|
مواطنتي: دليل الشباب لمواطنة فاعلة في فلسطين
إرشادات حول استخدام هذا الدليل لماذا هذا الدليل؟ يهدف هذا الدليل إلى تعبئة فراغ في المكتبة الفلسطينية فيما يتعلق بالدلائل التي توضح مفاهيم وقيم المواطنة للشباب الفلسطيني، كما وتدلهم على الطرق والآليات التي تساعدهم في الحصول على حقوقهم/ن، كما والآليات التي تساعدهم على التحول إلى مواطنين فاعلين/ات في المجتمع. وبشكل أكثر تحديدًا فإن الدليل يأتي في وقت يسود فيه الخلط بين المواطنة بما هي حقوق وواجبات متبادلة مع الدولة/السلطة، وبينها بمعنى الانتماء للوطن. وفي هذا الإطار يذهب الدليل إلى ما وراء ذلك مركزًا على المفاهيم التربية المدنية/المواطنية على الأصعدة الاجتماعية والأهلية والسياسية، وليس على الصعيد السياسي لوحده، كما يركز على المواطنة في المجال التربوي، ومجال التنشئة الاجتماعية، مع وضع آليات لتفعيل المواطنة على كافة هذه المستويات. لمن هذا الدليل؟ هذا الدليل موجه أولاً إلى الشباب الفلسطيني للتعرف على مفاهيم المواطنة، وبناء مواطنة فعالة في فلسطين. وهذا الدليل موجه ثانيًا إلى المدربين/ات، بما يتضمنه من مفاهيم وتمارين يمكن أن تساعدهم فيما يقدمون من تدريبات. وهذا الدليل موجه ثالثًا إلى المعلمين والمعلمات ولوزارة التربية والتعليم ومركز المناهج لديها، لعله يساهم في إقامة وحفز بعض الأفكار لتطوير المناهج، سيما منهاجي التربية المدنية والتربية الوطنية. وهذا الدليل قابل للاستفادة منه رابعًا من قبل النشطاء في مختلف أنحاء المنطقة العربية والمدربين والمدربات والمعلمين والمعلمات والمهتمين بتنمية المواطنة في تلك البلدان. محتوى الدليل القسم الأول: تعريفات ومفاهيم وخلفية عن نشوء المواطنة 1.1 مفهوم المواطنة. 1.2 الأصل اللغوي لكلمة "مواطنة". 1.3 المواطنة والرعاية، المواطنة والتالبعية، والمواطنة، وابن البلد. 1.4 الإنسان والمواطن. 1.5 المواطنة، الجنسية، والإقامة. 1.6 المواطنة، الجنسية، والإقامة. 1.7 المواطنة، والمواطنة في المجتمع الإسلامي. 1.8 نشوء المواطنة. القسم الثاني: المواطنة الديمقراطية وحرياتها وحقوقها 2.1 الحرية والمواطنة كنتاج لثورات ثلاث. 2.2 المواطنة الديمقراطية، والديمقراطية – الليبرالية. 2.3 سيادة الشعب أم سيادة المواطن؟ 2.4 حريات وحقوق المواطنة الديمقراطية. القسم الثالث: المواطنة في التطبيق: حقوق وقيم ومهارات 3.1 الحرية، الحقوق، والواجبات. 3.2 المواطن وذاته. 3.3 المواطن والآخر: فكرة التنوع. 3.4 المواطن والآخر: التسامح والمشاركة. 3.5 مواطنة المرأة. 3.6 المواطن/ة والمجتمع. 3.7 الإطار القانوني للمواطنة. 3.8 المواطن والأقلية والأغلبية. 3.9 المواطنة العالمية. القسم الرابع: حقوق المواطنة وحرياتها، إطار إسلامي – عربي 4.1 المواطنة بين الإسلام والمسيحية: بين عالمية وخصوصية حقوق الإنسان. 4.2 حقوق المرأة العالمية والخصوصية. 4.3 الإسلام وحقوق الأقليات الدينية. 4.4 الدين وحكم القانون. 4.5 الشورى والديمقراطية. 4.6 المواطنة والهوية. 4.7 حكم الشريعة أم حكم الدستور المدني. 4.8 مسار عنفي أم مسار تطوري سلمي نحو الديمقراطية؟ القسم الخامس: قضايا أخرى للمواطنة من الواقع الفلسطيني 5.1 المواطنة وحق تقرير المصير. 5.2 المواطنة والنظام السياسي الفلسطيني. 5.3 المواطنة والقضايا الاجتماعية في فلسطين. القسم السادس: تجربة مشروع نداء المواطنة الشبابي 6.1 تعريف المشروع. 6.2 نداء المواطنة. 6.3 صياغات من الشباب الفلسطيني. 6.4 آفاق المشروع اللاحقة. ملحق: نحو مواطنة فاعلة المراجع وقراءات إضافية 1. أولاً: المراجع العربية 2. ثانيًا: المراجع الإنجليزية 3. ثالثًا: مواقع إلكترونية *** القسم الأول: تعريفات ومفاهيم وخلفية عن نشوء المواطنة 1.1: مفهوم المواطنة تعرف المواطنة على أنها "علاقة قانونية بين الحقوق والواجبات المتبادلة بين المواطن والدولة"، وذلك لكون كل منها شخصية قانونية اعتبارية يجب أن تحترم كل منها استقلال الأخرى وتتعامل كل منها على هذا الأساس. ويضيف كليفورد أوروين بأنها "توحي ضمنيًا بعضوية في مجتمع محدد بغاية أساسية" (بانفيلد وآخرون، 1994، ص 101). ويشير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلى ارتباط الفرد ببلده، حيث ورد في المادة 3 منه ما يلي: "مادة 3.2: يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده، كما يحق له العودة إليه". وبهذا فإن المواطنة تشمل 3 أوجه: - الوجه الأول: علاقة قانونية من الحقوق والواجبات المتبادلة بين المواطن والدولة. - الوجه الثاني: علاقة عضوية من الحقوق والواجبات المتبادلة بين المواطن والمجتمع. - الوجه الثالث: علاقة انتماء يترتب عليها حقوق وواجبات بين المواطن وبلده (كأن يكون البلد هو فلسطين أو مصر أو الولايات المتحدة الأمريكية وهكذا). تمرين رقم (1.1) نعمل في (4) مجموعات: المجموعة الأولى تناقش ما يلي: - ما معنى العلاقة القانونية بين المواطن والدولة؟ - ما معنى كون المواطن "شخصية قانونية اعتبارية" مقابل الدولة كشخصية قانونية اعتبارية أخرى؟ - ما هي حقوق المواطن على الدولة؟ - ما هي واجبات المواطن تجاه الدولة؟ المجموعة الثانية تناقش ما يلي: - ما هي العلاقة العضوية بين المواطن والمجتمع؟ - ما هي حقوق المواطن على المجتمع؟ - ما هي واجبات المواطن تجاه المجتمع؟ المجموعة الثالثة تناقش ما يلي: - ما هي علاقة الانتماء بين المواطن وبلده؟ - هل ولاء المواطن أولاً هو لبلده أم لنظام الحكم السائد في هذا البلد، وكيف؟ - لماذا علاقة الانتماء هي بين المواطن وبلده وليس بينه وبين "دولته". وما هو الفرق؟ - ما هي واجبات المواطن ومسؤولياته تجاه بلده، بيئةً وأرضًا وإقليمًا؟ - ما هي حقوق المواطن في بلده؟ وكيف يحصل عليها؟ المجموعة الرابعة تناقش ما يلي: - كيف نخلق صيغة للمواطنة في الشرق وفي الغرب سواء بسواء تتضمن صيغة واضحة للعلاقة القانونية بين المواطن والدولة والعلاقة العضوية بين المواطن والمجتمع، وعلاقة الانتماء بين المواطن والبلد. - ما هي ثغرات الشرق وثغرات الغرب بهذا الخصوص؟ - وكيف نعالجها؟ 1.2: الأصل اللغوي لكلمة "مواطنة" في الغرب تعود الكلمة الإنجليزية Citizen في أصلها إلى كلمة Civis الإغريقية القديمة، وكانت كلمة civis تعني ذلك الشخص القاطن في المدينة Civitas، وتقترب كلمة Civis بمعنى مواطن من كلمة Civil التي تعني مدني. وترتبط كلمة (مدني) بدورها بمجتمع مستمر ينظم العلاقة بين أفراده، وبينهم وبين الدولة حسب القانون. أما في اللغة العربية فإن كلمة "مواطن" مشتقة لغويًا من "الوطن"، وبالتالي فإن كلمة المواطنة هنا تعني "الانتماء إلى الوطن". في الغرب تم نشوء المواطنة من خلال فكرة "العقد الاجتماعي" الذي يحدد فيه المواطنون والمواطنات أسس علاقاتهم مع بعضهم البعض، وكذلك بينهم وبين الدولة، وذلك على أساس حقوق وواجبات متبادلة. أما في العالم العربي فإن فكرة "العقد الاجتماعي" لم تطبق وسادت بدل ذلك أنظمة تسلطية على المواطنين والمواطنات، فيها ساد التفكك علاقات المواطنين والمواطنات ببعضهم البعض. تمرين رقم (1.2) نعمل في مجموعتين: مجموعة (1) تناقش السؤال التالي: - كلمة citizen تعود إلى العلاقة القانونية بين المواطن والمواطن، وكذلك بين المواطن والدولة وفكرة العقد الاجتماعي. - نضع تصورًا لمضمون العقد الاجتماعي يتضمن حقوق وواجبات المواطنين المتبادلة تجاه بعضهم البعض في إطار العقد، وكذلك رسمًا لأدوار المواطنين/ات والدولة في إطار هذا العقد وكيفية توزيع المسؤوليات فيما بينهما. مجموعة (2) تناقش السؤال التالي: - لماذا منعت الأنظمة التسلطية نشوء فكرة العقد الاجتماعي في العالم العربي؟ - كيف أثر ذلك على المواطنة في العالم العربي؟ - كيف يمكن أن تنشأ فكرة العقد الاجتماعي في العالم العربي، وما هي شروط ومتطلبات ذلك؟ 1.3: المواطنة والرعية، المواطنة والتابعية، والمواطنة وابن البلد في عام 1919 رفع القائد الوطني المصري سعد زغلول شعار "مواطنون لا رعايا"، على أساس أن المواطنة ترتبط بالولاء للوطن من جهة والاستقلال من الخضوع للدولة من جهة أخرى، فيما تنظم العلاقة بين المواطن والدولة على أسس قانونية من الواجبات والحقوق المتبادلة. في المقابل رفض سعد زغلول استمرار أبناء مصر كـ"رعايا" للدولة يقعون تحت مسؤوليتها كـ"رعية" لهم/ن، بدون أن يكون لهم/ن شخصيات وإرادات مستقلة. وكانت الدولة العثمانية قبل ذلك تستعمل كلمة "التابعية" للإشارة إلى أولئك الذين يقعون تحت رعايتها، فيقال: "فلان من التابعية العثمانية"، وهكذا فإن مفرد الكلمة هو "تابع" وجمعها "أتباع". في هذا الإطار فإن "التابع" يختلف عن "الرعية"، فـ"التابع" يقع مباشرة تحت رعاية الدولة ويأتمر بأوامر موظفيها كمرؤوس لهم بشكل مباشر، أما الرعية فهو الذي يعيش ضمن منطقة الولاية الجغرافية للدولة، بحيث يأتمر بأوامرها ونظمها وقوانينها عامةً بدون أن يكون مرؤوسًا مباشرًا لأحد موظفي الدولة. وكأن الدولة العثمانية أرادت كل من يقع تحت سلطتها أن يصبحوا أتباعًا مباشرين لها وليس مجرد رعايا بشكل عام. كما أن هنالك تمييزًا يتم بين "المواطن" و"ابن البلد"، فالمواطن citizen تشير إلى الرابطة الموحدة التي تربط جميع أبناء البلد الواحد بغض النظر عن الانتماءات الجغرافية والقبلية والعشائرية الفئوية والزبائنية، كما "ابن البلد". وبغض النظر عن الدين أو اللون أو الجنس أو العرق، أو غيرها من أسس التمييز. أما "ابن البلد" compatriot فتعود إلى التمييز بين بلدة وأخرى، قرية وأخرى، وعشيرة وأخرى مما يضعف رابطة المواطنة بين الجميع. تمرين رقم (1.3) نعمل في (3) مجموعات: مجموعة رقم (1): يقول رسول الله محمد: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته": نناقش هذا الحديث ونجيب على الأسئلة التالية: 1. هل الراعي الذي تحدث عنه الرسول هو نفسه الذي رفضه القائد الوطني المصري سعد زغلول؟ 2. حديث الرسول عن الرعاية: هل يحصر "الرعاية بالدولة" أم أنه يجعلها مهمة لكل فرد في المجتمع؟ 3. هل حديث الرسول هو حول انفراد الدولة بالرعاية، أم المشاركة في الرعاية من كل أفراد المجتمع؟ 4. بناء على ما تقدم هل حديث الرسول أقرب إلى مفهوم المواطنة، القائم على المشاركة بين الجميع في تحمل المسؤولية كما في نيل الحقوق، أم أنها أقرب إلى مفهوم "الدولة الرعائية"؟ مجموعة رقم (2): نقارن بين أدوار الدولة وأدوار الرعية في ظل دولة رعائية، ونقارن بين أدوار الدولة وأدوار المواطنين/ات في ظل دولة مواطنية. مجموعة رقم 3: - نناقش حالة "الرعية"، ونقارنها مع حالة المواطنة ونضع جدولاً بالمقارنة. - نناقش حالة "ابن البلد" كأن تكون قرية معينة أو حارة معينة ونقارنها مع حالة المواطنة ونضع جدولاً بالمقارنة. 1.4: الإنسان، والمواطن من أجل إضاءة معنى كلمة "مواطن" بشكل أكبر، ربما يجدر أيضًا مقارنتها بكلمة "إنسان". الإنسان هو العضو في المجموعة الإنسانية (السلالة البشرية) بأسرها، وهو يكتسب عضويته في هذه السلالة بحكم الطبيعة، وبالتالي فإن حقه في أن يكون جزءًا من السلالة البشرية هو حق طبيعي وغير مكتسب، أي حق يولد مع الإنسان. ولا تستطيع أن تلغيه دولة أو فئة. وعلى سبيل المثال فيما ينتشر "البدون" في دول الخليج العربي، وهم مجموعة من الناس لا يحصلون على المواطنة والجنسية في تلك الدول، فإن حرمانهم من المواطنة والجنسية في تلك الدول، لا يعني حرمانهم من كونهم جزء من الإنسانية. وللإنسان، أيما إنسان، حقوق وردت في الوثائق الأممية لحقوق الإنسان ومنها: - الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948. - العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966. - العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966. - الاتفاقية الدولية لمناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1965. - الإعلان العالمي لحقوق الطفل العام 1989. - الاتفاق الدولي لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية لعام 1984. - الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965. أن هذه الوثائق مقرة من الأمم المتحدة التي تضم في عضويتها كل دول العالم، وعليه فإن الأمر يتطلب من هذه الدول اقرار وتضمين هذه الحقوق ضمن قوانينها الوطنية بحيث تصبح حقوقًا لمواطني تلك الدول أيضًا، وفي هذه الحالة لا يجب أن يبقى هنالك "بدون"، محرومون من المواطنة والجنسية، كما لا يبقى هنالك تمييز في الحقوق لأسباب دينية أو عرقية أو حسب اللون أو الجنس، أو غيره من قضايا التمييز. تمرين رقم (1.4) نناقش ضمن مجموعات ونجيب على الأسئلة التالية: - ما هي الحقوق الطبيعية التي تولد مع الإنسان، وما هي الحقوق المكتسبة التي يكتسبها المواطنون من المجتمع والدولة؟ وهل ثمة فروقات بينهما؟ - هل ينبغي أن يكون هنالك فروقات بين حقوق الإنسان المنصوص عليها في المواثيق الدولية وحقوق المواطنة المنصوص عليها في قوانين الدولة؟ أم يجب أن تتكيف القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية؟ ولماذا في كلتا الحالتين؟ - لماذ لا تلتزم بعض الدول بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وتضمنها في قوانينها الوطنية؟ - كيف يمكن تعديل القوانين الوطنية حول حقوق المواطن لتلك الدول لتنسجم مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان؟ (مثلاً بشأن حقوق المرأة). 1.5 المواطنة، الجنسية، والإقامة يرى أولئك الذين يعرفون المواطنة على أنها "علاقة قانونية بين المواطن/ة والدولة" أنه لا فرق بين المواطنة والجنسية Nationality، وأن هذه الأخيرة هي عبارة عن تعبير عن المواطنة من خلال بطاقة هوية وجواز سفر. أما الذين يعتبرون المواطنة على أنها علاقة قانونية مع الدولة، وانتماء للبلد، وعضوية في المجتمع، فيرون فرقًا بين المواطنة والجنسية، وحسب رأيهم يمكن للفرد أن يكون متجنسًا بجنسية بلد معين، فيما تكون مواطنته كانتماء وكعضوية في المجتمع تعود إلى بلد سابق هاجر منه إلى البلد الذي تجنس بجنسيته، حيث يحتفظ في البلد الجديد بانتمائه لبلده السابق، كما وارتباطه بالعادات والتقاليد والروابط الاجتماعية للبلد السابق. ومن الأمثلة على ذلك المهاجرون إلى أوروبا مثلاً من بلدان عربية، وغير عربية، حيث يحافظون على انتماءاتهم لبلدانهم الأصلية، كما ويعيشون في تجمعات خاصة بهم في أوروبا يحافظون داخلها على روابطهم الاجتماعية ويستمرون في ممارسة نفس الأنماط الثقافية والعادات والتقاليد التي جلبوها معهم من بلدانهم الأصلية. والمثال الثاني هو اللاجئون الفلسطينيون في البلدان العربية حيث حافظوا على صلاتهم الوطنية بفلسطين، وكذلك حافظوا على الروابط الاجتماعية التي كانت لهم سابقًا في فلسطين أثناء عيشهم في مخيمات اللجوء. ويجمع كلا الرأيين على ضرورة بناء علاقة قانونية بين المواطن والدولة، كما يجمعون على ضرورة إيجاد حلول للمشكلات الناتجة عن المواطنة الأصلية للمهاجرين اللاجئين والمواطنة الجديدة لهم والمتمثلة بجنسياتهم في البلدان التي لجأوا إليهم، سواء باندماجهم التام في البلدان التي هاجروا إليها، أو بحل المعانيات التي أدت إلى هجرتهم من بلدانهم الأصلية بحيث يعودون إلى تلك البلدان ليتمتعوا بالحرية والحقوق. أما بالنسبة للإقامة فهي وضع عارض ومؤقت وغير ثابت، يعطى للأجانب القادمين إلى الدولة، وهو وضع مفتوح على احتمالين: الأول هو سحب الإقامة وطرد المقيم/ة، والثاني هو التحول بعد فترة من الزمن، إذا ما لبى المقيم/ة شروطًا معينة إلى وضع التجنس. ومن الأمثلة على ذلك هو الإقامة من خلال "البطاقة الخضراء" التي تمنح للمهاجرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والتي يتلوها بعد عدد معين من السنوات منح الجنسية الأمريكية لهم/ن. تمرين رقم (1.5) نناقش في مجموعات التوجهين حول العلاقة بين الجنسية والمواطنة ونقيم كلاً منهما من خلال الحالتين التاليتين:
1.
إدوارد سعيد مواطن أمريكي من أصل فلسطيني.
2.
