شِعري نزيفٌ صوفيٌّ
في لحظة اللذَّة المطلقة أسمع هدير العدم

 

حوار مع عزمي موره لي

 

صدرتْ للشاعر السوري بالفرنسية عزمي موره لي [1916-1995] مجموعتان شعريتان عن دار النشر الفرنسية «أشكال ولغات» Formes et langages: الأولى بعنوان الساحر، والثانية بعنوان الاقتراب. وقد قدَّم الناشر – وهو شاعرٌ أيضًا – للمجموعة الثانية بكلمة جاء فيها:

الخاصية الغالبة على شعر عزمي موره لي تتجلَّى في التأمل المستمر لوعي منعكس على ذاته وعلى العالم، متوتِّر حتى الانخطاف والرعب أمام تجلِّيه الخاص.
اللحظة الشعرية عنده تنطبق على تمثيل نظام يتعذَّر إدراكُه. ويمكن وصفُ هذه اللحظة، لعدم وجود كلمة أكثر ملاءمة، بأنها «صوفية». ومذ ذاك يصبح الماضي والحاضر تجريدين، ولا يعودان إلا رمزين لحلِّ لغز اللحظة.

ولهذه المناسبة التقينا مع الشاعر، فكان هذا الحوار الذي يضيء جوانب مهمَّة في حياته وشعره، تكمِّله القصائدُ المترجَمةُ المختارةُ من مجموعته الثانية[1].

مجد مغربي

* * *

 

الانتظار والشعر

مجد مغربي: لديك رؤيا خاصة، وتعيش دومًا في انتظار. فماذا تنتظر؟ ولماذا لا يأتي ما تنتظره؟

عزمي موره لي: أتمنَّى ألا يأتي كي لا ينتهي... إنه انتظارُ نفسي، إنه الوعد الأكبر! – وهو تجاوُز الموت والولادة المفروضين عليَّ.

م.م.: ما دور الشعر في هذا الانتظار؟

ع.م.: الشعر نوع من النزيف الصوفي. وبما أنه حصل فلا بدَّ من مسبِّب. ولكن بما أنه صوفي، فالسبب والعارض واحد. وأنا وعيت هذا النزيف: أنا هو.

م.م.: هل يساعدك الشعر على تقبُّل الحياة أكثر أو، بالعكس، يقرِّبك من الموت؟

ع.م.: الحياة والموت واحد، دون أيِّ فاصل بينهما، لأن وعيي شمل الحياة والموت. كلاهما ظاهرة طبيعية وعيتُها وتجاوزتُها. لذلك أعتبر شعري نزيفًا صوفيًّا. ولكن تبقى الرؤيا الأخيرة: رؤيا الدهشة والرعب اللانهائي.

الصراع بين الوعي والجسد

م.م.: في الزمن لا يعيش الإنسانُ بوعيه فقط، بل بجسده أيضًا. فهل تشعر بالصراع بينهما؟

ع.م.: وجود الجسد لا مفرَّ منه. جسدانا هنا، لكننا نتكلَّم على ما يتجاوز الجسد. والمتعة الجسدية لا مفرَّ منها، لذةً وعذابًا. ومتطلَّبات الجسد المفروضة عليَّ أقوم بها وأرفضها. الجنس، كحركة حياة، أتجاوزه بالوعي، لكنِّي لا أنكره، لأنه قاعدة وجودية. أعيش اللذة فيه، ولكن على قلق كبير لدرجة الرعب!

م.م.: هل لأن الجنس يقودك نحو الموت، لا نحو الحياة؟

ع.م.: الحياة، في كلِّ لحظة، تحمل الموت. حتى لحظة اللذة المطلقة يكمن الموت في داخلها – وهنا الرعب.

م.م.: هل يأتي الرعب من كون هذه اللحظة مفروضةً عليك؟

ع.م.: دون شك. أشعر أنها مفروضة. بالنسبة لي – أنا–الوعي – لو عشت بعد مليون سنة في هذه اللحظة فأنا أسمع هدير العدم.

م.م.: العدم؟! لماذا تصر على ذكره في شعرك؟

ع.م.: ليس لهذا علاقة بالموت المعروف. إنه هنا رمز إلى الأبدية واللانهاية. ومادمت حيًّا فلا أستطيع إلا أن أتحدث عنها.

