كتاب "لم نقرأ القرآن قَطُّ" ليوسف الصِّدِّيق: تعاليًا عن السردية الوعظية والتوتر المعرفي

ناجي الخشناوي

 

إن الحقَّ لا يُضاد الحقَّ بل يُوافقه ويشهد له
ابن رشد

القرآن، النَّص المؤسِّس للدِّين الإسلامي أو دستور النظام الإسلامي، منذ "نزوله" وإلى يومنا هذا، ظلَّ وما زال متأرجحًا بين محاولات الفهم الحرفي الضيق المنغلق من جهة... بين من فطنوا إلى أن الإسلام صيرورة تاريخية اجتماعية تحمل مفاتيحها في انفتاح دلالات ومعاني نصوصه الأصلية وأوَّلها القرآن، وبين من سلَّموا وتصوَّروا أن الإسلام هو الواقعة التاريخية الأولى للوحي، ونبَّهوا إلى أن انفتاحها وتحوُّلاتها محض ضلال وانحراف وتزييف يجب الخلاص منه.

هكذا ظلَّ القرآن، ومعه النصوص الأصلية للإسلام، متأرجحة جميعها بين فقهاء متزمتين وفلاسفة معتدلين، بين المعتزلين والعلمانيين من جهة وبين فتاوى المؤسسات الدينية الرسمية التي أجادت تبرير انتهاكات الخلافة والسلطان والحاكم، بدءًا من فقهاء البلاط وصولاً إلى شيوخ القنوات التلفزية.

ظلَّ القرآن متجاذبًا بين نقل وعقل، منذ أن زعم الشيعة أن "مصحف عثمان" قد مُحيت منه عمدًا كلُّ النصوص الدالة على إمامة عليٍّ وعلى فضل أهل البيت على العرب وكافة الناس... ومرورًا بالنسق الأشعري الكلامي والصوفي العرفاني والفلسفي الإشراقي والإيديولوجيا الغزالية، وصولاً إلى حسن البنَّا وسيِّد قطب ومحمَّد عمارة والقرضاوي من جهة، وبين النسق الاعتزالي الكلامي والنسق الفلسفي العقلي، بدءًا من ابن رشد والفارابي وابن الرَّاوندي، ومرورًا بعلي عبد الرازق وطه حسين وزكي نجيب محمود ومحمود أمين العالم، وصولاً إلى خليل عبد الكريم ونصر حامد أبو زيد وهشام جعيِّط وقاسم أمين والطاهر الحدَّاد ومحمَّد الطالبي.

في هذا النَّسق العقلاني يمكننا أن ندرج كتاب الفيلسوف التنويري والباحث الأنثروبولوجي التونسي يوسف الصِّدِّيق لم نقرأ القرآن أبدًا الصَّادر باللغة الفرنسية Nous n’avons jamais lu le coran  وذلك لما تميَّزت به فصوله الخمسة من آليَّات الإقناع والحفز المعرفي، المتعالية عن السردية الوعظية الإنشائية والتوتر المعرفي. فصول خمسة اخترق يوسف الصِّدِّيق من خلال متونها، أهمَّ التراكمات الدلالية والسيميائية التي تركتها القراءات التراثية أو أنتجتها القراءات المعاصرة ذات الطابع المدرسي.

وكأن شيئًا لم يكن... كتابٌ مُقلقٌ، مُستفزٌ، يُبعثر أفكارك جميعها ثم يسائلها فكرة فكرة، ليعيد ترتيبها خارج التقسيم المكِّي والمديني لسور القرآن. لديه مطرقة الجينيالوجي تبحث في السلالة الأولى للكلمة وللفكرة... وأنف الأركيولوجي يميز به الأحجار وفق رائحتها ويموقعها في أزمان غواية النصِّ.

كتاب يُعلن فيه صاحبه يوسف الصِّدِّيق جازمًا أننا لم نقرأ القرآن أبدًا، و"يذنِّبنا" جميعًا، ودون استثناء، لأننا لم نقرأ القرآن، وكأن شيئًا لم يكنْ، نقرأ وكأن العهود الأولى للإسلام المؤسساتي، لا تحول بمؤسساتها بيننا وبين القرآن. هذا النصُّ ذو القارئ التاريخي اللامحدَّد زمانًا ومكانًا، نغفل أن فعل "اِقرأ" الذي أعلن ذات يوم من سنة ميلادية نزول الوحي على ابن الأربعين حولاً ـمحمَّد. نزل على شخص يجهل فعل القراءة، هكذا على الأقل تروي كتب السيرة ومجلداتها لنا الحكاية، أو بهذا السيناريو تريد أن تقنعنا، بعد أن طمست وتجاهلت "أمجاد الآلهة التي سبقت الإسلام" وأتلفت "إمام حفصة".

تبدأ الحكاية في غار حراء في قلب الجبال والوتَاد المحيطة بمكَّة، لنصدق ولو لحين هذه الفرضية ولنقل أن الملاك المُقرئ قد طلب من محمَّد أن يقرأ وأعاد عليه طلبه ثلاثًا، فأجاب "ما أنا بقارئ" ولكن، لنسأل أيضًا كيف يمكن أن يكون جبريل، ملاك السماء والرسول إلى الرسول، على غير علم بأن محمَّد لا يعرف القراءة ويجهل حروفها وحركاتها وسكناتها! كأنه أدرك تلك الحقيقة عن طريق محمَّد، فكان أن وجَّه له خطابه نحو الإقرار بربِّه على نحو يردد فيه محمَّد ما يمليه عليه الوحي مؤمنًا ومسلِّمًا دون جدال أو مساءلة! هكذا اقتصر دور الرسول على كونه المُردِّد والمُلقِّن لهذه الآية الفاتحة، وصار لفعل الأمر "قرأ" دلالة التلقين لا غير.

علينا أن ننطلق من فرضيات أخرى تعيد قراءة موروث مؤسسة النقل وفق القواعد النحوية والبلاغية والإعراب والتنقيط، مثلما حُددت قرنين بعد نزول القرآن عن طريق المشافهة.

هذا الكتاب "ينوي" مساءلة النصِّ المتعالي، المتن الذي خان صاحبه وصار نصَّ المؤسسة ومتنها. كتاب "ينوي" طرح الإحراجات ومجادلة مدرسة النقل لأنه كتاب يتموقع ضمن تصور فلسفي، يراجع الصيرورة التاريخية لمُنجَز تقدمه كتب السيرة على أنه فعلاً مُنته للأحداث ومستوف للفهم... لفيلسوف يحتفظ "بالتفسير الملتبس" ويلتزم "بمضادات العقل". يستند هذا الكتاب في مادته الأولية على الخطاب القرآني، تمامًا مثلما نقله رجل يشاع أنه رجل عادي تلقَّى "الهاتف"، فأكَّد أنه ذو مصدر إلهي. لكن قراءة هذا النَّص الذي لم يُسمع مثله من قبل ولا من بعد تستوجب قراءة الحوافِّ المحيطة به، وإدراك الظروف التاريخية والاجتماعية والنفسية للقارئ الذي نزل عليه النصُّ وتوجَّه إليه في تلك اللحظة التاريخية الفارقة. كيف يمكن أن نقرأ اليوم هذا النصَّ؟ وكيف يمكن أن نُقيِّم دور المحيطين بالرسول أنصارًا وأضدادًا، مُتشيِّعين ومُخالفين؟ كيف السبيل إلى هذه القراءة بالأدوات المعرفية التي نملك اليوم؟

يواجه الكاتب النصَّ ندًا لند، طارحًا استفهامات جديدة عن كتاب نقلته مؤسسة الخليفة الثالث عثمان المنتمي لقبيلة الرسول، ولكنه من عشيرة منافسة لعشيرة الرسول! هذا الرجل، عثمان، نقل القرآن في ظروف تاريخية ملتبسة، اختلفت فيها المواقف حول مبادرة الخليفة بكتابة نصٍّ هتفت به السماء، مع أن هذه الاختلافات العميقة لم تعد بذلك الوهج الذي أسال الدماء في لحظتها التاريخية تلك، فإن علينا اليوم ومن خارج دائرة "المقدس" أن نطرح ذات الأسئلة الجوهرية بذات الوهج بل وأكثر. لقد أغلقت السنة باب القراءات المتعددة والمختلفة للنصِّ، وغلَّقت الكتاب برؤاها وتصوراتها التي تحكمت وحدها بمداخل "فهمها"، وبالتالي النصُّ بما هو وحدة متكاملة. لكنها تعترف بأن هذا الكتاب راكم التوراة والإنجيل، وبأن هذا الكتاب كُتب بدافع الخوف من أن ينتهي القرآن إلى ما آلَ إليه التوراة والإنجيل لتواتر الخلافات وتوترها حوله. يجب أن ننطلق من لحظة الصفر، لحظة ولادة الإسلام للتدليل على التضليل التاريخي الذي أراد أن يوهمنا بأن الإسلام وُلد في لحظة فراغ تاريخي، زمن "الجاهلية والجهل المُعمم"، فمثل الإسلام بنصِّه ذاك، الحدث الفاصل بين الضياع والتلاشي وبين التحولات الحضارية اللاحقة!