عزمي بشارة مواطن إسرائيلي من أصل فلسطيني. ولماذا في كلتا الحالتين؟ 1.6 طرق اكتساب المواطنة هنالك 3 طرق لاكتساب المواطنة حسب تجارب دول العالم، يحددها واينر على النحو التالي (بانفيلد وآخرون 1994، ص165): 1. اكتساب المواطنة حسب مكان الولادة: وذلك كما تفعل الولايات المتحدة على سبيل المثال. 2. اكتساب المواطنة حسب النسب والسلالة من كلا الأب والأم، وهذا ما تعتمده اليابان، وسويسرا وألمانيا على سبيل المثال. كما أن الميثاق الوطني الفلسطيني يعتمده حيث يعتبر كل من ولد لأب فلسطيني فقط (وليس لأم فلسطينية) سواء داخل فلسطين أو خارجها مواطنًا فلسطينيًا (مادة رقم 5). 3. اكتساب المواطنة بالهجرة (أي أن يصبح المرء مواطنًا في دولة جديدة يهاجر إليها)، وهذا ما تعتمده الدول المشمولة في 1 و2 سابقًا إضافة إلى نموذجها الأصلي لاكتساب المواطنة سواء بالولادة أو بالنسب. وقد أضافت إسرائيل نموذجًا رابعًا خاصًا بها حيث عرفت المواطن الإسرائيلي على أنه يشمل من ولدوا داخل إسرائيل، يضاف إليهم كل يهودي ولد خارج إسرائيل حتى ولو لم يكن بعد إسرائيليًا، حيث تعتبر إسرائيل أن كل يهودي مؤهل لأن يصبح إسرائيليًا بمجرد هجرته إليها. تمرين رقم (1.6) نناقش في مجموعات: - طرق اكتساب المواطنة في البلدان المختلفة. - نقترح نصًا حول موضوع طرق اكتساب المواطنة لقانون الجنسية في ظل الدولة الفلسطينية المستقلة القادمة، وماذا يجب أن يتضمن قانون الجنسية الفلسطينية حول هذا الموضوع. 1.7 المواطنة، والمواطنة في المجتمع الإسلامي يعترض الأستاذ طه جابر العلواني رئيس المعهد العالي للفكر الإسلامي في واشنطن على فكرة المواطنة لأنها "انتماء إلى تراب تحدده حدود جغرافية"، كما ولأنها تتحدث عن "مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات والرابطة بينهم، وكذلك بينهم وبين الدولة العلمانية والدنيوية". (العلواني، 1992، ص147). وينطلق كلام العلواني من قناعته وكذلك عدد الفقهاء الذين يساندون رأيه من أن الدولة الإسلامية لا يجب أن تكون ذات حدود وطنية محددة، كما أن دستورها يجب أن يكون سماويًا لا دنيويًا. ولا يتفق مع العلواني فقهاء مسلمون كثيرون بدءًا من الشيخين جمال الدين الأفغاني ومحمد عبدة في القرن التاسع عشر، وحتى اليوم، فبعكس العلواني يرى هؤلاء أن الدولة في الإسلام هي "دولة مدنية"، ومن حق البشر أن يقرروا كيف يرتبون أمور دنياهم من خلال الشورى فيما بينهم كمواطنين متساوين في الحرية، وفي هذا يقول الشيخ الإمام محمد عبدة: "إن الناس المؤمنين بالشورى قد نصبوا أنفسهم وفتحت أبصارهم للحق وضبط مصالح البشر لما يوافق مصالح البلاد والعباد، فالقانون العادل المؤسس على الحرية هو القانون الذي ينطبق على الأصول المدنية والقواعد السياسية العادلة" (الوقائع المصرية، 1881). إن ما يقوله الإمام محمد عبدة هنا هو التالي: 1. إن الناس المؤمنين بالشورى يحق لهم أن ينصبوا أنفسهم لحكم أنفسهم/ن بأنفسهم/ن. 2. إن هدف الحكم هو: الحق وتحقيق مصالح البلاد والعباد. 3. إن هدف الحكم يجب أن يتم في إطار القانون العادل المؤسس على الحرية. ويرتكز الإمام محمد عبدة في أقواله هذه بدون شك على تجربة "صحائف المدينة" وهي الوثيقة التي وضعها الرسول محمد لتنظيم العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين في المدينة المنورة على أساس إدارة شؤون دنياهم معًا وبشكل تشاركي فيما بينهم. تمرين رقم (1.7) نناقش في مجموعات: مجموعة (1): - ما معنى قول طه جابر العلواني أن المواطنة هي "انتماء إلى تراب تحدده حدود جغرافية"؟ وهل من الخطأ أن تكون حدود مواطنة دولة معينة محددة جغرافيًا؟ - نناقش العبارة التالية للشيخ رفاعة الطهطاوي: "الحقوق المدنية هي حقوق أهالي الوطن بعضهم على بعض، والحقوق الوطنية ليست منحة من الدولة بل هي حقوق تضامنية بين المواطنين، وهي ثمرة التعاهد بينهم لحفظ أملاكهم وأموالهم وأنفسهم وأعراضهم، فكأن الهيئة الاجتماعية قد تضامنت وتواطأت على أداء حقوق بعضهم البعض، وأن كل فرد ضمن المساعدة للباقين على فعل كل شيء لا يخالف القانون". (رفاعة الطهطاوي، 1849). - هل تتضمن فقرة الشيخ رفاعة الطهطاوي هذه فكرة "العقد الاجتماعي"، وما هي مضامين هذا العقد حسب رأيه، وما هو دور الدولة في ظل هذا العقد؟ مجموعة (2): في فترة الاقطاع في أوروبا، لعبت الكنيسة دورًا تمثيليًا للدين المسيحي واعتبرت الأوروبيين رعايا لها، واعتبرت نفسها مسؤولة عن هدايتهم. - نحلل أكثر دور الكنيسة في أوروبا تجاه المواطنين ما قبل الرأسمالية ونقارنه مع دورها بعد التحول الرأسمالي. مجموعة (3):
-
نقرأ وثيقة "صحائف المدينة" الواردة أدناه ونناقش ونحلل مضامينها. 1.8 نشوء المواطنة لم تنشأ المواطنة مع نشوء الديقراطيات المعاصرة، بل قبل ذلك، حيث ارتبط نشوؤها مع تكون حالة الاستقرار وانتقال المجتمعات البشرية إليها بعد اكتشاف الزراعة من حالة البداوة والتنقل من مكان إلى آخر. في الشرق (بما فيه العالم العربي) كان الانتقال من البداوة هو إلى دولة المواطنة المرتكزة إلى "صحائف المدينة" في عهد الرسول محمد، والتي سرعان ما تحولت من دولة المواطنة إلى دولة "الرعائية" من العهد الأموي فصاعدًا. أما في الغرب فقد نشأت المواطنة أولاً في الدول–المدن في اليونان القديمة، حيث كان المواطنون في كل مدينة، دولة Polis يجتمعون في الساحة العامة Agora، ويناقشون بحرية تعبير متساوية Isogoria كل أمور المدينة ويتخذون القرارات بشأنها، وكان جميع هؤلاء المواطنين الأحرار متساوين أمام القانون Isonomia. (روبرت دال، 1992). وفي تلك التجربة اليونانية القديمة كان العبيد والأجانب والنساء غير مشمولين في إطار المواطنة التي اقتصرت على الأحرار فقط. وفي عهد الإقطاع في أوروبا، اقتصرت المواطنة على الملوك والإقطاعيين والنبلاء فقط، فيما لم يشمل الأقنان في نطاق المواطنة. تمرين رقم (1.8) نناقش الأنشطة التالية في مجموعتين: مجموعة رقم (1): - لماذا لم تكن الحالة البدوية حالة مواطنة؟ - لماذا ترتبط المواطنة بنشوء الاستقرار؟ - ما هو أثر اكتشاف الزراعة على نشوء الاستقرار؟ - ما هو وضع البدو الحاليين في فلسطين: هل يجب حرمانهم من المواطنة لعدم استقرارهم ولماذا وبماذا يختلفون عن بدو مرحلة ما قبل اكتشاف الزراعة؟ مجموعة رقم (2): - نقارن بين تجربة "المدينة المنورة" وتجربة المدن اليونانية القديمة من حيث المواطنة ونخرج بخلاصة تحليلية. القسم الثاني: المواطنة الديمقراطية وحرياتها وحقوقها 2.1 الحرية والمواطنة كنتاج لثورات ثلاث هبت ثورات ثلاث في أوروبا بين القرن السابع عشر والقرن التاسع عشر: - الثورة العلمية: وما نتج عنها من اختراعات واكتشافات من اختراع الطباعة، واكتشاف كروية الأرض والآلة البخارية، والهاتف، والمصباح، واكتشاف كيفية تسلسل الكائنات الحية من بعضها البعض. - الثورة الصناعية: وما نشأ عنها من صناعات حديثة مبنية على نتائج الاختراعات والاكتشافات العلمية. - الثورة الفكرية: والتي تأسست على إعطاء الأولوية لدور العقل في إنتاج المعرفة، وما نجم عن ذلك من توجه للإصلاح السياسي والدين (تجربتي مارتن لوثر وكالفن). هذه الثورات أدت إلى انهيار سلطة الملوك وانتهاء النظام الإقطاعي حيث يتحكم "المواطنون" الإقطاعيون بـ"الأقنان" الذين لم يعتبروا في عداد "المواطنة"، وتم الانتقال من هذه الحالة التي تقتصر فيها المواطنة على البعض ويحرم منها الغالبية، إلى طرح فكرة العقد الاجتماعي بين مواطنين أحرار متساوين في الحقوق والواجبات. وهنا نشأت المواطنة كنتاج لهذا العقد، حيث يتمتع كل مواطن/ة بحقوق متساوية مع الآخر، كما يقوم المواطنون بواجباتهم تجاه بعضهم البعض حسب العقد، ويتواصلون في الحقوق والواجبات المتبادلة مع الدولة التي أنشؤوها لتخدمهم وتحميهم وتفصل بالمنازعات التي تطرأ بينهم/ن. وبهذا فقد نشأت "المواطنة الديمقراطية" بما هي مواطنة متساوية بين كل أبناء البلد الواحد، بديلاً لمواطنة البعض على حساب آخرى، كما كان عليه الحال في المدن اليونانية القديمة وكذلك في عهد الإقطاع في أوروبا. تمرين رقم (2.1) نناقش في مجموعتين: مجموعة (1): - ما الفرق بين المواطنة القديمة والمواطنة الديمقراطية؟ - يقول جون ستيوارت ميل (1806 – 1873): "موضوعي ليس ما يسمى بحرية الإدارة... بل الحرية المدنية والاجتماعية، طبيعة وحدود السلطة التي يمكن أن تمارس بشكل شرعي على الفرد من قبل المجتمع". (ميل، 2007، ص7). نناقش: - ما الفرق بين حرية الإرادة والحرية المدنية–الإجتماعية؟ - كيف تتجلى كل منهما؟ - أيهما يشكل الأساس لمفهوم وتطبيقات المواطنة ولماذا؟ مجموعة (2): نناقش لماذا نجحت الثورات الثلاث في أوروبا وأنتجت المواطنة، فيما لم تنجح ثورة "محمد علي" في مصر في تحقيق إنجاز مماثل؟ نناقش ونستنتج خلاصة تحليلية. 2.2 المواطنة الديمقراطية، والديمقراطية–الليبرالية تتطلب المواطنة الديمقراطية نظامًا يجمع بين الديمقراطية وبين الليبرالية، أي نظام ديمقراطي–ليبرالي: الشق الديمقراطي له أركانه التالية: 1. المساواة السياسية بين كافة المواطنين والمواطنات في حق الترشيح والانتخاب. 2. سيادة المواطنين/ات ومن خلالهم سيادة عموم الشعب بحيث أن الشعب هو مرجعية البرلمان والحكومة وهو مصدر شرعيتها من خلال الانتخابات الدورية وتداول السلطة، ومن خلال أساليب وأدوات وآليات المساءلة والمحاسبة التي يقوم بها المواطنون ومؤسسات مجتمعهم المدني خلال الفترة بين كل دورتي انتخابات.
3.
فصل السلطات الأفقي والعمودي: الأفقي من خلال فصل السلطات التنفيذية والتشريعية
والقضائية عن بعضها البعض. والعمودي من خلال فصل صلاحيات السلطات المحلية عن السلطة
المركزية، بحيث لا تعود الأخيرة تتحكم في السياسات المتعلقة بالعمليات التنموية
التي تجري في كل منطقة، بل تترك رسم هذه السياسات وتنفيذها لمجالس الحكم المحلي،
مما يعزز من تقليص احتكار السلطة التنفيذية المركزية لمصادر القوة في المجتمع،
ويحولها إلى جهة تنسيق بين مختلف فعاليات الهيئات المحلية، إضافة إلى سلطاتها
المتعلقة بالأمن وجباية الضرائب، وصرف أموال هذه الضرائب على مشاريع الخدمات لكافة
المواطنين والمواطنات. 4. التعددية الحزبية والسياسية والفكرية، من خلال تعدد الأحزاب، والاتجاهات السياسية والفكرية.
5.
حكم القانون وليس الحكم بالقانون: ويعني حكم القانون سيادته وتطبيقه على الجميع
بشكل متساوٍ بدون فارق بين وزير وغفير، أو بين غني وفقير، والقانون هنا هو لحماية
المواطنين/ات من الانتهاكات وليس سيفًا مسلطًا عليهم/ن. الشق الليبرالي من الديمقراطية–الليبرالية أما الشق الليبرالي من الديمقراطية–الليبرالية، فله أيضًا ركائز ومكونات، تشمل فيما تشمل: 1. ضمان الحريات والحقوق المدنية والسياسية للمواطنين والمواطنات من التدخل فيها أو الاعتداء عليها من قبل الدولة. 2. احترام خصوصية كل مواطن/ة، وعدم التدخل فيها، أو اقتحامها بدون قرار قضائي يبرر ذلك، ويتضمن ذلك حق المواطن/ة في تحديد طريقة حياته الخاصة، وحريته في ممارستها في إطار حيزه الخاص، وكذلك حقه في سرية مكالماته الهاتفية الخاصة ومراسلاته الخاصة وأوراقه وكتاباته. 3. حق المواطن/ات في تشكيل مجموعات المصالح، ومؤسسات الدفاع عن حقوق الفئات المختلفة، كما ومؤسسات الدفاع عن حقوق المواطنين العامة، وحقهم/ن في الضغط على صناع القرار من أجلها، كما وحقهم/ن في مراقبة ومساءلة السلطة بكافة هيئاتها بشأن حقوقهم/ن وكذلك بشأن القضايا العامة للدولة. إذن، في الإطار الديمقراطي–الليبرالي تنمو المواطنة الديمقراطية وتزدهر. تمرين رقم (2.2) نناقش في مجموعتين: مجموعة (1): نناقش ونكون معًا صورة لنظام ديمقراطي–ليبرالي فلسطيني. حسب المكونات والركائز الواردة لهذا النظام أعلاه. ونحلل كيف تنمو المواطنة وتزدهر في ظل نظام كهذا. مجموعة (2): يؤكد د. سعيد زيداني على "حيادية الدولة أو نظام الحكم تجاه الأخلاق الخاصة Private Morality وتجاه الأهداف النهائية والمثل العليا والتصورات المتنافسة بشأن الحياة الخيرة أو بشأن ما يعطي معنى للحياة" وفي ضوء ذلك يؤكد على: "الديمقراطية النيابية التمثيلية كنظام حكم في الدولة، شبكة الحقوق والحريات المتساوية والتي من شأنها توسيع الرقعة المحمية Protected Area للأفراد والجماعات، والحد من التدخل الإكراهي للسلطة الحاكمة أو الجماعة الأكبر عددًا أو الأشد بأسًا، أو تدخل أي شخص آخر، والتأكيد على أهمية المجتمع المدني (أي أهمية الحياة والفعاليات الإنسانية خارج نطاق الدائرة السياسية)، والتصدي لمسألة التوزيع المنصف للمنافع والأعباء الاقتصادية والاجتماعية بما لا يتناقض ضرورة مع اقتصاد السوق، وإن كان يعدله ويكمله بخطط وبرامج لإعادة توزيع الثروة، كما يؤكد على النضال الليبرالي من أجل التعددية (السياسية والفكرية)، ومن أجل التسامح الذي يشرعنها، ومن أجل الحقوق والحريات المتساوية للأفراد (السياسية والمدنية)، ومن أجل الديمقراطية–النيابية نظامًا للحكم في الدولة. (زيداني، 2004، ص43 – ص 44). نتمعن في النص أعلاه، ونجيب على الأسئلة التالية: 1. ما معنى "حيادية الدولة ونظام الحكم تجاه الأخلاق الخاصة، والأهداف النهائية والمثل العليا والتصورات المتنافسة". وكيف يمكن أن تطبق الدولة ذلك؟ 2. ما معنى "الحريات المتساوية" لكل المواطنين/ات وكيف يمكن تطبيقها؟ 3. كيف يتجلى دور المجتمع في ظل دولة حيادية تجاه عقائد مواطنيها ومواطناتها؟ 4. كيف يمكن أن يتم التوزيع المنصف للثروة في ظل اقتصاد السوق؟ 5. ما هو "التسامح" وكيف يشرعن التعددية السياسية والفكرية؟ 6. كيف تنمو وتزدهر المواطنة في ظل كل ما سبق؟ 2.3 سيادة الشعب أم سيادة المواطن؟ أدت النظريات القائلة بـ"سيادة الشعب"، إلى نشوء أنظمة تسمي نفسها بالأنظمة الممثلة للشعب والتي تحكم باسمه. قامت هذه الأنظمة التي تسمى بـ"الأنظمة الشعبوية" بقمع المواطن/ة الفرد سيما عندما تدعي أن ما يقوله أو يفعله المواطن/ة الفرد يتناقض مع مصالح الشعب الذي تمثله. وهنا تكون هذه الأنظمة تعسفية وغير ديمقراطية مرتين في آنٍ معًا: - مرة عندما تنصب نفسها، وبدون تفويض ناجم عن انتخابات حرة ديمقراطية، كمقررة لما يعنيه مصطلح "مصالح الشعب". - ومرة عندما تقمع المواطن/ة الذي يعبر عن اختلافه مع رؤيتها لمصالح الشعب، فقط لأنه تجرأ على التعبير عن هذا الاختلاف. وبقمعها للمواطن/ة الذي يختلف معها فإنها تثبت أنها حولت مصالحها الخاصة إلى مصالح مدعاة لكل الشعب، وبالتالي فهي ترى بمن يعترض أو يختلف خطرًا على مصالحها، ولهذا فهي تقمعه لتحافظ على مصالحها من التبديد. ولهذا كله ترى الديمقراطية الليبرالية استبدال مفهوم "سيادة الشعب" الغامض الذي يلغي التنوع باسم الوحدة والقابل للاستخدام من قبل أنظمة قمعية لمصلحتها وتمارسها باسم الحفاظ على الوحدة الوطنية، بمفهوم "سيادة المواطن/ة" الذي يعطي الأولوية للمواطن على الدولة، ويجعله مرجعية لها، ويعزز الاعتراف بتنوع وتفرد كل مواطن/ة. وبهذه الطريقة يغلق الباب أمام الاستبداد باسم تمثيل مصالح الشعب العامة. كما إن مفهوم سيادة المواطن هو المدخل الأفضل للحوار بين كافة المواطنين/ات من أجل الوصول إلى عقد اجتماعي ينظم العلاقات فيما بينهم، ويرسمون ويتفقون من خلاله على الأدوار التي للدولة أن تلعبها من أجلهم وفي خدمتهم وليس بالعكس (أي حين تكون كسيف مسلط عليهم). ومن خلال العقد الاجتماعي يتكون "الشعب" وسيادته بوصفها تعبيرًا عن نقاط الالتقاء بين مواطنين متنوعين، وليست تعبيرًا عن الوحدة التي تلغي التنوع وتجعل المواطن الفرد مضطرًا في كل الحالات للتضحية بأهدافه وطموحاته ومصالحه الخاصة من أجل مصلحة المجموع أو الشعب كما تطالب النظريات الشعبوية. تمرين رقم (2.3) نناقش في مجموعتين الأسئلة التالية: مجموعة رقم (1): 1. ماذا يعني التنوع؟ 2. ماذا تعني الوحدة؟ 3. هل يعني التنوع إلغاء الوحدة؟ 4. هل تعني الوحدة إلغاء التنوع؟ 5. كيف نجمع بين الوحدة والتنوع في العلاقة بين المواطنين/ات الفلسطينيين/ات؟ مجموعة رقم (2): نختار نظامًا "شعبويًا" موجود حاليًا أو في فترة تاريخية سابقة ونقارن بينه وبين نظام ديمقراطي، ونكتشف ونحلل الفوارق بين النظامين وتجليات مفهوم "سيادة الشعب"، و"سيادة المواطن" في كل منهما. 2.4 حريات وحقوق المواطنة الديمقراطية تتوفر حقوق المواطنة بطابعها الديمقراطي الليبرالي، إذا ما قامت الدولة بتبني المواثيق الدولية لحقوق الإنسان (انظر/ي أسماء أهم وثائقها في قسم 1.4 سابقًا). وتنقسم حقوق المواطن هذه إلى: - حقوق مدنية وسياسية. - حقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية. أما الحقوق المدنية والسياسية فتشمل: - حق كافة أفراد البشرية بالحرية والمساواة في الكرامة والحقوق. - الحق في الحياة. - الحق في عدم التعرض للتعذيب والعقوبات والمعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة. - الحق بالمساواة أمام القانون. - الحق في عدم التدخل التعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، أو لحملات على شرفه وسمعته. - الحق في حرية التنقل واختيار مكان الإقامة داخل حدود دولته. - الحق في مغادرة أي بلاد بما فيها بلده، وحق العودة إليه. - الحق في اللجوء هربًا من الاضطهاد. - الحق في التمتع بجنسية ما. - الحق في الزواج وتأسيس أسرة بدون أي قيد بسبب الجنس أو الدين. - الحق في التملك. - الحق في حرية التفكير والضمير والدين والاعتقاد، بما في ذلك حق تغيير الدين. - الحق في حرية الرأي والتعبير. - الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية. - الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده. - الحق في تقلد الوظائف العامة في البلاد. - الحق في المشاركة في الانتخابات الدورية ترشيحًا وتصويتًا. أما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فتشمل: - الحق في الضمانات الاجتماعية. - الحق في الحماية من الجوع، وضمان الغذاء محليًا وعالميًا. - الحق في العمل، والحق في حرية اختياره بشروط عادلة مرضية، وحق الحماية من البطالة، والحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي. - الحق في إنشاء والانضمام إلى نقابات لحماية مصلحة. - الحق في الراحة، وفي أوقات الفراغ، وتحديد معقول لساعات الأكل، والعطل الدورية المدفوعة الأجر. - الحق في مستوى من المعيشة كافٍ للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته. - حق الأمومة والطفولة في مساعدة ورعاية خاصتين. - الحق في التعلم، والمراحل الأولى والأساسية منه مجانية وإلزامية. - الحق في الاشتراك الحر في حياة المجتمع الثقافية وفي الاستمتاع بالفنون والمساهمة في التقدم العلمي والاستمتاع بنتائجه. وتضمنت المواثيق الدولية، وثيقة هامة أخرى تتضمن حقوق المرأة، وهي اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة CEDAW. وهي تتضمن: - إن التمييز ضد المرأة هو انتهاك للمساواة والكرامة ومبدأ المشاركة. - ضرورة مساواة المرأة في الدساتير، والحماية القانونية للمرأة بدون تمييز من الرجل. - ضرورة وضع تشريعات لتقدم المرأة، واتخاذ ترتيبات خاصة مؤقتة للتعجيل بالمساواة وحماية الأمومة. - ضرورة تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية التي تكرس الدونية وأدوار نمطية للرجل والمرأة. - المسؤولية عن تنشئة الأطفال هي مسؤولية مشتركة للمرأة والرجل. - مكافحة الإتجار بالمرأة واستغلال دعارة المرأة. - حقوق سياسية متساوية للنساء في الانتخابات والاستفتاءات