|
اللاعنف في الإسلام 2
الدفاع الفردي عن النفس، في مواجهات مع عيَّارين وأشقياء وزعران في مناسبات سرقة ولصوصية وتحرُّش واعتداء وما شابه، يجب حلُّها عن طريق الدولة التي مهمتها الحدُّ من هذه الأعمال – وإلا تحوَّل المجتمعُ إلى غابة! فإن غابت الدولة، قام الفردُ بما يسد هذا الفراغ لحين حضور رجل الدولة. إن حديثنا هو عن التغيير السياسي: فالدولة أو المجتمع، لو أراد اعتقال فرد ما أو تعذيبه أو سَجْنه لأنه قام ضد الدولة وعارَض الوضعَ السياسي، فالمستحسن ألا يلجأ هذا الفرد إلى القوة ضد الدولة، بل يتحلَّى بالصبر وضبط النفس، أو يتوسل الهجرة في الحالات التي لم تعد تطاق وييأس صاحبُها من إمكانية التغيير في ظلِّ وضع سياسي مشؤوم. والقرآن حضَّ على الهجرة في هذه الحالات، كما جاء في قصة "أصحاب الكهف والرَّقيم" (سورة الكهف، الآية 9 وما بعدها) الذين ضنُّوا بكلبهم أن يعيش في مجتمع وثني! وهذا الكلام ليس على سبيل النكتة: ففي ليلة واحدة أمر الحاكم بأمر الله الفاطمي بإعدام كلاب القاهرة عن بكرة أبيها لأنها أزعجتْه بنباحها، فحصلت مذبحةٌ نفق فيها ثلاثون ألف كلب أو تزيد! أما فيما عدا ذلك، فطريقة التغيير الاجتماعية التي مارسَها الأنبياءُ جاءت على نحو واضح في الآية 34 من سورة الأنعام: "ولقد كُذِّبَتْ رسلٌ من قبلك فصبروا على ما كُذِّبُوا وأُوذُوا حتى أتاهم نصرُنا ولا مبدِّل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسَلين". فهذه الطريقة، والاستمرار فيها، هي طريقة صناعة الحكم والمجتمع في الإسلام (الذي أرجو أن أوفَّق إلى توضيحه)، وكذلك صيانته حين الانحراف، فلا تُحلُّ المشكلاتُ فيه بالدم والسيف، كما حصل في التاريخ الإسلامي – ومازال يحصل! ولبُّ المشكلة هنا أن مَن سعى إلى تغيير الأوضاع بالسيف والقوة المسلحة ونجح في ذلك ارتُهِنَ للقوة، فأزال الطاغوتَ ليجلس محلَّه، فلم تزدد الأمور إلا مسخًا وخسفًا. صحيح أن هناك طُرُقًا "ثورية" في التغيير، وأن الديموقراطيات الحديثة، في معظمها، ترى أن الثورة المسلحة وقتل الظالم شيء مشروع، كما حدث مع الثورات البلشفية والفرنسية والأمريكية، لكن طُرُق الأنبياء مختلفة. هناك نقطة أشكلت على الأخ الذي أشرنا إليه فيما سبق، هي موضوع اجتياح الشعوب وكيف تدافع عن نفسها؛ وهي نقطة قوية في سياق مقالته. قال: وحضارة الإنكا في أمريكا الجنوبية كانت حضارةً راقية، مُسالِمة، ذات مدن ضخمة وأنظمة ريٍّ متطورة. وهي لم تُبادئ الغزاةَ الإسبان بأذى يُذكَر، بل إنها حاولت مدَّ أيدي التواصل إليهم مرارًا. فكيف صمد اللاعنفُ أمام همجية العنصرية الأوروبية؟! لقد دمَّر الأوروبيون حضارة الإنكا بالكامل، وقتلوا آخر ملوكهم، بعد أن أعطاهم من الذهب ما لم يتخيلوا وجوده في أزهى أحلامهم! وانقرض شعبُ الإنكا، وبادت لغتُه، ودُمِّر تراثُه، ولم يبقَ منهم اليوم إلا شراذم مضطهَدة معزولة. وقد انتشر لدى الحركات العنصرية الأوروبية أن مُسالَمة هذه الشعوب المقهورة واستكانتَها إلى مصيرها ما هي إلا لاقتناعها بتفوق الجنس الأبيض. فكان اللاعنفُ دعوةً مفتوحة إلى مزيد من العنف وإلى مزيد من الإجرام من قِبَل الطرف المعتدي. هذه المعلومة التي جاء بها الأخ تعرج قليلاً: "يخيَّل إليه من سحرهم أنها تسعى" (طه 66) وهي حبال وعِصي! فلا حضارة الإنكا مدَّتْ يدَ المُسالَمة، ولا هي كانت تعيش فيما بينها في سلام ووئام، ولا هي مارست "اللاعنف" في وجه العصابات الإسبانية. الخطأ هنا مضاعف ثلاثًا. لقد تتبعتُ هذه