|
عن
المدينة والبحر وبرنيس[1] 1 تفتح المدينة شباك صباحها
في وداعة، فتهاجر القلوبُ إليها. وفي المساء،
قبل أن تغلقه، تشعل رغباتِ الحب في الجسد. يطل
نداءُ الشهوة من حدقتَي عينيها. يرتجف في سواد
الكحل عند الرموش، فيرتعش البحر، يهتز كيانه،
وتهب أمواجُه، فترتعد فرائصُ البيوت، وتصطك
مزاليجُ الأبواب، ويطل الخوف من عيون النوافذ. البحر مخلوق كبير، ممتد
وواسع، وديع وقاسٍ، مليء بالأصداف والحيتان
والحكايات التي لا تشيخ. حين يستكين ويهدأ،
يروق له أن يستضيف المدينة فوق الرمال، يتغزل
بمفاتنها، ويروي لها حكاياتِه. تستهين
المدينة بالموج، تنخدع بالزبد، وتصيخ السمع
للهدير القادم من عمق سحيق، فيتقاطر ندى
الحكايات، يبلِّل حجارة البيوت، ويذوب في
ذاكرة الشرفات التي تختزن الملامح والوجوه
وتختزن ألوان الثياب وخطوات المارة فوق
الأرصفة الكسولة. 2 تقول الحكاية الأولى: كانت الأميرة برنيس[3]
امرأة بجسد ناري، تصهر كلَّ مَن يراها عن قرب
وينظر إليها بعينين مفتونتين. ذات مرة،
تغزَّل بجمالها أحد الشعراء، ونحت حروف
قصيدته فوق قطعة حجرية. رآه أحد العيون ووشى
به عند الأميرة. خبأ الشاعر القطعة الحجرية في
مكان تحت الأرض. ساقوه بليلة غير ذات قمر. دخل
إلى بلاط الأميرة، ولما دنا منها وحدَّق فيها
بعينين مفتونتين ذاب وانصهر. وتقول بقية الحكاية: في أثناء حفر مقبرة سيدي
اخريبيش[4]،
عُثِرَ على آثار مدينة برنيس القديمة، ووجد
أحد الرجال قطعة حجرية مكتوبًا عليها بلغة
قديمة. خبأها وعاد بها إلى منزله. وفي الليلة
ذاتها، خرج له شبح امرأة نارية الجسد. تناولت
المرأة القطعة الحجرية واختفت. في الصباح،
حكى الرجل ما حدث معه لسكان شارع الهلالي،
فاتُّهِمَ بالجنون ولم يصدقه أحد. 3 تقول الأسطورة القديمة: إن الأميرة الجميلة برنيس
ضحَّت بغدائرها الذهبية وقدمتْها قربانًا
للإلهة فينوس، حتى يعود لها زوجُها بطليموس
الملك الشاب من حملته العسكرية. 4 وتقول الحكاية الثانية: إن أرملة كانت تقطن حي
اخريبيش[5]،
وكانت تقصد دكان خضار أرمل. توددت إليه بكلمات
دافئة، تزينت بسواك اللوزة[6]،
تكحلت، تعطرت بالقرنفل، وتخضبت بالحناء. لم
تفلح في إغوائه. نصحتْها إحدى عجائز شارع بن
عمران أن تطرق باب الفقي حامد، وقالت إن "إيده
طويلة". قصدت الأرملة الفقي حامد.
زودها بتمائم مبخرة، وأشار عليها بدفنها في
المقبرة. وإذ شرعت الأرملة تحفر في أرض
المقبرة، عثرت على غدائر تعكس ضوء الشمس. نفضت
الغبار عن الغدائر، فازدادت هذه بريقًا. حدقت
فيها بعينين منذهلتين وأخفتْها في طيات جردها
الجربي[7]. في المساء، وقفت الأرملة
أمام المرآة. تفحصت شعرها المزدان بغدائر
ذهبية، ثم أوت إلى فراشها. وفي هزيع من الليل،
خرج لها شبح امرأة نارية الجسد تمسك بمقصٍّ في
يدها. قصَّتِ المرأةُ الغدائر الذهبية من شعر
الأرملة، وقبل أن تختفي صفعتْها على خدها. في الصباح، كانت الأرملة
تولول أمام المرآة، وتتأمل وجهًا آخر لا
تعرفه. 5 تقول الحكاية الثالثة: كانت أكوية الملح[8]
بيوتًا صغيرة تحت أقدام الباب العالي زمن
للقوافل وأكوام الصوف، أزيار القديد وجرار
الماء وأغنيات العذارى فوق أرض الملوحة، عبق
الأعشاب العنيدة، الطالعة من نداوة التربة،
وروائح أزهار النرجس البرية. مدينة قُدَّ
قلبُها من ملح! كانت مرسى للسفن التجارية.
