|
تاريخ وتنظيمات العيش المشترك في
سورية
لماذا حلب أنموذجًا للعيش المشترك في سورية؟ وأقوال المراسلين والرحالة والكتاب والمؤرخين عن هذا العيش: العبادات الإسلامية والمسيحية والموسوية في حلب، تاريخ الطوائف المسيحية الإحدى عشرة، تشريعات الأديان والمذاهب والطوائف؛ عن أحكام قانون الأحوال الشخصية لعام 1953، وقوانين الأحوال الشخصية للطوائف المسيحية، وآخرها القانون رقم 31 لعام 2006 المتعلق بالطوائف الكاثوليكية؛ وعن العلمانية المؤمنة في أقوال قداسة البابا وسماحة مفتي الجمهورية وغيرهما، والدستور السوري لعام 1973 الذي أعلن مساواة المواطنين في الحقوق والواجبات، وصيانة حرية الاعتقاد، واحترام الدولة لجميع الأديان؛ وعن مدى دستورية قوانين الأحوال الشخصية والطوائف. أليس من الضروري، ولو بعد ستة وثلاثين عامًا من صدور الدستور السوري لعام 1973، عرض التشريعات التالية على المحكمة الدستورية العليا والسلطات المعنية للنظر: - هل تتوافق أحكام قوانين الأحوال الشخصية المتعددة مع أحكام الدستور السوري؟ فإذا لم تكن كذلك فقد أصبح من الضروري إصدار قانون موحد للأسرة يتوافق مع أحكام الدستور. - هل يتوافق نظام الطوائف والمذاهب الإسلامية والمسيحية والموسوية، الصادر بقرار المفوض السامي الفرنسي رقم 60 ل. ر. لعام 1936 وتعديلاته، مع أحكام الدستور السوري؟ فإذا لم يكن كذلك فقد أصبح من الضروري إصدار قانون جديد لنظام الطوائف يتوافق مع أحكامه. 1 - لماذا حلب أنموذجًا للعيش المشترك؟ إن الخليط السكاني والتركيبة الاجتماعية المتعددة العناصر والأصول القومية من عربية وآرامية وكردية وأرمنية وشركسية وتركية...الخ، المختلفة المذاهب والأديان، إضافة إلى تعدد الحضارات والفرق الدينية والمذهبية التي نمت وازدهرت في حلب، وإلى احتكاك الحلبيين، على امتداد قرون عدة، بالأجانب الزائرين والمقيمين في حلب بوصفها المركز التجاري الأهم في الشرق؛ كل هذا زاد من قدرة الحلبيين على التفاعل الاجتماعي والتعايش اليومي مع الآخرين، فتآلفت المتضادات وتوافقت المتناقضات في حلب، دون تعصب اثني أو مذهبي، وتجلّى ذلك في احترام معتقدات الآخرين وتقاليدهم وجذورهم التاريخية. وأصبح هذا التنوع السكاني مصدر غنى وإبداع وازدهار. إضافة إلى أن الصفة الغالبة على المجتمع الحلبي هي أنه مجتمع صناعي/تجاري، وقد تمركزت الثقافة المهنية في بيوتات عريقة على امتداد أجيال، فتفرعت الصناعات إلى اختصاصات متعددة تكمل بعضها البعض، مما جعل هذا المجتمع مجتمعًا متعاونًا متضامنًا رغم الاختلافات الاثنية والدينية، يتمسك بالعلم العملي والتطبيقي لا العلم النظري والمدرسي. وبحسب معلوماتنا فإن مدينة حلب هي المدينة الوحيدة في العالم التي يوجد فيها 11 طائفة مسيحية، لكل منها مطرانها، كما توجد فيها طائفة موسوية واحدة. وكل هذه الطوائف معترف بها رسميًا، ولها محاكمها الروحية المختصة بالأحوال الشخصية لرعاياها، ولها أيضًا أوقافها الخاصة بها، كما أن أعياد الميلاد والفصح ورأس السنة الميلادية هي أعياد رسمية تعطل فيها دوائر الحكومة تمامًا كما تعطل في أعياد المولد النبوي ورأس السنة الهجرية والفطر والأضحى، وهذه مؤشرات واضحة عن مدى التسامح الديني في سورية منذ أقدم العصور حتى الآن. لذلك اعتمدنا حلب أنموذجًا للعيش المشترك في سورية 2 - حلب قبل ديانات التوحيد كان لحلب مقام ديني كبير في العهود الوثنية، وكان العديد من ملوك المنطقة يؤمنون بآلهة حلب. وتشير الرقم الأثرية إلى أن زمرليم، ملك ماري، كان يقدم الأضاحي للرب حدد الحلبي، رب الصاعقة والمطر والجبال العالية، وذلك في معبده الكائن في كلاسو (الكلاسة حاليًا). وكان الفاتحون يتقربون إليه، وإلى الآلهة أتارغاتيس (عشتار الحلبية). وفي أثناء الحكم اليوناني امتزجت الديانات السورية القديمة بالديانات الإغريقية فتغيرت تسميات الآلهة. العيش المشترك في ظل ديانات التوحيد في حلب وبعد أن اعتنق الحلبيون ديانات التوحيد عرف عنهم تسامحهم الديني واحترامهم لمعتقد الآخرين، إيمانًا منهم بأن "الدين لله والله للجميع". ورغم تعدد ديانات التوحيد فإن الله واحد أحد، هو رب العالمين وليس رب مذهب بمفرده. بالرغم من أن معظم أهالي حلب من المسلمين، فإن حلب لم تكن في يوم من الأيام مدينة مغلقة في وجه الأجانب من دين آخر، كما كان عليه الحال في المدن الأخرى، بل بقيت وحدها دون سواها مفتوحة للجميع، يدخلونها بلباسهم التقليدي ويمارسون فيها طقوس عبادتهم، فاستوطنها كثير من التجار الأجانب وأقاموا فيها جيلاً بعد جيل ينعمون بالأمان. 3 - الارساليات والطوائف ودور العبادة المتجاورة في حلب منذ القرن الثالث عشر وجدت في حلب عدة رهبنيات مسيحية أجنبية، فالآباء الفرنسيسكان قدموا إلى حلب عام 1237 م، وأقاموا في باب إنطاكية ثم في خان إبرك (الصابون) والشيباني، واستقروا في مقرهم الحالي في حي العزيزية قبل خمسين سنة، وكانت مدرستهم، المسماة بالأرض المقدسة، تعلم اللغات الفرنسية والإيطالية واللاتينية والتركية بالإضافة إلى العربية، ويوجد في مقرهم الحالي بعض من الكتب التي كانت تدرس آنذاك بالإضافة إلى سجلات بأسماء الطلبة الذين درسوا في هذه المدرسة. ثم قدم إلى حلب، عام 1615، الآباء الكرمليون وسكنوا في خان الجمرك، وعام 1623 قدم الآباء الكبوشيون وسكنوا في خان القصابية. كما أقام الآباء اليسوعيون أول أديرتهم في الشرق عام 1625 في مدينة حلب، باعتبارها أهم حاضرة في البلاد الشامية، وبعده أقاموا ديرهم في دمشق عام 1643 ثم ديرهم في عين طورة في لبنان عام 1657. ووجدت أيضًا الطائفة الإنجيلية في حلب قبل عام 1850، من خلال مدارسها التي تدرس اللغة الإنكليزية. وبعد الحرب العالمية الأولى انتقلت كلية سورية الشمالية من عينتاب إلى حلب، وأصبح اسمها الكلية الأميركية، وبعدئذ معهد حلب العلمي، كما ساهمت في أحداث الجامعة السورية في بيروت، التي أصبح اسمها بعدئذ الجامعة الأميركية في بيروت. كل ذلك ساهم في إتقان الحلبيين اللغات الأجنبية منذ القديم. ومن المعروف أنه كان يوجد، في معظم خانات حلب الكبيرة، جامع وكنيسة وكنيس إلى جانب بعضها، كما كان الحال في المدن السورية المنقرضة وخاصة في البارة والرصافة، حيث توجد آثار أماكن العبادة المختلفة إلى جانب بعضها. كما أن انتشار المواقع المسيحية الى جوار المواقع الإسلامية في طول البلاد وعرضها قديمًا وحديثًا لأكبر دليل على العيش المشترك الديني في حلب. 4 - من أقوال المراسلين والرحالة والكتاب في العيش المشترك في حلب سجلت الأميرة بوزو، في كتابها، إثر زيارتها لحلب عام 1594م ما يلي: لم يكن الأوربيون في حلب بعيدين عن وطنهم. وحين زرت حلب شعرت بأنني بين أهلي، وأن ساكني الخانات يشكلون طبقة معتزة بنفسها، وهم من أوربة، ولم يتخلوا عن عاداتهم. وقد نسيت أحيانًا أنني كنت في المشرق. واعتقد أن ذلك ثناء كبير لمدينة آسيوية. نسجل فيما يلي ما ذكره الباحث الياباني ناوتو سايكو، في كتابه مبادئ التعايش في سورية، وهو الكتاب رقم 22 الصادر عام 1990 عن معهد الدراسات الشرق أوسطية في اليابان: إن شعوبًا مختلفة الأديان والأصول دخلت سورية، وتركت طابعها فيها، واستطاعت سورية أن تحافظ على الصفات المختلفة لهذا العدد الكبير من المجموعات الاثنية والدينية، وأن تجمعهم في وطن واحد. وعلى الرغم من وقوع بعض التوترات والاحتكاكات بين هذه المجموعات المختلفة في بعض فترات تاريخ سورية المديد، إلا أنهم، جميعًا، احترموا معتقدات بعضهم، وعاشوا سوية في سلام. لذلك غدا من الجدير دراسة الكيفية التي تمكنت بواسطتها هذه المجموعات المتغايرة الصفات من التعايش في هذه المنطقة، وكيف كوّنت سورية