|
سيدة الموقد
من مذكرات كلب أ- قبل الهجرة 1- مَنْذُورٌ للرَّجْمِ والعَرَجِ، بَادِي الحَرَاقِفِ، دَائِبُ التَّحَكُّكِ، يَخْفُقُ خَلْفِي الصِّياح: دَعْ، دَعِ...، وأنا لمْ أَتَخَطَّفْ شَيْئًا ولا أَمْلِكُ إِلا النُّبَاح. 2- كُلُّ الصَّيْدِ في ذُرَى الدِّمَنِ، المَصِيفُ تَحْتَ ظِلالِ قُلَّةٍ مِنْ خَزَفٍ، المَشْتَى أَنْكَى، أَرْضِي لا يَسَعُهَا رَكْضِي، الحُرِّية هي لَهْثِي، وهي كل زَرْعي وحَرْثي. ب- في الضفة الأخرى 1- عَلَفٌ رَادِعٌ لِشَذَاةِ الشَّرَهِ، قِلادَةٌ مُطَوِّقَةٌ، لِي بَيْنَ شَتّى الأَثْدَاءِ مَرَاحٌ ومَغْدَى، رِيشٌ وَثِيرٌ، أُفُقٌ قَصِيرٌ حَسِيرٌ. 2- يا لَهَفِي عَلَى لَهَثِي! يا نَدَمِي عَلَى دِمَنِي! أَمِنْ نَكْسِ الزَّمَانِ عَلَى إِسْتِهِ أَذَى بَنِي وَطَنِي أَمْ أَذَابَنِي وَطَنِي...؟! *** الأعمى والطريق يَمُدُّ سَمْعَهُ، يَعُدُّ خَطْوَهُ. سِنينَ والأعْمى يَقيسُ عُبورَهُ للطريق بهذا الخَطْوِ الوَثِيق. بذاكرته الموشومة يَصِلُ إلى ضِفَّته المَحْتومة. لمَّا وَسَّعُوا الطريق كان ثمّة قَشَّة وغَريق. فَعَبْرَ نَفْسِ العُبُور العَتيق يَسْمَعُ صَكَّ الفَرَامِلِ والزَّعِيق. يَتَحَسَّسُ بعصاه ناصِيَّةَ الرَّصيف، لا بَصِيص إلا الأَزيز. قَبْلَ أنْ يَلْعَنَ انْتِفَاَءَ المَعَالِمِ، مَدْهُوسًا اخْتَفَى عنْ هذا العَالَمِ. *** أسئلة كبرى تحت لَفْحِ شمس ظهيرة مُسْتعرة وُرِيَ جُثْمَانُهُ الثَّرَى. انْبَرَى الواعِظُ يُذَكِّرُ المُشَيِّعين بالأسئلة الثلاثة الكبرى التي يجب الاستعداد لها لمثل هذا اليوم. وظلّ السؤالُ الوحيد الجاثم على الحضور هو: متى سَيَنْفَضُّ الجَمْعُ، ويَخْرُسُ الواعِظُ ما دام الموْتُ وحده الواعظ؟ *** سيدة الموقد حين أَعْشُو إلى مطْعم قَصِيٍّ... دائمًا أراها أمام الموقد مُقَرْفِصَةً تُشْعِلُ النار وتَتَرَاقَصُ حَوْلها الظِّلالُ والألحانُ. تَنْثَنِي، تَنْحَسِرُ، تَتَداعىَ، تَتَوارَى وراء زجاج مُغَبَّش، ولا يتبقَّى أمامي إلا المَوْقِد والنَّار. *** *** *** |
|
|