ابتهـال على نيَّـة أهـل الوصـال
معيـن
روميَّـة
[...] عندما سيق الحلاجُ إلى الصَّلب، كان يمشي متبخترًا في سلاسله وقيوده وهو
يضحك. سأله أحدُ تلامذته وهو على الصليب: "يا سيدي، ما هذه الحال؟" فقال: "دلال
الجمال الجالب إليه أهل الوصال [...]."
–
عن أخبار الحلاج، بجمع وتحقيق
ل. ماسينيون وپول
كراوس
[...] وفِصَالُه في عامين [...].
– قرآن كريم، سورة لقمان 14
ما علمتُ أحدًا أعْرَفَ بالفصالْ من أهل الوصالْ
لهمُ ابتهالي، وعليهم اتِّكالي
يا يتيم، يا كريم
يا ساكن الغارْ وهاجِرَ الديارْ
أربعون عامًا في فصالْ
ثم لحظة من وصالْ!
قل لي – بحقِّ جمالكْ ورفعة حالكْ –
كيف صَبرتْ حتى نلتْ
عَطْفَ الحبيبْ وصِرْتَ قريبْ؟!
في الغـار
أربعون عامًا في حِراءْ
في ظلام الغارْ
يستقطبُ الأنوارْ
من زُرقة السماءْ
وصُفْرةِ الصحراءْ
ثُمَّ
إذْ تلمع البروق في عينيهْ
تخضرُّ الأرضُ على يديهْ
ثم هَجَرك الحبيبْ، فما من مُنيبْ. فقلْ لي: كيف
حُبيتْ غبطةَ الوصالْ بعد الفصالْ؟!
"والضحى. والليل إذا سجى. ما ودَّعك ربك وما قَلَى"
فصالكَ وصالكْ، وصالكَ فصالكْ. كأنَّ ما بين الواو
والفاء ما بين الأرض والسماء!
حَنَا عليكْ وأَخَذَ بيديكْ
"فكان قاب قوسين أو أدنى"
دنا دنا دنا
رنا رنا رنا
دنا ورنا: "ما كذب الفؤاد ما رأى"
دنوتُ دنوتُ دنوتْ
رَنوتُ رَنوتُ رَنوتْ
فما كان لي سوى صوتْ
صوتُ الحبيب، بعيدٍ أو قريبْ – لا فرق
سَجَدَ له فؤادي
وصَاحَبَني في سهادي
آهٍ آهٍ آهٍ آهْ
واهٍ واهٍ واهٍ واهْ
آهٍ واهٍ آهٍ واهْ
صَـلْصَـلَة
بعدما
هَجَرَتْني بهجةُ الأسبابِ
كنتُ في محرابي
عاريًا
من خيوط الظنِّ أنسجُ أثواب الغيابِ
قرعَ الضوءُ بابي
سمعتُ صوتًا آتيًا بين السحابِ
خِفتُ
ارتجفتُ
تدثَّرتُ بأسمال الثيابِ
صاح بي: "انهضْ
هذه عباءتي
وهذا كتابي!"
يا يسوع، يا ولوعْ
كيف، كيف الرجوعْ؟!
فصالك في ثلاثة وثلاثينْ، ووصالك لحظةٌ من أنينْ
فاضَ الحنينْ، فحملتَ الصليبْ وطلبتَ الحبيبْ
كان لك ما أردتْ، فأوفيتَ وبَلَغتْ.
على الصليب
هل آنَ لي أن أهدأ؟
ها أنا في الثالثة والثلاثين أبدأ
من جديد
كل يوم لي عيدْ
واحتفال ونشيدْ
للضياءْ
لأهازيج الفضاءْ
بحقِّ كلِّ من سَألكْ، هَبْني من لدنك أكثرَ ممَّا
لكْ. فأنا على دَرْبكْ، غيرَ أني طلبتُ الحبيبْ، فما من مُجيبْ. فَكَمْ من صليبْ
ليرضى ويطيبْ!
آهٍ آهٍ آهٍ آهْ
واهٍ واهٍ واهٍ واهْ
آهٍ واهٍ آهٍ واهْ
يا عزازيلْ، يا نبيلْ
يا قِبلة كلِّ عليلْ
يا أذَلَّ المُحبِّينْ
وأجملَ العاشقينْ
يا مطرودْ، يا مردودْ
وصالكَ دهرْ
فصالكَ قهرْ
فصالكَ دهرْ
وصالكَ قهرْ
أكَذا عاقبة المحبينْ
العاشقين السالكينْ
لا طامعينْ ولا مالكينْ؟!
فَبِحقِّك يا مرجومْ
أعِنِ المفطومْ
على كأس الزَّقومْ
يا قِبلة الصابرين، هَبْني من الصبرِ ما "يشرح صدري
ويُيَسِّر لي أمري".
ألْقِمِ الثدي في فم الروحْ
وهلِّلْ عليه بالتسبيحْ
قد بَرَاه الفَطْمُ والسُّقم فما
ينطق إلا عن جمال المَليحْ
آهٍ آهٍ آهٍ آهْ
واهٍ واهٍ واهٍ واهْ
آهٍ واهٍ آهٍ واهْ
خريف 2007
*** *** ***