منهم كتلة متجانسة على الرغم من اختلاف العادات والتقاليد والثقافات واللغات والأديان. كما نسجل فيما يلي ما قاله الرحالة فولني (القرن 18) عن حلب: إن الحلبيين يعتبرون بحق، مسلميهم ومسيحيهم، أكثر سكان تركيا ثقافة. ولا يتمتع الأوربيون في أي مكان بمثل ما يتمتعون به هناك من حرية واعتبار. لذلك غدت مدينتهم ملجأ المضطهدين المسيحيين حتى فاق عددهم، فيما بعد، عدد السكان المسلمين. وهكذا تعايشت الأديان والمذاهب في سورية بوئام. وفيما طرد الأوربيون مسلمي الأندلس، فإن حلب كانت تستقبل أفواج المهاجرين المسيحيين بالترحاب. كما ذكر ادوارد لورنس، في كتابه أعمدة الحكمة السبعة، عن حلب ما يلي: وإذا أوغلنا أكثر إلى الداخل لنصل إلى حلب، فإننا نجد في تلك المدينة، التي تعد مائتي ألف نسمة، صورة مصغرة لكل العناصر والأديان الموجودة في الإمبراطورية العثمانية ... ومن خصائص حلب الفريدة أنك تجد فيها، رغم حرارة الإيمان، تآلفًا غريبًا وتعايشًا سلميًا بين المسلمين والمسيحيين واليهود، وبين الأرمن والعرب والأكراد والأتراك، لا نجد له مثيلاً في أية مدينة أخرى في الإمبراطورية العثمانية. ونذكر بهذا الخصوص قول بطريرك الروم الأرثوذكس غريغوريوس حداد للجنة كنغ كراين: نحن النصارى في هذا البلد عرب غساسنة تدعونا عروبتنا لنكون يدًا واحدة مع أبناء قومنا ومع الدولة العربية التي قبلناها. وكذلك قول المطران ناوفيطوس ادلبي، مطران الروم الكاثوليك السابق في حلب، في محاضرة له بعنوان شهادة مسيحي عربي: إن المسيحيين والمسلمين في هذا البلد ينتمون إلى عنصر واحد مركب خليط، فنحن عرب شأن جميع مواطنينا لا أقل ولا أكثر. وفي تصريح أدلى به بطريرك طائفة الأرمن الأرثوذكس لجريدة الجماهير، عند زيارته لحلب بتاريخ 5/12/2001، ذكر ما يلي:
حلب كانت المحطة الأولى بالنسبة لنا، وشعب حلب احتضننا بمحبة، وقدمت
حلب مائها وخبزها لنا. صرح القس الحلبي هاروتيون سليميان، الذي انتخب مؤخرًا رئيسًا لمجلس الأرمن البروتستانت في العالم، لجريدة الجماهير، بتاريخ 24/11/2008، بما يلي: لقد عشنا حياة الحوار مع أخوتنا المسلمين في هذا الجو الذي يتفاجأ به كل من يزور سورية ويرى هذا العيش المشترك، والذي يمكن لسورية من خلاله أن تكون نموذجًا رائعًا للعيش، كي تتعلم منه باقي الكنائس في جميع أنحاء العالم. وقد سجل المؤرخ فيليب حتي في كتابه تاريخ سورية بأن المسلمين كانوا أقلية في المراحل الأولى للفتح العربي الإسلامي (مائتي ألف مقابل ثلاثة ملايين). وقد ذكر المؤرخ أرنولد توينبي: من الحق أن نقول إن غير المسلمين نعموا، بوجه الإجمال، في ظل الحكم الإسلامي، بدرجة من التسامح لا نجد معادلاً لها في أوربا قبل الأزمنة الحديثة. لقد سجل الدكتور ادمون رباط الحلبي، في الصفحتين 28 و29 من كتابه المسيحيون العرب: للمرة الأولى في التاريخ انطلقت دولة هي دينية في مبدئها، ودينية في سبب وجودها، ودينية في هدفها ألا وهو نشر الإسلام ... إلى الإقرار، في الوقت ذاته، بأنه من حق الشعوب الخاضعة لسلطانهم أن تحافظ على معتقداتها وتقاليدها وطراز حياتها، وذلك في زمن كان يقضي المبدأ السائد إكراه الرعايا على اعتناق دين ملوكهم. إن من بقي من هؤلاء النصارى، موزعين على طوائفهم المعروفة بتسمياتها المختلفة، إنما هم شهود عدل عبر التاريخ، ليس على سماحة الإسلام، وهو تعبير لا يفي بالواقع، لأن وجودهم أهل ذمة في الماضي إنما كان مبنيًا على قاعدة شرعية وليس على شعور من طبيعته أن يتضاعف أو يضعف، وإنما على إنسانية هذا الدين العربي الذي جاء في القرآن، وهو الدين الذي أقر لغير المسلمين ليس فقط بحقوقهم الفردية والجماعية الكاملة بل وأيضًا بالمواطنة الشاملة. لقد صرح د. جون كيري، كبير أساقفة كنتربري، أثناء زيارته لسورية عام 1998، بما يلي: من يريد نموذجًا حيًا عن التعددية والتعايش بين العروق والأديان والمذاهب والطوائف فلا بدّ من أن يعيش في سورية. كما قال روبين كوك وزير خارجية بريطانيا السابق: لو لم يكن الإسلام يحترم الآخرين لما كان هناك مسيحيون ويهود في الشرق كله، ولما بقيت كنائس وأديرة ودور عبادة وآثار لحضارات أخرى في الشرق. 5 - العبادة الإسلامية في حلب بدأ انتشار الإسلام في حلب منذ أن دخلها، سلمًا، أبو عبيدة الجراح، عام 636 م، وأعطى الأمان لأهلها ولدور عبادتهم وسمح لحاميتها البيزنطية بمغادرتها. واعتبر المؤرخون مدينة حلب، مع مدينتي استنبول والقاهرة، من المدن الأكثر احتواء للآثار والأوابد والمعالم الإسلامية التي ما زالت قائمة في العالم، لذلك اختارها المؤتمر الإسلامي لتكون عاصمة للثقافة الاسلامية عام 2006. أن غالبية مسلمي حلب هم من أهل السنة على المذهبين الحنفي والشافعي. أما في عهود الدولة الحمدانية والدولة المرداسية وزعامة آل الخشاب في حلب، فقد ساد المذهب الشيعي على امتداد قرنين من الزمن، إلى أن قام نور الدين الزنكي، وبعده صلاح الدين الأيوبي، بدعم المذاهب السنية، فأقاموا المدارس السنية، وربطوا لها الأوقاف الخاصة لتمويلها، فضعف التشييع وكاد أن يتلاشى في عهد السلطان العثماني سليم، ولم يبق سوى ستة مراكز شيعية جعفرية (إمامية) في جوار حلب هي: نبل والزهراء (كان اسمها المغاولة، وفيها مقام وجامع أبي الحسن) وأم العبد والدالبوز والفوعة وكفرية معرتمصرين. وفي حلب مشهد الحسين ومرقد المحسن بن الحسين، اللذان شادهما سيف الدولة الحمداني، الذي استقطب العلماء والشعراء كالفارابي وابن خالويه والخوارزمي وأبي فراس الحمداني وأبي الطيب المتنبي والصنوبري وكشاجم. وفي عهد سيف الدولة أقام في حلب العديد من علماء الشيعة. ويوجد في جوار حلب بعض القرى الدرزية منها كفر بنين ومعرة أخوان وقلب لوزة. كان الأمير بشير الشهابي قد نقل، في عام 1820، من حلب إلى لبنان، 400 عائلة درزية، لذلك تحمل بعض هذه العائلات في لبنان كنية (الحلبي). الأوقاف الإسلامية بعد أن صفّى المشرع الأوقاف الذرية بالمرسوم التشريعي 76/1949 وأبقى الوقف الخيري وحده، ألغى ولاية المتولين على هذا الوقف بالمرسوم التشريعي رقم 128/1949، المعدل بالمرسوم التشريعي رقم 170 /1952، ووضع النظام الأساسي للأوقاف بالمرسومين التشريعين رقم 185 /1961 و204/1961، أناط الولاية على الأوقاف الاسلامية بوزارة الأوقاف ومديرياتها في المحافظات، وحدد صلاحياتها، وأحدث المجلس الأعلى للأوقاف - وقد تولى مجلس الافتاء الأعلى القيام بمهامه -، ومجالس الأوقاف المحلية في المدن (المفتي- مدير الأوقاف- القاضي الشرعي- عالم- محام- مهندس- ملاك- تاجر)، ولجان الأوقاف في القرى. وتقسم العقارات الوقفية حاليًا إلى: - العقارات ذوات الإجارة الواحدة الخاضعة للقانون رقم 104/1960 الناظم لاستبدال هذه العقارات، ويطبق عليها قانون الإيجارات. - العقارات ذات الإجارة الطويلة. وتعود ملكيتها للوقف. وللغير حق التصرف بها كحالات الحكر والإجارتين. وتخضع للقانون رقم 163/1958 المعدل بالقانون رقم 189/1960 المساجد في حلب المساجد أماكن عبادة المسلمين، وكان فيها مدارس لتعليم القرآن والنحو واللغة إضافة إلى حلقات التدريس لكافة المذاهب، كما كانت أيضًا دارًا للقضاء. من المساجد ما تجري فيها صلاة الجماعة يوم الجمعة والعيدين فيسمى بـ "المسجد الجامع". كما أن هناك مساجد يصلى فيها الأوقات السرية والأوقات الجهرية والصلوات الخمسة أو بعضها. ويبلغ تعداد مساجد حلب 458 مسجدًا. إن كافة المساجد القديمة، ومعظم المساجد الحديثة، أي ما مجموعه 343 مسجدًا، داخلة في ملاك وزارة الأوقاف التي تدفع تكاليفها ورواتب خطبائها وأئمتها ومؤذنيها وخداميها. أما باقي المساجد الحديثة، وتعدادها 115 مسجدًا، فهي مساجد أهلية غير داخلة في ملاك وزارة الأوقاف، ويجمع الأهالي التبرعات لتأمين نفقاتها وتكاليف الصيانة وغيرها. إن قبب مساجد حلب نصف كروية تقريبًا، وهي خالية من الأعمدة، ولها بروزات داعمة فيها نوافذ. القليل من مساجد حلب لا مآذن لها، أو لها برج معدني عليه مكبرات الصوت، أما مآذن المساجد القديمة فهي مربعة أو مثمنة أو شبه دائرية أو دائرية. الجامع الأموي الكبير: أقام الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك الجامع الكبير في حلب على حديقة الكنيسة التي بنتها هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين إمبراطور بيزنطة، والمعروفة الآن بالمدرسة الحلوية، وتأنق في بنائه ليضاهي الجامع الأموي في دمشق الذي بناه أخوه الوليد. أبعاده: 105 × 77.75 مترًا، وأبعاد صحنه 79 × 47 مترًا. وفيه ثلاثة أروقة وأربعة أبواب: النحاسين، الطيبية، الجراكسة، المسمارية. وفي صحنه بئران. وفي عام 962 م أحرقه نقفور فوكاس ملك الروم، ثم أصلحه سيف الدولة الحمداني. كما أحرقه الإسماعيليون عام 1169 م مع الأسواق المجاورة له، وأعاد بناءه نور الدين الزنكي. وعاد التتار، بقيادة هولاكو، فأحرقوه عام 1260 م، وأعاد المماليك بنائه عام 1285 م. يعود منبره الخشبي إلى القرن 14 م، وهو مزخرف ومرصع بالعاج والآبنوس، وبجانبه حجرة يخرج منها الخطيب ليرقى المنبر. وقد سطا العباسيون على هذا الجامع ونقلوا رخامه وفسيفسائه إلى جامع الأنبار قرب بغداد. وفي قبلية الجامع محاريب ثلاثة: الأيمن والأيسر والأوسط. وعلى يسار المحراب الحجرة النبوية، فيها دفين قيل إنه رأس النبي يحيى بن زكريا، ويقول بعضهم إنه النبي زكريا نفسه. وفيه أيضًا ثلاثة مقصورات. وقد عمدت مديرية الأوقاف، في عام 1953، إلى تجديد جداره الشمالي الخارجي، وأزالت الأبنية المحيطة به، والتي كانت تحجبه، وشيدت مدخلاً جديدًا له. منذ القديم كان ولاة حلب ورجال الدولة فيها يؤدون الصلاة في هذا الجامع، وذلك في المناسبات الدينية. وبعد أن فتح السلطان سليم حلب، عام 1516، قام بالصلاة في هذا الجامع، فلقبه إمامه بـ "حامي الحرمين"، فعدّل السلطان هذا اللقب إلى "خادم الحرمين"، وبقي اللقب الأخير ملتصقًا بالسلاطين العثمانيين حتى نهاية عهدهم. يقع جامع القيقان على مرتفع حي العقبة الذي يعتقد أنه مركز مدينة حلب القديمة من عصور ما قبل الميلاد. وبني الجامع بأحجار مصنعة من عصور متعددة، يعود أقدم حجر فيه إلى النصف الثاني من الألف الثاني ق.م، وعليه كتابة هيروغليفية حثية. وفي الجامع أيضًا أعمدة تعود إلى العهدين الروماني والبيزنطي. يعتقد أن جامع التوتة (الشعيبية) هو أول مسجد اختطه المسلمون عندما دخلوا حلب عام 637 م، ويعود بناؤه الحالي إلى عام 1146 م. ومن آثاره الجميلة الباقية بعض الحجارة المتوجة بنقوش وكتابات كوفية مورقة تعتبر من أجمل ما جاد به النقش العربي المعروف بالأرابسك. وقد تم إيصال مياه حيلان إليه أيام نور الدين الزنكي. مشهد الحسين: تذكر المرويات أنه من بناء سيف الدولة الحمداني على سفح جبل الجوشن. وقد بني هذا المشهد كونه شهد رأس الحسين عند نقله من كربلاء الى دمشق، غير أن بناءه الحالي لا يتعدى القرن 13 م. وفيه كتابة كوفية تشهد بتجديده، وباب ضريح مزخرف بمتدليات وقباب وعقود مميزة، والقبر مصنوع من الخشب المحفور ويعود إلى القرن 13 م، كما أن فيه أعمدة قديمة نقلت من موقع آخر. 6 - العبادة المسيحية في حلب أ - تاريخ المسيحية والطوائف في حلب يعتبر بعضهم أن المسيحية قد نفذت إلى حلب، في أوائل عهدها، عن طريق إنطاكية التي كانت عاصمة الشرق، وبواسطة سمعان الغيور، أحد رسل المسيح الاثني عشر. وساهمت حلب في نشر الدين المسيحي. وكانت طقوس العبادة المسيحية تمارس بكتمان، فلم تشد الكنائس نتيجة اضطهاد الحكام الرومان للمسيحيين. ورغم ذلك فقد كان لحلب أسقف قبل المجمع النيقاوي المنعقد في عام 325 م، إلى أن اعتنق الإمبراطور قسطنطين الدين المسيحي. وصدر مرسوم ميلانو، عام 313 م، الذي أعلن الحرية الدينية في الإمبراطورية. وفي عام 325 م صدر مرسوم روما الذي سمح ببناء الكنائس، وبعدئذ جعل الإمبراطور المذكور الدين المسيحي دينًا رسميًا للإمبراطورية الرومانية. لقد احتلت أسقفية حلب مركزًا ممتازًا بين سائر أسقفيات سورية بعد أن بنت فيها الملكة هيلانة الرهاوية، والدة الإمبراطور قسطنطين، الكنيسة الوحيدة التي شيدتها في سورية، والتي أصبحت بعدئذ المدرسة الحلوية. وقد تسنم بعض أساقفة حلب سدة البطركية الانطاكية، كما ترأسوا عدة مجامع مسكونية. وقد عمد بعض البطاركة إلى جعل حلب مقرًا لهم. وقد ذكر ابن الشحنة في كتابه أنه "كان بحلب نيف وسبعون هيكلاً للنصارى". كما أنه قد اعتلى الكرسي الرسولي في روما أربع باباوات من أصل سوري في القرنين السابع والثامن. وقد حاصر الصليبيون مدينة حلب ولم يستطيعوا اقتحامها، وبقوا خارج أسوارها، وعبثوا بمقابرها الموجودة خارج الأسوار، مما دفع ابن الخشاب، قاضي حلب آنذاك، إلى تحويل الكنائس الأربعة الكبرى في حلب إلى مساجد عام 1124 م. ومن المعروف أن أمراء الصليبيين، الذين أسروا في المعارك، سجنوا في قلعة حلب أيام الزنكيين والأيوبيين، وقد امتد سجن بعضهم إلى ستة عشر عامًا. عندما أصبحت حلب المركز التجاري الأهم في العالم تواجد فيها عدد كبير من التجار الأوربيين. وما لبث أن جاء، مع هؤلاء التجار منذ عام 1233 م، الرهبان والمرسلون الأوربيون، الذين كانت مهمتهم الأصلية الرعاية الروحية لهؤلاء التجار. وقد أقام هؤلاء الرهبان في خانات التجار إلى جانب قنصلياتهم، كما استعانوا بالكنائس المحلية لإقامة الصلوات لبني جنسهم. وكانت إرساليات الرهبنيات تتبع الكنيسة الكاثوليكية برئاسة البابا في روما. بعدئذ أقامت هذه الإرساليات أديرتها الخاصة، واختلط رهبانها بالمسيحيين الحلبيين، ودعوهم إلى الاشتراك مع كنيسة روما الكاثوليكية، مما أدى في النهاية إلى انقسام كل من الطوائف المسيحية الأساسية في حلب: الروم والأرمن والسريان، إلى طائفتين: الطائفة الأولى هي الأرثوذكسية التي بقيت على معتقداتها ونظامها وتقاليدها الشرقية، والطائفة الثانية هي الكاثوليكية التي انضمت إلى نظام الكنيسة الغربية في روما. وقد شغل النزاع بين الفئتين مسيحي حلب طوال قرنين من الزمن اعترفت بعدها السلطات العثمانية بالطوائف الكاثوليكية في عام 1838 م عملاً بنظام الملة العثماني. عندما دخل أبو عبيدة بن الجراح حلب عام 637 م كان فيها طائفتان مسيحيتان مستقلتان، لكل منهما أسقفها ونظامها، وبالرغم من خلافاتهما المذهبية فقد تعايشتا بسلام وهما: - طائفة الروم الملكية: الموافقة على مقررات المجمع الخلقيدوني بالاشتراك مع كنيستي القسطنطينية وروما. وهي الطائفة المعترف بها من قبل البيزنطيين. وتقع كنيستها، فيما سمي بعدئذ بالمدرسة الحلوية، جانب الجامع الكبير. - طائفة السريان: المناهضة لمقررات المجمع الخلقيدوني. وكان في شمال سورية العديد من الأبرشيات المسيحية كأبرشية منبج وسيروس (قورش). وقد زالت هذه الأبرشيات من الوجود ولم يبق منها سوى أبرشية حلب. وفي القرون الوسطى سكن الأرمن في حلب وشكلوا الطائفة المسيحية الثالثة فيها، التي هي طائفة الأرمن. وأيضًا هناك طائفة الموارنة إذ في مناطق حلب ولد القديس مارون وتنسك ودفن، وهو من أبناء الطائفة السريانية إلا أنه انشق عنها وسمي أتباعه بالموارنة نسبة إليه. وكان للموارنة قديمًا أسقف في حلب ولكنهم نزحوا إلى لبنان في بداية القرن 11 م عن طريق حماة. وبعد دخول العثمانيين إلى حلب، عام 1516 م، عادت بعض الأسر المارونية إليها. وفي عام 1695 رحل عن حلب ثلاثة رهبان وهم: جبرائيل حوا وعبدالله