لَكنَّكِ لم تأتي
رزكار كيستايي
لَكنَّكِ لم تأتي
من السَّماءِ سرقتُ نجومًا
ومن الشَّمسِ شعاعاتِها
والوميضَ من شعلةِ كاوا
حتى أَضيءَ طريقَكِ
ولكنَّكِ ما أتيتِ!
***
من كلِّ بستانٍ قطفتُ وردةً
ومن كلِّ سَفْحٍ نرجسةً ناعسهْ
ومن الحوافِ قطفتُ السَّوسن والبابونج
ومِنَها كلِّها
صنعتُ سجادةً ملوَّنةً؛
وأمامَ بابِ قلبي المخضوضر
زيَّنْتُ طريقَكِ
ولكنَّكِ ما أتيتِ!
***
من رائحةِ التّرابِ
بعدَ موجةٍ مطرٍ خريفيهْ
من عطر ورود المصايف
من حرارة لقائنا أنا وأنتِ
عَطَّرْتُ فضائي
ملأته عطرًا لأجل قدومك
لكنَّكِ ما أتيتِ!
***
تركتُ أبوابَ قلبي ونوافذه مشرعةً بانتظاركِ،
والبلابلُ واليمامُ
على شفاه نافذتي
هدلتْ وزغردتْ بانتظاركِ
ولكنَّكِ ما أتيتِ!
***
باتتْ عيوني منظارًا
و...
وشبرًا شبرًا مزَّقْتُ طريقَكِ
مَرَّ منتصفُ الليلِ
وهاتانِ العينانِ في بكائهما أخذهما النعاس
لكنَّكِ ما أتيتِ!
***
في تلكَ الليلة المعتمة
جعلْتُ قلبي شمعةً و...
وأشعلْتُ نارًا
لكي تأتي!
وتكتبي قصةَ حبَّنا في ضوئها؛
ولكنْ حتى الصباح
كانت تحترقُ و...
قليلاً قليلاً كانت تذوبُ
ولكنَّكِ ما أتيتِ!
***
من عهدِ حبِّنا
من لهيبِ احتضاننا لبعضنا
ومن ضحكنا وابتساماتنا
نَسجْتُ قصيدةً
وتركتُها في انتظاركِ؛
حتى أجعلها عقدًا
وفي مكان اللقاء
أضعها في عنقكِ
ولكنَّكِ ما أتيتِ!
***
جسرُ الصِّراطِ مثل شفرة السِّكين
وسَّعتُهَ لأجلكِ و...
وجعلتُهُ سهلاً وسرابًا...
حديقةُ الجنة
واسعةٌ وكبيره
حجزتها لك
بما فيها من أنهارِ الحليبِ والعسلِ والخمرةِ؛
ولأجلكِ نصبتُ الخيمَ وبيوتَ الشَّعْر
لكنَّكِ ما أتيتِ!
***
إذن تعالي
ودعي براعمَ الحبِّ في مروج قلبينا تتفتَّح
تعالي
فما زالَت جنود النَّدم
لم تُسىء إلى هيبتا
تعالي
لا تَدَعِي أنهارَ قلبينا تجفُّ و...
ولا أسماكَهَا تموتُ عطشًا
تعالي
تعالي
تعالي
تعالي وكوني غيمةَ مطرٍ للحياة
وامطري في بركة خمري
تعالي وأصبحي حمامةً بيضاء
في هذه الليلة المعتمة
لتحطَّ على نافذةِ قلبي
ولأجلي تُنشدُ تلك القصيدة
التي نسجناها في ضوء الشموع.
***
تعالي حيثُ الخَرابُ في هذه الغربةْ؛
لتكوني أغنيةً مباركة
وتداوي آلامي القديمة.
تعالي وتيقَّني جيدًا
إذا لم تصبحي مطرًا ربيعيًا
وتمطري على مروج قلبي
فإنَّ الحياةَ لا تخضرُّ
ولن يبدأ السيران والأعراس والرَّقص.
دهوك (2007)
ترجمة:
نركز إسماعيل
*** *** ***
يحفل الشِّعر الكوردي المعاصر بتجارب شعرية متنوعة؛ تكشف عن
ثراء هذا الشعر والممارسات الشعرية التي تجري في حقله
الإبداعي؛ ومن ذلك هذه التجربة الجميلة التي يقوم بها الشاعر
الكوردي رزكار كيستايي؛ وإليكم الترجمة الكاملة لقصيدة: لكنك
لم تأتي. [المترجم]