م.م.: ولكن مَن يقرأ شعرك يبدو له أن الموت ليس الحلَّ الأخير...

ع.م.: الموت ظاهرة غبيَّة، وكذلك الولادة. وأنا تجاوزتُهما بالوعي – وأريد لهذا الوعي مكانًا في الكون.

م.م.: هل استطعت تحديدَ مكانه؟

ع.م.: عندما أموت وأترك جمجمتي أخبرك!

م.م.: تحدثتَ عن الصراع بين جسدك ووعيك... كيف يتجلَّى هذا الصراع؟

ع.م.: كل لحظة يذكِّرني جسدي بوجوده، يطرح عليَّ سؤالاً: «مَن أنت؟» ثم يردِّد: «أنا صاحب البيت، وأنت زائر هنا»!

م.م.: وبماذا يجيب وعيُك؟

ع.م.: «أنت، كجمجمة، عندك ثقبان، تنظر إلى الحياة فلا ترى شيئًا. لولاي، أيها الجسد، أنت لاشيء. أنا الذي أنظر وأفتِّش عن السر».

الشعر–النزيف

م.م.: كيف تعيش لحظةَ الخلق الفنِّي، كتابة القصيدة؟

ع.م.: إنه النزيف... أنا لم أكتب شيئًا، أنا نزفت – وهذا واقع. لم أكتب كلمة إلا كان وراءها نزيف بالمعنى الإيجابي للكلمة.

م.م.: كيف يبدأ هذا... «النزيف»؟

ع.م.: كنت أخرج إلى الجبال الجرداء، أمضي ساعات وساعات، حيث أشعر أن جسمي داخل في الأرض. كان الليل يفاجئني أحيانًا ومعي دفتر صغير، ويأتي النزيف كالزلزال، وتولد أمامي الكلمات. ثم أعود إلى بيتي وأشاهدها بعقلي في وضوح تام، [ثم] أنظر في هذه المادة الخام الخارجة من أعماق الزمن وأعطيها الشكل النهائي.

م.م.: هل تشعر بموعد النزيف قبل بدايته؟

ع.م.: قابلية النزيف موجودة دائمًا، وهي موجودة حتى في هذه اللحظة من لقائنا.

م.م.: ما معالم هذا النزيف؟

ع.م.: يسيطر عليه شيئان: حبٌّ كبير لا يوصف، وعدالة ضائعة. عدالةُ المطلق ملحمةٌ ليس لها حد! أنزف أمام المعذَّبين الذين لا أستطيع أن أحمل لهم شيئًا غير الغضب وقليل من الموت!

م.م.: هل تستطيع اللغة أو الكلمة أن تعبِّر عن هذا النزيف؟

ع.م.: نعم، مادام يوجد حاجز بين الكلمة والجسد. ولكن الكلمة لديَّ لا تحمل شراسة النزيف، وهي تتحطم أمام هذا التيار الكوني الذي يمر من خلالي. أحاول تلخيص ذلك بالكلمة. أما الجسد – هذا الجهاز المحدود – فإنه يعيش الجحيم!

م.م.: في شعرك غياب واضح للمرأة. فما دورها في حياتك؟

ع.م.: أشتهيها حتى القرف!... وهذا ما يلخِّص حبِّي لها.

م.م.: يبدو أنها لم تعطِكَ شيئًا عميقًا...

ع.م.: أعطتْني أشياء كثيرة، لكنها لم تعطِني الشيء الذي أريده.

م.م.: وما هو؟

ع.م.: الشعراء جميعًا تحدثوا عن المرأة... حتى دانتي، تلميذ الوجود الأبدي، في جحيمه كانت بياتريتشه هي التي أوصلتْه إلى الفردوس. لم يستطع أن يتخلص من المرأة! المرأة عندي هي الأنثى والأم، وأنا، كرجل، [أعي أن] وجودنا معًا مفروض علينا. لقاؤنا بداية الجحيم منتظِرًا التفتح. خرجتُ من الرحم، وكان هناك الدم والرطوبة والدفء. خرجت رغمًا عنِّي، وابتدأتُ الحبَّ الذي استمر طوال حياتي، معتبرًا المرأةَ جزءًا منِّي. وإذا كانت [المرأة] لا تلعب دورًا في كلماتي فذلك لأنني أعتبر حديثي عن نفسي حديثًا عنها أيضًا، بما أنها جزء منِّي. ولكن غضبي يأتي من أن القبر يشبه الرحم.

م.م.: إذن هل عجز الشعر عن احتواء المرأة كحضور قويٍّ مستقل؟

عزمي موره لي (إلى اليسار) مع مترجمه إلى العربية الشاعر كمال ف. الشرابي.

ع.م.: الشعر ليس عاجزًا! المرأة هي العاجزة، لأنها ليست في حجم رؤياي. ولكنها عندي اشتياق لا حدود له مرتبط بالرعب الأكبر: الحياة، الموت، الرؤى الشاملة. ولكن، في النهاية، يبقى المتمِّم الأكبر للنازف هو النازفة.

م.م.: كذلك الحب... فهو لا يظهر في شعرك. لماذا؟

ع.م.: «الحب» كلمة مستهلَكة. والحب الحقيقي نادر كالعبقرية، كحبِّ دانتي لبياتريتشه وحبِّها له حين أدخلتْه الفردوس.

م.م.: أليس في حياتك «بياتريتشه» مشابهة؟

ع.م.: لو كانت عندي بياتريتشه، وأخذتْني إلى باب الفردوس، فسأتركها وأدخل وحدي!

م.م.: لماذا؟

ع.م.: لأكون وجهًا لوجه أمام السر!

م.م.: ولماذا لا تدعها ترى السرَّ معك؟

ع.م.: لا تملك القدرة. وإذا كانت تملكها فلتدخل وحدها!

م.م.: إذن المرأة العميقة ليست موجودة فيك؟

ع.م.: أرضيًّا هي منِّي، ولكنها لا تشكِّل الرؤيا في نظري.

الصداقة

م.م.: وهل تمثل الصداقة شيئًا في نظرك؟

ع.م.: الصداقة تتطلَّب معطياتٍ معينة: قبل كلِّ شيء، هناك الفروسية، النبل المطلق، قدرة على العطاء لا حدود لها، لا تتراجع أمام انفعالات نفسية تافهة.

م.م.: والصِّدام بين الأصدقاء؟

ع.م.: يحصل الصِّدام عندما لا يتحمل الآخرون الصداقة بعمق الفروسية وصفاء العطاء ودهشة اللقاء.

م.م.: هل تعيش الصداقة على هذه الصورة؟

ع.م.: الصداقة عندي هي العزلة، لأن الآخرين لا يتحمَّلون أن يروا وجوههم الحقيقية من خلالي. أنا المرآة بالنسبة لهم، ولهذا يهربون خوفًا من حقيقتهم العارية!

م.م.: إذن ليس في حياتك صديق حقيقي؟

ع.م.: لا شيء في حياتي حقيقي. ولكن تبقى أجمل اللحظات – كانت أسباب التراجع الخوف والكبرياء – لحظة التقاء صديقين.

العدالة

م.م.: تحدثت عن العدالة المطلقة وزوال الخطيئة من العالم. لو أتيح لك الخيار بين أن تفعل شيئًا لإنقاذ معذَّب من عذابه وبين أن تكتب قصيدة فماذا تختار؟

ع.م.: العدالة بالمفهوم التقليدي لا وجود لها. وما يُسمَّى بـ«العدالة الاجتماعية» قضية أبدية مستمرة منذ الأزل. ما أقصده هو الصراع الجِدِّي، أي مفهوم الكيف والكم على الأصعدة كلِّها (الحسي، الفكري، النفسي). العدالة الحقيقية هي اللحظة التي يدرك فيها الإنسان الأخلاقي ماذا عليه أن يفعل لينقذ ما تبقَّى من الكم والكيف.

م.م.: كيف؟

ع.م.: النازف لا يعيش في التاريخ فقط. التاريخ يجري أمامه، ولكنه صاحب رؤى، يطل على اللحظة التي تلخِّص التاريخ وهو يبتسم للقبور والنجوم!

م.م.: ولكنك، نتيجة عزلتك، بعيد عن الظالم والمظلوم؟

ع.م.: بعيد جدًّا وقريب جدًّا في آنٍ واحد.

م.م.: ماذا تعني لك دمشق؟

ع.م.: بقعةً من الكرة الأرضية يمر فيها التاريخ.

م.م.: وأنت؟

ع.م.: أُطِلُّ على التاريخ.

م.م.: وحدك؟ دون صديق؟!

ع.م.: هناك صديق: في الليل، حين أنام، تُصدِرُ جمجمتي أصواتًا.

م.م.: والطبيعة؟ هل لها لديك مكانة أعمق من مجرد كونها نقيضًا للمدينة؟ أو حين تقول «طبيعة» ماذا تعني؟

ع.م.: أعني الحسِّية. كل مخلوق حي مرتبط بالطبيعة غريزيًّا. ولكن الطبيعة التي أقصدها ليست موجودة في كلِّ مكان، وهي ليست فقط أشجارًا وعشبًا وماء... يدكِ التي تكتب الآن «طبيعة». وفي نظري، أنا والطبيعة واحد. أعشقها عشقًا صوفيًّا. وحين أجدها، أرتمي عليها وأقبِّلها وأتوحَّد بها. أشعر أن الشجرة أقرب إليَّ من الإنسان الغبي. ولهذا لا يخاف النازف من الموت. فعندما يعيش الوصال مع الطبيعة بهذا العمق والقلق والشرود، يصبح الموتُ كالنشوة، كالوَجْد.

م.م.: والوطن؟ هل يعني شيئًا في نظرك؟

ع.م.: الوطن هو أنني هنا وسأبقى هنا.

م.م.: هل تحب أن تموت الآن؟

ع.م.: نعم، الآن... لولا أنِّي أحترم وجودكم.

م.م.: ولكن الموت قد لا يكشف لكَ السر!

ع.م.: ربما كنت أحب مجيء الموت أكثر من الموت.

م.م.: أرسطو عرَّف الإنسان بأنه «حيوان ناطق». هل لديك تعريف آخر؟

ع.م.: كلمة «إنسان» شاملة. لا أستطيع أن آتي بتعريف واحد للإنسان ينطبق على جميع البشر. لكنني أعتقد أن الإنسان هو الوعي الحقيقي.

م.م.: وهل عزلتك هي هذا الوعي؟

ع.م.: العزلة هي المعبد الأخير للذات لأنها تحمل تفتُّح الرؤى.

م.م.: ما هي الكلمة التي تحب أن تقولها وأنت تموت؟

ع.م.: هناك كلمة جميلة قالها فونتونيل، الشاعر القديم. سُئل وهو يموت: «بماذا تشعر الآن؟» فأجاب: «بصعوبة أن أكون»!

** ** **

 

مختارات من الاقتراب

 

عـتـبـة

بين الظلِّ والضوء تظهرين
في أعماق عزلتي أصغي لصلاتك
تعبُر العمرَ المأتميَّ كالحلم.

هي ذي آثار الماضي العتيق الحاضر أبدًا
هي ذي أنقاضه الكبيرة
في ذاكرة الأشياء: النسيان، الوعد،
الانتظار. نعبُر السر، ينداح. أصغي
أصغي...

صوتٌ ما يسكننا
قريبًا من الموت، على عتبة الولادة.

 

كُـنْ دليـلي

الأرض تنزلق، الإعصار يدوم، لا تغب طويلاً، كُنْ دليلي
أتحسَّس ما وراء المرعب والجميل
كنت الغائب النقيَّ قبل أن أكون ذاتي
لكن مَن هنالك؟ هذا مكان فانٍ! هنا الفانون لا يجيئون
الشيطان يستمسك بجسدي، أُغامِرُ وأتقدم في غور الأشياء تظهر لي، الولع يناديني، عليَّ أن ألاقيك
ولكن ما إن أراكَ تغيبُ، وفي النسيان تعود لتلاقيني.

 

فـرح

يا للفرح! أسمع التنهد العظيم
الأرض تستيقظ، الخلية تبحث عن العسل
حين تعبر الملائكة الذكريات
يفتح لنا الشاعرُ طريقَ السَّماء
الكرمة السكرى تترقب نضوج العناقيد
الشيخ المنحني ينظر إلى البعيد
وفي دفء المهد، أرى الطفل يبتسم
الآلهة تشاركنا، فلنستمتع بالوليمة
مُفرِحٌ أن نخسر ما أحببناه
ذلك أن كلَّ رحيل يقرِّبنا من الصمت
لا برهان لدي، في هذه النشوة المقدسة
ولكي أعرف الحقيقي أسبر الغياب.

 

أرى عـابـرًا

مَنِ الصارخ؟ أهناك أحد يشهد موته؟
أسمع نحيبًا! كلا، لعلها الريح ألقت جسمًا
وهي تعبُر العتبة
مَن هناك؟ لكن مَن يصغي إليَّ؟ في هذه اللحظة ذاتها أرى عابرًا
قطرة ماء تنفصل عن الحجر، إنها ظل يقتلع قيوده
ها هي المادة تتفتَّح فجأة، تلقي أشكالها،
تجتاح مساحاتِها،
لا تُلمَس، كثيفة ولا شكل لها، تسيل كالحمم ثم تتلاشى
الزمن يمر، وكأوراق الخريف تتساقط العصور
والساعة هي هي تدق رتيبةً لا تتبدل.

 

أنتم، يا مَن تنتظرون الولادة

أنتم، يا مَن تنتظرون الولادة، تذكَّروا الموتى
الزمن يشهد اقترابنا الأسمى
نحن اللاشيء، لكننا نبنى المستقبل الذي يملككم.

حين تنضم القطرة إلى القطرة تصبح نهرًا
وعي الموتى، في هذه اللحظة، لا يضيف شيئًا إلى السقوط
نتابع الصراع، نحن أنفسنا بلا نهاية.

مختلفون، ومع ذلك متشابهون، ننسج القَدَر ذاته
حتى إننا نمزج الحي بالميت.

 

الأنـثـى

كمثل أفعى تخترقها ارتعاشاتٌ غامضة
ترقد الأنثى.

الحلم القديم يحرِّك جسدها، كأنما لكي
يستدعي الكارثة الأصلية.

ثمة إله يعبر الكواكب أكثر قِدَمًا من العالم
تصوَّرَ في غضبه القَدَرَ الذي لا يُرَد
وانبثقت الأنثى من أعماق الأرض
مندهشة، مثيرة، تنتصب ضد الذكَر الذي ولدتْه.

يا للزائلة! غدًا تنزفين وأنت تقذفين أجسامنا
كأجساد متروكة للعذاب الأبدي.

* * *

في أعماق جهرك المقدسة، يكمن سرُّ الموجة
تتموج هادرًا، أيها القوة الغامضة،
يا امتدادًا بلا شكل، يا ظلامًا بلا شكل
يأخذني الدوار وأنا أتأمل أمواجك
أأنت الألوهة؟... يا للرعب! لكنك الأبدية.

 

لـيـل

-       ماذا تفعل في الليل حين يكون مظلمًا وباردًا
حينما تعبُر كظلِّ ذكرى سعيدة في وحدة الذاكرة؟
حينما يدفعك للبكاء وجدٌ دافئ يخرج من أعماق العصور؟
أو ابتسامة مشعة في لحظة الوداع
تتلاشى كالندى على الصخور الموحشة؟

-       وحيدًا! داخل نفسي أشرد في الظلام.

 

دون الوصـول أبـدًا

نموت دون أن نبلغ أبدًا، عبر الكثير من الذكريات والظلال،
الأملَ البعيد، السر.

النظرة القاتمة في كلِّ مكان، حتى هنا، ذلك أن السقوط محتوم
التنفس يكاد أن ينطفئ
ما يتبقَّى لنا من الاحتضار والعناق
هو هذا الاندفاع النقي نحو الصمت المقدس.

*** *** ***

عن ملحق الثورة الثقافي، العدد 6، 1976


[1] القصائد المنشورة في آخر هذا الحوار من اختيار وترجمة مجد مغربي.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود