|
Osiris
Christias
قابلتُه،
في منعطفٍ حيث الأرضُ تمطر لا السماء. وحيث
إنكم، أحبابي، لا
تعلمون مِن أمْرِهِ سوى ما تخطُّ يداي: كان
برقًا لا يوقِفُه جمادٌ أسمر، وكان
الأزرقُ الغافي على خدِّ الخيال يتمطَّى في
نعيم الفرح، في
الوحدة التي تجوب الطرقاتِ بغير حد. ستكون
عيونُكم مثل المصابيح المطفأة إن قرأتم
كثيرًا عن
الزهو، عن
الليل الذي لا ينام في الكتب، وينام في
محاجرها الظليلة بالأمل. إلى
تلك الظلال مشى صديقي، وفيها
روى أمنياتِه. تمنَّى
أن يكون نسرًا، أو شجرة لوز، قلبًا
خافقًا في صدرٍ ما. تمنَّى
أن يكون نعمةً تأخذ شكل الرغيف، أو
قطعةَ موسيقى تُهدى لعازف حزين. أيضًا... تمنَّى
أن يكون سعادةً لا يعرفها أحدٌ إلا
بعد أن يقبِّل شَعْرَه الأحمر، أو
ألمًا يفيض بالدمع في
غرفة يتأفَّف منها أنفٌ أنيق. بكى... حين
قرأ في الذاكرة أن الحجر أصم. ولأنه
لم يستطع قراءة الكلمات التي رسمتُها في
الهواء أمام
عينيه، أخبرني أن الكلمات الصمَّاء تصنع حجرًا، قلبًا، دفئًا أصم. مال
الوجوه شاحبةٌ أمامه – والرحيل قد غدا حلمًا؟! لا
تنظروا إلى
وجهي بعد الآن. Osiris
Christias I كانت
النبضة الأولى تخدش اللغاتِ العتيقةَ، تبلِّل
الكلمةَ بالماء، وتغرسها في معجزة الهواء، ليقول
وجهٌ غائم ثمارَ
الأرض، أختَ ثمار السماء. هيا،
مَن يحملك على كفِّه الطريِّ لا يعطيك لونه كي
تكون، إنما،
إنما كي
تستريح لبرهة، ثمَّ
لتعبُر موجَك الهادرَ من،
إلى من،
إلى – إليكَ منكَ... قراءةٌ
مبعثرةٌ تنتظم، وصفٌّ
من الكلمات توحِّده بعثرةُ الجهات. أوزيريس...
... ... الحزينُ
كطفل ينتظر آلام المخاض، مدَّ
ذراعيه ليكون نسرًا، حَمَلَ
في يده بعض حبات التراب ليكون شجرة، رَقَصَ
في عري الفضاء بخطوات
خافقة كالنبض. مثل
شمسٍ- انظروا...
... انظروا
بعكس اتجاه الضوء، إن
أردتم أن تروه. Osiris
Christias II عامرةٌ
بالدفء ضياءاتُ الأزرق. في
فيض الفراغ يسطِّر بدءَ الصليب قبل
أن يرتفع الأفق. هيه،
قد تعدو حكايتُك في المروج، قد
تغدو أنت مرجًا أو ظبيًا صغيرًا يطارد
بدءًا لا يراه. مَشَتِ
اللحظةُ، إذن، وكنتَ
ترابَها – لم تزلْ. الزمن
– هجين الأزرق والمسافة – لا
يهادن الطيبَ فيك، لا يساوم الغضبَ إذ يلوِّن
وجهَك الأرجوانُ. عتيقُ
السنين، يتنبأ
في وضح النهار. لا
تتنبأ بالفم
الأخرق للماضي. الزمنُ
جوعٌ ساترٌ للجائع
الملقى على رصيف الحاضر، لا
يحضر، لا
يسمع. ولن
يدنيك من جوعه، لن
يقصيك عن جوعه سرابُ
الموائد. تنبأ،
إذن، بالقمح
النابت هنا. قد
كان سنبلة فقط – أوزيريس...
... ... كنت
أرسمه بوجه مائل، أترك
الأزرق خفيًّا عن عيني. لكنه،
حين اقترب، وفي يديه دنٌّ مليء، صرت
أرسمه بوجه يميل. تؤلمني
أمنيتُه الثكلى، فأبوح له: أوزيريس...
... ... رغيفُك
لا تكفيه الحكاية. النارُ
تحرق قبل مدِّ اليدين، والرمادُ
لا يأكل. أوزيريس...
... ... النعمةُ
همسةٌ خافتة يلعنها
الضجيج. صديقي
الذي أصبح حقلاً من القمح ودخانَ
مدفأة بعيدًا، غنَّى
مع الريح والسنابل أغنيةَ الموج. انظروا...