أسموها بنغازي. دخلها عساكر الطليان. جليانة
كانت شرخ الدخول إلى جبل كبير من الملح تم
تدوين قيمته ديونًا لصالح الدولة العثمانية. وتقول بقية الحكاية: ذات خلجة في قلب الهزيع،
وَمَضَ في ذاكرة المدينة اسمُها القديم. همست
المزاليج للأبواب: "أكوية الملح... أكوية
الملح..." ورددت البيوت في عذوبة خافتة: يا
ملاحة يا أم الملح عطينا حفنة للقديد وفي ضوء الصباح، استفاقت
المدينة على أكوام من الملح تملأ الشوارع
وتغطي أسطح البيوت. 6 يقول البحارة الذين ذاب الملح في
مسامهم: حين يثمل البحر فإنه يأكل
المازة من أجساد البحارة وأطرافهم. 7 وتقول الحكاية الرابعة: صباح يوم غائم، ووجه الشمس
يختبئ وراء السحاب، أبحرت من ميناء بنغازي
مركبٌ يملكها ثري إيطالي يدعى إيجينو بالا
كانت محملة بالقمح وتتجه إلى إيطاليا. في الصباح ذاته، كان البحر
ثملاً يرغي ويزبد. ابتلع المركب، وغاص في قاعه
أحد عشر راكبًا، كان من بينهم ثلاثة بحارة من
أبناء المدينة. نزل الحزن إلى الشوارع وطاف
بالطرقات. بكت المدينة، ولم يبكِ البحر.
وترددت في حي اخريبيش مرثية يقول مطلعها: جانا
الخبر يا ما اشييك خبارة... بابور باله راح في
تياره[9] 8 تقول الحكاية الخامسة: كان زنجيًّا من زرايب
العبيد يرتدي الملابس المرقعة، ويحيط جسمَه
بعقود من العلب الفارغة، يلف خصره بحزام من
الجلد الأحمر تتدلَّى منه عظامُ الأغنام،
ويغطي رأسه بطربوش من الخيش مثبتة به قطع من
الزجاج، يحمل في يده آلة تشبه الربابة ويسير
عبر الشارع المطل على بحر الشابي، يعطف على
سوق الظلام ويجوب الشوارع. كانت عيناه
تلتمعان بالبهجة ووجهه يسطع بوهج البشاشة.
يداعب أوتار آلته البدائية، يغني، يضرب الأرض
بقدميه ويدور حول نفسه، والأطفال حوله يرددون:
"بوسعدية... بوسعدية..." اختفى الزنجي ولم يعد يظهر
في الشوارع. بحث عنه الأطفال في شارع بالة،
شارع البعجة، بحثوا عنه في شارع سيدي سعيد،
وفي بقية الشوارع، ولم يجدوه. التمع الحزنُ في
نظراتهم، واصطفوا في طابور طويل. وضع كل طفل
يديه فوق كتفَي الطفل الذي أمامه. صار الموكب
عبر شوارع المدينة مرددًا: وين
حوش بوسعدية... قدم لا قدام اشوية 9 تقول الحكاية السادسة: إن زنجية من زرايب العبيد
كانت تحمل الحزن في قلبها، والذكرى تعود بها
إلى صورة بعيدة لامرأة تحضنها في برِّ
السودان. في الخلاء المترامي
الأطراف، فاجأها تجارُ الرقيق. انتزعوها من
بين يدي أمِّها. صرخت المرأة، صرخت الفتاة،
تلاشت الصرخات في الفضاء. انتزعت المرأة
خصلات من شعرها، ناولتْها للفتاة وقالت: "احتفظي
بها!" وفي كل أصيل، كانت الزنجية
تشم خصلات الشعر وتبكي. جفت الدموع من مآقيها،
جف قلبها، وماتت. وفوق قبرها نبتت شجيرة، يسمع
المار من جانبها صوت نشيج خافت يصدر من
أوراقها. 10 تقول الحكاية السابعة: فوق رمال منطقة اللثامة[10]،
كان مسقط رأس الكهل منصور. تفتحت عيناه على
جريد النخيل والسعف والكرناف والعراجين. صار
صديقًا حميمًا للنخلات السامقات حول بيته.
يضع حول خصره النحيل حزامًا من الليف، ثم يلفه
حول جذع النخلة. يسند ظهره إلى الحزام، يرتقي
أعالي النخلة حافيًا، ممسكًا بمنجله، ويقطف
عراجين البرلصي والطابوني[11].
وفي أوقات فراغه، يدفن تعبه في كؤوس اللاقبي[12]
حتى تحمر عيناه ويفقد اتجاه سيره. ذات احمرار شفقي، جلس منصور
فوق نعومة الرمال يتجرع اللاقبي. وفي نهاية
الارتواء من الكأس السادسة، حدق في النخلات
وقال لنفسه: "ليت لي قامة تطاول قامة النخيل
وتكفيني تعب الارتقاء." تطاولت قدماه. تطاولت قامته.
صارت توازي قامة النخيل. ودنا من أحد العراجين.