لقد قام يوسف الصِّدِّيق برصد التتابع التاريخي للسيرة ومدرسة النقل، انطلاقًا من شخصية سلمان الفارسي، ثم قبيلة بني عامر مرورًا إلى المحاولات الأولى لتجميع النصِّ وكتابته وتوزيعه بين سوَر مكِّية وأخرى مدينية... وطبعًا "جمهورية" أفلاطون، ليبرهن أن النصَّ القرآني هو درس من بين دروس الإنسانية مجازًا وحكمة.

يطرق كتاب لم نقرأ القرآن أبدًا سؤالاً مركزيًا، ما الذي يجعل من هذا الكتاب/القرآن كتابًا مقروءًا بمعزل عن وساطة الكُتَّاب؟ ومن الذي خوَّل لكتَّابٍ دون غيرهم صلاحية قراءته وتلاوته؟ ثم كيف كان هذا الكتاب كونيًا وتمكَّن من التَّواصل مع العالم في التاريخ والجغرافيا؟

الإجابة عن هذه الأسئلة التي لا معنى لها لدى كُتَّاب السيرة  تستوجب جملة من المستويات المعرفية وآليات تحليل ومناهج تمحيص، تقطع مع المسلمات اليقينية، وتتعامل مع القرآن على أنه لتوِّه نزل من السماء... أو نبت من الأرض. لم نقرأ القرآن أبدًا كتاب يدعونا للإصغاء بأُذن مختلفة ومُخالفة إلى كلمات النصِّ القرآني، علنا ننفذُ إلى مجازاته... هذا ما تجرَّأ عليه يوسف الصِّدِّيق.

لابد من إعادة سطوة الذاكرة

برز القرآن كأرقى الأذكار، غير أن كتب السيرة اختزلت عبارة "الذِّكر" في جانب العبادة الضيق، أي في معنى الترديد والحفظ الآلي للنصِّ، مع أن هذه العبارة ترتبط في أصلها ارتباطًا عضويًا بكلمة ذاكرة التي تُنافي النسيان والتَّلف، وداخل النصِّ تتلازم لفظة "قرآن" مع لفظة "ذِكر" في عدة آيات ولكن ما الذي يدعو رجلاً في لحظة معينة أن يدعو إلى ذكر جديد مُحمَّلاً بفكر جديد، وتحمُّل أعباء ترجمة خطابية لهذه الرغبة في ترجمة كنه العالم وتغيير وجهه. لقد كان القرآن ترجمة خطابية لهذه الرغبة في تغيير وجه العالم.

يتوزَّع كتاب الفيلسوف والأنتروبولوجي التونسي يوسف الصِّدِّيق، لم نقرأ القرآن أبدًا إلى فصول خمسة وردت وفق الترتيب التالي:

أوهام القراءة/ إلغاء القراءة الحرفية لفتح مجال القراءة/ القطيعة المؤسسة/ النسيان/ لنقرأ.

ومن هذه الفصول الخمسة اجتهدنا أو لنصرِّح فعلاً ودون خجل أننا تجرأنا على اختيار بعض الشَّذرات من متن الكتاب، وجازفنا بـ"ترجمة" بعض معانيه، وربما ما يشفع لنا تورطنا الجميل وجرأتنا هي طبيعة النصِّ المنفتح على التأويل، مع العلم أن الشَّذرات أو المقاطع المترجمة التي أُختيرت من عناوين فرعية للفصول المذكورة كانت بشكل عفوي، ومن دون أية خلفية مسبقة أو منهج واضح.