وفي صياغة سياسة الحكومة والمشاركة في جميع المنظمات والجمعيات غير الحكومية. - حق المرأة في تمثيل حكومتها على المستوى الدولي. - جنسية المرأة لها حق اكتسابها، ولا تتغير بالزواج من أجنبي، وكذلك فإن للمرأة حق مساو للرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها. - تساوي المرأة مع الرجل في مجال التعليم، والمنح والدراسات العليا، ومحو الأمية وتعليم الكبار، والتربية الرياضية والبدنية... إلخ. - القضاء على التمييز في مجال العمل: كحق العمل، وفرص التوظيف واختيار العمل، والمساواة في الأجر والوقاية الصحية والضمان الاجتماعي، ومنع الفصل من العمل بسبب الحمل أو إجازة الأمومة ومنح إجازة أمومة مدفوعة الأجر. - خدمات صحية مساوية للرجل وخدمات طبية مجانية إذا تطلب الأمر في حالات الحمل والولادة. - حق المرأة في الاستحقاقات الأسرية، والقروض والأنشطة الترويحية والألعاب الرياضية وجميع جوانب الحياة الثقافية. - حقوق متساوية للمرأة في المجالات الدينية، ويشمل ذلك كافة الحقوق الدينية المتاحة للرجل المتدين بحيث تكون متاحة أيضًا للمرأة المتدينة، بما يشمل حقها في الصلاة خارج البيت وغير ذلك من الحقوق. - مساواة المرأة مع الرجل أمام القانون، وأهلية قانونية متساوية للرجل في الشؤون المدنية. - حقوق الزواج والأسرة: نفس حق الرجل في عقد الزواج، وحق طلب والطلاق، وفي اختيار الوالدية وفي ملكية وحيازة الممتلكات. أما وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الطفل فقد وردت فيها الحقوق التالية للأطفال: - الحق في الرعاية والحماية من كل أشكال القسوة والإهمال والاستغلال. - الحق في الجنسية والهوية. - الحق في المساواة بدون تمييز على أساس العرق والدين والجنسية والجنس واللون. - الحق في العائلة، والحق بالاتصال بالوالدين في حال انفصالهما. - الحق في السكن، والحق في التفهم والمحبة من الأهل والمجتمع. - الحق في الرعاية من جانب الدولة للأطفال المحرومين والمعدمين. - الحق في تكوين الآراء الخاصة تجاه ما يمسه من قضايا. - حرية التعبير. - حرية الفكر والدين والوجدان. - الحق في الوقاية من المخدرات. - منع الاستغلال الجنسي للأطفال. - منع التعذيب، وكذلك منع الإعدام أو السجن مدى الحياة لمن يقل عمره عن 18 عامًا. - منع تجنيد كل من هو دون سن الخامسة عشرة. - حرية الاجتماع للأطفال. - حرية تكوين الجمعيات. - الحق في التمتع بأعلى مستوى صحي ممكن. - حق الانتفاع بالتأمنيات. - حق التعليم/ الإبتدائي منه إلزامي ومجاني. - الاهتمام بنمو الطفل الجسدي والعقلي الاجتماعي. - حق الطفل في الراحة، ووقت الفراغ، ومزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام. - حق الطفل في الأولوية بالمساعدة في كل المناسبات. - حق التأهيل بروح التعاون والتفهم والصداقة والعدل بين الشعوب. تمرين رقم (2.4) نعمل في 4 مجموعات: المجموعة (1): تتمعن في الحقوق المدنية السياسية وتحللها وتناقش إمكانيات تبنيها وتطبيقها في فلسطين. المجموعة (2): تناقش الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتحللها وتناقش إمكانيات تبنيها وتطبيقها في فلسطين. المجموعة (3): تناقش حقوق المرأة وتناقش إمكانيات تبنيها وتطبيقها في فلسطين. المجموعة (4): تناقش حقوق الطفل وتناقش إمكانيات تبنيها وتطبيقها في فلسطين. القسم الثالث: المواطنة في التطبيق: حقوق وقيم ومهارات 3.1 الحرية، الحقوق، والواجبات يضع الديمقراطيون–الليبراليون مركز الثقل لدى التطبيق على الحرية والحقوق، ويرون الواجب الأول للمواطن/ة بأنه يتمثل في واجبه للسعي من أجل احقاق حقوقه، ويترتب على ذلك واجب آخر للمواطن/ة وهو بأن يقبل ويدافع عن حقوق الآخرين بوصفها متساوية مع حقوقه. وبهذا يرى الديمقراطيون–الليبراليون بأن الواجب ليس سوى الوجه الآخر للحق، ويتجسد الواجب من خلال مطالبة الفرد بحقوقه، وكذلك بالحقوق المتساوية لغيره. وفي المقابل ترى الأنظمة التسلطية الواجبات في إطار منفصل عن الحقوق وليس كوجه ثانٍ عبر المطالبة بها للذات وللغير لذا فإن هذه الأنظمة تركز في بياناتها وتصريحاتها ودساتيرها وقوانينها على "واجبات المواطنة"، فيما تغيب حقوق المواطنة عن تلك الوثائق، أو تتم الإشارة إليها بصورة موجزة وبدون تركيز مماثل للتركيز على واجبات المواطنة. ولمزيد من التوضيح لعلاقة الحقوق بالواجبات يمكن ضرب المثل التالي: إذا كان للفرد الحق في الحرية، فإنه يترتب على ذلك واجبات: - الواجب الأول: هو حماية والدفاع عن حريته كحق له. - الواجب الثاني: هو حماية والدفاع عن حريات الآخرين المتساوية مع حقه فيها. ويعني هذا المثال بلغة أخرى: - إن حق الفرد هو واجب على غيره تجاهه: فحق الفرد في الحرية يوجب على الآخرين احترام هذا الحق له. - إن واجب الفرد هو حق لغيره: فواجب الفرد في احترام حرية الآخرين هو حق لهم. وهذا كله يفسر أن الحقوق والواجبات ليست سوى وجهين لعملة واحدة، وليستا منفصلتين كما تحاول الأنظمة التسلطية فعله. تمرين رقم (3.1) نعمل في 3 مجموعات: المجموعة (1): نقرأ الفقرة التالية ثم نجيب على الأسئلة: "ترى بعض التوجهات أن مرحلة التحرر الوطني من الاحتلال تتطلب التركيز على واجبات المواطنة تجاه تحرير الوطن والتخلص من الاحتلال، فيما يجب توفير الحقوق للمواطنين/ات إلى ما بعد التحرر وإنجاز الاستقلال وبناء الدولة". - ما رأيك بهذه العبارة؟ - ما هي حقوق المواطن/ة خلال مرحلة التحرر الوطني؟ - ما هي حقوق المواطن/ة خلال مرحلة بناء الدولة؟ - وكيف يمكن تجسيد وتطبيق هذه الحقوق في العلاقة مع السلطة الوطنية الفلسطينية؟ المجموعة (2): نقرأ الفقرة التالية، ثم نجيب على الأسئلة: "في اللغة العربية فإن كلمة المواطنة تعود إلى الارتباط بالوطن، وبناء على ذلك يتم التركيز في التثقيف والوعظ والتعبئة السياسية على واجبات المواطن/ة تجاه الوطن أكثر مما يتم التركيز على حقوق المواطن/ة تجاه الدولة وتجاه المجتمع، أو واجبات الدولة تجاه مواطنيها". - ما رأيك بهذه العبارة؟ - كيف يمكن تحقيق الانتقال بحيث يتم التركيز على حقوق المواطن تجاه الدولة وتجاه المجتمع، إلى جانب التركيز على واجبات المواطن/ة تجاه الوطن وليس بديلاً عنها؟ - كيف يمكن تطبيق ذلك في فلسطين والعالم العربي؟ المجموعة (3): نقرأ العبارة التالية ثم نجيب على الأسئلة: "تتحدد واجبات المواطن/ة في إطار مجتمع ديمقراطي بأنها تشمل: 1) احترام القانون والنظام الديمقراطي. 2) احترام خصوصية الآخرين. 3) الحفاظ على الهدوء والسكينة والصحة العامة. 4) المشاركة في الحياة العامة وفي المؤسسات الأهلية والمنظمات والأحزاب. 5) حماية المصلحة العامة المعرفة حسب العقد الاجتماعي الديمقراطي. 6) مراقبة ومساءلة السلطة". - ما رأيك بهذه الواجبات؟ - هل من إضافات عليها؟ - انطلاقًا من الشرح حول علاقة الحقوق والواجبات: 1. أي من الواجبات المذكورة هي أيضًا حق للفرد على المجتمع، وعلى الآخرين واجب احترامها؟ 2. أي من الواجبات المذكورة هي حقوق للآخرين والمجتمع، على الفرد واجب احترامها؟ 3.2 المواطن وذاته يمارس المواطن واجب حماية والدفاع عن حقوقه من خلال حكمه لذاته Self – governance، ويكون ذلك وفق ما يلي كما يحدد المفكر المغربي المعروف محمد عابد الجابري: 1. الفرد يريد/يقرر. 2. الفرد يعرف ماذا يريد، ولماذا يريده. 3. الفرد يمتلك القدرة على تحقيق ما يريد. وتجدر الإشارة أن هنالك ارتباطًا بين النقطتين الثانية والثالثة، فالثانية تحدد أن المواطن "يعرف ماذا يريد" وذلك حسب إمكاناته الذاتية والإمكانات الخارجية المتمثلة بالفرص المتوفرة حاليًا ومستقبليًا. أي أن تحديد المواطن لما يريد يكون تحديدًا واقعيًا حسب إمكانياته وحسبما يتوفر له، وبالتالي لا يجوز أن يشطح المواطن في الخيال ليريد ما هو أكبر بكثير من إمكاناته وما هو متوفر له، وبالتالي لا يتيسر له تحقيقه. إذا حدد المواطن بشكل واقعي ما يريد آخذًا بعين الاعتبار أيضًا ما يمكن أن تأتي به إمكاناته ومواهبه وقدراته مستقبلاً، فإن المواطن سيحوز على النقطة التالية وهي: امتلاك القدرة على تحقيق ما يريد. ويشمل حكم الانسان لذاته أمورًا أخرى في إطار ما سبق ومنها: 1. أن يقرر ما يستهلك وما يفعل في إطار ما هو مسموح به قانونيًا. فالتدخين مثلاً هو مسموح قانونيًا، ولكنه ضار، ولكن المواطن/ة قد يقرر الأضرار بنفسه وبغيره أيضًا من خلال الإقدام عليه. 2. أن يقرر كيف يدير حياته الخاصة في البيت في إطار ما يسمح به القانون الديمقراطي الذي يمنعه من الاعتداء بالعنف على أي من أعضاء العائلة، وما عدا ذلك يحق للمواطن الفرد أن يمارس خصوصيته بالطريقة التي يراها مناسبة وأن يحدد بحرية نمط وطريقة حياته. 3. أن يأخذ قراراته بشأن مستقبله التعليمي والمهني. 4. أن يطالب بالحقوق للآخرين بنفس الطريقة وبمساواة مع ما يطلبه لنفسه. وغير ذلك. تمرين رقم (3.2) نرسم في مجموعات إطارًا شاملاً لحكم المواطن لذاته وما يترتب على ذلك من حقوق له وواجبات عليه تجاه الأسرة والمجتمع وعالم السياسة والاقتصاد والثقافة. 3.3 المواطن والآخر: فكرة التنوع يمكن التفكير في علاقة المواطن بالآخر بثلاثة طرق هي: أولاً: الآخر يماثلني: فهو إنسان مثلي، له: - نفس الحق في الكرامة كما هو لي. - نفس الحقوق التي هي لي. ثانياً: الآخر مختلف عني: - له هيئة وشكل مختلف، وذوق وأطباع مختلفة. - له طريقة تفكير وآراء مختلفة. - له طريقة حياة مختلفة، وعمل مختلف، ومستوى تعليم مختلف، وهكذا. ثالثاً: الآخر مماثل لي ومختلف في نفس الوقت: متماثل في الإنسانية والكرامة والحقوق والحريات، ومختلف فيما كل ما هو عدا ذلك. إذن فإن التماثل وارد، ولكن التنوع يتضمن عناصر ومكونات أكثر من عناصر ومكونات التماثل. فالحياة إذن سنتها التنوع، فلا أحد يماثل الآخر تمامًا بصورة مطلقة حتى في حالة التوأم السيامي. والتنوع ليس هو الانقسامات العائلية والعشائرية والقبلية والجهوية (حسب منطقة العيش) والتي تسمى الانقسامات الإرثية (أو الباتريمونيالية)، وليس هو أيضًا الانقسامات ما بعد الإرثية (أو النيوباتريمونيالية) والتي تشمل الانقسامات الفئوية (التناقض بين مؤيدي فئة ومؤيدي فئة أخرى مضادة) والزبائنية (والتناقض بين مؤيدي فرد داخل تنظيم أو جماعة ومؤيدي فرد آخر داخل نفس التنظيم أو الجماعة). وتقترن هذه الانقسامات بوجود فرد لا يتم التعامل معه من قبلها كمواطن حر ومستقل، بل يتم التعامل معه في إطار طحن وقمع استقلاليته لصالح دمجه في إطار العائلة – القبيلة – الفئة – أو المجموعة الزبائنية. إذ يتمرد بعض الأفراد على هذه الوضعية فإن التمرد لا يأخذ شكل التوجه نحو المواطنة الفردية المسؤولة في مواجهة الانقسامات المجتمعية، بل يأخذ شكل "التذرير"، أي تحول الفرد المتمرد إلى ذرة أنانية تسعى لتحقيق مصالحها الذاتية على حساب المجموع وبشكل غير مسؤول تجاههم/ن. وتسود الانقسامات الإرثية وما بعد الإرثية في مجتمع ما قبل ديمقراطي، وهي تقمع التنوع وتحد من حرية الأفراد والجماعات. أما في المجتمع الديمقراطي فإن نشوء المواطنة واحترام استقلاليتها وتفردها يضع الأساس اللازم لبناء التنوع، وهو حالة تحترم الاختلاف بين المواطنين والمواطنات أفرادًا ومجموعات بغض النظر عن انتماءاتهم العشائرية والقبلية والجهوية والدينية وغيرها. تمرن رقم (3.3) ننقسم إلى 4 مجموعات، كل مجموعة تختار مجتمعًا محليًا معينًا، وتناقش التنوعات الموجودة فيه حسب الدين والجنس والعمر والفئات الاجتماعية وأنواع النشاط المهني وغيرها من التنوعات، وتخرج بحصيلة تحليلية. 3.4 المواطن والآخر: التسامح والمشاركة يعرف محمد عابد الجابري التسامح على أنه "موقف فكري وعملي قوامه تقبل المواقف الفكرية والعملية التي تصدر عن الغير، سواء كانت موافقة أو مخالفة لمواقفنا". (الجابري، 1995). ويتذكر المرء في هذا المجال عبارة فولتير الذي قال "قد اختلف معك في الرأي ولكني علي استعداد إن أموت دفاعًا عن رأيك". وفي نفس المجال كتب الفيلسوف العربي ابن رشد: "من العدل أن يأتي الرجل من الحجج لخصومه بمثل ما يأتي به لنفسه، أعني أن يجهد نفسه في طلب الحجج لخصومه كما يجهد نفسه في طلب الحجج لمذهبه، وأن يقبل لهم من الحجج النوع الذي يقبله لنفسه". ويتضمن التسامح وفق ما سبق: - قبول الآخر كمختلف عن الذات. - تقبل مواقف الآخرين الفكرية سواء وافقنا أم لم نوافق عليها. ويكون التسامح دينيًا (تقبل تعدد الأديان)، وسياسيًا (تقبل تعدد الأحزاب، وتقبل واحترام الأقليات وحماية حقوق الأقليات)، وفكريًا (بفتح الطريق أمام تعدد وطرق الوصول إلى الحقيقة)، ويتضمن ذلك الاعتراف بحق الإنسان في أن يخطئ، مع جعل العقل والحوار الوسيلة الوحيدة لإقناع الآخر بخطئه ولإقناع الآخرين بعدم ممارسة هذا الخطأ (وليد سالم، 1998، ص 112). والتسامح لوحده لا يكفي إذا لم يقترن بالمشاركة والعمل المشترك بين المواطنين المتنوعين المختلفين. فالتسامح بدون مشاركة وعمل مشترك يشبه العيش معًا ولكن بشكل متوازٍ وبدون تفاعل، وفي ظل علاقات تسودها الرسمية والمجاملة، وربما تنتقل بسبب تواصل القطيعة إلى الشك والريبة المتبادلة. لذا يجدر ترجمة التسامح فعليًا إلى عمل مشترك ومشاركة. وبالمشاركة يجمع المواطنون تنوعاتهم معًا لتنتج ما هو أفضل، حيث يكون لكل مواطن إضافاته، ويكون الناتج هو مجمل هذه الإضافات كلها معًا. ويشمل حق المشاركة جميع المواطنين بدون استثناء: نساء ورجالاً، شيبًا وشبابًا وأطفالاً، معاقين وغير معاقين، والأقلية والأغلبية، والجميع بغض النظر عن الدين والجنس واللون والعرق أو غير ذلك من أسباب وعوامل التمييز. وتختلف المشاركة عن الإقصاء الذي يلغي المشاركة إلغاء كليًا، كما أنها تختلف عن الإشراك وهي طريقة يمكن أن تتخذ الأشكال التالية: - الإشراك في التخطيط دون الإشراك بالتنفيذ. - أو: الإشراك في التنفيذ بدون الإشراك بالتخطيط. - أو: الإشراك الشكلي التجميلي بدون دور فعلي. وتتم المشاركة كآلية من خلال كافة مراحل العمل ابتداء من تحديد الاحتياجات، فالتخطيط، فالتنظيم، فالتنفيذ، فالمتابعة، فالمراقبة، فالتقييم. ويتم ذلك من خلال عمل الفريق الواحد على هذه القضايا معًا، وفي حال كثرة عدد أعضاء المجموعة أو المؤسسة فإنه يتم تقسيمها إلى عدة فرق تقوم بالعمل على هذه القضايا، من خلال توزيع المهمات فيما بينها وكذلك تعميم المعلومات وتبادلها بين الفرق بحيث يستطيع كل فرد أن يلم بالصورة الشاملة ويستطيع بالتالي أن يقدم تصورات ومقترحات تفيد عمل فريقه، كما وتفيد عمل الفرق الأخرى، والعمل بأسره. تمرين رقم (3.4) ننقسم إلى 4 مجموعات تقرأ النص التالي: "يتم التمييز بين المشاركة والاشتراك والإقصاء: أما الإقصاء فهو يقوم على أساس استثناء الآخرين بشكل كامل، فيما الإشراك يكون من خلال: - الإشراك في التخطيط دون الإشراك في التنفيذ. - أو العكس: الإشراك في التنفيذ بدون الإشراك في التخطيط.
وهنالك أيضًا إشراك من خلال الدعوة للمشاركة في عضوية مجلس إدارة أو مجلس أمناء،
فقط من أجل مباركة "والبصم" على قرارات المدير بدون مشاركة. نضع بمساعدة الميسر/ة والنص أعلاه، آلية للمشاركة بين المواطنين/ات في كل مراحل التنمية: تحديد الاحتياجات، التخطيط، تنظيم العمل، التنفيذ، والتقييم، وذلك في: - فريق صغير. (مجموعة رقم 1). - ناد شبابي. (مجموعة رقم 2). - وزارة أو مؤسسة. (مجموعة رقم 3). ويمكن الاستعانة إضافة لذلك بدليل: عملية الدمقرطة: إضاءات حول الديمقراطية كمشاركة من إعداد مركز الديمقراطية وتنمية المجتمع، للمساعدة على وضع الآلية المذكورة. 3.5 مواطنة المرأة تنتقد مفكرات نسويات "مفهوم المواطنة" على أنه يركز على مشاركة المواطن/ة في الحيز العام (السياسي، الاجتماعي، والاقتصادي) والذي قد لا تستطيع المرأة المشاركة فيه بسبب عمل البيت الملقى على كاهلها فيما يهمل مشاركة المواطن/ة في الحيز الخاص (البيت، والأسرة)، وبالتالي فإن المرأة حسب هذا المفهوم تظهر وكأنها مواطنة أقل درجة من الرجل، كما لا يجري التركيز على أن مشاركة الرجل في عمل البيت هو جزء من مسؤوليات مواطنته (منار الشوربجي، 1995). وترى نفس المفكرات النسويات أن مفهوم المواطنة قد ركز على الجوانب السياسية للمشاركة، أكثر مما ركز على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لها، وهي الجوانب التي تشارك فيها المرأة أكثر لدى انخراطها في الحيز العام. تؤشر هذه الانتقادات إلى ضرورة التناول الشمولي لدى الحديث عن موضوع المواطنة، بحيث يتم طرحها على أنها تشمل: - مشاركة المواطن/ة اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا، وليس سياسيًا فقط. - ضرورة جعل عمل البيت (الحيز الخاص) مشتركًا بين الرجل والمرأة وذلك من أجل تحرير المرأة وتمكينها من المشاركة في الحيز العام السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والثقافي بشكل متساوٍ مع الرجل. - ضرورة الاعتراف بعمل البيت كعمل منتج أيضًا، وبالتالي يجعل من يقوم به رجلاً أو إمرأة أهلاً للحصول على التأمينات والضمانات الصحية والاجتماعية، حتى ولو لم يعمل خارج البيت. تمرين رقم (3.5) مجموعة رقم (1): نناقش صيغة للمشاركة في عمل البيت بين الرجل والمرأة وبمشاركة الأبناء والبنات، ونخرج بصيغة مقترحة. مجموعة رقم (2): نناقش أدوار المواطن الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ونضع لائحة بهذه الأدوار على كافة هذه المستويات. 3.6 المواطن/ة والمجتمع يمارس المواطن/ة علاقته بالمجتمع عبر عدة مستويات هي: - المجتمع بشكل عام. - المجتمع المدني ممثلاً بالمنظمات والهيئات والجمعيات والأحزاب التي تعمل بشكل مستقل نسبيًا عن الدولة. - المجتمع المحلي: وهو حيث يعيش المواطن (المجتمع المحلي الجغرافي) أو حيث يعمل أو يدرس (المجتمع المحلي القطاعي) أو حيث ينتمي من حيث الفئة الاجتماعية (المجتمع المحلي الشبابي، المجتمع المحلي النسوي وهكذا). - المجتمع السياسي: ممثلاً بالسلطة والحكومة – البرلمان. وللمواطن/ة حقوق وواجبات متبادلة مع كل من هذه: ففي علاقته مع المجتمع يتلقى المواطن/ة حقوقه في التعليم والبيئة المعافاة وغيرها، كما يقوم بواجباته من تطوع وعمل لخدمة المجتمع ورقيه، كما والرقي بالاقتصاد والتنمية في بلده. وفي علاقته مع مؤسسات المجتمع المدني يكون من حقه الانتساب لمنظمات وهيئات وأحزاب المجتمع المدني والفاعلية فيها، ومن واجبه أيضًا ممارسة هذا الحق. وفي علاقته مع المجتمع المحلي الجغرافي ينتسب المواطن/ة إلى لجنة حي تقوم بتنمية الحي، أو يساعد لجنة الحي القائمة ويشارك في أنشطتها. كما يمكن أن يشكل لجنة للتعاون مع المجلس المحلي أو البلدية القائمة في قريته/بلدته/مدينته تعمل على تطوير أوضاعها. وبالنسبة للمجتمع المحلي القطاعي فإن المواطن ينتسب إلى مجموعة طلابية إذا كان طالبًا (أو يؤسس أخرى إذا لم تعجبه أي من المجموعات الطلابية القائمة)، وينتسب إلى نقابة إذا كان عاملاً للدفاع عن حقوقه، وهكذا. وإذا كان المواطن جزءًا من مجتمع محلي يعود إلى فئة معينة (كالشباب مثلاً) فإنه يمكن أن يساهم في إنشاء مجموعات شبابية لحماية والدفاع عن حقوق الشباب، أو للمشاركة في خدمة المجتمع وهكذا. وفي العلاقة مع المجتمع السياسي يقوم المواطن بأنشطة متعددة منها على سبيل المثال لا الحصر: - متابعة أعمال المجتمع السياسي، وكتابة آرائه في مقالات ينشرها في وسائل الإعلام حول أدائه. - تقديم اقتراحات لصندوق اقتراحات المجلس التشريعي. - تقديم مقترحات لمشاريع قوانين للنقاش في المجلس التشريعي. - استضافة صناع القرار السياسي في ندوات ومحاضرات ولقاءات مع الناخبين في مجتمعه المحلي من أجل التفاعل معهم والاستماع لملاحظاتهم وتلقي أسئلتهم والإجابة عليها. - تشكيل مجموعات ضغط على صناع القرار السياسي لحثهم على تبني سياسة معينة أو لسن قانون معين. تمرين رقم (3.6) تعمل في 4 مجموعات: المجموعة (1): يسرد كراس مشروع المواطنة الصادر عن مركز إبداع المعلم في رام الله طريقة للتأثير على السياسات العامة من قبل الشباب، وهي طريقة تتم وفق المراحل التالية: 1. "التعرف على المشاكل العامة المتعلقة بالسياسات العامة في المجتمع المحلي. 2. اختيار مشكلة للعمل عليها من قبل الصف. 3. جمع المعلومات حول المشكلة. 4. تطوير ملف أعمال الطلبة تجاه المشكلة: - تفسير المشكلة. - فحص السياسات البديلة لمعالجتها. - اقتراح سياسة عامة لمعالجتها. - وضع خطة عمل لمعالجتها. 5. عرض ملف الطلبة. 6. التأمل في نتيجة التجربة". · ما رأيكم بهذه الطريقة؟ · يرجى اختيار مشكلة وتطبيق مراحل كراس "مركز إبداع المعلم" عليها وتلخيص النتائج. مجموعة رقم (2): نفكر في صيغة مقترحة للعلاقة بين مجموعة شابية ناشطة في حي مجتمع محلي معين، وبين المجلس المحلي في ذلك المجتمع المحلي، ونخرج بخطة عمل أو مشروع نعرضه على المجلس المحلي حيث يقيم أعضاء المجموعة. مجموعة رقم (3): نفكر في مشروع قانون نطرحه على البرلمان والسلطة التنفيذية، ونضع المشروع بصورة أولية تمهيدًا لتقديمه لهم. مجموعة رقم (4): نفكر في واقع الاقتصاد المحلي والوطني. نضع اقتراحات وتصورات للنهوض بالاقتصاد المحلي حيث نقيم. نضع آلية لتطبيق هذه الاقتراحات بمشاركتنا كمجموعة شبابية في المجتمع المحلي. نتابع التنفيذ مع صناع القرار الاقتصادي في المجتمع المحلي. 3.7 الإطار القانوني للمواطنة يحترم المواطنون/ات القانون الديمقراطي، ولا يخرقونه، كما يتصدون لمن يخرق القانون عبر تقديم شكاوى ضدهم/ن إلى الشرطة. وعليه لا يقبل المواطن/ة مخالفة قوانين السير، أو البخس في المكاييل، أو الغش في نوعية البضائع ورفع أسعارها، أو بيع بضائع فاسدة أو انتهت مدة صلاحيتها. وفي إطار إنفاذ القوانين وتطبيقها يبتعد المواطن عن أخذ حقه بيده، أو من خلال الحامولة والعشيرة والقبيلة، بل يلجأ إلى أجهزة إنفاذ القوانين سيما الشرطة من أجل القيام بذلك. ومن أجل البت في القضايا، لا يلجأ المواطن للطرق العشائرية، بل إلى القضاء الرسمي معبرًا بذلك عن احترامه للوسائل التي تجمع المواطنين كلهم معًا (جهاز القضاء في هذه الحالة)، وليس الوسائل التي تقسمهم إلى فئات على حساب رابطة – المواطنة الموحدة (كالقضاء العشائري والحمائلي في هذه الحالة). وإذ يطبق المواطن/ة القانون، فإنه أيضًا يسعى بشكل سلمي لتغيير بعض القوانين التي لا يراها متناسبة مع الحقوق المتساوية للمواطنين (مثلاً قانون يميز ضد حقوق المرأة فإن للنساء ومسانديهن من منظمات حقوق الإنسان وغيرها، العمل بكافة وسائل الضغط السلمية المتاحة من أجل تغييره) وهكذا. تمرين رقم (3.7) نناقش في مجموعتين المجموعة (1): - ما هي مظاهر خرق القانون في فلسطين؟ - كيف يمكن معالجتها؟ - ما هو دورنا كشباب في هذا المجال؟ وما هي الآلية التي يمكن اعتمادها للقيام بدورنا هذا؟ المجموعة (2): - نختار قانونًا فلسطينيًا فيه تمييز ضد حقوق المواطن/ة. - نناقش القانون. - نقترح تعديلات، ونحضرها للإرسال إلى المجلس التشريعي. 3.8 المواطن والأقلية والأغلبية دأبت النظرة التقليدية على القول بأن على الأقلية أن تحترم حقوق الأغلبية. وفي إطار هذه النظرة مارست الأغلبية حقوقها كاملة وفرضت نفسها على الأقلية في كافة المجالات، فنصت على دينها في الدستور على أنه الدين الرسمي للدولة بدون اعتبار لحقوق الأقلية ذات الدين المختلف، وفرضت نصوص دينها على المناهج التعليمية متجاهلة إيراد أي نص عن دين الأقلية المختلف وهكذا. على أن النظرة الديمقراطية الليبرالية، كما ومواثيق حقوق الإنسان، تختلف مع هذه النظرة وترى ما يلي: أن الأقلية تحترم حقوق الأغلبية، طالما تبادلها الأغلبية الاحترام لحقوق الأقلية، وطالما تقوم الأغلبية بحماية وصيانة حقوق الأقلية. وفيما عدا ذلك ليس للأقلية أن تحترم حقوق الأغلبية إذا لم تكن المسألة في إطار الاحترام المتبادل. ويأتي هذا الفهم انطلاقًا من مبدأ "االحريات المتساوية" بين جميع المواطنين سواء كانوا ضمن الأغلبية أو ضمن الأقلية، ولذلك لا يجوز أن تطغى حقوق مواطني الأغلبية على حقوق مواطني الأقلية، إذ أن ذلك سينطوي على خرق لمبدأ "الحريات المتساوية". وفي إطار ترجمة ذلك إلى ممارسات سياسية وغيرها، فإن دستور الدولة الديمقراطية لا يجب أن ينص على اعتماد أي دين كدين للدولة سيما إذا كان دين الأغلبية، بل يجب أن تكون الدولة محايدة تجاه أديان مواطنيها ومواطناتها بحيث يكون لكل منهم حق اختيار دينه، أو اختيار أن يكون غير متدين أيضًا، وذلك بكل حرية. وبالنسبة للمناهج فلا يجوز أن تحتوي مناهج اللغة العربية والاجتماعيات وغيرها نصوص دين الأغلبية وتهمل نصوص دين الأقلية. أو أنها يجب أن تبتعد عن إيراد نصوص دينية في تلك المناهج، وتترك تلك النصوص لمناهج التربية الدينية، حيث يكون هنالك مناهج للتربية الدينية لكل الأديان الموجودة في الدولة، وبالتالي يدرس الطلبة المنهاج الديني الذي يتسق مع الدين الذي يؤمنون به، وفي الدول الديمقراطية يعطى الطلبة الذين لا يؤمنون بالدين حق عدم دراسة هذه المادة، والتي تكون مادة اختيارية وليست مادة إجبارية ضمن المنهاج التعليمي، انطلاقًا من أن اعتناق الدين لا يتم بالإجبار، بل بالاقناع (لا إكراه في الدين فقد تبين الرشد من الغي) كما يقول النص القرآني، والذي أكدت عليه أيضًا توجهات الإصلاح في الدين المسيحي، ابتداء من مارتن لوثر في عصر النهضة لأوروبا. يتبين مما سبق أن احترام حقوق الأقلية لا يكون فقط بالنص على احترامها فقط، بل يترتب على ذلك أمور دستورية وقانونية وفي المناهج التعليمية يتوجب معالجتها، وإلا تم المس بمفهوم "الحريات المتساوية" للمواطنين/ات بغض النظر عن الدين والعرق والجنس واللون إذا لم تتم معالجتها، ويصبح هنالك مواطنون أعلى درجة من الآخرين من حيث اعتبار الدستور وتبني مناهج التعليم لدينهم وثقافتهم وقيمهم على حساب دين وثقافة وقيم الأقلية في مجتمعهم. تمرين رقم (3.8) نناقش في مجموعات ترتيبًا يقوم على أساس مبدأ "الحريات المتساوية لكل المواطنين" في كافة المجالات القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، بحيث يشمل هذا الترتيب آلية لتطبيق الحقوق المتساوية بين المسلمين والمسيحيين والسامريين في فلسطين، وبين الرجال والنساء فيها. 3.9 المواطنة العالمية مع تحول العالم إلى "قرية صغيرة" في ضوء ثورة الاتصالات ووسائل التواصل، تزداد الفرص لنشوء مواطنة عالمية ذات قيم ومبادئ واحد على حساب المواطنة الوطنية والمحلية، وفي إطار ذلك مثلاً تتوحد أوروبا بالتدريج لتصبح دولة واحدة بدون حدود تفصل بين دولها. وكما تنتج العولمة التوجه نحو التوحيد ونشر الثقافة والعلم والمعرفة، فإنها تنتج أيضًا نقيضها، وهو تعزز التوجهات المحلية المنغلقة وتحولها إلى توجهات عالمية، كما وتعولم الإرهاب، ونشوء توجهات منغلقة متضادة بين المهاجرين وبين المواطنين الأصليين في دول أوروبا مع ما ينجم عن ذلك من توترات، آخرها تمثل في منع بناء المآذن في سويسرا، في أواخر عام 2009، فما هو العمل تجاه هذه القضايا؟ يرى بعض المفكرين، أن العالم يجب أن ينتقل إلى مرحلة "ما بعد المواطنة"، حيث أن المواطنة لم تعد تكفي لمعالجة مشكلات المجتمعات المتقدمة. كيف؟ يرى هؤلاء أن المواطنة مفهوم يقوم على حقوق وواجبات مفروضة من خلال النص عليها قانونيًا، وهذا ما يخلق التناقض بين المواطنين الأصليين الذين حصلوا على هذه الحقوق وتكيفوا مع الواجبات الناجمة عنها، وبين المواطنين الجدد (المهاجرين) الذين أتوا من بلدان أخرى جالبين معهم ثقافات وتوجهات قيمية وسلوكية مختلفة. ولمعالجة هذه المشكلة يرى هؤلاء ضرورة الانتقال من مفهوم المواطنة إلى مفهوم المدنية Civility والذي يركز على السلوك الحضاري للإنسان النابع من داخله وليس المفروض عليه من الخارج كما هو الحال لدى "مفهوم المواطنة" الذي يحدد حقوقًا وواجبات بدون مشاركة المواطن/ة في تحديدها، لذا يراها مفروضة عليه. (انظر/ي نظر بانفيلد وآخرين، 1994 لمزيد من التفاصيل). فيما يحصل هذا النقاش العالمي حول الانتقال من مرحلة المواطنة إلى ما بعدها (مرحلة المدنية)، لا زالت المجتمعات العربية والفلسطينية تعيش مرحلة ما قبل المواطنة، حيث أن الأفراد لا زالوا يعتبرون رعايا للدولة بدل أن يكونوا مواطنين/ات كما يعتبرون أبناء بلد على المستوى الجغرافي، وأبناء عشيرة ضد أخرى ضمن المثل القائل "أن وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب" وغيرها من التقسيمات والثقافة التقسيمية المرافقة لها، الأمر الذي يتطلب العمل للانتقال إليها وذلك للتأسيس للانتقال إلى ما بعدها (أي المدنية) في مرحلة لاحقة. تمرين رقم (3.9) نناقش الأسئلة التالية في مجموعات: - ما رأيك بحالة المواطنة في البلدان العربية وفلسطين؟ - كيف يمكن تعزيز المواطنة في هذه البلدان؟ - هل ترى أن الدولة المتقدمة يمكن أن تنجح في الانتقال من المواطنة إلى المدنية أم لا؟ - هل توافق أن المرحلة هي مرحلة تعزيز المواطنة في هذه البلدان؟ - أم أنه يمكن الانتقال إلى مرحلة "المدنية" مباشرة في هذه البلدان؟ - وكيف في الحالتين المذكورتين في السطرين السابقين؟ القسم الرابع: حقوق المواطنة وحرياتها، إطار إسلامي – عربي هنالك قضايا عديدة تطرح بشأن المواطنة في الإطار العربي – الفلسطيني، وفيما يلي مناقشتها بإيجاز في هذا الدليل: 4.1 المواطنة بين الإسلام والمسيحية: بين عالمية وخصوصية حقوق الإنسان سبقت الإشارة في القسم الأول إلى وجود آراء متباينة بشأن فكرة المواطنة بين الفقهاء المسلمين، فهنالك من يرفضها لأنها فكر دنيوي وغربي مثل طه جابر العلواني، وهنالك من يقبلها انطلاقًا من أن سيادة الله مضمنة في الأمة، التي يحق لها في الحالة هذه أن تنظم شؤون حياتها المدنية (شؤون دنياها) بنفسها وبمشاركة كافة مواطنيها سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وقد قال بذلك الشيخ الإمام محمد عبدة، والشيخ رفاعة الطهطاوي منذ القرن التاسع عشر. على أن الخلاف حول هذا الأمر لا يقتصر عند ذلك الحد، إذن إنه يمتد أيضًا إلى حقوق المواطنة برمتها، حيث يرى بعض الفقهاء، أن حقوق الإنسان العالمية المقرة من قبل الأمم المتحدة لا يجوز تطبيقها بحذافيرها في البلدان الإسلامية، وأن لهذه البلدان خصوصية ثقافية وفكرية تجعل بعض حقوق الإنسان العالمية غير مقبولة، أو غير قابلة للتطبيق لديها، ويتم في هذا السياق ذكر حقوق المرأة وحقوق الأقليات الدينية بشكل خاص كطائفتين من الحقوق التي لا يمكن الموافقة على الإطار العالمي لهما. وقد عرفت المسيحية نفس الخلاف خلال فترة الإقطاع في أوروبا، حيث اعتبرت الكنيسة والملوك أنفسهم ممثلين لله على الأرض، وبالتالي أخضعوا الأوروبيين لسلطتهم، وتغير هذا الأمر مع التحول الرأسمالي، حيث تم الانتقال إلى فكرة حق الأمة في تنظيم شؤونها بنفسها. وفي هذا الإطار تقوم وثيقة كايروس للمسيحيين الفلسطينيين الصادرة في نهاية عام 2009، بمخاطبة المسلمين واليهود اللذين يحاولون التوجه إلى دول دينية على حساب المواطنة المتساوية، حيث ورد فيها ما نصه: "3.9 الدولة الدينية، اليهودية أو الإسلامية، تخنق الدولة وتحصرها في حدود ضيقة وتجعلها دولة تفضل مواطنًا على مواطن وتستثني وتفرق بين مواطنيها. دعوتنا لليهود والمسلمين المتدينين: لتكن الدولة لكل مواطنيها مبنية على احترام الدين، ولكن أيضًا على المساواة والعدل والحرية واحترام التعددية، وليس على السيطرة العددية أو الدينية." تمرين رقم (4.1) نناقش في مجموعات الأسئلة التالية: 1. هل توافق/ين أن كل أبناء البشرية يجب أن يتمتعوا بحريات متساوية؟ 2. ما هي هذه الحقوق والحريات في هذه الحالة؟ 3. هل تقبل/ين فكرة الخصوصية الثقافية والفكرية كمبرر لعدم قبول حقوق المرأة، وحقوق الأقليات الدينية في بلدك؟ أم لا؟ ولماذا في كلتا الحالتين. 4. كيف تؤدي الدولة الدينية إلى التمييز بين مواطن وآخر على أساس الدين؟ وماذا ينتج عن هذا التمييز في الممارسة؟ 4.2 حقوق المرأة العالمية والخصوصية يأتي هذا القسم قسمًا مفصلاً نظرًا لأهمية موضوع حقوق المرأة كمواطنة متساوية وهو الأمر الذي لا يعتبر بديهيًا في بلدان هذه المنطقة، التي تعتبر أن لبس الحجاب يجب أن يكون فرضًا على المرأة وليس وفق قراراها الاختياري الخاص، وحيث تحرم المرأة من حقوقها في الميراث وحقوقها بالمشاركة السياسية وغيرها، ويتم في هذا الإطار الرجوع إلى تفسيرات معينة للنص الإسلامي من أجل تبرير هذا التمييز، وبسبب كثرة القضايا المطروحة في هذا المجال فقد جاء التفصيل الموسع في هذا القسم: يجدر البدء بالإشارة إلى أن هنالك طائفة واسعة من القضايا المثيرة للتساؤل فيما يتعلق بحريات المرأة وحقوقها في الإسلام. بعض هذه القضايا إشكالية، وبعضها الثاني يخضع لتأويلات وتفسيرات متناقضة، أما بعضها الثالث فهو الجزء غير الإشكالي الذي ينص بوضوح على المساواة. ومن القضايا الإشكالية: قضية عما إذا خلقت حواء (المرأة) من ضلع آدم أم بشكل منفصل، وقضية زواج المسلمة من غير المسلم، وقضية القصاص من قبل الرجل لزوجته، وقضية الإماء (وما ملكت إيمانكم) بأشكالها القديمة، كذلك أشكالها الحالية (مثل زواج المتعة، وزواج المسيار)، وقضية الشهادة في المحكمة، وقضية مشاركة الرجل في عمل البيت، وقضية اغتصاب الرجل لزوجته، وقضية حق المرأة تجنيس أولادها بجنسيتها، وأخيرًا وليس آخرًا قضية وضع المرأة في الجنة قياسًا بالرجال الذين يتمتعون بالحور العين. أما القضايا الخاضعة لتأويلات متباينة فتشمل: قضية تعدد الزوجات، قضية القوامة للرجال على النساء وما يرتبط بها من نفقة، قضية الاختلاط والخلوة، وبقاء المرأة في البيت، قضية الحجاب والنقاب، قضية المساواة في الإرث، قضية الزواج المبكر، قضية الطلاق وحق العصمة، قضية الإجهاض، قضية المشاركة السياسية للمرأة كوزيرة وقاضية ونائبة ورئيسة وسفيرة، قضية نقص الدين، والعقل، قضية تعليم المرأة، وحقها في العمل. أما القضايا الأخيرة فهي تتعلق بالمجالات التي أعطى فيها الإسلام للمرأة المساواة الكاملة والصريحة مع الرجل، وهي تشمل: المساواة في الإنسانية، المساواة في الكرامة، المساواة في الأهلية الاقتصادية والمالية، المساواة الاجتماعية وفي اختيار شريك الحياة. وبشأن القضايا الإشكالية يجد المرء أن آية قرآنية توحي بخلق المرأة من الرجل: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالاً كثيرًا ونساء" (سورة النساء: 1) فيما تقول آيات أخرى بخلق الرجل والمرأة كلاهما من الله: "إنه خلق الزوجين الذكر والأنثى" (سورة النجم: 45). "والله خلقكم من تراب، ثم من نطفة، ثم جعلكم أزواجًا" (سورة فاطر:11). وتستخدم الآية الأولى من فقهاء لتعزيز تبعية المرأة للرجل، أما الآيات الأخرى فتستخدم من فقهاء آخرين لتعزيز القول بالمساواة بينهما. وتعتبر قضية زواج المسلمة من غير المسلم غير مباحة إلا لدى الخوارج (مناع، 2001: 49). أما قضية القصاص فهي واضحة نصًا في القرآن حيث ورد: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً" (سورة النساء: 34). وفي قضية الإماء ورد في القرآن: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة، أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا" (سورة النساء:3). ويفسر هذا النص تفسيرات مختلفة فيما يتعلق بالإماء، أحدها يقول إن نكاح الإماء مسموح في حالة لم يتوفر الزواج سواء من واحدة أو أكثر، وثانيها يقول إنه يحق للرجل نكاح الإماء إضافة للزوجة/الزوجات، واستمرارًا لذلك هناك اليوم زواج المسيار وزواج المتعة، وهما نوعان من أنواع الزواج المؤقت. أما قضية الشهادة في المحكمة فقد ورد في القرآن: "واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين، فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء، أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى" (سورة البقرة: 282). وهذه الآية تشير إلى أن المرأة تنسى، لذا لا بد من امرأة أخرى معها حتى تذكرها، وقد أضاف الشيخ يوسف القرضاوي أن المرأة لا يجوز أن تشهد في قضايا القتل والزنا (الجزيرة، "الشريعة والحياة": 28/7/2001: من www.qaradawi.net). أما مشاركة الرجل في عمل البيت فليست مطروحة في النص القرآني، وأحاديث الرسول بشكل مباشر، وإنما يمكن اشتقاقها تأويلاً، وذلك مثلما ذهبت خديجة صبار التي فسرت إنفاق الرجل على المرأة في الأسرة بأنه يتضمن ليس إنفاق المال فحسب، بل أيضا إنفاق الوقت والجهد في أعمال المنزل اليومية والعناية بالأطفال (بهلول، 1998: 149)، أو كما ذهبت فريدة بناني التي اقتبست قول عائشة بنت أبي بكر إحدى زوجات الرسول بأن الرسول "كان يكون في مهنة أهله، فإذا سمع الآذان خرج" (بناني: www.pogar.org). ومن الجلي هنا أن لفظ "مهنة أهله" هو لفظ واسع، وقد لا يعني فقط مساعدة زوجاته في أعمال البيت. أما اغتصاب الرجل لزوجته بممارسة الجنس معها بالإجبار ودون رغبة منها، وهو موضوع لفتت الانتباه إلى أهميته الدراسات المعاصرة حول حقوق المرأة، والدراسات حول النوع الاجتماعي، فهو ما زال بحاجة إلى الإدخال في النسق الإسلامي لحقوق المرأة، ربما انطلاقًا من حق المرأة بالمساواة في الإسلام الذي يتضمن أن لا يتم إجبارها على أي فعل دون رضاها، وكذلك حقها في أن تكون المتعة من الجنس متبادلة. وفيما يتعلق بتجنيس المرأة لأولادها، فإن الممارسة الإسلامية حتى الآن تجعل التجنيس للذرية تابعًا للأب، فيما تحاول اجتهادات معاصرة الرجوع إلى آيات قرآنية وأحاديث نبوية وتفسيرها على أنها تشمل حق الأب والأم في تجنيس أبنائهما بشكل متساوٍ، كما ورد في القرآن: "والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم" (الطور: 21)، أو كما ورد في حديث الرسول: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه". وتضيف فريدة بناني أن الشافعية والحنبلية والحنفية تعطي المرأة المتزوجة نقل جنسيتها لأبنائها (بناني، المصدر نفسه). والسؤال لهذه المذاهب هنا هو: ماذا عن المرأة غير المسلمة التي تتزوج برجل مسلم، فهل يسمح لها إعطاء جنسيتها لأولادها والحالة هذه؟ تبقى من القضايا الإشكالية قضية المرأة في الجنة، حيث يحظى الرجال هناك بالحور العين، يصل في حالة الشهداء إلى الحق في 72 زوجة من الحور العين لكل شهيد (موقع الجنة-النار في الإنترنت: www.athfer.com/n/index.htm). وترد على الصفحات الإسلامية في الإنترنت احتجاجات نسوية على ذلك، ليس من زاوية المطالبة بتعدد الأزواج للمرأة، ولكن من زاوية الاحتجاج على منح الرجال هذه الزيادة على زوجاتهن الأصليات، وكان رد الشيخ السعودي المعروف سليمان العودة على احتجاجات كهذه على النحو التالي: "للمرأة في الجنة زوج يحبها وتحبه، وهي حاسرة الطرف مقصورة على حب زوجها لا تستطيع إلى غيره، ولا تجد في نفسها حزنًا من مشاركة غيرها لها، بخلاف ما عليه نساء الدنيا، فإن الجنة لا حزن فيها ولا هم ولا غم، أهلها خلق آخر وشيء آخر غير ما اعتادت عليه النفوس والأفهام في الدنيا". (www.islamtoday.net). وإلى جانب هذه القضايا الإشكالية، هنالك قضايا أخرى تخضع لتفسيرات وتأويلات متباينة، فقضية تعدد الزوجات مرتبطة بالآية سالفة الذكر، كما بآية أخرى لاحقة من سورة النساء نفسها، تقول: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" (النساء: 129). ومن الواضح أن هذه الآية تلغي ما قبلها من دعوة إلى تعدد الزوجات، وإن بقي الخلاف بين الفقهاء حول هذا الموضوع. ويقول القائلون منهم بجواز التعدد، ذلك أن التعدد قائم في كل الحضارات الغربية والشرقية، ولكن الفرق أن الإسلام جعله شرعيًا، فيما يتم بشكل إباحي في الغرب، كما يشترطون للتعدد شرطين هما: العدل، والقدرة على الإنفاق على الزوجات. وفي هذا الإطار تقول الناشطة الإسلامية الفلسطينية مها عبد الهادي: "إن نظام التعدد إذا تم في حدود التنظيم السابق (أي حدود العدل والإنفاق) ودون إجحاف بالمرأة، أراه نظامًا أخلاقيًا إنسانيًا. فهو أخلاقي لأنه لا يسمح للرجل أن يتصل بأية امرأة شاء وفي أي وقت شاء دون زواج، ولأنه يعترف بالأولاد الذين أنجبهم هذا الاتصال" (عبد الهادي، 1999: 40). ويرد على هذا الطرح "ليبراليون" إسلاميون يرفضون تعدد الزوجات، منهم في العصور السالفة الزمخشري، والمعري، والجاحظ، وحركات الإسماعيلية، والباطنية، والموحدون الدروز، والقرامطة، وفي القرون الحديثة والمعاصرة محمد عبده، والطاهر حداد، وعبد الله العلايلي، ومحمود طه، وغيرهم (انظر/ي: مناع، 2001: 50-52، و64-96، والسعداوي 1977: 61). ويؤيد آراء هؤلاء نوال السعداوي التي تكتب رافضة تبريرات تعدد الزوجات: "أيهما أهم للمرأة أو الإنسانة التي تحترم إنسانيتها وكرامتها. العدل في توزيع بعض القروش، أم العدل في المحبة القلبية والمعاملة الإنسانية، وهل الزواج مجرد أن تحصل الزوجة من زوجها على بضعة قروش، أم الزواج تبادل عميق في المشاعر بين الرجل والمرأة؟" (السعداوي، 1977: 62). ويضيف محمد عابد الجابري أن القرآن "لا يأمر بتعدد الزوجات، بل يحث على الاقتصار على واحدة خوف عدم العدل" (الجابري، 2006: 126). أما قضية القوامة، فقد أجمعت غالبية آراء الفقهاء أنها قوامة في الأسرة للرجل على المرأة وليس في أي شيء آخر، وهذه القوامة "هي رياسة وتوجيه مقابل التزامات وواجبات يجب أن تؤدى وتحترم، فالرجل هو الذي يؤدي الصداق عند الزواج، وهو الذي يعد المسكن وفرشه وفراشه وكل ما يحتاجه، وهو الذي عليه نفقة الزوجة والأولاد، وليس له أن يجبر زوجته على المشاركة في شيء من هذا. ولو كانت ذات مال" (ورقة للإخوان المسلمين حول دور المرأة في المجتمع العام 1994، في عبد الهادي، 1999: 107)؛ أي أن القوامة ترتبط بالنفقة أساسًا، على أنه لفريدة بناني رأي آخر باتجاه مساواة المرأة بالرجل في الحريات والحقوق دون تمييز، إذ تفسر الآية القرآنية بأنها تتحدث عن تفضيل رجل على رجل آخر من حيث القدرة على الإنفاق وليس تفضيل الرجل على المرأة، حيث تقول الآية: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض" (النساء: 34)، ولم تقل الآية (بما فضل الله بعضهم على بعضهن)، وعليه، فإن التمايز هو بين رجل ورجل في قدرتهم على الإنفاق، فيما بقي مبدأ المساواة هو المبدأ القائم بين الرجل والمرأة. وبالنسبة لقضية الاختلاط والخلوة، فإن هنالك فقهاء يرون أن الاختلاط ممنوع منعًا باتًا، انطلاقًا من قول الرسول "ما اجتمع رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما". فيما يرى فقهاء آخرون أن الاختلاط مسموح فيما الخلوة ممنوعة. وفي هذه تقول الناشطة الإسلامية الفلسطينية مها عبد الهادي: "لكن ينبغي ألا يخرج لقاء الرجال والنساء نطاق الآداب العامة والاحترام المتبادل بين الرجل والمرأة. ومن المهم أن تقوم أي سلطة فلسطينية بحظر أشكال الاختلاط التي تخرج عن تقاليد المجتمع الفلسطيني المحافظ؛ كالاختلاط في الحفلات، أو السينما، أو السفر مع رجل غريب". وترى في مكان آخر ضرورة التركيز على "ظروف عمل المرأة في أجواء تتوفر فيها وسائل الأمان دون أن تنفرد المرأة مع موظف في غرفة واحدة" (عبد الهادي، 1999: 52-53). وكما يبدو من النص أن على المرأة أيضًا أن تمتنع من الاختلاط بالغرباء أثناء السفر، وهو ما يشير ضمنيًا إلى أن سفر المرأة يجب أن يكون مع شخص مُحرَم درءًا للاختلاط. وعلى النقيض من الآراء التي تركز على الاختلاط والخلوة بوصفهما ما يجب التركيز عليه مع المرأة، يرى راشد الغنوشي أن قضية المرأة: "أبعد من أن تكون قضية تبرج وعري واختلاط فقط، بل إنها قضية اغتراب وظلم واستعباد، وقضية إنسان سلبه الانحطاط المغلف بالدين إنسانيته وحقه في تقرير مصيره (محاور إسلامية، بدون تاريخ: 25-26). وإذا كانت مها عبد الهادي قد أوضحت مشكلات الاختلاط الممنوعة وذات طابع الخلوة، فإن أشكال الاختلاط المسموح بها تشمل اللقاء بين الرجل والمرأة في أماكن العمل والتعليم وأثناء الحرب والجهاد المشترك، وفي دروس الدين، وفي التعليم، وهكذا. كما أن الاختلاط مسموح إسلاميًا بين الخطيبين بحضور الأهل، وكذلك يحق للمرأة الاختلاط بالمتقدمين لخطبتها. وبمنطق ليبرالي يدافع عن الحريات، رد الشيخ جمال البنا على كل ما تقدم قائلاً: "المجتمع المختلط الذي يتلاقى فيه الرجال والنساء في الدراسة والعمل والنشاط العام هو المجتمع الذي يتفق مع الفطرة. وإن أية محاولة للفصل بين الرجال والنساء هو تعسف ومخالفة لطبيعة الأشياء" (مناع، 2001: 72). وترتبط قضية الاختلاط بقضية بقاء المرأة في البيت من عدمه. وفي هذا الإطار، ذهب فقهاء كثيرون إلى أن مكان المرأة الطبيعي هو البيت، فها هو الشيخ حسن البنا يكتب في ورقة بعنوان المرأة المسلمة: "فهي كفتاة يجب أن تهيئ لمستقبلها الأسري، وهي كزوجة يجب أن تخلص لبيتها وزوجها، وهي كأم يجب أن تكون لهذا الزوج ولهؤلاء الأبناء، وإذ تتفرغ لهذا البيت، فهي ربته ومدبرته وملكته. ومتى فرغت المرأة من شؤون بيتها لتقوم على سواه؟" (www.hassanalbanna.org). ويضيف بعد ذلك ما مفاده إنه إذا كان لا بد للمرأة أن تعمل خارج البيت، فلا بد أن لا يكون ذلك على حساب الأولوية لها وهو عملها البيتي. ويرى أنه في ظل البطالة المنتشرة، فإن من الأفضل للمرأة هو أن لا تعمل خارج البيت. ويرى الشيخ يوسف القرضاوي مذهبًا متقاربًا، حيث يرى أن خروج المرأة إلى صلاة التراويح جائز "إلا أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد ما لم يكن من وراء ذهابها إلى المسجد فائدة أخرى غير مجرد الصلاة" (القرضاوي، 2007: www.qaradawi.net). وتشمل الفائدة الأخرى كما يشرح لاحقًا: "حضور موعظة دينية، أو درس من دروس العلم، أو سماع القرآن من قارئ خاشع مجيد". ويتجاوز الشيخ محمد قطب في كتابه مذاهب فكرية معاصرة كل ما تقدم، ويرى – حسبما يلخصه الأستاذ سامي الكيلاني – أن عمل المرأة جاء "نتيجة ذهاب عائلها متحرراًَ إلى المدينة، ما اضطرها إلى العمل وإلا ماتت جوعًا"، و"أثر ذلك على مكانة المرأة وجعلها مستهدفة كصيد"، "حيث أن المرأة صيد، والمرأة المحتاجة صيد ميسر"، و"أدى عمل المرأة إلى أن يصبح لها قضية تمثلت في المساواة في الأجر مع الرجل، وكان المحرك وراء ذلك اليهود، أو قوم طيبون أخذتهم الشفقة بالمظلومات، فطالبوا لهن بحقوقهن" ... وهكذا (البرغوثي وآخرون، 2003: ص 71). ومن الجلي أن هذه الآراء تتناقض مع النص القرآني الذي أباح للمرأة أهلية اقتصادية ومالية متساوية للرجل، بما يتضمن حقها في الخروج من البيت لممارسة العمل، كما أباح لها حق التعليم المتساوي (انظر/ي لاحقًا)، وحق المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية العامة. أما قضية الحجاب، فيرى قسم من الفقهاء ضرورة التقيد به، بل والنص عليه قانونيًا، وترى مها عبد الهادي: "في مجتمعنا الفلسطيني المحافظ، من المهم الحفاظ على أجواء مناسبة للقاء الرجال والنساء في أماكن العمل أو في الأماكن العامة. فعلى المرأة أن تلتزم بلباس محتشم لا يكشف من جسدها، ولا يخرج عن إطار اللباس الفلسطيني المحافظ الذي درج عليه الشعب الفلسطيني طوال سنوات. ولا بد للمشرع الفلسطيني من أن يضع قانونًا يمنع التعري ويتضمن عقابًا لمن تصر على إبداء معالم فتنتها للرجال بعقوبات مناسبة مع سلوكها" (عبد الهادي، 1996: 54). وفي المقابل، يرفض الشيخ جمال البنا في تفسير ليبرالي للنصوص الدينية كل فكرة الحجاب والنقاب كما هي مطروحة في كتابات الفقهاء، وعلى العكس من ذلك يرى أن "الحجاب في مضمون القرآن ليس نقابًا أو حجابًا، ولكنه بابٌ أو ستر يحجب من في الداخل، ويفرض على الداخل الاستئذان. وهذا هو المعنى الذي جاء في القرآن لكلمة حجاب، وأنها اقترنت بآيات الاستئذان، كما أنها لم ترد إلا بصدد الحديث عن زوجات الرسول" (البنا في مناع، 2001: 72). أما قضية المساواة في الإرث، فإن هنالك التمييز المعروف حسب النص القرآني الذي يعطي للذكر مثل حظ الأنثيين في حالة الوراثة للابن والبنت من الوالد المتوفى، ومقابل ذلك هنالك حالات كثيرة ترث فيها المرأة مثل الرجل كحالة الأم والأب الذين يرثان من ولد متوفى مثلاً، كما أن هنالك 24 حالة ترث فيها المرأة أكثر من الرجل؛ منها مثلاً أن الابنة ترث نصف ما تتركه أمها المتوفاة. فيما الزوج يرث الربع في حالة وفاة الأم تاركة وراءها زوجة وابنة (بناني ومعادي في: www.pogar.org: 45). كما أن قضية الزواج المبكر هي بدورها من القضايا الخاضعة لتأويلات متباينة، ولكن القسم الأكبر من الفقهاء يقبلون بزواج الفتاة عندما تصبح بكرًا؛ أي تبدو لديها مظاهر النضوج الجسدية الخارجية، ويترتب على ذلك قبول تزويج الفتاة بين 14-15 سنة دون أن تكون أعضاؤها الداخلية قد نمت لتحمُّل تبعات الزواج، وكذلك دون أن يكون قد اكتمل بعد نموها العقلي والنفسي، مع ما يترتب على ذلك من مضار صحية واجتماعية ونفسية. وقد انتبهت لهذا الأمر الناشطة الإسلامية مها عبد الهادي التي كتبت: "من المهم أن يأخذ قانون الأحوال الشخصية بمبدأ عدم صحة زواج الصغار، وأن لا أحد يملك تزويجهم راعيًا كان أو وصيًا. ومن الضروري رفع سن الزواج إلى الحد الذي تكون فيه المرأة مؤهلة جسديًا ونفسيًا وفكريًا على أقل تقدير، لتتمكن من تحمل الأعباء والمسؤوليات المستقبلية كأم وزوجة ومواطنة، ولكي تتمكن المرأة من إبداء رأيها في الموافقة أو الرفض كشرط من "أهم شروط صحة الزواج"" (عبد الهادي، 1999: 36). كما تضيف أن "هنالك حاجة لسن قوانين لمنع الزواج في حالة التفاوت في السن ما بين الرجل والمرأة، إلا إذا كان ذلك برضا المرأة واختيارها ووجود مصلحة لها في الزواج" (ص: 37). كما يلاحظ، فإن الكاتبة ترفض الزواج المبكر لأضراره المعروفة جسديًا ونفسيًا وفكريًا، فيما تقبل مبدئيًا فرق السن بين الزوجين. ثم تضيف: "فالحكمة من الزواج في الإسلام تنبع من كونه سببًا لسكن النفس واطمئنانها وقيامها بواجباتها، وبناء خلية اجتماعية صالحة تمد المجتمع بنسل صالح، وهذا يقتضي التقارب في العمر بين الزوجين. أما إذا كان الفرد كبيرًا، فلا مصلحة في هذا الزواج، وللقاضي أن لا يأذن به (عبد الهادي، 1999: 35). وفي مجال الطلاق، تعطي الأحكام الشرعية الإسلامية حق الطلاق للزوج عمومًا، ويكون للمرأة الحق ذاته إذا طلبت منذ البداية أن تكون العصمة في يدها، وأن ينص على ذلك في عقد الزواج، كما أن للمرأة أن تطلب الطلاق في حالات خاصة كعجز الرجل الجسدي أو دمامته، أو عدم قدرته في الإنفاق عليها. وبالتالي تبدو المساواة بين المرأة والرجل في حق طلب الطلاق غير قائمة إلا بشروط وضمن حالات خاصة. أما بالنسبة للإجهاض، فترفضه غالبية الكتابات الإسلامية، وتذهب الناشطة الإسلامية مها عبد الهادي إلى رفضه، وإلى جانبه ترفض أيضًا "حرية المرأة في التصرف بجسدها في خارج العلاقة الزوجية، وإباحة الشذوذ الجنسي لدى النساء والرجال، وغيرها الكثير من القضايا التي يرفضها ديننا ومجتمعنا" (عبد الهادي، 1999: 62). مع هذه القضية بطريقة تعطي المرأة حق التخلص من الجنين في مرحلة ما قبل أن تنفخ فيه الروح، مع تحريم التخلص منه بعد نفخ الروح. وبالنسبة لقضية المشاركة السياسية للمرأة، تجد الأخوان المسلمين في ورقة لهم العام 1994 (انظر/ي: عبد الهادي، 1999: 103-111) يبيحون للمرأة حق المشاركة في انتخاب أعضاء المجالس النيابية وما يماثلها، وفي عضوية هذه المجالس، انطلاقًا من الآية القرآنية القائلة "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" (آل عمران: 104)، وآيات أخرى مشابهة (ص: 109)، مع وجوب – حسب رأيهم – أن يتم تخصيص مراكز انتخاب خاصة بالنساء، وأن لا تسافر عضو المجلس النيابي دون محرم (ص: 110). ويوافق الإخوان المسلمون أيضًا على تولي المرأة الوظائف العامة، ولا يشمل ذلك "الولاية العامة المتفق على عدم جواز أن تليها المرأة وهي الإمامة الكبرى، ويقاس على ذلك رئاسة الدولة في أوضاعنا الحالية" (ص: 110). أما بالنسبة لتولي مهمة القضاء، فإنهم يبيحون للمرأة توليها (ص: 111). وترد الناشطة الإسلامية مها عبد الهادي في الكتاب ذاته على موضوع رئاسة الدولة، مشيرة إلى حق المرأة بذلك، معللة الأمر بأن رئاسة الدولة لا تصل إلى درجة الخلافة أو الإمامة العظمى المخصصتين للرجال. وتقول: "وأود أن أقول هنا أن منصب الخلافة أو الإمامة العظمى أكبر من مجرد رئاسة دولة إقليمية، فهذا في نظر السياسة الشرعية يعتبر واليًا على إقليم" (عبد الهادي، 1999: 100). ومن الأمثلة التي يتم إيرادها على حق المرأة في رئاسة الدولة، ملكة سبأ، وامرأة فرعون الواردتان في القرآن، حيث صورت الأولى في القرآن كمتميزة بالحكمة ورجاحة العقل، وبميلها الدائم لاتخاذ القرارات بالتشاور (الصليبي في بانوراما، 1993: 177)، فكيف إذن يورد القرآن آيات عن المرأة كملكة ورئيسة دولة فيما يرفض لها ذلك فقهاء بذريعة عاطفية المرأة ومنع الاختلاط والواجبات البيتية ذات الأولوية للمرأة، والحيلولة دون الفتنة وما شابه من ذرائع. أما نقص الدين والعقل، والمنسوب إلى حديث الرسول القائل "يا معشر النساء، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من أحداكن"، فتفسره فريدة بناني وزينب معادي على أنه إشارة إلى الافتتان بالنساء، وليس إشارة إلى نقصان عقولهن (www.pogar.org). ويؤكد هذا التفسير أن القرآن نص في آيات عديدة على المساواة بين المرأة والرجل، فكيف إذن سيعتبر المرأة أقل قدرة عقلية من الرجل؟ وأخيرًا في مجال القضايا ذات التأويلات المختلفة: قضية تعليم المرأة، وهل يجب أن يكون مساويًا لتعليم الرجل أم أقل من ذلك؟ يرى حسن البنا ضرورة تعليم المرأة ما يلزم لمهمتها الرئيسة وهي إدارة البيت، وفي ذلك يقول: "ليست المرأة في حاجة إلى التبحر في اللغات المختلفة، وليست في حاجة إلى الدراسات الفقهية الخاصة، فستعلم عن قريب أن المرأة للمنزل أولاً وأخيرًا، وليست المرأة في حاجة إلى التبحر في دراسة الحقوق والقوانين، وحسبها أن تعلم عن ذلك ما يحتاج إلية عامة الناس" (ورقة المرأة المسلمة: www.hassanalbanna.org). أما الشيخ يوسف القرضاوي، فيرى بصورة مخالفة نسبيًا لحسن البنا: "نحن أجزنا للمرأة أن تتعلم، وطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، وكل علم نافع؛ سواء أكان علمًا دنيويًا، ينبغي للمرأة أن تتعلمه، وإن كان المفروض أن تتبحر المرأة فيما ينفعها من العلوم" (القرضاوي، 2007، www.qaradawi.net). ويتساءل المرء عن معنى هذه الجملة الأخيرة، وهو "وإن كان من المفروض أن تتبحر المرأة فيما ينفعها من العلوم"، إذ قد تكون مرتبطة باعتبار القرضاوي في المقام نفسه أن عمل المرأة الأساسي يجب أن يكون عمل البيت، وبالتالي عليها أن تحصل من العلوم على ما يساعدها فيه أساسًا. ويضيف القرضاوي "نحن أجزنا للمرأة أن تعمل، ولكن بضوابط وشروط، فلا يجوز أن تعمل ما لا ينبغي شرعًا، ما لا يحل لها، لا يجوز لها أن تعمل ما يعود على وظيفتها الأساسية بالإبطال، لا ينبغي أن تعمل عملاً يتنافى مع واجبها باعتبارها زوجة، وواجبها باعتبارها أمًا، وواجبها في تدبير البيت ورعاية الزوج ورعاية الأولاد، فكل عمل ينافي هذا ينبغي أن تمنعه". وتضيف مها عبد الهادي أن المرأة يجب ألا تعمل في كل المجالات التي يعمل فيها الرجل، "أرى أن تعمل المرأة فيما يتناسب مع قدرتها من أعمال، ولا أقصد هنا القدرات العقلية، بل القدرات الجسدية، فلها أن تعمل في الدوائر الحكومية، والشركات، والمكاتب التجارية، وبائعة، ومحاسبة، ولكن ليس من المناسب أن تعمل في تنظيف الشوارع مثلاً، أو في مسح الأحذية، أو في تنظيف المحلات، أو في حراسة الأبنية الكبيرة في أواخر الليل، أو في حمل الأثقال، أو في حمل الصناديق الثقيلة في المعامل والمصانع. فهذه الأعمال ليس من المحبذ أن تقوم المرأة الفلسطينية بها، ففي هذه الأعمال ما يشكل إنهاكًا جسديًا ومعنويًا كبيرًا لها" (مها عبد الهادي، 1999: 49). و"لا بد للسلطة أن تراعي خصائص كل من المرأة والرجل في اختيار العاملين لمختلف الوظائف في مؤسساتها، وهذا الأمر ينبغي أن يعتمد على دراسات علمية نفسية واجتماعية" (ص: 50). تمرين رقم (4.2) ننقسم إلى 3 مجموعات: المجموعة (1): تناقش القضايا الإشكالية لحقوق المرأة في الإسلام، ونقارنها مع النصوص الإسلامية التي تنص على مساواة المرأة، وتحاول إيجاد حل يزيل التناقض بينهما. المجموعة (2): تناقش القضايا التي لها تأويلات وتفسيرات متناقضة حول حقوق المرأة في الإسلام، وتقارنها مع النصوص الإسلامية التي تنص على مآذاة المرأة، وتحاول إيجاد حل يزيل التناقض بينهما. المجموعة (3): تناقش القضايا غير الإشكالية في الإسلام والتي تنص بوضوح على مساواة المرأة، وتحاول المجموعة أن تعيد تفسير القضايا الإشكالية، والقضايا ذات التفسيرات المتناقضة بما يتناسب ويتسق مع النصوص الإسلامية التي تنص على مساواة المرأة. 4.3 الإسلام وحقوق الأقليات الدينية كالأقباط في مصر، والمسيحيون والسامريون في فلسطين وغيرهم. يقول المنظور الإسلامي الأصلي بأنهم "أهل ذمة"، يعيشون تحت حماية المسلمين ومقابل ذلك يدفعون "الجزية" أو "ضريبة الرأس". كما صارت تسمى في العهد العثماني. وفي هذا الإطار فهم مواطنون من درجة أقل، فلا يحق لهم المساواة في الحقوق من حيث رئاسة الدولة أو القضاء بين المسلمين أو قيادة الجيش. وقد تغير هذا المنظور منذ القرن التاسع عشر، حيثما توجه الفقهاء للحديث عن الدولة كدولة مدنية يحق لكل مواطنيها بغض النظر عن أديانهم العيش فيها بشكل متساوٍ. ورغم هذا التحول فإن استطلاعات الرأي ودراسات الرأي العام في العالم العربي والاسلامي لا زالت تشير إلى رفض الغالبية المسلمة للقضايا التالية: 1. أن يكون هنالك رئيس مسيحي للدولة. 2. أن يتم اعتماد الأعياد المسيحية كأعياد رسمية من جانب الدولة إلى جانب الأعياد الإسلامية. 3. أن يتم اعتماد يوم الأحد كيوم عطلة رسمية، إضافة إلى الجمعة. 4. وإلى جانب ذلك لا زالت المناهج التعليمية التي تدرس لكلا المسلمين والمسيحيين، تكثر من الاستشهاد بالآيات القرآنية، وآحاديث الرسول، مما يفرض دينًا في المناهج على دين آخر. كما لا زالت قضايا الأحول الشخصية تبت في محاكم دينية، (محاكم شريعة أو محاكم كنسية)، فيما لا توجد محاكم مدنية موحدة للجميع لقضايا الزواج والطلاق والإرث وغيرها من قضايا الأحوال الشخصية، فيما توجد محاكم مدنية للبت في القضايا الجنائية مثل السرقة وغيرها. والسؤال هنا يكون: لماذا تم قبول المحاكم المدنية في مجال القانون الجنائي بدلاً من الأحكام الشرعية (مثل قطع يد السارق وجلد الزاني)، ولم يتم اعتماد نفس المحاكم في قضايا الزواج والطلاق والإرث وغيرها من الأحوال الشخصية. ألا ينطوي ذلك على تناقض؟ وما هو الحل؟ تمرين رقم (4.3) نناقش في مجموعات القضايا التالية: مجموعة (1): كيف يمكن أن نحقق المساواة في حقوق المواطنة للمسيحيين وغيرهم من الأقليات الدينية في بلادنا؟ نناقش ونصوغ إطارًا لذلك في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية. مجموعة (2): كيف يمكن أن نوجد نظامًا قضائيًا موحدًا لكل المواطنين والمواطنات بدون تمييز، نناقش ونضع تصورًا. مجموعة (3): في الدول العربية توجد أيضًا أقليات قومية مثل الأمازيغ في المغرب، والأكراد في العراق وسوريا ولبنان: - نذكر أقليات أخرى نعرفها في البلدان العربية. - كيف ترون حقوق المواطنة الممنوحة لهذه الأقليات؟ - كيف يمكن إيجاد صيغة للحقوق المتساوية للمواطنة لهؤلاء؟ - هل فكرة الحكم الذاتي للأقلية تتناقض مع مبدأ المواطنة المتساوية؟ 4.4 الدين وحكم القانون بهذا الشأن هنالك توجهان إسلاميان بشأن القوانين التي تطبق على المواطنين. توجه يقول بأن قانون الدولة يجب أن يستند إلى القرآن والسنة، كما يرى هؤلاء أن الحاكمية الإلهية مضمنة في الخليفة/السلطان الذي يحكم على الدوام بأمر الله حتى لو تناقض مع رأي الغالبية من الأمة. أما التوجه الثاني فيرى أن حاكمية الله مضمنة في الأمة، والتي لها والحالة هذه أن تطور القوانين الدنيوية التي تدير بها شؤون حياتها. وفي عهد الإقطاع في أوروبا، اعتبر الملوك أنفسهم ممثلين لله على الأرض، وانطلقوا من ذلك ليضطهدوا المواطنين ويتعسفون ضدهم باسم الله في كافة المجالات، فيما حصل تحويل جذري على هذا الأمر مع الانتقال إلى عصر النهضة، والتحول الرأسمالي في أوروبا. تمرين رقم (4.4) نناقش في مجموعات، وبالاستناد لما ورد في الأقسام السابقة من هذا الدليل: 1. ما هي المستندات التي يرتكز عليها الرأي الأول؟ 2. ما هي المستندات التي يرتكز عليها الرأي الثاني؟ 3. وهل تدير الأمة شؤونها وتضع قوانينها بمشاركة المسلمين فقط؟ 4. وكيف يشارك غير المسلمين في إدارة شؤون الدولة واتخاذ قرارات الأمة؟ 4.5 الشورى والديمقراطية ينبثق عن المواطنة، حق المواطنين بالمشاركة السياسية بدون تمييز وهذا ما تقول به الديمقراطية. وبالنسبة للشورى، فإن هنالك تفسيرات لها: - التفسير الأول: يرى أن الحاكم/ السلطان/ الخليفة يستشير العلماء من المسلمين، ولكن رأيهم غير ملزم له، إذ أنه في النهاية يقرر حسبما ينص عليه القرآن والشريعة. - التفسير الثاني: يرى أن الحاكم/ السلطان/ الخليفة يستشير العلماء من المسلمين ويكون رأيهم ملزمًا له. - التفسير الثالث: يرى أن الحاكم/السلطان/ الخليفة يجب أن يستشير كل الأمة، وتكون هذه الاستشارة من خلال الانتخابات الدورية التي تمنح فيها الأمة التفويض للحاكم الذي تصوت له الأغلبية. وضمن هذا التفسير الثالث هنالك مدرستان: - الأولى: تحصر حق الترشيح بالمسلمين لمنصب الحاكم/السلطان/الخليفة، وتمنع غيرهم من ذلك، مما يؤدي إلى نشوء دولة دينية عبر الآلية الانتخابية. - الثانية: توسع نطاق حق الترشيح ليكون حقًا لكافة المواطنين والمواطنات بغض النظر عن دينهم. وممن يرى ذلك الشيخ رائد الغنوشي في كتابه المعروف الحريات العامة في الدولة الإسلامية حيث أفاد بأن الديمقراطية هي أصلاً بضاعة إسلامية (الشورى)، سلبها الغرب، والآن تعود البضاعة إلى المسلمين من جديد. تمرين رقم (4.5) نناقش الأسئلة التالية في مجموعات: 1. هل يمكن للشورى أن تفسر بطريقة تجعلها تصبح غير مختلفة عن الديمقراطية وكيف؟ 2. في حالة الانتخابات: هل يجوز حصر حق الترشيح بالمرشحين المسلمين فقط؟: مع تعليل الجواب. 3. هل يجوز أن يقتصر حق الترشيح والانتخاب في أي مجتمع على ممثلي الأديان فقط من مسلمين ومسيحيين وغيرهم، فيما يحرم غير المتدينين من حق الترشيح والانتخاب؟ 4.6 المواطنة والهوية بحث الإسلام على هوية إسلامية جامعة، بغض النظر عن الحدود الجغرافية، بحيث تجمع المسلمين من الدول العربية مع إخوانهم في الباكستان وبنغلاديش والهند وأندونيسيا والصين وغيرها. أما المواطنة فهي مواطنة دولة معينة تحدها حدود جغرافية محددة. فهل يعكس هذا الأمر تناقضًا؟ يرى مفكرون إسلاميون عديدون أن لا تناقض والحالة هذه، حيث من واجب المسلم/ة أن يلتزم بقوانين الدولة، وإذا كان لديه رأي مخالف فإنه يطرحه بالحسنى ويسعى للإقناع به بالوسائل السلمية وبدون عنف، بما في ذلك رأيه لإنشاء وتأسيس دولة إسلامية واسعة تضم كل المسلمين. تمرين رقم (4.6) وفي إطار ذلك يجدر الإشارة إلى الخلاصات/ الأسئلة التالية للمناقشة في مجموعات: - هل يجوز للأحزاب الإسلامية رفض مواطنة الدولة الوطنية وممارسة العنف ضدها باعتبارها لا تمثلهم؟ أم ممارسة المواطنة فيها بأسلوب سلمي، فيما يستمرون بالدعوة في نفس الوقت إلى إنشاء دولة بديلة هي الدولة الإسلامية، على أن تتم هذه الدعوة بأساليب سلمية لا أساليب عنيفة؟ - كيف يمكن الجمع بين الولاء للمواطنة، وبين الولاء للفكرة الإسلامية الأوسع منها بصورة سلمية؟ - هل يعطي المسلم في دولة معينة الأولوية في هويته لمواطنته أم لاسلامه مثلاً (هل يقول: أنا مسلم مصري، أم مصري – مسلم؟ ولماذا في الحالتين؟). 4.7 حكم الشريعة أم حكم الدستور المدني تتضمن دساتير غالبية الدول العربية نصوصًا حول حكم الشريعة، من دول تنص دساتيرها على "أن الشريعة الإسلامية هو المصدر الرئيسي للتشريع" وأخرى بأن "الشريعة الإسلامية هي مصدر رئيس للتنشريع" وثالثة ورد في دساتيرها بأن "مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر رئيسي للتشريع"، ورابعة ورد لديها بأن "مبادئ الشريعة الإسلامية هي مصدر رئيس للتشريع". ويترافق هذا النص مع نص آخر حول اعتبار "الإسلام دين الدولة" أو "دين غالبية الشعب". وفي الدستور المقترح لدولة فلسطين مسودته الأخيرة لعام 2003، ورد أن "مبادئ الشريعة الإسلامية هي مصدر رئيس للتشريع"، وبشكل مناقض ورد في القانون الأساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية بأن: "مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع"! وبعكس هذه الصيغ فإن الدستور المدني في دول العالم لا ينص على تبني الدولة لدين معين، حيث ينص الدستور بدل ذلك على "أن الشعب هو مصدر السلطات" فيما تترك الدولة حرية التدين أو عدم التدين لمواطنيها ومواطناتها، كل حسب قناعاته/ها. هذه النصوص على اختلافها تشكل مصدر إزعاج للأقليات الدينية في البلدان العربية، إذ تحس هذه الأقليات أن هذه النصوص موجهة ضدها، وتنطلق من السعي لفرض سطوة وسيطرة الأغلبية عليها. وفي فلسطين تقدمت الأقلية المسيحية باقتراحات دستورية مختلفة حول هذا الموضوع، ومن هذه الاقتراحات النص في الدستور مثلاً على أن "الإسلام هو دين غالبية الشعب في فلسطين" أو النص على أن "الإسلام هو دين رئيس الدولة"، وذلك بهدف إيجاد ضمانات أفضل لحقوق هذه الأقلية وغيرها من الأقليات في فلسطين. تمرين رقم (4.7) في ضوء ذلك نناقش الأسئلة التالية في مجموعات: - ما رأيك في الصيغ الأربع حول الشريعة الإسلامية في الدساتير العربية، وما هي الفوارق فيما بينها؟ - لماذا تناقض الدستور المقترح لدولة فلسطين، مع قانونها الأساسي بهذا الخصوص؟ - هل تعتقد أن هذه الصيغ مفيدة أو ضارة؟ - ما رأيك بالصيغ الدستورية المقترحة من قبل المسيحيين الفلسطينيين الواردة أعلاه؟ - ما هي الصيغ البديلة التي تقترحها في حالة كانت هذه الصيغ ضارة برأيك؟ - هل يمكن قبول صيغة "الإسلام هو دين رئيس الدولة" أم ينبغي أن تكون الرئاسة متاحة أيضًا لرئيس غير مسلم في فلسطين؟ 4.8 مسار عنفي أم مسار تطوري سلمي نحو الديمقراطية؟ في ظل الدولة الرعائية السائدة في العالم العربي، كيف يكون الانتقال نحو دولة المواطنة وبأية وسائل تتم؟ لا يمكن لهذا الانتقال أن يتم سوى بوسائل تطورية سلمية، حيث أثبتت التجربة العربية أن الأحزاب والقوى التي مارست العنف للتخلص من الدولة الرعائية القامعة لحقوق المواطنين/ات، قد جاءت هي الأخرى بأطروحات وممارسات قمعية ضد المواطنين والمواطنات. وعلى سبيل المثال هنالك حاليًا تلك القوى العنيفة التي تقسم العالم إلى "دار إسلام" و"دار حرب"، وبالتالي تشن الحرب ضد الجميع بمن فيهم مواطني دولتها الذين تعتبرهم خرجوا عن إسلامهم، أو لمجرد كونهم يعتنقون ديانة أخرى، وذلك كما يفعل "تنظيم القاعدة"، في العراق، والذي يتعامل على أساس "من ليس معي فهو ضدي"، وبالتالي من المباح لديه قتل كل من يخالفه الرأي. مقابل هذه التوجهات العنيفة، يرى غالبية المفكرين الإسلامين أن الإسلام هو "دار سلم"، حيث الجهاد يكون جهادًا ضد الشر داخل النفس أولاً، ويكون ثانيًا بالعمل من أجل بناء المجتمع ورفاهيته وتقدمه، ويشارك هؤلاء الرأي القائل أن الاصلاح لا العنف هما طريق التغيير نحو الأفضل، بحيث يتم العمل بشكل سلمي لا يتضمن اعتداءات على أي مواطن/ة بسبب رأيه/ها المختلف. ويمكن للمسار التطوري نحو المواطنة أن يتعزز من خلال (على سبيل المثال لا الحصر): 1. تحويل المساجد إلى أماكن توعية حول سبل بناء المواطنة الحقة المؤمنة بالحقوق المتساوية لكافة المواطنين/ات وبدون اعتداء من مواطن/ة على حقوق آخر. 2. تطوير آليات تضمن المشاركة السياسية للمواطنين/ات من خلال توسيع وتطوير الأحزاب السياسية والسماح لها بحرية العمل والتنظيم، كما وتوسيع منتديات الحوار وحرية عمل وسائل الإعلام وحرية التعبير من خلالها. فمن شأن هذه الأساليب إيجاد متنفسات تمتص الاحتقان والتوتر المسبب للعنف، كما إيجاد طرق بديلة عن العنف من أجل إجراء التغيير. 3. تطوير تدريب المواطنين/ات على أساليب التعبئة (تعبئة الجمهور) والتشبيك (التشبيك مع المؤسسات والجمعيات المختلفة) والضغط (الضغط على صناع القرار) كوسائل سلمية للتغيير. وغيرها من الآليات. تمرين رقم (4.8) نناقش ما يلي في مجموعتين: مجموعة (1): تناقش رؤية الإسلام "كدار سلم"، وكيف يمكن أن تطور رؤية شمولية للمواطنة بناءً على هذه الرؤية بعكس تلك التي تقسم المجتمع الواحد إلى "دار سلم" مقابل "دار حرب". مجموعة (2): تناقش طرقًا سلمية مختلفة للانتقال من حالة الرعية إلى حالة المواطنة كما وتفصل الطرق الثلاث المقترحة أعلاه. القسم الخامس: قضايا أخرى للمواطنة من الواقع الفلسطيني 5.1 المواطنة وحق تقرير المصير في ظل غياب الاستقلال الوطني، يتعامل الاحتلال مع الفلسطينيين في القدس والضفة والقطاع حسب التعريفات التالية حاليًا: المقدسيون: تعتبرهم إسرائيل "مواطنون أردنيون مقيمون إقامة دائمة في أرض إسرائيل"، حيث جرى ضم أرض القدس إلى إسرائيل، فيما بقي مواطنوها الفلسطينيون في وضع "الأردنيين" حسب التعامل القانوني الإسرائيلي. ولم يغير من هذا الوضع منح حق التصويت للمقدسيين في الانتخابات الفلسطينية منذ عام 1996، حيث أن هذا التصويت يتم من ذلك الحين بطريقتين لا تجعلان المقدسيين مواطنين فلسطينيين بعد، وهاتان الطريقتان هما: - تصويت عدد قليل من المقدسيين للانتخابات الفلسطينية لا يتجاوز عدة آلاف من خلال مظاريف رسائل عادية يرسلونها من مكاتب البريد المقامة في القدس الشرقية. (وليس من خلال مظاريف رسمية فلسطينية). - تصويت البقية (غالبية المقدسين) من خلال صناديق اقتراع خارج مدينة القدس، أي في مناطق الضفة الغربية. فلسطينيو الضفة: قبل اتفاق أوسلو كانت إسرائيل تعتبرهم "مواطنين أردنين مقيمين في أراضٍ مدارة من قبل إسرائيل"، وبعد اتفاق أوسلو أصبحت تعتبرهم "مقيمون فلسطينيون، في أراضٍ متنازع عليها"، أي أن مصير الأراضي، التي يقيمون عليها غير محدد بشكل نهائي، "كأراضٍ فلسطينية" أو "كأراضٍ إسرائيلية"، وإن ذلك سيحدد من خلال "مفاوضات حول الوضع الدائم". الغزيون: قبل أوسلو اعتبرتهم إسرائيل "مقيمون غير محددي الهوية في أراضٍ مدارة من قبل إسرائيل"، وبعد أوسلو اصبحت تعتبرهم "مقيمون فلسطينيون في أراضي السلطة الفلسطينية". واعتبر أهل قطاع غزة "غير محددي الهوية" قبل أوسلو خلافًا لاعتبار أهل الضفة قبل أوسلو "كأردنيين" وذلك بسبب أن مصر التي أدارت القطاع بين 1948 – 1967 لم تضمه إليها، فيما ضمت الأردن الضفة الغربية إليها في نفس الفترة. وبالانتقال من القدس والضفة والقطاع إلى اللاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين نجد على سبيل المثال لا الحصر، الأوضاع التالية في دول الجوار: في الأردن: حمل اللاجئون الفلسطينيون إليها الجنسية الأردنية، ما عدا 100 ألف لاجئ من قطاع غزة يقطنون الأردن، ويتمتعون بوضعية الإقامة فقط، هذا علمًا أن غالبية اللاجئين في الأردن هم من نازحي عام 1967 الذين كانوا يعتبرون مواطنين أردنيون قبل هذا العام. في سوريا: يتمتع اللاجئون الفلسطينيون في سوريا بحقوق الإقامة وبالحريات المدنية، فيما لم تفرض عليهم الجنسية السورية مثلما فعل الأردن مع اللاجئين الفلسطينيين. في لبنان: لا يتمتع اللاجئون الفلسطينيون بحقوق مدنية حيث يحرمون من حق العمل وحق الملكية وغيرها من الحقوق، كما لم تفرض عليهم الجنسية اللبنانية. في مصر: لا يتمتع اللاجئون الفلسطينيون فيها بحقوق مدنية كاملة، كما لم تفرض عليهم الجنسية المصرية. أما داخل إسرائيل فإن الفلسطينيين فيها يحملون الجنسية الإسرائيلية، ولكن تعريف الدولة نفسها في إعلان استقلالها على أنها "دولة اليهود" قد تبعه حالة تمييز ضدهم في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية وغيرها، إضافة للمصادرة الدائمة لأراضيهم وأملاكهم. أما في بلدان العالم الأخرى، فقد منحت تلك البلدان جنسياتها للفلسطينيين. وإضافة للاجئين فقد نشأت مشكلات لجوء أخرى للحالات التالية المحرومة من المواطنة: 1. نازحو عام 1967. 2. المبعدون. 3. فاقدو الهويات وهم من يغادرون الضفة أو القطاع أو القدس بتصريح سفر عادية، ويفقدون التصاريح، أو لا يستطيعون العودة قبل انتهاء مدة التصاريح مما يؤدي إلى فقدانهم لهوياتهم. 4. المهجرون الداخليون: سواء داخل إسرائيل نفسها، أو في الضفة الغربية والقطاع والقدس ومنهم: · مهجرو عام 1948 داخل إسرائيل والذين لم يسمح لهم بالعودة إلى قراهم الأصلية. · مهجرو قرى يالو وعمواس وبيت نوبا في الضفة الغربية والذين بني منتزه سمي "بمنتزه كندا" مكان قراهم القريبة من مدينة رام الله. · أولئك الذين يصبحون مهجرين بسبب مصادرة أراضيهم أو هدم بيوتهم في الضفة الغربية والقطاع والقدس. · أولئك المقدسيون الذين تسحب هوياتهم المقدسية بسبب القوانين الإسرائيلية التي تسحب هوياتهم إذا سكنوا خارج منطقة القدس. · لاجئو مخيم شعفاط الذين هجروا من البلدة القديمة للقدس إليه عام 1967. · أولئك الذين يعيشون في القدس بدون هوية مقدسية، نظرًا للحاجة للعيش مع أزواجهم وعائلاتهم، وذلك رغم أن القوانين الإسرائيلية لم تمنحهم جمعًا للشمل، مما يجعلهم في وضع "البدون". ومقابل هذه الجوانب السلبية، فقد نشأت بعض التطورات الإيجابية منذ نشوء السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994 وحتى اليوم على صعيد الانتقال نحو المواطنة في فلسطين، ومن هذه التطورات: بعد نشوء السلطة الوطنية الفلسطينية ورغم كوننا نعيش فترة انتقالية، ورغم أن تحقيق الاستقلال الكامل وإقامة الدولة الفلسطينية لا زال رهنًا بنتائج مفاوضات المرحلة النهائية، ألا أن تطورات عديدة قد حصلت على قضايا المواطنة مع نشوء السلطة الوطنية الفلسطينية منها: 1. أصبحت علاقة الإنسان الفلسطيني خاصة فيما يتعلق بالقضايا المدنية مع السلطة الوطنية الفلسطينية (أي مع سلطة له ومنتخبة منه) وليس مع الاحتلال. 2. عاد عشرات الآلاف من الخارج ضمن طواقم السلطة الوطنية وبوسائل أخرى، وبالتالي انتقلوا من وضع اللاجئين إلى وضع المواطنين. وإلى جانب هؤلاء تحول إلى المواطنة آلاف من المقيمين بصورة غير شرعية في الضفة والقطاع "حسب قوانين الاحتلال". 3. صدر جواز السفر الفلسطيني، وهو أول تعبير رسمي عن مواطنة فلسطينية هي قيد الاكتمال. 4. على صعيد المفاوضات تم إقرار آلية لبحث موضوع فاقدي الهويات، وقبل ذلك تم إقرار آلية لبحث موضوعي اللاجئين والنازحين وبالتالي لتحويلهم من وضع اللاجئين إلى وضع المواطنة. 5. حصل تحول جزئي من الحياة النضالية إلى الحياة المدنية، وبالتالي بدء طرح مسألة الدستور، وإيجاد قوانين عصرية لتنظيم الحياة الفلسطينية الداخلية، ولتعريف حقوق المواطن وواجباته ومتابعة تطبيقها لإيجاد حياة مدنية سليمة. أما المسائل الشائكة بشأن المواطنة فلا زالت: 1. استمرار تدخل الاحتلال في حياة المواطنين الفلسطينيين خاصة فيما يتعلق بالقضايا الأمنية. هذا ناهيك عن استمرار تدخله في قضايا منح جوازات السفر وتصاريح السفر والتنقل، وإغلاقه للقدس، وغير ذلك من التدخلات. 2. تشدد إسرائيل بشأن قضايا عودة اللاجئين والنازحين والمبعدين وفاقدي الهويات. 3. عدم قدرة السلطة الوطنية الفلسطينية على منح جواز السفر الفلسطيني للاجئين الفلسطينيين المقيمين في الشتات، ووجود مشاكل مع الدول العربية بشأن مسؤولية م.ت.ف عن اللاجئين، يضاف لذلك ملف التوطين بديلاً للعودة وهو ملف لا زال مفتوحًا، وأكدته المادة الثامنة من اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية التي يمكن العودة إليها بهذا الخصوص، حيث تشير إلى إمكانيات التوطين. 4. عدم وضوح التحول من الحياة النضالية إلى الحياة المدنية بسبب استمرار الاحتلال في قسم واسع من الوطن حتى الآن. 5. مشكلة القدس ووضع المواطنين الفلسطينيين المهدد بصورة دائمة فيها. وقد نصت الاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية حتى الآن على ما يلي بشأن المواطنة: أ. إتفاق إعلان المبادئ الفلسطيني - الإسرائيلي (اتفاق أوسلو): · مادة 1: يقر بوجود شعب فلسطيني. · مادة 3: يتحدث عن الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع. · ملحق رقم 1: يتحدث عن مشاركة فلسطينيي القدس في الانتخابات، وأنه لن يتم الإجحاف بوضعية نازحي 1967، الذين لن يشاركوا في الانتخابات. ب. اتفاق القاهرة (4/5/1994) بند 27 من مادة 1 يشير إلى ما يلي: · حق إصدار بطاقة هوية جديدة لسكان غزة وأريحا من جانب السلطة الوطنية الفلسطينية. · حق السلطة الوطنية في إعطاء تصاريح لزوار لمدة 3 شهور وتمديدها لأربعة شهور أخرى بإجازة من إسرائيل. · حق السلطة الوطنية بمنح إقامة دائمة في قطاع غزة وأريحا بموافقة إسرائيلية مسبقة. ت. في اتفاق طابا 28/9/1995 وردت تفاصيل أكبر منها: · مادة 2 (ز) من ملحق الانتخابات: يعطى لمن أقام 4 سنوات بشكل متواصل دون سن الأربعين في الضفة والقطاع حق الحصول على هوية وحددت الفترة بثلاث سنوات لمن هم فوق الأربعين. أما ملحق الشؤون المدنية مادة 8، فقد ورد فيه: · نقطة 3: إنشاء لجنة مشتركة لإعادة إصدار هويات لفاقديها. · نقطة 4: حق الجانب الفلسطيني بإصدار هويات جديدة بالعربية والعبرية، وتنقل لإسرائيل. · نقطة 7: حق الجانب الفلسطيني بإصدار جوازت السفر الفلسطينية. · نقطة 11: حق السلطة الوطنية الفلسطينية بمنح حق الإقامة لمستثمرين، وزوجات وأطفال أشخاص آخرين بهدف الدراسة لمدة سنة. · نقطة 13: الزائرون لمدة 3 شهور، وحق السلطة الوطنية في التمديد لأربعة شهور أخرى (نفس ما ورد في اتفاق القاهرة بهذا الصدد). تمرين (5.1) نناقش في مجموعتين الأسئلة التالية: مجموعة (1): المواطنة وحق تقرير المصير: 1. لماذا ضمت السلطات الإسرائيلية أرض القدس واعتبرت المقدسيين مواطنين أردنيين؟ 2. مع انتقال أهل الضفة بعد أوسلو حسب الطرح الإسرائيلي إلى "مقيمين فلسطينيين" من "مواطنين أردنيين" قبل ذلك، فهل يعتبر ذلك تقدمًا إلى الأمام في وضع مواطنتهم؟ 