|
قـصـائـد
كـونـيَّـة قـطـع
مـن البـلـور 1 واقفةً على
أهداب اللَّيل 2 عصفوران عاشقان 3 مازلت أذكر يوم
ولدت 4 قمرٌ ينسج
قصائد 5 على حين غفلة 6 تأتي من الروح 7 كم من مرة 8 مع كلِّ هذه
الأحزان 9 للشِّعر سماءٌ
واحدة قصـائـد
كـونـيَّـة 1 في البدء 2 في الغابة
الخرساء 3 أفتحُ نافذةَ
الأحلام 4 ما بيني وبين
هذا الفضاء الشاسع 5 أبَتْ روحُ
الشَّمس 6 قاربُ الروح 7 حفنةٌ رطيبة 8 يا للعناء! أفُـولُ
أوثَـان الجـهْـل 1 وحيدًا أصارع
الظلام 2 في مُدُن
الصحراء 3 في مُدُنِنا 4 أنا لست ابنًا
لأحد منكم 5 العصافير التي
تستحم بالغناء 6 أفيقي يا ربَّة
الشِّعر *
* * قراءة
في قصيدة "أفول أوثان الجهل" ذكَّرني
الشاعرُ في قصيدته بالفرسان
الذين ينازلون الظلام، بكلِّ أشكاله
الإيحائية، حيث تتساقط أعضاؤه بالنجوى
والشكوى. فلم يكن دون كيخوتي ثربانتس، بل
شَهَرَ سلاحَ الشِّعر ليقول ذاته المتشظِّية
في كهف الحرف المُحْرِق. إن الشاعر
الحقيقي هو الذي لا يجلس بعيدًا، منعزلاً عن
الأحداث التي تحيط به. فهو يكرع من كأس
التماهي مع الآخر قطراتِ تواجُده فوق محفَّة
التواصل الرؤيوي مع الأشياء. والشاعر منير
مزيد، في هذا النص الغنِّي بالعتبات،
يُسمِعُنا تأوهاتِه ودمعَه الخفي–الظاهر،
الساري في أوصال لغة شفافة صَنَعَ منها صيحةً
اهتزتْ لها جنباتُ النص. فحين تُلغى
الإشاراتُ ويصمت الكونُ في جوف الشاعر، نراه
لا يسمع غير إيقاعات ذابحة تحت قدمَي ريح
عاتية، يعلو صفيرُها على الروح النحيلة من
كثرة الصراخ الذي ينشر قصاصاتِه في هذا المدى. لقد تنقَّل
الشاعر في تفاصيل جد دقيقة لرصد ذبذبات
الراهن المعجون بالمآسي. هكذا نجد مفرداتٍ لا
تحتاج للتأويلات ولا لقراءات مختلفة عما
أوردها الشاعر: -
الخبز:
مملَّح بدم الفقراء -
الحب: خطيئة -
الحلم:
جريمة، خيانة -
الشِّعر:
كفر هذه ثيمات تنزف جراحاتُها
في زمن يراه الشاعرُ بعيدًا عن قبضة الحلم
الذي يراود كلَّ نفس عطشى لتجاوُز المسخ الذي
أضحى لبوسًا للكثير من الأماني. ولكن لِمَ
الشِّعر، في عرف الشاعر، أضحى "كفرًا"؟!
أية ديانة هذه التي أسقطتْ حكمَها الجائرَ
عليه؟! وأية أعراف هاته التي
نصبتْه
في ساحة العار تمثالاً؟! وأي قلم هذا الذي
رَسَمَه ريحًا هوجاء تقتلع السَّلام الروحي
من بين جوانب الكَلَم؟! هذا كله ما هو
إلا تعبير مجازي عن ثورة الشاعر التي تنتعل
حذاء المساءات المكسور نورها. فهو يرفع شعار
نبذ كلِّ شيء لا تستوطنه قناعاتُه التي يصنع
منها خمرتَه الأزلية، في مساحات تطوف بها
أَنَاهُ التي لا تعترف بغير إيقاعاته
الروحية، المنثورة مِسْكًا في علاقاته
بالدِّين والشِّعر والحب، بوصفها أسمى معانٍ
للوجود. لهذه القصيدة،
إذن، وَقْعٌ خاص في المسار الشعري الذي دأب
عليه الشاعر، حيث تحبل الحروفُ بالموت
والحياة، وتصنع من البياض كفنًا وضوءًا.
فالشاعر المتميز منير مزيد يتجاوز المعنى
الاستعاري الإيحائي الذي اختزل، في صور
شفافة، أوضاع الإنسان المنكسرة بالخيبة
والظلم والانكماش المعتم المظلم. فهل يسمح
الشاعر أن أقول: إن ما قرأتُه هذيانٌ للحكمة
التي أينعت سنابلُها في هذا النصِّ الجميل،
الذي مزج فيه بين كيمياء إحساسه المرهق
بالواقع الهمجي، الذي عبَّر عنه بكلمات تغوص
في أحداق الليل، وبين ربَّة الشِّعر التي
استنجد بها لتخلِّصه بِشَعْرِها الغجري،
الذي يقطر نبوَّة وخلاصًا، من احتراقات
الأسئلة فوق شفتَي التصورات التي حلَّقت خارج
الأسوار، حيث أُخْضِعَتِ الذاتُ الشَّاعرة
لوعيٍ ذكيٍّ بالأشياء المحيطة بها، كي يبقى
صوتُه صادحًا بالغناء السرمدي، محلقًا في
سماء الحرية. إنه وعيٌ
بالكتابة ومُساءلةٌ لزحزحة الكثير من
الأوتاد... لأن الشعر سؤال كوني عن وجود
الإنسان، وبحث عن المغامرة في متاهات اللغة،
لتفجير المسكوت عنه، مخترقًا الحدود لصنع
اللامحدود، حيث تنشر أنفاسُ الشاعر
دلالاتِها في تدفقاتٍ تردم المنفى الداخليَّ
وتفكِّكه لتصنع من البياض سريرًا للانعتاق،
محطمةً المرايا كلَّها من أجل ولادة جديدة
بعيدة عن التزييف. ويبقى الشاعر
منير مزيد اسمًا شعريًّا عربيًّا لامعًا، حيث
يُغني الساحة الشعرية بتجربته الغنية
بأقانيم عدة، جاثمًا فوق جسد الحاضر لاستشراف
الآتي الذي نتمنَّاه نخلاً كونيًّا يتساقط
علينا بثمار السَّلام الروحي. ***
*** *** [*]
شاعر وروائي ومترجم فلسطيني مقيم في
رومانيا؛ موقعه: http://munirmezyed.tripod.com. [†]
ناقدة مغربية؛
إيميلها: najat_zoubair@hotmail.com.
|
|
|