتمين، ألا وهي البرامج المشتركة التي أقامتها مع جامعات أوروبية، رغم وجود بعض العقبات الكبيرة التي تعترضُ تنفيذَ هذه البرامج. لنكنْ واقعيين وأقوياء بما يكفي لنعترفَ بأنَّ جامعة دمشق منخورةٌ من الداخل كنفوسنا، آيلة إلى السقوط كمِنْسأة سليمان[11] أو عصاه؛ وإنْ دلَّ ذلك على شيء فإنما يدل على تآكل الثقافة والتربية والتعليم ليس في سوريا فحسب، بل في العالَم العربي والإسلامي. وإذا كنا نحن متآكلين من الداخل وآيلين إلى السقوط ومنهارين بين الأمم فهيهاتَ هيهاتَ أنْ نعترفَ بمشاكلنا؛ إذْ إنَّ أول الطريق إلى حلِّها هو الاعتراف بها وتحديدها. ولنحتفظْ بخيوط من التفاؤل. من المؤشرات التي تدل على تخبُّط الجامعة وعلى أنها تُنازِع: جولات مسؤولي الجامعة على الأقسام والمديريات، تلك الجولات التي لا تسمن ولا تغني من جوع؛ التعاميم على العاملين وهدْر الورق لطلب التقيُّد بالدوام؛ الإعلام القوي مقابل الإنتاج الضعيف؛ المركزية وارتباط القرار العلمي بجهات غير علمية؛ الأنانية والمحسوبيات الشخصية؛ عدم وجود عقلية مؤسساتية؛ عدم وجود هامش حرية؛ دكتاتورية بعض رؤساء الأقسام وضبابية التشريعات؛ وهلُمَّ جرًا. لِنَعْلَمْ أنَّ الحلَّ لا يأتي مستورَدًا من الخارج، بل منبثقًا من رحم الجامعة. فلا تقسيم الجامعة ولا اندماجها مع جامعات أخرى يفيد إذا كان مستورَدًا من الخارج. لتطوير الجامعة، لا بد من تغيير عقلية القائمين عليها أولاً والعاملين فيها ثانيًا، وهو أمرٌ صعبٌ جدًا، على الأقل على المدى القريب. كما أنَّ التغييرَ ينبغي أنْ يبدأ على الصعيد السيكولوجي. فالجامعة ليست بالجدران، بل بالإنسان؛ وعندما تنهار إنسانيةُ الإنسان تنهار الجامعة. الرابطةُ النفسيةُ بين العامل والجامعة ضعيفة، ومردُّ ذلك إلى ضعف الأجور وإلى تعطيل المكافأة. والمكافآتُ، إنْ وُجِدَت، تُعطى في الغالب على أساس الولاءات لا على أساس الكفاءات. فالمبدأ النفسي الذي تُعبِّر عنه مقولةُ: "جُبِلَتْ النفوسُ على حُبِّ من أحسنَ إليها" شبهُ مُغَيَّبٍ من الجامعة. وبذلك، تصبح الجامعةُ أشبهَ بـ "المُنْبَتَّة": "لا أرضًا تقطع ولا ظهرًا تُبْقي"[12]. ولنعلمْ أيضًا أن قرار التغيير والتطوير لا يأتي من أدنى (العاملين)، بل من أعلى، لأن الأدنى مكبَّل بأصفاد الروتين وقراراتِ المسؤول وتعقيدات القانون. باختصار، من أجل التغيير، لا يكفي وجود أفكار عظيمة فحسب، بل أشخاصٌ عظماء يطبِّقون الأفكارَ العظيمة، أشخاصٌ مثابرون صابرون مسؤولون لا يُكَبِّلُهم الخوفُ من فقدان الكرسي أو