من أجل حضارة نجمية
دراسة فلسفية حول الأطباق الطائرة والكائنات الفضائية

 

الفاهم محمد*

 

هناك أطروحة مثيرة وجريئة تدور حول موضوع أصل الحياة، فهي تربط ظهور هذه الأخيرة على الأرض بمصدر خارجي وليس بمصدر داخلي هو الحساء البدائي. الكون مليء بالحياة بأشكال مختلفة ما دام أن العناصر الأساسية مثل الهيدروجين والكربون والأزوت وغيرها من المواد الأساسية لتشكيل الأحماض الأمينية كلها مواد موجودة في الفضاء الخارجي وقد تكونت داخل النجوم، أو قبل ذلك منذ اللحظات الأولى للانفجار العظيم. كل هذا معناه أن بذور الحياة منتشرة في الكون وهذا شيء تثبته بعض الاكتشافات حيث يتم العثور على بعض المواد المكونة للحياة في النيازك، ففي سنة 1996 عثر العلماء على بعض المكروبات في نيزك صغير سقط على الأرض قادمًا من المريخ.

قد تكون الحياة تكونت في كواكب أخرى من بينها المريخ مثلاً ثم انتشرت في باقي الكون عن طريق النيازك والحجارة المتساقطة فوق الأرض. بهذا المعنى سيصبح الإنسان نفسه كائنًا فضائيًا يعيش فوق الأرض، أو هو "غبار النجوم" كما كان يردد كارل ساغان. إن السؤال المطروح هنا هو هل الحياة تكونت فوق الأرض أم أن مصدرها خارجي من كواكب أخرى؟ أو أكثر من هذا ألا يمكن أن يكون فضل ظهور الحياة العاقلة فوق الأرض عائدًا إلى كائنات فضائية خارقة؟

لقد اختلفت إجابة العلماء حول هذا الإشكال، فهناك من رأى أن الحياة ظهرت في أصلها الأول داخل الحساء البدائي نتيجة عمليات كيميائية جد معقدة. أما آخرون فقد رأوا أنها جاءت إلى الأرض نتيجة سقوط نيزك كان يحمل داخله اللبنات الأولى لهذه الخلايا البدائية. إن مصدر الحياة إذًا خارجي وليس داخليًا. كتبت مجلة العلوم الأمريكية[1] أنه من المحتمل جدًا أن يكون كوكب المريخ قد تضمن ماء على سطحه، لذلك ليس من الغريب افتراض وجود حياة فوقه في زمن ماضي، هذا بالإضافة إلى أقمار أخرى على رأسها قمر أوروبا الذي يحتوي بالتأكيد ماء تحت جليده. إذا ثبت أن الحياة موجودة في كواكب وأقمار أخرى فمن الممكن أن بذور هذه الحياة قد عمَّرت الأرض منذ زمن بعيد، وبالتالي يمكن أن نقول إن الإنسان نفسه ما هو إلا كائن فضائي يعيش فوق الأرض. لهذه الأسباب لا ينبغي النظر إلى أن ظهور الحياة شأن أرضي خالص، على الأقل لأن المواد الأساسية التي سمحت لها بالظهور فوق الأرض مثل الهيدروجين والكربون قد تكونت أصلاً في السديم الناتج عن الانفجار العظيم، وفيما بعد في التفاعل النووي الذي يحدث داخل النجوم. ما نريد أن نقوله هو أنه من الناحية العلمية المحضة لا شيء يمنع من تكون حياة، وربما حياة عاقلة، في كواكب أخرى غير الكوكب الأرضي.

لقد أبانت الأرصاد والأبحاث الفلكية أن المركبات الأساسية للحياة ليست شيئًا تنفرد به الكرة الأرضية بل هي موجودة في بعض النيازك التي تسقط فوق الأرض. إضافة إلى ذلك قامت تجربة بحمل بكتيريات في بدن مركبة فضائية والخروج بها خارج الأرض حيث تعرضت لكافة أنواع الإشعاعات الكونية القاتلة، لكن عند عودة المركبة إلى الأرض وجدنا أن هذه البكتيريات مازالت حية. يمكننا أن نتحدث عن قوة الحياة ومثابرتها من أجل البقاء مهما كانت ظروف العيش صعبة. وهذا دليل على أن الحياة ربما قد تكون نزلت على الأرض انطلاقًا من نيزك كان يحملها على الأرض، أو أكثر من ذلك - كما يعتقد البعض - ربما تكون المخلوقات الفضائية قد لعبت دورًا كبيرًا في مسألة أصل الإنسان وظهوره على الأرض. هناك الكثير من المتتبعين اليوم الدين يدافعون عن هذا الطرح، ويؤسسون له انطلاقًا مما ورد في الكتب السماوية وفي الأساطير القديمة التي تحدثت عن نزول كائنات سماوية في عربات غريبة ومساعدتها للإنسان في الكثير من الأمور. من أشهر من دافع عن هذا الطرح يمكن أن نذكر الباحث السويسري إريك فون دانيكن في كتابه عربات الآلهة[2].

ينقسم اليوم موضوع أصل الحياة ضمن هذا المستوى بين فريقين رئيسيين هما كما يلي:

- أولاً: الفريق العلمي الذي يتابع مسألة البحث عن الحياة بالطرق العلمية، عن طريق الأرصاد الفلكية مستعينًا بتليسكوبات جد متطورة من أجل التقاط إشارات تدل على وجود حياة عاقلة فوق الكواكب الأخرى. من بين أهم المشاريع في هذا السياق يمكن أن نذكر مشروع سيتي seti الذي يضم عددًا كبيرًا من التليسكوبات الموجهة نحو الفضاء الخارجي في انتظار التقاط مثل هذه الإشارة. ثم هناك مشروع تليسكوب أتاكاما في الشيلي والذي يسمى أيضًا اختصارًا ألما وهو يتكون من 66 هوائي. مهمته البحت عن الكواكب التي من الممكن أن تضم حياة فوقها. إن جهود العلماء تنصب حول البحث بالإضافة إلى ما سبق، عن الكواكب الصالحة للحياة أو الكواكب التي من الممكن أن تنشأ حياة فوقها، أي ما يسمى بالفرنسية Les exo planètes. وهي كواكب تدور حول شموس أخرى في مجرتنا غير الشمس المعروفة لدينا.

إن البحث في هذا الاتجاه يسير بصعوبة بالغة، نظرًا لأننا نرى النجوم ولكننا لا نرى الكواكب التي تدور حولها، وبالتالي يلجأ علماء الفلك إلى طرق جد ملتوية من أجل رصد هذه الكواكب التي توجد في المنطقة القابلة لنشوء الحياة، أي المناطق التي لا هي بالقريبة جدًا ولا بالبعيدة جدًا عن النجم[3].

إن موضوع البحث عن الكواكب الخارجية القابلة للحياة هو موضوع جديد على البحث الفلكي إذ لم يبدأ إلا في سنة 1995، والكواكب المكتشفة حتى الآن أغلبها غازية غير صالحة للحياة. لكن بعض الاكتشافات الحديثة جدًا تؤكد أن هناك كواكب شبيهة بالكرة الأرضية. وعلى أي حال يبدو أن الحماس الذي يدفع الحكومات حاليًا من أجل صرف أموال باهظة على مثل هذه البحوث، لا يمكن أن يفسر إلا بكون هذه الحكومات أصبحت مقتنعة بضرورة العثور على كواكب أخرى قابلة لاستقبال الحياة البشرية، مادام أن المشاكل البيئية والسياسية والثقافية لا يمكن إيجاد حل لها بواسطة التفاهمات والتسويات البشرية المعهودة.

- ثانيًا: الفريق الذي يضم طيفًا مختلفًا من الصحافيين والباحثين والهواة، أي كل هؤلاء الذين يستهويهم موضوع الأطباق الطائرة المجهولة Ovni والمخلوقات الفضائية Les extra-terrestres. فالأطباق الطائرة المجهولة الهوية هي عبارة عن آليات تشبه الطبقين الموضوعين فوق بعضهما البعض والتي تنتقل بطريقة غريبة بحيث يمكن أن تظهر وتختفي بسرعة فائقة، كما يمكن أن تقفز من مكان إلى آخر بدون قطع المسافة الفاصلة بينهما إلى غير ذلك. إن مجموع هذه الحركات تذكرنا بظواهر كوانتية مثل القفزة الكوانتية للإلكترون من مدار إلى آخر والتي سبق أن تحدث عنها نيلز بور، كما تذكرنا بتجارب الحجب عن الرؤية والانتقال عن بعد[4] la teleportation. وعلى العموم ليس هناك من سبيل لفهم هذه الظواهر إلا بالانفتاح على الفيزياء الكوانتية وما تفيدنا به حول طبيعة المادة والطاقة والحركة.