شذرات… مُربكـــات

... فضاءٌ نصيٌّ مفتوح على النهائي، كيف صار هذا النصُّ أرضية للمؤسسة السياسية؟ نشبت الفتنة ربما بعد وبسبب انجاز الكتاب. هذا التمزق وهذه الفتنة السياسية جزَّأت المسلمين فصارت تلك المرحلة من تاريخهم دموية، واستقر بذلك الحكم الأموي...

... منذ انتقال السلطة إلى العباسيين كان المعتزلة أعوان الدولة ومن ثمَّة بدأ طرح السؤال عن ماهيَّة طبيعة النصِّ القرآني: أهو أزلي أم مُحدث؟... وخرج السؤال من المدارس الفقهية إلى المؤسسة السياسية لكن المأمون قضى على كل العلماء الرافضين لفكرة أن القرآن مُحْدَثٌ... (توطئة).

... مع الهجرة كان تأسيس الدولة الإسلامية، نقل محمَّد كل الأجزاء التي تلقَّاها طيلة عشر سنوات، تغيرت النبرة تمامًا مثلما تغير المضمون، إنها المدينة التي استقبلت محمَّد، قراءة جديدة للفضاء التاريخي والاجتماعي والاقتصادي والقانوني. إشارة قوية تلك التي أُعطيت للرسول حتى يغيِّر اسم المدينة من "يثرب" كما كان يسميها "الكفَّار" واليهود إلى "المدينة". هكذا كان محمَّد قد كرَّس تصوُّرًا كاملاً للفضاء الذي سيحتضن الدين الجديد للقطع مع نمط البداوة كنمط عيش كان يميز المنطقة...

... سنبين أن تراجع الفضاء اليوناني من الفكر القرآني ملازم لمؤسسة البناء الدغمائي، لنقل أنها اللحظة التي تتوافق تاريخيًا مع قَبر مشروع على يد محمَّد مؤسس المدينة العربية بغية تطوير حياة "المواطنة" والقضاء على العصبية القبلية وحروبها الدامية... (قبيلة تختفي).

... التثبيت الكتابي لكلام الإله، مثلت بالنسبة للعديد من المعتقدين في خلود ولا تاريخية القرآن، مثلت مساسًا بهذه الحقيقة المطلقة... هؤلاء أعلنوا معارضتهم لكتابة القرآن المحفور في الذاكرة... (موت الكاتب).

... رغم الانشقاقات والفتن، رغم توالد المذاهب والمجموعات التي برزت برؤى خاصة للديني، استمر شكل تواجد القرآن، ومنذ مقتل عثمان وتثبيت الرسالة المحمَّدية في الفضاء المغلق، أي الفضاء النصِّي، استمر خارج المساءلة... (أنت ضمير المُوحى إليه).

... إذا كان الشفاهي قد ثبت أن القرآن غير مكتوب في التاريخ المعاش لمعاصري محمَّد، فإن قرار تثبيته وللأبد عبر الكتابة، والتي أُنتقدت كثيرًا زمن حياته من قبل عديد الصحابة، قد قلبت كل وسائل التواصل بخلق وحدة قلَّصت قيمة الشَّفوي... (أنت ضمير المُوحى إليه).

... يعترف الخليفة (عثمان) أنه لم يعتمد سوى رأيه الخاص لترتيب السور القرآنية حسب المضامين بل وتعليق التنقيط الوحيد لتوزيع الأجزاء على سور محددة بصيغة "بسم الله"... (الجزء المفقود).

... بالاستناد إلى التقسيم الطوبوغرافي (سور مكية وأخرى مدينية) قررت العلوم القرآنية طبيعة الخطاب القرآني ومداه التشريعي والسياسي، وذلك باستخدام آلية النسخ التي صارت تقنية مهمة بالنسبة لمدرسة النقل التي اعتبرتها وسيلة للفعل في المكتوب، سواء بفسخ المخطوط وإلغائه من الذاكرة أو بنزع مفعوله القانوني مع الحفاظ على شكله الخطِّي... (آلية النسخ).

