خرائب ملحمية
4
فيصل زواوي
حُمَّى
سأترك الأرض الذَّابلة
وأمتطي الرَّيح اللاهثة
لأعود الرُّكام الذي انقضى
بشفق العيون الآفلة
سأعود أدراج العُلى
على بساط الرِّيح السَّابلة
لأرى أثر دوار الزَّوبعة
من نُفوق القافلة
سأحضن رمال الأرض الذَّابلة
وأدفنها والرِّيح بصدري
ليعودني الرُّكام الذي مضى
بشفق العيون الآفلة
منجلٌ مُراق
يدٌ عطشانة
سنبلةٌ رمداء
في حلقي
وميض غراب
ينقر حبَّ التُّراب
على مدِّ جبهتي
ينعم السقام
باحتلام الهجير
نشوة السَّراب
يا لهدوء عُنق العِنَاق
بعد كل ذاك الفراق
لا زال الفناء فناء
رغم يقين الاختناق
سأتنفَّسني.
*
نمسيس
يا موطن وحشتي
يا مهجر عيوني الفقيرة
يا عابرة أرضي حقبًا
من دون حقيبة يد جريحة
أو منديل وحيد يذكر عليك
دمعته المريرة
شفاهك المسمومة
شهقاتك المحمومة
تلسعك
ألسن أحضانك
تلعقك
تمتصُّ رعشة
آهاتك الدَّفينة
بأحلامي الكئيبة
حياة أخرى مميتة
تسكنني وتسكنك
يا أكثر من حبيبة.
*
رحلة المغيب
طائر رثُّ الرِّيش
مشرَّد بطلاسم غبرائي الضَّنينة
ينام على تلاوة شاهدي
يصيح قبل أن يصحو المساء
ثم ينقر على باب قفصي الصَّدري
لكن قلبه المهجور منِّي
لا زال موصدًا عليه
ما أبهجه من تعيس
ما أجبنه من شجاع
يودُّ لو كان إنسانًا
ليس كأيِّ إنسان!
وكأنَّه كان موعودًا لليل أبدًا
والقمر المتثائب
والنجوم القريرة
سأراه عبدًا حرًّا
حين يتوجَّس
من التَّجوال من
على جثة غبرائي
المحترقة غبطة
يرى الدخان يتصاعد من هوَّة الماء
وألسن النار تتموَّج على السماء
يفتح جناحيه عاليًا
يتأمَّل ما بقي من غسقي
ثمَّ يشق الظلَّ الأعلى من فوقي
قريبًا نحضن الكون
قريبًا أتوارى عن نظري.
*** *** ***