<LINK href="favicon.ico" rel="SHORTCUT ICON">

 ميثاق العبرمناهجية - Charter of Transdisciplinarity

هذا الشعار مستوحى من شعار المركز الدولي للأبحاث و الدراسات العبرمناهجية، عن رسم أصلي للفنان البرتغالي الراحل ليماده فريتاس

 إصدارات خاصّة

Special Issues

  المكتبة - The Book Shop

The Golden Register - السجل الذهبي

 مواقع هامّة

Useful Sites

أسئلة مكررة

F.A.Q.

الدليل

Index

 معابرنا

 Maaberuna

المرأة في حدِّ ذاتها ولذاتها... وبقطع النظر عن "صقورها"

 

رجاء بن سلامة

 

لا يمكن الحديث عن "الكرامة" دون عملية تجريد نصل بها إلى الإنسان "في حدِّ ذاته"، وإلى قيمته "في حدِّ ذاتها". "في حدِّ ذاته"، أي بقطع النظر عن تلك الخصائص التي ترد في المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: "العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر".

وما أحوجنا اليوم إلى عبارتي "في حدِّ ذاته" و"بقطع النظر عن"، وما أحوجنا إلى عملية "قطع النظر" هذه، وما أحوجنا إلى التذكير بهذا المنطلق العقلاني لفكرة الحق، حتى نقنع الكتلة الأغلبية في "المجلس الوطني التأسيسي" التونسي بأنَّ حقوق الإنسان لا معنى لها خارج هذا الإطار الكوني الذي يؤمن بقيمة الإنسان في حدِّ ذاته.

انطلاقًا من مفهوم الكرامة، ومن واجب الاحترام للذات البشريّة، سأتعرَّض إلى حدث خطابي مرَّ مرور "الكرام"، رغم أني وجدته صادمًا. ففي المسيرة التي دعت إليها حركة النهضة دفاعًا عن "الشرعية وعن أهداف الثورة" يوم السبت 16 فيفري 2013، وقفت نائبة رئيس المجلس التأسيسي، عن حزب النهضة لتخطب قائلة: "سألوني أنا حمامة أم صقر؟ فقلت: أنا أخت صقور، أنا بنت صقور، أنا أمُّ صقور...".

عرَّفت السيدة نفسها برجالها، وسط هتاف الجماهير، رغم أهمية المنصب الذي تتقلَّده، ورغم أهمية تجربتها في الحياة ربما. ولم تجب عن السؤال الذي وجَّهوه إليها هي. ثمَّ إنها عرَّفت نفسها بذكور أسرتها، وتحديدًا، بالذكور الذين تجمعها بهم قرابة الدم، وهم الأخ والأب والابن. تساءلتُ مشفقة عندما سمعت قولها: أنت في حدِّ ذاتك ماذا يمكن أن تكوني؟ أنت "بقطع النظر" عن أسرتك، ماذا يمكن أن تفعلي بذاتك؟ انتظرت إجابة لم تأت، لأنَّ منطلق السيدة هو أن تتنازل عن "هي في حدِّ ذاتها".

هل هو منطق القبيلة، وافتخار المرأة بنسبها؟ أم هو منطق الأم التي تعتبر الولد مكمِّلاً لها في إنكار تامٍّ للإخصاء ولاستقلالية الولد، علمًا وأنَّ الأمومة موقع نفسي قبل أن تكون واقعًا بيولوجيًا؟ ولماذا غاب الرجل الآخر، وهو الزوج، من مجموعة الصقور الذين تفتخر بهم السيدة؟ هل هو التفضيل العصابي المعروف في التحليل النفسي للأب والابن على الزوج؟ أم الحياء التقليدي من ذكر الزوج "مولى البيت"؟ ولماذا تفضِّل السيدة صورة الصقر، القضيبية، على صور الحمائم المسالمة أو العصافير التي لا تنقضُّ على أي فريسة بل تملأ الفضاء بالغناء، أي بالإبداع، والإبداع حرية؟

لست في مقام التحليل النفسي لشخصية السيدة، فلا أسمح لنفسي بهذا احترامًا لها وللتحليل النفسي ذاته. ولست في مقام التعليق السياسي على "مليونية" الشرعية. الأكيد أنَّ السيدة تفضِّل، وهي في هذا الموقع، إغراءات السلطة على إغراءات الحرية. والأكيد أنها تجسِّد مثال المرأة التي تريد منافسة الذكور في ذكورتهم السلطوية، حتى وهي تضع نفسها في موقع الأمِّ والأخت والبنت. فهي تتخلَّى عن أنوثتها لترتفع باعتبارها في موقع أسروي أمومي إلى مصافِّ الصقور. إنما أودُّ لفت الانتباه أولاً إلى أنَّ هذه اللحظة الصغيرة المقتطعة من "مليونية الشرعية" و"تحقيق أهداف الثورة" لحظة مكتنزة بكلِّ ما يتناقض مع روح الثورة مجسَّدة في أهمِّ شعاراتها، أي "الكرامة"، وهي كما أسلفت أن يكون الإنسان غاية في حدِّ ذاته، وأن يكون غاليًا عزيزًا في حدِّ ذاته. أن يكون هو هو، جديرًا بإسماع صوته والمطالبة بحقِّه، بقطع النظر عن أصله ومنشئه وجهته وأسرته. وأضيف: أن تكون المرأة هي هي، في حدِّ ذاتها، وبقطع النظر عن أخيها وأبيها وزوجها، وكلِّ ذكورها. أن تكون جديرة بالكلام، وأن تتكلَّم انطلاقًا من توقها إلى أن تكون حرَّة كريمة.

وانطلاقًا من هذه الملاحظة، أو من هذا الهامش الأنثوي الذي "أطرِّزه" على صفحة "الكرامة" من ثورة الكرامة، أودُّ أن أنبِّه أيضًا إلى أنَّ الحركة الإسلامية في تونس وإن تطوَّرت في نظرتها إلى المرأة، فلم تعد تطالب ببقائها في البيت، ولم تعد تتبنَّى مبدأ "لا يفلح قوم ولُّوا أمرهم امرأة"، فإنها تظلُّ دائرة في فلك إنكار كرامة المرأة، وإنكار اعتبارها غاية في حدِّ ذاتها. المرأة تظلُّ معرَّفة بالأسرة وبوظيفة الأمومة، وحتى إن خرجت من بيتها للاضطلاع بمهامٍّ أخرى، فإنَّ هذا الخروج هو في خدمة الحركة الإسلامية، بل هو من باب تنازل الزوج عن شيء من زوجته لصالح الدعوة الإسلامية، حسب ما كتبه زعيم الحركة ومنظِّرها، السيد راشد الغنوشي، في مؤلَّفه عن المرأة بين القرآن وواقع المسلمين (دار المجتهد، ص ص 77-78):

إنَّ خروج المرأة المسلمة من بيتها للعمل وملاقاتها لكثير من المتاعب يعتبر تضحية من زوجها لها مقابل لصالح الدعوة الإسلامية (كذا)، فإنَّ ضرورة وجود العنصر النسائي الإسلامي في المؤسَّسات التي يكثر بها النساء، كالمؤسَّسات الصحية والتعليمية والاجتماعية ومراكز التجمع النسائي (طبيبة، ممرِّضة، معلِّمة، أستاذة، مرشدة اجتماعية...) بغاية تبليغ الدعوة الإسلامية وإظهار النموذج الإسلامي النسائي يفوق في أهمَّيته حتى الضرورات الاقتصادية بالنسبة للحركة الإسلامية.

بين تلك الخطابات التعبوية لنساء يمجِّدن الصقور وإيديولوجية الصقور، وهذه التصورات التعبوية للمرأة باعتبارها في خدمة الحركة الصقورية، تضيع المرأة في حدِّ ذاتها، وتضيع معها أسمى معاني الحرية والمساواة والكرامة، وأسمى أهداف الثورة أيضًا.

ذلك أنَّ الثورة فكر وروح. والثورة شوق وتوق. إنَّها أبعد ما يكون عن ممارسات التسلُّط "الصقوري"، وأبعد ما يكون عن مهاترات الانتقام القبلي.

*** *** ***

الأوان، الجمعة 8 آذار (مارس) 2013

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود