|
منقولات روحيّة
تمثِّل الصورة واحدة من المسائل الأساسية المطروحة في التصوف. كيف يمكن التعبير عن الغيبي المتجاوز؟ بحسب أيَّة معايير يمكن أن نترجم، بمفردات المرئي، تجربة يقيم أفقها في الغيب الغائب؟ كيف يمكن التعريف بما هو غير قابل للتمثل؟ استنادًا إلى قياس، كيف يمكن أن نصف الغيرية الوجودية المطلقة (أي الله)؟ هذا كله يحيلنا إلى تجربة الرؤية ونشاط المخيلة ودخول "الصورة العقلية" في المشهد. هذا كله أيضًا يجد امتداده في الموقف الجمالي والكيفية التي نقدم بها شيئًا غير قابل للتمثل، برجوعنا إلى أدوات المحاكاة، التصوير والنحت، هذه الحوامل التي تستقبل الصور المحسوسة. إن سؤالاً أساسيًا يسكن اللاهوت: شرعية التعبير عن الله من خلال هذه الحوامل، أو انعدام شرعية ذلك.
إينشتاين: هل تؤمن بإلهٍ مفارقٍ للعالم؟ طاغور: ليس مفارقًا. ذات الإنسان، التي لا تنضب، تَبلغ الكون. ما من شيءٍ تعجز ذات الإنسان عن بلوغه. هذا يثبت أنَّ حقيقة الكون حقيقة إنسانية. لكي أوضِّح فكرتي سوف أستخدم حقيقة علمية. تتألَّف المادة من إلكترونات وبروتونات لا يوجد بينها شيء آخر، لكن يمكن للمادة أن تبدو متراصَّة دونما روابط في الجو تربط بين الإلكترونات والبروتونات المنفصلة عن بعضها بعضًا. على هذا النحو تمامًا، تتكوَّن البشرية من أفراد تربط بينهم علاقات متبادلة تعطي المجتمعَ الإنساني وحدةَ العضو الحيِّ. الكون برمَّته مرتبطٌ بنا، كذلك، ككائنٍ فرد. إنه كون الإنسان...
التصوُّف وصوفة هما التمشيُع الجاهلي أي التضحية بالنفس ونذرُها وتسليمها لله. وبنو صوفة، في الجاهلية، هم الأشياع، الشيعة، المنذورون لله تعالى، ولأهل بيت الله، أي للكعبة، وأهل الكعبة. و"الأشياعي"، الصوفي، هو المستشيعُ الذاتي أو الشيعاوي: إنه الذي يُشيع ذاته، ويتخلَّى عنها تمامًا، كي يبقى ويستمر حيًا في علاقةٍ مع الله هي نذريهٌ، وابتغاء مرضاته. وبذلك فهو المنذور الذائب في الله، الصوفي عائشًا لله، أو من أجل الله، وفي الله، أو قربانًا، وضحية هي فدوٌ، وفداء. وهو الذي نذر نفسه لله، وبذلك فهو يعيش منزويًا منقطعًا، صائمًا صامتًا، مُباعًا لله، لا يملُك نفسه. إنه حمل، غنمة، مُقدم كقربان لله تعالى أو ذبيحة، كفديٍ يشتري خطايا أهل بيت الله، أو يفتديهم بحريته الشخصية، وفناؤه عن نفسه إذابةً لها في محبَّتهم والدفاع عنهم وتكفيرًا عن ذنوبهم.
***
|
|
|