اليوم الأخير والسعيد في حياة عباس الزنكي أفندي

 

رياض كاظم

 

حينما عاد المصور (عباس الزنكي) إلى مدينته (الناصرية)، بعد فراق طويل، كان يبدو هرمًا وفي أشد حالاته سوءًا، وكأن الله قد تخلى عنه تمامًا، فمظهره الهرم وفقره المدقع يجعل من الصعب تصديق أنه ذلك الرسام والمصور البارع الذي تنتشر لوحاته على أغلفة الكتب ودواوين الشعر والساحات العامة، فمن منا نحن أبناء تلك الحقبة الماضية لا يتذكر جداريته الجميلة التي تنتصب في مدخل المدينة والتي تصور طبيعة الأهوار والمشاحيف والنخيل.

كان رغم الحر اللاهب يلبس بذلة كتان طباشيرية اللون حال لونها من القدم، وتآكلت أطرافها من الوسخ والعرق، ويخفي صلعته السمراء اللامعة بـ "سدارة" عثمانية، حتى هو لا يعرف كيف حصل عليها، ويربط عنقه بربطة عنق يستخدمها لمسح فمه وأنفه حتى أصبحت كقطعة خشب لا تفي بالغرض الذي وجدت من أجله أصلاً، لكنه رغم ذلك ما زال مصرًا على ارتدائها وكأنها تعويذة تقيه شر الطريق والمارة الذين يرمقونه بازدراء وهو بدوره يجيبهم بسيل من الشتائم ثقيلة الوزن، فيتطاير من فمه رذاذ يجعل من الصعب تصديق أنه حقًا ذلك المصور البارع عباس الزنكي.

نزل من الباص القادم من بغداد وتوجه مشيًا على قدميه إلى شارع (الحبوبي)، وكانت تلك بالنسبة له رحلة طويلة جدًا، لا سيما وأنه يحمل تحت إبطيه رزمة أوراق ضخمة هي كل إرثه من هذا العالم، ففي تلك الأوراق كل حياته، رسوماته وتخطيطاته الجميلة وبضعة قصائد كتبها في أوقات صحوه النادرة وهي قليلة في كل الأحوال، وكذلك هي وسادته فعندما يأخذه التعب يتوسد تلك الأوراق على أقرب رصيف وينام بعمق وفي سره رغبة أن لا يستيقظ أبدًا.

كانت الشمس تلهب صلعته وجسده، فانساب العرق بغزارة من جبهته ونزل إلى عينيه الكليلتين فوجد صعوبة في الرؤية وهو الذي لا يرى أبعد من أنفه، فراح يبحث عن مكان ظليل يلتقط به أنفاسه. ولما كانت الشمس عمودية بدرجة تسعين وليس هناك ظل يلتجأ إليه، فقد أضطر مرغمًا على أن يقرع أول باب منزل صادفه وهو يصرخ:

-       افتحوا يا أولاد الكلب...

فتح الباب على مهل وأطلت (عديلة خاتون) وهي بكامل زينتها، وكأنها طوال حياتها تنتظر هذه اللحظة، لحظة عودة زوجها الذي فقد في الحرب ولم تسمع من أخباره شيئًا رغم مرور سنوات عديدة على انتهائها، أو أي طارق غريب فتأخذه إلى غرفتها المضاءة بالشموع وتحدثه وهي تبكي عن تقلبات زمننا الغريب هذا الذي أخذ منها زوجها وتركها وحيدة تعاني وحشة الليل الطويل، عسى القادم الغريب يحمل لها خبرًا منه أو على الأقل ينصت لحزنها ويمسح دموعها، وقد يعيد لجسدها الآخذ بالذبول فتوته الغابرة، فهي منذ غياب زوجها الذي نسيت ملامحه ورائحته لم تلامس يدها يد رجل، باستثناء المرات القليلة التي كانت فيها تتعمد قرص يد البائع الشاب في الدكان المجاور لبيتها وهي تناوله النقود، لكن ذلك التيس لم يهتم بها اطلاقًا فهو مشغول بتعاويذه وتخاريفه ويخاف أن يتنجس من ملامسة امرأة حتى لو كانت عديلة خاتون.

بهتت الخاتون وتراجعت إلى الخلف وهي تتطلع إلى ذلك الكائن الغريب الغارق بالعرق والنتانة وشعرت بأن كل أحلامها بتلك اللحظة ذهبت أدراج الرياح، فغمغمت:

-       حكمتك يا رب!

صرخ عباس الزنكي بصوت مبحوح:

-       خره بيه إذا عنده حكمة...

ابتسمت الخاتون ابتسامة عريضة وكشفت عن اثنتين وثلاثين سنًا، فهي منذ غياب زوجها لم تسمع تجديفًا كهذا، فجميع من حولها يعاملونها كأرملة تحتاج الصبر والدعاء أكثر من حاجتها للمداعبة، وغالبًا ما يبدأون الكلام معها بأحاديث نبوية وآيات قرآنية تدعوها إلى أن تقر في بيتها، وكانت كثيرًا ما ينالها الحنق من تلك الأحاديث فتنتابها الرغبة في توجيه لكمة إلى أسنان محدثها حتى تجعله يبصق أسنانه، ففي الوقت الذي يطالبونها أن تنتظر شبحًا لا يعود يمضون إلى بيوتهم وينامون بين أفخاذ نسائهم، وأكثر ما يغيظها ويجعل دمها يغلي جارها الكريه الذي كان فيما مضى شرطيًا وطردوه من الخدمة بسبب الرشاوي التي يبتلعها من الناس بغير وجه حق، فهو على الرغم من طرده لم يترك مهنته القديمة بمراقبة الناس بأجر، فاستبدلها بمراقبتها وحساب خطواتها لكن بدون أجر.

قالت الخاتون بجرس رقيق:

-       أمر، خدمة... أفندي؟

مسح عباس الزنكي حبات العرق الغزيرة من على وجهه بربطة عنقه المتخشبة وتطلع باهتمام إلى السيدة الأربعينية الجميلة. وزن حجم ثدييها الممتلئين ثم صعد إلى رقبتها وخديها وشفتيها وراح يبحث عن شعرها الذي غطته بالكامل فلم ير منه سوى خصلة فاحمة السواد تدلت على جبهتها.

ومن خلال تجربته مع النساء المتوحدات عرف أنها في حالة انتظار مرير لشخص ربما لن يعود، وبالتأكيد أنه ليس الشخص المعني بهذا الانتظار، فمثل هذه المرأة الممتلئة صحة وحيوية تحتاج إلى ثور وليس عباس أفندي الذي لا يعرف ما فائدة تلك الزائدة المرتخية بين فخذيه، فهو لم يعد يتذكر منذ متى نام مع امرأة أو حتى تحدث مع امرأة، فمعظم حياته ضاعت بالتجوال بين البارات ورفقة الصعاليك من أمثاله.

قال:

-       ممكن التقط أنفاسي لخمس دقائق بالظل...

-       تفضل... أفندي... قالت الخاتون.

أفسحت له الطريق وهي تسد أنفها من رائحة زنخه، فرائحته لم تكن تطاق: مزيج كريه من البصل والثوم والباذنجان وفوقها لم ير جسده الماء منذ زمن لا يعلمه إلا الله. كان المنزل باردًا ومظلمًا والنوافذ مغطاة بستائر ثقيلة تمنع الشمس من الدخول إلى الغرف. الظلمة المفاجئة جعلته لا يميز طريقه فتعثر وكاد يسقط على وجهه لولا انتباهها الذكي لخطواته، فجذبته بقوة إلى صدرها وهي تصرخ:

-       هاي شبيك أفندي... ما تشوف؟

أثناء جذبها العنيف له سقطت حزمة أوراقه وتناثرت على الأرض، فتطلعت الخاتون بها باهتمام وأخذت بتقليبها. أعجبتها بعض لوحاته وخاصة تلك التي تصور عاشقات شبقات ينتظرن تحت الشمس. أعجبتها صورة منزل كبير تطل من نافذته فتاة تضع يدها على خدها وتنظر إلى المارة. أعجبتها صور المدينة والبارات والمقاهي التي تعج بالرواد. وشهقت حينما وقع بصرها على فارسة تمتطي حصانًا ضخم الجثة وتتوجه ناحية قمر في أوج اكتماله.

قالت وابتسامة عريضة على وجهها:

-       أنت رسام أفندي؟

-       وشاعر أيضًا. قالها وهو يسوي ربطة عنقه.

-       شنو شاعر؟

-       يعني أكتب الشعر لما أحزن.

-       يعني مثل مجنون ليلى. خطيه هذا تخبل من ما زوجوه صاحبته. يعني أنت مثله؟

قال الزنكي وهو يحاول تبسيط كلامه:

-       لا... الشعر تغير كثيرًا هذي الأيام.

-       فهمني عاد... شلون. يعني مو مثل قيس وليلى؟

قادته إلى غرفتها وهو يشرح لها عن الشعر الحديث والقصيدة المدورة وقصيدة النثر والقصيدة اليومية ثم عدد لها أسماء الشعراء المشهورين أمثال أدونيس وأنسي الحاج وسركون بولص.