في نظر هذا الفريق لا يوجد أي شك في حقيقة هذه اللقاءات مع الكائنات الأخرى وهم يميزون بين ثلاثة أنواع من اللقاءات هي كما يلي:

1.    اللقاء من المستوى الأول، وفيه يتم ملاحظة الأطباق الطائرة من طرف البعض في السماء، وهذه المشاهدات لا تعد ولا تحصى سواء من طرف أناس عاديين أو من طرف ربابنة الطائرات الذين عاينوا هذه المركبات الغريبة بالقرب منهم.

2.    اللقاء من المستوى الثاني، حيث يتم تبادل رسائل هدفها تحقيق تواصل من طرف هذه الكائنات الفضائية. إن أشكال هذه الرسائل عديدة فقد تكون عبارة عن منحوتات أو رسوم وبيكتوغرامات Pictogrammes أو حتى تشكيلات فنية فوق الحقول كما سنلاحظ لاحقًا. هذا النوع من اللقاءات هو أقل من سابقه بسبب محدودية هذه الرسائل في العالم.

3.    اللقاء من المستوى الثالث، وهو أقوى أنواع اللقاءات لأنه يتم وجهًا لوجه وهذه اللقاءات نادرة حتى الآن، أو على الأقل هي الأضعف نسبة من سابقيها.

لقد راكم هذا الفريق الكثير من الأبحاث والبرامج والشهادات التي ترد من مختلف أنحاء العالم وهو ما أصبح يعرف بـ l'ufologie، عن رؤية مثل هذه المركبات التي تطير بسرعات غريبة لم تتوفر بعد للإنسان. أو عن اختطافات من طرف كائنات فضائية. أو حتى رسائل تدل على تواصل ممكن مع هذه الكائنات. لا شك أن الكثير من الشهادات لا علاقة لها بالحقيقة فهي إما تكون بدافع البحث عن الشهرة، أو بدافع خدع بصرية اعتقد أصحابها أنها مركبات فضائية مجهولة، ولكن بعد البحث والتدقيق وغربلة كل هذه الأمور تفضل لنا في نهاية الأمر وقائع ذات مضمون قوي لا يمكن تجاهلها، فهي تترك أثرها إما على شاشات الرادار وإما في المواقع التي نزلت فوقها هذه المركبات، بل أحيانا هناك أدلة أركيولوجية: نقوش وصور وغيرها يمكن الاشتغال عليها كأدلة ملموسة مثلما فعل إريك فو ندانيكن في كتابه السابق الذكر.

من أشهر الباحثين في مجال الأطباق الطائرة نذكر الأمريكي جوزيف ألان هاينك josef allen hynek 1910 - 1986 الذي كان يشرف على مشروع الكتاب الأزرق[5]. ثم هناك الفرنسي جيمي جيو jimmy guieu 1926 - 2000 الذي ألف العشرات من الكتب في هذا الموضوع.

من بين أهم الحجج التي تقدم للدلالة على هذا "التواصل المزعوم" بين الإنسان والحضارات الكوكبية المجهولة نذكر على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

حجة طفل النجوم:

المقصود بطفل النجوم starchild الجمجمة التي عثرت عليها في المكسيك إحدى الطفلات صدفة وهي تلعب في أحد الكهوف وذلك سنة 1930. يبدو شكل هذه الجمجمة غريبًا بدرجة كبيرة لأنها لا تشبه شكل جمجمة الإنسان العادي خصوصًا تجاويف العينين اللتين تبدوان متقاربتين وغير غائرتين بل هما سطحيتين، كما أن حجم التجويف الدماغي يفوق حجم تجويف الدماغ لدى الإنسان العادي بدرجة كبيرة جدًا. أخيرًا فإن شكل الأذنيين غير طبيعيتين بدورهما لأن حجمهما لا يتناسب مع حجم الأذن العادية.

لكن ليست هذه هي كل المفاجئات التي تخبئها هذه الجمجمة، في سنة 2004 أبانت بعض التحاليل عن وجود ألياف غير معروفة في عظام هذه الجمجمة، وهو ما زاد أنصار نظرية تواصل البشر مع الفضائيين ثقة، فهذه الجمجمة في نظرهم ما هي إلا دليل على تزاوج الجنس البشري مع الفضائيين. لكن مع ذلك أبان تحليل الحمض النووي من جهة الأم أن والدة هذا الطفل إنسانة عادية من الهنود الحمر، بينما الحمض النووي من جهة الأب والذي كان من الممكن أن يحسم نهائيًا هذا اللغز لم يتمكن العلماء من استخراجه مما جعل هذا السرَّ ما زال قائمًا إلى يومنا هذا. وكيفما كان الحال فإن جمجمة طفل النجوم تؤخذ من طرف البعض على أنها دليل تدخل الكائنات الفضائية في تطورنا الجيني.

حجة مصباح بغداد

إننا ننسب إلى القدماء تفوقهم في فنون الرياضيات والفلسفة والدين وغيرها كما هو الحال لدى الفراعنة واليونان والرومان غير مسألة التقدم التكنولوجي هو أمر خاص بالقرن العشرين. هذا الطرح قد بدأ يعاد فيه النظر بالارتباط مع الكشوفات التي حققها البحث الأركيولوجي. نعم لقد عرف القدماء أيضًا بعض المخترعات التكنولوجية ولا ندري حتى اليوم كيف تمكنوا من ذلك. من بين هذه الأمور الغريبة نذكر ما يلي: مصباح بغداد؛ ففي سنة 1938 اكتشف أركيولوجي نمساوي اسمه فيلهام كونيغ مزهرية صغيرة من الخزف تبلغ حوالي 15 سنتمتر في الطول و5،7 في العرض تتوفر على سدادة موصولة بقضيب حديدي مغروس في قرص نحاسي. لم يكن هذا المصباح العجيب هو الوحيد من نوعه إذ تم العثور بنواحي بغداد على العديد منها، كما وجدت بعضها في مواقع سومرية تعود لحوالي 2500 سنة ق. م. لقد قام بعض الباحثين بصنع مصابيح مماثلة، واستخدموا عصير العنب أو الحامض أو الخل كزيت لها وهي مواد كانت متوفرة ومستخدمة في هذه المرحلة فحصلوا على تيار كهربائي يعادل ما بين 5.0 و 5.1 فولت.

إن الحديث عن مصباح بغداد كما أشرنا سابقًا، ما هو إلا مدخل للحديث عن مجموعة من العناصر التكنولوجية التي نعثر عليها في الحضارات القديمة والتي يثير حضورها في هذا المستوى من التطور الحضاري تساؤلات كثيرة. إذ كيف يمكن لحضارات عاشت آلاف السنين قبل ولادة المسيح أن تتمكن من الحصول على مثل هذه التقنية المتطورة؟ في نظر البعض هذا أكبر دليل على أن الفضائيين كانوا يمدون البشر ببعض الإختراعات، بل إن هذه المصابيح الغريبة هي واحدة من جملة الأسرار التي أحاطت بناء الأهرامات في مصر، إذ كيف تمكن المهندسون والفنانون من تخطيط ورسم كل تلك الرسوم على الجدران بدون إضاءة لا شك أنهم كانوا يستخدمون مثل هذه المصابيح خصوصًا وأنه تم العثور على رسم لها بأحد الجدران تبين ربما أن المصريين القدماء كانوا فعلاً على اطلاع بمثل هذه التكنولوجيات التي استمدوها من الفضائيين، بالإضافة إلى جملة أخرى من التقنيات الفلكية والطبية والهندسية.

