أنطون مقدسي

المثقَّف النهضوي

جورج كعدي

 

وجهٌ فكري عربي مشرق غيَّبه الموتُ [...] عن واحد وتسعين عامًا مملوءة عطاءً فكريًّا وأدبيًّا وقوميًّا نهضويًّا وفنيًّا (دراسات في الفن التشكيلي).

أنطون مقدسي المتعدِّد، الذي زيَّن العلمَ والمعرفةَ الشاسعةَ حضورُه الثقافي المديد، فلُقِّب بـ"شيخ المثقفين السوريين"، ليشمله التقدير أبعد من ذلك، ولد في منتصف العشرية الثانية من القرن الفائت (تاريخ ولادته المرجَّح هو 1914) في مدينة يبرود السورية (إلى تسعين كيلومترًا شمال دمشق)، وتدرَّج علمًا من مدرسة يبرود الأسقفية إلى مدارس زحلة وجامعات بيروت، حيث درس الفلسفة والآداب الفرنسية والحقوق والاقتصاد، إلى فرنسا، حيث تخصَّص في الفلسفة، ليصير من بعدُ معلِّمًا في ثانويات حمص ودمشق، فجامعتها، قبل إدارته مديرية الترجمة والتأليف في وزارة الثقافة السورية.

هذا المثقف السقراطي آمن بالحوار مولِّدًا للمعرفة وسبيلاً إليها. رفعه تواضعُه أمام رأي الآخر وأناتُه في الشرح وتقريب القول والبرهان في أسلوب صافٍ، جليٍّ، منهجي – وتلك بعض صفاته التي ألمع إليها بطرس الحلاق في الكتاب الذي أشرف عليه في العام 1998 وأصدرتْه "دار النهار" تحت عنوان المسألة القومية على مشارف الألف الثالث (دراسات مهداة إلى أنطون مقدسي، ساهم فيها: جمال الأتاسي، أدونيس، أوليفييه كاريه، جورج ناصيف، غسان سلامة، صادق جلال العظم، يواكيم مبارك، محمد طالب، جورج خضر، بول ريكور)، وضمَّ في ختامه دراسة مطوَّلة للمفكر الغائب عنوانها "الأمة–الإشكالية"، إلى مقالات بارزة له.

المفارقة الغريبة والبليغة في سيرة مقدسي الفكرية والأدبية أنه لم يصدر كتابًا في حياته، بل ملأت مقالاتُه ودراساتُه الطويلة الصحفَ والمجلاتِ وكتبَ الندوات؛ ولو جُمِعَتْ اليوم لألَّفت موسوعات كاملة، وفي حقول شتى. إذ كتب مقدسي في الأدب والاجتماع والسياسة والفلسفة والفن وسواها. عناوين مقالاته في تلك الموضوعات تدل على سعة المعرفة وعمقها وحداثتها. ومنها ننتقي للدلالة: "قضايا الأدب وضرورة إنتاجه"، "الحداثة والأدب – الموجود من حيث هو نص: رؤياه وإبداعه"، "الرواية والأصل"، "من الوجود إلى الوجودية"، "لينين والفلسفة المادية"، "من المنطق إلى الميتافيزيقا"، "القضية الفلسطينية والغرب المسيحي"، "من الحوار إلى طريق الحوار: محاولات في جذور الفكر القومي"، "المثقف العربي والديموقراطية"، "تيارات الإحياء الديني ومستقبل الثقافة في لبنان – أولية الحلِّ الثقافي"، "النهضويون المسيحيون العرب"... إلى مقالات في الفنِّ التشكيلي، منها: "العقلي واللامعقول، من بودلير إلى الفن الحديث"، "الفن والإنسان... وإلياس الزيات"، "ساعات مع الفاتح"، "إن لم تكونوا كالأطفال" (عن رسوم الأطفال اللبنانيين)، والكثير مما لا يحصى في محاور أخرى، كالاقتصاد والفكر العربي المعاصر والقضايا العربية.

التزم أنطون مقدسي بالقضايا القومية، وفي مقدِّمها القضية الكبرى: بناء الإنسان في مجتمع حديث ديموقراطي، والوحدة إلى ذلك سبيلاً.

ألم يكن في ذلك الرؤيويِّ السبَّاق قبل أن تهبَّ على هذه الأمة دعوات التحديث والتغيير و"الدمقرطة"؟ وهل كان علينا أن ننتظر مثل هذه الدعوات من الغرب، ومن بلادنا انطلق صوتٌ نهضوي يدعو وينبِّه؟

*** *** ***

عن النهار

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

Editorial

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال يوسف وديمة عبّود