|
راينر ماريا
ريلكه شاعر العزلة
ومسَّاح المجهول الوصية والسونيتات
بالعربية... والخطيبي تناول ظاهرة صمته الترجمات
التي حَظِيَ بها الشاعر الألماني راينر ماريا
ريلكه (1875-1926) في العربية لا يمكن إدراجُها إلا
ضمن "المحاولات" التي قام ويقوم بها بعض
الشعراء والأدباء العرب. وإن كانت هذه
المحاولات بدأت منذ الخمسينات مع الناقد
المصري عبد الغفار مكاوي وسواه، وتجلَّت في
الستينات مع الشاعر اللبناني فؤاد رفقة، فهي،
حتى الآن، لم تترسخ كفاية، ولم تدخل مرحلة من
الثبات، على رغم إقدام الشاعر العراقي كاظم
جهاد على "تعريب" أبرز "ديوانين"
وضعهما ريلكه وهما: مراثي دوينو وسونيتات
إلى أورفيوس. ولئن كان تعريب هذين "الديوانين"
كاملاً و "أمينًا" على روحهما أو
مناخهما، ومتينًا لغة وصوغًا، فإن ما يحول
دون اكتماله هو ارتكازه على الترجمة
الفرنسية، مع بعض اتِّكاء على النصوص الأمِّ
في لغتها الألمانية. إلا أن كاظم جهاد استعان
بأكثر من ترجمة فرنسية، وببعض الترجمات
الإنكليزية، على عكس فؤاد رفقة الذي ترجم
مختارات من ريلكه انطلاقًا من اللغة
الألمانية نفسها. لكن رفقة لم يستطع تعريب المراثي
والسونيتات كاملة، وما برح يُمْعِن النظر
في ما عرَّب من قصائد، مدركًا تمام الإدراك
صعوبة تعريب (أو ترجمة) ريلكه. وهذه الصعوبة
غالبًا ما تواجِه المترجمين، على اختلافهم. لم تكد تمضي سنتان على إصدار
فؤاد رفقة مختاراته من المراثي والسونيتات
في كتابين منفصلين (دار صادر، بيروت) حتى
أطلَّ الشاعر شربل داغر بما يسميه "توليفًا"
أو إعدادًا لكتاب وضعه هو بنفسه، "مستعيدًا"
شخص ريلكه ومنطلقًا من الوصية، التي
كتبها الشاعر الألماني في العام 1920، ومن بعض
الرسائل المتبادلة بينه وبين الشاعرة
الروسية مارينا تسفيتاييفا (1892-1941). إلا أن هذا
الكتاب "التوليفي" يظلُّ كتاب ريلكه،
ولكنْ مجموعًا وفق طريقة أخرى قد تروق للشاعر
الألماني وقرائه، وقد لا تروق له ولهم. فـالوصية،
أصلاً، نصٌّ ثانوي، نظرًا إلى أعمال ريلكه
الإبداعية العظيمة؛ والرسائل بينه وبين
الشاعرة الروسية مقتطَفة من مراسلة ثلاثية
شارك فيها الشاعر الروسي بوريس باسترناك
(1890-1960)، وهي جزء يسير جدًا من مراسلات
ريلكه الهائلة التي لا تقلُّ إبداعًا عن
أعماله النثرية. وقد لا تؤلف الوصية والرسائل
المختارة (دار الجمل، 2001) صورة حقيقية عن
ريلكه الشاعر الكبير الذي وَسَمَ عصرًا
بكامله، وخصوصًا في نظر القراء العرب الذين
لم يتسنَّ لهم أن يقرأوا أعمال ريلكه
الرئيسية. ولعلَّ ما يمنح عمل شربل
داغر الجميل بعضًا من الرسوخ (لئلا أقول
الشرعية)، هو تزامنه مع صدور سونيتات إلى
أورفيوس في الصيغة العربية التي ارتآها
كاظم جهاد (مجلة الكرمل، 67، ربيع 2001)؛ وهي
تختلف كثيرًا عن صيغة فؤاد رفقة التي سبقتْها.
