|
شعر صيني منشق
من تيان آنمين إلى سيشوان يعيش ليو هونغبين في المنفى منذ عشرين عامًا - إنكلترا، الولايات المتحدة - بينما يعتبر لياو يوو، الباقي في الصين، كمنشقٍّ داخلي. شاعران صينيان صاحبا مصيران متوازيان، تغذّيا من الثقافة الكلاسيكية، وانطبعا بالثورة الثقافية - إذ تمّ إعدام والد ليو عام 1970، أمّا لياو فقد عاش في البؤس -، وسيظهران في مقدّمة الأحداث إثر مأساة تيان آنمين في حزيران/يونيو 1989، فقد تحمّس الإثنان للحركة الاجتماعية، التي انطلقت من بكين مطلع هذا الربيع لتشمل البلاد كلها وتزعزع السلطة الشيوعيّة قبل أن تستعيد هذه الأخيرة زمام الأمور بطريقةٍ دموية. وسيتمّ على جدران تيان آنمين إلصاق أربعة من قصائد ليو الممهورة بمقدرته التخييلية والرؤيوية. وسيجد، هذا المستوحِد المنطوي على ذاته، نفسه في السابعة والعشرين من العمر مدفوعًا إلى مقدّمة المسرح. ضايقته الشرطة، فاختار المنفى الذي أوحى له بـ يومٍ بين الأيام[2]، وهي قصيدته الرائعة المتوهّجة واليائسة التي يتوجّه فيها مباشرةً إلى مسقط رأسه: أنت كابوسي يا صين، غنّيت لأولادي هدهدة جنازير المدرّعات وطلقات البنادق مع احتفاظه بالحنين: أريد العودة إلى بلدي، لكن أين بيتي؟ وبالرغم من علامات التقدير من نظرائه الانكليز، ومع استمراره في شقّ طريقه من خلال نشر ديوانٍ جديد بعنوان دائرة من حديد، فإنّه يبقى محبطًا ووحيدًا: أنا في داخل الكلمات، ولديّ شغفٌ بالملجأ التي توفّره لي. بين 2 و4 حزيران/يونيو 1989، يجد لياو نفسه وسط أحداث شانغدو، عاصمة سيشوان، على علاقةٍ مباشرة مع المسؤولين عن التحرّك الاحتجاجي. كان في الثلاثين من العمر، وسيكتب مباشرةً من وحي الأحداث قصيدة-بيان نثريّة طويلة، اسمها المجزرة الكبيرة، وعنوانها الفرعي القول؛ يصرخ فيها يأسه: لا يرتجفون وهم ينظّفون رصاصاتهم الجلدية بتنانير الفتيات القتيلات وبعد أن لفت الأنظار عام 1976 بسبب قصيدة أرجوكم لا تصدقوهم، اعتقل في آذار/مارس 1990 ليمضي أربعة أعوامٍ في السجن، ستشكّل معينًا لمؤلّفه الاتهامي إمبراطورية الأعماق السحيقة[3]. طوال إقامته في "لاوغاي" (وهو معسكر العمل الصيني الموازي للغولاغ السوفييتي)، كان يكتب القصائد خلسةً، لينشرها فيما بعد بالخفاء تحت عنوان أغاني الحب في لاوغاي. هكذا تميّز المجابهة المباشرة كتابته: لن يستقيم ظهر المثقّفين الصينيين يومًا. فكم مرّة، وبدون قدرة على الاحتساب، تمّ اغتصابنا من قبل كل سلطة؟ ويجيبه ليو هونغبين كرجع الصدى: لمقاومة الاستبداد، لا أستخدم أسلحةً، بل ألجأ إلى الجمال. فلنثني أيضًا على مهارة المترجِمين. هذا النص مأخوذ من اللوموند ديبلوماتيك، كانون الأول 2008 *** *** *** مقتطفات
1 – من شعر ليو هونغ بين
روح البحر
هذه الأغنية غرقت
– من شعر لياو يي ڤو
الحلقة الفولاذية
لأنكِ الروح الشريرة انتقاء وترجمة: أكرم أنطاكي *** *** *** [1] باحث مستقل [2] Liu Hongbin, Un jour dans les jours, traduction Guilhem Fabre, Editions Albertine, Paris, 2008, 72 pages, 13 euros. [3] Liao Yiwu, L’Empire des Bas-Fonds, Bleu de Chine, Paris, 2003. Lire Poèmes de prison, traduction Shanshan Sun et Anne-Marie Jeanjean L’Harmattan, Paris, 2008, 128 pages, 13 euros.
|
|
|