الفكرة وفكرتُ فيها مليًّا؛ وأرى أنه يجب استيعابُها ضمن پانوراما جديد للفهم الإنساني. جزمًا لم يكن لمئة رجل أن يدمِّروا حضارةً يعد أهلها بالملايين! ثم إن حضارة الأزتيك والإنكا كانت دموية جدًّا، تمارس القتلَ ممارسةً جنونية: فمما يُذكَر بهذا الخصوص أن حكام الأزتيك كانوا يذبحون أيام العيد، في غضون بضعة أيام، ثلاثين ألفًا من خيرة شباب الشعوب المجاورة؛ وهو أمر تحققتْ منه قناة Discovery. وهرنان كورتِس (1485-1547) تغلَّب عليهم من باب انشقاقهم الداخلي، وبتحريض بقية الشعوب المظلومة المضطهَدة ضدهم؛ فلما استطاع جمعَ كلمتهم، قضوا بسهولة على حضارة الأزتيك. وينطبق الكلامُ نفسه على فرانسيسكو پيزارو (1475-1541) وحضارة الإنكا، وملكهم أتاهوالپا الذي خُنِقَ وشُنِق (1533). وهو الأمر نفسه الذي فعله الإسكندر عندما قهر مملكة الفرس؛ وينطبق كذلك على "الفتح" الإسلامي لمصر الذي تمَّ على يد أربعة آلاف جندي. نحن هنا نناقش موضوعًا مختلفًا. وإذا كان لا بدَّ أن يُقحَم في موضوع الدفاع عن النفس، فهذا شيء مختلف عن الجهاد. الجهاد غير القتال: يجب التفريق بين المصطلحات. كما يجب التفريق بين "الجهاد" وبين "الخروج" الذي مارسه الخوارج. وهو موضوع يجب التعرض له أيضًا؛ إذ إن هناك لبسًا وغموضًا في كثير من المفاهيم. وأنا، في هذه المقدمة، أحاول ضغط الأفكار ما أمكن، مثل كبسولة دواء. الجهاد غير القتال: فالقتال قد يكون من الجهاد، وقد يكون من عمل الشيطان: "إن كيد الشيطان كان ضعيفًا" (النساء 76). فحين ينضبط القتالُ كطاقة في سبيل غاية، قد يخدم موضوع الجهاد. وهنا يشبه الجهادُ عملَ فِرَق إطفاء الحريق على المستوى العالمي في صراع الدول بعضها مع بعض. هذا هو الجهاد، وله شروطه: فهو ليس أداةً بيد فرد أو حزب أو جماعة، بل يجب ممارسته بيد دولة وصلتْ إلى الحكم برضا الناس، فيُسخَّر ضد الظلم. أي أنه دعوة لإقامة حلف عالمي لرفع الظلم عن الناس، أينما كانوا ومهما دانوا. وهو ما يكرِّره القرآن عن رفع "الفتنة" عن الناس (النساء 91، التوبة 47)، كالذي يجري في حكم أجهزة المخابرات في الأنظمة العربية، "الثورية" وغير الثورية! فالكل يستحم في العين الحَمِئة نفسها. وبهذه المثابة، إنْ جاز الجهاد فيجوز ضد هذه الأنظمة التي تفتن الإنسان، على أن تُنتدَب له قوى عادلة، ولو كانت غير مسلمة: فلو أن أمريكا فعلت هذا الشيء في العالم بأسره، لدخل الناس في دينها أفواجًا؛ ولكنها تنصر إسرائيل، وتدعم الديكتاتوريين في كلِّ مكان، وتريد التوسع والهيمنة، وتلعب دور فرعون المستكبر في العالم، الذي طغى في البلاد، فأكثر فيها الفساد (الفجر 11-12). وهو الأمر الذي التبس على المدعو أورهان بَيار، حينما استشهد بالآية من حيث لم يستوعب معناها: "رفع الفتنة عن الناس" يعني فتنتهم – وهو معنى اختلط عليه تمامًا. فالقرآن قال: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنةٌ ويكون الدين كلُّه لله" (الأنفال 39)، وليس "قاتلوا الناس حتى يكونوا مسلمين"، على الطريقة العربية الأعرابية! أي رفع الإكراه عن الناس حتى يكونوا أحرارًا في اعتناق ما يشاءون. وهذا المفهوم في القرن السابع للميلاد كان تقدميًّا جدًّا، ولم تعرفه البشرية إلا في عصور التنوير. إن القرآن ينطلق من مبدأ: "لا إكراه في الدين" (البقرة 256)، دخولاً وخروجًا. وهذا يعني أنه لا يوجد قتل للمرتد، كما نصَّ عليه فقهاءُ العصر المملوكي. ويمكن للإنسان أن يخرج من الدين ثلاث مرات من دون أن تخرج