الأسوَدُ عاليًا
محمد حسن
(تموز)
إنَّ أضعف اللحظات لها أصول.
ميشيل فوكو
هل تولدين من العنق؟
عنق زجاجةٍ ضيق
تغطيه غيمة
تتسعُ لأفقٍ من الحيرة.
النار تشتعل،
قالت كمن يطفئها!
ليس بالماء بل بالكلمات
أيُّ سحر في كلماتك أيُّ رؤىً
أيُّ اختلاف بلا نفي!
***
غائبٌ بين،
لا تنتظم الأشياء حولي
فوضى تبتلع شمسًا
اللحظةٌ موجٌ وارتحال إلى شطٍ يغيب
هولدرين: "إلى الأشياء دُر".
تحول السجان إلى طبيب
فولدَ الجنون مرةً أخرى
كلا، لا يكون السفر مُرًا
حيث الأرق بطل الليل الوحيد.
***
الألم يعصر كل شيء
حتى الفزاعة على سور حديقتنا
والعاصفة تهزأ بالصبر
لم يبقَ لنا إلاَّ أن نلتحف الشك
أجسادٌ منهكة تتدثر بالدفء حتى الرأس
ويصحو الوجع.
نافذةٌ مكسورة خللٌ في الجدار لا صوت إلاَّ لرياح الخوف
ترتطم برقاص ساعةٍ لا يعبأ بالزمن يشير إلى هاوية الوقت.
تجفلُ منَّا قلوبنا،
عبثًا نفرُّ إلى مأتم الفكر
والوهم صرحٌ على سرير العري.
***
رحلة الزمن هي
تفتُّحٌ في المكان
نحو التمزق،
لا يرأب الصدع إلاَّ الموت،
رعب الطريق ولادة غيمة على تلة
تحمل في طياتها هذيان الريح.
غاوٍ، الفضيلةُ له كأس
والجمالُ الشمس
غاوٍ، الطريق في دَمِه
حبٌ وعبورٌ وحدس.
يجوب بحارًا
شراعه هواه والموج خطاه
لا ينتمي إلى شاطئ.
***
صوت الجموع الساعة
آتيةٌ لا ريب
صوتٌ يهمس الساعة اندثرت لا ريب.
أصوات العصر.
إنه التمزق يلف هذا العصر/ما هو التمزق؟
أن تكون هنا في هذا العصر.
طربُ العصر فراغٌ يهتز على خصر!
***
رفقًا أيها الليل
بقناديل حُبنَّا
تنتحبُ وحيدةً على جدار الريح.
عَلِّمهُ أيُها المدى،
كيف يعصرُ عينيه زيتًا
مُوقِدًا قنديل هذا الفجر.
***
من أنتَ أيها الوهم؟
جدارٌ بين واقعين ننقسم فيه إلى شظايا
كل شظية،
سكينٌ توجه إلى الأخرى
تصرخ لا تقترب.
***
عندما ينطفئ كل شيء
نعلم أنه حان وقت السقوط
في هاوية الشارع
حيث ينتحب الوحل في أقدام الصدأ
ويرفرف الأسوَدُ عاليًا
كخيالٍ مطعون.
***
يتدحرج الظل على
عتبة الضوء
البرودة تغطي الكون والصقيع يتكاثر كالهواء
ماءُ يترقرق في حنجرة شوارزكوف
لا دفء إلاَّ في المخيلة
وصوتٌ يغني كأنه الشمس تتآلف فيه عوالم مختلفة.
ربما قبل النهاية بقليل
تجد متسعًا لاوركسترا الصوت والضوء.
***
مشغولاً بالوجود، لا
زمنَ لديه للعبور في الزمن
مهووسًا يُنظِّر للخروج / تموت الأسطورة!
*** *** ***