... انظروا
جيدًا... ... ترون
بحرًا أزرق يُولَد. Osiris
Christias III امتلأتْ
جعبةُ السكون بالموج. يبتعد
كي يستريح، ينطوي
فيولد من نفسه. ما
كان صراخًا صوتُ الوليد، وما
أنتَ بأصم. ألأنك،
أيها الصَّدَف المتأخر، ما ارتكبتَ الخطايا مَنَحَكَ
البحرُ موطنه؟! ألأنني
ما تنكرتُ للرمل البريء غمرتْني الخطايا؟! ألأن
الصوت، حين يتوقف عن السعي، يزهر غنَى صديقي؟! أوزيريس...
... ... الهادئ
كعبق الياسمين، المتَّكئ
على ذراعي، يهدهد النوم كي ينام، حدَّثني
عن العشق المكنون في روح الصوت، عن
التائه المغبرِّ في
الصمت، في
وجع العين التي ترى. حدَّثني
عن الشفق المتوحِّد بخدَّي طفل أراد
أن يغنِّي للحزن الهائم في روحه، لأنه
لا يستطيع. أوزيريس...
... ... يمتدُّ في
فراغ النغمة البارعة، يحيك
ألفَتَها في
الأفئدة، وحين
تغرِّد في مسامعه أوتارُها يبتعد
كي يستريح، ينطوي
فيولد من نفسه، بدءًا
يتناقص ليكبر. أوزيريس...
... ... المترعُ
بالحضور أهدى
الأشياء صوتَه قبل أن ينام. لا
تنظروا، أحبابي، إلى
هزال القصب. Osiris
Christias IV القبلة
موطن القلب. إن
شئتَ أن تعيد حياكة البحر لا
تنسَ موطن النار. في
العمق من عَبَقِ الوجود يوجد ساحرٌ يُمَرْئي
الكلماتِ في مياه صافية. لا
تعبثْ باللون – قد
يكون الصمتُ جزاءً أو حلمًا. إني
أراه وفي يديه كواكبُ من
شعلة النار قد صارت بحارًا
تفيض. والينابيع
– لبُّ التراب – لا تشكو. أوزيريس...
... ... أنتَ،
في عمر الكواكب، لحظةٌ مادتْ
بسيلٍ من قُبَل. وتسألني: علام
الشفةُ قد نسيتْ روحَ المياه؟ أوزيريس...
... ... موجًا
إذا أقبل، وموجًا،
حين قبَّل الأرض، رَقَصَ
الجمالُ على أطرافها. والقلب
– موطن النار – قد
صار طفلاً ينادي: عانِقوا...
... عانِقوا
روح الهواء إن
أنتم عن غيب الموج غبتم
في سطوره. Osiris
Christias V اللدن
ينحني. الحجر
الذي نام في فيض الفجر يستيقظ. مَن
يقول – عن صوت باعث للريح: قيد الإله قد
أضاع مفتاحه. "قيد
الإله قد أضاع مفتاحه." اللدن
ينحني. سماوات
زُرْق لم تعد تكفي بكائي. وصباحٌ
يجول في حدائق الكلمات، يهدل
في المساء، كي ينسى. يسقي
الحقول: فربما ينام
العشبُ مرة في عيون الصحارى، وربما
يعود القمحُ، بين ذراعي الحلم، حكايةَ طفل. سماوات
زُرْق لم تعد تكفي بكائي. وليلٌ
يبوح لبعضه: نجمة
هنا، نجمة هناك. إن
أنتَ نسيتَ يومًا أن تكون أنا، مددتُ
يدي وقطفتُ يدك. سرعان
ما يضحك قمرٌ، وتبكي سماء. يموت
العلنُ في عينيكَ كي تحيا – تحيا
الدوائرُ في انحناء عينيَّ... أراك: العين
ميلٌ، إنْ عبر التراب رآه. أوزيريس...
... ... غيمةٌ
دغدغتْ كتفي. مطرٌ
على طرقات قاحلة. ألمٌ
يغرِّد للضجر – سرِّ الخلود – أوزيريس...
... ... يشكوني
إليه الزمنُ المتوقفُ في علياء فكرة، فيهدهد
حمامَ المساء كي
يبقى مليئًا بأزمنة لا تحترق. تبكيه
أجزاءُ الحياة، لعلنا
نمتد في فراغ نُبقيه كي نبقى! أوزيريس...
... ... رائحةُ
البكاء قد أغْرَتْ حنينَه، فنهض
في لغة الدموع سؤال: مروا... مروا
في عتيق الحبِّ – إنْ
شاء القلبُ فيكم أن يبوح. 2004 *** *** ***
|
|
|