حجة دوائر القمح

المقصود برسوم القمح أو دوائر القمح Crop Circles مجموعة من التصاميم الهندسية ذات الطابع الفني والتي وجدت هكذا في الحقول الزراعية. فهل هي رسائل من مخلوقات فضائية أم أنها لا تعدو أن تكون عملاً فنيًا من بعض المخادعين الذين يسعون وراء التسلية؟

يعود أول ظهور لهذه الدوائر إلى سنوات السبعينيات في بلدة صغيرة بجنوب إنجلترا اسمها ويلشاير، والغريب أن هذه البلدة توجد بالقرب من المنطقة التي توجد فيها صخور ستون هاينج الشهيرة. لكن بعد ذلك توسع نطاق ظهور هذه التشكيلات الفنية في مناطق أخرى مثل جنوب إفريقيا واستراليا والصين والولايات المتحدة الأمريكية. أعلن البعض عن مسؤوليتهم عن هذه الدوائر فهي إذن من فعل فاعل بشري فقد أعلن البريطانيان دوج باور وديف تشارلي أنهما من قاما بذلك، لكن البعض الآخر من هذه الأعمال بقي بدون تفسير حتى الآن، خاصة وأن الدوائر التي ظهرت في التسعينات وفي الألفية الثالثة جد معقدة بحيث يستحيل على الجنس البشري القيام بها. لقد دافع البعض على أن الخديعة هنا مقصودة، بمعنى أن هؤلاء الفنانين تم توظيفهم من طرف الحكومات حتى ينجزوا هذه الأعمال ويغطوا على الدوائر الحقيقة التي صنعت من طرف الكائنات الفضائية. والحقيقة أن هذا الأمر يمكن التثبت منه بسهولة إذ يكفي أن نقوم بتحليل التربة في هذه الأماكن حتى نعرف عما إذا كان الأمر يتعلق باحتيال بشري أم برسائل فضائية. وبالفعل هذا هو ما تم إذ لوحظ أن المساحة التي يتم تسويتها بالأرض لا تنموا فيها الأعشاب بعد ذلك بصورة طبيعية كما أن التربة تحتوي على بعض المركبات الكيميائية الغريبة. إضافة إلى هذا فالكثير من الأجهزة تتوقف عن العمل بالقرب من هذه الدوائر مثل الهواتف المحمولة والكاميرات وغيرها نتيجة شدة القوة المغناطيسية التي تفرزها هذه الدوائر.

الحجج الأركيولوجية

كان الكاتب إريك فون دانيكن هو أشهر من أشار إلى هذه المسألة، فانطلاقًا من دراسته لبعض الرموز والنقوش الهيروغليفية في المواقع والآثار الأركيولوجية، من مختلف بقاع العالم استنتج أن البشر كانوا  على اتصال مع هؤلاء الفضائيين منذ قديم الزمان.

تدل هذه الأدلة على مجموعة كبيرة من المعطيات الأركيولوجية أبنية وآثار ومخلفات مازلنا إلى يومنا هذا نتساءل إما حول طريقة بنائها أو ما ترمز إليه أو السبب الذي أحدثت من أجله. ويمكن أن نذكر من بين هذه الأدلة العناصر الآتية:

1.    خطوط ناسكا: الناسكا هم شعب عاش في أمريكا اللاتينية وبالضبط في البيرو ما بين 600 إلى 800 سنة قبل الميلاد، وقد خلفوا لنا رسومًا غريبة كبيرة منقوشة فوق الأرض على امتداد أكثر من 500 كلم مربع، والتي لا يمكن تبين معالمها إلا إذا ارتفعنا بالطائرة، مثل العنكبوت والقرد والطيور، وأيضًا خطوط أخرى على شكل ممرات أو مدرجات لهبوط الطائرات تمتد على مسافة بعيدة. ما السبب الذي جعل هذا الشعب يقوم بمثل هذه الرسوم، البعض يرى أنها أقيمت من أجل الابتهال للسماء وممارسة الطقوس والشعائر الدينية، والبعض الآخر يرى أن الأمر يتجاوز ذلك بكثير خصوصًا وأن هذه المعالم تضم قمة جبل، تم قشطها وتسويتها على شكل مدرج يبلغ حوالي 23 كلم بالإضافة إلى خطوط وممرات طويلة تتقاطع أحيانًا مع بعضها البعض والتي تشبه المضمار الذي تنزل فيه الطائرات اليوم. وعلى العموم يبدو الموقع كما لو أنه مطار ضخم ينظم حركة نزول الطائرات أو ما شابه ذلك.

2.    صخور ستون هينج Stonhenge: هي عبارة عن أحجار تشكل دائرة موجودة في جنوب المملكة المتحدة يعود تاريخها إلى حوالي 5000 سنة ق. م. بعض هذه الأحجار ثقيل جدًا يبلغ طولها 9 أمتار وتزن حوالي 50 طنًا. يؤكد الباحثون أن الهدف الذي وضعت من أجله هذه الصخور هو مراقبة حركة شروق وغروب الشمس، إن إنجاز مثل هذا العمل الضخم يفوق قدرات البشر، لذلك فهي مازالت تحتفظ بأسرارها إلى يومنا هذا.

3.    منحوتات جزيرة الفصح وتسمى أيضًا جزيرة القيامة وهي جزيرة صغيرة موجودة في عرض المحيط الهادي الجنوبي تحتوي على مجموعة من المنحوتات الضخمة التي تنظر إلى البحر يطلق عليها المواي. لقد تم نحت هذه التماثيل من الصخور والحمم البركانية التي تضمها الجزيرة، ونقلها لكيلومترات إلى موقع تثبيتها والحال أنه لا شيء يفسر كيف تمكن سكان هذه الجزيرة من نقل هذه التماثيل، حتى أن الأساطير التي تروج هناك تقول بأن هذه التماثيل انتقلت لوحدها بمساعدة الإله مانا. يبلغ وزن هذه التماثيل حوالي 50 طن، غطاء الرأس لوحده يزن 10 طن.

لا أحد يعلم ما سر هذه التماثيل ولا إلى ماذا ترمز إليه. والأغرب من هذا أنه وجد في هذه الجزيرة الصغيرة نسق من الكتابة الرمزية التي لم يتم فك شفرتها إلى الآن. وكيفما كان الحال يبدو أن تماثيل المواي هذه موضوعة بدقة فلكية كبيرة، يصعب تحقيقها من طرف شعوب بدائية، فالمخلفات الأثرية بالإضافة إلى نظام الكتابة الغامض يدل على أن الجزيرة تم استيطانها من طرف كائنات عاقلة. بالنسبة لهواة موضوع الأطباق الطائرة يرجح أنها فضائية، خصوصًا وأن العديد من الشهادات للسكان المحليين تدل على رؤية أجسام طائرة مجهولة تحل باستمرار فيها.

4.    هرم خوفو بالجيزة: يقال إن البشرية تخشى الزمان بينما الزمان يخشى الأهرامات، هذه الحكمة العربية القديمة تلخص لنا عظمة الأهرامات، غير أن سر بناء هذه الآثار الضخمة وبالخصوص هرم خوفو وهو الهرم الأكبر من بين كل الأهرامات مازال يثير التساؤلات إلى يومنا هذا، فحتى إذا ما تجاوزنا قدرة المصريين القدماء على نقل هذه الصخور الضخمة التي يبلغ وزنها ما بين 12 و70 طن من مكان بعيد يبلغ حوالي 900 كلم وحملها فوق القوارب في النيل، ثم جرها بعد ذلك إلى مكان البناء. كيف يمكن إنجاز هذا الصرح الهائل في 22 سنة فقط، كما تخبرنا جدارياتهم. وكيف يمكن وضع كل هذه الحجارة بدقة متناهية وبهامش خطأ لا يتجاوز نصف سنتمتر. إن البحث الأركيولوجي يبن اليوم أن هذه الأهرامات مبنية طبقًا لحسابات هندسية ورياضية دقيقة جدًا، بل إن هرم خوفو قد بني باحترام ما يعرف بالنسبة الذهبية[6]. بالإضافة إلى إتباعها لمعرفة فلكية مدهشة فكيف تمكن المصريون القدماء من الوصول إلى مثل هذه المعرفة العلمية، مع العلم أنهم اعتمدوا في عملية البناء على أدوات بسيطة لا تتجاوز المطارق والأزاميل. والغريب أن المصريين القدماء تركوا نقوشًا هيروغليفية كثيرة تتحدث عن نشاطاتهم وتاريخهم، ولكننا حينما نبحث في كتاباتهم الهيروغليفية عما يساعدنا على معرفة كيفية بناء الهرم الأكبر فنحن لا نجد شيئًا. يقال في هذا الصدد أنه ثمة غرفة خفية تضم الأرشيف السري لبناء الأهرامات ربما هي موجودة في قلب هرم خوفو أو في أسفل أبي الهول. إن البحث جارٍ منذ عقود عن هذه الغرفة السرية ولكن لم يتم العثور عليها بعد.

بالإضافة إلى ما سبق لا حظ الباحثون أن اصطفاف الأهرامات الثلاثة في الجيزة يتماشى تمامًا مع اصطفاف نجوم ألفا سانتوري. إن النقاش يدور اليوم بين علماء الآثار التقليديين الذين لا يرون في الأهرامات سوى مقابر كبيرة ضمت جثمان الفراعنة، وعلماء الآثار الطليعيين الذين يرون أن هذه الآثار تتجاوز وظيفتها مجرد هذا الأمر بكثير. إنها مراصد فلكية هائلة تمكننا من رسم خريطة دقيقة للنجوم ولحركة الأرض. إن الأسئلة التي تطرحها هذه الأهرامات حول كيفية بنائها ووظيفتها دفعت بمجموعة الأركيولوجيين الطليعيين إلى الدفاع على أن صروحًا ضخمة من هذا القبيل ما كانت لتكون ممكنة لولا تدخل قوى خارجية هي الكائنات الفضائية.

إن الألغاز الكثيرة المرافقة للأهرامات الفرعونية تدل يومًا بعد يوم أننا لسنا أمام آثار عادية، بل نحن أمام واحد من أهم الأسرار التي خلفها لنا التاريخ القديم.

5.    اللوح السومري: من الأدلة العلمية التي تساق في هذا الصدد ما يعرف عن الحضارة السومرية التي كانت مهد الحضارة البشرية برمتها، والسومريون أنفسهم يفسرون هذا التقدم في ألواحهم بكائنات عملاقة كانوا يسمونها أنوناكي، وهي كلمة تعني الذين نزلوا من السماء وبالضبط من كوكب يدعى نيبيرو وهو كوكب تم اكتشافه من طرف علم الفلك المعاصر، ويوجد خلف كوكب بلوتو، حيث قاموا بتعليم السومريين الحكمة والعلم. إذا ما نظرنا إلى الصورة الجانبية وهي للوح سومري نلاحظ في أعلى الصورة مجموعة من الكواكب التي تتوسطها الشمس، وهذه مسألة كما هو معروف بالنسبة للجميع لم يتم التوصل إليها إلا خلال مرحلة عصر النهضة، بينما السومريون عاشوا حوالي 6000 سنة قبل المسيح. بل إن اللوح يظهر كوكب بلوتو وهو كوكب لم يتم اكتشافه إلا سنة 1930.

هناك الكثير من المعطيات الأثرية التي يصعب علينا تغطيتها في مقال واحد، فالعديد من الشعوب القديمة نجد لديها مثل هذه البقايا التي تشير إلى لقاء محتمل مع كائنات فضائية، مثل الحضارة السومرية والفرعونية وشعب الهوبي والأناسازي من الهنود الحمر وغيرهم كثير، فالملاحظة تدلنا على أن هذه المخلفات الأركيولوجية تتطلب قدرات فوق بشرية سواء من ناحية القوة الفيزيائية - إذ ينبغي على الإنسان أن يكون عملاقًا حتى يحرك مثل هذه الصخور الضخمة - أو من ناحية الخبرة العلمية والتكنولوجية.

من المرجح كذلك أن لا تكون مسألة أصل الإنسان هذه مرتبطة فقط بالعوامل الداخلية للأرض، لقد انكب البحث الأنثروبولوجي لعقود على هذه القضية حيث كانت جميع الأطروحات تنتهي إلى التأكيد على وجود فجوة لا يستطيع البحث العلمي أن يملأها. إن ظهور الأمو سابيانس حدث خارق داخل تاريخ تطور الأنواع حيث نعجز تمامًا عن معرفة كيف تم الانتقال هكذا فجأة من القرد إلى الإنسان، فهل علينا أن نتوجه بأبصارنا إلى السماء بدل الاكتفاء بنبش التربة؟

من الحجج غير التقليدية التي يمكن أن نقدمها في هذا السياق ما يلي:

حجة فجوة التطور

يظهر البحث الأنثروبولوجي أنه في مرحلة ما قبل التاريخ كانت هناك أنواع بشرية كثيرة، نعثر الآن على بعض بقايا عظامها. فلماذا اختفت هذه الأنواع وما السبب الذي جعل الأمو سابيانس يتفوق عليها جميعًا؟ الجواب الذي يقدمه شارل داوين كما هو معروف يربط تفوق الإنسان بمسألة الصراع من أجل البقاء والانتخاب الطبيعي، فالكائنات التي تتمكن من التكيف مع الظروف الجديدة التي تطرأ على الطبيعة هي التي تتمكن من البقاء. لقد تعرضت هذه الأطروحة لانتقادات شديدة، فالقول بأن الإنسان تمكن من الانتصاب على قدميه تم بعد ذلك استعمل الأدوات هو ما جعله أذكى من باقي الكائنات قول يتناقض حتى مع الوقائع الأنثروبولوجية التي أهمها أن جمجمة الإنسان قد بدأت تتسع وتأخذ شكلها الحديث قبل استعمال الأدوات بكثير. تعجز نظرية التطور على تفسير هذه الفجوة وهي لا تملأها إلا بافتراض وجود حلقة مفقودة بين الأمو سابيانس وأسلافه. وداروين نفسه كان مدركًا لنقائص نظريته لذلك أضاف فصلًا في كتابه أصل الأنواع تحت عنوان: مشاكل النظرية.

إن النظرية الخلقية هي ضد النظرية التطورية، فإذا كانت هذه الأخيرة تربط ظهور الإنسان بالعوامل الطبيعية فإن الخلقيين يعتمدون بالأحرى على اللمسة الإلهية السماوية لتفسير ظهور الحياة العاقلة. إلا أن هؤلاء الخلقيين ليسوا بالضرورة دائمًا هم رجال الدين بل يمكن أن يكونوا أيضًا من الذين يعتقدون في تدخل ممكن قامت به الكائنات الفضائية. في نظر هؤلاء فإن ظهور الإنسان ليس مسألة عرضية ناتجة عن صدف التطور، بل هي مسألة مقصودة من طرف هذه القوة المافوق أرضية. إن التطور الذي عرفته البيولوجيا اليوم مكننا من سبر أغوار الخلية والاطلاع على الجينات المتحكمة في طبيعة كل كائن حي. إن علم الجينات هذا يخبرنا اليوم أن إمكانية العودة بالزمان إلى الوراء والعثور على هذا الأصل المشترك الذي خرج منه كل البشر هي مسألة ممكنة من خلال تتبع الكروموزوم y. قد يصبح آدم حقيقة علمية وليس مجرد اعتقاد ديني.

في نظر البعض هذه القوة المافوق طبيعية أو أرضية قامت بتعديل جيني أحدثته في خلايا الإنسان. فالبحت البيولوجي يثبت اليوم أن هذا التطور الفجائي الذي حدت للمخ البشري يعود إلى وجود جين ينفرد به الكائن البشري. لذلك فهم يتحدثون عن بيغ بانغ/انفجار عظيم حدث في المخ البشري أدى إلى نشوء الوعي.

هذه القوى المافوق طبيعية بالنسبة للمؤمنين هي عبارة عن مخلوقات نورانية/ملائكة، بينما بالنسبة للعلماء يمكن أن تتخذ تسميات أخرى، إنها كائنات فضائية. ولكن رغم اختلاف التسميات إلا أنهما معًا يتفقان حول نقطة أساسية وهي أن ظهور الإنسان حدث خارق لا يمكن تفسيره فقط عن طريق اعتماد فرضية التطور. إن الظهور المفاجئ للكائن البشري قد يتطابق مع ما تخبرنا به الكتب السماوية حول خلق الله لآدم وحواء، فهذا الحدث قد يتجاوز مجرد أسطورة ذات دلالات رمزية.

هكذا يمكننا أن نفهم رمزية هذه الأسطورة الواردة في جميع الكتب السماوية، فبعد التعديل الجيني الذي ميز آدم وحواء تم وضعهما في جنة عدن إلا أن رغبتهما تجاوزت مجرد الاكتفاء بهذه الحياة التي منحت لهما، لقد أرادا الاطلاع على الأسرار العليا والمعرفة الكلية، أي أن يصبحا في تكافؤ مع من منحهما هذا الذكاء وهذه الروح. هذه هي رمزية الأكل من الشجرة. إلا أن أخطاء الجنس البشري لم تنتهِ هنا فقط فبعد أن أصبح الإنسان مميزًا بفضل الوعي والذكاء، عاد من جديد للتزاوج مع أسلافه مما جعل هذه القوى المافوق سماوية تغضب وتنزل به العاقبة التي كانت عبارة عن طوفان يقضي على بني البشر باستثناء القلة القليلة الناجية التي ستضمن انطلاقة جديدة للجنس البشري. بمعنى أن هذه القوى المافوق طبيعية وجدت نفسها أمام تجربة فاشلة ستحاول تكرارها من جديد بمقاييس أفضل.

في كل الأحوال يبدو أن الدين وجزءًا كبيرًا من العلم يتفق على أن أصل الإنسان قد يكون هو السماء وليس الأرض.

وجه المريخ

كانت الصورة التي أرسلتها مركبة الفضاء الأمريكية فايكينغ 1، وهي عبارة عن تضاريس على سطح المريخ، تشبه وجهًا إنسانيًا. غير أن وكالة الفضاء الأمريكية رفضت الاعتراف بهذا الأمر مؤكدة أن الموضوع برمته لا يعدو أن يكون عبارة عن تشكيلات طبيعية لا يمكن تحميلها أي معنى آخر. كان ريتشارد هوغلاند Richard C. Hoagland الخبير السابق لوكالة الفضاء الأمريكية هو أول من أشار إلى وجود هذا الوجه الغريب على المريخ، وهو واحد من الذين يدافعون عن فكرة وجود حياة على سطح الكوكب الأحمر فيما مضى.

موقف علم الفلك

أمام هذه المعطيات التي أثارت سجالاً كبيرًا بين مختلف الباحثين والمتتبعين، حاول العلماء أن يقدموا رأيهم في هذه المسألة. في هذا السياق يمكن أن نذكر ما يعرف بمفارقة فيرمي نسبة إلى الفيزيائي وعالم الفلك الإيطالي إنريكو فيرمي Enrico Fermi 1901 - 1954 الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء سنة 1938. لقد حاول أن يتناول قضية الكائنات الفضائية بطريقة علمية، وليس بطريقة هواة الأطباق الطائرة مفترضًا أنه إذا كانت هناك حضارات فضائية متطورة  - وينبغي بالضرورة أن تكون كذلك، أي أكثر تطورًا منا بكثير نظرًا إلى حداثة كوكب الأرض الذي يبلغ عمره فقط حوالي 4 بليون سنة، بينما بعض النجوم تتجاوز 10 بليون سنة - فإنه ينبغي أن تكون هذه الحضارات قد وصلت إلى مرحلة اكتشاف الفضاء والكواكب الأخرى، وبالتالي وجب أن تكون هذه الحضارات قد وصلت بالفعل إلى احتلال كوكب الأرض، والحال أننا في نظر فيرمي لم نصادف بعد مثل هكذا حضارات فوق كوكبنا. هكذا صرخ فيرمي: "أين هم؟" بمعنى أنه إذا كان الكون يضم بالفعل مثل هذا الاحتمال بوجود حضارات كوكبية فأين يختبئ هؤلاء. هل يدل هذا على أننا وحدنا في الكون؟

كان عالم الفلك الأمريكي كارل ساغان هو الذي أطلق على هذا الموقف تسمية "مفارقة فيرمي" لأننا بالفعل أمام معضلة، فمن الناحية العلمية إذا كانت باقي النجوم في مجرة درب التبانة أقدم من الشمس فهناك احتمال أن تكون الكواكب التي تدور حول هذه النجوم قد تمكنت بالفعل من تطوير حياة عاقلة، وإذا كان الأمر كذلك فينبغي لهذه الحضارات أن تكون قد تمكنت من قطع المسافات التي تفصل نجومها عن مجموعتنا الشمسية. بطريقة مباشرة هذه الكائنات الفضائية كان ينبغي أن تكون بيننا الآن. من هنا نفهم صرخة فيرمي أين هم؟

ولكن ماذا يمكن أن نستنتج من هذه الصرخة، هل تدل على أنهم غير موجودين أصلاً، أم أنهم موجودين ولكننا لم نستطع بعد تحقيق لقاء معهم؟ يبدو أن فيرمي كان يميل إلى الاحتمال الأول خصوصًا وأن السفر عبر الفضاء يتم بأقصى سرعة ممكنة وهي سرعة الضوء كما تبين نسبية أينشتاين، والحال أن التكنولوجيا المتاحة حاليًا على الأقل لا تمكن من إنجاز مثل هذه المراكب التي تسير بسرعة الضوء.

في مقابل هذه الأطروحة المخيبة للآمال والتي تركت الإنسان حبيس وحدته الكونية قاطعة أي أمل له في وجود كائنات واعية أخرى في الكون، لدينا طرح آخر هو للفيزيائي وعالم الفلك Frank drake فرانك دريك من خلال معادلة الحياة الكوكبية وصيغتها هي كالتالي:

N = R* x Fp x Ne x Fl x Fi x Fc x L

إنها معادلة تضم العديد من العوامل الضرورية لقيام الحياة في الفضاء الخارجي:

N وهي تدل على عدد الحضارات التي يمكن التواصل معها في الكون.

R* احتمال النجوم التي يمكن أن تتوفر على كواكب فبعض النجوم قد لا تكون لها كواكب تابعة.

Fp احتمال الكواكب التي تدور حول هذه النجوم والتي يمكن أن تضم حياة فوقها.

Ne متوسط عدد الكواكب التي يمكنها أن تكون شبيهة بالأرض ولها غلاف جوي.

Fl احتمال وجود الحياة الذكية فوق هذه الكواكب.

Fi احتمال الحياة العاقلة التي ترغب في التواصل والتي بإمكانها إرسال رسائل من أجل تحقيق هذا الغرض.

Fc نسبة الحضارات التي يمكنها أن ترسل موجات راديوية في الكون لتساعدنا على التواصل معها.

L معدل حياة هذه الحضارة الذكية التي رغبت في التواصل وأرسلت إشاراتها بالفعل عبر الفضاء.

لقد أعطى دريك للرمز R قيمة 10 وللرمز Fp قيمة 5.0 وللرمز Ne قيمة 2 وللرمز Fl قيمة 1 وللرمز Fi قيمة 01.0 وللرمز Fc نفس القيمة السابقة وللرمز L قيمة 10000. والنتيجة التي تنتهي إليها هذه المعادلة رغم القيم العددية الصغيرة جدًا هي أن الحياة لا توجد فقط في الكون بل هناك الملايين من أشكال الحضارات المختلفة فقط في مجرة درب التبانة. فمهما كانت القيم التي سنمنحها للمتغيرات لا يمكن أن تكون النتيجة N=1.

من هنا يمكننا أن نتساءل من الأقرب إلى الصواب في حل معضلة الحضارات الكوكبية هل هو إنريكو فيرمي أم فرانك دريك؟ إنهما رأيان يقعان على طرفي نقيض من بعضهما: رأي يقول بأن الحياة منعدمة في الكون، ورأي يقول عكس ذلك: إنها منتشرة عبر النجوم. ولكن إذا تأملنا بعمق صرخة إنريكو فيرمي فهي في الحقيقة لا تقول إن الكائنات الفضائية غير موجودة بل أين تختبئ. فالاجتياح الذي عرفته الأطباق الطائرة سنوات الأربعينات والخمسينات، ثم الضجة الكبيرة التي سببتها حاثة روزويل الشهيرة جعلت فيرمي يطلق صرخته هاته: إذا كانوا موجودين فأين يختبئون؟ وعلينا أن ندرك كذلك أن كارل ساغان الذي سمى موقف فيرمي هذا بالمفارقة، والحقيقة أن مصطلح المفارقة ينطبق على موقف كارل ساغان الذي كان يعتقد بوجود الحياة العاقلة في الكواكب الأخرى لكنه كان يرفض إمكانية زيارتها للأرض بسبب البعد الهائل للمسافات التي تفصل بين الكواكب.

إننا نعتقد أن المسألة برمتها ينبغي أن تعالج بطريقة إشكالية خارج هذا المنطق الثنائي القيمة، إن صرخة إنريكو فيرمي تبدو مفهومة ومبررة، غير أن مسألة الوجود من عدمه لا يمكن أن تحل بهذه السهولة: هم غير موجودين لأننا لا نراهم، وبالعكس فالقول بأن الكون يزخر بهم يحتاج إلى تحليل آخر وليس إلى مجرد قيم عددية تحملها معادلة. لقد أبان التقدم الحاصل في الكوسمولوجيا أنه ينبغي اختزال ذلك العدد الهائل من الحضارات العاقلة التي انتهت إليها معادلة دريك، كما أن موقف فيرمي إذا ما أخضع للتحليل الإيبستمولوجي النقدي كأي نظرية علمية نلاحظ أنه ينطوي على نزعة أنثروبومورفية، أي على إسقاط ذاتي فالقول بأن هذه الحضارات المتقدمة لا بد أن تكون قد وصلت إلى مرحلة استعمار الكوكب الأرضي واضح في هذا المجال. فهل كل تقدم تكنولوجي محتمل لا بد أن ينتهي إلى ما انتهى إليه التقدم التكنولوجي الإنساني أي التوسع والحرب والاحتلال؟ هذا الموقف الذي يرمي إلى شيطنة الآخر مفهوم بالنظر إلى سياق الحرب الباردة. إن واحدة من أهم سمات الذهن البشري هو الميل إلى تشيئ الغير وإسقاط كل السلبيات عليه، فالإنسان كما يقال عدو لما يجهل. هذا هو ما يتضح في كل الأفلام والمسلسلات التي تتحدث عن غزو الفضائيين الأشرار للأرض. إضافة إلى ما سبق ففكرة محدودية سرعة الضوء قد باتت فكرة متجاوزة في الفيزياء الكوانطية.

بطريقة أخرى نقول بأن احتمال وجود حضارات عاقلة في الكون، مهما كان كبيرًا أو صغيرًا وإمكانية تواصلها معنا من عدمه ينبغي أن يتم إخضاعه للتحليل الفلسفي الوجودي أو للرؤية السياسية والأخلاقية، وليس فقط للتحليل الرياضي والفيزيائي. إن مسألة "اللقاء" Le contact هي قضية محفوفة بالعديد من الشروط التي يمكن على الأقل تقديم البعض منها على الشكل الآتي:

-       قد تكون هذه المخلوقات خاضعة لنظام سياسي كوني أو خاص بالكوكب الذي تنتمي إليه والذي يمنعها من إجراء مثل هذا اللقاء إلا بشكل سري.

-       قد تكون خاضعة أيضًا لنظام أخلاقي أو ديني يمنعها من التدخل في حياة الكواكب الأخرى.

-       من المحتمل أن تكون هذه الحضارات العاقلة قد أجرت ومازالت تجري هذه اللقاءات بالفعل مع بعض الحكومات الأرضية، في أوروبا وأمريكا، وطلب منها أن تخفي وجودها لأن الجنس البشري غير مستعد بعد لمثل هذا الحدث الكبير الذي قال عنه ميتسيو كاكو في إحدى حواراته التلفزيونية إنه يعادل حدث انفصال الإنسان عن القردة العليا. وقد صدق بالفعل في هذا التوصيف لأن ظهور المسيح من جديد قد يبدو من الأهون تقبله من طرف البشر من ظهور الكائنات الفضائية. إن لقاء من هذا النوع سيؤثر على اعتقاداتنا الدينية وعلى نظمنا الاجتماعية والثقافية، بل إنه من المحتمل أن يقلب هوية الكائن البشري ومصيره ككل.

-       من المحتمل أن تكون هذه المخلوقات نظرًا لتقدمها التكنولوجي الهائل لا تأبه بإجراء مثل هذا اللقاء مع كائنات بيولوجية فانية.

-       قد يكون الجنس البشري برمته يخضع في تاريخه العريض لتجربة ما تقودها وتشرف عليها هذه المخلوقات العاقلة من كواكب أخرى. لقد تم الدفع بالإنسان فوق الكرة الأرضية ضمن تجربة كونية نجهل خيوطها الخفية، كما يشير إلى ذلك فيلم ماتريكس.

-       من الممكن أن تكون بعض الحكومات القوية على اطلاع فعلي بهوية هذه الأطباق الطائرة وأنها تجري لقاءات مباشرة مع هذه المخلوقات الفضائية، لكنها تمنع إفشاء هذا السر لأنها تريد أن تستفيد من التكنولوجيا المتفوقة التي تتوفر عليها هذه الحضارات الكوكبية، وذلك بطبيعة الحال حتى تحقق لنفسها سبقًا عسكريًا على باقي الدول. في هذا السياق يمكن أن نتحدث مثلاً عن منطقة في أمريكا يطلق عليها المنطقة 51 يعتقد أنها مخصصة للأبحاث في هذا الموضوع وهي موضوعة تحت الحراسة العسكرية المشددة. إن هذا الاحتمال الأخير جد مرجح بالنظر إلى التقدم التكنولوجي الهائل خصوصًا في المجال الحربي الذي حققته الولايات المتحدة الأمريكية.

-       قد تكون هذه المخلوقات هي التي وضعت شروطًا معينة على بعض الحكومات منها مثلاً التخلي عن الأسلحة النووية قبل أن يتم اللقاء بشكل علني.

-       من المحتمل أيضا أن تكون هذه الكائنات الفضائية هي التي تخاف منا وتخشى على نفسها من أن نستغلها أو نلحق بها الأذى، فهؤلاء الفضائيين رغم تقدمهم التكنولوجي إلا أن ثقافتهم أو عقيدتهم أو ربما طبيعتهم تمنعهم من أن يكونوا أشرارًا. لذلك فهم يفضلون متابعة أبحاثهم بطريقة سرية دون الاصطدام مع الجنس البشري.

إن غرابة موضوع الأطباق الطائرة المجهولة والكائنات الفضائية يضعنا أمام غرابتنا ومحدوديتنا الخاصة ما دام أن هذه الظواهر تدفعنا إلى ضرورة تحرير وعينا الخاص حول ذواتنا ومعارفنا وحول طبيعة الكون والحياة بشكل عام. ما هو موضوع اليوم على المحك هو من الناحية الوجودية مفهوم الهوية البشرية، ومن الناحية المعرفية مفهوم العلم ذاته الذي عليه أن يخلي السبيل لقيام علوم جديدة ذات طابع مركب تتجاوز الطابع الاختباري والمحدود للعلوم التجريبية الكلاسيكية. ورغم الطابع الجذري لهذه النقلة (هوية إنسانية نجمية - معرفة علمية مركبة) إلا أنه مع ذلك هناك الكثير من الآمال المعقودة من ناحية على فيزياء الكم ومن ناحية أخرى على الفكر المركب في تجاوز اليقينيات والبداهات التاريخية التي خلفتها لنا العلوم التجريبية الكلاسيكية والميتافيزيقا الفلسفية التقليدية.

لا يطرح موضوع الكائنات الفضائية تحديًا أمام العلم والفلسفة فقط بل أمام السياسة والدين والحضارة البشرية برمتها، فالزلزال الذي سيحدثه موضوع من هذا القبيل قد يتجاوز قدرات الدول على التحكم فيه، ثم إن الدين تشبث بمركزية الأرض لقرون طويلة فكيف يمكنه أن يتخلى بسهولة عن مركزية الإنسان في الوجود. وفي اختصار يظهر أن الحضارة البشرية برمتها ستجد نفسها مجبرة على إعادة النظر في الأسس التي قامت عليها.