المنصب، مخْلصون، شرفاء، يمتلكون إصرارًا ومتابعةً ونفَسًا طويلاً، يرفعون أصواتَهم عاليًا مندِّدين بالخطأ. نحن في حاجة إلى هؤلاء المسؤولين الذين يقومون بالخطوة الأولى على درب التغيير ليأتيَ غيرُهم فيكملَها من النقطة التي انتهى إليها سَلَفُه لا أنْ يهدمَ ما بنى غيرُه ويعود هو إلى نقطة الصفر. ينبغي ألاَّ يَـتَـسَـزْيَـفَ المسؤولون أكثرَ من سيزيفَ Sisyphus أو Sisyphe نفسِه الذي استطاع بمَكْرِه أنْ يخدعَ إلهَ الموت ثاناتوس Thanatos ويكبِّـلَه، فعاقبَه زيوسُ Zeus كبيرُ الآلهة، بحسب الميثولوجيا الإغريقية، بأن يُدحرجَ صخرةً عملاقةً إلى قمة جبل، فما إنْ يصل بها إلى القمة حتى تنحدرَ الصخرةُ وتسقط عند سفح الجبل، فيعود سيزيفُ لدحرجتها مرةً أخرى إلى قمة الجبل... وهكذا يبقى سيزيفُ في عذاب أبدي. لُبُّ المشكلة في جامعة دمشق هي اهتراء البِطانة. وكما يقول المثلُ العربي، والعرب لم يتركوا شيئًا ألاَّ قالوه [يقولونه فقط ولا يفعلونه][13]: "أحَـشَـفَـاً وسُوءَ كَيلة؟!" إنَّ البِطانة التي تتحكَّم أصابعُها الخفيَّةُ بإدارة جامعة دمشق الغنية لا تمتلكُ خبرةً إداريةً تُذْكَرُ ولا رؤيةً استراتيجية ولا تريد أصلاً امتلاكَ أشياء معنوية؛ وزيادةً في الطين بِلَّةٌ أنها تعمل فقط لمصالحها الشخصية. وكلُّ رئيس جامعة جديد أمامه خياران: إمَّا أنْ يدخل في هذه الشبكة وإمَّا أنْ يصبحَ خارجَ اللعبة ويُسحَبَ من تحت قدَمَيه بساطُ القرار. وإحدى أكبر مساوئ هذه البطانة أنها تضلِّل صُنَّاعَ القرار "الشرفاء" في التعليم العالي في سوريا، إذْ إنها تنقل إليهم صورةً مشوَّهة ومشوِّهة يتَّخذون بناءً عليها قراراتِهم المصيريةَ التي تُشَيِّـع التعليمَ العالي إلى مثواه الأخير. ليست المشكلةُ في وجود مشاكل في جامعة دمشق، فكلُّ الجامعات لها مشاكلها. ولكنَّ المشكلة هي تمويهُ المشكلة والوقوف مكتوفِي الأيديْ أمامَها، لا بل والتأقلمُ معها حتى تصبحَ من طبيعتنا ومن خصوصياتنا الثقافية. "إلى أين تذهب جامعةُ دمشق؟"، أو بالأصح "إلى أين يذهبون بها؟" واو الجماعة تعود على الجميع، المسؤولين أولاً والعاملين ثانيًا وباقي المواطنين ثالثًا. لدى طرح هذا السؤال على شريحة واسعة من العاملين، أجابوا: "إلى الهاوية". وننادي بأصواتٍ عالية، عسانا نجد آذانًا صاغية: "يا رُبَّـانَ السفينة الغالية! انتبِهْ! أمامَـكَ جبلٌ جليديٌّ عظيمٌ وأمواجٌ عاتية! إلى أين أنتَ ذاهبٌ بنا"؛ ولكنَّه لا يسمع أصواتَ استغاثاتنا ولا يرى الجبلَ الجليديَّ الكبير، مقارنةً بضخامةِ أنانيَّتِه، سوى طيرٍ صغير.