مد يده فأمسك به، وهمس منتشيًا: "بوسعي الآن
أن أقطف العراجين كلها وأبيع المحصول في
السوق البلدي." ثم أراد أن يحني قامته ليلمس
الأرض. حاول أن يحني جذعه. لم يستطع. كان جذعه
يابسًا مثل جذع النخلة. أعاد المحاولة. صعد
الحدس إلى قوة التذكر، أيقظ الهواجس، وامتلأ
الكهل بالحزن. أدرك أنه لن يستطيع ملامسة
الأرض. وفي هدوء الصباح، استيقظ
منصور فوق نداوة الرمال وهو يردد في حزن شفيف:
"ليس في إمكاني ممارسة حياتي العادية...
أجل، ليس في إمكاني ذلك... لن أستطيع ملامسة
الأرض." كانت قدماه تؤلمانه من
التعب، ورأسه مثقلة. 11 تقول الحكاية الثامنة: في شوارع مدينة بنغازي،
أمضى الرجل ذو الساعتين أيامه. كان متأنقًا
طوال الوقت، يضع ساعة في يده اليمنى وأخرى في
يده اليسرى، يجوب الشوارع بقلب طيب وابتسامة
ساذجة، ينظر إلى قرص الشمس من حين لآخر ويسأل
كلَّ من يقابله: "كم الساعة الآن؟" كان الجميع يصغون إليه في
استهزاء، دون أن ينظروا إلى ساعاتهم. مات الرجل ذو الساعتين. وفي
أثناء تشييع جثمانه، تناهى إلى سمع المشيعين
صوت خفيض لعقارب ساعة يصدر من التابوت. حينذاك نظروا إلى ساعاتهم،
فاكتشفوا أن عقاربها نائمة. 12 الحكاية التاسعة: وصل أحد البدو إلى المدينة
محملاً بالسمن والعسل. باع بضاعته في السوق
البلدي، وعطف على المحلات الواقعة تحت
الأقواس الممتدة أمام السوق. ثمة مقامرون كانوا يشتهرون
بلعب القمار تحت الأقواس. مائدتهم برميل
حديدي مقلوب، يضعون فوقه أوراق الكارطة،
يعرفون أسرار اللعبة، ويحتالون على المارة. أحدهم نادى الرجل البدوي،
أغراه بالمقامرة. وبحذق المحتالين كسب
المقامر نقود البدوي. أدرك البدوي أن في الأمر
خديعة. هرع إلى أحد أخواله من أبناء المدينة
في شارع الشريف وسرد له ما حدث بعبارات موجوعة.
رافقه خاله إلى السوق، وأمام المقامر انتصب
الخال بقامته الفارعة مثل طاووس ينفخ ريشه،
وقال بصوت أجش ينم عن شرٍّ دفين: -
لك الخيار
بين أمرين: إما أن تلعب معي وإما تعيد المال
إلى هذا البدوي! تأمل المقامر الجسم الصلب
والعضلات المفتولة، المزينة بالوشم الأخضر.
التقت نظراته بنظرات الرجل، فرأى سهام الشرِّ
تتطاير من عينيه. وفي الهدوء المرعب الذي كان
يلفه هجس في داخله أن قوة هذا الرجل تستطيع أن
تكنسه من العالم، فجنح إلى الحكمة، ووجد يده
تمتد إلى جيب بنطاله لتعيد للرجل البدوي
نقوده. 13 تقول الحكاية العاشرة: في شارع شمسة، توقفت عجوز
متسولة أمام أحد البيوت وهى تردد: يا
لويلة من باب الله أطلَّت العاقر ربة البيت من
فتحة الباب الموارب. أشارت للعجوز أن ادخلي.
غابت قليلاً مأخوذة بالشفقة، وعادت تحمل
دقيقًا وتمرًا وخيطًا معلقة به قطع من عصبان
الشمس. ناولتْها للعجوز الواقفة في السقيفة.
وأمام باب البيت، رفعت العجوز يديها إلى
السماء الساطعة بالشروق ودعت للمرأة في جدية
وارتعاش. قالت:
بجاه سيدي غازي وسيدي جمعة وصلاح لبلاد وقالت أشياء أخرى، ثم مضت
بأسمالها حتى غابت. وتقول بقية الحكاية: حبلت المرأة العاقر. وفي
الموعد أنجبت طفلاً، وصارت تلفه في البياض
وتهدهده في الأوقات الناضحة بالأمومة. 14 الحكاية الحادية عشر: في القصر التركي الكثير
النوافذ، بينما كان رئيس الحسابات يُطلِع
الباشا حاكم بنغازي على سجلِّ الضرائب التي
جمعها المكَّاس، شرع الباشا يجمع ويطرح ويضيف
ويحذف ثم يعيد الحسابات. لاحظ رئيس الحسابات أن
الباشا لم يكن في حالته الطبيعية وأنه فقد
القدرة على التمييز بين البارة والقرش
والمجيدي، فتركه ومضى. في اليوم التالي، أعاد رئيس
الحسابات مراجعة حساباته أمام الباشا،
فامتلأ يقينًا بأن الباشا أصيب بالتبلد في
دماغه، كما لاحظ الجميع ذلك. انعقد مجلس المتصرفية، وعلى
وجه السرعة تقرر استدعاء كبير أطباء
الهستخانة[13]. جلس الباشا بشيخوخته
المقرورة ونظراته البليدة يتفحصه كبير
الأطباء من أعلاه لأسفله. دوَّن الطبيب وصفته: يُدهَن
الرأس بزيت العنبر لمدة أسبوع مرتين في اليوم
بعد أن تتم حلاقة الشعر. أُرسِلَتِ الوفود من القصر
إلى القائمقاميات والمديريات للبحث عن زيت
العنبر. فشل الجميع في العثور على الزيت في
أنحاء المتصرفية كلِّها. أبرقت المتصرفية إلى
الولاية: دولتلو
أفندم حضرتلري تقول بقية الحكاية: رحب الآغا مدير ميناء
بنغازي بقدوم مركب عثمانية تحمل زيت العنبر.