فقراءة ريلكه لا تكتمل إلا عبر قراءة المراثي
والسونيتات؛ فهما "الديوانان"
اللذان تكمن فيهما شعرية ريلكه وأسرار تجربته
الفريدة. فـالوصية والرسائل المختارة
قد لا تعني القارئ الذي لم يتصدَّ لذينك "الديوانين".
والشاعر يعبِّر في الوصية عن خشيته من عدم
قدرته على إكمال المراثي التي كانت هاجسه
الملحَّ، تمامًا مثل السونيتات. أما المصادفة "العربية"
الأخرى فهي صدور نصٍّ عن ريلكه كتبه
بالفرنسية المفكِّر والكاتب المغربي عبد
الكبير الخطيبي وعنوانه نذر الصمت Le Vœu de silence
(دار المنار، باريس، 2001). والنصُّ ذو منحى
فلسفي–صوفي، يتأمل الخطيبي من خلاله في شعر
ريلكه، ويمعن في قراءته على ضوء مفهوم "الصمت"
والتجربة الدينية في معناها الوجودي. ولعل
صدور هذه الأعمال الثلاثة في فترة زمنية شبه
واحدة يبدو أشبه بالاحتفاء بهذا الشاعر
الكبير الذي لم يعتبره روبرت موزيل "شاعرًا
كبيرًا فحسب، بل دليل عظيم"، حمل إلى
العالم "صورة جديدة للعالم". قد يكون نصُّ عبد الكبير
الخطيبي مدخلاً من المداخل المتعددة إلى عالم
ريلكه. ولعل العنوان "نذر الصمت"، الذي
اختاره من إحدى عبارات ريلكه، يمثل خلاصة
قراءته أو مقاربته تجربة هذا الشاعر.
فالنصُّ، كما يعترف الخطيبي، ليس سوى "تنويعات
على الصمت والشعر، تستند خصوصًا على أعمال
ريلكه، فنان العزلة". ولا يتوقف الخطيبي،
مثلما يعبِّر، عن التفكير في جملة ريلكه
القائلة: "لا شيء قويٌّ قوة الصمت. ولو لم
نولد في قلب الكلمة لما كان من انقطاع عن
الصمت." ولعل عشاق الصمت يدركون هذا السر:
إنهم المتصوفون الذين يتواصلون عبر انكفائهم
الصامت مع الماوراء. إنهم الشعراء الذين
يحتفون، على طريقة ريلكه، بـ"الانصهار بين
الصمت والقصيدة". ويتطرق الخطيبي إلى
المراسلة بين ريلكه والسيدة لو أندرياس
سالومي (وسواها)، ويعتبرها "عملاً أدبيًّا
بذاته". فالمراسلة تقول بوضوح ما يحلم به
الشاعر المفتون بالصمت. ويرى الخطيبي أن
ريلكه، الشاعر المنعزل، يمنح في موقعه هذا
"لغة الصمت شكلاً وكلمات عبر تجانس مع
المدى والزمن". هكذا يكتب ريلكه إلى ميرلين:
"نذرتُ الصمت." وهو لم يكتب هذه العبارة
إلا بعدما خَبِرَ معنى الصمت على طريقة
المتصوفة والقديسين. إنه "الصمت الأكثر
جدَّة"، والذي "لا يذكِّر بأيِّ أمر"؛
بل هو "الصمت الجميل" الذي يجسِّد تمام
التوازن بين الطبيعة والتأمل الذي يطمح
الشاعر إليه. ويرى الخطيبي أن الشعر العظيم لا
يكون إلا في هذه المرتبة. فالشعر يسعى إلى "الجوهري"،
إلى "البلور"، وإلى "دُوار النقاء
المطلق للأصوات والكلمات، مقتلَعًا من
انخطاف اللحظة". ولعل أجمل صفة يطلقها
الخطيبي على الشاعر قوله: "الشاعر مسَّاح
المجهول." فالشاعر الذي يعيش في "عالم
أسطوري" يولد من "هذا الأبد، أبد الحياة،
المقتلَع والمجروح". الشاعر، كما يقول
الخطيبي أيضًا: "ضيف الزمن والمدى." ينطلق الخطيبي، إذن، من
أسرار ريلكه ليرسم صورة للشاعر كما ينبغي أن
يكون. فالمفكر المغربي وجد في صورة ريلكه
النموذج الأمثل للشاعر الذي كان والذي يكون،
الشاعر الصامت، الشاعر الرؤيوي الذي لا يختلف
النهار عن الليل في طويَّته، ولا الزمن عن
الأزل. فـ"كلُّ شيء في الوحدة ابتداء".