... إن عبارة كتاب، عندما يوظفها القرآن فبمعنى مزدوج يُقصد به الإرادة الإلهية أو الإرادة الإنسانية التي تُشرع وتُعقلن داخل الخط الزمني وتجمع - حسب المنطق العناصر المكونة للكل. لكن المعنى المتداول والذي يواجه به هذا التحليل هو الذي يجعل من "الكتاب" ما يملأ الفراغ ويحدد أجلاً لتحققه، بين الرغبة ونهايتها، كما في الجملة القرآنية التالية: "لكل أجل كتاب"... (مجاز الكتاب).

... منذ تأسيس الألسنية، لم تهتم مؤسسة النقل باللغة القرآنية، إلا للدفاع عن الجزم بصلوحية متنه لكل زمان ومكان وعبوره للزمن الإعجازي، لكن علماء معاصرين للكتابة النهائية لتعاليم النقل كأبي عُبيدة المعتزلي الكبير أبدوا معارضة لهذا الفهم السطحي والخطير. ليس القرآن مصدرًا لحياة اللغة، لقد اختار الإله هذه اللغة بالتحديد لأنها تسمح بقول القرآن في الشكل الأجمل وليس العكس... (المجاز القرآني).

... نسيان مُضاعف: نسيان عربي أو تناس ونكران لكل ما هو مشترك بين الثقافات الإسلامية والجاهلية والإغريقية. نعم نسيان للمراسلات التي كانت تحد بالغرب، الذي ينسى أيضًا مسؤوليته تجاه الآخر ويتذكر أن أوروبا أسيرة زوس الطائش والغاوي، مولود أيضًا في ضفاف عربية الآن... (النسيان).

... تأكيد القرآن على نزوله في لغة متميزة جعل العربية، مثلما يريد أتباع مؤسسة النقل، لغة تفسَّر وفق قرار إلهي بإكسابها فخرها وفخر المجموعة الناطقة بها والتي صارت تملك كتابًا سماويًا... (لغة منسية دون كتابة).

... كيف نفسر اختفاء الكتابة فقط قبيل نزول القرآن؟ ولماذا خاصة بعد ظهوره فيما بعد، لماذا دافع النقل الحرفي على الحفظ والذاكرة؟... إن الكتابة الهجائية تسمح بقراءة جديدة وبتفحص الخطاب، لأنها تُكسب الشفوي شكلاً شبه ثابت. إن الكتابة تُمكِّن القارئ من مساءلة الخطاب ونقده، فهي بذلك تُحفِّز على القراءة العقلانية، وبذلك تكفُّ طريقة الحفظ عن السيطرة على الحياة الفكرية... (لغة منسية دون كتابة).

... في نهاية القرن التاسع عشر أصبح ممكنًا إثارة الأصل المشترك لكلمتي "لغة" العربية و"لوغوس" الإغريقية، وذلك مع الموسوعي اللبناني بطرس البستاني الذي اعتبر في معجمه أنه لا يمكن أن نستبعد أن كلمة "لغة" مشتقة من كلمة "لوغوس" الإغريقية والتي يُقصد بها الكلام... (لغة منسية دون كتابة).

ادخار الأخطاء

في الأخير يحسن بنا أن نستحضر "حكمة" أمبرتو إيكو في كتابه الأثر المفتوح القائلة إن "الكتاب يجب أن يكون بناء مفتوحًا ومتحولاً"، فالأثر المفتوح يمنح لأفعال الحرية الواعية عند المُؤوِّل أهمية وتجعل منه المركز الفعال لشبكة لا تنتهي من العلاقات. نستحضر ذلك لعلنا نقرأ القرآن ونؤمن فعلاً أنه مجهر نقرأ به مُغمضات العالم وليس بيانًا مختومًا. ولعلنا نفهم قراءة المفكر التونسي يوسف الصِّدِّيق وندَّخر مثله أخطاءنا التي نحجبها جهلاً وبهتانًا بأوهام نسميها "حقائق" حتى لو بدأنا من الصفر بعد سنة، "فالصفر هو أن نكتفي بصدقية النصِّ كما لو أنه أُنزل لمحمَّد اليوم ونحن مرافقون له".

*** *** ***

الأوان، 23 آذار (مارس) 2009

 

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني