نـصَّــان

عبد الله دمومات§

شيءٌ من أنين اللَّيل

أنينُ الليل ينساب إلى أقاليم الروح

نَهْدُ المدينة يمزقه انفجارُ الياسمين

المثخنِ بمواجع الريح

*

تتحول الأرصفةُ الحزينةُ إلى أشلاء

تستبق ذكرياتِ المرايا

المضمخةَ بلون السنابل

*

تتحول الشوارعُ إلى شظايا

جنة الغربة

المدثرة بأكفان العزلة

نشيج الصوت الراقد في شجر السرو

*

كائناتٌ منتهيةُ الصلاحية

أسيرةُ محار الكهوف

ترتل تباريحَ يابسة

في محراب اللامعنى

تحتسي نبيذًا من الوهم

نخبَ حناجر من صلصال

*

أرنو إلى جمرة السؤال

المعتق ببكاء زهرة اللوتس

نشوةِ الموت

أعيادِ ميلاد الألم

ماءِ البحر المحزون

عطرِ القمر الساهر بسهاد الصمت

ترابِ الصحو

*

فراغاتُ الكون

تتسع لدمع النجم القزحي

غبارِ الغيم المستباح

في جغرافيا الغموض

بلح نخيل الرؤيا

*

في الليل المتشح بقناع الرماد

أحتفي بكرنفال الجرح

المثقوبِ بعناقيد ضوء القلب

أعيد ترتيبَ لهيبِ شهواتٍ مطفأة

نخبَ أوتارِ أغنياتِ الموج

*

مواقدُ الفراشات تنزف حتى الموت

مجراتُ الزمن الطيني

تتصارعُ في جسد الدهشة

*

عصافيرُ اشتعال الصفصاف

ترتقُ تنهداتِ سفنِ المطر

خيوطَ أورام الحب الغجري

أجواخَ مضاجعة الحزن

تقاطيعَ رعشة النهاية

*

جلدُ الرمل يتسع لضجيج الرحيل

صهيلِ ثدي الشمس

معطفِ الشفاه المبلَّلة بشمع الغياب

*

أتقرَّى فلسفاتٍ مكتوبةً على أريكة الضجرْ

أسئلةُ ما قبل الفجر تنتظرْ

تُ

حْ

تَ

ضَ

رْ

تظلِّلها صحائفُ التيه الليلكي

*

رعشاتُ العشب تذبل

تعبُ الشتاء يحترق

طفولةُ الثلج تزهر في بطن البهاء

*

رأيتُ في أرق الليل حلمًا ممتلئًا

يفوح بصبوات العطش

غنَّى أنشودةَ العشق

فانتحر على شرفة الندى المجنون

* * *

خطابٌ صوفيٌّ إلى عزيزي راينر ماريا ريلكه

تحية مبلَّلة بشهوة الوصايا وسونيتات الروح

و

ب

ع

د

عزيزي ريلكه

لا شيء في هذا الكون يستحق الانتباهَ سوى الشعر

في ألهُنا وألهُناك

يتماهى الموتُ والمعنى

ينصهرُ المدى في الصدى

تجلِّياتُ الحروف تشمخُ في نافذة الجرح

اللامرئي ينبضُ بمراثي الفصول

ابتهالاتِ النخيل

صلواتِ النبع

شبقِ الرؤيا

جنونِ البنفسج

عذريةِ الرماد

غبارِ الاستعارة

رقصةِ التيه

اختلاج النهد الحزين

تأوهاتِ طيور الرحيل

أنا المهتجس ببكاء الدهشة

أمتطي صهوةَ الموج

أنام في حضن شاعرةٍ غجرية

تلبس وشاحًا من الغيث الأحمر

أواصل تراتيلَ الوصايا الناسكة

في غبش الليل

أخبركَ، عزيزي ريلكه، أن نوارس البحر

تلملم شظايا النسيان

على ضفاف صهيل الغصن

ذاكرة الريح تُخَضْخِضُها أناملُ الثلج

عشب الصمت ينام في سرير المطر

فاكهة السماء تشتعل

تحت حفيف ضوء الشتاء

تورِق عوسجةً في عين النجوم العارية

تتشكل الزنابقُ البرية

أحضن تكويناتِ أزهار الطفولة

احتمالاتِ المحو

عزيزي ريلكه

أخيرًا أخبرني عن سرِّ خراب الذات

يبابِ الوقت

احتمالاتِ خيانة السنابل

في

ا

ن

ت

ظ

ا

ر

سونيتة أخرى

تقبل خطابَ الغياب

*** *** ***