لقد أسمَعْـتَ إذْ ناديتَ حيًا ولكنْ لا حياةَ لمن تنادي. إنَّ المشاكل المرعبة التي تعاني منها جامعة دمشق ليست بالتأكيد عن سوء نية، بل عن حسن نية من صُنَّاعِ القرار فيها أو بالأصحِّ عن جهلٍ من بعضهم وضعف من البعض الآخر، ولكنَّ الطريقَ إلى جهنَّم معبَّدة بالنيِّاتِ الحسنة وبالجهل. فأين تذهبون؟ أيار/مايو 2009 **** *** ***
ملحق إنَّ رئيسَ اتِّحاد الدول السورية بناءً على قرار المفوَّض السامي 1459 المكرَّر المؤرَّخ في 28 حزيران 1922 المؤلِّف مؤقَّتاً اتحاد الدول السورية؛ وبناءً على اقتراح مجلس الاتحاد المؤرَّخ في كانون الأول 1922 بشأن اتحادية التعليم العالي؛ وبناءً على قرار المفوَّض السامي المؤرَّخ في 26 شباط 1923 [في النص الفرنسي: القرار رقم 1874 تاريخ 20 شباط] بشأن اتحادية معهد حقوق دمشق ومعهد الطب والمَجْمع العلمي [l'Académie Arabe] ومتحف دمشق؛ وبناءً على اقتراح مدير الأمور المُلْكية [Affaires Civiles] [المصالح المدنية]؛ يقرِّر البند الأول: الجامعة:
البند الثاني: معاهد الجامعة [Des Écoles de l'Université].
دمشق، في 15 حزيران 1923 رئيس اتحاد الدول السورية صبحي بركات الخالدي [1] كتاب تاريخ الجامعة السورية، البداية والنمو، 1901 – 1946، د. عبد الكريم رافق، مكتبة نوبل، 2004. [2] يضمُّ اتحادُ الدول السورية دويلاتِ: دمشقَ وحلبَ وبلادِ العلويين. [3] يقول الماغوط: أسيرُ بسرعة ألف عقدةٍ نفيسةٍ في الساعة / في أي اتجاه / أو فحوى هدف. / ولذلك فأية زنزانة بعد الآن / سوف تتسع لقيودي وحركة ذراعي؟ / وأيُّ قاضٍ أو حاكمٍ عُرْفي / أو نائبٍ عام سيحتمل سلاطةَ لساني والرذاذَ المتطايرَ من شفتي؟ / وأيُّ حرَسٍ أو حراب، أو حجارةِ رجمٍ / ستقف في وجه قصائدي المجنونة وهي تخرج إلى الناس / عاريةَ الصدر والعَجُـز. [4] الجملة هي من قصيدة لكُـثَـيِّـر عزَّة. يقول:
وإني وتهيامي بعزَّةَ بعـدمـا
تخلَّيتُ عما بينَنا وتخَـلَّتِ، [5] سيمون ﭭـايل Simone Weil (1909 – 1943): فيلسوفة وباحثة وروحانية فرنسية، أخت عالم الرياضيات أندريه ﭭـايل André Weil. والشاهد مأخوذ من الأعمال الكاملة، Les totalitarismes du siècle [توتايتاريات العصر [الأنظمة التوتاليتارية أو الشمولية]]، Impressions d'Allemagne [انطباعات عن ألمانيا]، 1932، ص 224. [6] مقابلة مع الدكتور عثمان عائدي أجرتْها ريما نزيه صيداني في صحيفة الشرق الأوسط، 13 أيلول/سبتمبر 2003، العدد 9055. [7] راجع: حوار مع صادق جلال العظم بعنوان: صادق جلال العظم: التصوُّر الديني الأصولي لمجرى التاريخ ... انحداريٌّ، أجراه خلدون النبواني، موقع الأوان. [8] مقابلة مع ديمتري أﭭييرينوس في مجلة شباب لك، 14/6/2006. [9] هو الأستاذ الدكتور أسعد أحمد علي من مواليد عام 1937، مرشد الاتحاد العالمي للمؤلفين باللغة العربية ورئيس مجمع البلاغة العالمي. ولد في مدينة اللاذقية في سوريا وتلقى تعليمه في جبلة وحماه وتخرَّج من كلية الحقوق بجامعة دمشق، ثم نال الدكتوراه في الأدب والدكتوراه في الفلسفة الإلهية من الجامعة اليسوعية، ودكتوراه في الفن والعرفان من جامعة طهران. يعمل أستاذًا في المنهج والبلاغة والنقد في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة دمشق وقد سبق له وأن عمل مدرسًا في لبنان، وهو عضو في جمعية البحوث والدراسات. وهو أيضًا أديب متميز، برزت اجتهاداته في العرفان واللغة، وهو شاعر أيضًا من شعراء الرمزية وخطيب لامع له من الأبحاث والدراسات ما يتجاوز الألف، وتنشر له الكثيرُ من الصحف والمجلات. تُرجِمَتْ بعضُ مؤلفاته إلى اللغة الإنكليزية وأشاد به أكثر من مؤلف أجنبي ناقلين إبداعاته في العرفان والتراث والمستقبل، ويُعرَف عن الدكتور أسعد علي أن له مشروع يُدعى "قاموس علي لألف سنة قادمة". من مؤلفاته: معرفة الله والمكزون السنجاري، فن المنتجب العاني وعرفانه، إلخ... (عن موسوعة ويكيبيديا) [10] مقالة: الجامعــات وســياسات الاندماج، الأستاذ الدكتور وائل معلا، رئيس جامعة دمشق، صحيفة الثورة، الأحد 6/9/2009، موقع البوابة السورية للتعليم العالي، موقع كلنا شركاء. [11] إشارةً إلى الآية: "فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ المَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَـيَّـنَتِ الجِنُّ أَنْ لوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِين." (سورة سبأ، الآية 14). [12] "إنَّ المُنْبَتَّ لا أرضًا قطعَ، ولا ظهرًا أبقى" هو حديث ذهبَ مثلاً، ذكرَه ابنُ الأثير في النهاية. ويقال للرَّجُـل الذي يواصلُ السَّيْرَ مواصلةً مستمرةً، فلا يريح نفسَه ولا يريح راحلتَه؛ فيقطع، مثلاً، مسيرةَ خمسةَ عشرَ يومًا في خمسة أيام، فيبرك به جَمَلَه وينقطع به ويهلك في برِّيَّة أو صحراء؛ فلا هو رفقَ ببعيره حتى يوصلَه ولو بعد عشرين يومًا ولا هو قطَعَ الأرضَ أو المسافةَ التي يريد؛ أيْ لا حافَظَ على ممتلكاتِه ولا حقَّقَ أهدافَه. والمُـنْـبَـتُّ هو الذي انقُطِعَ به في سَفَرِه وعَطَبَتْ به راحلتُه، أيْ هلكتْ وماتت؛ يقال عنه: انْبَتَّ، من البَتِّ: القطع، أيْ أنه بقيَ في طريقه عاجزًا عن مقصده، لم يقْضِ وَطَرَه، أيْ حاجتَه وبُغْيَتَه، وقد أعطبَ ظهر راحلتِه. [13] يصف المفكرُ الكبير الشيخ المرحوم عبد الله القَصيمي العربَ بأنهم "ظاهرة صوتية"، وذلك في كتاب صدَرَ في باريس عام 1977 يحمل عنوان: العرب ظاهرة صوتية. [14] البيتان هما للشاعر الفارس عمرو بن معدي كرب بن ربيعة الزبيدي (525 – 642 م.) وقد اقتبسَ البيتَ الأول عبدُ الرحمن ابن الحكم بن العاص الأموي (المتوفي عام 680)، كما اقتبسَه دُرَيد بن الصمة وبشار بن بُرد.
|
|
|