اللقاء المعاصر مع الكائنات الفضائية

إذا ما تجاوزنا اللقاءات البعيدة في التاريخ والتي يمكن أن تكون قد حدثت مع هذه الحضارة أو تلك مثلاً السومريين، المصريين أو حضارات أمريكا الجنوبية والتي ليس لنا ما نستدل به على وقوعها سوى المخلفات والآثار التي تركوها لنا، فإن اللقاء الذي يمكن أن نتحدث عنه في أزمنتنا المعاصرة يستند إلى أدلة قوية تثبته الصور ومشاهد الفيديو الملتقطة، أو الأثر الذي تلتقطه أجهزة الرادار. مثلاً في بداية التسعينات كانت وكالة الفضاء الأمريكية Nsa تبث رحلاتها الفضائية بشكل مباشر على التلفاز، حيث يمكن للجميع متابعة العمليات التي يقوم بها رجال الفضاء سواء داخل مركبتهم أو خارجها. غير أن تحليل هذه الأشرطة والتدقيق فيها أبان على أنها تضم العديد من الظواهر الغريبة، هناك أشكال بيضاء مضيئة تتحرك بطريقة مضادة لقوانين الفيزياء، أي أنها تطير بسرعات مهولة وأحيانًا تظهر ثم تختفي فجأة. كان هناك كلام كثير من طرف الصحافة والمتتبعين بضرورة فتح تحقيق حول هذه الأشكال الغربية التي تظهر في التسجيلات، غير أن الناسا قالت إن هذه الأشكال هي مجرد ندف من الثلج أو الحصى الطائر رغم أن ما تظهره التسجيلات بعيد كل البعد عن ذلك، ثم أغلقت الموضوع ولم تعد تبث رحلاتها بشكل مباشر على التلفاز.

كيف يمكن إذن أن نتجاهل العشرات بل المئات من المشاهدات سواء من النوع الأول أو الثاني أو حتى الثالث بدءًا من حادثة روزويل الشهيرة وحتى أضواء فينيكس. في نظر البعض مثل هذه اللقاءات قد حدثت بالفعل والدليل على ذلك حضارة الأوميت Les Ummites الذين جاؤوا إلينا انطلاقًا من كوكب يبعد عنا 14 سنة ضوئية يدور حول نجم يشبه نجمنا. لقد زار سكان هذا الكوكب الكرة الأرضية مرارًا، ونحن البشر يمكن أن نقول إننا أبناء عمومة مع هؤلاء الفضائيين.

هذه الأطروحة كان سيتم تجاهلها سريعًا كمثل الكثير من الادعاءات التي تخرج بين الفينة والأخرى لتتحدث عن لقاءات غريبة مع كائنات فضائية، إلا أن الأمر أصبح ملفتًا للنظر حينما فاجئ العالم الفرنسي جون بيير بوتي Jean pierre petit الجميع من خلال انكبابه على هذا الموضوع ووضعه مجموعة من التأليفات حوله. وجان بيير بوتي عالم فرنسي رصين مهتم بالفيزياء وعلم الفلك وميكانيكا السوائل، وهو مدير أبحاث في المركز القومي للأبحاث العلمية بالمرصد الوطني في فرنسا. لذلك كانت المفاجئة مدوية حينما أعلن هذا الأمر. لقد سخر ستيفان هوكنغ مرة من هذه الأطباق الطائرة التي لا تظهر إلا للأشخاص العاديين وغريبي الأطوار، ولكن كيف العمل في هذه الحالة مع عالم رفيع المستوى مثل جان بيير بوتي. فالأمر يتعلق بعالم مرموق في مجال علوم الفضاء وله مؤلفات كثيرة يبسط فيها قضايا العلم لعامة الناس بلغة ميسرة على شاكلة القصص المصورة، وهي موجودة على الموقع الخاص به بحيث يمكن للجميع تحميلها كما أن عددًا كبيرًا منها مترجم إلى العربية[7].

دافع جان بيير بوتي في كتابه تحقيق حول الكائنات الفضائية التي هي موجودة مسبقًا بيننا[8] عن حضارة الأوميت فالأمر في نظره لا يتعلق بحضارة خيالية أو بمجرد فرضية علمية بل هو يقول إنه توصل بطرق ما بمجموعة من الوثائق التي تتضمن كشوفات علمية فيزيائية في غاية الدقة لم يتم التوصل إليها حتى الآن من طرف باقي العلماء. ثم أتبعه بكتب أخرى في نفس الموضوع منها كتاب سر الأوميت علم قادم من كوكب آخر[9]، حيث يصف مجموعة من الأخطار التي تهدد الجنس البشري حاليًا، مثل التحويل الجيني للكائنات الحية والتحكم الذي يمارسه اللوبي العسكري/المالي على السياسة الدولية، كما يحذر في هذا الكتاب من إمكانية تدخل الكائنات الفضائية من أجل علاج هذه المشاكل.

واليوم لدينا الكثير من الناس حول العالم الذين يدعون تواصلهم مع سكان كوكب أوميت. هؤلاء يقولون بأن هذا اللقاء قد حدث لأول مرة سنة 1950 عندما توصلوا بشكل عرضي برسالة مرسلة من طرف سفينة نرويجية، لقد استقروا ببعض المناطق من أجل القيام بدراسات حول الجنس البشري ساعدهم في ذلك أنهم يشبهوننا تمامًا باستثناء بعض الشحوب الذي يعلو الوجه. يقال إنه تم توزيع حوالي 60 ألف رسالة تتحدث عن علوم دقيقة مثل الفيزياء النووية والهندسة الجينية وغيرها من التخصصات[10].

يضاف إلى هذا حالات الاختطاف العديدة المزعومة من طرف البعض الذين يدعون أنهم اختطفوا من طرف هذه الكائنات وتعرضوا لعميات فحص دقيق حيث تم أخذت بعض عينات دمهم ولعابهم وبولهم، ففي الولايات المتحدة لوحدها ما لا يقل عن واحد في المائة يعتقد أنه تم خطفه من طرف كائنات فضائية. إننا على اطلاع بالتحليل الذي يقدمه علم النفس لمثل هذه الحالات التي لا تعدو أن تكون في نظره ناتجة عن مركبات نفسية دفينة، كما أن علم الاجتماع بدوره لن يتجاوز القول بأن الحديث عن ظاهرة الأطباق الطائرة المجهولة لا تعدو أن تكون هلوسات اجتماعية لفكر أصبح غير قادر على حسم مشاكله بنفسه لذلك فهو يتضرع للسماء مترقبًا الحلول التي ستنزل عليه من فوق. قد تبدو مثل هذه التحاليل مقنعة بالنسبة لمن يريدون استباق النتائج عوض التمسك بدراسة الموضوع بشكل حصيف، فالعلوم الإنسانية إذا ما أرادت بالفعل أن تكون علمية عليها أن تتمسك بدراسة الوقائع سواء منها الإنسانية أو الأركيولوجية أو غيرها بدل أن تسارع على مصادرة مواضيعها. لماذا علينا أن ننكر ونتجاهل أن هناك واقعًا آخرًا يمكن التفكير فيه غير الواقع الإنساني المعهود. اليوم يبدو أن التحاليل التي يمكن أن تقدمها العلوم الإنسانية لهذه الظاهرة باتت محدودة ومعروفة للجميع، (هلوسات اجتماعية حول مشاكل لا تستطيع المجتمعات المعاصرة حسمها - إسقاط لمركبات نفسية دفينة وحرمانات تبحث عن إشباعاتها بطريقة غير سوية). إن العلوم الإنسانية بهذا الموقف لا تعبر إلا عن مأزقها الخاص إذ كيف يمكنها أن تقبل بوجود كينونات مغايرة تتجاوز الكينونة البشرية، فالعلوم الإنسانية بتجاهلها للوقائع تكون قد كشفت عن شعورها الدفين بضرورة الدفاع عن آخر المركزيات وهي مركزية الإنسان في الكون.

بينما هناك علوم أخرى هي التي ينبغي الانتباه لما تقدمه لنا من فهم أفضل لهذه الظاهرة مثل علم الفلك والفيزياء الكوانتية، بل وحتى الفلسفة إذا ما اعتبرنا هذه الأخيرة على أنها كانت دومًا تعبر عن جهوزية الفكر من أجل تقبل الجديد وقلب اليقينيات والبديهيات الموروثة. إننا نعلم أننا نسير فوق أرض خطرة محفوفة بالمطبات والمزالق، هناك الكثير من الشكوك حول الحجج التي تم عرضها سابقًا، والكثير من الشهادات والأشياء التي كانت مدسوسة، أو نتيجة خداع بصري، لكن في كل الأحوال بعد الدراسة والتدقيق في كل هذه الأمور تظل هناك وقائع قوية تمكننا من القيام ببناء تصورات وأطروحات حول هذا الموضوع.

ستظل قضية الكائنات الفضائية إحدى أكبر الألغاز التي تواجه البشرية، ولكننا مع ذلك نعتقد أن الفتوحات التي تقوم بها الميكانيكا الكوانتية من شأنها أن تكشف لنا يومًا ما عن حقيقة هذه الألغاز، موضحة لنا كيفية السفر عبر الزمن وكيفية التواصل بين العوالم عبر الثقوب الدودية أو عبر ثني النسيج الزمكاني أو استغلال طاقة الفراغ. كما أن الضغط الذي يفرضه الرأي العام ووسائل الإعلام المعاصرة من صحافة وإنترنيت وغيرها من شأنها كذلك أن تساهم في المزيد من تسليط الضوء على هذه القضية.

وكيفما كان الحال يبدو من غير المستبعد أن تكون هناك حياة أخرى في مناطق مغايرة من الكون، إذ من الغريب بل من العبث أن يكون الكون بكل هذه الشساعة الهائلة، في حين أن الحياة العاقلة لم تتطور إلا في جزء صغير منه. ما المانع إذن أن تتكرر شروط إنتاج الحياة في جهات أخرى من الكون خاصة وأننا نعلم أن المواد الأساسية لبناء الحياة كالكربون والهيدروجين والأوكسيجين لا ينفرد بها الكوكب الأرضي وإنما هي موجودة في الكون برمته. كما أن الكواكب القابلة للحياة أصبحت اليوم حقيقة علمية وليست مجرد خيال علمي. ثم إن الكون كما تقول نظرية تعدد الأكوان يكرر نفسه في اللانهاية، فلما لا تكرر الحياة نفسها كذلك.

إن الحديث إذن عن الكائنات الفضائية قد يتجاوز مجرد الاعتقاد كي يصبح موقفًا علميًا. إن المتتبعين لهذا الموضوع في انتظار كرة الثلج، فهم يعتقدون أنه من المحتمل جدا أن تتمكن البشرية من الاطلاع على حقيقة هذه الكائنات الفضائية في العقود القادمة على أكثر تقدير. فالموضوع برمته بدأ يفلت من قبضة الرقابة والسرية، إما بسبب التسريبات أو بسبب الضغط الذي تمارسه الجمعيات المدافعة عن الحق في الوصول إلى المعلومة، كما أن كثرة المشاهدات وتسجيلات الفيديو تتزايد كل باستمرار.

في الرابع من ماي سنة 1990 صرح الرئيس السوفياتي السابق غورباتشوف أن: "ظاهرة الصحون المجهولة موجودة بالفعل وينبغي الاهتمام بها بجدية"، وقبله كان الرئيس الأمريكي رولاند ريغان قد ألمح لهذا الموضوع في تصريح له أمام هيئة الأمم المتحدة قائلاً[11]: "هل نحن في حاجة إلى تهديد كوني خارجي كي نعرف أخيرًا حدودنا، يحدث لي أن أفكر كما لو أن كافة اختلافاتنا بين الأمم قد تختفي عندما نواجه تهديدًا خارجيًا آتيًا من عالم آخر". أيضًا الرئيس بيل كلينتون صرَّح بخصوص هذا الموضوع: "سأكون جد مفاجئ إذا لم نعثر خلال ثلاثين سنة القادمة على شكل آخر من الحياة في عالم آخر، يبدو واضحًا أنه كانت هناك أشكال معينة من الحياة فوق المريخ في الماضي فهذا ما سبق لنا واكتشفناه". في الفترة الرئاسية الأولى للرئيس أوباما كانت هناك مطالبات من طرف جمعيات وهيئات المجتمع المدني للرئيس بالكشف عن حقيقة الصحون الطائرة، وقد رد في خطاب متلفز مطمئنًا الرأي العام أنه: "ابتداء من اليوم كل الوكالات والمؤسسات عليها أن تعرف أن هذه الإدارة لا تقف بجانب الذين يمتلكون المعلومة ولكن إلى جانب الذين يريدون جعلها عامة". أمام اتساع هذه الظاهرة عقدت الأمم المتحدة سنة 2007 لقاء من أجل دراسة الموضوع حيث قامت عدة دول بفتح ملفاتها السرية لأول مرة. وفي السنة نفسها صرَّح إدغار ميتشيل رائد الفضاء في الرحلة أبولو 14 وسادس رجل يسير فوق القمر حول سؤال ما إذا كان يعتقد في وجود حياة في كواكب أخرى قائلاً:

هذا السؤال لا ينبغي أن يطرح أبدًا. هناك حياة في كل مكان في الكون. نحن بعيدون كل البعد عن أن نكون لوحدنا في الفضاء.

كما أكد بوز ألدرين Buzz Aldrin  رائد الفضاء في الرحلة أبولو 11 التي نزل فيها الإنسان لأول مرة فوق القمر أنه وزملائه الآخرين قد شاهدوا مركبات فضائية مجهولة Ovni لكنهم امتنعوا عن قول أي شيء حولها لأن البث آنذاك كان مباشرًا وبالتالي كان العالم برمته سيعرف الخبر.

إن الألفية الثالثة لا بد أن تكون ألفية كوكبية إذ يبدو أنه ليس هناك من سبيل لتحقيق تقدم بصدد المشاكل التي تعترض البشرية سواء على الصعيد الاقتصادي أو البيئي والصحي وحتى السياسي إلا عن طريق القيام بقفزة نوعية نجمية. إن الاعتقاد بأننا وحيدون في الكون وأننا في مركز فعل الخلق يبدو أنه آخر المركزيات التي ستنهار في المستقبل، بعد انهيار مركزية الكرة الأرضية ومركزية الحضارة الغربية وغيرها من المركزيات. والسؤال الذي ينبغي أن نفكر فيه اليوم ليس هو: هل نحن وحيدون في الكون أم أن هناك كائنات أخرى تشاركنا الوجود؟ بل ما هو نوع التأثيرات التي سيتركها ظهور هذه الكائنات الفضائية على حضارة الجنس البشري؟

*** *** ***


 

horizontal rule

*  باحث في قضايا الفلسفة من المغرب.

[1]  مجلة العلوم. الترجمة العربية لمجلة ساينتفيك أميريكان، المجلد 21 العددان 10 و11 أكتوبر/نوفمبر 2005. أنظر مقال بعنوان هل أتت الحياة من عالم آخر من الصفحة 37 الى الصفحة 43.

[2] Erich von danikenthe chariotes of the gods was god an astronaute مرجع رقمي http://www.wordscascade.com/chariots.pdf

[3]  من هذه الطرق مثلاً قياس تغير لمعان النجم حينما يمر من أمامه هذا الكوكب لأنه يحجب جزءًا من الضوء الصادر عنه. أو قياس اهتزاز النجم ذاته بفعل الجاذبية المتبادلة بينه وبين هذا الكوكب.

[4]  فيزياء المستحيل، تأليف ميشيو كاكو، سلسلة عالم المعرفة العدد 399 أبريل 2013 الفصل المعنون بالحجب عن الرؤية.

[5]  الكتاب الأزرق the blue book هو المصطلح الذي عرف به الكتاب الذي تم وضعته المخابرات الأمريكية من أجل جمع العديد من الشهادات والتقارير حول موضوع الأطباق الطائرة والذي كان يشرف عليه جوزيف هاينك، ويقال إن الهدف من هذا الكتاب كان إخفاء الحقيقة وليس الكشف عنها.

[6]  النسبة الذهبية:Le nombre dore  هو عبارة عن ثابت رياضي تبلغ قيمته حوالي 1.6180339887

[7]  العنوان الإلكتروني لجان بيير بوتي: http://www.youtube.com/user/JPPETITofficiel

[8] Enquêtes sure les extras terrestres qui sont déjà parmi nous jean pierre petit albin michel 1991

[9] Le misère des ummites une science venus dune autre plante jean pierre petit Editions albin michel 2004

[10]  الموقع الرسمي للأوميت الذي يضم العديد من المعطيات حول حضارتهم ولغتهم وتاريخهم http://www.ummo-sciences.org/

[11]  كل التصريحات الواردة هنا مأخوذة من اليوتوب.

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني