بـلا زمنٍ ولا حـلمٍ
عصام
كنج الحلبي
تـهويم
طولي يُساوي قامةَ المِرْآةِ
تنقصُ جبهتي
عينايَ
في حالِ انتعلْتُ حذاءَها.
طولي يُساوي قامةَ المِرْآةِ
مُـنتعِـلاً حذائي
ناقصًا من غُـرَّتي بعضٌ
ومن طاقـيَّـتي الخضراءِ
نَسْـرٌ أصفـرٌ.
طولي يُساوي قامةَ المِرْآةِ
تظهرُ جثَّـتي
ما تحتَها الكرسيُّ
مصحوباً بظلٍّ
يُشبهُ الرَّقَّـاصَ في ساعاتِهمْ.
***
صوتـان للشَّـاعر
صوت 1
أرتادُ أُغنيتي
كسِـكِّيرٍ على الطرقاتِ
لا ينتابُني إلا خلاصةُ وهمِهِ اليوميِّ
حينَ يراوغُ الأيَّامَ في دورانِـها
ويموجُ كالأشجارِ من ريحِ الغوايةِ
نازفًا آهاتِـهِ كالنَّايِ
يشدو – مالِـئًا قصبَ الحنينِ –
مُـقلِّـداً شدْويْ
أرتاحُ إذْ يرتاحُ من إغفائِهِ
وألـمُّ عنه الذكرياتِ
كأنَّه ارتجلَ الأنينَ على مدى عينيهِ وهو ينامُ
مُضطجعًا على أحلامهِ العرجاءِ كالمسكينِ
تعروهُ السَّكينةُ من أقلِّ الدِّفء
إذْ ينساهُ باقي البردِ
كالأيقونةِ الخرساءِ في بهويْ
كالوهمِ يعتمرُ الأماني
ساهِـمًا في شهوةِ الأنهارِ
حينَ تصبُّ في مرآةِ نجمتِـهِ
فيمشيْ مُسْـتدِلاًّ بي إلى صحرائِهِ
حيثُ المدى لا يحجبُ الصلواتِ/
لا يرتاحُ فيهِ القلبُ منْ خصْبٍ/
ولا يشتاقُ فيهِ الذّئبُ أن يعويْ
*
صوت 2
لا تعترفْ يا صاحبي
بمَـجازِكَ العبثيِّ للأشياءِ
أو لا تنْتبهْ
لسلالةِ الأحلامِ حينَ تنامُ في برِّيـَّةِ المعنى
وخَـلِّ الشِّعرَ عنكَ
إذا تلظَّى روحُكَ المخمورُ بالأشواقِ
وارجـعْ
ناذرًا قلبَ الصَّباباتِ الهزيلِ
لفتنةٍ سَـكبتْ عليكَ زلالَـها الأزليّ
فاشتعلَتْ بكَ الأيامُ ما خبَّـاْتَ منْ ظمَـأٍ
وما ستُـميطُهُ الأيامُ عنكَ إذا انتبهْـتَ
وخَـاتلِ الطّرقاتِ في إيحائِها الأبديّ
إمَّـا نحو خاتمةِ الأمورِ على مدارِ الوهمِ
أو نحويْ
في آخرِ العمْرِ
اعترِفْ لمشيئةٍ ما
أنَّ ليلاً ما
يفتِّـشُ عن سماءٍ ما
تَـزفُّ لكَ النَّجومَ
وتـشتهي قمرًا لديكَ
وليسَ يَـملِكُ أنْ يُطاوِلَ حُسْـنَكَ العاليْ
فلا ينويْ
***
بـلا زمنٍ ولا حـلمٍ
إلـى أبـي المـرحوم
أحتاجُ مفردةً
لأعرفَ كـمْ يضيقُ بيَ الـزمانُ
بلا ندائِـكَ لي لأجلبَ حاجةً ما
كُـنْتَ تعرفُ
أنَّـني أنْحـلُّ عن لَـهْوي لأمرٍ قـدْ يُؤجَّـلُ
ريثما أرتاحُ من عبءِ الخسارةِ
في مباراتي الأخيرةِ
كنتُ لا ألوي على فرحٍ
سوى حلْمي بفوزٍ
فائقِ الإعجابِ من جاراتِـنا فوقَ السُّـطوحِ
وكنتَ تعرفُ
أنَّني أحتاجُ منكَ نصيحةً عنهنَّ
كنتَ تقولُ لي:
/إنَّ النساءَ على السُّطوحِ حمائمٌ هدلتْ لغيركَ/
كنتَ تُـشبهُني
وأنتَ اليافعُ المغرورُ
كنتَ تُـقلِّدُ الأبطالَ في (السينما)
وتشردُ في المغيبِ
لكي تُـلـفِّق في خيالكَ
ما يُـثيرُ البنْـتَ خلفَ ستائرِ الصيفِ الشـفيفةِ
كنتَ تحلمُ أنَّ واحدةً ستغرقُ
حيثُ تُـنقذُها وتعشقُها
وتغرقُ أنتَ في عينينِ
لن تحتاجَ بعدهما لحلمٍ آخرٍ...
أمَّـا ستائرُ أهلِ أمِّـي
لم تكنْ صيفيَّـةً
كانتْ سوادًا
مثل ليلي ها هنا
أبكي عليكَ
وأنتَ موسيقايَ في نومي
لعلَّـكَ ماحلمْـتَ سوى بموسيقاكَ
تنسابُ الليالي حولَـها
وتحثُّ قلبَـكَ
أنْ يُضيءَ ظلامَ أيـامي حيالكَ إذ تُـغادرُ
زادُكَ الصَّلواتُ
والذكرى
ورحمةُ مَـنْ دعاكَ
وزاديَ الكلماتُ
والبردُ الكريمُ
وكِـسْرةُ القلبِ اليتيمِ
وما عسايَ أقولُ في قلبٍ
بذلتَ لهُ الحياةَ
ولمْ يكنْ يفديكَ بالطَّـاعاتِ
ماااااااأحلى زمانَـكَ
كـنْـتَ نِـدًّا واضحًا
وأخًا قديمًا
يأكلُ القلقَ الدّفينَ
ويُسرجُ الآمالَ في قلبي
ويُطلـقُها على الدّنيا
وما همِّي بأنِّي صِرتُ
أو سأصيرُ ما أرضاهُ عن نفسي
ولكنْ
لا يُباركُـني رِضاكَ
وما دهاكَ
لكي تُـفارقَـني بلا زمنٍ
سيكفيني لأندمَ
أو تراودَني بلا حُـلُمٍ
سيوقظُني على حمَّى غيابكَ...
صارَ يُـبكيني صدى ضحِكي
فأذكرُ ما ضحِكْتَ على حِكاياتي
إزاءَ تملُّصي من حِنكةِ (التدخينِ) فيكَ
وكنتَ تعرفُ أنَّـني
أحتاجُ إنْ عاقبْـتَني
أنْ أستريحَ لحضنِ إحداهنَّ أيـًا كُـنَّ
ثمَّ أنامُ ملْءَ شهامتي
في أنَّني سأنامُ يومًا آخرًا
في حضنِ أُخرى
ثمَّ أبكي
حينَ أذكرُ ما ضحِكْتَ على حِكاياتي
سأعرفُ
إذْ عرفتُ الآنَ
أنّـكَ سوفَ تُـومِضُ في زماني حالكًا
وبأنَ يومًا ما
سيومِـئُ لي إليكَ
فلا تبادلْـني السّلامَ
لأنَّني
أحتاجُ يومًا آخرًا كي أستعيدَ بسالتي
لأضمَّ قلبكَ
ثمَّ أغفو سالمًا من كلِّ ما يُـبكي
فقلبي تائهٌ
وسماءُ روحي ظلمةٌ لا تـنْتهي.
من
ديوان كأني ناقص ضلعين
*** *** ***