تمت حلاقة شعر الباشا، وشرع كبير الأطباء في
دهن رأسه بزيت العنبر. مضى أسبوع. تماثل
الباشا للشفاء، تشامَخ بقامته وسط القصر، هرش
رأسه، وهرش مؤخرته، ثم صاح بأعلى صوته: أمان...
أمان 15 الحكاية الثانية عشر: ذات وهج ذهبي لأشعة الشمس،
حطت حمامةٌ فوق جدار أحد البيوت في شارع سيدي
عبد الجليل، وكان جمعة صاحب البيت يجلس وسط
الفناء المفتوح على السماء. هدلت الحمامة. قام وألقى
حبات من القمح. هبطت الحمامة تلتقط الحبات، ثم
رفرفت وطارت. في المساء، حطت حمامتان على
جدار البيت، هدلتا، هبطتا إلى الفناء،
والتقطتا حبات القمح، فيما جمعة يراقبهما من
جلسته. في اليوم التالي، حطت
مجموعة من الحمام فوق الجدار. ثم بدأ وصول
الحمام يتوالى كلَّ يوم. وصار جمعة يخرج إلى
السوق ليعود بالقمح. امتلأ البيت بالحمام
والريش الأبيض والروث. قالت زوجة جمعة بعد أن ارتدت
جردها الأبيض الذي تفوح منه رائحةُ زيت الزهر: -
لن أبقى في
هذا البيت الذي صار مزبلة للحمام! وهجرت البيت. أصبح جمعة صديقًا للحمام.
لقَّبه الجيران بـ"جمعة حمامة". قال:
أنا أعشق رؤية الحمام يحوم حولي أغرتْه الحمامات بالريش
الأبيض والطيران. ينتفض قلبه، ويزداد نبضه،
ويسيل عرقه، فيخرج إلى الشارع، ويقف أمام
الملأ. يحرك ذراعيه في قوة مثل جناحَي طائر،
فيما يسخر منه بعضهم ويحوقل بعضهم الآخر. شوهد ذات صباح يسير وسط
الشارع وقد نبت فوق جسمه ريشٌ أبيض. ركض الناس
خلفه يتصايحون، فأسرع يركض نحو بيته. شاع خبر
الأعجوبة في حي البركة. اجتاح الناس شارع سيدي
عبد الجليل. وفي غمرة الضوضاء التي أحدثوها،
تفاجأ الجميع بحمامة كبيرة بحجم إنسان ترتفع
من داخل فناء بيت جمعة وتحط فوق الجدار. هدلت
الحمامة. هبط الرعب في القلوب، وانعقدت
الألسن. رفرفت الحمامة، ثم ارتفعت وطارت حتى
ابتعدت. ومنذ طيران الحمامة الكبيرة
ذاك اختفى جمعة حمامة ولم يُعثَر له على أثر. 16 الحكاية الثالثة عشر: في طلعة النهار الذي طاف فيه
المنادي شوارع المدينة يعلن أن يوم الغد هو
موعد الاحتفال بزفاف الأميرة برنيس إلى الملك
بطليموس الثالث، عرض التجار بضائعهم،
وازدحمت الأسواق بالأهالي الذين خرجوا
لاقتناء الملابس الجديدة والأحذية وأدوات
الزينة والشموع وحلويات عرس الأميرة والنبيذ
المعتق والتين المجفف وأكياس الزبيب. وفي موعد العرس، وضعت
الأميرة برنيس زينتها وتعطرت، ولبست تاجها
الذهبي فوق شعرها الأثيث، وتألقت في موكبها
قمرية الطلعة، ناهدة، ترافقها الفتنة
وتحوطها الأبهة وأرياش النعام. انطلقت العربة التي تجرها
الخيول عبر شوارع المدينة يحيط بها الخيالة،
فيما احتشدت الجموع على جنبات الطرق تحيي
الأميرة. وصل موكب الأميرة إلى
الساحة الكبيرة وسط المدينة، وبدأت مراسم
الاحتفال. تقدم كبير كهنة معبد الإلهة فينوس
يبارك الأميرة ويهنئ الجموع، وجاء أطفال
المدينة في ثياب زاهية يحملون أزهار اللوتس
ويحيون الأميرة. وأقيمت المباريات في
المصارعة ومنازلة السيوف وتسابق العداءون. وعند بداية حلول العتمة
المسائية، أوقِدَتِ المشاعلُ فوق الأعمدة
المصفوفة حول الساحة، وأضيئت الشموع في
الشمعدانات الأنيقة، وجاءت الأنسام البليلة
من جهة الشاطئ، فتراقصت ذبالات الشموع واهتزت
ألسنة اللهب في المشاعل وألقت بظلالها
المتمايلة على الساحة الكبيرة. تراقص الكهول،
