مـواقـف البـحـر
عبد
الله دمومات
عنـد الشـرفـة...
عند
الشرفة...
مازال هذا الليل
يرقدُ في روح العشب
يُلبِسُني صمتَ الحجر
فتهتز كمنجاتُ الميلاد
المطرَّز بلون المطر الأخضر
* * *
عند
الشرفة...
تحفُّ الأوراقُ الغجرية
تهسهسُ جداولُ ماء الحلم
لحظة الجدب
* * *
عند
الشرفة...
تخضرُّ رغباتُ النجم
في شراشف الشوق
تصرُّ دوارةُ الريح
في كلِّ جهات السؤال
لتحضنَ فراغاتِ المكان
* * *
عند
الشرفة...
أسدلُ ستارَ الهجران
لحظة اشتعال الشمعدان
فتتوهجُ أزهارُ الحنين
يبتسمُ القمر
أعيدُ ترتيبَ الجنون العاقل
* * *
عند
الشرفة...
يتسعُ الفجرُ لأنين سنونوة العشق
وشغف الفراشات المهملة
* * *
عند
الشرفة...
يحتفل النهدُ بنشيد رغبة الزنابق
ولباس فصول الشهوة
* * *
عند
الشرفة...
تحتفي حبَّة القمح
بأنين مالك الحزين
وشبق غيمة الغسق
المدثَّر بصخب شفاه البنفسج
* * *
عند
الشرفة...
أصغي لنداء المطر:
الصمت ينقال
والحلم لا ينقال
* * *
عند
الشرفة...
أقرأ وصايا العشق
لحظة ارتجاف الحبر
واشتعال المسافات
أعيدُ صياغةَ قرنفلات النهار
في عتمات الأسرار
* * *
عند
الشرفة...
أصلت زمج الماء لارتعاشة الثلج
في محراب قناديل المساء
* * *
عند
الشرفة...
وددت تقبيلَ الجرح
ليعتصم بحبل القصيد
وسنبلات شعير الطفولة
* * *
عند
الشرفة...
أسائلُ ارتيابَ الشجر
خفقانَ أجنحة الشمس
عن جنازة البحر
* * *
عند
الشرفة...
رأيت حزنًا حداديًّا
ينسجُ وشوشاتِ قبلة الحنين
* * *
عند
الشرفة...
كل عصافير الفجر
تستكين في المستحيل
في انتظار مواسم قطاف الحب
* * *
عند
الشرفة...
يطيب المقامُ
للكشف والفتوحات
لحظة ذبذبات أزهار الحواشي
* * *
عند
الشرفة...
هَينَمَ نسيمُ الري
خلف أغصان الكلام
* * *
عند
الشرفة...
أشعر أني جُموع
لحظة الوحدة الجنائزية
ألقي برماد الأحزان
في بيدر قشٍّ مهمَل
* * *
عند
الشرفة...
أعيدُ تكوينَ العشب الغريب
أشربُ الصمتَ
نخب حبق الماء
* * *
عند
الشرفة...
قبلة واحدة تكفي
عندما يأتي الليل
لتنتفضَ رعشةُ البنفسج
في سرير البكاء
* * *
عند
الشرفة...
غيمة وشمعة
ترتِّبان خرائطَ الرحيل
صوب صهيل النهر
* * *
عند
الشرفة...
تستيقظ الحواس
فتذرف عينُ النار دمعَ المحار
أعبُر جسرَ النسيان
والليل
والسماء
والحقول اليابسة
* * *
عند
الشرفة...
ظلالُ نخلة ترقص للقمر الغجري
أرسمُ نجمةً صغيرة
في جسد شجر الكلام
أكتبُ يومياتِ عيد الليل
ويستمرُّ الحفرُ في سراديب المحو
* * *
عند
الشرفة...
هناك سرٌّ لا ينطفئ
وقت اشتهاء كلام الروح
تكتبُه أنامل تحترف الاحتراق
نخب أوتار قيثارة زهرة الآلام
* * *
عند
الشرفة...
ترحِّب بي إغفاءةُ العزلة
كلما سألت الصحو:
ما الذي تخفيه
إيماءاتُ الكلمات؟
** ** **
مـواقـف البـحـر
أوقفني
البحرُ في أول الليل
فرأيت بكاءَ النورس
يورق في جسد الملح
* * *
أوقفني
صمتُ الزنابق
عند ومض السؤال
فرأيت عشبَ الطفولة
يخضلُّ في ثبج الماء
* * *
أوقفني
إيقاعُ خصر موجك
فرأيت نقطةَ الفرح
تملأ كاسَ الميلاد
* * *
أوقفني
ترنيمُ الرمل
عند عزلتك
فرأيت الجرحَ
يحتشد في النجم
ليحتضنَ احتراق السماء
هسيسَ الرغبة
لهفةَ الفصول
وظمأ البهاء
* * *
أوقفني
أنينُ الزَّبَد الأخضر
فرأيت شموعَ الدهشة
تينعُ في رماد الكلام
فأصيخ السمع
لصهيل الاستعارة
المثخنة بالصمت
* * *
أوقفني
هديرُك الغجري
فرأيت إشراقةَ الياسمين
عند عزلتك
تلبِّي نداءَ الفجر
فيصحو الحلم
في مرايا عمقك
* * *
أوقفني
صراخُ الطحلب
فرأيت عصافيرَ الماء
تستبقُ نهدَ النهار
عند شرفة زرقتك
* * *
أوقفني
ضوءُ الندى
فرأيت نبضَ السراب
في شجر العشق
يعانق قناديلَ الشهوة
* * *
أوقفني
سرُّ صمتك
فرأيت مطرَ الغربة
يسَّاقط من نيزك الرؤيا
* * *
أوقفني
قداسُ صخرك
فرأيت بسمةَ الحجر
في غيمة اللحظة
* * *
أوقفني
دمعُ مويجاتك
فرأيت سرَّ الرحيل
يحتفي بموسم الصمت
في حضرة فراشات الرياح
*** *** ***
|