سيرة غشت

عبد الله المتقي*

لا أحد منشغل بحقائبنا المتعبة

هنا

صيف أحمق

يحتسي فنجان كابتشينو

هنا شرطي لم يعد قادرًا

على المداومة

لا يهم الذي يحدث بهذا المقهى

المهم أننا نبدو كصديقين

يفكران في رحلة مبلَّلة.

في انتظار قطار الصباح

كنت ترتِّبين عقارب الوقت كي نربح غشت، وكنت بنية كبجعة تستحم في مساء الماء،

لذيذة كرغيف الأمَّهات، مثخنة بقصائد تعشق العبور وتبديل العواصم، وكنت أضفر جدائل

الشجرة الأولى، أعبث بمواسم الكرز، وأطلق نايات الغناء.

عشتار... القطارات تصفِّر في وجه الأشعة الأولى، العربات تحمل الكثيييير من الحنين،

الحقائب تصعد السلالم، الأطفال يلوِّحون خارج نوافذ الإغاثة. فقط لو كان غشتنا شتاء في شوارع ألما أتا.

في مقصورة القطار

شابان فرنسيان يدندنان أغنية لأزنفور

رائحة الحشيش

نوافذ سريعة

جندي ينزع حذاءه

وكنا نكتب قصائد تافهة وفاشلة

لشهر غشت.

في فندق مهجور

إلا من عجوز أمازيغي

وامرأة تكنس غبار السلالم

أقبل غشت

كي يندلق كبركان آسيوي

وكي ننام عراة من البحر والشاليه.

في مساءات العاصمة

كنا نعبر بعض الشوارع دون مشقة، نصعد السلالم التي تفضي إلى صومعة محنطة، وأعمدة قديمة وحائلة.

عشتار... مازال في الغروب ما يكفي من صفصافة مسنَّة، من حقنة تذرف الحنَّاء على كفيك،

ومن نهر رقراق يحمل قوارب تعشق رشاقة الماء.

في آخر الليل يأتيك رنين الهاتف

مترنحًا

يعزف على كمنجات غشت

يأخذك إلى ألم عمان

(بعد رحلة مؤرقة من المسافات

ومطلق الفوضى).

لا أحد منشغل بحقائبنا التي تخبئ تواريخنا السرية

غير صيف أحمق

يحتسي الكابتشينو

بمقهى المطار

وعربات لا تتعب من حقائب المسافرين.

هل نلتقي؟

قد نلتقي في فندق منسي.

*** *** ***