عديلة خاتون لم تفهم من كلامه أي شيء، لكن أسماء الشعراء الغريبة أعجبتها كثيرًا، فطلبت منه أن يحدثها عن سركون فاسمه يدل على معدنه ولا بد أن يكون شعره جميل كاسمه.

هواء (المبردة) وظلمة الغرفة ورائحتها الطيبة أعادت لجسده المتعب بعض حيويته، فمدد قدميه ورفع (سدارته) عن رأسه فبانت صلعته التاريخية.

غمغمت الخاتون:

-       الأصلع لو ثور لو دكتور وهذا لا ثور ولا دكتور.

قال الزنكي:

-       ثور إن شاء الله.

ضحكت عديلة حتى تحولت ضحكتها إلى قهقهة وقالت:

-       ما مبين عليك... أنت جنك أبو بريص.

ارتسمت مسحة حزن على وجهه العجوز جراء كلامها، برطم شفتيه حتى أصبح كأنه طفل في الخامسة، ثم بكى. بكى لكونه عجوز ووحيد لا يجد مأوى يلتجأ إليه ولا يجد من يستمع إليه.

قالت الخاتون وهي تغالب دموعها:

-       أفندي... أفندي...

سالت دموعه على خديه حينما تذكر أنه جاء إلى مدينته التي ولد فيها حيث لا ينتظره أحد، جاء ليموت.

-       أفندي... هاي شبيك، ليش تبجي؟

-       لا... ما كو شي...

-       جاي أتشاقه وياك... هسه أنت قابل (حسين فهمي)؟

وضربته على كتفه مداعبة، فأهتز جسده النحيل. قالت:

-       جوعان... تريد تاكل؟

-       أي جوعان... كلش جوعان.

-       تعال وياي؟

خرجت من الغرفة فلاحقها كالطفل وعيناه لا تفارقان حركة ردفيها. دخلت إلى المطبخ وأخذت سكينًا وناولته إياه ثم صعدت السلم إلى السطح حيث (قن) الدجاجات.

-       أنت تعرف تذبح؟

-       لا... قال الأفندي.

-       جا... شتعرف؟

طلبت منه أن يختار واحدة من الدجاجات ويذبحها في حين ستذهب هي لتجهز له الحمام من أجل أن يزيل رائحة عطنه.

تطلع عباس أفندي إلى الدجاجات السمينات وجال بصره فيهن يبحث عن ضحيته، ثم تسمرت عيناه على ديك (هراتي) ضخم الجثة يتبختر وكأنه ملك متوج، ودون تأنيب ضمير وجه له طعنة جائعة في خاصرته وألقاه جثة هامدة، ثم أخرجه من القن وسط ذعر الدجاجات وقوقأتهن وهو يردد:

-       لو أحصلي فد بطل (عرك) وي هذا الهراتي.

فتحت عديلة خاتون خزانة ثياب زوجها المفقود وأخرجت ثوب أبيض وملابس داخلية ومنشفة وماكنة حلاقة وحملتها إلى الحمام وقلبها يرقص طربًا، فما عليها الآن سوى اشباع بطن الأفندي وابقائه في المنزل ليعيش معها وتشيع بين الجيران أن زوجها قد عاد إلى منزله أخيرًا، ورغم أنه عجوز قليلاً ودميم نوعًا ما لكنه على أية حال أحسن من (الماكو)، أحسن من زوج أختها أميرة الذي تتباهى به كلما حضرت لزيارتها وتعدد لها خصاله وفحولته التي فاقت فحولة أبو زيد الهلالي، رغم أنه لا يجيد أي شيء سوى الأكل. والأفندي أحسن من تحسين أبو الدكان على الأقل ما يوسوس من الشيطان. والأفندي يرسم أحسن من كامل الموسوي فهو على الأقل لا يرسم صور صدام حسين بل يرسم أحاسيس الناس ومشاعر المرأة، حتى أن صوته وبحته أحسن من صوت حسين نعمة، ويكتب شعر أحسن من مجنون ليلى...

وحينما يسألها الناس ويشكون بأمره، ستقول لهم إن سنوات الأسر والغربة قد نالت منه كثيرًا، فتساقط شعر رأسه وأسمرت بشرته وخارت قواه، وهي على أية حال سوف لن تهتم لما سيقولونه مادامت ستجد من يدفع الوحشة عن قلبها ويشاركها أحلامها وسريرها ولو باللمس فقط.

نزل عباس الزنكي أفندي السلم حاملاً ضحيته من رقبتها والدماء قد غطت ثيابه وكأنه خرج لتوه من معركة وعلى شفتيه ابتسامة لا معنى لها، فحانت التفاتة من الخاتون وتطلعت ناحيته بشغف ولم تتمالك نفسها، فزغردت حتى سمعها آخر جار في المحلة.