روحُه مرة واحدة، كما جاء في سورة النساء: "إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرًا لم يكنِ الله لِيَغفرَ لهم ولا لِيَهديَهُم سبيلا" (النساء 137)، ولم يقل أخرِجوا أرواحَهم بحدِّ السيف! وهو ما فات أورهان بَيار، المبرمَج على عداء الإسلام إيديولوجيًّا وعلى عدم الاستفادة من القرآن. فهو لا يعرف القرآن، ولم يطَّلع عليه كما ينبغي، بل "كذَّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولمَّا يأتِهِم تأويلُه" (يونس 39). ومفهوم قتل المرتد، الذي يشكِّل فضيحةً أخلاقية، كان سلاحًا أمويًّا وسلطويًّا عِبْر التاريخ لاستئصال أية نسمة تفكير وخلية عصبية تشع بالخير الأخلاقي. وهي مصيبة اتفقتْ عليها جميعُ المدارس الإسلامية القديمة، ووافقهم عليها، بكلِّ أسف، محمد الغزالي الراحل، حين وافق على قتل فرج فودة، لكنْ على ألا يتم القتلُ بيد الشباب المتحمس، الذين كان عملهم "افتئاتًا على الدولة"، على حدِّ تعبيره. فأية دولة؟! وأي شباب؟! مشكلة الحداثيين والتحديثيين وأضرابهم أنهم لا يعرفون الثقافة الإسلامية، ويحاربونها عن جهل وسطحية – وإن يكن الحق معهم من بعض الجوانب. لكن مثلهم كمثل مَن يريد استئصال ثؤلول من الأنف بالمنشار أو بالمقص من دون تخدير! وهذا ينطبق على الأصوليين أيضًا الذين لم يستوعبوا صدمة المعاصَرة: فهم يستقبلون رياح العولمة الباردة من دون دثار وحطب ونار! الدفاع عن النفس أم عدم الدفاع عنها؟ أين وكيف؟ ثمة معانٍ هائلة نستلهمها من قصة أول صراع إنساني بين ولدَي آدم. فبهذا الصدد، مرَّ بنا، حتى الآن، نموذجان من التفكير: الأول (أورهان بَيار)، الذي رأى في القرآن مصدر كلِّ عنف وقتل؛ والثاني (م.ص.)، الذي رأى أن اللاعنف لا ينفع في المواجهات، وأن ابن آدم المهدَّد بالقتل لو انتبه لأخيه لقَتَله – وهو خطأ فادح في الفهم، وهي وصفة لاقرآنية جدًّا: فحين يتصرف الاثنان بهذه الطريقة لن يكون فارقٌ كبير بينهما: فمَن سبق إلى القتل كان القاتل، وكان المسبوقُ المقتول. وهذا يختلف جدًّا عن الرجل الذي لم يدافع عن نفسه: فمَن دافع عن نفسه، فقُتِلَ، كان مجرمًا مثل القاتل الذي هاجم: كلاهما – نفسيًّا – قاتِلٌ بفارق السرعة والسبق والفنية؛ وكلاهما من العينة الإجرامية نفسها. وأهمية عدم الدفاع عن النفس أنه يحوِّل القاتل إلى مجرم؛ وأما حركة الدفاع والهجوم فتقلب القاتل إلى بطل منتصر. فهاتان آليتان نفسيتان مختلفتان جدًّا. ومنه جاء تعبير القرآن في لفظين في الآيات الست من سورة المائدة (27-32): "الخاسرين" و"النادمين": فطوَّعتْ له نفسُه قتلَ أخيه فقتلَه فأصبح من الخاسرين، فبعث الله غرابًا يبحث في الأرض ليُرِيَهُ كيف يواري سوءةَ أخيه قال: يا ويلتي أعجزتُ أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءةَ أخي فأصبح من النادمين؟ (الآيتان 30-31) أي أن القاتل لم يكن بطلاً، بل مهزوم خاسئ مدحور، لم يتحرر من ضغط الشعور بالجريمة حتى تاب. وهو يعني أن مَن مات لم يمت، بل نَشَرَ مذهبَه بأن اعتنقه القاتلُ بعد غياب صاحبه – وهو معنى الخلود في الشهادة. وهذا قد يحدث، وكلنا سنموت يومًا. والعِبرة في ثبات الأفكار وديمومتها – وإلا كان الكون باطلاً، بُنِيَ عبثًا: "وما خلقنا السماواتِ والأرضَ وما بينهما إلا بالحقِّ وأجَلٍ مسمًّى والذين كفروا عمَّا أُنذِرُوا مُعرِضون" (الأحقاف 3). ونأتي الآن إلى النموذج الثالث من التفكير السائد في الساحة. وقد جاءني مفاده من الأخ أحمد الخطيب من فلسطين، الذي يقف في الزاوية المقابلة للتفكيرَين السابقين: فهو يرى أن العدو في الإسلام هو الكفر، والأعداء هم الكفار. فالكفر هو الأمارة الدالة على وجود الأعداء، أي هو السبب الشرعي. فنحن نعادي الناس بسبب كفرهم. والأصل في المعاداة بيننا وبين كلِّ البشر هو وجود الكفر. فإذا وُجِدَ الكفرُ وُجِدَ العداء، وإذا عدم الكفرُ عدم العداء. لذلك كان الأصل في المعاداة هو وجود الكفر حقيقةً، وكان الكفر سببًا في العداء. ليخلص بعد ذلك، فيقيس على هذا "موالاة" الكفار الأعداء: [...] إذ لا يجوز لمسلم أن ينصر الكافر، أو يعاونه، أو يشاوره، أو يحبه، أو ينصحه، أو يصادقه، أو يركن إليه، أو يخضع له، أو يستسلم لسلطانه برضاه. فإن فعل ذلك كان مواليًا له، وينطبق عليه حكمُ الموالاة – إلا في حالة التقية لقوله تعالى. وبعد هذه المقدمة والشرح، يصل إلى وصفة الخلاص – وزبدتُها أن العلاج الشافي لمشاكل الأمة ومصائبها هو سهل وبسيط، ويتمثل في منع موالاة الحكَّام للكفار. ومنع هذه الموالاة لا يتحقق فعليًّا إلا بإبعاد هؤلاء الحكام عن السلطة، والإطاحة بهم، وتنصيب خليفة واحد للمسلمين مكانهم، يوالي الله ورسولَه وجماعةَ المسلمين. وهذه الأحجار الثلاثة التي بناها الرجل غير مستقرة، إذا سُحِبَ منها الحجرُ الأول سقط البناءُ برمَّته وتهاوى، فكان لسقوطه دويٌّ عظيم! فالقرآن لا يربط بين "الكفر" و"العداوة"، بل بين العداوة والظلم. والسورة التي يذكر فيها إبراهيم (ع) التي يخاطب فيها الكافرين: "كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوةُ والبغضاءُ أبدًا حتى تؤمنوا بالله وحده" (الممتحنة 4)، ينتقل بعدها مباشرة ليقول: "عسى الله أن يجعلَ بينكم وبين الذين عاديتُم منهم مودةً" (الآية 7)، فيكسر – بكلمة واحدة – مقولةَ الأخ الخطيب من فلسطين برمَّتها. فحجته داحضة: إذ ليس هناك من علاقة بين العداء والكفر؛ أي يمكن أن يكون بيننا وبين الكافرين "مودة"! لينتقل بعدها إلى الآية التالية من سورة الممتحنة، – وهي سورة تناولت موضوع الولاء، – فيقرر أن سبب العداوة غير شخصي، ولا علاقة له بكفر وإيمان، كما يقرر الخطيب، بل ممارسة الإكراه؛ فينص على أن الكافرين، إذا "لم يقاتلوكم في الدين ولم يُخرِجوكم من دياركم"، عليكم "أن تبَرُّوهم وتُقْسِطُوا إليهم" (الآية 8). وأظنها مفاجئة غير سارة لمفاهيم الخطيب التي وقع في قبضتها دون فكاك. وهذه هي المشكلة: إننا نقرأ القرآن بعيون الموتى من ثقافة ميتة، وبيننا وبين الفهم سدود من أقوال المفسرين! بل يقول القرآن في مكان آخر من سورة آل عمران: "ها أنتم أُولاءِ تُحِبونهم ولا يحبونكم" (الآية 119)، فيقرر أن المسلمين يحبون الكافرين، في الوقت الذي يطلب المسيح من أتباعه أن "[يـ]ـحبوا أعداء[هـ]ـم، و[يُـ]ـحسِنوا إلى مبغضيـ[ـهـ]ـم، و[يـ]ـباركوا لاعنيـ[ـهـ]ـم..." (إنجيل لوقا 6: 27-28)، فسَبَقَ صحابةُ رسول الله (ص) حواريي المسيح بدرجة. وهذا يذكِّر بالفرق بين دعاء موسى لربِّه أنْ "اشرحْ لي صدري" (طه 25)، في الوقت الذي انشرح صدرُ النبي فقال (الشرح 1): "ألم نشرح لك صدرك"؟ وهناك اختلاط آخر يقع فيه مَن يتأمل السيرة: كيف نفهم الغزوات؟ – تمامًا مثل مشكلة الآيات التي تحض على القتل والقتال. وهذا يذكِّرني بالقصة التي روتْها لي ابنتي عن نورمَن فِنكِلشتاين وأمِّه التي خسرت زوجَها وعائلتَها كلَّها في معسكر اعتقال آوسشفِتْس Auschwitz: لما طُلِبَتْ للشهادة على المجرمين النازيين، طلبتْ من ابنها أن يفعل بهم كلَّ شيء لأنهم رأوا الموتَ على مدار الساعة في معسكرات الاعتقال. فقالت له ابنتي الموجودة في كندا: "سوف ينشرح صدرُ والدتك، وربما أسلمتَ أنت حينما تقرأ الآية التي تقول: "قاتِلوهم يعذِّبْهم الله بأيديكم ويُخْزِهم وينصرْكم عليهم ويَشْفِ صدور قوم مؤمنين، ويُذهِبْ غيظَ قلوبهم" [التوبة 14-15]." وأنا أعرف هذا الشعور من الجلادين في الفروع الأمنية الذين كسروا أسناني بقبضاتهم واحتجزوني في زنزانة إفرادية لا أتمناها لحافظ الأسد الذي وضع الشعب السوري في برَّاد لمدة أربعين سنة! أو من حفلات التعذيب في "كركون" الشيخ حسن في حي الميدان في دمشق، حيث كان الجلاد يوسف طحطوح الديري يستطيب القدومَ مع ساعات السَّحَر للتمتع بتعذيب المعتقلين! وقد رأيته بعيني، وحقق معي شخصيًّا. وطحطوح هذا عيِّنة بسيطة موجودة في كلِّ مكان (قصص حمزة البسيوني من مصر نموذج آخر). "وتلك الأمثال نضربُها للناس وما يعقِلُها إلا العالِمُون" (العنكبوت 43). لقد حصل معي هذا لا لذنب اقترفتُه، بل من أجل أفكاري ونشاطي الفكري. واليوم أذكره وقد تحررتُ من الكراهية، فلا أحمل في صدري ضغينةً أو كراهية لأحد. وفي النهاية، كلنا ميت، كما ماتت زوجتي ليلى سعيد، داعية اللاعنف، وهي في قمة الجمال والحكمة والنشاط، فودَّعت الحياة في ساعة. والجنة ليست دار كراهية ومكرهين وإكراه: "ونزعنا ما في صدورهم من غِلٍّ إخوانًا على سُرُرٍ متقابلين" (الحجر 47). أقول: كما فرَّقنا بين الدفاع الشخصي ضد شقيٍّ لصٍّ وبين عدم الدفاع عن النفس أمام النظام السياسي في أثناء النضال المدني، كذلك يجب التفريق بين القتال في مرحلة "اللادولة" وبينه في مرحلة الدولة، لسبب بسيط، هو أن وظيفة العنف هي وظيفة الدولة. ولو تابع المسيح (ع) ما فعل محمد (ص)، فبنى دولة، لفعل الشيء نفسه من رفع الظلم عن المظلومين والمضطهَدين، كما جاء في فيلم دموع الشمس Tears of the Sun. وهذا الأمر يختلط على الناس، فيظنون أن المسيح "سلامي" ومحمد "حربي". والصحيح أن محمد أكمل عملَه، فاعتبره مايكل هاردت الشخصيةَ الأولى من مئة شخصية غيَّرتْ وجهَ التاريخ؛ بينما المسيح لم يكمل مهمته، فخطفتْه الأحداث، مما أوقع المسيحيين في حيرة، فذهبوا مذاهب في تأويل الاختفاء، كما فعل الشيعة مع الإمام الثاني عشر، الذي اختفى في السرداب، فقالوا بأنه سيعود في آخر الزمان، فـ"يملأ الأرض عدلاً بعد أن امتلأت جورًا" – وهو مذهب استخدمه كثيرٌ من السياسيين الدهاة لإقناع العامة بخروج المهدي ليقضي على الدجال، بِمَن فيهم مَن اقتحم الكعبة في مطلع القرن الخامس عشر الهجري في أول أيامه. أما المسيحيون فقالوا بتأليه المسيح – وهو بشر ممَّن خُلِقَ – الذي لم يكمل عمله، وبشَّر بأن هناك مَن سيكمل عمله (إنجيل يوحنا 14: 16-17، 26) كما بشَّر يوحنا المعمدان بالمسيح وقال عنه إنه ليس أهلاً لأن يفك رباط حذائه (إنجيل يوحنا 1: 27). بذلك يعلِّمنا الأنبياء دروسًا في التواضع، كما فعل المسيح حينما غسل أقدام تلاميذه ليلة العشاء الرباني (إنجيل يوحنا 13: 4-15)، وقال: "أوصيكم وصية جديدة: [...] كما أحببتكم، أحبوا أنتم بعضكم بعضًا. إذا أحبَّ بعضُكم بعضًا عرف الناسُ جميعًا أنكم تلاميذي." (13: 34-35) الدولة بيدها العنف وتحتكر العنف. بينما الأنبياء لهم طريقتهم في بناء دولتهم الخاصة، فلا يغيِّرون الطغيانَ بطغيان، بل الطاغوت بالرشد. ولكن بني أمية المجرمين رجعوا فقلبوا الآية، وحولوا "دولة الرشد" إلى "دولة طاغوت": إن مات هرقل جاء هرقل، فجعلوها "هرقلية" تلبس عباءة النبي، مثل مسجد الضرار. وهكذا توقفت مسيرة الإسلام قبل أن يبدأ رحلته، وبدأت الفتوحات الاستعمارية زورًا باسم الإسلام! لكن الإسلام لا ينتشر بالسيف، لسبب بسيط هو أن العقل لا يؤمن بالإكراه، ولا يُعتبَر الإيمانُ إيمانًا ولا الكفرُ كفرًا بالإكراه. ومع كلِّ هذا الإعلان من الأنبياء أن العنف لا يحل مشكلة، انطلاقًا من الخلفية الأخلاقية لفكرة اللاعنف، لم تتوضح أهميةُ هذه الأفكار ويُبرهَن عليها إلا صباح يوم 16 تموز/يوليو 1945، بتجربة انفجار أول سلاح نووي في صحراء نيومكسيكو، حين ألغت القوةُ القوةَ بعد أن وضع البشرُ أيديهم على سقف القوة. العنف يعني تعطيل العقل. والعنف يعني اللاديموقراطية. والعنف يقتضي الإكراه. والعنف لا يحل المشكلات، بل يعقِّدها. والعنف قد يطوِّع الإنسان، ولكنه يأخذ الطاعةَ مع الكراهية. وبذلك تنغلق حلقةُ العنف على نفسها، بين الكراهية والإكراه والسلاح واغتيال الحرية بالطغيان السياسي والعقل بالكبت الديني. المجتمعات نوعان: مَن دار حول الفكرة، ومَن عبد القوة. والمجتمعات العربية تعبد القوة، فتخر لها الجباهُ ساجدة! بينما الغرب حلَّ مشكلةَ الطغيان السياسي، فأصبح فيه انتقالُ السلطة سلميًّا. أما عندنا، فمنذ جيل الصحابة الذين ضاع "الرشد" على أيديهم لم نعرف الرشد حتى اليوم! كيف نفهم "الجهاد" في ضوء اللاعنف؟ في علم النفس، حينما تكون القوةُ مركزيةً تولِّد الإكراهَ تلقائيًّا، كما يقول الفوضويون anarchists. وتسمية "فوضويين" خاطئة وترجمة غير دقيقة؛ والأفضل أن تُسمَّى الجماعات التي لا تؤمن بالدولة: فهم يرون أن الدولة الحالية تمثل الإكراه، وأن كلَّ إكراه خطأ؛ وقليل من السلطة يعني القليل من الفساد، والسلطة المطلقة، بالتالي، تعني الفساد مطلقًا. وحين تُستخَدم القوةُ للإكراه يمكن أخذ الطاعة من الناس، كما في دول المخابرات "الثورية" في العالم العربي؛ ولكنها طاعة ممزوجة بالخوف والكره. وهكذا فالإكراه يولد الكراهية؛ وهذه تقود تلقائيًّا إلى محاولة إعادة الاعتبار للذات المسحوقة، فتتلمَّظ هذه بالقوة. وهكذا فالقوة دخلت في حلقة معيبة، معكوسة، متواصلة، مترابطة المفاصل، على النحو التالي: قوة ß إكراه ß خوف ß طاعة ß كراهية ß قوة ß إكراه وهكذا دواليك... وعبادة القوة تقود تلقائيًّا إلى عدم إمكانية ولادة مجتمع ديموقراطي يؤمن بتداول السلطة السِّلمي. وهي مشكلة الثقافة العربية الحالية. والآن، إلى الدليل العلمي – وهو بحث يجب أن يوسَّع أيضًا. لكن خلاصته هي أن القوة عِبْرَ التاريخ كانت في رحلة تضخيم دون توقف. فمذهب ابن آدم الأول، الذي بدأ رحلة القتل بالحجر، تطوَّر ليصل في النهاية إلى سقف القوة: أوجد على الأرض القنبلة الهدروجينية المحمولة على صاروخ التي ترفع درجة الحرارة، كما يحدث في باطن الشمس، إلى مئة مليون درجة! وهذا التطور المرعب قاد إلى مفارقة عجيبة: لم يعد في الإمكان حلُّ المشكلات بالقوة لأنها نهاية اللاعبين جميعًا: لم يعد هناك من منتصر في الحرب! وهذا التطور في القوة كان عجيبًا غريبًا، أدى إلى لَجْم القوة. فقد أنهت القوةُ القوةَ على غير ميعاد! وبذلك تحقق حلمُ الأنبياء النظري حاليًّا، إذ لم تنفع الكتب المقدسة والمواعظ كلها في البرهنة على هذه الحقيقة، تمامًا كما في نظرية "الانفجار العظيم" Big Bang: فقد تعب الفلاسفة في تفسير الكون، حتى جاءت نظريةُ الانفجار العظيم وأعطت الجواب بأن الكون بدأ قبل 15 مليار سنة. وهذا الكلام هو الشعار الذي أرفعه: العلم = السلم. ومن الغريب أن يأتي السلم من أتون القوة! ولكن هكذا يتطور التاريخ: "[...] وأمَّا ما ينفعُ الناسَ فيمكث في الأرض كذلك يضربُ الله الأمثال" (الرعد 17). بذلك انتهتِ الحربُ من التاريخ، وماتت مؤسَّسةُ الحرب، ولم تعد الحربُ تُشَنُّ إلا بين المتخلِّفين أو لتأديب المتخلفين! وفي حرب العراق وإيران، التي امتدت أكثر من الحرب العالمية الثانية، كانت تمد الطرفين ثلاثون دولة! وأدرك الجميع أن الحرب يمكن لك أن تبدأها، ولكن نهايتها ليست في يدك. ومَن بدأ الحرب فقد باع نفسَه لعالم الكبار، الذين يملكون التقنيات ولا يستعملونها فيما بينهم. وهو أمر عجيب يحدث في العالم، ويشي بعمق الأزمة الأخلاقية التي تمارسها الدولُ الصناعية فيه. لم تعد الحرب تقع بين دول الشمال الأوروبي بعد أن جربوا أنواع الحروب الدينية والقومية والعالمية كافة وخاضوا فيها. لقد حاول بوناپرت توحيد القارة بالمدفعية، وهتلر بدبابة الپانزر، لكنها لم تتوحد إلا بشعار السواء، من دون "ألمانيا فوق الجميع" Deutsch über Alles، بل بـ"ألمانيا مثل الجميع"، ومات نابليون في جزيرة تذكِّر بجهنم، مسمومًا بالزرنيخ، ومات هتلر في قبوه البرليني منتحرًا انتحارًا مضاعفًا – بالرصاص والسيانيد – مع عشيقته إيفا براون. وفي الختام، سوف أحاول ضغط الأفكار ملخَّصة مرة أخرى على شكل كبسولات صغيرة: الإسلام يبني المجتمع ويصنع الدولة بطريقة سِلمية من دون عنف. فهذه طريقة الأنبياء، وهي تختلف عن طريق الثورات، الفرنسية أو البلشفية أو الأمريكية. وبعد قيام المجتمع والدولة، يصبح في إمكان الدولة وضعُ يدها على آلة العنف، فتمارس وظيفتَها الأساسية في توفير الأمن للأفراد من دون طغيان داخلي، بحيث يكون دور العنف الذي تمارسه الشرطة وأسلحة المؤسَّسات مثل دور فِرَق الإطفاء في المدينة. وليس الجهاد بيد فرد أو تنظيم. كما أن الجهاد، بمعنى القتال المسلح، ليس لنشر الدعوة، بل لرفع الظلم عن البشر. ومَن يحق له أن يمارس الجهاد هي وحدها دولةٌ راشدية وصلت إلى الحكم برضا الناس. وهذا يعني أن الجهاد، بمعنى القتال المسلح لرفع الظلم عن الناس، إذا حُقَّ أن يمارَس في مكان في العالم، فمعظمه يجب أن يكون في الكثير من الدول التي تُسمَّى "إسلامية"! ليست وظيفة الدولة اضطهادَ الناس بالمخابرات، وجَلْدَ ظهور الناس، وسَلْبَ أموالهم، وبناءَ مجتمع طبقي فرعوني يجعل الناس شيعًا، يستضعف طائفةً منهم، يذبح أبناءهم ويستحل نساءهم، بل بناءُ المجتمع المتحرر من القوة داخليًّا، بخلق الإنسان الحرِّ واستيلاده. فإذا حصل هذا فإن صيانة هذا النوع من المجتمع والدولة تتم بالطريقة السِّلمية نفسها، كما فعل أبو ذر الغفاري، في الوقت الذي رفع الجميعُ السلاحَ في وجه الانحراف الأموي، بِمَنْ فيهم الحسين (كرم الله وجهه)؛ فكان عليه أن يفعل كما فعل أبو ذر، ولا يُدخِل المجتمع في أزمة لم تُحَلَّ حتى اليوم: مازال الشيعة في ذكرى عاشوراء يضربون أنفسهم بالسواطير والسلاسل، ندبًا وحزنًا على الحسين، فتحولوا في ذلك إلى "طائفة حسينية" أكثر منها "دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إبراهيمَ حَنيفًا" (الأنعام 161). وهو كلام ثقيل على الشيعة، ولكن يجب أن يقال. ويمكن لنا أن نسجِّل للإمام الخميني من الشيعة أنه قام بأعظم ثورة سلمية ضد الظلم، ليس على طريقة الحسين بالسلاح، بل على طريقة الصحابة: كان المتظاهرون يضعون الورود في فوهات بنادق الجنود، وانتصر الدم على السيف. وهي ليست طريقة "حزب الله" في لبنان التي اعتمدت القوة: فهي قد نجحت في طرد الإسرائيليين من جنوب لبنان بالتعاون مع آخرين، ولكن ليس في إمكانها ترسيخ الديموقراطية؛ وقد وجدناها في خندق واحد مع النظام السوري، حتى مَنَّ الله على اللبنانيين أن يتخلصوا من "الجاندارما" والمخابرات والذل. وبعد قيام الدولة والمجتمع سلميًّا وصيانته سليمًا، فإن هذا المجتمع المتحرر من القوة يحاول وضع يده في يد أية قوة عالمية عادلة، من أجل رفع الظلم عن الإنسان، أينما كان ومهما دان. ونتائج هذا أننا قد نضع أيدينا مع "كافر" عادل ضد مسلم ظالم. وتبقى زاوية مظلمة، لا بدَّ من شرحها: هناك مثال المقاومة الفلسطينية، التي لم تمشِ الخطوات الطبيعية في إنشاء المجتمع والدولة وفي استيلاد الإنسان المتحرر من القوة. فهذه القوة تصادم قوة أخرى. وهو صراع يحدث بين قوى كثيرة في العالم، مثل صراع التماسيح والسباع في الغابة! وهذا لا علاقة له بمفهوم الجهاد الذي نتحدث عنه. ولا يوجد اليوم مجتمع إسلامي متحرر من علاقات القوة، تخلَّص من مرض المستكبِرين والمستضعَفين. فيجب الانتباه إلى هذا. ونقطة أخرى هامة، وهي أن هذا المجتمع المتحرر من القوة (على افتراض تحقُّقه) يدافع عن نفسه بقوة السلاح – إذا لزم الأمر – لدى العدوان عليه. وهو ما اختلط على الشيخ القرضاوي في تعليقه على جودت سعيد. فلا يوجد "جهاد طلب ودفع"؛ بل الجهاد هو تشكيل "فِرَق إطفاء حريق" عالمية لنجدة المضطهَدين في الأرض، من أيِّ دين أو ملَّة كانوا. وهو المشروع الذي اشتغل عليه إيمانويل كانط في كتابه نحو السلام الدائم Zum ewigen Frieden، حيث تخيل ما يحدث اليوم من قيام جمعية الأمم المتحدة – لولا أن مجلس الأمن الإجرامي يتمتع بحق الفيتو الذي فيه. ولو أن مجلس الجمعية تحوَّل إلى پرلمان دولي، يتمتع بصلاحية تنفيذ القرارات، إذن لتحقَّقتْ فكرةُ الجهاد، وتشكَّلت الدولةُ العالمية التي تفض النزاعات وتوفِّر الأمنَ للجنس البشري، "حتى تضع الحربُ أوزارها"، كما تنبأ القرآن (محمد 4)، تمامًا كما فعلت الدولةُ للأفراد، فلم تبقَ نزاعات؛ وإن حصلتْ نزاعاتٌ كهذه، تتدخل الدولة وتفضها بالقوة. فهذا هو الجهاد الداخلي، وذاك هو الجهاد العالمي. هذا هو مجموع الأفكار في اختصار. ويجب تنزيل الآيات منجمة، على هذا القانون الداخلي للقرآن. وبذلك تُفهَم آياتُ "كفوا أيديكم" (النساء 77)، و"قاتِلوهم يُعذِّبْهم الله بأيديكم" (التوبة 14)، و"ولا تعتدوا إن الله لا يحبُّ المعتدين" (البقرة 190، المائدة 87)، و"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يُخرِجوكم من دياركم أن تَبَرُّوهُم وتُقسِطوا إليهم" (الممتحنة 8). وبهذه الصورة ينكشف الغطاءُ عن الوجه الإنساني للإسلام، ويُفهَم فهمًا منطقيًّا، وليس كعدوان من النوع الخطير الذي يطرحه القرضاوي وغيره، من "جهاد الطلب" وشنِّ الحروب في الأرض. هذا الكلام منطقي ومتماسك ومتوازن، ويمكن التحدث به في أيِّ مجلس دولي والدعوة له، كما فعل الفيلسوف الألماني كانط بمشروعه للسلام العالمي (1795). وأهمية هذا الطرح تكمن في أن العالم يظن (أو يتوهم) أن الإسلام دين حرب وضرب واغتيال وقطع للرؤوس؛ كما أن الكثير من الشباب المغفَّل والجاهل تنطلي عليه أفكارُ المتطرفين، فيموت في جبهات يظن أنها تُدخِلُه الجنة، فيدخل النار التي "وَقُودها الناس والحجارة" (البقرة 24، التحريم 6)! * * * عن موقع إيلاف، 18 و26 كانون الأول/ديسمبر 2005 و3 كانون الثاني/يناير 2006 |
|
|