عودة إلى صين الثورة الثقافية
في مواجهة التاريخ المستور

صولانج براند٭

الجيل "الضحيّة" للثورة الثقافية يتسلَّم اليوم مهامَّ الحكم، لجزءٍ كبير منه. فهو الذي يشكِّل صلة الوصل مع ورَثة "المسيرة الطويلة"، ويصنع صين الغد، أو يتحكَّم بالرافعات الاقتصادية، أو يخلق... أو يدفع غاليًا ثمن عواقب "السنوات العشر المظلمة".

في الصين "الشيوعية" الحالية، قلَّما يأتي ذكر الثورة الثقافية. فقد أُغلِقَت هذه الحقبة رسميًّا في بلدٍ بات يتطلّع إلى المستقبل، ويستمتع بأفراح وملذّات التطوّر والاستهلاك. وكما دائمًا، عندما تصنع الأحداث المأساوية شعوبًا تكون في الوقت نفسه فاعلتها وضحيِّتها، لا تنجح عملية الانتقال الفردي للذاكرة، أو تتمُّ على نحو سيّىء.

من الصعب إذًا مواجهة مرارة الشعور بأنّك تعرضت للخداع في مُثلك العليا، وللتلاعب والغشِّ، مع احتفاظك بذكرياتٍ لأوقات إستثنائيّة وسط هذا الاختلاط القسريِّ بين سكَّان المدن والرّيف. ومن الصعب التضحية بالمآسي العائلية وأعمال العنف وعمليات الانتحار، مقابل نشوة الحرِّية حيث بدا كلُّ شيءٍ ممكنًا وفي متناول اليد (التنقلات والقطارات المجَّانية، التعبير عن الرأي، الاستقلاليّة إزاء الأهل والأسياد). لكن ذكريات الصداقة والتضامن التي تطبع شباب كلِّ جيل، تبقى متجذِّرة، وأحيانًا أيضًا الشعور بالذنب إزاء بعض الأساتذة والجيران أو أفراد العائلة.

عرضُ تلك الصور اليوم أمام الصينيّين، يعني وضعهم في مواجهة زمنٍ محجوبٍ من تاريخهم، ويعني سماعهم يشهَدون على التاريخ بحرّيةٍ كبيرة. فالشعور بالصدمة والانفعال واضحٌ لدى هؤلاء الذين عايشوا تلك الأحداث؛ الصمت في أغلب الأحيان أو بضعة جملٍ عن "جنون" تلك الحقبة؛ كذلك مشاعر الشكر لهذه النظرة، خاصّة وأنّها صدرت عن امرأةٍ أجنبية. أحيانًا، يتمُّ التعبير عن حماسة التواجد "هنا" - وقد يحاولون ربما التعرُّف على أنفسهم بين الحشود - أو عن الاعتزاز بالمشاركة بالحركة بصفة حرّاس حمر (حتى خلال أحداث مأساويّة وقعت في بيئتهم الشخصية!). ويقول الكثيرون بأنهم لم يتجرّؤوا على سؤال أهلهم كي لا يأتوا لهم بالعذاب. ويعتبر البعض أنَّ الجدَّ والجدَّة هما مسؤولان عن نقل هذه الحقيقة المحجوبة التي يتغاضى عنها التاريخ الرسمي والكتب المدرسية.

يا لها أيضًا من تجربة فريدة، اكتشاف ردَّة فعل جيل الشباب، اللاّمبالي أو المّهتمّ أحيانًا بالطابع المُبتذَل فقط للصور؛ لكنّه غالبًا ما يُصاب بالصدمة بسبب عدم اطّلاعه على ما جرى، بالدهشة أو الاضطراب في مواجهة هذا الزمن المجهول من تاريخه. وغالبًا ما يتمُّ التعبير عن حاجةٍ يمكن تلمُّسها دائمًا، بمساءلة هذا التاريخ واستعادته.

بعض التواريخ

1949: الإعلان عن جمهورية الصين الشعبية في الأول من تشرين الأول/أكتوبر من قبل ماو تسي تونغ. لجوء تشانغ كاي تشيك إلى تايوان.

1957: آذار/مارس، إطلاق حملة السجالات المعروفة بـ"المئة زهرة" التي انتهت في حزيران/يونيو عندما شنّت صحيفة الشعب هجومًا معاديًا لليمين.

1958: بداية "القفزة الكبرى إلى الأمام": إنشاء البلديّات الشعبية، إلغاء الملكية الفردية.

1959: تنصيب ليو شاو تشي رئيسًا على جمهورية الصين الشعبية. حملة قمعٍ شديدة في التيبت وهروب الدالاي لاما إلى الهند. 1964: الاعتراف الدبلوماسي من قبل فرنسا. 1966: بداية "الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى".

1968: حملة قمع ضدَّ الحراس الحمر. إرسال بين 16 و20 مليون شاب إلى الأرياف.

1971: في 25 تشرين الأول/أكتوبر، دخول الصين في منظّمة الأمم المتحدة، مكان تايوان.

1973: إعادة تأهيل بعض القادة الذين تمَّ إقصاؤهم أثناء الثورة الثقافية، من بينهم دنغ هسياو بينغ.

1976: وفاة شو إينلاي، في 8 كانون الثاني/يناير؛ تظاهرات في بكين؛ استبدال دنغ هسياو بينغ الذي رفض الحملة القمعية، بهوا كوو فنغ؛ وفاة ماو تسي تونغ في 9 أيلول/سبتمبر.

1977: عودة دنغ هسياو بينغ إلى الحكم؛ النهاية الرسمية للثورة الثقافية.

1989: ربيع بكين الذي قمعه دنغ هسياو بينغ.

1997: وفاة دنغ هسياو بينغ في 19 شباط/فبراير.

2002: تعيين السيد هيو جينتاو رئيسًا لجمهورية الصين الشعبية.

2007-2008: أصبحت الصين القوّة الاقتصادية الثالثة عالميًا؛ تظاهرات وقمع في التيبت.

2009: مواجهات بين الإثنيات في إقليم شينجيانغ.

*** *** ***