<LINK href="favicon.ico" rel="SHORTCUT ICON">

 ميثاق العبرمناهجية - Charter of Transdisciplinarity

هذا الشعار مستوحى من شعار المركز الدولي للأبحاث و الدراسات العبرمناهجية، عن رسم أصلي للفنان البرتغالي الراحل ليماده فريتاس

 إصدارات خاصّة

Special Issues

  المكتبة - The Book Shop

The Golden Register - السجل الذهبي

 مواقع هامّة

Useful Sites

أسئلة مكررة

F.A.Q.

الدليل

Index

 معابرنا

 Maaberuna

حجر الخير

 

محمود الزيباوي

 

تناقلت وسائل الإعلام خبر نبش قبر الصحابي حجر بن عدي وهدمه في منطقة عدرا بريف دمشق، ونقل جثمانه إلى مكان مجهول. يشهد هذا الحدث من جهة، على انتقال ظاهرة هدم الأضرحة إلى سوريا بعد انتشارها في السنتين الأخيرتين في بلدان إسلامية عدة، منها مصر وليبيا وتونس ومالي، ويؤجج من جهة أخرى الصراع المتعاظم بين الشيعة والسنَّة في المنطقة.

بحسب الأخبار المتناقلة، وزَّعت "جبهة النصرة": بيانًا نُشر على الـ"فايسبوك" تبنت فيه عملية نبش قبر الصحابي حجر بن عدي في عدرا وتدمير مقامه. يستهل كاتب البيان الكلام بآية من سورة الأعراف: "إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين"، ثم يضيف: "تطبيقًا لشرع الله في الأرض بجنود الرحمة، تمَّ بحمد الله وفضله التخلُّص من أدوات الشرك في الله ونقل جثمان حجر بن عدي ليدفن في الأرض بعد أن عمد نظام الكفر في سوريا الى تشييد مبنى بدل القبر، وتطبيق لشرع الله الذي يحرِّم اقامة مزارات للشرك في الله وعبادة القبور". يتبنى هذا البيان بشكل لا لبس فيه الموقف الذي تميزت به الحركة الوهابية عند انطلاقها في الجزيرة العربية، ويعبِّر عنه بشكل كامل. وقد رفض الأزهر قديمًا هذا التوجه وأدانه في الأمس كما رفضه اليوم بحزم وشجبه بشدَّة.

قبر الصحابي حجر بن عدي قبل نبشه

بعد

يواصل صاحب البيان كلامه فيقول: "إن المدعو حجر بن عدي الكندي هذا الخارج عن أصول الشريعة والسنَّة، أضحى معبودًا من قبل فرقة الرافضة، وأقيمت له المعابد والمساجد خلافًا لشرع الله، وبينما قام مجاهدونا بتحرير بلدة عدرا من دنس النظام الكافر ورجسه، تحوَّلوا لتطبيق شرع الله الموكل لنا، وعلى مبدأ الشريعة وبناءً على فتوى أهل العلم، قامت ثلَّة من مجاهدينا بقطع دابر الشرك المتمثل في معبد حجر بن عدي الكندي صونًا للدين والسنَّة. إن مجاهدينا في أرض الشام المباركة سيتخذون من الشريعة والسنَّة النبوية قاعدة لهم لإحقاق الحق، وإذ نعد بتدمير كل بيوت الشرك هذه المنتشرة على أرض شامنا العزيز. والله غالبٌ على أمره ولكن أكثرَ الناس لا يعلمون".

تلتبس الصورة هنا وتضطرب، فـ"المدعو حجر بن عدي الكندي" معروف في أمهات كتب السنَّة، وهو فيها صحابيٌّ جليل ناصر الإمام علي يوم اشتدَّ الخلاف بينه وبين معاوية، وقضى ضحية لما بات يُعرف باسم "الفتنة الكبيرة". تتكرر سيرة هذا الصحابي في أسد الغابة، طبقات ابن سعد، الاستيعاب، الوافي بالوفيات وسير أعلام النبلاء، وتجمع على الإشادة بمناقبه. هو حجر بن عدي بن معاوية بن جِبِلّة بن عدي الكندي، نسبة إلى قبيلة كندة اليمنية الأصل، كنيته أبو عبد الرحمن ويُعرف بحجر الخير، كما يُعرف ابن عمه حجر بن يزيد بحجر الشر.

جمع بين الشجاعة والشهامة والورع والتقوى والزهد والصدق، ووُصف بـ"راهب صاحب خاتم الأنبياء"، كما نقل الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين، أحد كتب الحديث عن أهل السنَّة والجماعة. وفقًا لما نقله صلاح الدين الصفدي في الوافي بالوفيات، شارك حجر بن عدي في غزو الشام، كما شارك في فتح عذراء التي قُتل فيها، "وهي من قرى دمشق وقبره بها معروف". شهد وقعة الجمل ووقعة صفّين حيث انقسم المسلمون فريقين متحاربين، "وقتله معاوية وقتل أصحابه بمرج عذراء، وقتل إبناه عبد الله وعبد الرحمن قتلهما مصعب بن الزبير صبرًا، وكانا يتشيَّعان".

سقط حجر بن عدي ضحية الفتنة، ولم يُتَّهم بالخيانة، وقيل إن معاوية ندم على قتله. بحسب رواية الصفدي، "حجَّ معاوية فاستأذن على عائشة فحجبته. ثم أذنت له فقالت له: ما حملك على قتل أهل عذراء حجر وأصحابه؟ قال يا أمَّ المؤمنين، إني رأيت قتلهم صلاحًا للأمَّة وإن بقاءهم فساد للأمة. فقالت: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: سيقتل بعذراء أناسٌ يغضب الله لهم وأهل السماء، أما خشيت أن أخبِّئ لك رجلاً فيقتلك؟ فقال: لا، إني في بيت أمان". وقيل إن ابن الفاروق عمر انتحب لما بلغه خبر مقتل حجر، "وندم معاوية على قتله، وعرف منه الندم والخوف عند الموت، وقال: ما قتلتُ أحدًا إلا وأنا أعرف فيم قتلته وما أردت به، ما خلا حجرًا".

ارتبط اسم حجر بن عدي باسم القرية التي قُتل فيها ارتباطًا وثيقًا على مدى قرون من الزمن، وزار الكثيرون قبره فيها تبركًا، كما تؤكِّد كتب التراث. في تعريفه بـ"العذراء"، كتب ياقوت الحموي في معجم البلدان: "عذْراءُ، بالفتح ثم السكون والمد، وهو في الأصل الرملة التي لم توطأْ، والدرة العذراء التي لم تثقب. وهي قرية بغوطة دمشق من إقليم خولان معروفة"، "بها قُتل حُجر بن عدي الكندي وبها قبره، وقيل إنه هو الذي فتحها". وفي أسد الغابة في معرفة الصحابة، يذكر ابن الأثير أن حجر بن عدي قُتل "سنة إحدى وخمسين، وقبره مشهور بعذراء وكان مُجاب الدعوة".

أدان جمع من علماء الدين على مختلف مذاهبهم الاعتداء على قبر الصحابي حجر بن عدي، وأكدوا أن الدين الإسلامي يحرم نبش قبور الموتى ولاسيما قبور الصحابة، وأن الغرض من تدمير هذا المقام إشعال فتنة طائفية بين المسلمين. رأى الأستاذ في جامعة الأزهر عبد الغفار هلال أن استهداف هذا المرقد جريمة شعواء واستخفاف برموز التاريخ الإسلامي. وأعرب عضو جبهة علماء الأزهر الشيخ إبرهيم الخولي عن إدانته لهذا الاعتداء، موضحًا "أن نهج الأزهر واضح، وهو إدانة الاعتداء على حرمة أي ميت عمومًا، وعلى الصحابة بشكل خاص". من هذا المنطلق، أعلن رئيس جمعية "قولنا والعمل" اللبنانية الشيخ أحمد القطان رفضه لهذا العمل، وقال متسائلاً: "إذا كانوا يعتقدون أن هذه الاماكن لا ينبغي أن تكون مقصدًا للزيارة وموضعًا لاهتمام الناس، فهل في هذا مبرِّر لهدمها في هذا الوقت بالذات؟ وهل أن نبيَّنا عليه أفضل الصلاة والسلام نهى عن زيارة القبور حتى يتخذوا ذلك حجة وذريعة لتبرير أعمالهم". من جهته، قال الأمين العام لاتحاد القوى الصوفية في مصر عبد الله الناصر حلمي: "إن هدم الأضرحة المقدسة يأتي لإشعال فتنة طائفية بين أركان الدين الاسلامي"، وذكَّر بهدم الأضرحة في عدد من المحافظات المصرية، منها القليوبية والفيوم وأسوان والبحيرة والقاهرة، "كما حدث في السعودية وليبيا والجزائر ومالي وغيرها من الدول الأفريقية"، ورأى أن هدم ضريح حجر بن عدي في سوريا "يأتي ضمن الفكر التكفيري الوهابي لهدم الأضرحة".

خارج هذه الإدانات الرسمية، يبرز الصراع السني-الشيعي بحدة في الإعلام المنفلت من كل قيد على شبكة الإنترنت. اتهم أحدهم الشيعة بسرقة رفات الصحابي لبناء مرقد له في إيران. وقال آخر: "هذا مقام حجر بن عدي الكندي أحد مزارات الشيعة في عدرا البلد، قام أبطال الجيش الحر بنبش القبر ودفنه بمكان غير معروف، بعد أن أصبح القبر مركزًا للشرك بالله". في المقابل، اتهم أحدهم "الكفار الأمويين" بتدمير المرقد، ونشر آخر صورًا للموقع قبل تدميره وبعده، مع تعليق يقول: "أهل الشام حافظوا على المقامات أما أعداء الله ممن أرسلهم آل سعود وبتكليف من صهاينة تل أبيب فنبشوا قبر الصحابي الجليل حجر بن عدي رضي الله عنه وسرقوا رفاته. الله يحميك يا شام".

*** *** ***

جريدة النهار

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود