معابر
محمد حسن
(تموز)
أعطني نقطة ارتكاز وسأرفع لك العالم
أرخميدس
كيف أبدأ؟
تمتلئ الشوارع بالنهايات. ليلُ المآسي لا يستريح
ينام على الرصيف، مليءٌ بمتسولي المال ومتسولي الروح.
كيف لعينٍ أن تبصر خلف ستار؟ لا تبصرُ إلاَّ ما يريد صاحبها.
يمرُّ أولٌ وثاني وثالث... والحيرة بحجم الزمن.
راخمانينوف وأرقٌ جميل، صدفةٌ سعيدة وتغلق الجفون على فراغ النعاس.
ابدأ!
أرقُ الشمس
في يومٍ يولد ميِّتًا.
هل تموت الشمس
أرقًا؟
"يتساءل صنوبر على السفوح"
كلا، يُجيب القمر.
الفجرُ نبع غواية
لا يقدر أن يشربه إلاَّ السُكارى،
نخوض في مائه نرمي شباكنا
بحثًا عن شمسٍ أضناها السهر
نرفعها على الأيدي، نهزها، نغني لها أهزوجة المروج
تطبق الجفون، تنام على ضوء شمعة.
وجدنا إكسيرًا يعيد
الحياة إلى يومٍ ميِّت.
أنْ أُقذفَ في روح
العالم، تدخل أعضائي أولاً، يدي إلى الأعلى
تُمسك بموجة الزمن المُتفجِّر.
أتلاشى كُليَّ بالحضور، أُعانيني عبر طبقات الصوت
ألدُ الفراغ على خشبة مسرحٍ أوبرالي.
سَمِّني سَكينة الضوء
وسَمِّ الضوء باسمي: خلخلة الحواس.
مازال في الصباح
حضورٌ خفي
لليل البدايات،
لا يَقدرُ أنْ يُسميِّه
يترك لنا نحنُ، أبناء الطين،
أن نبتكر اسمًا لضوئهِ
من هنا جاءت الأسطورة
من محاولة الطين تقنين الضوء.
خطوات ٌباردة كصقيع
النهايات
تتعثَّر في الصعود
مازال يُغريها،
سطحٌ جليدي لبحيرة قصيَّة
في أرضٍ منسية،
بالانكسار
يُغريها
بالهبوط نحو الأعالي
الغرق في الأعمـاق.
هذا ما أُسميِّه
دفءَ الموت.
هل تعرف الصباح؟
وردةٌ للرياح، حَملتُها بأجفاني سَكنّا الصدى تفيَّأنا الرِّياحَ.
هل تعرف الصباح؟ سَمِّهِ بحيرة الرماح، واقتلعني من دُجنة الليل
اسقني دورق الخمر استخفُّ بالجراح.
أدخلُ موتي أقرأ على شاهدتي:
لاقِني، هاتي يديكِ عُرسًا للصيَّاح.
كُلَّ يومٍ
تُقادُ أحلامه إلى حفرة
تُقادُ عيناهُ إلى حجاب
ما هذا التاريخُ الذي يبخلُ
على الجسد بسكرة؟
يُغلقُ في الوجه كلَّ باب.
ها هو يعلنُ تمرُّده
الآن
رعشة.
كيف يبدو،
ذلك الجالس في قلب الأرض؟
على ضفة نهر الرغبات
مُستسلمًا كسيِّد
ميتًا تُزهر فيه الحياة.
وسط الحرب يدخل فيه السلام
يُبخرِّه يتوالد من ذاكرة الحُبِّ
ويقول في صمته:
أنا من يتفوق بموتهِ على الموت
وبحياته على الحياة.
البحثُ عن الضياع
عن هوة النور في الفراغ،
الصمتُ يورق
والموت ينادي على الأحياء
نخب صداقتنا!
متأخرةً تصل الحياة
لاهثة
تغني ترانيم بين أنفاسها المتقطعة:
في أقاصي التعب
بين المرارات وأسرار اللهب
تختبئ بذرة الحقيقة
خضراء فتيَّة كالقصب.
من يترجم لنا صمت
السماء
مَن يحترقُ عنَّا بجحيم الأرض؟
هل نقدرُ أن نعيش
الحضيض
كي نفهمهُ،
هل نقدر أن نفهمهُ
لندق باب الخلاص؟
للسماء صمت القبور
للأرضِ أنينُ اليائسين
ونَحنُ، مَن نحنُ؟
في بلادٍ تخيط أيامها بسيوف القدر.
يأتي زمنٌ بين
الجنَّة والجحيم
يولد فيه كلُّ شيء
يموت فيه كُلُّ شيء.
يأتي زمنٌ،
كشرفة تُطلُّ على الآتي
بين الجنة والجحيم،
يولد فيها كلُ نسيم
يموت فيها كل نسيم
تولد فيها كل ريح
تموت فيها كل ريح.
*** *** ***