قرة لي ويوسف البين وأسسوا في لبنان الرهبانيات المارونية. وفي عام 1725 عيّن أول أسقف لهذه الطائفة في حلب. وجدير بالذكر أن الكنيسة المارونية كانت أول كنيسة شرقية قبلت اللتننة في عام 1180 م، واتحدت مع رومة منذ 1736، وكان المرسلون الأوربيون في حلب يستعينون بكنيسة هذه الطائفة لإقامة طقوسهم الدينية. طائفة اللاتين: وفي عام 1644 م قامت في حلب طائفة اللاتين التي تغطي كامل سورية. الطائفة الإنجيلية: في أواخر القرن الثامن عشر تواجد المرسلون الإنجيليون في حلب لخدمة الجالية الإنكليزية فيها، وكان مقرهم في خان الجمرك. ونتيجة اختلاطهم بمسيحي ولاية حلب عامة، وبمسيحيي عينتاب ومرعش خاصة، فقد نشأت إثر ذلك الطائفتان الإنجيليتان الأرمنية والعربية. الطائفة الكلدانية: في القرن التاسع عشر قدمت إلى حلب من الموصل عدة عائلات شكلت الطائفة الكلدانية في حلب. انقسام الطوائف في النصف الأول من القرن الثامن عشر انقسمت كل من الطوائف المسيحية التالية في حلب إلى قسمين أرثوذكسي وكاثوليكي: - في عام 1724 انقسمت طائفة الروم الملكية. - في عام 1741 م انقسمت طائفة الأرمن. - وفي عام 1773م انقسمت طائفة السريان. ورغم انقسام هذه الطوائف فإن السلطنة العثمانية لم تعترف بالطوائف الكاثوليكية الشرقية إلا بعد عام 1838 م، عندما اعترفت باستقلال طائفة الروم الكاثوليك عن طائفة الروم الأرثوذكس. لقد أبعدت الإدارة العثمانية العنصر العربي عن مراتب الكنيسة الأرثوذكسية العليا لصالح اليونان، فكان البطاركة يونانيي الجنسية. وانتخب أول بطرك عربي لكرسي إنطاكية وسائر المشرق بدمشق في أوائل القرن العشرين. لقد أدت الخلافات المذهبية إلى تعدد الطوائف المسيحية، ولكن الأحداث التاريخية السياسية عمّقت هذا التعدد، خاصة انقسام الإمبراطورية الرومانية إلى: شرقية بيزنطية في القسطنطينية طابعها يوناني، وغربية في روما طابعها لاتيني، لذلك تحمل بعض هذه الطوائف تسميات لأحداث تاريخية قديمة. وقد انقطعت المشاركة في القدسيات بين الطوائف الأرثوذكسية والكاثوليكية نتيجة مقررات متعارضة صادرة عن مجمعي روما والقسطنطينية في النصف الأول من القرن الثامن عشر. وتبددت الخلافات المذهبية بين الطوائف الكاثوليكية الشرقية والمارونية بعد ارتباطها بالكنيسة الغربية في روما، وعلى الرغم من ذلك فإنها لم تتوحد في طائفة واحدة نتيجة تمسك كل طائفة بتاريخها المديد وتنظيمها البطركي وطقوسها الدينية التي تعتبرها جزءًا من تراثها المحلي، ولغتها الطقسية التاريخية من سريانية أو يونانية أو أرمنية إضافة إلى اللغة العربية التي لا ترغب في استبدالها بالطقس الغربي لكنيسة روما التي تستخدم اللغة اللاتينية. جلب بطرك الروم اثناسيوس دباس إلى حلب أول مطبعة عربية في الشرق عام 1702 م، (أقدم من مطبعة نابوليون بـ 96 عامًا). وتطورت صناعة مسابك الحرف والمطابع العربية في حلب، فقام بعض رجال الدين المسيحيين الحلبيين بنقلها إلى المدن الأخرى، وخاصة إلى لبنان حيث أسسوا المطابع والمدارس والرهبانيات. وقد أصبحت حلب المركز الثقافي الأهم بالنسبة لمسيحيي الشرق الأوسط (أسس الشماس عبد الله الزاخر المطبعة العربية الأولى في لبنان في دير الخنشارة). للمسيحيين في حلب 34 كنيسة، و4 أديرة، و4 رهبانيات، ونضع فيما يلي معلومات مراكز الطوائف المسيحية الـ11 في حلب، التي تسعى باستمرار لتبديد نقاط الخلاف القليلة بينها، وتركز على نقاط الاتفاق الكثيرة. ب - الطوائف الحالية في حلب 1 - طائفة الروم الأرثوذكس - محلة الصليبة، ومن أهم كنائسها: كنيسة السيدة (الصليبة): تعود هذه الكنيسة إلى ما قبل القرن 15 م. وقد تجددت عدة مرات. وكان آخر تجديد لها عام 1861. وقد انقسمت طائفة الروم إلى فئتين عام 1724 احتفظ القسم الأرثوذكسي بهذه الكنيسة وبقي القسم الكاثوليكي بدون كنيسة حتى بناء كنيستهم الخاصة عام 1843 في ساحة فرحات حاليًا. وتمتاز الكنيسة بواجهة هيكلها الخشبي وبعشرات من الأيقونات القديمة. ولهذه الطائفة أيضًا كنيسة النبي إلياس في الفيلات. 2 - طائفة الروم الكاثوليك - ساحة فرحات، ومن أهم كنائسها: كنيسة السيدة: شيدت مع المطرانية في عهد إبراهيم باشا المصري، ودشنت عام 1843. فيها أيقونات جميلة من صنع الرسام اليوناني يوحنا الكبادوكي، وأيقونة أم العطايا للرسام الحلبي حنانيا المصور. وواجهة هيكلها من الرخام الأبيض المنقوش. كنيسة القديس جاورجيوس - حي العروبة: كانت هذه الكنيسة في حي الشرعسوس ثم نقلت موجوداتها إلى الكنيسة الجديدة في حي العروبة. وللطائفة أيضًا: كنيسة القديس ديمتريوس، وكنيسة الملاك ميخائيل، وكنيسة القديسة متيلد، وكنيسة القديسة تيريز. 3 - طائفة الأرمن الأرثوذكس - الصليبة، ومن أهم كنائسها: كنيستا الأرمن في حي الصليبة: كنيسة العذراء مريم الصغيرة، وكنيسة الأربعين شهيدًا الكبيرة، بناها قوجة مقصود عام 1455 م، وتحتها بقايا كنيسة تعود إلى القرن السادس، وقد جددها قوجة بديك (بدروس العجمي) عام 1627، وحولت الآن إلى متحف باسم الكاثوليكوس زارة، ويحتوي على موجودات كنسية قديمة فضية وذهبية ومرصعة بأحجار كريمة، وكذلك ملابس كنسية وصلت بعضها من كيليكيا وأرمينية. وفي كنيسة الأربعين شهيد لوحات زيتية من إنتاج مدرسة حلب للأيقونات، وأهمها أيقونة الدينونة 1708 م، وأبعادها 446 × 375 سم، من رسم نعمة المصور وابنه حنانيا. وأقدم الأيقونات أيقونة العذراء 1663 م. ولهذه الطائفة كنيسة القديس كريكور، وكنيسة القديس هاكوب، وكنيسة القديس كيفورك، وكنيسة مريم العذراء. الهوكيدون (حي التلل) كان مقرًا معدًا لاستضافة الحجاج القادمين من أرمينية إلى القدس، وبقي موقعه في محلة الصليبة حتى عام 1624، ثم نقل إلى مقره الحالي في التلل. وتديره مطرانية القدس للأرمن. وكلمة الهوكيدون تعني "البيت الروحي"، وقد كتب على باب مدخله (خان القدس عام 1900). 4 - طائفة الأرمن الكاثوليك- حي التلل، ومن أهم كنائسها: الكاتدرائية (حي التلل) على أثر انقسام الأرمن إلى قسمين: ارثوذكس وكاثوليك عام 1741، بقي الأرمن الكاثوليك بدون كنيسة حتى اعترفت السلطنة العثمانية بهم كطائفة مستقلة. وفي عام 1835 أشادوا كنيستهم في التلل، وكانت دارًا عربية حولت إلى كنيسة وبقيت الطاوانات والزخرفة القديمة فيها على حالها. ولهذه الطائفة كنيسة البربارة، وكنيسة الثالوث الأقدس، وكنيسة الصليب المقدس. كما تشرف على دير الآباء المختارين، ودير راهبات الحبل بلا دنس، ودير الميدان، ودير الطلاب الاكليريكيين. 5 - طائفة السريان الكاثوليك- ساحة العطاء (الأم تريزا ) - شارع فارس الخوري، من أهم كنائسها: كنيسة مار آسيا الصليبة: تعود إلى القرن الـ16 م. كان يخدمها السريان اليعاقبة. وحين انقسمت طائفة السريان إلى أرثوذكس وكاثوليك، في عام 1773، تنازعتا على هذه الكنيسة، المترتب عليها غرامات باهظة للسلطنة العثمانية؛ فقامت الفئة الكاثوليكية من السريان بمعونة الفئات الكاثوليكية الأخرى بتسديد الغرامة، وتمكنت بذلك من الاحتفاظ بالكنيسة حتى الآن. وهي كنيسة أثرية تقام فيها الصلوات يومي 14 و15 تشرين الأول من كل عام. ولهذه الطائفة كاتدرائية سيدة الانتقال، وكنيسة مار افرام - حي السريان الجديدة. 6 - طائفة السريان الأرثوذكس- محلة السليمانية: بعد أن تفردت الفئة السريانية الكاثوليكية بكنيسة السريان في حلب ضعفت الفئة الأرثوذكسية، وأصبحت أبرشيتها تابعة لاسقفيات أخرى في سورية، وذلك حتى مطلع القرن العشرين، حيث أعيد تشكيل أسقفية سريانية أرثوذكسية فيها، وشيّدت كنيستها في محلة السليمانية عام 1924. ونمت هذه الطائفة نتيجة نزوح السريان من مدن كيليكيا والجزيرة وإقامتهم في حلب. وأصبح لها الكنائس التالية: كنيسة مار افرام في السليمانية - شيدت عام 1924، كنيسة مار جرجس، وكنيسة العذراء. وتتبع هذه الطائفة دار الرها للنشر، ومدرسة بني تغلب الأولى والثانية. 7 - الطائفة المارونية - العزيزية: تعود سجلات المعمودية لدى هذه الطائفة إلى عام 1489، ولديها سجلات زواج منتظمة منذ عام 1666 حتى الآن. هذا ومما يجدر التنويه به أن باحة الكنائس في محلة الصليبة كانت تضم كنائس الأرمن والروم والموارنة. وقد تحولت كنيسة هذه الطائفة إلى المطبعة المارونية، التي كان لها دور هام في التنمية الثقافية في حلب. وقد أحدثت المكتبة المارونية عام 1725، وتضم 1535 مخطوطًا وكتابًا نادرًا يعود أقدمها إلى عام 1490، كما تضم مع مكتبة القديسة تريزيا أكثر من 12 ألف كتاب. ومن أهم كنائس هذه الطائفة: الكاتدرائية المارونية- ساحة فرحات: شيدت عام 1873. وفيها أيقونة للقديس جاورجيوس من رسم نعمة المصور (1706)، وكنيسة سيدة مونليجون - محلة الحميدية، وكنيسة المطرانية في العزيزية. 8 - الطائفة الكلدانية: كان لهذه الطائفة كنيسة في محلة العزيزية منذ عام 1886، وقد هدمت هذه الكنيسة بعد تشييد كنيستها الجديدة في محلة الفيلات عام 1972. 9 - الطائفة الإنجيلية الأرمينية: لها كنيسة عمانوئيل، وكنيسة الشهداء، وكنيسة بيت لحم (بيتيل)، وكنيسة يسوع المسيح، وكنيسة السريان الإنجيلية. 10 - الطائفة الإنجيلية العربية: محلة التلل، كنيسة الخندق وهي المبنى القديم لمدرسة الأميركان للبنات. تملك الطائفة الإنجيلية في سورية معهد حلب العلمي، وقد توزعت الملكية الفعلية بمعدل 51% للطائفة الإنجيلية الأرمينية، و49% للطائفة الإنجيلية العربية. وتتبع مدرسة النشء الجديد الطائفة العربية. 11 - طائفة اللاتين: قدم الرهبان الفرنسيسكان إلى حلب عام 1233 م وأقاموا، عام 1560، ديرًا لهم ومعبدًا قرب باب إنطاكية. ثم انتقلوا إلى خان القصابية وبعدها إلى خان البنادقة ثم إلى محلة الشيباني عام 1853 حيث شيدوا كنيسةً وديرًا. وفي عام 1859 أقاموا مدرسة الأرض المقدسة، ثم أشادوا بناءًا جديدًا لها حول البلدة. وابتدأ التدريس فيها العام الدراسي 1949. كما شيدوا عام 1910 في حي السليمانية كنيسة وديرًا ومدرسة بلغ تعداد طلابها عام 1967 أكثر من 2200 طالب وطالبة. وقد اشتهرت باسم مدرسة الأب باليان أو مدرسة الرام. ومن أهم كنائس هذه الطائفة: كنيسة اللاتين - محلة العزيزية: شيدت في عام 1937 مع الدير المجاور لها، ويضم هذا الدير متحفًا يحتوي على تراث الطائفة وسجلاتها منذ عام 1563 م وكتبها القديمة ومنها أول إنجيل طبع باللغتين العربية واللاتينية عام 1591 وألبسة الطقوس الدينية ومصوغاتها والعديد من اللوحات الفنية ومنها لوحة تعود إلى القرن السابع عشر، أما مطرانيتها فتقع في شارع الانطاكي بالعزيزية، وهي مركز طائفة اللاتين في سورية. ولهذه الطائفة أديرة في حلب واللاذقية وجسر الشغور والغسانية واليعقوبية والقنية ودمشق. 12 - الرهبان اليسوعيون: قدموا إلى حلب عام 1625 وكان لهم معبد في خان الحبال لخدمة الجالية الفرنسية، ثم أقاموا في عام 1880 ديرًا وكنيسة في محلة تراب الغرباء، وأجرّوها عام 1938 إلى وزارة التربية لإقامة مدرسة فيها، وانتقلوا إلى مقر جديد في شارع بارون، ثم انتقلوا في عام 1955 إلى مقرهم الحالي في محلة العزيزية، ويوجد فيه معبد ومكتبة يؤمها القراء. 13 - الرهبانيات الأخرى: · الرهبانية الحلبية المارونية- أحدثت عام 1695. · الرهبانية الانطونية المارونية- أحدثت عام 1700. · الرهبانية الأرمنية البزمارية- أحدثت عام 1708. · الرهبانية الباسيلية الحلبية أحدثت عام 1748. كما يوجد في حلب عدة أخويات مسيحية أقدمها أخوية العزبان (الحبل بلا دنس- عام 1635م) ولها دفاترها الخاصة عن أخبار حلب الدينية منذ عام 1752، وأخوية قلب يسوع (1691)، وسيدة الانتقال (1755)، وأخوية الرحمة (1890)، وغيرها... 7 - العبادة الموسوية في حلب إن أقدم كنيس للطائفة الموسوية في حلب ما زال قائمًا في محلة البندرة - خلف مبنى إدارة السجل العقاري- وقد بني هذا الكنيس على مراحل، وتحمل أقدم هذه المراحل سمات العمارة في القرن الخامس الميلادي. وفيه مقام للخضر. ويعتبر هذا الكنيس من أقدم الأبنية الأثرية في حلب، فقد جرت فيه مؤخرًا بعض أعمال الترميم بإشراف مديرية الآثار في حلب. وهناك كنيس آخر في محلة الجميلية، وإلى جانبه مدرسة الموسويين الخاصة المسماة بالسموءل. تجدر الإشارة إلى أن أقدم معابد الموسويين في شمال سورية يقع في ناحية تادف بجوار بلدة الباب. وقيل بأنه كان يحتوي على كتابة عبرية ترجمتها "هنا جلس عزرا الكاتب يكتب التوراة". وكان هذا الكاتب قد عاد من السبي البابلي إلى تادف وبدأ يكتب أسفار العهد القديم باللغة الآرامية وليس بالعبرية. يذكر الأخوان رسل، في كتابهما تاريخ حلب الطبيعي، أن يهود حلب كانوا يحجون إلى قرية تادف حيث يزعمون أن عزرا كاتب التوراة مدفون فيها. ونتيجة بحثنا حول هذا الموضوع فقد تبّين لنا أنه في عامي 1899/ 2000 قامت بعثة من جامعة برنستون الاميركية برئاسة بتلر بزيارة أثرية لسورية وأصدرت كتابا ورد فيه مشاهدات البعثة في الكنيس اليهودي في تادف الكتابة التالية باللغة العبرية وعلى حجر أبعاده 86-25 سم. والمبارك ... عبادي بن موشيه بن بداي كلاهما مع داوود بن ابراهام من .. ليكن مسكنه الفردوس في سنة 1668 من عهد الوثائق وكان ذلك في مكان سيدنا عزرا عليه السلام ، الذي يستحق البركة الكاتب وقد بنى الاقواس والغرف العليا و ... ليعامله الله حسب كل حالة .. وكذلك اولاده وأحفاده . كتب هذا .. وولده. عام 1392 م - الكتابة الثانية في الغرفة الثانية المغطاة: باسم الله نعمل ونتقدم ، بنى هذا الجدار في بيته عزرا الكاتب الذي سكن فيه في السنة 1704 لتقويم الوثائق ( 1393). لقد فصلت سورية بين اليهودية كدين وبين الصهيونية كسياسة لذلك فقد عاد إلى سورية مؤخرًا العديد من اليهود الذين غادروها قبل فترة. هذا وقد ادعى اليهود عند خروجهم من حلب عام 1947 أن أقدم مخطوطة توراة في العالم (المعروفة باسم توراة حلب) وتعود إلى القرن العاشر الميلادي وهي التي كتبت في طبريا، كانت موجودة في كنيسهم في حلب قد احترقت ثم تبين أنها لم تحترق وإنما نقلوها تباعًا على شكل ملازم إلى إسرائيل. 8- تشريعات الأديان والمذاهب والطوائف والأحوال الشخصية في سورية أ - نظام الذمة الإسلامي كانت سورية المسيحية خاضعة لحكم الروم (البيزنطيين)، الذين ألزموهم بإتباع العقيدة التي أوجدها المجمع الخليقدوني عام 451، والقائلة باتحاد الطبيعتين الإلهية والبشرية في شخص المسيح. وحرموا عليهم الإيمان بالعقيدة المنوفية القائلة بالطبيعة الإلهية الواحدة للمسيح دون الطبيعة البشرية. وراح أباطرة الروم يضطهدون المؤمنين بهذه العقيدة، فوقعت مذابح جماعية وتشريد وتعذيب ونهب لهم ودمرت كنائسهم، فتكونت الكنائس السريانية في سورية والقبطية في مصر والارمنية في ارمينيا، المنشقة عن العقيدة الخلقدونية المتمثلة بكنيسة الروم. فنشأت كراهية وعداء السوريين والمصريين المؤمنين بالعقيدة المونوفية للسلطة البيزنطية الظالمة، فتوسموا الخير على يد الفاتحين العرب وتوقعوا أن يخلصوهم من محنتهم الدينية والضرائب الظالمة وسيكونون أكثر رحمة وتسامحا في ممارسة حريتهم الدينية فاعتبروهم محررين لا غزاة، مما مهد الطريق للفتوحات العربية التي تمت بسرعة مذهلة. لقد كان المبدأ السائد "أن الناس على دين ملوكهم" أما الإسلام فقد جاء بمبدأ قرآني يقول "لا إكراه في الدين" و"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" وبمبدأ جاء في الحديث الشريف "نحن معاشر الأنبياء ديننا واحد وشرائعنا شتى" و"الخلق كلهم عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله" و"من آذى ذميا فأنا خصمه يوم القيامة". لذلك فإن بإمكان أهل الكتاب (الذميين) البقاء على دينهم وممارسة معتقداتهم وتقاليدهم الدينية بحرية، على أن يدفعوا الجزية. وبذلك حافظ الإسلام على حقوق أهل الذمة وقوانينهم عملا بحديث السيد الرسول ( ..لأنهم رعيتي وأهل ذمتي وانأ اعزل عنهم الأذى ). وهكذا ظهر نظام الذمة والجزية الإسلامي. ب - نظام الملة العثماني: رغم أن ثقافة الحلبيين تقوم على الوحدة والتنوع والانفتاح على المذاهب الأخرى، فقد سعى العثمانيون إلى تحويل هذا التنوع إلى تناقض واختلاف وانغلاق وتقوقع، فحركوا النزاعات بين مختلف الفئات الاثنية والدينية والطبقية ليجعلوا كل فئة تلتف حول ذاتها لتحقيق أمنها، فتوقف الحوار بين المذاهب والطوائف إلى حد القطيعة. عززت الإدارة العثمانية موقعها في البلاد العربية عن طريق توظيف الدين في خدمة سياستها ورفع شعار الدفاع عن الإسلام والمسلمين ومذاهب أهل البيت مع اعتبار المذهب الحنفي هو مذهب الدولة الرسمي، لأنه المذهب الوحيد الذي يجيز أن تكون الخلافة لغير العرب، ودعمت التعليم الديني لأنه ينمي الإحساس بالخطر من أعداء السلطنة العثمانية في الشرق (الدولة الصفوية الإيرانية الشيعية) وفي الغرب (الدول الأوربية المسيحية)، كما استقطبت العلماء والفقهاء وأحدثت لهم المناصب والرتب وربطت لهم الرواتب فانحازوا إليها واستصدرتهم الفتاوى التي تبرر تصرفات السلطنة واضطهادها لبعض الفئات، كالفتاوى الحامدية التي كفّرت الشيعة وكل من يدافع عنهم. كان السلطان محمد الفاتح قد أصدر عام 1453 نظام الملة الذي قسم رعايا السلطنة العثمانية إلى ملل حسب أديانهم، وأعطى القيمين على هذه الملل صلاحيات على طوائفهم في الأمور الدينية والتعليمية والأحوال الشخصية. وكانت أكبر الملل في السلطنة ملة الإسلام وملة الروم الأرثوذكس. وقد ثبّت نظام الملة حقوق وواجبات الطوائف واوجد التوازن فيما بينها، وفوّض رجال الدين بالشؤون التعليمية والاجتماعية لطوائفهم إضافة إلى الشؤون الدينية. ونتيجة التدخل الأوربي بسبب ضعف السلطنة العثمانية، تحول نظام الملة هذا إلى نظام أقليات وحاول الأوربيون تحويل الملل إلى أقليات قومية، فكان هذا التدخل أساس المشكلة الطائفية التي مازالت آثارها باقية في الشرق حتى الآن، كل ذلك نتيجة محاولات الأوربيين تنصيب أنفسهم حماة للأقليات، ففي عام 1829 نالت روسية حق حماية الأرثوذكس وفي عام 1851 نالت فرنسة حق حماية الكاثوليك وفي عام 1860 نالت انكلترة حق حماية الدروز واليهود في السلطنة. وقد أصدر السلطان عبد المجيد الأول، بتاريخ 3/11/1839، خط شريف همايوني (منشور كولخانه) الذي وضعه مصطفى رشيد باشا وزير الخارجية والذي تضمن: -مساواة الرعايا العثمانيين من مسلمين وذميين أمام القانون. -تأمين الرعايا العثمانيين على اختلاف قومياتهم وأديانهم، وعلى أرواحهم وأعراضهم وأموالهم. بتاريخ 18/2/1856- صدر منشور التنظيمات الخيرية، عقب حرب القرم مع روسيا، وتضمن: -إلغاء الجزية على الذميين ومساواة جميع الرعايا في الضرائب. -السماح بتجنيد الذميين، وعدم فرض ضريبة البدل عليهم. -تمثيل الطوائف غير الإسلامية في المجالس وفي مجلس القضاء الأعلى. -محاربة الرشوة والفساد. وقد نص هذا المنشور على ما يلي: "كل رعايا دولتنا العلية، بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية سيعملون في الدولة بما يتماشى مع قدراتهم وكفاءاتهم. لقد دافع رؤساء الملل والمذاهب الإسلامية والمسيحية واليهودية في بلاد الشام عن امتيازاتهم الموروثة في احتكار قضايا الزواج والطلاق والإرث داخل طوائفهم ولم يقبلوا بأي تدبير يمكن أن يقود إلى إطلاق حرية الزواج المدني في ما بين الطوائف والمذاهب على غرار الدول الأجنبية، فأسهم نظام الملة في زيادة الانشقاقات الدينية والمذهبية والطائفية الموروثة. جـ - قانون حقوق العائلة العثماني: أصدرت السلطنة العثمانية بتاريخ 25/10/1915(1333هـ) ، أي أثناء الحرب العالمية الأولى، قانون حقوق العائلة الموحد، ألغت بموجبه قوانين الأحوال الشخصية والمحاكم الخاصة بغير المسلمين وأخضعت جميع رعايا السلطنة على كافة مذاهبهم وأديانهم إليه وجعلت كافة خصومات الأحوال الشخصية خاضعة لولاية المحاكم الشرعية. وقد ألغي هذا القانون بصدور قانون الأحوال الشخصية عام 1953. د - الدستور السوري: لقد نص الدستور السوري لعام 1973 على مساواة جميع المواطنين دون تمييز، بحيث يتمتعون بذات الحقوق ويلتزمون بذات الواجبات، كما ينعمون بحق تولي المناصب العامة دون تمييز وعلى قدم المساواة. كما إن مذهب المواطن السوري لا يسجل على بطاقته الشخصية، وإن كان مسجلاً في قيده في سجلات الأحوال المدنية. نضع فيما يلي مواد الدستور السوري المتعلقة بموضوعنا: · المادة 3 - 2: الفقه الإسلامي مصدر أساسي للتشريع. · المادة 14 - 2: الملكية الجماعية - عائدة للمنظمات الشعبية والمهنية والوحدات الإنتاجية والجمعيات التعاونية والمؤسسات الاجتماعية الأخرى - يكفل القانون رعايتها ودعمها. · المادة 25 - 3: المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات. · المادة 28- 4: حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون. · المادة 35: 1 - حرية الاعتقاد مصونة وتحترم الدولة جميع الأديان، 2 - تكفل الدولة حرية القيام بجميع الشعائر الدينية على أن لا يخل ذلك بالنظام العام. · المادة 37: التعليم حق تكفله الدولة، وهو مجاني في جميع مراحله، وإلزامي في مرحلة الابتدائية. وتشرف الدولة على التعليم وتوجهه بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج. · المادة 40 -2: الجندية إلزامية وتنظم بقانون. · المادة 131: السلطة القضائية مستقلة. ويضمن رئيس الجمهورية هذا الاستقلال، يعاونه في ذلك مجلس القضاء الأعلى. · المادة 134: تصدر الأحكام باسم الشعب العربي في سورية. · المادة 135: ينظم القانون الجهاز القضائي، بجميع فئاته وأنواعه ودرجاته، ويبين قواعد الاختصاص لدى مختلف المحاكم. · المادة 145: تنظر المحكمة الدستورية في دستورية القوانين. · المادة 147: من اختصاصات المحكمة الدستورية إبداء الرأي في دستورية مشروعات القوانين وقانونية مشروعات المراسيم. هـ - قوانين تنظيم الطوائف: صدرت قوانين تنظيم الطوائف المسيحية بين أعوام 1860- 1865، وبعدها قوانين تنظيم الطوائف اليونانية والأرمينية واليهودية. وجدير بالذكر أن نظام الملة العثماني كان يخضع الرعايا لسلطة الوالي أو المتصرف أو الملتزم إما مباشرة، ويقتصر ذلك على أتباع المذهب السني، أو غير مباشرة، أي عن طريق رؤسائهم الروحيين، لذلك أصبح هؤلاء الرؤساء يشكلون المرجع السياسي والقضائي والمدني والضرائبي لأبناء طوائفهم. وشمل ذلك المسلمين غير السنة. كما شمل بعض الفئات غير العربية كالأكراد وبعض الجاليات المقيمة كالفرنسية والإيطالية والإنكليزية، فأصبح لكل ملة نظامها ومؤسساتها وأوقافها ومواردها ومدارسها ومحاكمها وقوانينها للأحوال الشخصية. و - القوانين السورية المتعلقة بالأديان والأحوال الشخصية: حددت القوانين السورية الأديان والمذاهب والطوائف التاريخية المعترف بها للمواطنين السوريين - بموجب قرار المندوب السامي رقم 60 ل. ر. تاريخ 13/3/1936، والمسمى نظام الطوائف الدينية، والمعدل بالقرار 53/1939 ل. ر. والذي ما زال ساري المفعول - كما يلي: 1. المواطنون المسلمون: سنة، شيعة جعفرية، إسماعيلية، علوية، درزية. 2. المواطنون المسيحيون: روم أرثوذكس، روم كاثوليك، أرمن أرثوذكس، أرمن كاثوليك، سريان أرثوذكس، سريان كاثوليك، لاتين، موارنة، آشوريون كلدان (نسطوريون)، كلدان كاثوليك، بروتستانت (عرب وأرمن). 