ورقص الشبان يلاصقون الجميلات، وأفلت
الأطفال أياديهم من أيادي ذويهم راكضين بمرح،
ثم ترنَّم الجميع بأنشودة عرس الأميرة بصوت
شديد الوضوح يتردد صداه عند الشاطئ المقابل
للساحة: مرحى
يا أميرة تقول بقية الحكاية: في ذلك المساء الكرنفالي،
الطافح بالرقص والنبيذ والشموع، صار البحر
مخلوقًا وديعًا وهادئًا يؤنس وحشة الحيتان،
وخمدت أمواجه على صوت همس لطيف ينبعث من أعماق
شعابه المرجانية، يردد مع الجموع المترنمة
أنشودة عرس الأميرة الفاتنة برنيس. 17 الحكاية الرابعة عشر: في المساءات البنغازية
الرائقة، حول مواقد الفحم، يمتد خيط غير مرئي
إلا للجدات. تظل عيونهن نافرة إليه، ويروين
لأحفادهن المتطلِّعين إليهن بعيون الدهشة
خرافات قديمة تقول إحداها: كانت بنت حبة رنجة امرأة
جميلة، آسرة الجمال، مدورة الوجه، بيضاء،
رخامية الجسد، ناعمة، ومليئة بالأنوثة، زوجة
لتاجر يملك القوافل التي تعود من رحلاتها
محملة بالعاج وريش النعام وأنواع التوابل. كان التاجر يعشق زوجته بنت
حبة رنجة حتى الوله، يضعها في بؤبؤ عينه،
ويغطيها برمشه، ويقول لها: "نامي يا أميرتي
قريرة العين!" لكن عينًا للسوء كانت تترصد
التاجر. كانت عين امرأة تراقبه حين خروجه إلى
الدكان، تتلهف وتتحسر. خالت المرأة أن قلب
التاجر ملكها، وقلبها ملكه، وتمنت أن يحرث
حقلها. قصدت ساحرًا يهوديًّا في أطراف
المدينة. قالت المرأة للساحر اليهودي: -
أريد أن
تتحول بنت حبة رنجة إلى طائر يفر في الفضاء
ولا يعود... أنا أعشق زوجها التاجر... لا حياة لي
من دونه... أريد أن أستحوذ على قلبه! وقال الساحر اليهودي الذي
تناثر شعرُه على جانبي رأسه: -
المال يحقق
الأمنيات... كل شيء يمكن لنا أن نحصل عليه
بالمال. جاست يد المرأة في قميصها
وأخرجت كيسًا به عشرة دنانير ذهبية أفرغته
أمام الساحر، فهزَّ رأسه علامة لعدم القبول.
قالت المرأة: -
سأمنحك
المزيد من المال... وقال الساحر اليهودي: -
كل شيء
بثمنه... أفرغت المرأة كيسًا به
عشرون دينارًا ذهبيةً أخرى. ملأ رنين
الدنانير أذني الساحر. انفك انغلاق وجهه،
وشرع في تحضير طقوسه السحرية. سبح في تمتمات
وهمهمات بأصوات خفيضة غير مفهومة. تحولت بنت حبة رنجة إلى
حمامة، وتزوج التاجر بالمرأة. لكن المرأة
تغير لونُها إلى السواد. وكان التاجر يسألها
كل مرة: "لماذا تغير لونك إلى السواد؟!"،
فتجيبه المرأة: "من شراب بلادكم!" حزنت بنت حبة رنجة بعد أن
تحولت إلى حمامة، وراحت تطير إلى بيتها كلَّ
يوم وتحط على الجدار وتردد: الخادم
العجمية لبست القمجة والردا فطنت إحدى الجارات للحمامة
واستمعت إلى قولها. أمسكت بها، واستدعت
ساحرًا مشهورًا في المدينة. أمسك الساحر
بالحمامة، فوجد جسمها مليئًا بالإبر. شرع في
فك الإبر المنغرزة في جسم الحمامة. وحين انتهى
من فك آخر إبرة عادت بنت حبة رنجة إلى هيئتها
الطبيعية وقالت: احيي
من حياني... واقتل من قتلني 18 الحكاية الخامسة عشر: بدأت قصة ثراء أماروس في
المساء الذي التقى فيه بالإلهة ديانا في
أثناء خروجه في رحلة للصيد خارج مدينة برنيس. كان الرجل بهي الطلعة، فارع
الطول، ذا بنية قوية. وقعت نظرات الإلهة ديانا
على وسامته، فأغرمت به. قالت:
أنت معشوق إلهة الصيد تعلقت به. صارت تحمله معها
في رحلات الصيد، وتجيء إليه بقناني الخمر من
لدُن باخوس، إله الحدائق والكروم والخمر.
تحتسي معه أنخاب المساءات السعيدة حتى يثملا،
وتطير إلى توأمها أپوللو، إله الشمس، وتطلب
منه أن يأمر الشمس لتمطر من دموعها الساخنة.
يأمر أپوللو الشمس، فتسقط دموعها على معشوق
الإلهة ديانا وتتحول إلى قطع من الذهب،
فيجمعها ويخزنها. صار أماروس أغنى أثرياء
مدينة برنيس. شاع خبره في أنحاء المدينة. همس
التجار بعضهم لبعض، وحكى الأثرياء عنه في
مجالسهم. ازداد الرجل ثراء، يكنز الذهب في
مخازن يحرسها رجالٌ أشداء، يتخذ قصرًا كبيرًا
لسكنه ويرفل في الثراء. وصل نبؤه إلى مسامع الآلهة.
أصابت الغيرةُ إله الحرب وإله الحدائق وإله
التجار وإله البحار وباقي الآلهة، فتآمرت على
الرجل الثري وأرسلت إليه كلابًا ظلت تنهش
لحمه حتى قضى نحبه وآلت ثروتُه إلى خزائن
الآلهة. وأعلن كاهن معبد كبير الآلهة جوپيتر
على الملأ أن الآلهة قد غضبت على أماروس لأنه
أصبح يكنز الذهب دون أن يقدم القرابين شكرًا
للآلهة، وأرسلت روحه إلى مملكة الأموات في
باطن الأرض. تقول بقية الحكاية: إن أثرياء مدينة برنيس، بعد
أن رأوا وسمعوا ما حدث لمعشوق الإلهة ديانا،
خبأوا كنوزهم في خزائن تحت الأرض لئلا تبصرها
عيون الآلهة فتطالهم لعنتُها. 19 تقول الرواية الشعبية: إن جليانة هو اسم لفتاة
إنكليزية جميلة وفاتنة ومحبوبة من الجميع.
كان أبوها قنصلاً في مدينة بنغازي، وكانت
ابنته الوحيدة. ماتت الفتاة غرقًا في البحر
ودُفنت عند شبه جزيرة على ساحل مدينة بنغازي،
فأُطلِقَ على المكان الذي دُفنت به "رأس
جليانة". 20 وتقول الحكاية السادسة عشر: في صدر نهار خريفي، وصلت إلى
ساحل مدينة بنغازي سفنٌ حربية إيطالية، قامت
بالقصف المركَّز على المدينة، تلاه إنزالٌ
للجنود عند شاطئ جليانة. أشعلت الأرضُ نداءها القديم.
حملت المواويل إلى قلوب الرجال وقالت: "لا
تتخاذلوا!" تحرك الجنود الأتراك
القليلو العدد، وتقدم رجال المدينة البواسل.
صاحت الحناجر، لعلع الرصاص، دوَّت المدافع،
تداعت الأصوات، وتجاوبت الأصداء. اصطدم الكتف
بالكتف، واشتد النزال بالسلاح الأبيض. عانقت أجساد الشهداء ملح
الأرض، سالت دماؤهم، وصعدت أرواحهم إلى
بارئها. سقط خبر الشهداء إلى
الشوارع، مسَّ أبواب البيوت الحزينة. ترمَّلت
النسوة، بكت البيوت، وسكن الخوف قلوب الصغار. مات النهار حين كانت أقدام
عساكر الطليان تدوس الشوارع الترابية. قالت
المدينة: سلام على الشهداء في أرض طاهرة من
غير سوء وتقول بقية الحكاية: بعد أن احتل عسكر الطليان
المدينة، قاموا بجمع قطع صخرية من منطقة
الوحيشي، وأنشأوا نصبًا تذكاريًّا في منطقة
جليانة، يعلوه تمثال نحاسي لامرأة تمسك درعًا
بيدها. بداخل النصب وُضِعَتْ لافتاتٌ من
المرمر منقوش عليها أسماء قتلاهم، وعلى
حوائطه الخارجية وُضِعَتْ ألواحٌ من المرمر
كُتِبَ على إحداها: في
فجر يوم 19 أكتوبر 1911 أعادت بوارج إيطاليا
البحرية الحضارة اللاتينية الإيطالية إلى
سواحل برقة 21 تقول الرواية الشعبية: إن الولي الصالح سيدي علي
الوحيشي جاء إلى مدينة بنغازي من المغرب
الأقصى ومكث بها حتى انتقل إلى الرفيق
الأعلى، فدُفِنَ بها وأقيم له ضريحٌ قرب
منطقة سوق الحشيش. 22 وتقول الحكاية السابعة عشر: ذات إشراق صيفي، عادت إلى
مدينة بنغازي طلائعُ الحملة العسكرية التي
يقودها أحمد القره مانلي ضد أخيه محمد باشا
بعد رحلة إلى الحدود الشرقية. خرج أهل المدينة يشاهدون
الخيالة والمشاة والمدفعية، وأطلَّت وجوهُ
النسوة ترقب من وراء الأبواب. شرع الموكب يثير الغبار في
الشوارع الصغيرة حتى وصل إلى القلعة. سارع
أعيان المدينة وشيوخ القبائل لتقديم فروض
الولاء والطاعة. أضمر أحمد باشا في نفسه أمرًا. تقدم المساء، غاب الشفق،
وهدأت العيون. حدَّث أحمد باشا نفسه بأن قبيلة
الجوازي التي ساندت أخيه محمد باشا ستنال
عقابها. وفي عيد الفطر، وجَّه أحمد
باشا دعوة إلى شيوخ قبيلة الجوازي لإقامة حفل
كبير. تسرَّب الشك إلى بعض الرجال وصدَّقه
آخرون. وفي الموعد وصل خمسة
وأربعون شيخًا من الجوازي. دخلوا المدينة،
توجهوا إلى القلعة. استقبلهم أحمد باشا،
رحَّبَ بقدومهم، وقدم لهم القهوة. انقضَّ
عليهم الحراس، وضربوا أعناقهم بالسيوف. بعضهم
قفز من النوافذ، فانقض عليهم الحراس في
الخارج وقتلوهم. تقدمت مجموعة من الفرسان،
داهمت خيام قبيلة الجوازي في ضواحي المدينة.
قتلوا النساء والشيوخ والأطفال وشردوا
الباقين. صار المخيم مهجورًا. واستولى جنود
أحمد باشا على الأمتعة والأموال ورؤوس البقر
والأغنام. تقول بقية الحكاية: التجأ بعض من الجوازي
الفارين من مذبحة أحمد باشا إلى ضريح سيدي علي
الوحيشي واحتموا به. حاصرهم الجنود. قطعوا
عنهم الماء والطعام. وفي داخل الضريح، كان ثمة
زير مليء بالماء. شربوا منه حتى نفد ماؤه.
استبد بهم العطش. قال أحدهم: -
نحن في حمى
سيدي علي الوحيشي ولن ينالنا أذى... حدثت الكرامة للولي، وامتلأ
الزير بالماء، فشرب منه الجميع. 23 الحكاية الثامنة عشر: كان الحاج رشيد باشا حاكمًا
عسكريًّا لمتصرفية بنغازي برتبة فريق،
حازمًا ومتدينًا، كارزميًّا ومحبوبًا، يكره
الإهمال وفساد الإدارة. عاقب مدير منطقة برسس
لأنه أساء معاملة بعض الناس. أمر بجلده أمام
الملأ وطرده من منصبه، وصفع أحد أعضاء مجلس
المتصرفية لأنه تلقى رشوة وطرده من المجلس. قصد رشيد باشا الأراضي
المقدسة، وأدى مناسك الحج، يرافقه عدد من
أعيان المدينة. سيطر على الأمور وأخمد ثورة
المتمردين في الجبل. أعاد بناء مسجد بوقلاز،
وأمر بإعداد مخطط لبناء قصر البركة العسكري. وتروي المجالس أن الحاج
رشيد باشا كان يقترض من كبار تجار بنغازي
ليسدد مرتبات الجند في حال تأخر وصولها. كما
يُروى أنه كان يخرج من القصر التركي في أيام
الجمع ممتطيًا صهوة جواده، يتجه إلى المسجد
لأداء صلاة الجمعة، وفي أثناء سيره كان يوزع
الأموال على الفقراء. انتقل الحاج رشيد إلى جوار
ربه. دُفِنَ في مسجد بوقلاز، حسب وصيته. وفي
أثناء حفر المكان لإعداد القبر، عُثِرَ على
جثمان رجل صالح يدعى سيدي بواعصابة، دُفِنَ
الحاج رشيد باشا بجواره. تقول بقية الحكاية: بعد أن انتقل الحاج رشيد
باشا إلى جوار ربِّه وتولَّى الحكمَ طاهر
باشا، كانت ثمة امرأة عجوز من دراويش بنغازي
تجلس قبالة القصر التركي وهي تردد: أنت
يا باشا جيت جديد... اجعنك تاخذ سو رشيد وحدث أيضًا أن رجلاً من
أهالي المدينة اقترض من صاحبه مبلغًا من
المال ثم أنكر ذلك. تخاصم الاثنان. كبرت
المشكلة. تدخل أهل الحي، وطلبوا من الرجل أن
يحلف اليمين عند قبر سيدي رشيد باشا. ساروا نحو مسجد بوقلاز،
وعلى مرأى غير بعيد منهم، عند باب المسجد،
شاهد الرجل فارسًا يمتطي صهوة جواده ويلوِّح
بسيفه من بعيد. كان الفارس هو الحاج رشيد باشا.
ارتعدت فرائص الرجل، بان الخوف في عينيه،
وتراجع عن حلف اليمين واعترف. 24 الحكاية التاسعة عشر: انفلق الفجر. غادر عطية بيته.
اتجه إلى جامع النخلة لأداء صلاة الصبح
كعادته. وفي الطريق المضاءة قليلاً، لمح
ديكًا غريب الشكل يسير عبر الشارع. توجس
قلبُه، ثم مضى يتبع الديك. أسرع الديك. زاد
عطية في مشيته. هرول الديك. هرول عطية وراءه
يطارده في الشوارع، حتى حاصره في زاوية ضيقة
في زقاق اشهوب. صاح الديك، حاول القفز. أمسك به
عطية. تعالى صياحُه، ثم تحول إلى صياح آدمي.
تفزَّع عطية من صوت الديك، ثم تغلَّب على
رهبته وقال له: -
سأذبحك
أيها الملعون! لا بدَّ أنك الغول المعشِّش في
خرائب هذه المدينة، تُرعب الصغار وتُصدر في
الليل أصواتًا مخيفة... أيها الشيطان اللعين!
سأذبحك وآكل من لحمك وجبة كسكسو شهية مع
الخضروات! نطق الديك قائلاً: -
أرجوك،
أيها الآدمي الطيب القلب، لا تقتلني! ماذا
فعلت بك؟! أطلق سراحي، أرجوك! فأنا لم أؤذك،
ولم أعترض طريقك... قال عطية وهو مسدود الحلق من
الرعب: -
لن أدعك حتى
أذبحك... إذا أطلقتك فربما تؤذيني. قال الديك: -
لن أؤذيك،
أيها الآدمي... ثم إنك لن تستفيد شيئًا من قتلي...
فأطلق سراحي، وليمضِ كل منا في حال سبيله. قال عطية: -
ما الذي أتى
بك إلى هذه الشوارع؟.. هيا أخبرني... قال الديك: -
أنا أمير من
أمراء الجان، جئت من وراء سبعة بحور أبحث عن
كنز دفنه أبي قبل أن يموت... كان أبي يقيم مملكة
في إحدى الخرائب المهجورة في هذه المدينة... قاطعه عطية: -
وهل وجدت
الكنز الذي تبحث عنه؟ أجاب الديك: -
أجل، وجدته
في منزل قديم في شارع الزرقة... كانت تقطنه
أرملة عجوز، توفيت وأصبح البيت مهجورًا تلفه
الرهبة ويخشاه الآدميون... إذا أطلقت سراحي
سأعطيك زيرًا مليئًا بالنقود الذهبية. قال عطية: -
وما أدراني
أنك لا تكذب؟.. اسمع، أيها الديك: أنا لا أصدق
كلمة واحدة مما تقول، وليس أمامك إلا الذبح... صاح الديك مرتعبًا: -
مهلاً،
أيها الآدمي! أقسم لك أنني لا أكذب! خذني إلى
شارع الزرقة إذا كنت لا تصدِّق كلامي... وهناك
سأعطيك الزير وتطلق سراحي. فكر عطية قليلاً. تغلَّب على
خوفه. وافق الديك على رأيه، ومضى ممسكًا به
حتى وصل إلى البيت المهجور. وفي الداخل، أعتم المكان،
وغاب عطية في ظلمة دامسة، ثم لم يعد يذكر
شيئًا. ومنذ ذلك اليوم، صار عطية مع
كلِّ إشراقة يخرج أمام بيته ويؤذِّن مثل
الديكة. 25 الحكايات سيل لا يتوقف،
يغطغط البحر، يسكن في وداعة. تهاجر طيور
الخطاف وتعود. تمتد جذوع الأشجار، تعانق
فروعُها الشرفات العالية. يبهت الطلاء فوق
واجهات البيوت، يتساقط نتفًا على الطرقات،
وتتخلل الشقوق الجدران، تتآكل شبابيك
النوافذ من رطوبة البحر، وتصدأ المزاليج.
تهرم المدينة، والبحر مليء بالأصداف
والحيتان وحكايات لا تشيخ. ***
*** *** [1]
اسم مدينة بنغازي إبان العهد
الروماني. [2]
كاتب وقاص من ليبيا، عنوان بريده
الإلكتروني: lannaizy@yahoo.com. [3]
اسم عدة أميرات لاجيديات في مصر
البطالمة. (المحرِّر) [4]
مقبرة قديمة في بنغازي. [5]
من أحياء مدينة بنغازي. [6]
نوع من أنواع السواك. [7]
زي شعبي ليبي. [8]
اسم مدينة بنغازي. [9]
مطلع مرثية للشاعر المرحوم عبد
الهادي الشعالية. [10]
منطقة تشتهر بالنخيل. [11]
من أنواع الرطب. [12]
شراب مُسكِر يُستخرَج من النخيل. [13]
بالتركية: "بيت المرضى". (المحرِّر) |
|
|