عتاب مُوجّه لثورة
المَطَر الأخيرة
ندره.
ع. يازجي
عتاب مُوجّه لثورة المَطَر الأخيرة
صديقُنا العريقُ في الترحال والسفرْ
أطلَّ بعد غيبةٍ
وأنزلَ الرِحالَ في ديارنا
وراحَ في غيبوبةٍ من العناق والقُبَلْ
لأسطحِ البيوتِ والطرْقاتِ والشجرْ
- ونحن مشدوهِينَ من ْجنونِه العظيمِ
من تنزّلِ السُوَرْ
عَلْيهِ - ربما نسينا أننا ركعنا ألفَ ركعةٍ
قضينا طول الوقت في الصلاة، كي يعودَ
قبلَ أن يأكلَنا الجراد
قبلَ أن يُحيلنا الفراق والضجرْ
أعمدةً مِلْحِيةً مُصَبَّرَهْ
صديقنا المطرْ
كأنه - في عجْلةِ السفرْ -
ما قرأَ الرسائلَ الكثيرةَ المُكرَّرةْ
وما درى
بأننا نريدهُ
- وقبلَ فيضِ لطفهِ
على الدواب والتراب والشجرْ -
أن يغسِلَ البشرْ
وأن يُعيدَ بعضَ رونقٍ
لهذه الأصنامِ والصُوَرْ.
* *
*
تقرير رقم 4 \ب\
كشف خطة معادية
سيّدي...
قابلتُ ظُهرَ اليوم عُنْصُرًا مُكلَّفًا بالشُغْلِ في مَعاقلِ الأعداء
- بالتحديدِ في أوكارِ (عُصبَةِ العبيدْ) -
... زوّدني بآخرِ الأخبار ...
قالَ أنّهمْ تجهَّزوا للسَيْرِ نحونا
وأنهم تحالفوا مع المَساءِ ضِدَّنا
فهمتُ منه أنَّ ذلك (المَساء)
واقعٌ في حالةٍ تَعصى على الشِفاءْ
ومُوجَزُ الموضوعِ - سيّدي -
بأنََّه:
ما إنْ يرى البهاءَ والجمالَ والذكاءْ
يبرُقُ في عيونِكم ووجهكمْ،
والطولَ في قامَتِكمْ،
وهالةَ المَهابَةْ
تشُعُّ من أمامِكمْ
وحولَكمْ وخلَفكمْ
حتى يُصابَ بالعُصَابْ
وتستبيحَ عقلَه وقلبَه جحافلُ الكآبةْ...
يروونَ أنَّه قد مَلَّ من ظلامِهِ
وضَجَّ كالمَسعورِ من إرغامِهِ
على الذهابِ والإيابِ في ملابسِ الحِدادِ كلَّ يومْ
مِن أوّلِ الزمانِ حتى آخرِ الزمانْ
فتارةً، تُعربدُ النجومُ فوقَ ظهرهِ
وتارةً، تُحَوِّمُ الغيومُ حولَ رأسِهِ
والكلُّ لا ُيريدُهُ،
ولا يريدُ ترْكَهُ يمُرُّ في سلامْ...
فكلّما أطَّلَ من بعيدْ
يَرمُونَ في طريقه الأضواءَ والضوضاء
... يروونَ أيضًا أنه نوى بأنْ
يُزلزلَ الأبراجَ والعروشَ في السَماءْ
وأنْ يُحَوِّلَ الأفلاكَ عن مدارِها
ويترُكَ الأرضَ تدورُ كيفما تشاءْ...
لقد عَرفتُ، سيّدي، بأنهمْ
يخطِّطونَ لاستغلالِ نوبةِ الجنونِ عندَ هذا الماردِ العنيد
فسوفَ يدفعونهُ إلى الظهورِ ذاتَ يومٍ
- فَجأةً -
في أولِّ النهارِ أو منتصفِ النهارْ
كي تَجفَل َالجِيادُ في مَركَبةِ الشمسِ
وترميها إلى البِحارُ
فيحدثُ الغيابُ قبلَ موعِدِ الغياب
ويفقدُ الحُرّاسُ رُشدَهم
ويغرقون في غياهبِ الذهولْ
... وعندَ ذاكَ يدفعونَ بِـ(الأرتال) فوق الجسر والأسوار
لتفتحَ الأبوابَ للفرسان والأفيال...
وهكذا يا سيدي
تأخذهمْ أوهامهم لحتفهمْ
إذْ أننا نصبنا أعظمَ الكمائنْ
لذلك الغبيِّ فاقدِ الشرفْ
والناكر ِالجميلْ
الأسودِ الوجه الذي لا يعرفُ الحياءْ...
وعندما تحينُ ساعتُهْ
يشُّقُهُ نصفين سيفُكَ البتّار
فواحدٌ يطيرُ نحوَ الفجرْ
وآخرٌ يكِرُّ صوبَ العَصْر
عندها يقولُ بعضُهمْ:
(بالأمسِ
كان ههنا مساءْ...
ولمْ يَعُدْ...).
يا ضَيعةَ الإحسان والكرمْ
في هذه الأيام
فمن تُرى - يا سيّدي - ولاّهُ قبلكَمْ على الليالي حاجبًا يأمرُ بالدخولِ والخروج؟!
ومن تُرى ألبسَه العباءَةَ التي تُخبّئُ العشّاق والأسرار؟!
(فلْيعلمِ الجميعْ
جميعُ مَنْ في الأرض والسماءْ
بأنه منْ فيضِ جودكمْ - وجودِكم فقطْ - تنهمرُ الأمطارْ...)
معذرةً - يا سيدي - نسيتُ أن أقولْ:
لمْ نستطعْ معرفة اليوم الذي يفكّرون فيه بالهجوم بالتحديدْ
لكننا غدًا بفضلِ نوركم سنكشفُ المَستورْ.
خدّامُكَ
الأمينُ (صاحبُ البريدْ)
***
*** ***