3. مع انتقال أهل غزة بعد أوسلو حسب الطرح الإسرائيلي من "مقيمين غير محددي الهوية" إلى "مقيمين فلسطينيين"، فهل يعتبر ذلك تقدمًا إلى الأمام في وضعية مواطنتهم؟ 4. اللاجئون لعام 1948، ما هي الفروقات بين أوضاعهم بين مصر ولبنان؟ مجموعة (2): المواطنة والسلطة الوطنية الفلسطينية: نقيم وضع المواطنة بالعلاقة بين المواطنين والسلطة الوطنية الفلسطينية في وضعها الحالي، ونضع قائمة بالإيجابيات المتحققة، وقائمة بالنواقص التي لا زالت قائمة، ونضع حلولاً لهذه النواقص. 5.2 المواطنة والنظام السياسي الفلسطيني النظام السياسي الفلسطيني هو نظام مركب، يجمع بين منظمة التحرير الفلسطينية، وبين السلطة الوطنية الفلسطينية. والنظام مصمم على أساس تبعية السلطة الوطنية إلى منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف) كمرجعية لها وبالتالي تكون الصورة على النحو التالي: - الحكومة الفلسطينية كسلطة تنفيذية ترجع إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. - المجلس التشريعي الفلسطيني يرجع إلى المجلس الوطني الفلسطيني لـ م.ت.ف حيث الأوائل هم أعضاء في الأخير الذي يضم ممثلين من الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، فيما المجلس التشريعي يمثل فلسطينيي الضفة والقطاع والقدس الشرقية فقط. وفي الفترة ما بين دورتين للمجلس الوطني الفلسطيني، فإن المجلس المركزي لـ م.ت.ف يكون هو مرجعية المجلس التشريعي الفلسطيني. هذه هي خلاصة مكثفة لتركيبة النظام السياسي الفلسطيني، فأين المواطنون إذن كمرجعية له، كما يفترض أن يكون الحال في الأنظمة الديمقراطية، حيث المواطنين هم مرجعية الحكومة التي ينتخبونها؟ في الضفة والقطاع يكون المواطنون الفلسطينيون المقيمون في هذه المنطقة مرجعية للسلطة الوطنية الفلسطينية التي انتخبوها، وهم يمارسون هذا الدور من خلال الرقابة والمساءلة والتي يقومون بها مباشرة أو عبر مؤسسات المجتمع المدني لهذه السلطة. فيما يبقى دورهم في هذا المجال جزئيًا من جهة أخرى، وذلك نظرًا إلى قيام النظام السياسي الفلسطيني بإخضاع السلطة الوطنية إلى م.ت.ف كمرجعية لها. أما في باقي مناطق العالم فيخضع الفلسطينيون لمنظمة التحرير الفلسطينية التي لم ينتخبوها بشكل مباشر، إذ أن م.ت.ف لديها انتخابات جزئية لهيئاتها وليست كلية من الشعب الفلسطيني، وهذه الانتخابات تتم للمجلس الوطني الفلسطيني على النحو التالي: - الفصائل تنتخب ممثليها لعضوية المجلس الوطني الفلسطيني. - الاتحادات الشعبية للعمال والكتاب والمرأة وغيرهم تنتخب أيضًا ممثليها له. - الجاليات الفلسطينية في العالم تنتخب ممثليها له. - المستقلون فيه: ينتخبهم ويقرر بشأنهم أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني أنفسهم. أي أنها عملية أقرب للاختيار منها للانتخابات. وهي عملية فرضتها تقاليد العمل في م.ت.ف من جهة، وكذلك القيود المفروضة من بعض الحكومات العربية والتي تمنع إجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني في تلك الدول. تمرين رقم (5.2) نناقش الأسئلة التالية في مجموعات: 1. ما هي برأيك وضعية النظام السياسي الفلسطيني حاليًا؟ 2. ما رأيك بالانقسام بين فتح وحماس، وبين الضفة وغزة؟ وما تأثير ذلك على النظام السياسي الفلسطيني وعلاقته بالمواطنين/ات؟ 3. لماذا تطغى "شرعية الفصائل" غير المنتخية فوق شرعية السلطة الوطنية الفلسطينية المنتخبة"؟ وكيف ومتى يمكن تغيير هذه الوضعية، وما هي شروط ومتطلبات هذا التحول بحيث يصبح المواطنون والمواطنات هم مصدر شرعية السلطة التي ينتخبونها، لا أن تكون قدرًا مسلطًا عليهم من خارجهم؟ 5.3 المواطنة والقضايا الاجتماعية في فلسطين مع نشوء السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994 نشأت بعض القضايا الاجتماعية الجدية في الضفة والقطاع وبشكل أقل في القدس ومنها: 1. قضية انتقال الثوري/الفدائي السابق إلى مواطن/ة: حيث عاد الفدائيون إلى الوطن، وعملوا في أجهزة السلطة المدنية والأمنية، بدون أن يكون لديهم كفاءات إدارية لهذه الأجهزة. ورغم أن الفدائي تربطه رابطة بالوطن، إلا أنه لا زال لم يتحول إلى مواطن، علمًا بأن الأول هو جزء من حركة تحرر وطني لم تتحول بعد إلى إقامة دولتها، فيما المواطن المكتملة مواطنته هو إنسان تربطه علاقات متبادلة مع دولة قائمة. وفي فلسطين لم تقم الدولة بعد، ولكن قامت سلطة وطنية فلسطينية منذ عام 1994 ومع نشوئها بدء سؤال الانتقال نحو المواطنة يطرح بقوة، على أن هذا الانتقال لم يتم بعد بشكل كامل. 2. قضية العلاقة بين العائدين والمقيمين: مع عودة كوادر السلطة وطواقمها معها في الخارج نشأت حالة احتقان وتوتر بين العائدين وبين المقيمين في الضفة والقطاع، ومن أسباب ذلك: الفوارق بين أنماط الحياة والسلوك، والانطباعات المسبقة المتبادلة ذات الطابع السلبي غالبًا، وبعض الممارسات السلبية، وكذلك للتنازع على الوظائف العليا في السلطة سيما بين كوادر حركة فتح العائدة والمقيمة. هذا الاحتقان أخذ يخف بالتدريج ولكنه لم يزل، ذلك مع تحسن الترتيبات الوظائفية داخل أجهزة السلطة الوطنية، ونتيجة للتفاعل الاجتماعي ونشوء حياة مشتركة بددت الانطباعات المسبقة وأزالت الممارسات السلبية بعد مرور 15 سنة على نشوء السلطة عام 1994. ولا زالت هذه المسألة تشكل مشكلة لوحدة المواطنة بين العائدين والمقيمين، حيث أن كلمة "عائد" لا زالت كلمة متداولة بقوة لتمييزه عن المقيم الأصلي في هذه البلاد. 3. العلاقة بين غزة والضفة: نظرًا لضعف الاتصال والتواصل بين الضفة وغزة، نشأت علاقات غير سليمة بين المنطقتين أثرت على طبيعة العلاقات داخل أجهزة السلطة قبل انقسام عام 2007، حيث كانت كل وزارة مقسمة إلى قسمين، وكذلك كل مؤسسة، وعزز هذا الأمر منع الزيارات المتبادلة وحرية الحركة بين المنطقتين منذ عام 1993 من قبل السلطات الإسرائيلية، مما حال دون حل المشكلات عبر التواصل المباشر. وقد تعززت هذه المشكلة بعد أحداث حزيران 2007 في غزة وما تبعها من انقسام بين المنطقتين وشرخ بين فتح وحماس. ويشكل هذا الانقسام مشكلة أخرى لوحدة المواطنة الفلسطينية. 4. لاجئو الضفة وغزة والمواطنة: لا يزال هؤلاء يفتقدون إلى المواطنة، حيث لم تجب الاتفاقات السياسية الموقعة حتى الآن على السؤال بشأن مصيرهم السياسي، لذا فهم لا زالوا يتلقون المعونات والخدمات من وكالة الغوث الدولية بانتظار الإقرار بحقهم في العودة كما يطالبون. ولهذا فهم لا يتعاملون على أساس أنهم مواطنون للسلطة الوطنية الفلسطينية، كما لا تعاملهم وكالة الغوث الدولية على هذا الأساس، حيث تنظر إليهم كمستهدفين بالعون من قبلها إلى حين تطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 194 القاضي بعودتهم إلى ديارهم التي هجروا منها. 5. الآداب العامة: لا زالت هنالك مشكلة في هذا المجال، فبعض الشباب لا يراعون آداب الطريق: يتحرشون بالفتيات ويكثرون من الصراخ في الشوارع ويقفون على قارعة الطريق مما يعطل حركة المواطنين الآخرين، وبعض السيارات تستخدم الأرصفة كمواقف لها، مما يحرم المشاة منها، وبعض التجار يبيعون بضائع فاسدة أو منتهية الصلاحية أو يغشون في المكاييل، وبعض الناس يلقون النفايات في الشوارع والأماكن العامة، كما يبصقون على أرضها. 6. المواطنة والعائلة والعشيرة: حيث تسود العائلة والعشيرة في المجتمع الفلسطيني، فإن دورها في بناء المواطنة أو تعطيلها هو أحد القضايا التي يتم مناقشتها بشكل مستمر، في هذا الإطار يمكن القول بأن للعشيرة والعائلة دور سلبي في قمع حرية وحقوق المرأة المتساوية، مما يجعل مواطنة المرأة مواطنة منقوصة، ومن جهة أخرى تؤدي الإنتماءات العشائرية والقبلية بشكل عام إلى تمزيق وإضعاف الإنتماءات المشتركة العامة، سيما في الفترات التي يكون فيها الرابط الوطني العام ضعيفًا أو يعاني من مشاكل، وكذلك في فترات الاحباط العام. وعلى العكس من ذلك فإن الفترات التي كان فيها المجتمع الفلسطيني منتعشًا ومتفائلاً فإن العشائر قد لعبت دورًا في تعزيز الرابط المواطني العام، وعلى العكس من ذلك عندما أصبح المجتمع محبطًا ومفككًا فقد أصبحت العشيرة والعائلة عاملي تمزيق يضعف من رابطة المواطنة لصالح الروابط الأصغر منها. تمرين رقم (5.3) نناقش في 5 مجموعات: مجموعة (1): تناقش حالة الفدائي بانتقاله إلى مواطن في وضعها الحالي وتضع اقتراحات وتصورات لشروط ومتطلبات وكيفية استكمال هذا الانتقال. مجموعة (2): تناقش حالة العلاقة الحالية بين المواطنين المقيمين والمواطنين العائدين وتضع تصورات لمعالجتها. مجموعة (3): تناقش حالة العلاقة بين غزة والضفة، وتخرج بتصورات لمعالجتها. مجموعة (4): تناقش وضعية مواطنة لاجئي مخيمات الضفة والقطاع وتضع اقتراحات محلها. مجموعة (5): تناقش حالة الآداب العامة في فلسطين، وتقترح حلولاً لمشكلاتها. مجموعة (6): تناقش دور العائلة والعشيرة في بناء أو إضعاف المواطنة في فلسطين. القسم السادس: تجربة مشروع نداء المواطنة الشبابي 6.1 تعريف المشروع هو أحد مشاريع مركز الديمقراطية وتنمية المجتمع، وبدعم من "الصندوق الوطني للديمقراطية في واشنطن". وقد اشتمل المشروع على 100 ورشة عمل للشباب من سن 18 – 25 سنة حول قضايا "المواطنة" تضمنت المناقشة بالمشاركة حول مفهوم المواطنة، وتطبيقاتها في الحالة الفلسطينية، وآفاقها المستقبلية، كما وتضمنت صياغة "نداء المواطنة الشبابي من كل مجموعة شبابية". نفذت هذه الورشات في مناطق القدس، جنين، وغزة، وبمشاركة 1500 شابًا وشابة، بالتساوي تقريبًا بين الذكور والإناث. وقد عقدت 3 ورشات لكل مجموعة شبابية: الأولى عن مفهوم المواطنة، والثانية عن تطبيقات المفهوم في فلسطين، والثالثة: مناقشة وبلورة "نداء المواطنة الشبابي". للمجموعة. وإضافة للورشات فقد تضمن المشروع إصدار هذا الدليل. كما تضمن تشكيل 3 مجموعات مركزة في كل من غزة وجنين والقدس لمتابعة تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع. 6.2 نداء المواطنة كانت المادة الرئيسة التي استخدمت خلال الورشات هي نداء المواطنة، الذي تم تطويره من "ملتقى مواطني الشرق الأوسط" الذي يعمل لتعزيز المواطنة منذ عام 2001 على مستوى المنطقة العربية وإيران وتركيا والباكستان وأفغانستان وأذربيجان، وجاء تشكيله كاستمرار "لجمعية هلسنكي للمواطنين" التي عملت على مكافحة انتشار الأسلحة النووية في أوروبا منذ الثمانينات من القرن الماضي ولمنتدى مواطني الشرق الأوسط MECA: Middle East Citizens Assembly، صفحة إلكترونية يمكن الرجوع إليها لمزيد من المعلومات وهي:www.meca.me أو www.meca.name . وفيما يلي نص نداء المواطنة الذي استخدمه المشروع، وفي نهايته يوجد تعريف أوسع بملتقى مواطني الشرق الأوسط وأهدافه: نداء المواطنة نحن مواطنو غرب آسيا، شمال إفريقيا والقوقاز ولدنا أحرارًا كباقي المواطنين في كل بلدان العالم. لنا الحق في ممارسة حقوقنا كسائر البشر، كما أننا لا نقبل بأن نكون رعايا أو أبناء بلد مسيرين بأي نوع من أنواع المصالح الأنانية سواء أكانت عائلية، قبلية، فئوية، زبائنية، دينية، أو غيرها المعززة للتشرذم. المواطنة الرسمية والحقيقية يجب أن نسعى إلى تغيير وضع المواطنة في بلادنا بأنفسنا. فلا يجب أن تكون المواطنة مجرد مواد ووثائق رسمية منصوص عليها في قوانين ودساتير بلادنا فقط، بدون أن ترتبط بحصول تغيرات إيجابية حاسمة في العلاقات السياسية الفعلية بين الدولة والمواطنين. نحن بحاجة إلى تغيير المفهوم الغامض "سيادة الشعب" ليصبح مطلبًا أساسيًا جذريًا للتحول نحو نظام الحكم الديمقراطي التشاركي، بديلاً عن سيطرة الأنظمة على الشعب باسم "سيادة الشعب". الحرية المشتركة بناءً على ما ذكر سابقًا، يجب أن يتمتع جميع المواطنين بفرص متساوية من الحقوق والحريات السياسية، الاقتصادية، الثقافية، والبيئية بما يشمل النساء، الأطفال، الشباب، ذوي الاحتياجات الخاصة والجماعات المهمشة في مجتمعاتنا. لا يجب أن تقتصر هذه الحريات على الحيز العام فقط، بل ويجب أن يتمتع سائر المواطنين بهذه الحريات داخل الحيز الخاص في الحياة العائلية والخاصة، بدون أي تمييز ضد النساء والأطفال. المشاركة، لا النخبوية يجب أن ترتبط التغيرات المفاهيمية بتغيرات على الأرض فيما يتعلق بممارسة الشعب لحرياته. ومن هذا المنطلق فإننا نسعى إلى أن يكون لنا دور فعال في صنع السياسات العامة التي تؤثر في حياتنا، وأن نشارك في القضايا السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، والثقافية لبلادنا. وبذلك نكون قادرين على ممارسة المعنى الداخلي العميق للمواطنة، بما هي حقنا بالمشاركة في الحكم. المساواة للأقليات يجب أن تتمتع الأقليات في بلادنا بحريات متساوية بغض النظر عن العرق، القومية، الدين، الإنتماء الأثني، اللغة أو أي خلفية أخرى. كما ويجب أن نضع في بلادنا نهاية لأوضاع الأشخاص أو الجماعات البدون (من لا يحملون جنسية بلد معين) وللاجئين، وأن نجد طريقة لضمان مواطنتهم فيما يتوافق مع تطلعاتهم بدون ممارسة أي ضغط يذكر بما يعاكس هذه التطلعات. الجنسية والمواطنة إن ما نبحث عنه بالفعل هو تطوير الخيار الحر لحالة المواطنة لمواطني بلادنا بما يتوافق مع التطلعات الوطنية لكل شخص. وفي هذا الخصوص فإن المواطنة تعبر عن العلاقات المتبادلة للحقوق والواجبات بين المواطنين والدولة، بحيث تكون الجنسية هي الوثيقة الرسمية التي تعبر عن رابطة المواطنة هذه. لا يجب أن نقبل أي فرض لأي جنسية على أي شخص بما يتنافى مع تطلعاته الوطنية. ولذلك سندافع عن حقوق الأقليات وعديمي الجنسية (البدون) واللاجئين، وسنكافح ضد التمييز بشأن حقوق الأقليات. الدور الجديد للدولة إن هذا التطور العملي والنظري لمفهوم المواطنة يتطلب تحولاً في العلاقات بين المواطنين ودول المنطقة نحو إعادة هيكلة هذه العلاقات من خلال عقد اجتماعي جديد مبني على تعظيم قوة المواطن من خلال إنشاء بنى ممارسات الديمقراطية التشاركية. في هذا الإطار يجب أن تكون سياسات الدولة منبثقة من اهتماماتها بالأمن الإنساني وبأخذها دور الإشراف العام فقط مقترنًا بصلاحيات دنيا، ويجب أن يتاح لمؤسسات المجتمع المدني بأن تعمل لخدمة مواطنيها، ويجب أن لا يرى الأفراد حكومتهم على أنها المقرر الوحيد والأعلى لمصيرهم. الولاء للمؤسسات الديمقراطية والاتحادات الإقليمية لنا حقوقنا في بلادنا ويجب أن يفوق انتماؤنا وولاءنا لوطننا أي ولاء لأي جهة أخرى بحيث يكون انتماؤنا لمؤسسات الدولة الديمقراطية، لا للسلطة الحاكمة. وفي هذا الخصوص يجب أن تتم استشارتنا لدى الشروع بأية عملية قانونية لإنشاء أي اتحاد أو اتحادات بين دول المنطقة حيث أن كل وحدة أو اتحاد يجب أن تستجيب لاحتياجاتنا وتتوافق مع طموحاتنا، كما وتبنى على أسس سلمية مشابهة لأسس إنشاء الاتحاد الأوروبي وأن تستند على الممارسات الديمقراطية التشاركية. الطريق الارتقائي نحو المواطنة إن عملية التحول نحو مفهوم المواطنة هي صرخة كبيرة ضد التسلط السياسي والاجتماعي، التطرف، الاحتلال، الاجتياح. كما أن طريق هذا التحول هو طريق ارتقائي غير عنفي ويتسق مع فحوى الديانات التي تحث على التعايش والتسامح، والمبنية على أسس المساواة والحرية لجميع المواطنين بغض النظر عن ولائهم الديني. تبعًا لذلك فإننا نسعى إلى إصلاح الدول والقوانين، كما ونهدف إلى تعميم حقوق المواطنين والتوعية بها وإدماجها في المناهج التعليمية ومراحلها الدراسية الأولى، ونسعى إلى رفع وعي كل أعضاء المجتمع بحيث يمارسون واجباتهم في إطار معين يؤكد لهم حق ممارسة حقوقهم، التي يجب تحقيقها من خلال مشاركتهم في سياسات صنع القرار في بلادهم. وفي هذا الإطار فإننا لسنا متحمسين لتلك المحاولات لاستزراع المواطنة في بلادنا عبر تدخلات خارجية، كما وأننا لسنا متحمسين لأن تأخذ جماعات حكومية أو زبائنية دور الراعي لشؤون المواطنة في بلادنا، كما أننا ضد أي محاولة من محاولات التحول نحو المواطنة عن طريق العنف أو الإرهاب. الحق في معرفة حقوقنا يعمل المواطنون في غرب آسيا، جنوب إفريقيا، والقوقاز معًا بكل احترام وانفتاح في بلداننا بعيدًا عن العداوة بين أنظمة الحكم. كما أننا نسعى إلى إنهاء كل أنواع الاحتلال، التطرف، التسلط، ونعمل لتحويل عداواتنا الداخلية والخارجية إلى سلام مدني سائد في كل بلد، وكذلك في علاقاتنا مع مواطني الدول الأخرى. قيمنا ومبادئنا نبني علاقاتنا الداخلية في ملتقى مواطني الشرق الأوسط على أسس الأمن الإنساني، التضامن، الحماية، ونعمل هنا جنبًا إلى جنب مع كل الذين يشاركوننا أهدافنا وغاياتنا، كما نقوم بتنظيم أنفسنا عبر الانضمام إلى هذا الملتقى للعمل معًا في إطار مسؤولياتنا الاجتماعية. رسالة ملتقى مواطني الشرق الأوسط ملتقى مواطني الشرق الأوسط حركة شفافة ومنفتحة تأسست عام 2001، بالتعاون مع جمعية هلسنكي للمواطنين، من أجل تعزيز مفهوم التحول من مجرد رعايا أو أبناء بلد إلى مواطنين في غرب آسيا، القوقاز، آسيا الوسطى ومنطقة شمال افريقيا وذلك من خلال مبادرات المواطنين في المجالات التالية: 1. تعزيز مفهوم المواطنة وحقوق الإنسان والأمن الإنساني على كافة الأصعدة. 2. تعزيز التفاعل بين مواطن ومواطن، وحرية التنقل للأشخاص داخل بلدانهم وإلى خارجها، بغض النظر عن الهوية، اللون، اللغة، وأي نوع آخر من أنواع التمييز. 3. تعزيز الديمقراطية التشاركية وعمليات التحول الديمقراطي في المنطقة. 4. الدفاع عن الطرق السلمية للتحول في المنطقة ورفض العنف بأشكاله المختلفة سواء كان ذلك عنف الاحتلال، الدول، أو المجموعات والعمل ضد انتشار أسلحة الدمار الشامل. 5. تعزيز الحوار بين الشرق والغرب والتكافل بين المواطنين على أساس الاحترام المشترك للتنوع والتعددية الثقافية. 6.3 صياغات من الشباب الفلسطيني من الصياغات التي وردت لندوات المواطنة في فلسطين، يمكن إبراز النص التالي: لي وطن آليت ألا أبيعه وألا أرى غيري له الدهر مالكا إعداد: جمانا محتسب لقد برزت فكرة المواطنة من خلال منتدى مواطني الشرق الأوسط الذي عقد في اسطنبول عام 2001. لقد نشأت فكرة المندى كامتداد لـ Helsinki Citizen's Assembly. هيلسينكي هو ذاك الذي عمل منذ الثمانينات في القرن الماضي على وقف سباق التسلح النووي بين الغرب والشرق، وعلى حقوق الإنسان في ذلك الوقت، في حين يسعى منتدى مواطني الشرق الأوسط لتأصيل المواطنة في المنطقة العربية وشمال افريقيا وغرب آسيا، فكرًا وممارسة للانتقال من وضعية الرعية وابن وبنت البلد إلى وضعية المواطنة. وتعرف المواطنة بمفهومها الليبيرالي بأنها الرابطة القانونية بين الفرد والدولة، وتعبر عن نفسها من خلال عضوية الفرد التامة والمسؤولة في الدولة. وتتمثل المواطنة بتعريفها على النحو الآتي بحقوق وواجبات متبادلة بين الفرد ودولته. وقد تم انتقاد هذا التعريف بأنه يتمحور حول العلاقة السياسية بين الطرفين، بينما المحور الثقافي، والاقتصادي، والاجتماعي، يبدو غائبًا عن هذا المفهوم. ومن الجدير بالذكر أن المواطنة تختلف في تعريفها عن الجنسية، إن الجنسية ما هي إلا تعبير رسمي عن المواطنة بوثيقة رسمية تثبت انتماء الفرد إلى دولة ما التي قد تثبت بمكان الولادة أو حسب السلالة. وفي حين أن المواطنة من الصعب أن تكون تعددية، يمكن لجنسية الفرد أن تكون متعددة لإمكانية حصوله على جنسيات مختلفة من بلاد متباينة في قوانينها وثقافاتها، إذ إن نقاد التعريف الليبيرالي للمواطنة، وخصوصًا فيما يتعلق بالجانب الفلسطيني المتأرجح من حيث التعريف والتوطين والانتماء، يرصدون ملامح أخرى يجب أن تتضمنها المواطنة، وهي ما يتعلق في التاريخ والوجود الإنساني على أرض ينتمي إليها الإنسان. إنهم يلفتون النظر إلى أهمية الأرض والعلاقة الوجدانية غير المرئية التي تنشأ بين الفرد والوطن والأرض. وعليه فإن المواطنة بحيثياتها يجب أن تشمل جميع ما يتعلق بحياة الفرد وإنسانيته من جانبها الثقافي، والاجتماعي، والقانوني، والاقتصادي والسياسي. أما فيما يتعلق بالمواطنة والإقامة، فإن الإقامة في قوانين العالم هي وضع عارض ومؤقت وغير ثابت كما هو الحال في القدس ومواطنيها العرب. وتعطى الإقامة في دول العالم للأجانب، وإذا استمرت لفترات زمنية معينة تتفاوت بين قوانين دولة وأخرى، فإنها قد تتحول إلى تجنس. وأما المواطنة، فهي علاقة تاريخية للإنسان بوطنه ومجتمعه، وهي علاقة صحيحة وثابتة وراسخة تبقى قائمة حتى لو حطمتها وبعثرتها عوامل خارجية بشكل مؤقت. وتختلف المواطنة عن الرعية في مفهومها الشامل. إذ إن الرعية تقتضي بأن يحتكم لمسؤول ينظم حياته ويسيرها ويسلبها حرية النماء. هي علاقة قائمة على مرجعية الفرد إلى الدولة فيما يخص نواح شتى في حياته على حساب انتمائه للأرض والوطن. وهي تختلف أيضًا عن مفهوم ابن البلد بأن الأخير ينتمي للمجتمع المحلي، في حين تنادي المواطنة بالانتماء الوطني الشامل. فلسطينيًا، فإن مفهوم المواطنة متأرجح وغير مستقر تبعًا للوضع الراهن المتضعضع سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا واقتصاديًا. إذ إن المواطنة في وضعنا الحالي هي الانتماء للوطن للاجئين وفلسطينيي 1948 والقدس والمناطق الأخرى المحتلة من جهة، والارتباط القانوني بين الفرد الفلسطيني وبين السلطة الوطنية الفلسطينية في مناطق هذه السلطة من جهة أخرى. لقد أصدر الانتداب البريطاني قانون المواطنة عام 1952 الذي ينص على أن "كل من هو موجود في البلد وولد فيها فهو فلسطيني، وكل يهودي هاجر إلى فلسطين ومضى على وجوده سنتين أو ثلاث سنوات، فهو مواطن فلسطيني". وقد جاء فيما بعد قرار 181 من الأمم المتحدة ناصًا على أن "اليهود والفلسطينيين الموجودين في فلسطين، هم مواطنو تلك البلاد". وقد حمل قرار 194 نصًا على أن "الفلسطينيين الذين هاجروا من بلادهم، لهم الحق في العودة إليها، مما يعني أن هجرتهم لا تفقدهم مواطنتهم". إن المواطنة في فلسطين في قراراتها النظرية التي تم إصدارها تتناقد مع الواقع الفلسطيني الحالي المشتت. إذ إن الاحتلال اعتبر الفلسطينيون في منطقة الضفة والقطاع على أنهم "مقيمين"، مما أدى إلى حرمانهم من العودة من الخارج إلى أوطانهم إلى أن جاءت السلطة الوطنية الفلسطينية التي كانت بمثابة منقذ لهؤلاء، فعاد الكثيرون إلى الأرض، وتم اصدار جواز سفر فلسطيني رسمي كأول تعبير رسمي عن مواطنة فلسطينية هي قيد الاكتمال. إلا أن الاحتلال، عبر سياسة التضييق والتدخل في الشؤون الفلسطينية، يحرم فلسطينيي الضفة والقطاع من الاستمتاع بمواطنتهم لفلسطين؛ ذلك أن الاحتلال يتمتع بسيطرة أكبر على الأرض من ناحية عسكرية وسياسية وأمنية. وأما فيما يتعلق بفلسطينيي الداخل فإنهم قد جنسوا إسرائيليًا، لكن هذا لا ينفي حقيقة انتمائهم للبلد العربي ولفلسطين الأصل. هم أولئك الذين ارتبطوا بالأرض ارتباطًا تاريخيًا وعاطفيًا تثبت مواطنتهم لفلسطين. ولكن الاحتلال وسياسة التهجير التي استخدمها عام 1948 أدى إلى تشتت هؤلاء عن موطنهم وأصلهم واضطروا لأن تكون مرجعيتهم إسرائيل. وإن كانت المشكلة تترنح بين الضفة والداخل، فهناك أيضًا مشكلة أعظم وهي مواطنة سكان مدينة القدس الذين هم مشتتون بين الخضوع لدولة فلسطينية ودولة إسرائيلية، فلا هم مواطنون فلسطينيون ولا هم مواطنون إسرائيليون. هم أولئك الذين اعتبرتهم اسرائيل "مقيمين" على أرض الوطن دون أي مرجعية. وتبقى المشكلة رهنًا تلعب فيها أيادي السياسة ليضيع بين هنا وهناك شعب وإنسان ووطن. مساهمات أخرى طالبات مدرسة الإبراهيمين تعريف المواطنة الشبابية: هي علاقة الشاب بوطنه الأصلي حتى ولو تغيرت جنسيته فعليه أن يفتخر بوطنه ويعمل على تطوير المجتمع الذي يعيش فيه وهو المكان الأصلي، فيقوم بالواجبات قدر الإمكان كما يكون له حقوق تساعده على القيام بالواجبات، وبالتالي مشاركة جميع المواطنين في الأعمال التي تكون قد أقيمت من واجب أحد المواطنين، وبالتالي يقلل من البطالة وتنمية المجتمع فيصبح مجتمع مثقف. حقوق المواطن الشاب الفلسطيني: 1. الحق في التعلم: · اختيار الفرع الدراسي المناسب. · الحق في إكمال التعليم. · الحق في توفير وسائل التعليم المناسبة. 2. الحق في العمل. 3. الحق في حرية التنقل. 4. الحق في العيش بأمان. 5. الحق في الحفاظ على الجنسية والانتماء للوطن الفلسطيني. 6. الحق في حرية زيارة الأماكن المقدسة دون قيود. 7. الحق في عودة اللاجئين. 8. الحق في استرجاع الأراضي. 9. الحق في حرية التعبير عن الرأي بشرط أن لا يكون خارجًا عن المعقول. 10. الحق في المشاركة في الانتخابات دون إجبار. 11. الحق في عمل مشاريع لتطوير الوطن (بحيث يتوفر المال والأيدي البشرية). 12. الحق في إيجاد نوادي خاصة لتنمية قدرات الشباب. 13. الحق في أن تكون لنا دولة مستقلة. 14. الحق في انضمام بلدان فلسطين في رأي صواب (وحدة وطنية فلسطينية). 15. الحق في توفير أماكن للترفيه. واجبات المواطن الشاب الفلسطيني: 1. حب الوطن والإخلاص له. 2. تنمية الوطن وتطويره. 3. توعية الشباب المتعلمين للشباب غير المتعلمين (أن يقوم الشاب المتعلم بتعليم الشاب غير المتعلم). 4. تطوير أساليب التعليم من خلال استخدام التكنولوجيا. 5. الحفاظ على نظافته في المناطق العامة. 6. الالتزام بدفع الرسوم والضرائب. 7. إتقان العمل وتأدية واجبه على أكمل وجه. 8. مساعدة المحتاجين في الوطن مما يؤدي إلى التخلص من الفقر (العمل التطوعي). 9. تشجيع البحث العلمي والبعثات العلمية إلى الخارج ليعود وقد اكتسب من الخارج العلم والمعرفة لإفادة المجتمع. 10. اختراع أساليب تعليم جديدة تساعد الطلاب على فهم المنهاج أكثر. 11. الاهتمام بالأماكن الدينية والمقدسة والدفاع عنها. 12. توعية الأشخاص حول ما يحدث للمسجد الأقصى والتراث من طمس لهذه المعالم من قبل الاحتلال. 13. تنفيذ القانون واحترامه. 14. التشجيع على الوحدة والترابط. نادي برقين الرياضي تعريف المواطنة الشبابية الفلسطيني: هي العلاقة المتبادلة بين الشباب والشابات مبنية ضمن قوانين الدولة وهي علاقة تبادلية وتكاملية مثل التصرفات السلبية التي لا تستحق أن تكون في الدولة. الإحساس بالمسؤولية تجاه الوطن، فلسطين، والشعور بالانتماء والتضحية والقيام بالواجبات والحصول على الحقوق مثل الاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع والالتزام بالقوانين والمحافظة على النظام العام في فلسطين وعدم القيام بالتصرفات السلبية. حقوق الشباب الفلسطيني 1. التعليم: أن يكون التعليم متوفر للجنسين "ذكر وأنثى"، وأن يكون وفق القانون، وأن تكون مبنية على أسس معينة مثل العلاقة بين الطالب والمعلم والطالب والطالب الآخر – "ممنوع الضرب في المدارس". 2. حرية الرأي والتعبير: من حق كل شخص أو فرد في المجتمع أن يبدي رأيه وأن يستمع الرأي الآخر، مثال: عندما شخص يبدي رأيه يجب على الشخص الآخر أن يستمع إليه. 3. حرية الإقامة: أن يكون كل شخص له حرية الإقامة والمواطنة في المكان الذي ينتمي إليه. 4. حرية التنقل: من خلال التنقل بحرية وسلامة ولا يتعرض لشيء سلبي. مثال: السفر من دولة إلى دولة أخرى، فعندما يقوم الاحتلال بمنع بعض الأشخاص من السفر إلى مكان ما، هذه ضغوطات غير قانونية. واجبات الشباب الفلسطيني 1. احترام متبادل بين الأفراد في المجتمع (الأهل، الجيران، البلدة). 2. احترام القوانين والأنظمة. 3. المساهمة في تطوير القوانين. 4. التعاون. 5. احترام الرأي والرأي الآخر. 6. المحافظة على النظافة وخاصة النظافة الشخصية. 7. التضحية في سبيل وطن مبهر. 8. أن يحترم الشاب الأجيال السابقة واللاحقة. 9. أن يقوم الشاب بتطبيق جميع القوانين المسنة وعدم التهرب منها مثل الضرائب. مدرسة اللوثرية من حق الشعب الفلسطيني، وخاصة فئة الشباب، التمتع بكافة حقوقهم، وعليهم أيضًا أداء واجباتهم على أكمل الوجه. من حق الشاب الفلسطيني التمتع بالحرية والديمقراطية والحصول على الأمن، ومن واجباتهم المحافظة على الدولة والدفاع عنها وتقديم شتى أنواع المساعدات، ولا ننسى حق الشباب الفلسطيني ذوي الاحتياجات الخاصة حيث لهم حقوق كثيرة كحق المشاركة في الانتخابات وحق الحصول على الخدمات الاجتماعية الكافة على أكمل وجه، والحصول على المساعدات، وحق المشاركة بالنشاطات الرياضية والاجتماعية والثقافية بشتى أنواعها، وكما لهم حقوق أيضًا عليهم واجباتهم، ومن حق الشباب الفلسطيني التي تتراوح أعمارهم بين التاسعة والرابعة عشر الحصول على حقهم في التعليم الإلزامي والتمتع بطفولتهم وعدم حرمانهم منها حيث أن هناك بعض الشباب من هذه الفئة حرموا في حقهم في التعليم وأجبروا على العمل ورغم عنهم، ولذلك يجب على الدولة نجدتهم ومعاقبة الخارجين على القانون والمتجاوزين له، ومن الحق الشباب الفلسطيني اللاجئ على الدولة أن تقوم: حقوق وواجبات جيل 9 – 25 سنة حقوق: 1. حق التعليم. 2. حق الحصول على جنسية. 3. حق الحصول على من يرعانا بالصغر. 4. حق الحصول على عمل. 5. حق المعاملة باحترام. 6. حق التمتع بالحياة. 7. حق اختيار الديانة. واجبات: 1. الالتزام بالتعليم. 2. احترام جميع الناس. 3. عدم مخالفة القوانين. حقوق المواطنين الفلسطينيين 1. حرية التنقل من مكان إلى آخر (مناداة لأصحاب القرار والتأثير والسلطة بإلغاء الحواجز). 2. الاستقلال والتمتع بأرض معيشية زراعية بحرية، حق العودة للبلاد. 3. حرية الآراء والاستماع. 4. التمتع بالحرية الشخصية في الحد المعقول دون أن يحشر المجتمع نفسه والتدخل في هذه الحرية. 5. الاحترام المتبادل بين الناس وإلغاء تفشي الكلام الرديء في الشارع. 6. خلق فرص عمل، وهذه الفرصة تتناسب مع طبيعة ومهنية كل شخص. 7. المناداة بإيقاف الحروب. 6.4 آفاق المشروع اللاحقة في المرحلة الثانية لعام 2010 يركز المشروع على المحاور من الثلاث التالية المبنية على نتائج العمل في عام 2009: 1. العمل على مشروعات محددة لتنمية مواطنة الشباب حقوقًا وواجبات في فلسطين بالتعاون مع مجموعات المشروع المركزة الثلاث في غزة وجنين والقدس. 2. تطوير نداء عام للمواطنة الشبابية وتوزيعه بشكل واسع. 3. المبادرة لعقد يوم المواطنة الشبابي الفلسطيني. 4. اقتراح نصوص مقترحة للمنهاج الفلسطيني حول قضايا المواطنة. ويمكن استخدام دليل المواطنة هذا أيضًا لتنفيذ أنشطة وفعاليات مشابهة في مختلف دول الشرق الأوسط المحيطة. وسيتم توثيق تجربة عام 2010 في كراس، تمهيدًا للمرحلة اللاحقة عام 2011. ملحق: نحو مواطنة فاعلة تضمن هذا الدليل أفكارًا للتحول نحو المواطنة الفاعلة، والتي تتضمن الفعالية في العائلة، مؤسسة التعليم، المجتمع، المجتمع المدني، المجتمع المحلي، المجتمع السياسي، والقطاع الخاص. وبشكل عام يمكن للمواطن/ة أن يمارس فعاليته في المجتمع المحلي، سواء كان: مجتمعًا محليًا جغرافيًا (أي حيث يعيش)، أو مجتمعًا محليًا قطاعيًا (أي سياحيًا أو تجاريًا أو صناعيًا وهكذا)، أو مجتمعًا محليًا لفئة معينة (كأن تكون هذه الفئة هي الشباب أو النساء أو الأطفال أو الفئات الخاصة)، ويمكن لهذه الفعالية في المجتمع المحلي بأنواعه الثلاثة أن تكون في المجال السياسي، أو الاقتصادي، أو الاجتماعي، أو الثقافي، أي أن هنالك تنوعًا في مجالات الفعالية، كما أن الفعالية تشمل جميع فئات المجتمع من رجال ونساء وشباب وأطفال ومسنين/ات وغيرهم من الفئات الاجتماعية. ويتم تطبيق المواطنة الفاعلة من خلال المشاركة مع الآخرين، وذلك عبر المراحل التالية: أولاً: الاتفاق على هدف أو مشروع مشترك للعمل مع فريق من الأفراد. ثانيًا: تنظيم عمل الفريق وتوزيع المهمات فيما بينهم من أجل تنفيذ الهدف المشترك. ثالثًا: تحديد احتياجات المجتمع المحلي المستهدف سواءً كان مجتمعًا جغرافيًا أو قطاعيًا، أو لفئة محددة في المجال المحدد الذي يهدف الفريق للعمل فيه: فإذا كان الفريق يهدف للعمل في المجال الثقافي، فإنه يجب تحديد الاحتياجات الثقافية، أما إذا كان يهدف للعمل في المجال الرياضي، فإنه يجب تحديد الاحتياجات الثقافية، وهكذا. رابعًا: وضع الاحتياجات المحددة في أولويات، ومن ثم اختيار الاحتياجات التي سيعمل عليها الفريق، ضمن إمكاناته (قدراته)، وإمكانياته (أي الفرص المتوفرة له في الواقع). خامسًا: وضع خطة محددة زمنيًا للعمل على الاحتياجات التي تم اختيارها، وتوزيع مهام التنفيذ بين أعضاء الفريق بهذا الاتجاه. سادسًا: تنفيذ الخطة ضمن الجدول الزمني المحدد، ومتابعة التنفيذ من قبل الفريق وبالمشاركة فيما بينهم. هذا ويمكن خلال عملية التنفيذ أن يتم العمل على التشبيك وبناء الائتلافات والتحالفات مع فرق أخرى تعمل على نفس الموضوع، أو في مواضيع مشابهة، كما يتطلب التنفيذ استخدام المطبوعات ووسائل الإعلام لنشر نتائج العمل ومردوداته أولاً بأول. كما قد يتطلب التنفيذ القيام بأنشطة لتعبئة الجمهور، وكذلك للضغط على صناع القرار من أجل تلبية متطلبات معينة لا يمكن بدونها نجاح المشروع. (مثال: إذا كان المشروع مثلاً هو تعديل قانون معين يميز ضد حقوق النساء، فإن الأنشطة قد تشمل القيام بأنشطة جماهيرية لتوضيح جوانب التمييز للجمهور، كما والقيام بالتحالف مع مؤسسات أخرى تؤمن بحقوق المرأة المتساوية، والعمل معًا في تنظيم الأنشطة الجماهيرية، وكذلك في صياغة نص قانوني معدل، والضغط معًا على صناع القرار التشريعي والتنفيذي من أجل تبني وإقرار النص المعدل وهكذا). سابعًا: تقييم العمل المنجز معًا واعداد خطواته القادمة. هذا بشكل عام، ولمزيد من التوضيح يمكن العودة إلى دليل عملية الدمقرطة: إضاءات حول الديمقراطية كمشاركة الصادر عن مركز الديمقراطية وتنمية المجتمع، والذي يفصل في هذه القضايا بشكل موسع، ويمكن للمدربين والمدربات استخدامه كمادة إضافية للتدريب ضمن دورات المواطنة. المراجع وقراءات إضافية أولاً: المراجع العربية 1. القرآن الكريم. 2. إدوارد بانفيلد وآخرون، السلوك الحضاري والمواطنة، دار النسر للنشر والتوزيع، عمان، 1994. 3. إياد البرغوثي وآخرون، حقوق الإنسان في مناهج التعليم الديني العالي في فلسطين، مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، رام الله، 2003. 4. بيت المعرفة، مجلة محاور إسلامية، طبعة مكتبة الكمال، نابلس، 1989. 5. جون ستوارت ميل، عن الحرية، الأهلية للنشر والتوزيع، بيروت، 2007. 6. روبرت دال، الديمقراطية ونقادها، دار الفارس للنشر والتوزيع، عمان، 1993. 7. زيدان محمد، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المؤسسة العربية لحقوق الإنسان، الناصرة، بدون تاريخ نشر. 8. سعيد زيداني، إطلالة على الديمقراطية الليبرالية، مجلة المستقبل العربي، سنة 13، عدد 135، 1990. 9. سعيد زيداني، الديمقراطية وخصومها في الوطن العربي، مجلة آفاق فلسطين، عدد 5، جامعة بيرزيت، 1990. 10. سعيد زيداني، المدرسة الليبرالية والديمقراطية. في كتاب مقدمة في الديمقراطية، ط2، بانوراما (المركز الفلسطيني لتعميم المعلومات البديلة)، القدس، 1993. 11. سعيد زيداني، التعددية الديمقراطية، ومفهوم الدولة المحايدة، مجلة آفاق الفلسطينية، عدد 7، جامعة بيرزيت، 1993. 12. سعيد زيداني، الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان في الوطن العربي، في كتاب حول الخيار الديمقراطي، مؤسسة مواطن (المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية)، رام الله، 1993. 13. سعيد زيداني، المسألة الديمقراطية والتصوران المتنافسان للدولة الحديثة، في وقائع مؤتمر بانوراما الأول حول الديمقراطية، بانوراما، القدس، 1994. 14. طه جابر العلواني، المواطنة في المجتمع الإسلامي، مجلة قراءات سياسية، عدد 1، سنة 3، 1992، ص 147-162. 15. عبد الرحيم الشيخ، المنهاج الفلسطيني: إشكالات الهوية والمواطنة، مواطن، رام الله، 2008. 16. فريدة بناني وزينب معادي، (بدون تاريخ إصدار)، دليل تكريم النساء في النصوص المقدسة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: مشروع إدارة الحكم في الدول العربية: www.pogar.org 17. القانون الأساسي المعدل للسلطة الوطنية الفلسطينية، المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية (مفتاح) والائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، رام الله، 2007. 18. محمد عابد الجابري، قضايا الفكر المعاصر، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1997. 19. محمد عابد الجابري، كتاب في جريدة: الديمقراطية وحقوق الإنسان، جريدة الأيام، رام الله، 2006. 20. محمد علي الصليبي، المرأة والديمقراطية في الإسلام، في المؤتمر الفلسطيني الأول حول الديمقراطية، بانوراما، القدس، 1993. 21. مركز إبداع المعلم، (بدون تاريخ إصدار)، دليل المعلم الإرشادي في إدماج مفاهيم حقوق الإنسان والديمقراطية والنوع الاجتماعي على المناهج، رام الله. 22. مركز إبداع المعلم، مشروع المواطنة، رام الله، 2009. 23. مركز المعلومات البديلة، المشاكل المتعلقة بقضايا لم شمل العائلات الفلسطينية وتصاريح الزيارة، القدس/بيت لحم، 1993. 24. مركز المعلومات البديلة، إرشادات لكل فلسطيني يأمل بالإقامة في الأراضي المحتلة عام 1967 (الضفة الغربية القدس، وقطاع غزة)، القدس/بيت لحم، 1994. 25. مركز المعلومات البديلة، حقوق المواطنة الفلسطينية في مناطق السلطة الفلسطينية، القدس/بيت لحم، 1994. 26. مركز المعلومات البديلة، إرشادات للفلسطينيين المقيمين في الأردن ويأملون العيش في فلسطين المحتلة، القدس/بيت لحم، 1995. 27. منار الشوربجي، الديمقراطية وحقوق المرأة، المركز الفلسطيني لدراسة الديمقراطية (مواطن)، رام الله، 1995. 28. مها عبد الهادي، واقع المرأة في فلسطين: وجهة نظر إسلامية، مركز البحوث والدراسات الفلسطينية، نابلس، 1999. 29. مواطن، المواطنة: سلسلة مبادئ الديمقراطية، مواطن، رام الله، 1994. 30. ناثان كريستال، فلسطينيو القدس ومخاطر الطرد الصامت، مركز المعلومات البديلة، القدس/بيت لحم، 1995. 31. ناثان براون، مسودة دستور دولة فلسطين: المسودة الثالثة، المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، رام الله، 2003. 32. نوال السعداوي، الوجه العاري للمرأة العربية، ط1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، القاهرة، 1977. 33. هيثم مناع، الإسلام وحقوق المرأة، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، القاهرة، 2001. 34. وليد سالم و إيمان الرطروط، الحريات المتساوية: حقوق المرأة بين الديمقراطية – الليبرالية وكتب التربية الإسلامية، مواطن، رام الله، 2008. 35. وليد سالم، المواطنة في فلسطين، مشكلات المفهوم والإطار، مجلة السياسة الفلسطينية، مكز البحوث والدراسات الفلسطينية، نابلس، عدد 14، 997، ص 6-31. 36. وليد سالم، دليل تدريب مدربين حول قضايا الديمقراطية والتثقيف المدني، بانوراما، رام الله، 1999. 37. وليد سالم، عملية الدمقرطة: قراءات حول الديمقراطية كمشاركة، مركز بانوراما، القدس، 2001. 38. وثائق الأمم المتحدة التالية: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. الاتفاقية الدولية لمناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة. الإعلان العالمي لحقوق الطفل. ثانيًا: المراجع الإنجليزية
ثالثًا: مواقع إلكترونية
|
|
|