|
إيكولوجيا عميقة
هدت بضعة العقود المنصرمة اهتمامًا هائلاً بكل من حركة النساء والحركة البيئية. وقد حاجج كثير من مفكري النسوية بأن أهداف هاتين الحركتين مترابطة ومتبادلة التآزر. ففي المآل، كلاهما يتضمن تطوير نظرات إلى العالم وممارسات خالية من نماذج الهيمنة المنحازة ذكوريًا. وقد عبرت روزماري رادفورد رويثر عن ذلك في كتابها امرأة جديدة / أرض جديدة الصادر عام 1975: ينبغي أن تدرك النساء أنه ليس بالمستطاع تحريرهن ولا حلُّ الأزمة البيئية في سياق مجتمع ما يزال النموذج الأساسي لعلاقاته هو الهيمنة. فيجب عليهنّ توحيد مطالب حركة النساء مع مطالب الحركة البيئية بغية تصوّر إعادة تشكيل جذرية للعلاقات الاجتماعية الاقتصادية الأساسية والقيم المبطونة في هذا المجتمع [الصناعي الحديث]. ومنذ أوائل السبعينات دافع الكثير من النسويين، وعلى الأخص النسويون الإيكولوجيون، عن الموقف الأساسي لرويثر: البيئة قضية نسوية.
عندما نشرت راشيل كارسون كتابها الربيع الصامت، كناية عن موت الطيور بسبب المبيدات الزراعية، أثارت انتباه الرأي العام والأوساط الفكرية والعلمية والسياسية إلى المشكلات البيئية التي بدأت تلوح آثارها في أفق حياتنا، والتي تصاعدت وتيرتها لتتحول إلى أزمة شاملة تضع مصير البشر والأحياء والأرض على حافة الخطر. وقد واكبت الفروع المعرفية المختلفة، من فلسفة وعلم نفس وعلم اجتماع وغيرها، هذه الأزمة وبحثت في جذورها وتجلياتها فنشأت تيارات فكرية متنوعة ترى المشكلات البيئية وفق منظور يختلف عن منظور البحوث العلمية البحتة لتربطها بالنظرة إلى العالم وبالقيم والأفكار السائدة في الحضارة المعاصرة، وبنمط العيش الذي نشرته وعممته في كافة أرجاء الأرض. |
|
|