جاءت أختها الكبيرة وهي تزغرد دون أن تعرف السبب، ففرحها من فرح أختها، ودفعت الباب ودخلت كأنها العاصفة، وحينما وقع بصرها على الأفندي ممسكًا (الهراتي) من رقبته، انقطعت زغاريدها وأخذت تتأمله مليًا ثم قفزت وأغلقت الباب خلفها حتى لا يدخل واحد من الجيران الفضوليين. قالت:

-       منو هذا؟

-       هذا الأفندي رجع من الأسر.

اقتربت منه أختها وتفحصته من قمة رأسه إلى أخمص قدميه وهزت رأسها غير مصدقة، فارتبك عباس الزنكي ووضع (سدارته) على رأسه وهرول ناحية المطبخ وأخذ ينتف ريش الديك بهدوء وكأنه غير معني بالأمر، فلاحقته أختها تبحث عن وجه الشبه بينه وبين المفقود العزيز. قالت:

-       ماكو أي شبه بيناتهم؟

ثم أردفت:

-       أفندينا... أنت شنو اسمك؟

أراد عباس أن ينطق فأخرسته عديلة بحركة من إصبعها وقالت:

-       الأفندي فقد الذاكرة... ما يتذكر أي شي.

ثم زغردت ثانية وأخذت الديك منه ووضعته في قدر ضخم، ثم اقتادته كالطفل إلى الحمام وأغلقت الباب خلفهما وطلبت منه أن ينزع أسماله ليأخذ حمامًا. تردد عباس قليلاً فهو لم يعتد وجود امرأة تشاركه أكثر الأماكن خصوصية. قالت:

-       هاي شبيك أكو واحد يستحي من زوجته؟

قال بارتبك:

-       يا... يا زوجته؟

-       لا تغشم روحك؟

-       بس منو زوجتي؟

دفعت عديلة خاتون صدرها الضخم إلى الأمام ودارت حول نفسها دورة كاملة وقالت:

-       آني... عديلة خاتون...

خلع سترته وربطة عنقه وقميصه وهي تتطلع به باهتمام وحينما وصل إلى بنطاله توقف طويلاً، على أمل أن تعفيه من تلك المهمة الشاقة، لكنها وبكل صلافة أمرته أن يخلعه أيضًا، ففتح أزرار بنطاله وقبل أن يسحبه للأسفل طلب منها أن تدير وجهها لأنه خجول. أدارت الخاتون ظهرها له فخلع البنطال واللباس القذر ووقف عاريًا تمامًا بجذعه المتعب النحيف كأنه مومياء، لكنه وفي غمرة خجله وارتباكه نسي أن يخفي أعضاؤه بيديه، وبسرعة البرق التفتت الخاتون لتلقي نظرة على سلاحه الرهيب، وكانت تلك اللحظة كافية لترى كل شيء واضحًا، فأطلقت زغرودة طويلة بطول عضوه.

غطس الأفندي في حوض الاستحمام وانشغلت الخاتون بجمع أسماله من أجل إحراقها في التنور، وقبل أن تغادر قال عباس:

-       ديري بالك على الهراتي.

أغلقت الباب خلفها وخرجت تحمل أسماله بأطراف أصابعها وهي مشمئزة، فوجدت أختها الكبيرة تنتظر في باحة الدار وحدست أنها كانت تسترق السمع من خلف الباب، فتبادلت معها ابتسامة شرحت لها فيها كل شيء.

حينما خرج عباس أفندي من الحمام كان يشعر بأنه كائن آخر لا يمت بصلة إلى حياته الماضية، ارتدى ملابسه الجديدة ووضع على رأسه عقالاً وشماغًا بدل سدارته العثمانية، ولم يكن بينه وبين أن يكون شيخ عشيرة سوى أن يشبع بطنه، ويعيش حياته كأي كائن آخر، يعود إلى بيته حينما يحل الظلام ويسكن إلى زوجة.

-       أفندي... أفندي...

فتح باب الحمام وخرج. لم يذهب ناحية الصوت بل اتجه إلى المطبخ ليطمئن على ديكه، فوجده يربض على تل من الرز، خلع فخذه وكأنه عدوه اللدود، أكل أحشائه وصدره ورأسه ولم يبق منه شيئًا وحينما انتهى منه التفت إلى الحلويات أكلها كلها ومسد شاربيه وانسل إلى غرفة الخاتون فوجدها مستلقية على فراشها تنتظر.

تمدد إلى جانبها ووضع وجهه بين ثدييها ونام إلى الأبد.

صرخت الخاتون:

-       أفندي... أفندي...

*** *** ***

 

 

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني