أقـاويـل
عثمان
اليوسفي
إني احترم ضوء النجوم لأنه ضوء يحتاج إلى العتمة كي يمسنا.
*
الغواية تبرر الغاية والوسيلة.
*
حين أفكر أشعل شمعة، كي أخاف عليها من تنهد مفاجئ ومن جفوني إذ ترف.
فإذا أصبت الفعل أصابتني الرياح
لتطفئ شمعتي وتشعل عتم مجمرتي
كي أنتقي نوري وأمضي
في يدي جمر يغور في كفي
ويضيئني أكثر
كلما اشتدت رياحي.
*
الآذان كائن موسيقي لا يليق بكائن معماري كالمئذنة
والحمام، بخفتهْ، سيحني قامتها من فرط الكناية التي تغفو في أجنحتهْ
كأزواج الحمام.
فلا تصح برجًا للحمائم
ولا تصح برجًا للعمائم
ولا يصح اسم لوقفتها
غير اسم المئذنة.
*
حين يقرر الله كتابة مذكراته ليكشف الحقيقة أو ليكتشفها
فالإضاءة المثلى لمشهد كهذا
ستكون بلون عينيكْ.
*
الحب في الأنثى محاولة لعيش تجربة الغمام
لتصير أكثر خفة ولكي تشفَ.
لتضيع حولك فتضيع فيها.
والحب في الذكر امتنان لغيمة كثفت جلده إذ لامسته
جعلت حضوره كشيء نحس به ويحس نفسه،
جعلته احتمالاً واردًا.
فهي تبحث عن حدود لن تجدها
فتصيح أنا الوجود.
وهو بفكرة كفه
يؤكد شكل ساعده
ويهمس قربها:
كأنني موجود.
*
طوبى لمن يهوى السقوط
ولا يجيد الارتطام.
*
كنيسة الحق لا يُسجد فيها مرتين.
*
حين تكون كلمة
تجاوز النهي والأمر والإطلاق والحصر
يكون الصمت.
*
الحق يحرق نفسه في نفسه
ثم يخرج من رماده ليكون نفسه
لكنه يشبه نفسه أكثر من طائر الفينيق.
*
حين تظن أن في قولك المنتهى
اعلم أنك ممن تظنهم بحاجة إلى قولك.
*
وصف الجوهر في كل لحظة يكون لك فيها اقتراب منه
كلام أدق من سابقه وأسهل من لاحقه.
*
الوصف الدقيق أتون الكلام.
*
وصف الحقيقة، كلام
يثير صداعًا في الرأس
ويشفي صراعًا في النفس.
*
الأحرار عبيد حريتهم.
*
تقذف المعرفة الجهل بعناه
فيحيطها بالمرايا.
*
العيون العسلية: مخطوطة صوفية يحققها مستشرق يتيم.
السواد في العيون: أمل بالهرب مرة واحدة علني أصفها من الخارج.
امرأة بعيون خضراء: زيتونة يغلبك النعاس في ظلها عند الظهيرة.
العيون الزرقاء: حقيقة لون وأقترحها كلون للحقيقة.
العيون: قدر يصيبك على شكل نافذتين.
*
لو كنت تعرف الشيء الذي تقترب منه
لكانت كل خطوة في اتجاهه ابتعادًا عنه.
*
معرفة النفس: تذكر لا يسبقه نسيان.
*
الحب:
أن تستولي دون أن تمتلك
أن تشعر بالامتنان تجاه شخص لأنه يتنفس.
*
الله؟ ليمونة كلما ازداد شكك في قدرتها على إغوائك
ازدادت رائحتها غواية.
*
من يزعم أن غايته الإجابة
لابد أنه كتب السؤال في مكان ما.
*
الطفل: إنسان تليق به الخطيئة.
*
الكرمة شاعر الأبدية، والنبيذ قصيدة لن تصيبها الحداثة.
*
أعرف إلهًا يريد عبدًا
وأعرف آخر يريد ندًا.
إلهان لطيفان لا يزعجان بعضهما
لأنك لا يمكن أن تكون الاثنان في آن معًا.
*
شكرًا أيها الشيطان الرجيم:
لأن حياة تلهث وراء الخلود
أنبل من خلود حرِّم عليه الخلق.
لأن فناءً مبدعًا يدوس خلودًا مخصيًا.
*
الوحدة:
البكاء في أحضان الوسائد.
شرب أربعة أنخاب لجدران غرفة واحدة.
النوم في مهد تهزه خواطر سيارات المدينة بعد منتصف الليل.
صنع القهوة صباحًا لتدفئ يديك على نارها
لتدفئ روحك في رائحتها.
*
الموت: كاهن يقرأ للأرض فلسفةً ترابها في أجسادنا.
الحياة: عتمة تعتق نبيذنا إلى أن يليق بذواقة كالأرض.
*
كلما اتسع الإله ضاق عدد الأنبياء إلى حدٍّ نرى فيه آلهة يرسلون نبيًا واحدًا يلتبس
فيه المعنى بين نبيٍّ أبدع لنا إلهًا وإلهٍ هبط علينا على صورة نبيِّه. وهذه الآلهة
الأخيرة ينبض في عمقها ما هو أوسع منها وأبسط من أن يرسل من يخبر عنه.
***
*** ***