أما الصمت فـ"يفرض حدًّا لسقوط الأشياء
والإنسان في العدم". ويعترف الخطيبي أن
القارئ، إذ يقرأ الشعر، يقرأه الشعرُ بدوره،
وتحديدًا "في الناحية الأخرى لبلاد
المجهول". ويتوقف الخطيبي أمام البيت الأول
من مراثي دوينو – هذا البيت العجائبي
الذي يروي ريلكه بنفسه كيف حملتْه الريح إليه
ذات يوم فيما كان غارقًا في التأمل أمام شاطئ
صخري. والبيت هذا بات مضرب مثل عمَّا يسمى
بالإيحاء أو الإلهام الآتي من الوراء أو
الأمام، من الماقبل أو المابعد، من الفوق أو
البعيد: "مَن، إذا صرختُ، يسمعني إذًا/ وسط
مرتبات الملائكة؟" ويصف الخطيبي "حال"
هذا البيت الشعري الذي تناهى إلى مسمع ريلكه
قائلاً: "برق! برق ذو صوت، ذو شكل نهائي،
نشيد عجائبي آتٍ من المجهول ومن ممالكه
المسحورة، حيثما الملاك هو ذلك الغريب المهيب
بوجهه المحجوب، الذي يزور ذلك الشاعر
المعلَّق بين الانهيار والخوف من الانتحار...". أما سونيتات إلى أورفيوس
التي عرَّبها كاظم جهاد كاملة (صدر الجزء
الثاني منها في العدد 68 من الكرمل)، فلا
تقلُّ سرية و" عرفانية" ورهبة وعمقًا عن مراثي
دوينو. فهذان "الديوانان" اللذان
يمثِّلان أوج الإبداع الشعري لدى ريلكه،
يكمِّل واحدها الآخر، ولكن من غير تكرار أو
تَشابُه. ولعل هذا ما عبَّر عنه الناقد ج.
أنجللوز، حيت قال: "وفي حين تصب المراثي
في ما وراء الموت الكلِّي الوجود تصخب السونيتات
بالحياة والتحول." ولم يكن مستغربًا أن ينكبَّ
ريلكه على إنهاء المراثي وكتابة السونيتات
في مطلع العام 1922، بعد عشر سنوات من الصمت.
فهذان الديوانان هما من ثمار صمته "المقدس"،
المفعم بالألم والرؤى والمشاهدات والمكابدات.
ويستعيد ريلكه في السونيتات أسطورة
أورفيوس المغنِّي الكئيب الذي سحر آلهة
الإغريق بصوته وموسيقاه، لكنه لم يلبث أن عصى
أمرهم، فاقدًا حبَّه إلى الأبد. وقد لا يكون
استيحاء هذا الأسطورة الإغريقية هو العنصر
الأبرز في هذه السونيتات، بل الجو "الأورفيُّ"
أو "المعرفة الأورفية" أو "الوعي
الأورفي"، الذي يتيح لـ"الشجرة" (الرمز
الريلكوي بامتياز) أن تؤدي، عبر انبثاقها إلى
ما فوق الواقع، دور الشعر نفسه، أي "التجاوز
النقي". وليس الغناء هنا إلا قرين الصمت
نفسه، صمت أورفيوس، أو الشاعر، أو صمت العالم
الذي تولد فيه "بداية جديدة، علامة وتحول". ولعل جمع المراثي والسونيتات
معرَّبة في كتاب واحد قد يكون من المهمات
الملقاة على عاتق كاظم جهاد. فجمعُها معًا
كاملة، وفي هذه الصيغة المتينة والأمينة،
سيظل بمثابة الحدث الشعري، حتى وإن لم يتم
التعريب عن الألمانية مباشرة. الوصية
والرسائل
قد يكون الكتاب الذي "جمعه"
أو "ولَّفه" شربل داغر هو الأشد إغراء.
فكلمة الوصية وحدها تجذب القارئ وتضعه
أمام شأنٍ كان مكتومًا وظهر إلى العيان. لكن وصية
ريلكه ليست "وصية" في المعنى المتعارف
عليه، بل هي مجموعة من المقطوعات الأدبية
والرسائل، كتبَها ريلكه في جوِّ ما بعد الحرب
العالمية الأولى، تحت وطأة هاجس الموت – وكان
همُّه الأول والأخير إنهاء المراثي. وإن
ظلَّت الوصية مخطوطة ومحفوظة حتى العام
1974( تاريخ نشرها في ألمانيا)، فهي سرعان ما
فقدت وهجها، وخصوصًا بعدما استطاع ريلكه
إنهاء المراثي وكتابة السونيتات.
ولذلك لم يشكِّل صدورُها حدثًا، ولا كذلك
ترجمتها إلى الفرنسية في العام 1983. أما طابعها
الإبداعي فهو دون نثر ريلكه، ودون رسائله
التي قد تفوق نثره عمقًا وجمالية. غير أن شربل داغر لم يقصُر
كتابه "التوليفي" على الوصية، بل
ضمَّنه مقتطفات من المراسلة بين ريلكه
والشاعرة الروسية مارينا تسفيتاييفا.
والغايةُ هي الجمعُ بين "خطابين"
يختلفان ظاهرًا، ويلتئمان باطنًا. لكن
العلاقة بين الوصية والرسائل "المقتطَفة"
لم تنجلِ تمامًا، وبدا في مقدور القارئ أن
يقرأ الكتابين منفصلين من غير هوادة. وهذا لا
يقلِّل من أهمية الكتاب "المولَّف". ولعل
ما لا يقنع القارئ كثيرًا كلام داغر عن "سيدة"
كلِّ كتاب. فهو يرى أن ريلكه يبتعد في الوصية
عن الحبيبة طلبًا للقصيدة، وأنه يخشى
الاقتراب منها في الرسائل. وقد يصعب إطلاق
مثل هذا الحكم على شاعر في حجم ريلكه،
وانطلاقًا من بضع رسائل. فالاقتراب
والابتعاد، أو الوصل والهجر، يمثلان حالاً
جدلية في تجربة هذا الشاعر. والجدلية هذه هي
جزء من جدلية المرئي واللامرئي في شعره، أو
جدلية الغياب والحضور، الصمت والكلام. يقول موريس بلانشو في هذا
الصدد: "الغياب، في نظر ريلكه، هو أيضًا
حضور الأشياء، إلفة الكائن–الشيء، حيثما
تلتئم الرغبة في السقوط نحو المركز عبر
انحدار صامت، ثابت وغير نهائي...". ويحدِّث
ريلكه نفسه عن هذه الجدلية في إحدى رسائله
قائلاً: "إننا نجمع بولع عسل المرئي
لنخزِّنه في القفير الذهب، القفير الكبير
للامرئي." لا يشعر قارئ ريلكه في الوصية
أن الشاعر ابتعد عن الحبيبة منصرفًا إلى
القصيدة. فالحبيبة، أصلاً، مشتهاة وممجَّدة؛
وقد اشتهاها ومجَّدها "هذا الرجل ذو
الاستخدام الإلهي، والمصير المرسوم" (الوصية).
أما الرسائل التي كتبها ريلكه إلى مارينا،
فهي لا تقوم على مبدأ الخشية من اقتراب ريلكه
منها. قضية عدم الاقتراب لا ترتبط هنا بالخشية.
فهو لم يعرفها أصلاً؛ كما أنها لم تعرفه
بدورها. وكان هو بدأ يشعر أنه أصبح على حافة
الهاوية–الموت. والمراسلة بينهما – كما يقول
داغر – كانت ثلاثية؛ إذ ضمَّت أيضًا الشاعر
والروائي الروسي بوريس باسترناك. (وليت
المؤلف ترجم بعضًا من رسائل باسترناك.) فأهمية
هذه المراسلة الثلاثية، التي تمَّت خلال
أربعة أشهر ونصف الشهر قبل موت ريلكه، تكمن في
كونها "إحدى أجمل الشهادات على الروحانية
الكبرى للعصر"، كما يعبِّر الناقد
والمترجم الفرنسي غريمبير. ويرى داغر أن في
هذه المراسلة "من وقائع الحياة اليومية، من
أحلامها وأمنياتها ومن فجائعها أيضًا".
ويشير إلى أن الرسائل تبوح بالرمز الذي يمثله
ريلكه في حياة مارينا وباسترناك. فهو، في
نظرهما، "تجسيد للحياة الروحية"، بل "تجسيد
للشعر في المثال الأوروبي". ولعل فاتحة هذه
المراسلة الثلاثية كانت رسالة بعث بها بوريس
باسترناك إلى ريلكه طالبًا منه أن يرسل
كتابًا من كتبه يحمل توقيعه إلى الشاعرة
مارينا. وإن لم يلتقِ ريلكه مارينا ولا مرة
فهو قد التقى بوريس باسترناك في العام 1900،
يصحبه والده صديق ريلكه؛ وحينذاك كان بوريس
في العاشرة من عمره. غير أن هذه المراسلة
الثلاثية هي جزء يسير جدًا من مراسلات
ريلكه التي لا تحصى. وكان ريلكه يعتني كثيرًا
بتدبيج الرسائل وتحميلها أفكاره، ورؤاه،
وبعض ما كان يعجز عن كتابته في شعره ونثره.
ويبلغ الكثير من الرسائل شأوًا إبداعيًا
صرفًا؛ وبعضها يغدو مجموعة نصوص أدبية راقية.
وفي المراسلة هذه يكتشف القارئ جرأة الشاعرة
الروسية، سواء في جهرها بالحب ورغبتها في
معانقة الحبيب الذي تجهله، أم في وعيها
العميق للتجربة التي عاشها ريلكه. تقول له في
إحدى الرسائل: "أريد أن أنام معك، أن أنام
ومعك." وأجمل ما باحت به، ربما هو تلك
الرسالة التي كتبتْها إليه بعد وفاته، وفيها
تخاطبه وكأنه لم يمت، معترفة بأبوَّته لها
وببنوَّتها له: "ابنتك المسكينة التي لم
ترها أبدًا." أما الوصية فلم تخلُ من
بعض المقاطع النثرية الجميلة ذات الطابع
الأوتوبيوغرافي (السِّيَري)، أو التأملي، أو
الاعترافي، أو الشعري. وإذ اختار ريلكه أن
يعزل نفسه في قصر برغ السويسري، منقطعًا إلى
الكتابة والتأمل، يجد نفسه ضحية صخب حادٍّ،
مصدره منشرة تعمل على قطع الأشجار في جوار
القصر. ولعل هذا الصخب يقلب حياته جحيمًا،
ويزيد من ألمه ويأسه واحتراقه. ولعل أجمل ما في الوصية
والرسائل المقتطفة أنها تضع القارئ وجهًا
لوحه أمام شاعر يعرِّي قلبه (كما يقول بودلير)،
ويبوح ببعض أسراره. وإن نقل شربل داغر الوصية
والرسائل عن الفرنسية، فهو لم يَخُنْها
خيانة كبيرة؛ إذ إنها تنتمي إلى نتاج ريلكه
الأليف الذي تبدو خيانتُه خطيئة غير مميتة. ***
*** *** عن
الحياة، 21 حزيران 2001
|
|
|