|
إبستمولوجيا
إخوان الصفاء وخلاّن الوفاء، هم أخوية إسلامية سرية نشطت خلال القرن الرابع الهجري، وكان مركزها الرئيسي على الأغلب في مدينة البصرة بالعراق. ولها فروع منتشرة في جميع أرجاء العالم الإسلامي. وعلى الرغم من الغموض الذي يلف هذه الجماعة وأشخاصها، بسبب الطابع السري لنشاطها ولجوئها إلى التقية. إلا أنها تركت لنا ميراثًا فكريًا وروحيًا بقيت آثاره فاعلة في الثقافة الإسلامية عبر عصورها، يتمثل في اثنتين وخمسين رسالة لا يُعرف مؤلفوها، تستغرق في الطبعات الحديثة نحوًا من ألفين وخمسمئة صفحة، تبحث في شتى معارف عصرهم من فلسفة وعلوم وإلهيات، وتهدف من وراء ذلك إلى التأسيس لمذهب إسلامي ذي طابع كوني، يستغرق المذاهب كلها ويوجد بينها. وهذا المذهب مبثوث في ثنايا الرسائل وفي كل رسالة تجد منه طرفًا، بحيث لا تتوضح غاية الإخوان إلا بعد الإنتهاء من قراءة الرسائل من قبل قارئ نبيه قادر على ربط شتات الأفكار والتأليف بينها. هذا النثر للأفكار التي تخدم موضوعًا واحدًا، نجده في كل محور من المحاور الرئيسية التي تشكل مذهبهم.
يؤكد العلماء الذين انشغلوا بدراسة الكون وجودَ العقل في مستويات ثلاثة: 1. المستوى الأول: هو مستوى السيرورات المادية الأولية في الميكانيكا الكوانتية – وهذا لأن المادة، وفق ما هي عليه في الميكانيكا الكوانتية، ليست جوهرًا غير فعال أو عاطل، بل عامل أو قوة فعالة تفعل دائمًا في عملية اتخاذ القرار وسط احتمالات التعاقب أو التناوب بحسب القوانين الاحتمالية. والحق أن كلَّ تجربة كوانتية تُلزم الطبيعة على القيام بـعملية اختيار. وهكذا يبدو أن العقل، كما يتجلَّى على نحو طاقة قادرة على اتخاذ القرار، يكون، إلى حدٍّ ما، متأصلاً في كلِّ إلكترون. 2. المستوى الثاني: هو المستوى الذي يكون فيه العقل على نحو ما ندعوه بـ"مستوى التجربة الإنسانية المباشرة". فوفق هذا المستوى، تظهر عقولنا وكأنها أجهزة تعمل لتوسيع المكوِّن الأساسي للعقل الفاعل في الخيارات الكوانتية التي تضعها الإلكترونات أو الذرات داخل رؤوسنا. وهذا يشير إلى أن الكون، في كلِّيته، ملائم لنموِّ العقل. 3. المستوى الثالث: هو المستوى الذي نشاهد فيه المكوِّن العقلي الأساسي للكون. يقول فريمان دايْسون: "إننا، إذ نعترف بوجود هذا المكوِّن العقلي للكون، نعترف، في الوقت ذاته، بأننا أجزاء صغيرة من الجهاز الكوني الذي يشير إلى حقيقة الوعي الكوني."
مستمرة... |
|
|