3. المواطنون الموسويون: طائفة كنيس دمشق، طائفة كنيس حلب. ولكل من التقسيمات المبينة أعلاه شخصيتها الاعتبارية وممثلها القانوني وأنظمة إدارتها وإدارة ممتلكاتها ومقابرها، المصدقة بنصوص تشريعية، وكذلك أنظمة الرهبانيات التابعة للطوائف كما أن لها كذلك قوانينها الخاصة بالأحوال الشخصية. يحتاج الاعتراف بأية طائفة جديدة مستوفية الشروط القانونية إلى صدور قانون خاص بهذا الاعتراف، ولم يسبق أن صدر مثل هذا القانون، الأمر الذي جعل الطائفة اليزيدية والطائفة البهائية بدون اعتراف رسمي بهما. وتعود جذور هذه التشريعات إلى الأوامر السنية ولقوانين صادرة عن السلاطين العثمانيين بادئة بالسلطان محمد الفاتح وثبتتها الحكومات السورية في عهدي الانتداب والاستقلال. إن للجهات الإدارية لهذه الطوائف صلاحية عقد الزواج بعد الحصول على موافقة دائرة الأحوال المدنية، وعليها إرسال صورة عن عقد الزواج إلى هذه الدائرة خلال خمسة أيام. ز - قانون الأحوال الشخصية والقوانين الأخرى: في عام 1953 صدر قانون الأحوال الشخصية، المستمد من أحكام الشريعة الإسلامية مع ترجيج المذهب الحنفي، وشمل هذا القانون جميع المواطنين السوريين على اختلاف أديانهم وطوائفهم فيما يتعلق بالنسب ونفقة الأقارب والأهلية والحجر والولاية والوصاية والنيابة الشرعية والوصية والمواريث وإثبات الوفاة والفقدان. وشمل هذا القانون المسلمين فقط فيما يتعلق بأحكام الزواج والوقف الخيري، عدا الدروز فقد استثنوا من بعض أحكام الزواج إذ لا يجوز لديهم تعدد الزوجات كما لا تسري عليهم أحكام اللعان والرضاع والبكارة والمهر والطلاق. أما بالنسبة إلى الطوائف المسيحية والموسوية فقد نصت المادة 308 من هذا القانون على تطبيق ما لدى كل طائفة من أحكام تشريعية ودينية تتعلق بالخطبة وشروط الزواج وعقده والمتابعة والنفقة الزوجية ونفقة الصغير وبطلان الزواج وحله وانفكاك رباطه وفي الدوطة والحضانة. وتشكل هذه التشريعات ثمانية قوانين. أمّا الطوائف الأرثوذكسية فلكل طائفة أرثوذكسية قانونها الخاص بها. في حين تطبق على الطوائف الكاثوليكية الأحكام الصادرة عن البابا. إن قوانين الأحوال الشخصية غير الإسلامية التي كان معمولاً بها عند صدور قرار المندوب السامي رقم 60 ل. ر. تاريخ 13/3/1936، لها صفة القانون النافذ ولا تحتاج إلى إقرار تشريعي، وقد جرى نقاش قانوني حول مدى حاجة كل تعديل لاحق لقوانين هذه الطوائف الصادر بعد تاريخ 13/3/1936 إلى صك تشريعي يعطيه صيغة التنفيذ أم لا، فاعتبر البعض أن قوانين الأحوال الشخصية الجديدة لغير المسلمين مجرد جمع وإظهار للنصوص السابقة فلا تحتاج عندئذ إلى صك تشريعي. ورغم ذلك فقد صدر القانون رقم 10 تاريخ 6/4/2004 المصدق لقانون الأحوال الشخصية لطائفة السريان الأرثوذكس، والقانون رقم 23 تاريخ 27/6/2004 الذي صّدق قانون الأحوال الشخصية وأصول المحاكمات لدى بطركية إنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس. وقد نص قانون السلطة القضائية السوري على أن محاكم الأحوال الشخصية هي المحاكم الشرعية والمحكمة المذهبية للطائفة الدرزية في السويداء (التي تخضع أحكامها للطعن أمام محكمة النقض) والمحاكم الروحية للطوائف غير الإسلامية، المؤلفة من محكمة بدائية في كل مطرانية ومحكمة استئنافية في مركز كل بطريكية وتخضع أحكامها للطعن أمام محكمة النقض. أما الأجانب الموجودون في البلاد فيخضعون لقوانين الأحوال الشخصية في بلادهم، وتنظر في قضاياهم محكمة البداية المدنية في ضوء هذه القوانين. لقد عاقبت المادة 471 من قانون العقوبات من يتزوج ثانية مع علمه ببطلان زواجه بسبب زواج سابق (تعدد الزوجات عند الطوائف التي لا تجيزه) بالحبس من سنة إلى شهر. بتاريخ 18/6/2006 صدر القانون رقم 31 الذي أقره مجلس الشعب بتاريخ 13/6/2006 وتم نشره في العدد 26 من الجريدة الرسمية تاريخ 5/7/2006 (أي أنه تم خلال 22 يومًا إقرار هذا القانون وتصديقه ونشره) وقد تضمن تصديق قانون الأحوال الشخصية للطوائف الكاثوليكية (الروم، الأرمن، السريان، الموارنة، اللاتين، والكلدان) وأصبح نافذًا من تاريخ صدوره، وتضمن هذا القانون 565 مادة مع 91 قاعدة قانونية من رقم 776 وحتى رقم 866، على أن تخضع الطوائف الشرقية الكاثوليكية لمجموعة قوانين الكنائس الشرقية بينما تخضع كنيسة اللاتين وحدها لمجموعة الحق القانوني الغربي. لقد تضمن هذا القانون أحكامًا عدّلت أحكام القوانين العثمانية المتعلقة بالطوائف وقرار المندوب السامي الفرنسي رقم 60 ل. ر. الصادر بتاريخ 13/3/1936 المحدد للأديان والطوائف المعترف بها ولأحكام شخصياتها الاعتبارية وسلطات الممثل القانوني لكل منها ولأحكام قانون الأحوال الشخصية العام فيما يتعلق بالإرث والوصية وغيرها، كما عدّل العديد من القوانين الأخرى بالنسبة للطوائف الكاثوليكية كأحكام التقادم في القانون المدني وقانون الغاء الأوقاف الذرية وقانوني أصول المحاكمات المدنية والجزائية وقانون التجنيد فيما يتعلق بالاكليركيين وقانون السلطة القضائية وقانون ممارسة مهنة المحاماة و ... حـ - إعفاء المساجد والكنائس: بموجب أحكام المادة 75 من القانون 204 تاريخ 11/12/1961 المعدل بالمرسوم التشريعي 36 تاريخ 24/11/1962 أعفيت الجوامع والمساجد والكنائس وأماكن العبادة والمقابر والعقارات الوقفية الخيرية الإسلامية وغير الإسلامية من رسوم الطوابع والرسوم العقارية والبلدية والرسوم القضائية ومن ضريبة ريع العقارات والحراسة وما يتبعها ورسوم وقيمة الماء والكهرباء في الجوامع والكنائس العبادة ومن تقديم الكفالات والتأمينات والسلف القضائية. ثم صدر بتاريخ 14/9/2005 القانون رقم 77 الذي نصت مادته الأولى على ما يلي: تعفى الجوامع والمساجد والكنائس وأماكن العبادة، بما فيها ذات الأهمية السياحية والتاريخية، من رسوم وقيمة الطاقة الكهربائية المستجرة فيها، وذلك في الحدود التي يقررها وزير الكهرباء بالتنسيق مع وزير الأوقاف. 9 - العلمانية المؤمنة ليست ضد الدين 1 - تصريح البابا لقد صرح البابا بينيديكت السادس عشر، فور وصوله إلى فرنسا في شهر أيلول 2008، بما يلي: جئت إلى فرنسا بلد العلمانية الأكبر لأعلن منها عدم تعارض الإيمان مع علمانية الدولة المدنية. بل إنه لأمر طبيعي ومهم جدًا أن يتمتع المجتمع بحرية الإيمان في ظل الدولة العلمانية. الإيمان ليس سياسة والسياسة ليست دينًا. (جدير بالإشارة أن فرنسا فصلت الكنيسة عن الدولة عام 1905) 2 - حوار مع مفتي الجمهورية وفي حوار أجرته جريدة تشرين مع مفتي الجمهورية السورية الدكتور الشيخ أحمد بدر الدين حسون بتاريخ 18/6/ 2008 ذكر سماحته ما يلي: عندما درست العلمانية الفرنسية وجدت أن الثورة الفرنسية، وهي أهم ثورة علمانية في تاريخ البشرية، لم تقم ضد الدين المسيحي كدين بل ضد رجال الدين المتحالفين مع رجال السياسة الظالمين لشعبهم، أي ضد الدين المسيس مع الدولة الظالمة. والدليل أنهم لم يهدموا كنيسة واحدة بل هدموا سجن الباستيل لأنه كان رمزًا للظلم. وهذا أمر يتناسب مع قول الله تعالى "لا إكراه في الدين". الأنبياء لم يؤسسوا دولاً دينية، بل أقاموا مجتمعات تربوية أخلاقية عقائدية، وتركوا شأن تأسيس الدولة لأتباعهم وأصحابهم طبقًا للقيم التي ربوهم عليها.. نحن اليوم أحوج ما نكون إلى بناء الدولة المدنية التي تنضوي تحت راياتها جميع الطوائف والمذاهب والشرائع تحت مظلة الأخلاق والقيم والعقيدة التي يلتزم بها كل إنسان في علاقته مع السماء. الحمد لله رب العالمين، فهو آله البوذي والهندوسي والمسيحي والعلماني. فلنتعامل مع هذا الإنسان العالمي من دون حساسيات وعقد. نحن نمر بمخاض يحتم علينا التحول من الخطاب المشايخي والمذهبي والقطري إلى الخطاب العالمي. علينا أن نعمل إلى تكوين مسلم عالمي ... أقول للذين يضعون أنفسهم أوصياء على الناس، يدخلون البعض الجنة ويرسلون البعض إلى النار: دعوا الناس وخالقهم وكونوا القدوة الصالحة الحسنة، فما أرسل الله الأنبياء قضاة ولا جباة إنما أرسلهم دعاة وهداة إلى الله. مشكلتنا في العالم الإسلامي أن الكثير يبادر إلى رفض كل ما هو جديد قبل أن يعلم عنه كفاية، يعطون مساحة للتحريم أوسع من مساحة الحوار والبحث والفهم. عندما قلت بالعلمانية المؤمنة ليقيني بأنها لا تعني الإلحاد. إن الإسلام الذي نفكر فيه الآن في سورية ليس إسلامًا جديدًا، بل هو الإسلام الذي جاء به النبي محمد، لنعيش كما عاش أجدادنا مع بعضهم المسيحي واليهودي والمسلم في مؤسسة وطنية اقتصادية واحدة، يشعرون أنهم يشكلون وطنًا واحدًا من خلال تنوعهم الذي يمنحهم الثراء. نحن لم نقم بأي قراءة جديدة لفقهنا منذ ستمائة سنة، باستثناء ومضات من بعض علماء بلاد الشام. سبق هذا الحوار ندوة أجرتها جريدة الوطن مع سماحته بتاريخ 30/11/2006 مع المطران جورج خضر ورد فيها أقوال سماحته التالية: الانتماء إلى الأرض المقدسة هو الذي يجعلنا نشعر بواجبنا تجاه الأرض والوطن، فمن غزة إلى أنطاكية إلى تبوك ومصر أرض مقدسة وهذه القداسة تستوجب الانتماء إليها أكثر من انتمائنا إلى أي شيء آخر. إن تحجيم الإنسان في قبيلة أو طائفة قتل له وإن ما وصل إليه من مكانة انسانية لم يصل إليها بطائفته وإنما وصل إليها من كون طائفته من مجتمع انساني متكامل. إن مصدر الرسالة واحد عند جميع الأديان والطوائف. وما دامت الرسائل من مصدر واحد ففيم الاختلاف والاقتتال. قال الرسول: "ديننا واحد وشرائعنا شتى". فالشرائع هي العلاقات والدين هو الحالة العقائدية بينك وبين الله، فمن أين جاءت المشكلة. المذاهب والطوائف ميدانها التشريع ولا يجوز أن تهيمن على فهم الدين الذي هو أوسع من مذهبي ومذهبك. والدين موحد لا مفرق، وهو غطاء للمجتمع كله وليس لحزب دون آخر. إلى متى سنظل نمارس الإلغاء والإقصاء بحق كل رأي جديد؟ ومتى سندرك أن الرأي الذي يختاره البعض في الشرق ليس إلا أحد خيارات الفقه الإسلامي، وإنه ليس - بكل تأكيد - خيار الرب الذي لا يجوز الخروج عليه؟ 3 - الشيخ الدكتور محمد حبش في مقالته المنشورة في صحيفة بلدنا، بتاريخ 01/8/2008، ذكر عن ذهابه إلى تونس للاطلاع على قانونهم للأحوال الشخصية المخالف لمقاس بلاد العرب الأخرى. وكان يظن بأن تونس قد تنكرت للشريعة وأدارت ظهرها للفقه الإسلامي وتوقع أن يجيبه على تساؤلاته عتاة البورقبيين العلمانيين بحجج تستند إلى فلاسفة عصر الأنوار، وفوجئ أن الفريق المحاور تألف من اختصاصيين واختصاصيات من كلية الشريعة قدموا الحجج من كلام الفقهاء وقدموا ورقتان من ذهب حول غنى الفقه الإسلامي وتطوره ومرونته. كما ذكر د. محمد حبش، في مقالته المنشورة في جريدة الثورة بتاريخ 28/11/2008، ما يلي: في الفقه الإسلامي الزواج مدني بطبعه ولا يشترط فيه حضور رجل دين ويتم بموافقة الطرفين ورضاهما، ... وللزوجين اشتراطهما ما شاءا بما في ذلك اشتراطها أن لا يتزوج عليها واشتراطه أن لا ينفق عليها، وهذه الصيغ تقترب من صيغ الزواج المدني التي يطالب بها دعاة الحقوق المدنية. إن قانون الأحوال الشخصية لم يتم اكتسابه بناء على قرار ديني ... والمطالبة بتعديله هي مطالبة محقة وهو ليس نصًا مقدسًا معصومًا بل هو في النهاية صناعة بشرية، يجب أن تتوفر أغلبية برلمانية لتعديله. 4 - الشيخ د. مصطفى السباعي لقد سبق للمرحوم الشيخ الدكتور مصطفى السباعي، نائب رئيس مجلس النواب عام 1952، أن أعلن رأيه في دستور عام 1950، العلماني، فقال: إن التشريع الإسلامي هو تشريع علماني. وإن الإسلام دين رئيس الدولة وليس دين الدولة في سورية. وللسباعي رسالة في الرد على دعاة فصل الدين عن الدولة دافع فيها عن العلمانية المؤمنة. 5- رأي في العلمانية المؤمنة (جورج طرابيشي في كتابه نقد العقل العربي): إن العلمانية موجودة في المسيحية بما قاله المسيح "أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله". وبقي هذا القول غير معمولا به، لا بل بقيت الإمبراطوريات تجمع وتخلط بين الدين والدولة والسياسة، وتكاد تؤله الامبراطور البيزنطي، حتى مجيء دعاة العلمانية الأوربية في القرون الثلاثة الماضية إثر النزاع بين البروتستانت والكاثوليك فتمسكوا به. كما أن العالم الإسلامي لم يعمل حتى الآن بحديث الرسول الكريم "أنتم أعلم بأمور دنياكم"، الذي يميز بين شؤون الدنيا وشؤون الدين والآخرة، والذي يمكن أن يؤسس للعلمانية المؤمنة. إن في مفاهيم العلمانية والمواطنة الحل لمشاكل الانقسام الطائفي الذي يعاني منه الشرق، وهي ليست بديلاً عن الدين، فعندما تنادي باستقلال المجال الديني عن المجال السياسي فمن أجل منع من تسييس الدين، ومحافظة على روحانيته ورسالته السماوية والأخلاقية والاجتماعية السامية. 10 - تكليف المحكمة الدستورية العليا بالنظر في دستورية هذه القوانين نصت المادة 145 من الدستور على ما يلي:
تنظر المحكمة الدستورية في دستورية القوانين. كما نصت المادة 153 من الدستور على ما يلي: تبقى التشريعات النافذة الصادرة قبل إعلان هذا الدستور سارية المفعول إلى أن تعدل وفق أحكامه. لذلك غدا من الضروري، ولو بعد ستة وثلاثين عامًا من صدور الدستور، عرض التشريعات التالية على المحكمة الدستورية العليا والسلطات المعنية للنظر: هل تتوافق أحكام قوانين الأحوال الشخصية المتعددة مع أحكام الدستور السوري؟ فإذا لم تكن كذلك فقد أصبح من الضروري إصدار قانون موحد للعائلة يتوافق مع أحكام الدستور. هل يتوافق نظام الطوائف والمذاهب الإسلامية والمسيحية والموسوية، الصادر بقرار المفوض السامي الفرنسي برقم 60 ل. ر. لعام 1936 وتعديلاته، مع أحكام الدستور السوري؟ فإذا لم يكن كذلك فقد أصبح من الضروري إصدار قانون جديد للطوائف يتوافق مع أحكامه. خاتمة أملي أن أكون قد تمكنت، في هذه الجولة المختصرة، من إعطاء فكرة شاملة عن هذا الموضوع الهام الذي يمسّ حياة المواطنين الشخصية اليومية، وربما تتجاوز أهميته التشريعات الاقتصادية وغيرها من التشريعات. وإذا تمّ إصدار قانون موحد للأسرة فسيشكل ذلك خطوة متميزة في طريق تحقيق وحدة المجتمع، والمساواة الدستورية بين الموطنين، وتطبيق العلمانية المؤمنة التي تحدث عنها سماحة مفتي الجهورية، فتصبح سورية الدولة العربية الثانية، بعد تونس، التي تحقق هذا الانجاز الهام. *** *** *** المراجع "إضافة إلى المراجع المذكورة في المحاضرة": 1. محاضرة الدكتور ادمون رباط، في النادي الثقافي العربي في بيروت، بعنوان المسيحيون العرب، في آذار 1981، والمنشورة في مجلة الحوار عدد حزيران 1989. 2. المحاضرة التي ألقاها نائب رئيس مجلس النواب السوري الدكتور مصطفى السباعي، بتاريخ 21/3/1953، في احتفال الهيئة الوطنية في لبنان بالذكرى الثامنة لجامعة الدول العربية، والمنشورة في كتابه هكذا علمتني الحياة. 3. كتاب حلب القديمة والحديثة لفؤاد هلال، طباعة جامعة حلب بمناسبة الاحتفال بحلب عاصمة للثقافة الإسلامية. صفحات (147- 183). 4. الجريدة الرسمية السورية فيما يتعلق بالقوانين الواردة في المحاضرة. [1] النص الكامل لمحاضرة ألقاها الباحث فؤاد هلال، نائب رئيس جمعية العاديات، في مقر الجمعية بحلب بتاريخ 24/12/2008، وهي محاضرة تمثل بحثًا توثيقيًا حول تاريخ العيش المشترك بين كل الطوائف في سوريا. [2] نائب رئيس جمعية العاديات في حلب.
|
|
|