<LINK href="favicon.ico" rel="SHORTCUT ICON">

 ميثاق العبرمناهجية - Charter of Transdisciplinarity

هذا الشعار مستوحى من شعار المركز الدولي للأبحاث و الدراسات العبرمناهجية، عن رسم أصلي للفنان البرتغالي الراحل ليماده فريتاس

 إصدارات خاصّة

Special Issues

  المكتبة - The Book Shop

The Golden Register - السجل الذهبي

 مواقع هامّة

Useful Sites

أسئلة مكررة

F.A.Q.

الدليل

Index

 معابرنا

 Maaberuna

مختارات قصصية

 

مصطفى تاج الدين الموسى

 

1
ما تم تسريبه من أسرار العصافير المشاغبة

هكذا كانا يلهوان منذ أول السهرة، كعصفورين مشاغبين يمارسان، بعد التعري من الثياب، كل ما يبوح به الخيال من أسرارٍ، تنعش الجسد فتروي ظمأه.

في حضن أريكةٍ، على كتف شمعة، أثناء انسيابٍ هادىء لموسيقى غيتار... كانا.

رغم أنها لاتحب النبيذ كثيرًا، لكن هذه اللعبة التي علَّمها إياها للتو، راقت جدًا لروحها، وجعلتها تضحك بخجلٍ ليرتعش نهداها الناعمان. هو... لم يرق له طعم النبيذ في هذه الليلة، إلا ممزوجًا بلعابها، لعابها العذب كماءٍ مقدس، كما تصنفه حاسة التذوق لدى روحه. لهذا، هي صارت كل بضع دقائق، وتحت إلحاح قلبه، تأخذ رشفة من كأس النبيذ، ثم، كما شرح لها سابقًا، تترك النبيذ داخل فمها لبرهة، حتى يمتزج جيدًا بلعابها، ويتخمر به. بعدها تنحني إلى شفتيه، وتدسُّ بينهما شفتيها، لتفرغ في فمه، وببطء، ذلك المزيج الأسطوري. فيرتشفه بولهٍ، ليدوخ قليلاً، فتدور في عينيه مروحة هي بالسقف متوقفة... ثم يضحكان بصخب.

فعلا ذلك عدة مرات، حتى أن الغيتار المختبئ في الكاسيت، اشتهى بحسرة أن يتذوق هذا المزيج.

في المرة الأخيرة: هي رشفت ما تبقى من النبيذ في الكأس. لكن، وبعد بضع دقائق، سال من بقايا شفتيها، ممتزجًا هذه المرة مع الدم.

فهذا هو المزيج المفضل للقذيفة التي هبطت على غرفتهما.

***

2
مصرع تمثال

كأي فزاعةٍ مهمتها إخافة الطيور، كان هذ التمثال الشاهق منتصبًا في منتصف حديقة الجامعة، بملامحه القاسية وعينيه الحجريتين، ذات النظرات التي تفوح منهما الريبة.

وكعادته منذ أن نحت من عقود، كان يرمق – بشكل مخيف – الطلاب المتناثرين ببن أشجار الحديقة مع صديقاتهم. ليجفل لهم قلوبهم، فيقمع رغبتها باقتراف قبلةٍ، تسرق خلسةً هنا أو هناك.

ولعدة أجيال، آلاف القبلات شُنقت في خيال الطلاب بسبب هذا التمثال.

هذا الصباح... ثمة طالبٌ جلس مع صديقته على العشب خلف شجرة، عطرها أدمى روحه، فنسي في لحظة طيشٍ كل تماثيل الأرض، وانحنى إليها ليسرق من جبينها قبلة.

عندئذٍ... مال التمثال قليلاً.

ذلك الطائش انحنى ثانيةً مستغلاً دهشة صديقته، وخطف قبلةً أخرى من خدها، ليميل التمثال أكثر.

راق لقلبه طعم القبلات من أنوثتها، فانحنى مجددًا منتهزًا فرصة خجلها، ليقبلها، هذه المرة، في شفتيها.

القبلة الثالثة كانت بمثابة رصاصة الرحمة، على إثرها هوى التمثال ليسقط أرضًا ويتناثر حطامه على أكثر من جهة.

الطلاب الذين هم بين أشجار الحديقة مع قلوبهم، انتبهوا لسقوطه المدوي، فشهقوا بذهول، ثم انخرطوا في قبلات طويلة، ردت للحديقة روحها.

فقط وحده، ذلك العصفور المشاغب، خطر على باله أن يتبول فوق رأس التمثال. وبعد أن فعلها سال البول بين العين والأنف، ليبدو وجه التمثال، لمن ينظر إليه، وكأنه يبكي دموعًا غزيرة.

بقية العصافير حطت على أغصان الأشجار، وهي تتنفس الصعداء، بعد تحليق مرير استمر لعقودٍ طويلة.

***

3
أثناء حلاقة الذقن

بصعوبةٍ كان يطارد وجهه في المرآة، وهو يحلق منذ دقائق. ذلك البخار المتصاعد من صنبور الماء الساخن فوق المغسلة، لوث المرآة بضباب كثيف، مما جعل عملية الحلاقة صعبة للغاية.

خلفه تمامًا باب غرفة الجلوس، والذي يقابله من الجهة الأخرى ذلك التلفاز وهو ينقل الآن آخر الأخبار الدموية عن تلك المدينة.

أزعجه كثيرًا صوت التلفاز المرتفع، أما ضباب البخار الذي سيطر بشكلٍ نهائي على كل السطح الزجاجي للمرآة فقد أوصل شتائمه – وبحنق – حتى رأس لسانه.

كان يمرر بعصبية آلة الحلاقة على أعلى رقبته، عندما شعر بوخذةٍ حادة. تآوه، وضع سبابته مكان الجرح، ثم تأمل بقعة الدم عليها.

بكل نزقٍ مسح بطرف كمه نصف المرآة، علَّه يرى ذلك الجرح، انحنى إليها وحدق فيها جيدًا.

سرعان ما شهق بخوف وارتد إلى الخلف، وهو يرى، في نصف المرآة، صورةً دمويةً لمجزرةٍ جماعية.

أعيته الدهشة التي شلت ملامح وجهه لبرهة، أثناء تسارع خفقات قلبه.

صوت التلفاز أيقظه من هذه المفاجأة المريعة، بلع ريقه واستدار عن غير قصد، لينظر إليه من بعيد.

أمعن النظر به، شهق مجددًا، وهو يلمح عن كثب... هناك، في منتصف الشاشة، جرح رقبته.

***

4
الوسام

زفر بحنق، فهو منذ الصباح يتجول في أروقة الحديقة، ينظر في وجوه الناس، لكن لا أحد لوح له أو صرخ عليه. لعن حظه، ثم جلس الفتى ماسح الأحذية على صندوقه الخشبي بانزعاج جانب نافورة الماء، وراح يرمق ببلاهة ذلك التمثال الضخم والمنتصب منتصف الحديقة.

خطر على باله أن يلهو قليلاً لينقذ روحه من مشنقة الضجر. نهض وحمل صندوقه ثم مشى إلى ذلك التمثال وهو يبتسم، ليجثو أمام رجليه الغليظتين، حيث انحنى إليهما وشرع بتلميع هذين الحذاءين الإسمنتيين.

فجأةً، عشرات الرجال بربطات عنق ووجوه باردة، اقتحموا الحديقة، ثم تحلقوا حوله وهم يصفقون ويهتفون.

وقف الفتى ماسح الأحذية مذهولاً، فصافحوه بعنفوان، وأكثرهم بدانةً قلَّده وسام الوطنية من الدرجة الأولى.

بعد ساعات استطاع أن ينسل من بينهم وآلات التصوير تلتقط لهم الصور التذكارية. أسرع الفتى إلى سوق الخردة، حيث باع هناك الوسام. فرح كثيرًا، فسعر الوسام يساوي تقريبًا تلميع ثلاثين حذاء.

***

5
مزهرية... من مجزرة

هطلت القذائف كمطر غزير على ساحة القرية، حيث كان فيها حفل زفاف متواضع.

هرول والده بخوف إلى الساحة ليبحث عن أمه، فلحقه طفلهما الصغير. لم يعثر والده بين الجثث التي ذابت ملامح وجوه بعضها، على والدته. أحد الجرحى طمأنه بأنه قد لمحها عن كثب تغادر الحفلة قبل القذائف ببضع دقائق.

الطفل كان – وبسعادة – يلهو بالتقاط الأيدي المقطوعة من بين الأشلاء البشرية وهو يظنها دمى، فجمع عدة أيدي. صرخ عليه والده وهو يأمره بالرجوع حالاً للبيت، ثم وعده بأنه سيرجع إلى البيت بعد قليل، وأمه معه.

ركض الطفل وهو يحضن إلى صدره الأيدي المقطوعة.

في البيت، في غرفة الجلوس، التقط المزهرية عن الطاولة، ورمى عنها الورود، ليدسَّ بها تلك الأيدي. ثم وضعها جانبه على الأريكة وهو يتأملها ويبتسم ببلاهة.

تأخر والده ووالدته. شعر بالنعاس. تثاءب. ثم غفا جانب المزهرية.

بعد أن نام... ثمة يدٌ من الأيدي في المزهرية، مالت إليه بهدوء، لتمسح بحنان على شعره الناعم.

هذه اليد... كانت يد أمه.

***

6
مشهد سينمائي سوري... من الحرب

 

-       أنا لا أسلم عليكم يا أغبياء...

لدي أصدقاء أمرهم غريب!! بدون خمر لا أفهم عليهم ولا يفهمون عليَّ، فكيف الآن؟ فعلاً، مثلما قالت لي أمي، أضيع مواهبي مع حمقى.

صحيح أننا قد ظللنا نشرب لساعات في تلك الخمارة الرخيصة، ونتحدث عن البنات الجميلات، بثياب وبدون ثياب. وصحيح أن المشاغب يوسف قد لفَّ لنا أكثر من سيجارة حشيش، لكنني مازلت (صحيان). بينما أنتم، للأسف سكرتم...

منذ دقائق كنا قد خرجنا من الخمارة، نتعكز على بعض ونضحك بصخب، إلى أن سقطت علينا قذيفة في عتمة هذا الشارع لترمِنا أرضًا وسط عاصفةٍ من التراب...

تحاملت على نفسي، فلمحت على الأرض يدًا مقطوعة من تحت الكتف بقليل ومحترقة، وتبدو وكأنها يمنى. شهقت بفزع وأنا التقطها، لألوح بها لكم رغم الضباب الكثيف للتراب، وأنا أتمتم لكم بوهن:

-       من منكم فقد يده؟

فلوحتم لي ببطء، وكأنكم تسلمون عليَّ، مثل أشباحٍ في العتمة.

آهٍ منكم... لماذا أصاحب الأغبياء فقط؟

آهٍ منكم... لقد تعبت وأنا ألوح لكم بهذه اليد المقطوعة.

تعبت كثيرًا. لأنها ثقيلة، ولأنني لم أستطع أن أحملها... إلا بيدي اليسرى.

*** *** ***

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود